الجنة ونعيمها (موضوع متجدد)

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

لينا 09

:: عضو مثابر ::

54032_1148327994.gif


اخواني واخواتي

من خلال هذه الزاوية سأنقل لكم بإذن الله نخبة ما كان من علماء هذه الامة المعاصريين واهل السلف الصالح

في وصف الجنة ونعيمها

لكي نتشوق الى الفردوس الاعلى فنشمر بجد لبلوغها

رزقنا الله واياكم جنان عرضها السماوات والارض

أتمنى ان تنال الفكرة استحسانكم

27e9juld.gif
 


aaswer.gif



قصور الجنة وخيامها

aaswer.gif


يبني الله لأهل الجنة في الجنة مساكن طيبة حسنة كما قال - تعالى -: (ومساكن طيبة في جنات عدن) [التوبة: 72]. وقد سمى الله في مواضع من كتابه هذه المساكن بالغرفات، قال - تعالى -: (وهم في الغرفات آمنون) [سبأ: 37]، وقال في جزاء عباد الرحمن: (أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما) [الفرقان: 75]، وقال - تعالى - واصفاً هذه الغرفات: (لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد) [الزمر: 20].
قال ابن كثير: " أخبر - عز وجل - عن عباده السعداء أن لهم غرفاً في الجنة وهي القصور أي الشاهقة، (من فوقها غرف مبنية) [الزمر: 20]، طباق فوق طباق مبنيات محكمات مزخرفات عاليات.
وقد وصف لنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذه القصور، ففي الحديث الذي يرويه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه عن أبي مالك الأشعري والترمذي عن عليٍّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله - تعالى - لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام ". (1)
وقد أخبرنا الحق- تبارك وتعالى - أن في الجنة خياماً، قال - تعالى -: (حور مقصورات في الخيام) [الرحمن: 72].
وهذه الخيام خيام عجيبة، فهي من لؤلؤ، بل هي من لؤلؤة واحدة مجوفة، طولها في السماء ستون ميلاً، وفي بعض الروايات عرضها ستون ميلاً ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن قيس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ثلاثون ميلاً، في كل زاوية منها للمؤمن أهل لا يراهم الآخرون"، قال أبو عبد الصمد والحارث عن أبي عمران: "ستون ميلاً ". (2)
ورواه مسلم عن عبد الله بن قيس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة، طولها ستون ميلاً ٍ، للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن، فلا يرى بعضهم بعضاً ".
وفي رواية عند مسلم: " في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلاً في كل زاوية منها أهل، ما يرون الآخرين، يطوف عليهم المؤمن". (3)
وقد أخبرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن صفات قصور بعض أزواجه وبعض أصحابه، ففي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة، قال: أتى جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " يا رسول الله هذه خديجة قد أتت معا إناء فيه إدام وطعام، فإذا أتتك فاقرأ - عليها السلام - من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب". (4)
وفي صحيح البخاري ومسلم عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة وسمعت خشفة، فقلت: من هذا؟ فقال: هذا بلال، ورأيت قصراً بفنائه جارية، فقلت: لمن هذا؟ فقالوا: لعمر بن الخطاب، فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرتك "، فقال عمر: بأبي أنت وأمي يا رسول الله: أعليك أغار؟ ". (5)
وقد أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالطريق الذي يحصل به المؤمن على مزيد من البيوت في الجنة، فالذي يبني لله مسجداً يبني الله له بيتاً في الجنة، ففي مسند أحمد عن ابن عباس بإسناد صحيح أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: " من بنى لله مسجداً، ولو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتاً في الجنة ". (6)
وفي مسند أحمد وصحيحي البخاري ومسلم وسنن الترمذي وسنن ابن ماجة عن عثمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من بنى مسجداً، يبتغي به وجه الله، بنى الله له مثله في الجنة ". (7)
وفي صحيح مسلم ومسند أحمد وسنن أبي داود، وسنن النسائي، وسنن ابن ماجة عن أم حبيبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " من صلى في اليوم والليلة اثنتي عشرة ركعة تطوعاً، بنى الله له بيتاً في الجنة ".(8)

aaswer.gif


(1) صحيح الجامع الصغير: (2/220)، ورقمه: 2119.
(2) صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة الجنة، فتح الباري: (6/318).
(3) رواه مسلم كتاب الجنة، باب في صفة خيام الجنة: (4/2182) ورقمه: 2838.
(4) مشكاة المصابيح: (3/266).
(5) مشكاة المصابيح: (3/226).
(6) صحيح الجامع الصغير: (5/265)، ورقم الحديث: 6005.
(7) صحيح الجامع: (5/316)، ورقمه 6234.
(8) صحيح الجامع: (5/316)، ورقمه: 6234.
 

aaswer.gif



خيل في الجنة

aaswer.gif



إلى عشاق الخيل والمولعين بركوبها وامتطاء صهواتها نعيماً آخر تلذونه وتسعدون به إنه يوجد لكم خيول في الجنة من الياقوت الأحمر لها أجنحة تطير بكم حيث شئتم

قال عبد الرحمن بن ساعدة - رضي الله عنه - كنت رجلاً أحب الخيل فقلت: يا رسول الله هل في الجنة خيل؟ ف

قال: (إن أدخلك الله يا عبد الرحمن، كان لك فيها فرس من الياقوت له جناحان تطير بك حيث شئت),

وقال فداه أبي وأمي - صلى الله عليه وسلم - (إن في الجنة لشجراً يخرج من أعلاها حلل ومن أسفلها خيل من ذهب مسرجة ملجمة من در وياقوت لا تروث ولا تبول لها أجنحة خطوها مد البصر تركبها أهل الجنة فتطير بهم حيث شاءوا فيقول الذين أسفل منهم درجة، يا رب بم بلغ عبادك هذه الكرامة كلها، فيقال: لهم كانوا يصلون بالليل وكنتم تنامون, وكانوا يصومون وكنتم تأكلون, وكانوا ينفقون وكنتم تبخلون, وكانوا يقاتلون وكنتم تجبنون).



aaswer.gif


 
اللهم يا أرحم الراحمين أرزق الأخت الفاضلة memorias الجنة و ألحقنا بها يار رب العالمين

اللهم يارب أتينا في الدنيا حسنة و في الآخرة الحسنة


الاخت الفاضلة memorias انا متابع جدا و بكل أمل هذا الموضوع و أشكرك عليه​
 
قال حسان:
اللهم يا أرحم الراحمين أرزق الأخت الفاضلة memorias الجنة و ألحقنا بها يار رب العالمين

اللهم يارب أتينا في الدنيا حسنة و في الآخرة الحسنة


الاخت الفاضلة memorias انا متابع جدا و بكل أمل هذا الموضوع و أشكرك عليه​


اللهم آمين


جزاك الله خيرا أخي الفاضل على دعواتك

جمعنا الله بكم في الجنة ان شاء الله​
 
السلام عليكم
مشكورة اختاه اللهما لا تحرمنا من الجنة
تقبلوا تحياتي
اخوكم العباسي22000
 
شكرا لك الاخت الفاضلة

وكلمينا على الحور العين


وجزاك الله كل الخير
 
قال العباسي22000:
السلام عليكم
مشكورة اختاه اللهما لا تحرمنا من الجنة
تقبلوا تحياتي
اخوكم العباسي22000

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


حياك الله


جمعنا الله واياكم في الجنة ان شاء الله​
 
قال sofian2:
شكرا لك الاخت الفاضلة

وكلمينا على الحور العين


وجزاك الله كل الخير


وجزاك الله خيرا


ان شاء الله سنتدرج في نعيم الجنة الى ان نصل الى الحور العين

جمعنا الله بكم في الجنة ان شاء الله​
 
من يريد سلعة الرحمن ؟



اعمل لدار البقاء رضوان خازنها ..... الجار أحمد والرحمن بانيها

أرض لها ذهب والمسك طينتها ..... والزعفران حشيش نابت فيها

أنهارها لبن محض ومن عسل ..... والخمر يجري رحيقاً في مجاريها

والطير تجري على الأغصان عاكفة ..... تسبح الله جهراً في مغانيها

من يشتري قبة في العدن غالية ..... في ظل طوبى رفيعات مبانيها

دلالها المصطفى والله بائعها ..... وجبرئيل ينادي في نواحيها

من يشتري الدار بالفردوس يعمرها ..... بركعة في ظلام الليل يخفيها

أو سد جوعة مسكين بشبعته ..... في يوم مسغبة عم الغلا فيها

النفس تطمع في الدنيا وقد علمت ..... أن السلامة منها ترك ما فيها

أموالنا لذوي الميراث نجمعها ..... ودارنا لخراب البوم نبنيها

لا دار للمرء بعد الموت يسكنها ..... إلا التي كان قبل الموت يبنيها

تجني الثمار غداً في دار مكرمة ..... لا من فيها ولا التكدير يأتيها

فيها نعيم مقيمٌ دائماً أبدا ..... بلا انقطاع ولا من يدانيها

الأذن والعين لم تسمع ولم تره ..... ولم يجر في قلوب الخلق ما فيها

فيا لها من كرامات إذا حصلت ..... ويا لها من نفوس سوف تحويها

فمن بناها بخير طاب مسكنه ..... ومن بناها بشر خاب بانيها

والناس كالحب والدنيا رحى نصبت ..... للعالمين وكف الموت يلهيها

فلا الإقامة تنجي النفس من تلف ..... ولا الفرار من الأحداث ينجيها

تلك المنازل في الآفاق خاوية ..... أضحت خراباً وذاق الموت بانيها

أين الملوك التي عن حظها غفلت .... حتى سقاها بكأس الموت ساقيها

أفنى القرون وأفنى كل ذي عمر ..... كذلك الموت يفني كل ما فيها

نلهو ونأمل آمالاً نسر بها ..... شريعة الموت تطوينا وتطويها

فاغرس أصول التقى ما دمت مقتدراً ... واعلم بأنك بعد الموت لاقيها
 
طعام أهل الجنة وشرابهم


في الجنة ما تشتهيه الأنفس من المآكل والمشارب (وفاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون), وقال- تعالى-(وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين)، وقد أباح الله لهم أن يتناولوا منها خيراتها وألوان طعامها وشرابها ما يشتهون (كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية). وقد ورد أن في الجنة بحر الماء وبحر الخمر وبحر اللبن وبحر العسل، وأن أنهار الجنة تنشق من هذه البحار، وفي الجنة عيون كثيرة، وأهل الجنة يشربون من تلك البحار والأنهار والعيون.



خمر أهل الجنة:

من الشراب الذي يتفضل الله به على أهل الجنة الخمر، وخمر الجنة خالي من العيوب والآفات التي تتصف بها خمر الدنيا، فخمر الدنيا تذهب العقول، وتصدع الرؤوس، وتوجع البطون، وتمرض الأبدان، وتجلب الأسقام، وقد تكون معيبة في صنعها أو لونها أو غير ذلك، أما خمر الجنة فإنها خالية من ذلك كله، جميلة صافية رائقة قال- تعالى- (يطاف عليهم بكأس من معين، بيضاء لذة للشاربين، لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون). فقد وصف الله جمال لونها (بيضاء) ثم بين أنها تلذ شاربها من غير اغتيال لعقله، كما قال: (وأنهار من خمر لذة للشاربين)، ثم إن شاربها لا يمل من شربها (ولا هم عنها ينزفون)، وقال في موضع آخر يصف خمر الجنة (يطوف عليهم ولدان مخلدون، بأكواب وأباريق وكأس من معين، لا يصدعون عنها ولا ينزفون)، قال ابن كثير في تفسير هذه الآيات: " لا تصدع رؤوسهم، ولا تنزف عقولهم، بل هي ثابتة مع الشدة المطربة واللذة الحاصلة، وروى الضحاك عن ابن عباس أنه قال: في الخمر أربعة خصال: السكر والصداع والقيء والبول، فذكر الله خمر الجنة ونزهها عن هذه الخصال"
وقال الحق في موضع آخر: (يسقون من رحيق مختوم، ختامه مسك)، والرحيق: الخمر، ووصف هذا الخمر بوصفين، الأول: أنه مختوم أي موضوع عليه خاتم. الأمر الثاني: أنهم إذا شربوه وجدوا في ختام شربهم له رائحة المسك.


أول طعام أهل الجنة:


أول طعام يتحف الله به أهل الجنة زيادة كبد الحوت، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يكفؤها الجبار بيده، كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة)، فأتى رجل من اليهود، فقال: بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم، ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال: " بلى "، قال: تكون الأرض خبزة واحدة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم- إلينا، ثم ضحك حتى بدت نواجذه ثم قال: (ألا أخبرك بإدامهم؟ بالآم والنون، وقالوا وما هذا؟ قال: ثور ونون، يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا).

قال النووي في شرح الحديث ما ملخصه: (النزل: ما يعد للضيف عند نزوله، ويتكفأها بيده، أي يميلها من يد إلى يد حتى تجتمع وتستوي، لأنها ليسن منبسطة، كالرقاقة ونحوها، ومعنى الحديث: أن الله - تعالى - يجعل الأرض كالرغيف العظيم، ويكون طعاما ونزلا لأهل الجنة، والنون: الثور (والـ بالام): لفظة عبرانية، معناها: ثور، وزائدة كبد الحوت: هي القطعة المنفردة المتعلقة في الكبد، وهي أطيبها)

وفي صحيح البخاري أن عبد الله بن سلام سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أول قدومه المدينة أسئلة منها: (ما أول شيء يأكله أهل الجنة؟ فقال: زيادة كبد الحوت). وفي صحيح مسلم عن ثوبان أن يهوديا سأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال: زيادة كبد الحوت. قال فما غذاؤهم على إثرها؟ قال: ينحر لهم ثور الجنة الذي يأكل من أطرافها. قال فما شرابهم عليه؟ قال: من عين تسمى سلسبيلا. قال: صدقت).


طعام أهل الجنة وشرابهم لا دنس معه:

الجنة دار خالصة من الأذى، وأهلها مطهرون من أوشاب أهل الدنيا، ففي الحديث الذي يرويه صاحبا الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها، ولا يمتخطون، ولا يبزقون)، وليس هذا خاص بأول زمرة تدخل الجنة، وإنما هو عام في كل من يدخل الجنة ففي رواية عند مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أول زمرة تدخل الجنة من أمتي على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد نجم في السماء إضاءة، ثم هم بعد ذلك منازل، لا يتغوطون، ولا يتبولون، ولا يمتخطون، ولا يبزقون)

وقد يقال: فأين تذهب فضلات الطعام والشراب، وقد وجه هذا السؤال إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قبل أصحابه، فأفاد أن بقايا الطعام والشراب تتحول على رشح كرشح المسك يفيض من أجسادهم، كما يتحول بعض منه إلى جشاء، ولكنه جشاء تنبعث منه روائح طيبة عبقة عطرة، ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول: (إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون ولا يتبولون، ولا يتغوطون ولا يمتخطون. قالوا: فما بال الطعام؟ قال: جشاء كجشاء المسك)


لماذا يأكل أهل الجنة ويشربون ويمتشطون:

إذا كان أهل الجنة فيها خالدون، وكانت خالية من الآلام والأوجاع والأمراض، لا جوع فيها ولا عطش، ولا قاذورات ولا أوساخ، فلماذا يأكل أهل الجنة فيها ويشربون، ولماذا يتطيبون ويمتشطون؟ ا
أجاب القرطبي في التذكرة عن هذا السؤال قائلا: (نعيم أهل الجنة وكسوتهم ليس عن دفع ألم اعتراهم، فليس أكلهم عن جوع، ولا شربهم عن ظمأ، ولا تطيبهم عن نتن، وإنما هي لذات متوالية، ونعم متتابعة، ألا ترى قوله - تعالى –لآدم: (إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى، وأنك لا تظمؤ فيها ولا تضحى). وحكمة ذلك أن الله - تعالى -عرفهم في الجنة بنوع ما كانوا يتنعمون به في الدنيا، وزادهم على ذلك مالا يعلمه إلا الله - عز وجل -)


آنية طعام أهل الجنة وشرابهم:

آنية طعام أهل الجنة التي يأكلون ويشربون بها من الذهب والفضة، قال - تعالى -: (يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب)، أي وأكواب من ذهب، وقال: (ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا، قواريرا من فضة قدروها تقديرا)، أي اجتمع فيها صفاء القوارير وبياض الفضة
.
وقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -:
(إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة................ وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما).
 


هل هناك حيوانات في الجنة ؟


الحيوانات التي جاءت الأخبار أنها في الجنة على ثلاثة أقسام:


القسم الأول: ما جاء منها أنها حيوانات مخصوصة بعينها في الجنة مثل: كلب أهل الكهف، وناقة صالح - عليه السلام -، وهذه لم يصح منها شيء.

والقسم الثاني: ما جاء ذكره في القرآن والسنة مما أعدَّه الله للمؤمنين في الجنة، سواء نصَّ عليها كالطيور كما في قوله - تعالى -: (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) الواقعة / 21، أو أطلق ذكرها كقوله - تعالى -: (وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) الطور/22.

ومثل ذلك أيضاً الثور الذي أعدَّه الله - تعالى - طعاماً لأهل الجنَّة، كما جاء عن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: كنت قائماً عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء حبر من أحبار اليهود فقال السلام عليك يا محمد فدفعته دفعة كاد يصرع منها....قال: فما غذاؤهم على إثرها؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: يُنحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها... رواه مسلم (315).

والقسم الثالث: ما ورد في السنة الصحيحة من النص على بعض الحيوانات بعينها أنها في الجنة، ومنه: أ. عن أبي هريرة - رضي الله عنها - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (صلوا في مراح الغنم وامسحوا رغامها فإنها من دواب الجنة). رواه البيهقي (2/449) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (3789).
والرغام (بالغين) هو التراب، وروي الرعام (بالعين) وهو ما سال من أنف الشاة. والمعنى: امسحوا عنها التراب، أو امسحوا ما سال من أنفها، إصلاحا لشأنها، ورعاية لها. قاله المناوي في "فيض القدير".

ب. عن أبي مسعود الأنصاري قال: جاء رجل بناقة مخطومة فقال: هذه في سبيل الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لك بها يوم القيامة سبع مائة ناقة كلها مخطومة. رواه مسلم (1892).
قال النووي:
قوله: معنى " مخطومة " أي: فيها خطام، وهو قريب من الزمام، قيل: يحتمل أن المراد له أجر سبعمائة ناقة، ويحتمل أن يكون على ظاهره، ويكون له في الجنة بها سبعمائة كل واحدة منهن مخطومة، يركبهن حيث شاء للتنزه، كما جاء في خيل الجنة ونجبها، وهذا الاحتمال أظهر، والله أعلم. " شرح النووي " (13 / 38).

وحديثا النجائب وهي الإبل والخيل الذي أشار إليه النووي هما:

أ. عن أبي أيوب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن أهل الجنة يتزاورون على النجائب بيض كأنهن الياقوت، وليس في الجنة شيء من البهائم إلا الإبل والطير ". رواه الطبراني في " الكبير " (4 / 179).
قال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه جابر بن نوح وهو ضعيف. " مجمع الزوائد " (10 / 413).
وضعفه الألباني في " ضعيف الجامع " (1833).

ب. عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله هل في الجنة من خيل؟ قال: إنِ اللهُ أدخلك الجنة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء يطير بك في الجنة حيث شئت، قال: وسأله رجل فقال يا رسول الله هل في الجنة من إبل؟ قال: فلم يقل له مثل ما قال لصاحبه، قال: إن يدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك.

رواه الترمذي (2543). وحسَّنه الألباني في " صحيح الترغيب " (3 / 522).
ونحوه عن أبي أيوب عند الترمذي (2544) وصححه الألباني أيضاً (3 / 423).

وقد ورد في أحاديث صحيحة أن أرواح الشهداء في حواصل طير في الجنة تسرح حيث شاءت.
وينبغي أن يعلم أن الطيور والخيل والإبل التي في الجنة لا تتفق مع ما في الدنيا إلا في الأسماء فقط، أما حقيقة صفتها فلا يعلمها إلا الله - تعالى -، غير أننا نعلم أنها في غاية الجمال والبهاء لأنها من أنواع النعيم الذي أعده الله- تعالى - لأوليائه في الجنة، وإلى هذا أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتقدم بأن فرس الجنة من ياقوتة حمراء، ويطير بصاحبه حيث يشاء.

نسأل الله - تعالى - أن ينعم علينا ويدخلنا الجنة برحمته، إنه جواد كريم.



 
aaaaa22.gif

نور الجنة



قال القرطبي: (قال العلماء: ليس في الجنة ليل ونهار، وإ********ا هم في نور دائم أبدا، وإ********ا يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب، ذكره أبو الفرج بن الجوزي).


قال ابن كثير في تفسير قوله - تعالى -: (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا،، تلك الجنة نورث من عبادنا من كان تقيا)، أي في مثل وقت البكرات ووقت العشيات، لا أن هناك ليلا ونهارا ولكنهم في أوقات تتعاقب يعرفون مضيها بأضواء وأنوار). ويقول ابن تيمية في هذا الموضوع: (والجنة ليس فيها شمس ولا قمر، ولا ليل ولا نهار، لكن تعرف البكرة والعشية بنور يظهر من قبل العرش).



aaaaa22.gif



ريح الجنة








للجنة رائحة عبقة زكية تملأ جنباتها، وهذه الرائحة يجدها المؤمنون من مسافات شاسعة، ففي مسند أحمد وسنن النسائي, وابن ماجه, ومستدرك الحاكم بإسناد صحيح أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (من قتل رجلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاما).وفي صحيح البخاري ومسند أحمد, وسنن النسائي, وابن ماجه عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:(من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما).​






003.gif

 



aaaaa22.gif

عيون الجنة

aaaaa22.gif

في الجنة عيون كثيرة مختلفة الطعم والمشارب قال - تعالى -: (إن المتقين في جنات وعيون)، وقال - تعالى -: (إن المتقين في ظلال وعيون)، وقد وعد - سبحانه - من خاف ربه فقال - تعالى -: (ولمن خاف مقام ربه جنتان). وقال في وصفهما (فيهما عينان تجريان)، وقال في وصف الجنتين اللتين دونهما: (فيهما عينان نضاختان). وفي الجنة عينان يشرب المقربون ماءهما صرفا غير مخلوط، ويشرب منهما الأبرار الشراب مخلوطا ممزوجا بغيره:
العين الأولى: عين الكافور، قال - تعالى -: (إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا، عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا).
العين الثانية: عين التسنيم، قال - تعالى -: (إن الأبرار لفي نعيم، على الأرائك ينظرون، تعرف في وجوههم نضرة النعيم، يسقون من رحيق مختوم، ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، ومزاجه من تسنيم، عينا يشرب به المقربون).
ومن عيون الجنة عين تسمى السلسبيل، قال - تعالى -: (ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا، عينا فيها تسمى سلسبيلا) ولعل هذه هي العين الأولى نفسه
 

المشتاقون لدخول الجنة


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبع هداه واقتفى أثره إلى يوم الدين أما بعد:

فقد قال النبي، - صلى الله عليه وسلم - قال الله - عز وجل -: (أعددت لعبادي ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. فاقرءوا إن شئتم: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ} السجدة: 17. رواه البخاري ومسلم وغيرهم.

قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: "وكيف يقدر قدر دار غرسها الله بيده وجعلها مقراً لأحبابه، وملأها من رحمته وكرامته ورضوانه، ووصف نعيمها بالفوز العظيم، وملكها بالملك الكبير، وأودعها جميع الخير بحذافيره، وطهرها من كل عيب وآفة ونقص. فإن سألت: عن أرضها وتربتها، فهي المسك والزعفران. وإن سألت: عن سقفها، فهو عرش الرحمن. وإن سألت: عن ملاطها، فهو المسك الأذفر. وإن سألت: عن حصبائها، فهو اللؤلؤ والجوهر. وإن سألت: عن بنائها، فلبنة من فضة ولبنة من ذهب، لا من الحطب والخشب. وإن سألت: عن أشجارها، فما فيها شجرة إلا وساقها من ذهب. وإن سألت: عن ثمرها، فأمثال القلال، ألين من الزبد وأحلى من العسل. وإن سألت: عن ورقها، فأحسن ما يكون من رقائق الحلل. وإن سألت: عن أنهارها، فأنهارها من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى. وإن سألت: عن طعامهم، ففاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون. وإن سألت: عن شرابهم، فالتسنيم والزنجبيل والكافور. وإن سألت: عن آنيتهم، فآنية الذهب والفضة في صفاء القوارير. وإن سألت: عن سعت أبوابها، فبين المصراعين مسيرة أربعين من الأعوام، وليأتينّ عليه يوم وهو كظيظ من الزحام. وإن سألت: عن تصفيق الرياح لأشجارها، فإنها تستفز بالطرب من يسمعها. وإن سألت: عن ظلها ففيها شجرة واحدة يسير الراكب المجد السريع في ظلها مئة عام لا يقطعها. وإن سألت: عن خيامها وقبابها، فالخيمة من درة مجوفة طولها ستون ميلاً من تلك الخيام. وإن سألت: عن علاليها وجواسقها فهي غرف من فوقها غرف مبنية، تجري من تحتها الأنهار. وإن سألت: عن ارتفاعها، فانظر إلى الكوكب الطالع، أو الغارب في الأفق الذي لا تكاد تناله الأبصار. وإن سألت: عن لباس أهلها، فهو الحرير والذهب. وإن سألت: عن فرشها، فبطائنها من استبرق مفروشة في أعلى الرتب. وإن سألت: عن أرائكها، فهي الأسرة عليها البشخانات، وهي الحجال مزررة بأزرار الذهب، فما لها من فروج ولا خلال. وإن سألت: عن أسنانهم، فأبناء ثلاثة وثلاثين، على صورة آدم - عليه السلام -، أبي البشر. وإن سألت: عن وجوه أهلها وحسنهم، فعلى صورة القمر. وإن سألت: عن سماعهم، فغناء أزواجهم من الحور العين، وأعلى منه سماع أصوات الملائكة والنبيين، وأعلى منهما سماع خطاب رب العالمين. وإن سألت: عن مطاياهم التي يتزاورون عليها، فنجائب أنشأها الله مما شاء، تسير بهم حيث شاؤوا من الجنان. وإن سألت: عن حليهم وشارتهم، فأساور الذهب واللؤلؤ على الرؤوس ملابس التيجان. وإن سألت: عن غلمانهم، فولدان مخلدون، كأنهم لؤلؤ مكنون. وإن سألت: وإن سألت عن عرائسهم وأزواجهم، فهن الكواعب الأتراب، اللائي جرى في أعضائهن ماء الشباب، فللورد والتفاح ما لبسته الخدود، وللرمان ما تضمنته النهود، وللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور، وللدقة واللطافة ما دارت عليه الخصور. تجري الشمس في محاسن وجهها إذا برزت، ويضيء البرق من بين ثناياها إذا تبسمت، وإذا قابلت حبها فقل ما شئت في تقابل النيرين، وإذا حادثته فما ظنك في محادثة الحبيبين، وإن ضمها إليه فما ظنك بتعانق الغصنين، يرى وجهه في صحن خدها، كما يرى في المرآة التي جلاها صيقلها (الصيقل: جلاء السيوف، والمقصود هنا تشبيه وجه الحوراء بالمرآة التي جلاها ولمعها منظفها حتى بدت أنظف وأجلى ما يكون)، ويرى مخ ساقها من وراء اللحم، ولا يستره جلدها ولا عظمها ولا حللها. لو أطلت على الدنيا لملأت ما بين الأرض والسماء ريحاً، ولاستنطقت أفواه الخلائق تهليلا وتكبيراً و تسبيحاً، ولتزخرف لها ما بين الخافقين، ولأغمضت عن غيرها كل عين، ولطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم، ولآمن كل من رآها على وجه الأرض بالله الحي القيوم، ونصيفها (الخمار) على رأسها خير من الدنيا وما فيها. ووصاله أشهى إليها من جميع أمانيها، لا تزداد على تطاول الأحقاب إلا حسناً وجمالاً، ولا يزداد على طول المدى إلا محبةً ووصالاً، مبرأة من الحبل (الحمل) والولادة والحيض والنفاس، مطهرة من المخاط والبصاق والبول والغائط وسائر الأدناس. لا يفنى شبابها ولا تبلى ثيابها، ولا يخلق ثوب جمالها، ولا يمل طيب وصالها، قد قصرت طرفها على زوجها، فلا تطمح لأحد سواه، وقصرت طرفه عليها فهي غاية أمنيته وهواه، إن نظر إليها سرته، وإن أمرها أطاعته، وإن غاب عنها حفظته فهو معها في غاية الأماني والأمان. هذا ولم يطمثها قبله أنس ولا جان، كلما نظر إليها ملأت قلبه سروراً، وكلما حدثته ملأت أذنه لؤلؤاً منظوماً ومنثوراً، وإذا برزت ملأت القصر والغرفة نوراً. وإن سألت: عن السن، فأتراب في أعدل سن الشباب. وإن سألت: عن الحسن، فهل رأيت الشمس والقمر. وإن سألت: عن الحدق (سواد العيون) فأحسن سواد، في أصفى بياض، في أحسن حور (أي: شدة بياض العين مع قوة سوادها). وإن سألت: عن القدود، فهل رأيت أحسن الأغصان. وإن سألت: عن النهود، فهن الكواعب، نهودهن كألطف الرمان. وإن سألت: عن اللون، فكأنه الياقوت والمرجان. وإن سألت: عن حسن الخلق، فهن الخيرات الحسان، اللاتي جمع لهن بين الحسن والإحسان، فأعطين جمال الباطن والظاهر، فهن أفراح النفوس وقرة النواظر. وإن سألت: عن حسن العشرة، ولذة ما هنالك: فهن العروب المتحببات إلى الأزواج، بلطافة التبعل، التي تمتزج بالزوج أي امتزاج. فما ظنك بامرأة إذا ضحكت بوجه زوجها أضاءة الجنة من ضحكها، وإذا انتقلت من قصر إلى قصر قلت هذه الشمس متنقل في بروج فلكها، وإذا حاضرت زوجها فياحسن تلك المحاضرة، وإن خاصرته فيا لذة تلك المعانقة والمخاصرة:

وحديثها السحر الحلال لو أنه *** لم يجن قتل المسلم المتحرز

إن طال لم يملي وإن هي أوجزت *** ود المحدث أنها لم توجز

إن غنت فيا لذت الأبصار والأسماع، وإن آنست وأنفعت فياحبذا تلك المؤانسة والإمتاع، وإن قبلت فلا شيء أشها إليه من ذلك التقبيل، وإن نولت فلا ألذ وى ألذ ولا أطيب من ذلك التنويل. هذا، وإن سألت: عن يوم المزيد، وزيارة العزيز الحميد، ورؤية وجهه المنزه عن التمثيل والتشبيه، كما ترى الشمس في الظهيرة والقمر ليلة البدر، كما تواتر النقل فيه عن الصادق المصدوق، وذلك موجود في الصحاح، والسنن المسانيد، ومن رواية جرير، وصهيب، وأنس، وأبي هريرة، وأبي موسى، وأبي سعيد، فاستمع يوم ينادي المنادي: يا أهل الجنة إن ربكم- تبارك وتعالى-يستزيركم فحيى على زيارته، فيقولون سمعاً وطاعة، وينهضون إلى الزيارة مبادرين، فإذا بالنجائب قد أعدت لهم، فيستوون على ظهورها مسرعين، حتى إذا انتهوا إلى الوادي الأفيح الذي جعل لهم موعداّ، وجمعوا هناك، فلم يغادر الداعي منهم أحداً، أمر الرب - سبحانه وتعالى - بكرسيه فنصب هناك، ثم نصبت لهم منابر من نور، ومنابر من لؤلؤ، ومنابر من زبرجد، ومنابر من ذهب، ومنابر من فضة، وجلس أدناهم - وحاشاهم أن يكون بينهم دنيء - على كثبان المسك، ما يرون أصحاب الكراسي فوقهم العطايا، حتى إذا استقرت بهم مجالسهم، واطمأنت بهم أماكنهم، نادى المنادي: يا أهل الجنة سلام عليكم. فلا ترد هذه التحية بأحسن من قولهم: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ياذا الجلال والإكرام. فيتجلى لهم الرب - تبارك وتعالى – يضحك إليهم ويقول: يا أهل الجنة فيكون أول ما يسمعون من - تعالى -: أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني، فهذا يوم المزيد. فيجتمعون على كلمة واحدة: أن قد رضينا، فارض عنا، فيقول: يا أهل الجنة إني لو لم أرض عنكم لم أسكنكم جنتي، هذا يوم المزيد، فسلوني فيجتمعون على كلمة واحدة: أرنا وجهك ننظر إليه. فيكشف الرب جل جلاله الحجب، ويتجلى لهم فيغشاهم من نوره ما لو لا أن الله - سبحانه وتعالى - قضى ألا يحترقوا لاحترقوا. ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره ربه - تعالى - محاضرة، حتى إنه يقول: يا فلان، أتذكر يوم فعلت كذا وكذا، يذكره ببعض غدراته في الدنيا، فيقول: يا رب ألم تغفر لي؟ فيقول: بلى بمغفرتي بلغت منزلتك هذه. فيا لذت الأسماع بتلك المحاضرة. ويا قرة عيون الأبرار بالنظر إلى وجهه الكريم في الدار الآخرة. ويا ذلة الراجعين بالصفقة الخاسرة. {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ () إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ () وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ () تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ} القيامة: 22-25.

فحيى على جنات عدن فإنها *** منزلك الأولى وفيها المخيم

ولكننا سبي العدو فهل ترى ** * نعود إلى أوطاننا ونسـلم

انتهى كلام ابن القيم - رحمه الله تعالى -:(حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح): ص: 355-360
-
.​
 

من صفات أهل الجنة

عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله: ((إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن ألان الكلام، وأطعم الطعام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام)).
بانتهاء رمضان تنتهي معه فضائل الأعمال عند كثير من الناس، فتخلوالمساجد، ويقلّ فيها الراكع والساجد، ينقطع الصيام، وينتهى الجود والكرم والسخاء، وتعود للمعاملة القسوة والجفاء. وهذا الحديث يذكّر المسلمين بما نبغي من مواصلة الحال الطيبة التي كانوا عليها في رمضان من صلاة وصيام، ولين قول وإطعام طعام. والنبي رغّبنا في ذلك فيقول: ((إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها)) وذلك لشفافيتها لمتناهية، فهي شفّافة للغاية، حتى إن الرائي ليرى باطنها من ظاهرها، وظاهرها من باطنها.
وقد جاء ذكر الغرف في القرآن الكريم في أكثر من آية: قال - تعالى -: {أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون يها تحية وسلاما} [الفرقان: 75].
وقال - تعالى -: {الذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنّهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم جر العاملين} [العنكبوت: 58].
وقال - تعالى -: {وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء لضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون} [سبأ: 37].
وقال - تعالى -: {لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار} [الزمر: 20].
أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى [محمد: 15].
ولهم فيها من النعيم ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
هذه الغرف ((أعدّها الله لمن ألان الكلام)) كما قال - تعالى -: {إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد }[الحج: 23-24].
والقول الليّن الطيب هو القول الهيّن السهل اللطيف، الذي لا خشونة فيه ولا فحش ولا صلف. وقد أمر الله - تعالى-نبيه بأن يأمر المؤمنين بالقول اللين، فقال - تعالى -:{ وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا} [الإسراء: 53].
قال ابن كثير: يأمر- تبارك وتعالى - عبده ورسوله محمدا أن يأمر عباد الله المؤمنين أن يقولوا في مخاطبتهم ومحاورتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة، فإنهم إن لم يفعلوا ذلك نزغ الشيطان بينهم وأخرج الكلام إلى الفعال، ووقع الشر والمخاصمة والمقاتلة، فإنه عدو لآدم وذريته من حين امتنع من السجود لآدم، وعداوته ظاهرة بينة.
وتتأكد الكلمة الطيبة في مواضع:
منها: عند السؤال وعدم القدرة على العطاء، قال - تعالى -: {وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذّر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا وإما تعرضن عنه ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا} [الإسراء: 26-28].
ومعنى الآية: إن تعرض عن هؤلاء المذكورين لعدم وجود ما تعطيهم، وأنت ترجو الله أن يرزقك فتعطيهم فقل لهم قولا ميسورا أي: لينا هينا لطيفا طيبا، كالدعاء لهم بالغنى وسعة الرزق، ووعدهم بأن الله إذا يسّر من فضله رزقا فستعطيهم.
وهذا تعليم عظيم من الله لنبيه لمكارم الأخلاق، وأنه إن عجز عن العطاء الجميل فلن يعجز عن القول الطيب اللطيف، وهذا الردّ الطيب أفضل من العطاء القبيح، قال - تعالى -: {قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى} [البقرة: 263].
وقال النبي: ((والكلمة الطيبة صدقة)).
ومنها: عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير، قال - تعالى - لموسى وهارون - عليهما السلام-: {اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى} [طه: 43-44].
فالقول اللين لا يثير العزة بالإثم، ولا يهيّج الكبرياء الزائفة، ومن شأنه أن يوقظ القلب فيتذكر ويخشى عاقبة الطغيان. فإذا كان موسى مأمورا بالقول اللين ومعه القوة والعصمة، فكيف بمن دونه؟! فواجب على الدعاة إلى الله - عز وجل - أن يلتزموا دائما القول اللين، والكلمة الطيبة، وأن يجتنبوا الغلظة والقسوة، والشدة والعنف، في القول والفعل معا، فإن الكلمة الطيبة تشفى الصدور، وتضمّد الجراح، وتقرّب الفجوة، والكلمة النابية الغليظة القاسية توغر الصدر، وتدمى الجراح، وتوسّع الفجوة، وكم من عدو لدود صار صديقا حميما بكلمة طيبة، وكم من صديق حميم صار عدوا لدودا بكلمة نابية.
أما الخصلة الثانية: فهي إطعام الطعام، وإطعام الطعام من موجبات الجنة، وتركه من موجبات النار. قال - تعالى -: {إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إ********ا نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا} [الإنسان: 5-9].
وقال - تعالى -: {كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمون ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين} [المدثر: 38-44].
وفي الحديث: ((دخلت امرأة النار في هرّة حبستها، لا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض)).
ويفهم من ذلك أن إطعام الطعام أعمّ من إطعام الإنسان، فهو يشمل الإنسان والحيوان، ولذا قال: ((في كل كبد رطبة أجر)).
وإطعام الإنسان لا يقتصر على المساكين، بل إطعام الرجل أهله وعياله يعدّ من إطعام الطعام، وله عليه الأجر والثواب، قال: ((دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك)).
وقال لسعد بن أبي وقاص: ((إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في فيّ امرأتك)).
وهذا الأجر مرهون بالنية الصالحة، ولهذا قال: ((إذا أنفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهي له صدقة)).
أما الخصلة الثالثة: فهي متابعة الصيام، والمراد بها المحافظة على الأيام التي يشرع صيامها تطوعا، فمن صامها بعد صيام رمضان فقد تابع الصيام.
ومن هذه الأيام:
ستة من شوال: لقوله: ((من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فكأ********ا صام الدهر)).
الاثنين والخميس، لأن النبي كان يصومها، وسئل عن ذلك فقال: ((إن أعمال العباد تعرض يوم الاثنين والخميس)).
ثلاثة أيام من كل شهر: عن أبي هريرة قال: ((أوصاني خليلي بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام)). ويستحب أن تكون: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، عن أبي ذر قال: قال رسول الله: ((إذا صمت من الشهر ثلاثا فصم ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة)).
عشر ذي الحجة: عن بعض أزواج النبي قالت: ((كان رسول الله يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر: أول اثنين من الشهر والخميس)).
يوم عرفة: عن أبي قتادة قال: سئل رسول الله عن صوم يوم عرفة؟ قال: ((يكفّر السنة الماضية والباقية)).
يوم عاشوراء: عن أبي قتادة قال: سئل رسول الله عن صوم يوم عاشوراء؟ قال: ((يكفّر السنة الماضية)).
يوم تاسوعاء: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله: ((لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)).
أما الخصلة الرابعة: فهي قيام الليل، وقيام الليل عنوان الإيمان، قال - تعالى -: إ********ا يؤمن بآياتنا الذي إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون [السجدة: 15-16].
هو دليل الإحسان، قال - تعالى -: {إن المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون} [الذاريات: 15-18].
وقد فرّق الله - تعالى - بين من يقوم الليل ومن لا يقوم، فقال - تعالى -: {أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} [الزمر: 9].
وقيام الليل سنة مؤكدة، فقد ((كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه)).
وكان يصلي كل ليلة إحدى عشرة ركعة، وإذا تركها ليلة لعذر أو نحوه صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة. ولقد كان يرغّب في قيام الليل فيقول: ((إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدّها الله لمن ألان الكلام، وأطعم الطعام، وتابع الصيام، وصلى الليل والناس نيام)).
وكان أول ما صدع به عند وصوله المدينة قوله: ((يا أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام)). وكان يحث الأزواج على التعاون على قيام الليل فيقول: ((رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء)). فإن عجز المسلم عن قيام الليل فما عليه إلا أن يحافظ على صلاة العشاء والفجر في جماعة، فإن هاتين الصلاتين ثقيلتان، ولذا عظم أجر من يشهدهما، قال: ((من صلى العشاء في جماعة فكأ********ا قام نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة فكأ********ا قام الليل كله)). وقد قابل بعض العلماء هذه الصفات بالصفات المذكورة في سورة الفرقان في وصف عباد الرحمن فقال: قوله: ((لمن ألان الكلام))، يقابل قول الله - تعالى -: وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما [الفرقان: 63].
وفيه إشارة إلى أن لين الكلام من صفات الصالحين الذين خضعوا لبارئهم، وعاملوا الخلق بالرفق في الفعل والقول. وقوله: ((وأطعم الطعام)) يقابل قوله - تعالى -: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما} [الفرقان: 67].
وفيه إشارة إلى ضرورة توخّي القصد في الإطعام والبذل، فلا يجوز أن يمسك إلى درجة البخل، ولا أن يجود إلى درجة الإسراف. وقوله: ((وتابع الصيام))، يقابل قوله - تعالى -: {أولئك يجزون الغرفة بما صبروا} [الفرقان: 75].
فالصوم هو الصبر، وقوله: ((وصلى بالليل والناس نيام)) يقابل قوله - تعالى -: {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} [الفرقان: 64].
والدليل على صحة المقابلة اتحاد الجزاء في الحديث والآية، فقد وعد النبي المتصفين بهذه الصفات بغرف الجنة فقال: ((إن في الجنة غرفا...))، ووعد الله - تعالى -عباده عباد الرحمن بالغرف أيضا، فقال: أولئك يجزون الغرفة....
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعلنا من أهل هذه الغرف.


 
لباس أهل الجنة وحليهم ومباخرهم

أهل الجنة يلبسون فيها الفاخر من اللباس، ويتزينون فيها بأنواع الحلي من الذهب والفضة واللؤلؤ، فمن لباسهم الحرير، ومن حلاهم أساور الذهب والفضة واللؤلؤ: قال - تعالى -: (وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا) [الإنسان: 12]، (يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير) [الحج: 23]، (جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير) [فاطر: 33]، (وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شراباً طهورا) [الإنسان: 21].
وملابسهم ذات ألوان، ومن ألوان الثياب التي يلبسون الخضر من السندس والإستبرق (يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثياباً خضراً من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا) [الكهف: 31]، (عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة) [الإنسان: 21].
ولباسهم أرقى من أي ثياب صنعها الإنسان، فقد روى البخاري في صحيحه عن البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال: " أتى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بثوب من حرير، فجعلوا يعجبون من حسنه ولينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أفضل من هذا ". (1)
وقد أخبرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن لأهل الجنة أمشاطاً من الذهب والفضة، وأنهم يتبخرون بعود الطيب، مع أن روائح المسك تفوح من أبدانهم الزاكية، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في صفة الذين يدخلون الجنة: " آنيتهم الذهب والفضة، وأمشاطهم الذهب، ووقود مجامرهم الألوّة قال أبو اليمان: عود الطيب ورشحهم المسك ". (2)
ومن حليهم التيجان، ففي سنن الترمذي ابن ماجة عن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذكر الخصال التي يُعطاها الشهيد: " ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ". (3)
وثياب أهل الجنة وحليهم لا تبلى ولا تفنى، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من يدخل الجنة ينعم لا يبأس، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه ". (4)
----------------
(1) صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة والنار، فتح الباري: (6/319).
(2) المصدر السابق.
(3) مشكاة المصابيح: (3/358)، ورقمه: 3834، وصحح الشيخ ناصر إسناده.
(4) صحيح مسلم، كتاب الجنة، باب في دوام نعيم الجنة، (4/2181)، ورقم الحديث:2836
.
 
رفقة الرسول في الجنة



aaswer.gif

رفقة الرسول في الجنة

aaswer.gif



أيها الأخوة والأخوات في الإسلام:


بين أيدينا الآن حديث نبوي شريف يحمل البشرى لكل مسلم ومسلمة، والبشارة طبعاً لا تكون إلا لمن كان مسلماً، وتلك هي الغاية المثلى من بعثة الأنبياء والمرسلين على مر العصور والأزمان قال - تعالى -: كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وقال - تعالى - في حق رسوله سيدنا محمد يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا.
فاسمعوا معي رحمكم الله إلى هذا الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال: كنت أبيت مع رسول الله فآتيه بوضوئه وحاجته فقال لي: سل؟ فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة فقال: أو غير ذلك؟ قلت: هو ذاك قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود.
أيها المسلمون: بعد أن استمعنا إلى نص الحديث تعالوا بنا لنستفيد منه الفوائد الكبيرة والمعاني العظيمة كيف لا وهو قول من لا ينطق عن الهوى ومن جاء من عند الله - تعالى -بالحجة والهدى والشريعة المثلى، فهذا الصحابي الجليل ربيعة بن كعب الأسلمي كان من فقراء الصحابة، ولا ننسى أيها الأخوة المؤمنون أن الفقراء هم أول أتباع الرسل والأنبياء، وهم الذين يسارعون إلى الإيمان والتصديق بما جاء من عند الله - تعالى -، لأنهم كانوا مضطهدين في قومهم كما هم دائماً، يحسون بالظلم بل يعيشون صباح مساء في ظلم الأسياد والكبراء من الأغنياء والمترفين قال - تعالى -حكاية عن قوم نوح: قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون قال وما علمي بما كانوا يعملون إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون وما أنا بطارد المؤمنين إن أنا إلا نذير مبين.
وجاء كفار قريش يطلبون من الرسول إن أرادوا أن يدخلوا في دينه-ألا يجمع بينهم وبين الفقراء والعبيد في مجلس واحد، فأنزل الله - تعالى -عليه ناهياً إياه عن سماع طلب الكفار هذا لأن أولئك الفقراء أعظم منزلة عند الله من هؤلاء الأغنياء المتكبرين على الخضوع لأمر الله قال - سبحانه -: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين}.
فربيعة بن كعب الأسلمي كان من فقراء الصحابة وكان من أهل الصفة الذين يأوون إلى مكان في مسجد الرسول سُمي بالصفة، لأنه ليس لهم بيت يؤويهم، وكان ربيعة ملازماً لخدمة الرسول يبيت عند باب بيته لأداء خدمته فيأتيه بما يطلب من ماء للوضوء وغير ذلك، وبقي على هذه الحالة حتى انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى. وما أشرفها من خدمة وما أعظمها من مهنة! وما أكرمه من عمل! وقد لاحظ الرسول حرص هذا الصحابي على خدمته فأراد أن يكرمه بأمر يفرحه به ويخفف عنه فقره، ولكنه ترك اختيار ذلك لربيعة فقال له: سل أي اطلب ما تحتاجه وتتمناه نفسك، ولعل أول ما يتمناه الفقير المعدم أن يرزق مالاً وبيتاً يسكنه، وهو طلب لا عيب فيه بالنسبة لفقير محتاج، هذا من جهة، كما نلاحظ أن الرسول وهو المخدوم لم يرض أن يستغل خدمة الرجل دون أن يكرمه كما هو حال أكثر أغنيائنا اليوم، فهم يحبون دائماً أن يكونوا مخدومين دون أن يقدموا لمن يخدمهم أي تكريم بل حتى أي حق من حقوق الخادم العامل ليل نهار، وفي هذا درس لمن كان مخدوماً من طرف خدامين سواء في البيت أو في العمل، أن يكرموا من يخدمهم ويؤدوا لهم حقوقهم كاملة غير منقوصة.
فما تظنون معشر المسلمين والمسلمات أن يكون طلب الصحابي وأمنيته من طرف رسول الله؟ لقد كان ربيعة الصحابي الخادم لرسول الله يتطلع لأعظم أمنية لا يفكر ولا يريد غيرها فأجاب رسولَ الله قائلاً: أسألك مرافقتك في الجنة! الله! فهو لا يسأل بلوغ الجنة فحسب، وإنما يسأل الفردوس الأعلى ليكون مع رسول الله فلا يفارقه أبداً، وأدرك رسول الله أنه طلب لا يدرك إلا بعد عناء وجهد وليس أمراً قريب المنال والله - سبحانه - هو الذي يعطي هذه المنزلة لمن هو أهل لها فقال له: ((أو غير ذلك)) يعني مما هو أهون أو أقل، وألح الصحابي ربيعة على طلبه وقال للرسول: هو ذاك، وذاك اسم إشارة للبعيد ليدل على تطلعه لهذه الأمنية مهما بعدت وصعب الوصول إليها، لكن الله - تعالى - لا يصعب عليه شيء، وهنا يأتي الدرس النبوي التربوي لربيعة ولكل من يتمنى أمنيته العظيمة فيقول له الرسول: ((فأعني على نفسك بكثرة السجود)) أي إذا أردت الوصول إلى هذه الأمنية بأن تكثر من الصلاة وتتقرب إلى الله بمناجاته، فكل سجدة تسجدها لربك تزداد منه قرباً وتنال بها جنته ورضوانه، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وقد روى الإمام مسلم عن ثوبان قال سمعت رسول الله يقول: ((عليك بكثرة السجود فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة ومحا عنك بها خطيئة)).
نفعني الله وإياكم بالقرآن المبين وبحديث سيد الأولين والآخرين وأجارني وإياكم من عذابه المهين
عباد الله: لكل إنسان أمنية في حياته يسعى من أجلها، ويحرص على بلوغها، ويضحي بكل ما لديه ليصل إليها، والشباب عموماً أكثر تطلعاً للأماني وأكثر همة في السعي إليها، وأمنيات شبابنا اليوم هي الحصول على شهادة عليا، وزواج ومنصب ومال ومنزل فاخر وسيارة مريحة ومكانة اجتماعية، وغير ذلك من الأماني الدنيوية التي لا حصر لها ولا حد لنهايتها، وقليل قليل من الناس من تجده يتمنى الأمنية العظمى وهي نيل رضا الله وبلوغ جنته التي أعدها للصالحين من عباده، فإذا تمنى المسلم والمسلمة أمنية دنيوية مباحة فلا ينبغي له أن يتخذها هدفاً كلياً ومقصداً نهائياً، وإنما هي وسيلة من وسائل هذه الحياة وزينتها التي أكرمنا الله بها، لنشكره عليها ونسخرها في طاعته، ولكن لا يجب أن تشغلنا عن الهدف الأسمى الذي شمّر من أجله الصالحون فأسهروا ليلهم وأظمأوا نهارهم وبذلوا أرواحهم وأموالهم لكي يصلوا إليها، فلما فازوا بأمنيتهم سعدوا أعظم السعادة ونسوا كل ما أصابهم من هموم الدنيا وأكدارها، ولذلك كان أحدهم إذا أصيب في المعركة وأدرك أنه نال الشهادة في سبيل الله يصبح فرحاً مسروراً قبل أن تخرج روحه. فيصيح فزت ورب الكعبة، غداً ألقى الأحبة محمداً وصحبه.
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن أمنية رضا الله والفوز بجنته لا تنال بإيمان القلب وحده وإنما تنال بطاعة الله، فها هو رسول الله يدل الصحابي الجليل على الطريق إلى ذلك فيقول له: ((فأعني على نفسك بكثرة السجود)) ولا ننسى أن من معاني السجود الخضوع لأمر الله وطاعته في السرو العلانية، فليس المراد من السجود المذكور في الحديث ذلك السجود الصوري الخالي من الخضوع والخوف من الله - عز وجل -، بل هو السجود الذي يكون بأداء ما فرض الله، والابتعاد كل البعد عما حرم الله، والتواضع لعظمة الله، قال - تعالى -: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم قالوا سلاماً}

026.gif
 
بارك الله فيـــــكم
 
أسعد الله أوقاتك بالنور والإيمان وطاعة الرحمن
وبارك الله فيكِ وجزاكِ ربي كل خير ونفع بما كتبتِ
وأسأل الله تعالى أن يجعل عملك هذا في ميزان حسناتكِ
فنسال الله ان يضاعف بكلامك هذا ميزان حسناتك

وان نجتمع سويا في الفردوس كما اجتمعنا في هذه المواضيع الخيرة

إنه سميع مجيب الدعاء
امين
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top Bottom