رد: نيل المرام من أحكام الصيام على طريقة السؤال والجواب
صوم من لا يصلي
س: رجل يصوم رمضان ولا يصلي، ويقول: إن رمضان إلى رمضان يكفر ما بينهما من الذنوب، فهل قوله هذا صحيح، وإذا كان غير صحيح فما حكم صوم من لا يصلي؟
ج: أمر الصلاة عظيم، عظيم جدًا، أعظم مما يتصوره هذا المتكلم، ولو علمه لما قال ما قال، فالصلاة عمود الدين، فهي من الدين بمنزلة العمود في البيت، لا يقوم البيت إلا به، فإذا سقط العمود سقط البيت، كذلك الصلاة إذا تركها العبد سقط دينه قال صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام، و عموده الصلاة»([1]) .
والصلاة أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة:
فإن صلحت حاسبه الله على بقية أعماله، وإن لم تصلح قذف به في النار قال صلى الله عليه وسلم: «أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح له سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله»([2]) .
والصلاة آخر ديننا: فإذا ذهب آخر الدين لم يبق منه شيء، قال صلى الله عليه وسلم: «لتنقضن عري الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضًا الحكم، وآخرهن الصلاة»([3]) .
وتارك الصلاة قد برئت منه ذمة الله تعالى: قال صلى الله عليه وسلم: «من ترك صلاة مكتوبة متعمدًا فقد برئت منه ذمة الله»([4]) .
وتارك الصلاة لا حظ له في الإسلام: قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة ([5]) .
وتارك الصلاة كافر خارج عن الملة: قال صلى الله عليه وسلم: «إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة»([6]) وقال صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر»([7]) .
وليس لتارك الصلاة دواء إلا السيف أو أن يصلي ([8]) : قال تعالى: [FONT="]}فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ[FONT="]{[/FONT] [التوبة: 5] فأمر سبحانه وتعالى بقتلهم حتى يتوبوا ويقيموا الصلاة، فإن لم يقيموها قتلهم المسلمون.[/FONT]
والصلاة هي العاصمة لدماء المسلمين: فمن تركها أهدر دمه قال صلى الله عليه وسلم: «أُمْرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله»([9]) وهذا خالد بن الوليد رضي الله عنه يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل رجل ممن يستحقون القتل فينهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: «لا، لعله أن يكون يصلي»([10]) فجعل العاصم لدمه الصلاة.
وتارك الصلاة يحشر مع رءوس الكفر: فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يومًا فقال: «.. من لم يحافظ عليها لم يكن له نور، ولا برهان، ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون، وفرعون، وهامان وأبي بن خلف»([11]) .
وتارك الصلاة مصيره أن يسلك في سقر: قال تعالى: [FONT="]}كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ[FONT="]{[/FONT] [المدثر: 38-43].[/FONT]
وتارك الصلاة، أو مؤخرها عن وقتها توعده الله بويل، قال تعالى: [FONT="]}فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ[FONT="]{[/FONT].[/FONT]
وتارك الصلاة توعده الله بغي: قال تعالى: [FONT="]}فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا[FONT="]{[/FONT] [مريم: 59] قال ابن مسعود رضي الله عنه: غي: نهر في جهنم، خبيث الطعم، بعيد القَعْر، وقال أبو أمامة رضي الله عنه: هو في أسفل جهنم، يسيل فيه صديد أهل جهنم ([12]) .[/FONT]
ولو كان تارك الصلاة من الموحدين المسلمين لما أدخله الله قعر جهنم، لأن عصاة المسلمين إذا دخلوا النار أعاذنا الله منها كانوا في الطبقة العليا ([13]) فلما كان مصير تارك الصلاة قعرها علمنا أنه ليس من المسلمين.
قال الإمام إسحاق بن راهويه: صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم، من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا: أن تارك الصلاة عمدًا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر.
ولا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدًا من أعظم الذنوب، وأكبر الكبائر، وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس، وأخذ الأموال، ومن إثم الزنى والسرقة وشرب الخمر، وأنه معرض لعقوبة الله وسخطه، وخزيه في الدنيا والآخرة ([14]) .
هذا أخي الكريم حكم من تهاون وتكاسل عن أداء الصلاة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرت لك في أول الرسالة أن الإسلام شرط من شروط قبول الصيام، وأن الكافر لا تقبل منه العبادة، لذلك فإن صوم من لا يصلي غير مقبول، حتى يعود إلى الإسلام مرة أخرى ويلتزم أداء الصلاة كما قال تعالى عن تاركي الصلاة [FONT="]}إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا[FONT="]{[/FONT] [مريم: 60] فمن تاب من ترك الصلاة، وآمن بالله بعد كفره، وعمل صالحًا فله الجنة.[/FONT]
أما قوله: إن رمضان إلى رمضان يكفر الذنوب، ومن أجل ذلك هو لا يصلي فنقول: هذا فهم منكوس ومغالطة واضحة، لا تخفى على عاقل، لأن آخر الحديث يرد على فهمه هذا الغريب، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهما إذا اجتنب الكبائر»([15]) وتارك الصلاة لم يجتنب الكبائر، بل وقع في أعظمها وهي: الكفر بالله بترك الصلاة.
فعلى المسلم الحذر من هذه المغالطات، التي يروج لها بعض منكوسي الفهم هدانا الله وإياهم والله المستعان.
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1816718#_ftnref1[FONT="]([/FONT]
[FONT="][1][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]رواه الإمام أحمد (5/231) والترمذي (7/362) وابن ماجه (2/1314) والطيالسي (560) وعبد الرزاق (11/194) وابن أبي شبيبة (11/7) وعبد بن حميد (68) وابن حبان (1/218) والحاكم (2/413) والبيهقي (9/65) وفي الشعب (6/96) وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي وصححه ابن حبان وابن القيم.[/FONT]
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1816718#_ftnref2[FONT="]([/FONT]
[FONT="][2][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]رواه ابن نصر في الصلاة (1/211) والطبراني في الأوسط (مجمع الزوائد (1/292)).[/FONT]
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1816718#_ftnref3[FONT="]([/FONT]
[FONT="][3][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]رواه الإمام أحمد (5/251) وابن نصر في الصلاة (1/415) وابن حبان (8/253) والحاكم (4/92) وصححاه وقال الذهبي والهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح.[/FONT]
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1816718#_ftnref4[FONT="]([/FONT]
[FONT="][4][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]رواه الإمام أحمد (5/238) وله شاهد في المسند (6/421) وقال الهيثمي (1/295) رجاله رجال الصحيح، وقال المنذري (1/381) رواه الطبراني في الأوسط، ولا بأس بإسناده في المتابعات.[/FONT]
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1816718#_ftnref5[FONT="]([/FONT]
[FONT="][5][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]رواه الإمام مالك (1/40) والبيهقي (1/356) والدارقطني (2/52).[/FONT]
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1816718#_ftnref6[FONT="]([/FONT]
[FONT="][6][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]رواه مسلم (2/70).[/FONT]
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1816718#_ftnref7[FONT="]([/FONT]
[FONT="][7][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]رواه الإمام أحمد (5/346) والترمذي (7/269) والنسائي (1/54) وابن ماجه (1/342) وابن نصر في الصلاة (2/877) وابن حبان (3/8) والدارقطني (2/52) والحاكم (1/7) والبيهقي (3/366) وفي الشعب (6/84) والحديث قال عنه الترمذي: حسن صحيح وصححه ابن حبان وقال الحاكم: صحيح لا تعرف له علة بوجه من الوجوه ووافقه الذهبي، وقال ابن القيم: إسناده صحيح على شرط مسلم.[/FONT]
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1816718#_ftnref8[FONT="]([/FONT]
[FONT="][8][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]وهو مذهب الجماهير من السلف والخلف ومنهم: الثوري والأوزاعي وابن المبارك وحماد بن زيد ووكيع ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم.[/FONT]
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1816718#_ftnref9[FONT="]([/FONT]
[FONT="][9][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]رواه البخاري (1/75) ومسلم (1/206).[/FONT]
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1816718#_ftnref10[FONT="]([/FONT]
[FONT="][10][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]رواه البخاري (8/67) ومسلم (7/163).[/FONT]
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1816718#_ftnref11[FONT="]([/FONT]
[FONT="][11][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]رواه الإمام أحمد (2/169) وقال المنذري (1/386) إسناده جيد وقال الهيثمي (1/292) رجال أحمد ثقات، وعبد بن حميد (139) والدارمي (2/301) وابن نصر في الصلاة (1/134) وابن حبان (3/14) وصححه.[/FONT]
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1816718#_ftnref12[FONT="]([/FONT]
[FONT="][12][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]عزاه في الدر المنثور (4/278) إلى ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في البعث.[/FONT]
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1816718#_ftnref13[FONT="]([/FONT]
[FONT="][13][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]إجماعًا ذكره الصنعاني.[/FONT]
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1816718#_ftnref14[FONT="]([/FONT]
[FONT="][14][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]ما بين القوسين من كتاب الصلاة لابن القيم (16).[/FONT]
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1816718#_ftnref15[FONT="]([/FONT]
[FONT="][15][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]رواه مسلم (3/117).[/FONT]