سلسلة شرح الأربيعن نووية للشيخ عبد المحسن العباد البدر(المقدمة)

ابو ليث

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
8 جانفي 2010
المشاركات
10,466
نقاط التفاعل
10,283
النقاط
356
محل الإقامة
الجزائر
C:\Users\amine\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip_image002.gif


الحمد لله مجزل العَطاء ومسبغ النِّعم، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له ذو الفضل والإحسان والجود والكرم، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله سيِّد العرب والعجم، المخصوص من ربِّه بجوامع الكلم، اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله أهل المكارم والشِّيَم، وعلى أصحابه مصابيح الدُّجَى والظُّلَم، الذين أكرمهم الله فجعلهم خير أمَّة هي خير الأمم، وعلى كل مَن جاء بعدهم مقتفياً آثارهم، وقد خلا قلبُه من الغلِّ للمؤمنين وسلِم.

أمَّا بعد، فإنَّ من الموضوعات التي ألَّف فيها العلماء في حديث رسول الله (صلى الله عليه و سلم)
C:\Users\amine\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip_image004.gif
أحاديث الأربعين، وهي جمع أربعين حديثاً من أحاديث رسول الله (عليه الصلاة والسلام)
C:\Users\amine\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip_image004.gif
؛ لحديث ورد في فضل حفظ أربعين حديثاً من أحاديث رسول الله (عليه الصلاة والسلام)
C:\Users\amine\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip_image004.gif
، ذكر النووي في مقدمة الأربعين له وروده عن تسعة من أصحاب رسول الله (عليه الصلاة والسلام) سمَّاهم، وقال: (( واتَّفق الحفاظ على أنَّه حديث ضعيف وإن كثُرت طرقُه ))، وذكر أنَّ اعتمادَه في تأليف الأربعين ليس عليه، بل على أحاديث أخرى، مثل قوله (صلى الله عليه و سلم)
C:\Users\amine\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip_image004.gif
: (( ليبلِّغ الشاهد منكم الغائب ))، وقوله: (( نضَّر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها )) الحديث، وذكر ثلاثة عشر من العلماء ألَّفوا في الأربعين، أولهم عبد الله بن المبارك، وآخرهم أبو بكر البيهقي، وقال بعد ذكرهم: (( وخلائق لا يُحصون من المتقدِّمين والمتأخرين ))، وقال: (( ثم مِن العلماء مَن جمع الأربعين في أصول الدِّين، وبعضهم في الفروع، وبعضهم في الجهاد، وبعضهم في الزهد، وبعضهم في الآداب، وبعضهم في الخطب، وكلُّها مقاصد صالحة رضي الله تعالى عن قاصديها، وقد رأيتُ جمع أربعين أهم من هذا كلِّه، وهي أربعون حديثاً مشتملة على جميع ذلك، وكلُّ حديث منها قاعدة عظيمة من قواعد الدِّين، قد وصفه العلماء بأنَّ مدارَ الإسلام عليه، أو هو نصف الإسلام أو ثلثه أو نحو ذلك، ثم التزمتُ في هذه الأربعين أن تكون صحيحة، ومعظمها في صحيحي البخاري ومسلم، وأذكرها محذوفة الأسانيد ليسهل حفظها ويعم الانتفاع بها إن شاء الله ... وينبغي لكلِّ راغب في الآخرة أن يعرف هذه الأحاديث لِمَا اشتملت عليه من المهمَّات، واحتوت عليه من التنبيه على جميع الطاعات، وذلك ظاهر لِمَن تدبَّره )).

والأحاديث التي جمعها النووي ـ رحمه الله ـ اثنان وأربعون حديثاً، قد أطلق عليها أربعين تغليباً مع حذف الكسر الزائد، وقد رُزق هذا الكتاب للنووي مع كتابه (( رياض الصالحين )) القبول عند الناس، وحصل اشتهارهما والعناية بهما، وأوَّلُ كتاب ينقدح في الأذهان يُرشَد المبتدئون في الحديث إليه هذه الأربعون للإمام النووي رحمه الله، وقد زاد ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ عليها ثمانية أحاديث من جوامع الكلم، فأكمل بها العدَّة خمسين، وشرحها بكتاب سَمَّاه: (( جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم ))، وقد كثرت شروح الأربعين للإمام النووي، وفيها المختصر والمطوَّل، وأوسع شروحها شرح ابن رجب الحنبلي رحمه الله، وقد رأيتُ شرح هذه الأربعين مع زيادة ابن رجب شرحاً متوسِّطاً قريباً من الاختصار، يشتمل شرح كلِّ حديث على فقرات، وفي ختامه ذكر شيء مِمَّا يُستفاد من الحديث، وقد استفدت في هذا الشرح من شروح النووي وابن دقيق العيد وابن رجب وابن عثيمين للأربعين، ومن فتح الباري لابن حجر العسقلاني، وسمَّيتُه: فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمَّة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله، والمتين من أسماء الله، قال الله عزَّ وجلَّ في سورة الذاريات: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) ، ومعناه: شديد القوة، كما جاء في كتب التفسير، وإنِّي أوصي طلبة العلم بحفظ هذه الأحاديث الخمسين، التي هي من جوامع كلم الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وأسأل الله عزَّ وجلَّ أن ينفع بهذا الشرح كما نفع بأصله، إنَّه سميع مجيب، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيِّه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
 
آخر تعديل:
ذكر مناقب الإمام النووي وبعض مؤلفاته
كان النووي -رحمه الله- معروفاً بالزهد والورع والصلاح، والحرص على إفادة الناس، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكتابه هذا -الأربعون النووية- اشتهر دون غيره من الكتب الأخرى التي كتبت وجمعت في هذا الموضوع، وهي كثيرة، ولكن لم يشتهر كتاب في الأربعين مثلما اشتهر كتابه؛ فإنه لقي عناية خاصة من العلماء، وصار هو الكتاب الذي يبدأ بحفظه في الحديث عند طلبة العلم.
وعدد هذه الأحاديث اثنان وأربعون حديثاً جمعها الإمام النووي، وأضاف إليها الحافظ ابن رجب ثمانية أحاديث، فأكملها خمسين حديثاً، وشرحها في كتاب واسع قيم عظيم، وهو (جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم).
والإمام النووي -رحمه الله- ليس من المعمرين، فقد عاش خمساً وأربعين سنة، فولادته كانت في سنة إحدى وثلاثين وستمائة، وتوفي في سنة ست وسبعين وستمائة، ومع ذلك خلف مؤلفات وثروة عظيمة: فيما يتعلق بالحديث، وفيما يتعلق بالفقه، وفيما يتعلق بالمصطلح، وفيما يتعلق بعلوم القرآن، وفيما يتعلق باللغة، فمع قصر عمره وقلة مدته نفع الله تعالى بعلومه، وحصلت منه هذه الثروة العظيمة الواسعة.
وكتاباه (الأربعون النووية) و (رياض الصالحين) كتابان مشهوران يعرفهما الخاص والعام، وكتابه (المجموع شرح المهذب) من أحسن الكتب التي ألفت في الفقه، فإنه كتاب واسع، وهو من أوسع الكتب التي اعتنت بأقوال الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم، وكذلك استيعاب المسائل، والتحقيق فيها والتدقيق مع الاجتهاد.
وقد كان شافعي المذهب، ولكنه يرجح على حسب ما يدل عليه الدليل، وذلك لجمعه بين الفقه والحديث، فكان فقيهاً محدثاً رحمه الله، وكتابه مع كتاب (المغني) لـ ابن قدامة هما الكتابان المشهوران في الفقه في سعة العلم وفي الفقه العام الذي ليس متقيداً بمذهب معين، وإن كان قد شرح فيه (كتاب المهذب) لـ أبي إسحاق الشيرازي الشافعي، إلا أنه مثل ابن قدامة الذي شرح (مختصر الخرقي) في كتابه (المغني)، حيث ذكرا أقوال الصحابة والتابعين، وكذلك أقوال الأئمة الأربعة وغيرهم مع الترجيح، وبيان الأدلة في ذلك، وهما كتابان لا يستغني عنهما طالب العلم، فهما كتابان واسعان ومفيدان وعظيمان.
وللإمام النووي كتب أخرى كثيرة، مثل (الأذكار)، (تهذيب الأسماء واللغات) وغيرهما، ومع كثرة هذه المؤلفات كان عمره قصيراً، فهذه أعمار بارك الله تعالى لأصحابها فيها، حيث عمروها بخدمة العلم وتحقيقه وتدوينه ونشره، فصار من بعدهم يرجع إلى كتبهم ويستفيد منهم، ويدعو لهم في مختلف العصور والأوقات.
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top