بين تجربتي الجزائر وماليزيا دروس وعبر

  • كاتب الموضوع كاتب الموضوع BILAL_alg
  • تاريخ النشر تاريخ النشر
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

BILAL_alg

:: عضو منتسِب ::
بين تجربتي الجزائر وماليزيا دروس وعبر
مسعود ديلمي


2008/08/28
empty.gif

تحتفل ماليزيا بلد الأعراق والثقافات المتعددة بعيد استقلالها الخمسين، وكفاح الماليزيين غير معروف مثل ما هو الحال مع المهاتما غاندي في الهند، لكن الذي حققته ماليزيا جدير بالتنويه، فبعد ما كانت عند استقلالها من بين أفقر دول العالم، أين كان انتاجها الداخلي الخامPIB ، على أساس القدرة الشرائية، يماثل دخل غانا ومصر، لكن اليوم تعتبر ماليزيا من أوائل الدول في العالم من حيث النمو، إذْ يعادل ثماني مرّات دخل غانا، وضعفين ونصف من دخل مصر، وتمّ تقاسم فوائد هذا النمو بالقضاء على الفقر، حيث استطاعت ماليزيا تحقيق محو الفوارق وتحقيق تقارب بين المجموعات العرقية، الأقلية الصينية التي كانت مسيطرة والأكثرية المالية التي كانت تعاني الفقر والتهميش. واجهت الدولة الماليزية عند استقلالها ثورة شيوعية لكنها تصرفت بحكمة بأن عملت على ربح قلوب وضمائر جماهير الفلاحين بتوزيع عادل للأرباح للحد من المأساة التي تصيب المدنيين العُزَّل. ماليزيا التي ليست لها موارد طبيعية استطاعت الخروج من التخلف عكس الدول التي تملك البترول والثروات المعدنية الأخرى مثل الدول العربية والإفريقية ودول أمريكا اللاتينية وأخرى بالقارة الآسيوية، والتي تنعدم بها المساواة في الدخل، بحيث تستحوذ أقلية، بحكم تواجدها أو قربها من السلطة، دون عامة السكان.
وكان نجاح ماليزيا الاقتصادي نابعاً من كونها استفادت من تجارب جيرانها إذ ْ تبعت نموذج الدول الأكثر كفاءة في أسيا، عكس الكثير من المستعمرات السابقة التي عملت بعد استقلالها على التخلي عن ماضيها واتجهت صوب الاتحاد السوفييتي لتطبيق الاشتراكية والشيوعية. لقد استثمرت ماليزيا في التربية والتكوين، والتكنولوجيا، وشجعت الادخار، وقامت ببرامج تفضيلية لصالح بعض فئات السكان، وقامت بتطبيق سياسة اقتصادية مؤكدة تعتمد المكرو ايكونوميك . واعتمدت ماليزيا أساسًا على الاستثمار العمومي أي على الدولة، بعيداً عن التأثيرات الإيديولوجية مما حقق لها نجاحًا اقتصاديًا باهرًا، وتعاملت مع النصائح الخارجية بطريقة واقعية (براغماتية) قبولا أو رفضًا، فأثناء الأزمة المالية لعام 1997 التي ضربت آسيا، رفضت ماليزيا إتباع سياسة صندوق النقد الدولي، فلهذا كانت أقل الدول تأثرًا، لقد ساعد في خروجها من الأزمة عدم خضوع شركاتها للديْن وعدم حلها للشركات المفلسة مثل ما وقع عند جيرانها، بل دعمتها، فلو اتبعت نصائح صندوق النقد الدولي لدمرت اقتصادها وخسرت نسيجها الاجتماعي الذي بنته خلال الأربع عقود التي خلت.
يقول جوزيف ستغليتز الأستاذ بجامعة كولومبيا بأمريكا وصاحب جائزة نوبل الاقتصاد 2001: 'نجاح ماليزيا يستحق أن يدرس ليس فقط لأنها تعطينا مقادير الرفاهية الاقتصادية، ولكن أيضاً تعلمنا العيش الجماعي بتسامح وباحترام، وتقاسم إنسانية مشتركة، وتنسيق الجهود لأجل أهداف موحدة.' وفي هذا الأسبوع تحتفل الجزائر بذكرى 46 لاسترجاع استقلالها بعد ثورة مسلحة دفع فيها الشعب ثمنا غاليًا ليسجلها بدمائه مع أهم ثورات التاريخ المعاصر، لكنها جاءت فريدة من نوعها بمنهجها النضالي، غنية في مبادئها، وكبيرة في طموحها، لا هي ثورة ضباط جيش نظامي مثل ما وقع في مصر عام 1953 على يد الضباط الأحرار، ولا هي ثورة طبقة اجتماعية مثل العمال البلشفيين في روسيا سنة 1917 بقيادة لينين الحزب الشيوعي، أو في الصين التي اعتمدت ثورتها بقيادة ماوتسي تونغ زعيم الحزب الشيوعي على طبقة الفلاحين، ولا هي ثورة رجال الدين مثل ما وقع في إيران سنة 1979... بقيادة الخميني. فالثورة الجزائرية أشعلتها مجموعة من الشباب، من مختلف المستويات الاجتماعية، تربوا في المدرسة الوطنية لحزب الشعب المؤمنة بضرورة استرجاع الجزائر لحريتها بقوة السلاح، بتحرير الأرض التي اغتصبتها فرنسا الاستعمارية.
كانت الجزائر عند استقلالها في 1962 تعيش وضعًا اقتصاديا واجتماعيا مأساويا، لقد كان هناك مجتمعان مختلفان: مجتمع الأقلية الأوروبية المتحكمة في الاقتصاد المبني على الفلاحة المتطورة والموجهة خصيصا للاستهلاك بفرنسا، وعالم قروي يعيش المأساة بفلاحة بدائية لا تكفي إشباع البطون الجائعة، أمّا الصناعة تعتمد على تحويل المنتوجات الزراعية وبعض الورشات. وبعد الرحيل الجماعي للأوروبيين تحت ضغط منظمة الجيش السري التي مارست الأرض المحروقة، وبدرجة أقل ضغط جبهة وجيش التحرير، أصبحت الإدارة مشلولة، والبنوك منهوبة، والمصانع والمدارس محروقة، ولم تسلم المكتبة الجامعية من ذلك. هذا الرحيل ترك الدولة عاجزة عن ملء الفراغ، فعلى سبيل المثال لا الحصر كان يوجد بالجزائر في هذه الفترة مهندس معماري واحد ضمن مجموع السكان البالغ 10 ملايين نسمة. ضف إلى ذلك عودة أكثر من مليوني لاجئ بتونس والمغرب.
والفريق الذي حكم البلاد بعد الاستقلال كان يتشكل من مناضلين، وعسكريين، وطلبة، وعمال، ليست لهم خبرة في التسيير، وليست لهم إستراتيجية واضحة نحو المستقبل في جميع الميادين، وكذلك تصارعهم على السلطة أدى إلى إقصاء الكثير من الرجال الأكفاء والنزهاء، واحتكار السلطة من قبل مجموعات كانت تظن أنها معصومة وذات رسالة، إلى أن أصبحت تتصرف مثل الطرق الباطنية في تقاسم خيرات باسم الثورة والشهداء...
وبعد رحيل الأوروبيين تم تأميم الأراضي البالغة 2.5 مليون هكتار وطبق عليها التسيير الذاتي لكن الدولة فشلت في تحقيق الاكتفاء الذاتي فأصبحت الجزائر تستورد كامل غذائها، مما يهدد أمنها. لقد عجزت الدولة في إيجاد حلول ناجعة في تسيير هذا الكنز الثمين الذي ضاع منه الكثير بالبناء فوق الأراضي الخصبة، إنها جريمة في حق الأجيال القادمة.
منذ الاستقلال اعتادت الدولة على تخصيص نسبة كبيرة من ميزانيتها للدفاع الوطني على حساب القطاعات الأخرى، و كان السبب في ذلك ما تقتضيه حماية الدولة الفتية خاصة بعد حرب الرمال التي وقعت إثر الغزو المغربي للأراضي الجزائرية في 1963 بأن تم رفع ميزانية الدفاع لتبلغ 10' من الناتج الداخلي الخام، واستمر الحال كذلك في المراحل اللاحقة. وبعد وصول بومدين إلى الحكم طبقت الدولة شعار صناعة التصنيع lindustrie industrialisante بالاعتماد على الصناعة الثقيلة والتي تسمح بدورها ببروز صناعات خفيفة، وأيضًا التقليل من الاستهلاك. وكان تطبيق هذه السياسة الاقتصادية لبعث حركية تنموية، لكن على حساب الفلاحة. إنه خطاب عقلاني مغر كان منظراه الفرنسيين فرنسوا بيرو وجيرارد دستان دبرني، اقتنع به هواري بومدين في السبعينيات. كما سمح الريع البترولي بعد التأميم سنة 1971 إلى دفع الاستثمار حتى بلغ 50' من الناتج الداخلي الخام في 1973، ولقد انتهجت الدولة طريق استيراد المصانع الجاهزة المفتاح في اليد، قابله عدم التحكم في التكنولوجيا، وضعف في التسيير، وغياب الإطار البشري المؤهل، ويضاف إلى كل هذا أن الدولة هي التي كانت تحدد الأسعار والرواتب، وكمية الإنتاج، وتدعم المواد الأساسية مما خلق التبذير والتهريب والسوق السوداء. وتغطي عجز المؤسسات الخاسرة... لكن مع هبوط أسعار النفط وانخفاض قيمة الدولار خاصة منذ سنة 1986، أصبحت الدولة عاجزة عن مواصلة الاستثمار، مما دفعها إلى التخلي عن الكثير من المشاريع التنموية، فمشروع مترو الجزائر بدأ العمل فيه منذ 20 سنة ولم يكتمل بعد، ويماثله مشروع سد بني هارون بالشرق الجزائري...الخ. لقد وصلت الدولة إلى حد عدم القدرة على دفع رواتب المتقاعدين والعمال لمدة شهور، مما أجبرها على تجرع بمرارة وصفة صندوق النقد الدولي سنة 1994 بإعادة هيكلة ديونها، فطبقت سياسة غلق مئات المؤسسات الاقتصادية وتسريح عمالها. وكانت الدولة قبل ذلك عرضت بيع أملاكها بالدينار الرمزي، فاستفاد منه الكثير من رجال السلطة ومن يدور في فلكها. ولا يخف على أحد أنّ الكثيرين منهم يتصرفون مثل معمري الأمس في استغلال الفراغات القانونية، وباستعمال النفوذ، والتأثير على السلطات العامة محليا ووطنيا، كما أن أكثرهم لا يدفع الضرائب للدولة ويستفيدون بالقروض بدون فائدة...
كما أنّ المنظومة التربوية أصبحت تخرج أنصاف المتعلمين، ومصنعًا لتخريج العاطلين، فالتقديرات غير رسمية تعطي نسبة 30' من السكان القادرين عن العمل في بطالة. والتوازن الجهوي الذي كان ينشده بومدين أصبح مجرد ذكرى، فعدا منطقة متيجة الواقعة بين الجزائر العاصمة والبليدة، والممتدة من بومرداس شرقًا إلى تيبازة غربًا تعيش حركية اقتصادية، أمّا إذا انتقلنا إلى المناطق الأخرى والقريبة من العاصمة مثل مناطق المدية، وعين الدفلى...كأننا انتقلنا إلى دولة أخرى أو جزائر ثانية مختلفة، تعيش المأساة، فقراً مدقعاً، وهياكل منعدمة، وشباباً بدون أفق...
ويتفق الكثيرون أن كل هذه الأمراض ناتجة عن غياب ديمقراطية حقيقية تسمح آلياتها للشعب بمراقبة حكامه على كل المستويات. هذا الاحتقان أدى إلى بروز التعبير العفوي الممثل في المظاهرات الشعبية في 1985 بتيزي وزو، وفي قسنطينة عام 1986، وفي كامل أرجاء البلاد عام 1988 لتفضي إلى انفتاح سياسي. لكن هذا الانفتاح تم تشويهه من قبل أطراف في السلطة وأخرى من المعارضة، فنشأت معارضة راديكالية باسم الإسلام رفعت شعار الإصلاح ليتطور إلى عملية تدمير للدولة لأنها غير إسلامية في نظرهم، ومعارضة لائكية تشكك في هوية الشعب وثوابته... واليوم تتكرر الاحتجاجات العفوية من حين لآخر، في المدن، وفي القرى، وفي عمق الصحراء، ويدلّ هذا على غياب قنوات التعبير السلمي وانعدام الثقة بين الشعب والنخبة الحاكمة. ومن هنا يرى المواطن العادي أنّ حكامنا فشلوا في تجسيد القيم التي ضحى من أجلها الشهداء وهما ضمان كرامة وحرية الشعب، وتحقيق العدالة والمساواة بين أفراده. فهل يتذكر الجزائريون اليوم وصية قائد منطقة الشمال القسنطيني في بداية الثورة البطل ديدوش مراد لرفاقه، وهو يحمي ظهورهم أثناء انسحابهم، بعد أن أدرك أنه سائر إلى الشهادة لا محال، فقال كلمته الأخيرة: 'دافعوا عن ذاكرتنا'.


..عن جريدة القدس العربي
 
شكرا بلال لجلبك هذا المقال
والله قد أمتعتني به لدرجة أحسست أنني سأعلن الحرب والتمرد :angry: من وراء الشاشة :huh:

قد ذكر صاحب المقال شئ هام:
::::::::

بأن عملت على ربح قلوب وضمائر جماهير الفلاحين بتوزيع عادل للأرباح
::::::::

وقد تصرفت هذا التصرف وهي
تعاني الفقر كما فهمت من المقال :blink:

يكفيني هذا لن أزيد


 
شكرا ياسين على ردك القضة قضية رجال هنا المشكل الفرق بين رجال ماليزيا ورجال الجزائر .
 
شكرا ياسين على ردك القضة قضية رجال هنا المشكل الفرق بين رجال ماليزيا ورجال الجزائر .


اهلا بلال

أقول لك شئ أو أحكي لك حكاية
ذات مرة كعادتي أتصفح النت دخلت إحدى المنتديات فوجدت أشخاص في نقاش
أعجبني النقاش
كان النقاش على أحد المواضيع
لماذا كتب الموضوع بلغة الإنجليزية
فرد عليه الثاني والثالث قالو له يا أخي لماذا كتبته بلغة الإنجليزية لن يستطيع أحد فهمه
أتعرف ماذا كان رد الكاتب عليهم
لست مسؤل عن جهل الآخريين إن لم يتعلموو

وهنا كما ترى قد دخل عليهم من طريق سد فيه النقاش
كما فعلت أنت بردك هذ
ا القضة قضية رجال
شكرا بلال
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top Bottom