مدونة يوسف لقصص الأطفال🌈

الغراب، والطيور الجميلة

في غابةٍ خضراءَ بعيدة، كان يعيش غرابٌ أسودُ الريش يُدعى غُروب.
كان كلما مرَّ بين الطيور الجميلة سمعَ همساتٍ وضحكاتٍ خافتة:

_"انظروا إلى ريشه الأسود، وشكله المريب!"
"كم هو غريب بيننا، وصوته مخيف ومنفر!"

فيخفض غروب رأسه خجلاً، ويغادر سريعًا إلى شجرةٍ بعيدة.
لم يكن يكره أحدًا، لكنه كان يكره لونه الذي يراه سبب حزنه.
كان يقول في نفسه:

_"ليتني كنتُ كالعصافير الملونة، لكنني وُلدت هكذا، فما ذنبي؟"

مرَّت الأيام، وجاء الشتاءُ القارس يحمل بردًا وثلوجًا بيضاءَ غطّت كل شيءٍ في الغابة.
تجمدت الأغصان، واختفت الحبوب تحت طبقات الجليد.
بدأت الطيور الجميلة ترتجف جوعًا وبردًا، وهي تهمس بخوف:

_"لن نجد طعامًا بعد اليوم، سنهلك لا محالة!"

لكن غروب كان هادئًا مطمئنًا، فقد كان منذ الخريف يراقب أماكن الطعام، ويخبئ الحبوب في تجاويف الصخور وتحت الجذوع.
وفي تلك الليلة الباردة، سمع نداءً ضعيفًا من بعيد:

_"غروب... ساعدنا، لا نجد ما نأكله، ونكاد نتجمد من البرد!"

طار الغراب بخفة، وقف فوق غصنٍ مكسوٍّ بالثلج، وصاح بصوتٍ قوي:

_"يا إلهي! أنتم على حافة الهلاك!" لا تقلقوا يا أصدقائي! أعرف أماكن الطعام، اتبعوني!"

نظرت الطيور إليه بدهشة، لم تصدّق أن الغراب الأسود سيقودها، لكن الجوع غلب الخوف، فتبعت خطواته واحدةً تلو الأخرى.

طاروا خلفه بأجساد منهكة، حتى وصلوا إلى مكانٍ بين الصخور، وهناك كانت الحبوب والثمار تنتظرهم!
نقر غروب بمنقاره الثلج ليكشفها وقال مبتسمًا:

_ "كلوا واشبعوا، فالدفء في البطون أجمل من الريش في العيون!"
خجلت الطيور من كلامها الجارح، وأكلت حتى امتلأت بطونها، ثم اجتمعت حوله وقالت بامتنانٍ صادق:

_ "يا غروب، لقد أنقذت حياتنا! أنت أجملنا قلبًا وأذكانا عقلًا!" ومنذ ذلك اليوم، لم يعد أحد يسميه الغراب الأسود، بل صاروا جميعًا ينادونه بمحبة: غروب، مُلهم الأفكار وأجمل القلوب!"

مشم سعاد
mechem souad
file_00000000b264720ca21d712f47b330e6 (1).webp
 
كالعادة قصص مميزة و مشوقة و فيها عبرة
بارك الله فيكِ
 
توقيع ام أمينة
مبدعة كعادتك اختي ذكريات بورك في قلمك المبدع
 
العودة
Top Bottom