دمج صاروخ كروز براهموس-إيه مع مقاتلات سوخوي Su-30MKI يعزز القدرات الاستراتيجية للهند، ويوسّع نطاق الضربات بعيد المدى، مما يمكنها من الردع الإقليمي ومواجهة التهديدات البحرية والبرية. توضح الخرائط الحديثة مدى وصول الصاروخ عند إطلاقه من الطائرة، مع إبراز تأثيرات النطاقات المختلفة على جنوب آسيا، الشرق الأوسط، جنوب شرق آسيا، والمحيط الهندي، إضافة إلى الإمكانات المستقبلية لتوسيع النطاق عبر تطويرات الصاروخ أو التزود بالوقود جواً.
نجحت الهند في دمج صاروخ الكروز المطلق جوًا من طراز “براهموس-إيه” (BrahMos-A) على مقاتلات سوخوي Su-30MKI التابعة للقوات الجوية الهندية إلى إحداث قفزة نوعية في القدرات الاستراتيجية للهند، سواء من زاوية مدى العمل أو من زاوية القدرة على الردع. وتعرض خريطة حديثة بعنوان “نطاق وصول براهموس-إيه” تمثيلاً بيانياً للمدى المحتمل للصاروخ عند إطلاقه من منصة Su-30MKI، مبينةً الكيفية التي يمكّن بها هذا الاقتران نيودلهي من توسيع نفوذها العسكري إلى مسافات بعيدة.
تُحدد الخريطة ثلاثة نطاقات دائرية، متمركزة على نقاط رئيسية في الأراضي الهندية، تمثل مدى براهموس-إيه على مسافات متفاوتة تبلغ 2100 كلم، و3000 كلم، و3900 كلم. وتشير هذه النطاقات إلى نصف القطر التشغيلي المشترك بين الطائرة والمقذوف: فنصف القطر القتالي لمقاتلة Su-30MKI يقدَّر بحوالي 1500-3000 كلم تبعًا للتكوين وإمكانية التزوّد بالوقود جواً، فيما يسهم مدى الصاروخ نفسه في بلوغ المسافات المشار إليها.
براهموس-إيه، وهو صاروخ أسرع من الصوت طورته الهند وروسيا بشراكة مشتركة، يتميز بسرعة تقارب 2.8-3 ماخ ونطاقًا أساسيًا يراوح بين 290-500 كلم. وفي الوقت نفسه ثمة تجارب وتطويرات لنسخ ممتدة النطاق قد تدفع مدى الصاروخ المستقل إلى ما يتجاوز 800 كلم.
تغطي الدائرة الزرقاء الداخلية ذات نصف القطر 2100 كلم معظم جنوب آسيا، وتشمل باكستان وأجزاء من الشرق الأوسط مثل السعودية واليمن، وكذلك مناطق في جنوب شرق آسيا مثل تايلاند وماليزيا. وانطلاقًا من قواعد في وسط الهند أو جنوبها، تستطيع مقاتلات Su-30MKI المسلحة بصاروخ BrahMos-A استهداف هذه المناطق من دون الحاجة لاختراق الأجواء المتنازع عليها، مستندة إلى ميزة الصاروخ في توجيه الضربات من مسافات بعيدة.
يمتد النطاق المتوسط الممثل بالدائرة الصفراء إلى 3000 كلم، فيشمل بذلك المقاطعات الجنوبية والشرقية للصين بما في ذلك بكين وشنغهاي، ويشمل كامل حوض المحيط الهندي وأجزاء من آسيا الوسطى مثل كازاخستان وأوزبكستان، مما يعكس قدرة الهند على التعامل مع التهديدات على حدودها الشمالية والشرقية إضافةً إلى التعامل مع التحديات البحرية في نطاق الهندو-باسيفيك.
أما الدائرة الحمراء الخارجية ذات نصف القطر 3900 كلم فتمتد لتشمل أجزاءً من أوروبا كألمانيا وإيطاليا، وشمال أفريقيا مثل مصر وليبيا، ومناطق في غرب المحيط الهادئ مثل الفلبين وبابوا غينيا الجديدة. هذا الامتداد يوحي بالإمكانات المستقبلية لتحسين القدرات عبر تطويرات تكنولوجية أو عبر الاستفادة من التزود بالوقود جواً لتعظيم النطاق التشغيلي لطائرة Su-30MKI.
من خلال هذه الخريطة يتبدّى بوضوح كيف يحول إطلاق براهموس-إيه من منصة Su-30MKI المقاتلة إلى منصة هجومية بعيدة المدى، قادرة على توجيه ضربات دقيقة لأهداف عالية القيمة مثل مراكز القيادة المعادية، ومنشآت الرادار، والأصول البحرية، مع إبقاء الطائرة ومقذوفها غالبًا خارج إطار معظم أنظمة الدفاع المعادية.
ووفق وسائل إعلام هندية، يترتب عن هذا التحوّل ما وصفته بـ”الأبعاد الاستراتيجية المحورية” أولها تعزيز الردع الإقليمي عبر القدرة على الضرب العميق داخل باكستان أو في مناطق مثل التبت داخل الصين أو في مناطق المحيط الهندي، مما يرفع من جاهزية الهند لمواجهة سيناريوهات متعددة الجبهات. وثانيها تعزيز الهيمنة البحرية، إذ يغطي النطاقُ المضايق الحرجة مثل مضيق هرمز ومضيق ملقا وبحر الصين الجنوبي، مما يتيح للقوات الجوية الهندية مجالًا أكبر للتعامل مع التهديدات البحرية، بمن في ذلك أنشطة البحرية الصينية في المحيط الهندي.
وفي حال تحقق نطاق الـ3900 كلم عمليًا، فستضع هذه القدرة الهند بين صفوف القوى الجوية النخبوية القادرة على توجيه ضربات بعيدة المدى، مواجِهةً أنظمة مثل AGM-158 JASSM-ER الأمريكية أو CJ-20 الصينية، وذلك معتمِدًا على تطويرات تقنية مستقبلية أو دعم التزود بالوقود جواً.
على صعيد المنصة، خضعت طائرة Su-30MKI لتعديلات أجرتها شركة هندوستان إيروسبيس المحدودة لتتمكن من حمل صاروخ براهموس-إيه الذي يزن حوالي 2.5 طن، ما يجعل هذا الخيار تحديثًا فعّالًا من ناحية التكلفة للاستفادة من الأصول القائمة بدلًا من اقتناء منصات جديدة. وبسبب الوزن والمتطلبات الهوائية يُمكن لكل طائرة حمل صاروخ واحد فقط، لكن الجمع بين مرونة الطائرة وسرعة الصاروخ الفائقة يجعل من هذا الزوج سلاحًا ذا أثر قتالي كبير. وقد أعلنت خطط للقوات الجوية الهندية لتسليح 60 طائرة Su-30MKI ببراهموس-إيه بحلول عام 2027، ما سيسهم في تكثيف هذه القدرة.