السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..

عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تكرهوا البنات فإنهن المؤنسات الغاليات”، سبحان الله! مؤنسات للوالدين وللأزواج من بعد وللأبناء وللأمة جمعاء، ولا أُنس في الدنيا من غير بنات، يوجد الأنس بوجودهن وينقطع بانقطاعهن. بل هن الأنس ذاته. وغاليات بما وهبهن الله من رِقة وحنان وإحسان وقدرة هائلة على التربية برفق ومودة وعفة… وغاليات لمن أحسن إليهن دخل بهن الجنة، والجنة غالية… ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة. فافهم. وقد كانت والدة الإمام مالك رضي الله عنه تسمى: الغالية… ويكفيها غلاء أن أنجبت أمثال إمام دار الهجرة.

كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخلت عليه فاطمة قال: مرحباً بابنتي، ويُجلسها في مجلسه.
وخرج يوماً يصلي بالناس وهو يحمل أُمامة بنت بنته زينب، فكان إذا ركع وضعها وإذا قام حملها… أليس هذا هو النموذج الكامل خَلقا وخُلقا؟ أليس هو سيدنا ومعلمنا ومربينا وقدوتنا؟
ومنه نأخذ ديننا وفي طريقه وحدها لا في سواها ننال سعادة الدارين؟

فليسعد أبو البنات بمؤنساته الغاليات وليرض، بل وليشكر الله تعالى على فضله واختياره وإحسانه. فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانوا آباء بنات، وإنه لا يدري المرء أين الخير، وكم من أب فرح يوم أن بُشر بمقدم ولد ذكر ثم كان وبالاً عليه، وسبباً لتنغيص عيشه، ودوام همه وغمه، (عُد إلى قصة الولد الذي قتله سيدنا الخضر في رحلته مع سيدنا موسى في سورة الكهف) وكم من أبٍ ضجر يوم أن بُشر بمقدم بنتٍ في حين كان يترقب الذكر فتكون هذه البنت يداً حانية وقلباً رحيماً وعونا على نوائب الدهر فتحمله في عجزه وتحمل عنه أثقاله وتواسيه.

ومن هنا ندرك أن قرة العين على الحقيقة ليس بأن يكون المولود ذكراً بالضرورة أو أنثى إنما تتحقق إذا كانت ذرية صالحة طيبة. قال تعالى في وصف عباد الرحمن: {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قُرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً}. ذرية طيبة ولم يقل ذكورا طيبين. وقد رحب أحد الصالحين بابنته فقال: أهلا وسهلا بعقيلة النساء وأم الأبناء وجالبة الأصهار والمبشرة بإخوة يتناسقون ونجباء يتلاقون.

يخطئ في مجتمعاتنا من يحتقر البنات، حتى إذا رزقه الله بنتا أو بنتين أو ثلاثة أو أكثر تأفف وشكا وقلَّل من شأنهن وضجر ودعا بالويل والثبور، وهذه عادة جاهلية حري بالمؤمن والمؤمنة أن يتجاوزاها. قال صلى الله عليه وسلم: “من عال ثلاث بنات، أو ثلاث أخوات أو ابنتين أو أختين كنّ له حجاباً من النار، فإن صبر عليهن حتى يزوّجهن دخل الجنة”، وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسَلَّمَ: “مَن عالَ جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضَمَّ أصابعه عليه الصلاة والسلام” 4 وفي رواية الترمذي: “دخلت أنا وهو الجنة كهاتين – وأشار بأصبعيه”. ضمان منه عليه الصلاة والسلام. فتربية البنات بالإحسان نجاةٌ من النيران ورفقةٌ للنبي العدنان في وسط الجنان.
...
منقولات للإفادة ..حفظ الله بناتكم وبنات المسلمين وابنتي..