درس القيم في القرآن الكريم

ريحـان

:: أمينة اللمة الجزائرية ::
طاقم الإدارة
إنضم
24 نوفمبر 2015
المشاركات
13,664
الحلول
1
نقاط التفاعل
25,720
النقاط
2,306
محل الإقامة
الجزائر ♥
الجنس
أنثى
1641760671382.png
بسم الله الرحمان الرحيم



( اَ۬لذِينَ يُنفِقُونَ فِے اِ۬لسَّرَّآءِ وَالضَّرَّآءِ وَالْكَٰظِمِينَ اَ۬لْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ اِ۬لنَّاسِۖ وَاللَّهُ يُحِبُّ اُ۬لْمُحْسِنِينَۖ ) [آل عمران /134 ]

( يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ اُ۪تَّقُواْ اُ۬للَّهَ وَكُونُواْ مَعَ اَ۬لصَّٰدِقِينَۖ ) [ التوبة/119 ]
( وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَےْءٖ مِّنَ اَ۬لْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٖ مِّنَ اَ۬لَامْوَٰلِ وَالَانفُسِ وَالثَّمَرَٰتِۖ وَبَشِّرِ اِ۬لصَّٰبِرِينَ ) [ البقرة/155 ]
( وَلَا تَسْتَوِے اِ۬لْحَسَنَةُ وَلَا اَ۬لسَّيِّئَةُۖ اُ۪دْفَعْ بِالتِے هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا اَ۬لذِے بَيْنَكَ وَبَيْنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞۖ ) [ فصلت/34 ]
( وَاعْبُدُواْ اُ۬للَّهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِۦ شَئْاٗۖ وَبِالْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَٰناٗ وَبِذِے اِ۬لْقُرْب۪يٰ وَالْيَتَٰم۪يٰ وَالْمَسَٰكِينِ وَالْج۪ارِ ذِے اِ۬لْقُرْب۪يٰ وَالْج۪ارِ اِ۬لْجُنُبِ وَالصَّٰحِبِ بِالْجَنۢبِ وَابْنِ اِ۬لسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتَ اَيْمَٰنُكُمُۥٓۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاٗ فَخُوراًۖ ) [ النساء/36 ]
( يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنث۪يٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوباٗ وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۖ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اَ۬للَّهِ أَتْق۪يٰكُمُۥٓۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞۖ ) [ الحجرات/13 ]
( يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ اُ۬للَّهَ وَأَطِيعُواْ اُ۬لرَّسُولَ وَأُوْلِے اِ۬لَامْرِ مِنكُمْۖ فَإِن تَنَٰزَعْتُمْ فِے شَےْءٖ فَرُدُّوهُ إِلَي اَ۬للَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُومِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ اِ۬لَاخِرِۖ ذَٰلِكَ خَيْرٞ وَأَحْسَنُ تَاوِيلاًۖ ) [ النساء/59 ]
( وَمِنَ اٰيَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنَ اَنفُسِكُمُۥٓ أَزْوَٰجاٗ لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحْمَةًۖ اِنَّ فِے ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوْمٖ يَتَفَكَّرُونَۖ ) [ الروم/21 ]
( وَتَعَاوَنُواْ عَلَي اَ۬لْبِرِّ وَالتَّقْو۪يٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَي اَ۬لِاثْمِ وَالْعُدْوَٰنِۖ وَاتَّقُواْ اُ۬للَّهَۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ شَدِيدُ اُ۬لْعِقَابِۖ ) [ المائدة/02 ]
( يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ لِلهِ شُهَدَآءَ بِالْقِسْطِۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَـَٔانُ قَوْمٍ عَلَيٰٓ أَلَّا تَعْدِلُواْۖ اُ۪عْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْو۪يٰۖ وَاتَّقُواْ اُ۬للَّهَۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعْمَلُونَۖ ) [ المائدة/08 ]

( وَالذِينَ اَ۪سْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ اُ۬لصَّلَوٰةَ وَأَمْرُهُمْ شُور۪يٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَۖ ) [ الشورى/38 ]

شرح الكلمات :

الكلمة
شرحها
ولنبلونكم
نختبركم ونمتحنكم
ولي حميم
صاحب وصديق قريب
لتسكنوا إليها
لتستريحوا بالميل إليها وألفتها
مودة
محبة
مختالا فخورا
متكبرا معجبا بنفسه

الإيضاح والتحليل :

في القرآن الكريم الكثير من القيم الفردية والاجتماعية التي حثنا الله تعالى على التمسك بها، مما يؤدي إلى انسجام المجتمع وتعاونه واستتباب الطمأنينة في صفوف أفراده. ومن هذه القيم :

أولا . القيم الفردية :

1 – خلق الرحمة :

الرحمة من صفات الله تعالى : قال عز وجل : ( وَرَحْمَتِے وَسِعَتْ كُلَّ شَےْءٖۖ فَسَأَكْتُبُهَا لِلذِينَ يَتَّقُونَ وَيُوتُونَ اَ۬لزَّكَوٰةَ وَالذِينَ هُم بِـَٔايَٰتِنَا يُومِنُونَ ) [ الأعراف/156 ]

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه: إن رحمتي سبقت غضبي ). [رواه ال ّ شيخان]. والرحمة من صفات المؤمنين، حضهم عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. الرحم شجنة من الرحمن، فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله ). [رواه الّترمذي].

2 – الصبر :

الصبر نصف الإيمان، والنصف الآخر شكر، والصبر ذكر في القرآن في تسعين موضعا في موطن المدح والثناء والأمر به، وهو أنواع :
  • الصبر على طاعة الله: وهو أفضلها، قال الله تعالى : ( يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ اُ۪صْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اُ۬للَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَۖ ) [ آل عمران/200 ]
  • الصبر عن معصية الله عز وجل: قال عز وجل : ( وَالذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَاۖ وَإِنَّ اَ۬للَّهَ لَمَعَ اَ۬لْمُحْسِنِينَۖ ) [العنكبوت/69 ]
  • الصبر على الابتلاء: قال الله تعالى : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَےْءٖ مِّنَ اَ۬لْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٖ مِّنَ اَ۬لَامْوَٰلِ وَالَانفُسِ وَالثَّمَرَٰتِۖ وَبَشِّرِ اِ۬لصَّٰبِرِينَ (155) اَ۬لذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَۖ (155) أُوْلَٰٓئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٞۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ اُ۬لْمُهْتَدُونَۖ ) [البقرة/155 – 157 ]

3 – الإحسان :

للإحسان أهمية كبرى من الناحية الإنسانية، فهو الأسلوب العملي في تقديم الخير للآخرين، من موقع الحق الذي يمتلكونه في ذلك الخير، أو من موقع العطاء الذاتي. فإن الله يريد أن تنطلق العلاقات بين الناس على أساس حب الخير وروح العطاء، فقد أكد الإسلام في أكثر من آية على أن لصاحب الحق أن يأخذ حقه، ولكنه حبب إلى الإنسان من موقعه كصاحب حق أن يعفو ويسامح ويتنازل، على أساس الإحسان. وربما كان هدف اقتران العدل بالإحسان هو تأكيد الحق لصاحبه وتركيز العدل على أساسٍ ثابت في التشريع من جهة، ومن أجل تخفيف النتائج القاسية للعدل بإفساح المجال للإحسان لكي يخفف من حدته، بحيث يتحقق التوازن في حياة المجتمع وفي بناء الشخصية الإسلامية على أساسٍ من العدالة والتسامح، قال الله تعالى : ( إِنَّ اَ۬للَّهَ يَامُرُ بِالْعَدْلِ وَالِاحْسَٰنِ وَإِيتَآءِےْ ذِے اِ۬لْقُرْب۪يٰ وَيَنْه۪يٰ عَنِ اِ۬لْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِۖ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَّكَّرُونَۖ ) [النحل/90 ]

4 – الصدق :

خلق عظيم وقيمة عظيمة أشار إليها القرآن الكريم في مواضع كثيرة، وهو قول الحق ومطابقة الكلام للواقع. والمسلم يكون صادقا مع الله وصادقا مع الناس وصادقا مع نفسه، وقد أمر الله تعالى بالصدق، فقال : ( يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ اُ۪تَّقُواْ اُ۬للَّهَ وَكُونُواْ مَعَ اَ۬لصَّٰدِقِينَۖ ) [التوبة/119 ]

وقد أثنى الله على الصادقين بأّنهم المتقون أصحاب الجنة، جزاء لهم على صدقهم، قال الله تعالى : ( قَالَ اَ۬للَّهُ هَٰذَا يَوْمَ يَنفَعُ اُ۬لصَّٰدِقِينَ صِدْقُهُمْۖ لَهُمْ جَنَّٰتٞ تَجْرِے مِن تَحْتِهَا اَ۬لَانْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَداٗۖ رَّضِيَ اَ۬للَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُۖ ذَٰلِكَ اَ۬لْفَوْزُ اُ۬لْعَظِيمُۖ ) [المائدة/119 ]

والصدق طمأنينة، ومنجاة في الدنيا والآخرة، قال صلى الله عليه وسلم : ( تحروا الصدق وإن رأيتم أن فيه الهلكة، فإن فيه النجاة ). [رواه بن أبي الدنيا]. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق؛ حتى يكتب عند الله صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب، حتى يكتب عند الله كذابا ). [متفق عليه] فأحرى بالمسلمين وأجدر بهم أن يتأسوا برسول الله صلى الله عليه وسلم في صدقه، وأن يجعلوا الصدق صفة دائمة لهم.

5 – العفو :

هو التجاوز عن الذنب والخطأ وترك العقاب عليه، وهو ليس بالأمر الهين؛ إذ له في النفس ثقل ليس من السهولة التغلب عليه، ولا يكون ذلك إلا للأقوياء، ومن هنا يأتي تميز الشخص الذي يتعامل بقيمة العفو على عامة الناس. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوسِ الخلائق حتى يخيره من أي الحور شاء ). [رواه أحمد]. وقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالعفو والصفح، فقال تعالى : ( خُذِ اِ۬لْعَفْوَ وَامُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ اِ۬لْجَٰهِلِينَۖ ) [الأعراف/199 ]

وقد فهم النبي صلى الله عليه وسلم العفو بأن تعطي من حرمك، وتصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك. وقد أمر الله المؤمنين، بما أمر به المرسلين، فقال الله تعالى : ( فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّيٰ يَاتِيَ اَ۬للَّهُ بِأَمْرِهِۦٓۖ ) [البقرة/109 ]

وقد ورد عن أبي بكر رضي الله عنه أّنه قال: ( بلغنا أن الله تعالى يأمر مناديا يوم القيامة فينادي: من كان له عند الله شيء فليقم، فيقوم أهل العفو فيكافئهم الله بما كان من عفوهم عن الناس ).

ثانيا . القيم الأسرية

المودة والرحمة :

اللطف في المعاملة أساس سعادة الأسرة، وهو واحد من المكونات الرئيسة لنمو المشاعر الدافئة بين شخصين. وفي الحقيقة تعتبر المودة والرحمة مركز العلاقة الزوجية. وللكرم في المعاملة فوائد كثيرة بداية من حرص الشريك على حميمية العلاقة مع شريكه واهتمامه به عندما تكون الأمور على ما يرام، وحتى حفظ المناقشات من التحول إلى شجار.

وليس معنى اللطف أن تبتسم حين لا تشعر بالميل للابتسام أو أن تتصرف بتفاؤل في حين تشعر بالاكتئاب، ولكن اللطف في المعاملة هو أن “تعامل شريكك بما تحب أن يعاملك به”.

و أفضل الطرق لتعليم الآخرين فن اللطف في المعاملة يكون من خلال معاملتهم باللطف أولا، فإن اللطف له أثر حسن في استقامة الناس.

ثالثا . القيم الإجتماعية

1 – التعاون :

دعا القرآن الكريم الأفراد إلى التعاون الجماعي، إذ أكد أن المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، وأن يد الله مع الجماعة، ودعاهم إلى أن يتعاونوا على البر والتقوى، قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَي اَ۬لْبِرِّ وَالتَّقْو۪يٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَي اَ۬لِاثْمِ وَالْعُدْوَٰنِۖ ) [المائدة/02 ]

وقد حث الجماعات على أن تمد جماعيا يد العون والمساعدة إلى الفرد المحتاج عند الاقتضاء، ولكن هذا التعاون الجماعي لم يبلغ من الأهمية والتنظيم ما بلغه التعاون الفردي أو العائلي، لأن هذين النوعين من التعاون قد سدا مسده وحجباه فعلا في حالات كثيرة، فالروابط الفردية والعائلية قد أحكمهما الإسلام وقوى أواصرهما تقوية فعالة، ثم كانت المساعدة الاجتماعية. فالإسلام يسد كل نقص في هذين النوعين أيضا. والإسلام اهتم اهتماما كبيرا بالتعاون الاجتماعي بين الناس من أجل ضمان معيشة المحتاجين والمعوزين، ونشر الوعي فيهم لتحقيق التعاون المعيشي بين الناس.

2 – التكافل الإجتماعي :

يعد التكافل الاجتماعي في الإسلام غاية أساسية تتسع دائرته حتى تشمل جميع البشر. والتكافل يتدرج ليشمل الإنسانية جمعاء، حيث يبدأ الإنسان المسلم بدائرته الذاتية ثم دائرته الأسرية ثم محيطه الاجتماعي.
  • التكافل مع الذات : الإنسان مسؤول عن نفسه أولا؛ فهو مسؤول عن تزكيتها وتهذيبها وإصلاحها ودفعها إلى الخير وحجزها عن الشر، كما أّنه مسؤول عن حفظها ورعاية صحتها وتمتعها في حدود المباح، قال الله تعالى : ( وَابْتَغِ فِيمَآ ءَات۪يٰكَ اَ۬للَّهُ اُ۬لدَّارَ اَ۬لَاخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ اَ۬لدُّنْي۪اۖ وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ اَ۬للَّهُ إِلَيْكَۖ وَلَا تَبْغِ اِ۬لْفَسَادَ فِے اِ۬لَارْضِ إِنَّ اَ۬للَّهَ لَا يُحِبُّ اُ۬لْمُفْسِدِينَۖ ) [القصص/77 ]
  • التكافل داخل الأسرة : أكد الإسلام على التكافل بين أفراد الأسرة وجعله الرباط المحكم الذي يحفظ الأسرة من التفكك والانهيار. ويبدأ التكافل في محيط الأسرة من الزوجين، بتحمل المسؤولية المشتركة في القيام بواجبات الأسرة ومتطلباتها كل بحسب وظيفته الفطرية التي فطره الله عليها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ). [رواه البخاري ومسلم]
  • التكافل داخل الجماعة : أقام الإسلام تكافلا مزدوجا بين الفرد والجماعة، فأوجب على كل منهما التزامات تجاه الآخر، ومازج بين المصلحة الفردية والمصلحة العامة، بحيث يكون تحقيق المصلحة الخاصة مكملا للمصلحة العامة، وتحقيق المصلحة العامة متضمن لمصلحة الفرد. فالفرد في المجتمع المسلم مسؤول تضامنيا عن حفظ النظام العام وعن التصرف الذي يمكن أن يسيء إلى المجتمع، أو يعطل مصالحه، قال الله تعالى : ( وَالْمُومِنُونَ وَالْمُومِنَٰتُ بَعْضُهُمُۥٓ أَوْلِيَآءُ بَعْضٖۖ يَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ اِ۬لْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ اَ۬لصَّلَوٰةَ وَيُوتُونَ اَ۬لزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ اَ۬للَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۖ أُوْلَٰٓئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اُ۬للَّهُۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞۖ ) [التوبة/71 ]

رابعا . القيم السياسية :

1 – العدل :

قال سبحانه وتعالى في القرآن المجيد : ( إِنَّ اَ۬للَّهَ يَامُرُ بِالْعَدْلِ وَالِاحْسَٰنِ وَإِيتَآءِےْ ذِے اِ۬لْقُرْب۪يٰ وَيَنْه۪يٰ عَنِ اِ۬لْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِۖ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَّكَّرُونَۖ ) [النحل/90 ]

فللعدل مساحته الواسعة في العلاقات الإنسانية، والكلمات والمواقف، ففي كل موقعٍ من مواقع الحياة عدل وظلم، ولم يؤكد الإسلام على شيء كما أكد على العدل، فقد اعتبره الهدف الكبير لجميع الرسالات الإلهية، وقد تحدث عنه في الكلمة العادلة التي لا تحابي أحدا حتى لو كان ذا قربى، وفي الموقف العادل، حتى إذا كان لمصلحة العدو ضد الصديق، والحكم العادل لكل إنسان، وفي أي موقف، بعيدا عن صفته الدينية وموقعه الاجتماعي، وانتمائه الجغرافي والقومي والعرقي، ذلك أن المرجع الوحيد في هذا الشأن هو الحق الذي يمتلكه صاحبه. فيجب أن يعطى صاحب الحق، حتى لو كان كافرا، أما من عليه الحق، أو من ليس له حق، فيجب أن يخضع للحق، حتى لو كان مسلما، وهذا هو شعار الدنيا، كما هو شعار الآخرة في قوله تعالى : ( اِ۬لْيَوْمَ تُجْز۪يٰ كُلُّ نَفْسِۢ بِمَا كَسَبَتْۖ لَا ظُلْمَ اَ۬لْيَوْمَۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ سَرِيعُ اُ۬لْحِسَابِۖ ) [غافر/17 ]

ولعل أهمية تأكيد الإسلام على العدل كقيمة إنسانية عامة، أّنه يريد للإنسان أن يعيش العدل في نفسه كإحساس وشعور، وأن يرفض التعاطف مع الظالم وإعانته، لأّنه يسعى لإدخال العدالة في التركيبة الشخصية للإنسان المسلم التقي الذي يصنعه، لذا فهو يرفض الظلم كإحساس كما يرفضه كموقف.

وعدل الحاكم يكون برعاية حقوق رعيته، وكف الأذى والإساءة عنهم، وسياستهم بكرم الأخلاق، وحسن المداراة وحب الخير لهم، والعطف على بؤسائهم ومعوزيهم، ونحو ذلك من محققات العدل الاجتماعي. وقد لخص الله تعالى واقع العدل العام في آية من كتابه المجيد : ( اِنَّ اَ۬للَّهَ يَامُرُكُمُۥٓ أَن تُوَ۬دُّواْ اُ۬لَامَٰنَٰتِ إِلَيٰٓ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ اَ۬لنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِۖ ) [النساء/58 ]

2 – الشورى :

ثلاثة نصوص في القرآن الكريم تتحدث عن الشورى، ولكن على مستويات مختلفة :
  • النص الأول : قوله تعالى في شأن الرضاع : ( فَإِنَ اَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٖ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٖ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَاۖ ) [البقرة/233 ] ، وهذا حديث في أجواء الأُسرة الواحدة، يتشاور الأَبوان في شأن وليدهما الرضيع، هل تتم أمه رضاعه إلى الحولين، أم تفصله عن الرضاع ؟ تفاهم ثنائي في مسألة على ضوء المعرفة بحال الأم وحال الرضيع، وجو الأُسرة العام، ينتهي إلى قرار مشترك لا إكراه فيه. وربما انتهى قرارهما بعد التشاور إلى أن يسترضعا له مرضعة غير أمه، قال الله تعالى : ( إِنَ اَرَدتُّمُۥٓ أَن تَسْتَرْضِعُوٓاْ أَوْلَٰدَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمُۥٓ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ ءَاتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِۖ وَاتَّقُواْ اُ۬للَّهَ وَاعْلَمُوٓاْ أَنَّ اَ۬للَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٞۖ ) [البقرة/233 ]
  • النص الثاني : قال الله تعالى : ( فَبِمَا رَحْمَةٖ مِّنَ اَ۬للَّهِ لِنتَ لَهُمْۖ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ اَ۬لْقَلْبِ لَانفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَۖ ) [آل عمران/159 ]، نزلت الآية في الحديث عن غزوة أُحد وما انتهت إليه من هزيمة القسم الأعظم من جيش المسلمين، وتركهم النبي صلى الله عليه وسلم مع بضعة نفر من أصحابه يكافحون العدو لوحدهم، مما هو مدعاة لإشعارهم بتقصيرهم الشديد وذنبهم الكبير الذي ارتكبوه، خصوصا وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخرج إلى أُحد إلا برأيهم، لكن الذي وجدوه من النبي القائد صلى الله عليه وسلم هو عكس ما يظنون مما هو معتاد لدى القادة إزاء الجند المنهزم! بل وجدوا منه صلى الله عليه وسلم لينا معهم وإكراما زادهم شعورا بالتقصير حين لم يلجئهم إلى التماس الأعذار. لكن التنزيل لم يترك الأمر بالمشورة مرسلا، بل وضع له نظاما واضح المعالم، فالنبي القائد المستشير حين يعزم على أمرٍ فيه الصواب والصلاح ينبغي أن ينفذ، سواء كان موافقا لآراء المستشارين أو مخالفا لها : ( فَبِمَا رَحْمَةٖ مِّنَ اَ۬للَّهِ لِنتَ لَهُمْۖ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ اَ۬لْقَلْبِ لَانفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِے اِ۬لَامْرِۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَي اَ۬للَّهِۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ يُحِبُّ اُ۬لْمُتَوَكِّلِينَۖ ) [آل عمران/159 ]
  • النص الثالث : قوله تعالى : ( وَالذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَٰٓئِرَ اَ۬لِاثْمِ وَالْفَوَٰحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَۖ (37) وَالذِينَ اَ۪سْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ اُ۬لصَّلَوٰةَ وَأَمْرُهُمْ شُور۪يٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَۖ (38) وَالذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ اُ۬لْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَۖ ) [الشورى /37 – 39 ] ، جاءت هذه الآية الكريمة ضمن سياق عام يتحدث عن خصائص المجتمع الأمثل، وهذه نصوص تؤكد على أهمية التشاور والاسترشاد، وعلى هذا انطلق المفسرون في ظلال هذا النص يتحدثون عن استحباب مشاورة الناس لمن أهمه أمر، والاسترشاد بعقول الآخرين وآرائهم الناضجة.

3 – الطاعة :

قال الله تعالى : ( يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ اُ۬للَّهَ وَأَطِيعُواْ اُ۬لرَّسُولَ وَأُوْلِے اِ۬لَامْرِ مِنكُمْۖ فَإِن تَنَٰزَعْتُمْ فِے شَےْءٖ فَرُدُّوهُ إِلَي اَ۬للَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُومِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ اِ۬لَاخِرِۖ ذَٰلِكَ خَيْرٞ وَأَحْسَنُ تَاوِيلاًۖ ) [النساء /59 ]

في هذه الآية، وفي ما بعدها، يريد الله سبحانه أن يخطط للمسلمين ويدخلهم في أجواء النظام، على أساس النظرية والتطبيق معا، فيدعوهم إلى اعتبار الطاعة لله وللرسول ولأولي الأمر قاعدة ثابتة، ترتكز عليها الحياة العامة؛ وهذا ما عالجته هذه الآية في الدعوة إلى طاعة الله، فإنها أساس الإيمان، لأن معناه العميق يتمثل في الإحساس بعبودية المؤمن لله في كل أفكاره وأقواله وأفعاله، مما يدفعه إلى السير في حياته وفق أوامر الله ونواهيه، في ما يحبه وما لا يحبه؛ وفي دعوتها إلى طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، فيما تمثله من السير على الخط الذي يرسمه الرسول في تخطيطه للمسار العملي في تفصيلات الأمور، وجزئيات القضايا، وحركة الصراع، وقيادة الأمة إلى أهدافها وتحريك الساحة نحو المواقف الحاسمة في مواجهة التحديات، وتفجير الطاقات في سبيل الإبداع والعطاء.

وهكذا كانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المتمثلة في قوله وفعله وتقريره الوجه التفصيلي والتطبيقي للمفاهيم القرآنية العامة؛ فلا مجال للأخذ بالقرآن بشكل دقيق، إلا بالرجوع إلى السنة لنعرف من خلالها تفصيل ما أجمله القرآن، وإيضاح ما أبهمه، وتخصيص ما أطلقه.

ثم تحدثت الآية عن طاعة فئة أخرى، وهي الذين أوكل الله إليهم أمر القيام بإدارة شؤون الناس، وذلك من خلال القواعد التي وضعها للقائمين على الأمر، لما يتصفون به من صفات وما يقومون به من مسؤوليات ومهمات، ولِما وضعه من التسلسل في القيادة، فقد لا يكون لأولي الأمر طاعة مستقلة إلا من خلال ارتباطها بطاعة الله عز وجل والرسول صلى الله عليه وسلم.

الفوائد والإرشادات :

1 – في القرآن الكريم قيم متنوعة وهي : القيم الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية.

2 – جاءت القيم الفردية مبنية على الرحمة والصبر والإحسان والصدق والعفو.

3 – القيم الأسرية تناولت عنصر المودة والرحمة واللطف.

4 – قيم القرآن الكريم الاجتماعية هي : التعاون والتكافل باختلاف أنواعه.


5 – القيم السياسية هي: العدل والشورى والطاعة لله ورسوله وأولي الأمر.
 
بارك الله فيك على الموضوع القيم اختي جعله الله في ميزان حسناتك يا رب العالمين اجمعين دمت مبدعة في سماء المنتدى بمواضعيك القيمة و الهادفة و المميزة
 
شكرا على المرور
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top