الحرية

إلياس

👑 TOP5 ✍️
أوفياء اللمة
الحرية… الكلمة التي لا يفهم معناها أكثر من يطالب بها

الحرية… كلمة تُلهب المشاعر، وتُرفع شعارًا في الساحات، وتُكرَّر على ألسنة الناس في كل نقاش، لكن قليلون فقط من يفهمون معناها الحقيقي.

الكثير يطالب بها، يُدافع عنها، يُنادي بها…
لكن إذا سألته: ما هي الحرية؟
يتردد، أو يجيب بإجابة سطحية: “أن أفعل ما أشاء!”
ثم إذا سألته: هل تستطيع فعلاً أن تفعل كل ما تشاء؟
يجيب: “لا.”
فيسقط دون أن يدري في تناقضه الأول.

الحرية: المفهوم المشوَّه

الحرية، في جوهرها، من أعقد المفاهيم في الفكر الإنساني.
وقد عبّر عن ذلك المفكر الفرنسي ألبير كامو حين قال:

“الحرية ليست شيئًا يمكن أن نكتسبه بسهولة، لأنها تبدأ من داخل الإنسان، لا من خارجه.”

ومع أن الناس يتداولون مقولة شهيرة:

“حريتك تنتهي حيث تبدأ حرية الآخرين.”
إلا أن هذا التعريف — وإن كان صحيحًا في ظاهره — لا يكفي.
فالحرية لا يمكن أن تكون مطلقة، بل لا بد أن تُضبط بضوابط عقلية، أخلاقية، دينية، وقانونية… وإلا تحوّلت إلى فوضى، أو استبداد باسم الحرية نفسها.

👈أجمل تعريف: الحرية = التقييد الذاتي

من أروع ما قيل في تعريف الحرية — وأكثره واقعية — هو:

“الحرية هي التقييد الذاتي.”

أن يُقيد الإنسان نفسه بإرادته، لا أن يُفرض عليه التقييد.
وأن يختار طريقه عن وعي وقناعة، لا عن خوف أو قهر.

وقد لخّص الفيلسوف الألماني إيمانويل كانت هذا المعنى بقوله:

“الحرية هي أن تطيع القانون الذي تضعه لنفسك.”

والقانون هنا ليس بالضرورة قانونًا شخصيًا فرديًا، بل يشمل المبادئ والقيم التي نؤمن بها: دينًا، أخلاقًا، أو أعرافًا مجتمعية.

انظر مثلًا إلى إشارات المرور:
نقف عند الأحمر، ونسير عند الأخضر، دون أن نحتج أو نغضب… لماذا؟
لأننا نؤمن أن هذا “القيد” وُضع لمصلحتنا، واتفق عليه المجتمع، ونحن جزء من هذا العقد الاجتماعي.

👈 الحرية في الواقع:

بين الحجاب والسفور

لنأخذ مثالًا واقعيًا شائعًا في المجتمعات المتنوعه:
• امرأة اختارت السفور، وتخرج إلى الشارع دون حجاب، مقتنعة بهذا الخيار.
• وأخرى نشأت على الحجاب، وارتضته عن إيمان داخلي.

الحرية الحقيقية هي أن تُترك كل واحدة لقناعتها.

لكن عندما يُجبر أحد الطرفين على مخالفة قناعته — سواء بخلع الحجاب أو بفرضه — يتحوّل الأمر من حرية إلى اضطهاد.

نفس هذه السافرة قد تتأثر يومًا بامرأة محجبة راقية الخلق، فتبحث، وتقتنع، وتلبس الحجاب عن طواعية…
هنا فقط، يصبح الحجاب حرية لا فرضًا.
لأنها اختارت التقييد من داخلها، لا تحت ضغط المجتمع أو السلطة.

🔹 الحرية والإيمان: التزام نابع من القلب

حين يقرر المؤمن أن يلتزم بأوامر الله، ويُصلّي، ويبتعد عن الحرام،
فهو — في الظاهر — مقيّد،
لكن في جوهره حرّ تمامًا، لأنه اختار هذا الطريق عن قناعة وحب.

أما من يُجبر على التدين تحت تهديد أو إكراه،
فهو مجرد “عبد مكرر”، لا “مؤمن حر”.

وقد بيّن القرآن هذا المعنى بوضوح، حين قال الله لنبيّه ﷺ:

“أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين؟”
“فذكر، إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر.”

الإيمان الحقيقي لا يقوم على القسر، بل على الحرية.
لذلك قال بعض الفلاسفة:

“إلهي، عبدتك لأنك أعطيتني الحرية أن أكفر بك.”

🔹 الحرية… مسؤولية لا فوضى

الحرية ليست الفوضى.
ليست أن أشرب الخمر، أو أحتقر القيم، أو أسيء للآخرين وأقول “أنا حر!”
بل أن أفهم خياراتي، وأتحمل نتائجها، وأعرف متى أقيّد نفسي… ومتى أرفض.

وقد عبّر المفكر الجزائري مالك بن نبي عن ذلك بقوله:

“الحرية لا تعني أن نعيش بلا قيد، بل أن نعرف ماذا نُقيّد… ولماذا.”

وهذا التقييد لا يُبنى في يوم وليلة، بل هو حصيلة رحلة طويلة من التربية، والتعليم، والبيئة، والأصدقاء، والمجتمع… والدين.
فالدين – حين يُفهم ويُعاش بصدق – يغرس في الإنسان رقابة ذاتية لا تنام،
يعلمه أن هناك ربًا يراه، حتى حين لا يراه أحد،
وأن هناك حسابًا، حتى لو غفل عنه القانون.

فحين تتربى النفس على أن الله يراك، وأنك ستُسأل عن كل فعل وقول، يصبح التقييد الذاتي جزءًا من تكوينك، لا ثقلاً عليك.

وهكذا، يصبح الإنسان حرًّا لا لأنه يفعل ما يشاء، بل لأنه اختار بإرادته أن يسلك طريقًا يرضي ضميره، ويرضي اسرته و مجتمعه، ويقربه إلى ربه.

👈الخلاصة:
• الحرية عكس المفهوم السائد … الحريه هي قيد و لكن تضعه باختيارك
• الحريه هي ان تختار بماذا تقيد نفسك … هل ستقيد نفسك بأوامر الله و اخلاق و عرف المجتمع ... ام ستقيد نفسك بشهواتك و رغباتك ..
• الحرية الحقيقية هي أن تقيّد نفسك بقناعة، لا أن يُقيّدك غيرك بالقوة.
• الحرية تبدأ من الداخل، وتنضج بالوعي، وتنضبط بالأخلاق.

وفي النهاية،
الحرية ليست أن تصرخ “أنا حر!”

بل أن تصبح إنسانًا ناضجًا، مسؤولًا، يحترم نفسه… ويحترم
الآخرين
 
طرح راق أخي الكريم
بورك فيك
 
توقيع أم إسراء
شكرًا على هذا الطرح العميق و المعبر
تناولك لمفهوم الحرية من زاوية الإيمان

مشكور على الموضوع
 
توقيع ام أمينة
شكرًا على هذا الطرح العميق و المعبر
تناولك لمفهوم الحرية من زاوية الإيمان

مشكور على الموضوع
بورك فيك على الرد القيم
 
العودة
Top Bottom