أمور اجتنبها أثناء الحوار

البحر الهادي

:: أستاذ ::
أحباب اللمة
إنضم
27 ماي 2016
المشاركات
5,786
نقاط التفاعل
12,805
النقاط
1,716
محل الإقامة
أرض الوطن
الجنس
ذكر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اتبع هداه وبعد
فعلى المرء أثناء الحوار أن يجتنب امورا منها:
لأول: تجنب الحوار في أمور لا طائل من ورائها، ينبغي أن يكون الحوار في أمور لها أثر علمي أو فكري، فلا معنى للتحاور حول قضايا سَبَق حسم مادتها ولا تؤدي إلا إلى فرقة المسلمين، وهذا ما عناه الغزالي - رحمه الله - بقوله: "الرابع: أن يناظر في واقعة مهمة، أو في مسألة قريبة من الوقوع، وأن يهتم بمثل ذلك".

قيل لأحد العلماء: أدرِك الناس؛ فقد أوشكوا أن يقتتلوا في المسجد، قال: وعلام يقتتلون؟ قالوا: يريد بعضهم أن يصلي التراويح ثماني ركعات، ويريد البعض الآخر أن يصليها عشرين، قال: وماذا تريدون مني؟ قالوا: نريد رأيك؛ فقد اتفقوا على الأخذ به، قال: الرأي عندي أن يغلق المسجد بعد صلاة العشاء، وكلٌّ يصلي التراويح في بيته كما يرى؛ لأن صلاة التراويح سنة، ووحدة المسلمين فرض، ونرى مثل ذلك في كل عام عند إخراج زكاة الفطر، هل يجوز إخراج القيمة لأنها أنفع للفقراء؟ أو لا يجزئ غير إخراج العين من الحبوب ونحوها؟ يجب أن يكون الحوار نافعًا وهادفًا، أو كما يقول إمام الحرمين: "ومعظم الأدب في كل صناعة: استعمال ما يختص بها، والاشتغال بما يعود نفعه إلى تقويمها، والإعراض عما لا يعود بنفع إليها".

الثاني: تجنب الحوار بين غير المتكافئين، لا يجوز للمتحاور أن يدخل في حوار حول موضوع لا علم له به؛ حتى لا يقع في مخاطر لا قِبَل له بها، وقد نبه القرآن الكريم على الابتعاد عن كل ما يقود إليه عدم المعرفة وقلة التثبت، فقال جل شأنه: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا ﴾ [الإسراء: 36]، لقد ابتلي المسلمون في هذا العصر بإجراء حوارات ومناظرات في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة مع أناس لا يخجل أحدهم من جهله بالمبادئ الأولية التي يعرفها التلاميذ في المراحل الأولى من التعليم، وحسبه أنه يقدم على أنه المفكر المعروف أو العالم الجليل... ونحو ذلك، إلى هؤلاء وأمثالهم أسوق قول الله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الحج: 3، 4].


الثالث: تجنب الحوار عند عدم الاستقرار النفسي، يحذِّر العلماء من يتصدى للحوار أو للحكم بين الناس من دخول جلسات الحوار أو مجلس القضاء وهو في حالة عدم استقرار نفسي، من جوع أو عطش أو خوف أو غضب أو اضطراب أو غير ذلك من الحاجات التي قد تؤثر في تفكيره وتُفقده التوازن النفسي؛ لأنه في هذه الحالات لا يقوى على حوار سليم، ولا يستطيع السيطرة على توارد أفكاره والربط بينها، يقول الباجي: "ولا يناظر في حال الجوع والعطش، ولا في حال الخوف والغضب، ولا في حال يتغير فيها عن طبعه، ولا يتكلم في مجلس تأخذه فيه هيبة، ولا بحضرة من يزري بكلامه؛ لأن ذلك كله يَشغَل الخاطر ويقطع المادة".


الرابع: تجنب الحوار في ثوابت الشريعة: من العبارات المتداولة في كتب الأصول والفروع ما نقل عن الغزالي في المستصفى: "ومقصود الشرع من الخلق خمسة، وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة، ودفعها مصلحة"، هذه هي ثوابت الإسلام التي لا يجوز الاقتراب من أصولها بحوار أو مناظرات؛ لأنها مقاصد ربانية تتصف بالإتقان والإحكام والكمال، "ولا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فقدت لم تجرِ مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم، والرجوع بالخسران المبين".



فعلى من يتصدى للحوار الحذرُ من أن يجره خصمه للنقاش فيما هو معلوم من الدين بالضرورة؛ لأن ذلك يندرج ضمن الخلاف الذي لا طائل من ورائه، وقد يجر أحد الطرفين لاتهام الآخر بالفسق أو بالكفر.


الخامس: الابتعاد عن التهويل، والتنقيب عن الأخطاء والآراء الشاذة، وعن كل ما يؤدي إلى الوقيعة بين المسلمين، فإذا لمس المحاور ممن يحاوره أنه يهدف إلى الغمز واللمز تحت أقنعة التحاور باستحضار آراء شاذة، وجب أن يوقفه عند حده بطريقة مهذبة وذكيَّة، ليس فيها معنى العجز ولا الهزيمة، بل اعتداد الواثق المحترم، وأن يلتزم بموضوع الحوار، ولا يسمح له بتجاوزه، حتى لو أدى الأمر إلى وقف الحوار وإنهائه بمهارة وذكاء.
 
معلومات رائعة أجملتها لنا في موضوعك
أخي بارك الله فيك
اقبل مروري و تحياتي
وفيك بارك الله
تحية عطرة لك أخ الكريم
كل الود والإحترام لفضيلتكم
 
بارك الله فيك أخي
ما أحوج لمتنا لهذا الموضوع
كنت أفكر في طرحه
فسبقتني

وفيك بارك الله أخت الطيبة
معذرة لأني سبقتك
المهم نستفيد ونفيد
بارك الله فيك
 
لا عادي أي اعتذار الشكر لك على ما تقدمه للمنتدى
العفو
في الحقيقة أنوي أشياء وأرجوا أن يسبقني إليها غيري
احب لو اني اقبل على شيء وأجد غيري كفانيه
 
السلام عليكم و رحمه الله تعالى وبركاته

استاذنا الفاضل موضوعك ملم ومرتب ترتيبا معلوماتي رائع ،وترتيب منطقي شامل.
استفدت كثيرا وانا أقرأ ونبهتني الى امور كنت اجهلها فيما يخص المناقشة.
يجب علينا مراعاة كل شيء في ذاتنا قبل الخوض في موضوع
بوركت وجزاك الله كل خير
تقبل مني فائق الاحترام والتقدير
حلم كبير(y)
 
السلام عليكم
شكرا لك استاذ كنز يفتقذه معظم الناس في الحوار
ربي يجازيك معلومات راقية
تحياتي
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top