صرت تصلي زي ماما؟؟...........

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

lina20

:: عضو مُشارك ::
إنضم
19 ماي 2008
المشاركات
429
نقاط التفاعل
99
النقاط
17
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



اليوم كنت اتصفح كعادتي في احدى المواقع ولفتت نظري قصة وعندما قراتها فاذا هي طويلة قليلا ولكن رغم ذلك لم استطع ان اتركها الى بعد ان انهيت اخر حروفها لشدة ما اعجبتني واثرت بي

لن اطيل عليكم

اترككم مع القصة




الجزء الأول


السلام عليكم ورحمة الله ..

قبل حوالي عقدٍ من الزمان .. ابان دراستي الجامعيه .. وفي نهاية المستوى الثاني تقريبا" .. التحقت كطالب متدرب .. بأحدى المؤسسات الصـُحـُفيه ..

ومع مرور الايام .. مارست العمل الصحفي .. بمهنيه احترافيه .. خرجت منها بخبرات عظيمة .. وعلاقات لازلت ادين للفضل ببعضها.. حتى يومنا هذا .

وخلال تلك الفتره خالطت علية القوم ومتوسطيهم .. ساستهم وعلمائهم .. فنانيهم ولاعبيهم .. ادبائهم واطبائهم ..

و زاملت اقلاما صـُحـُفيه .. متعددة المشارب والمواهب والتوجهات .

وكان ضمن من زاملتهم .. بطل قصتنا هذه ..

( صديقي ) .. هذه كلمته لي .. كلما رأني .. !!

اقول له احيانا" ممازحا" .. انا اخيك .. فيرد بل انت ( صديقي ) ..!!

لذلك سأطلق عليه .. خلال سرد احداث هذه القصه .. لقب ( صديقي )

كان ( صديقي ) الاعزب .. معروفا" بيننا بأناقته المفرطه .. وعطوره الباريسيه .. وحبه الشديد للتفرنج ..

كنا نجتمع كطاقم تحرير .. ظهيرة كل يوم .. على طاولة مستديرة .. لتجهيز المادة الصحفيه التي ستصدر من الغد .. وحين يراني قادما" الى مكان الاجتماع .. يشير الي بأصبعه .. قائلا" : الى هنا ياصديقي .. لو لم يكن لك من مكسب في الجلوس بجواري ..

الا عبق روائح ايف سان لوران .. حتى ان رئيس التحرير اذا شاهده .. يسير في احدى الردهات .. ناداه بصوت مسموع .. ( حيا الله قزاز ) نسبة الى اشهر بائعي العطور في المملكه ..

كثيرا" ماكان يردد ( صديقي ) .. بأنه غربي الهوى .. عربي الجوى
فهو ناقم وبشده على مايعيشه مجتمعه من تحفظ .. وتقليديه وانطواء .. ورجعية ( على حد تعبيره )

يعشق نزار قباني حد الثماله .. ولا يترنم ويطيح برقبته يمنة ويسرة الا على أغاني فيروز
يقرأ لنجيب محفوظ .. وفاروق جويده ..

يملك ( صديقي ) من الخصال .. ما لاتجده متوافرا" في رجل واحد
خلوق ذو ابتسامه لاتفارق محياه .. ذكي ونبيه .. يحتكم على قلما" سيالا" .. واسلوبا" ادبيا" رفيعا

الا ان مشكلة ( صديقي ) العظمى .. والازليه .. والتي تصيبه بالاكتئاب المزمن ..

انه لايحب ذوي ( اللحى ) ..

يمقتهم ويصرح بذلك علنا" .. وعلى رؤوس الاشهاد ..

لايمكن ان يمر يوما" ما .. دون ان يشذ ب .. في رجال هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .

دائما" مايردد عنهم .. انهم حجر العثرة الصماء .. على طريق سيرنا نحو الحضاره .

بصدق ..
لم اشهده ابدا" .. يدخل الى مصلى المبنى الذي نجتمع تحت سقفه ..

اظنه كان لايؤدي الصلوات ..

كنا نناصحه .. فيقول لنا : ( ومن قال لكم اني لا اصلي .. الايمان هاهنا .. ويشير الى الجهة اليمنى من صدره لا اليسرى.. امعانا منه في السخريه ) .

اذا خرجنا هو وانا .. لوحدنا .. يفضفض لي .. عن مايكنه جوفه من هموم وافكار ورؤى ..

مما يجعلني اشعر .. بمدى سطوة الشيطان على افكاره ..!!

بدات أتقرب منه أكثر .. شيئا" فشيئا" .. في محاولة مني لتذكيره بالله وبرسوله واليوم الاخر .. فلم اجد منه الا قلبا" صلدا" ..واذنا" صماء ..

في يوم ( اثنين ) شتوي .. شاهد احد الاخوة السودانيين العاملين في الاقسام الفنيه بالجريده .. .. مارا" من امام مكتبه ..فدعاه الى تناول قدحا" من شاي .. شكره السوداني معتذرا" بانشغاله .. وعندما اصر ( صديقي ) .. اعتذر الضيف بلباقه .. وقال ( انا صائم )

بـُهـت ( صديقي ) .. وقال : وهل نحن في شهر صيام .. حتى تحرم نفسك . لذة شراب ساخن .. في جو قارس البروده .. !!

ساسألك .. قالها موجها حديثه للسوداني ..

هل يمكن ان تـُعفى عن صيام يوم .. في رمضان !! ؟ اذا ليكن عطائك بقدر مكسبك .. يكفيك ثلاثون يوما في العام يازول .. !!

لم نزيد السوداني وانا على قولنا .. هداك الله .. وخرجنا .

حينما كنت.. اقرأ كتابات ( صديقي ) .. غير المنشورة طبعا" .. اشعر بقشعريره . تسري في بدني ..

أي قلم يجرؤ .. على كتابة مثل هذا .. !!؟ فلا اتمالك نفسي .. واؤنبه .. بل واهدده .. !

فلم يكن يزيد على قوله : لاتعجل ياصديقي .. سيأتي ذلك اليوم الذي .. تجد ماتقرأه هنا .. نزقٌ .. امام ما سيـُنشر .

وكان زماننا ذاك .. في بداية .. ظهور زمن الاطباق الفضائيه .. اوماكنا نسميه بـ ( البث المباشر ) ..

خوفا" .. على فكري وديني .. نفذت بجلدي .. واصبحت اتحاشا .. الجلوس معه .. او التقرب منه . وأبديت له شيء من جفاء فقد اخذ اليأس طريقه الى نفسي .. من عودة ( صديقي ) الى جادة الصواب ..

شعر هو بذلك ..

فكان كلما رأني .. يقول .. لن تبرح ان تكون ( صديقي ) !!

ارد عليه بأبتسامة باهته .. وفي داخلي اقول (( اللهم رده اليك ردا" جميلا ))

بعد عدة اشهر ..

كنت اسير في احد الشوارع التجاريه .. المكتظه بمحلات الازياء .. واذا ببصري يقع على ( صديقي ) على قدميه وبجواره فتاه ..تلف ساعدها الايسر حول يمناه .. وتحمل في يمينها عدد من الاكياس المليئه بالمشتريات ..

لم تكن تلك الفتاه .. متحجبه بالشكل الذي نعهده نحن في نساء بلادنا .. فحجابها لايكاد يغطي عشر وجهها !!

وكعادتنا نحن السعوديين .. حينما يشاهد احد منا صديقا" له .. ومعه اسرته .. فأنه يتحاشا اللقاء به مباشرة .. !!

وهذا مافعلته .. اتحت له الفرصه ليكون لقاءنا وسلامنا منفردا" .. مسترجعا" بذاكرتي ..

متى اقدم هذا ( الصديق ) على الزواج .. !!؟

الا انه رفع عقيرته .. مناديا" (( صديقي )) ..

توقفت .. واقبل عليّ .. وهو في ذات الوضع مع تلك الفتاه .. !!

ومع اقتراب خطواتهما مني .. وهي بجواره .. بدأت اشعر بتعرق جبيني ..وكفاي !!

مد يده مصافحا" .. ومعانقا"

كيفك .. !؟ قالها لي .. !!

يمم وجهه شطر صاحبته وقال : اعرفك على خطيبتي .. ( فلانه الفلاني ) ..

و مدت هي يدها نحوي .. للسلام ..


~ . ~ . ~ . ~ . ~ . ~


 
الجزء الثاني


شعرت بالارتباك .. وازداد تعرق جبيني .. وكأنني اقف تحت شمس حارقه .

تزامن مدها (الجريء ) ليمناها .. بقصد السلام ..

مع صوت بالكاد يسمع لـ ( طقطة ) لبان بين فكيها ..

فاشمئزت نفسي ..


مددت يدي ..


وبعنف ..


نحو ذراع ( صديقي ) .. وتنحيت به جانبا" .. !!


من هذه الفتاه .. !؟ قلتها له .
الم اقل لك انها خطيبتي .. !؟ هكذا اجاب .

قلت له : اظنك تقصد ان تقول ( قرينتي ) .. فقد تم عقد قرانك عليها .. ولم تدخل بها بعد . .!

تبسم .. وقال لا .. لا .. اعي ماترمي اليه .. ياصديقي المتخلف ..
عقد القرآن.. سيكون بعد اختبار مشاعر كل منا نحو الاخر ..!!!

شعرت بان اوداجي قد تورمت ..

ولكن يـا ( صديقي ) .. انت هنا تجاوزت كل الخطوط الحمراء .. منها والسوداء .

شرعا" .. وعرفا" .. وسلوكا" انت مذنب .

من اباح لك الخروج والانفراد بها .. وبهذا الشكل الموغل في ازدراء المحيطين بك .. ؟

قاطعني ..

دع عنك نصائحك الذهبيه .. ووفرها الى ان نلتقي في الجريده .

وهناك ساشرح لك الامر .
والان دعني اذهب قبل اغلاق المتاجر لصلاتكم !!!

تأبط ذراعها .. وغادرا
وفي القلب منه حسره ..


انتظرت قدوم اليوم التالي .. بفارغ الصبر
بحثت عنه حتى وجدته ..

حين شاهدني .. بادرني .. مرحبا" بـ ( الرفيق ) ..

هززت رأسي .. لايهم ( صديق ) او ( رفيق ) ..

اخذته الى حيث لا احد .. وعلمت منه .. ان تلك الفتاة هي ابنة احد اشهر من عـُرف عنهم .. حب التأمرك ..

واهم دعاة التغريب .. وخروج المرأه
وانها بالفعل خطيبته .. وخروجها معه بموافقة .. ذويها ..

وانه لامانع لديهم .. طالما انهم يثقون في ( صديقي ) .. ونواياه حسنه .

بل انها تلقى التشجيع .. من والدها شخصيا" ..

بعد ان ادلى بكل هذه المعلومات ..

حاولت ان ابين له .. خطأ مايذهب اليه ..

وان الشيطان حريص على اغوائه ..

تبسم قائلا" :
" لازالت الرجعية ..

تعشعش بين زوايا فكرك ياصديقي .. "

حينها فقط ..

شعرت بأنني فعلا" أشفق عليه ..

(( اللهم رده اليك ردا جميلا )) .. هكذا تمتمت ..

استاذنته وغادرت ..

بقينا ( صديقي ) وانا ..

في مد وجزر .. على مستوى العلاقات الشخصيه ..

اكن له شفقة وخوفا ..

و يحمل لي محبه وتقديرا .. اشعر بها من خلال تعامله معي .. !!


ذات مره ..و في مناسبة عشاء
وبعد ان انتهينا من تناول الطعام .. تقابلنا امام مغاسل اليدين ..

فقد كان هو على يميني .. وعلى شمالي أخ ( ملتح ) ..


نظر اليه بتعجرف .. وهو في طريقة الى مغادرة المكان .. وهمس لي .. ( كم اكره هذه اللحى ) . !!

اذا" فأنت تكره محمد عليه السلام وصحابته ..!! هكذا رميت بها على مسامعه .

ارتبك .. وقال انا لا اقول بهذا ..

ولكنك تكره سنته واوامره .. وهذا يعطي انطباعا" بانك تكرهه ..
فلو كنت تحبه صادقا" .. لأقتديت به ..

وفي اقل الاحوال لصنت لسانك عن الاستهزاء بأتباعه ..

استشف من حديثي الجفوه والغلظه ..

فغير مسار الحديث ..

كرهت البقاء .. وغادرت .

شاء الله .. ان انهي علاقتي .. بتلك المؤسسه الـصُحـُفيه ..
وان اغادر الى موقع اخر ..

وبقيت ذكرى ( صديقي ) .. ومواقفه المؤلمه .. تدور في مخيلتي ..

كان في داخلي صوت ينادي .. بأن لاتدعه للشيطان !!

وكنت كلما قرأت له .. اعجب بأسلوبه .. واتذكر جميل اخلاقه .. فأدعو له :
(( اللهم رده اليك ردا جميلا )) .

تقطعت بنا السبل .. ونأت بنا الايام ..

ونسيت ( صديقي ) .. وهو كذلك .. نسيني .

فمن بـعُد عن العين .. نسيه القلب ..

وانشغل كلٌ منا بحياته .. ولم اعد اعلم .. ماالذي انتهى امره اليه .. هو وصاحبته .

الا انني كلما التقيت .. بأحد ممن زاملنا .. وسألته عنه
قال لي : هو بخير .. ( ولازالوا في طغيانهم يعمهون ) ..

مرت سنوات ..

وذات يوم .. وبينما كنت منهمك .. في عمل ما .. بحضور جمع من الناس ..

اذا بصوتٍ يأتيني من الخلف ومن صوب كتفي الايمن .. هامسا" ..

(( مرحبا" ياصديقي ) ) ..

التفت بدهشه .. فالصوت قد لامس مسمعي .. وهو ليس بغريب على طبقات اوتار اذني ..

فاذا انا بصاحبي ..

عقدت الدهشة لساني ..

ولم أمد له يدي مصافحا" ..


~ . ~ . ~ . ~ . ~ . ~
 
الجزء الثالث



الجمتني الدهشه ..

وشعرت بأن خلايا المخ لدي .. قد تاخرت للحظات في نقل التوجيه .. الى تفكيري ..

فلم اعد ادرك مالواجب علي فعله .. !

حساسية المكان .. واهمية الزمان .. الذي التقينا فيه .. وهول المفاجأة
تواكبت جميعها .. لتشل قدرتي على اتخاذ القرار المناسب .. !


التقت عيناي .. بعينيه !

وشعـُر هو .. بهول الصدمه والحيرة .. التي اعيشها ..

تسمر في مكانه ..

واغرورقت عيناه .. بدمعة حرى صامته .. جامده !!

فلا هو بالذي مسحها .. !!

ولا هي بالتي .. انسكبت على خده ..!

لم امد له يدي مصافحا" .. ابدا" .. ابدا"

فما تلك اللحظة .. بلحظة التقاء الاكف فقط ..

بل هي لحظات التقاء القلوب ..

شرّعتُ له .. ذراعيّ الاثنتين ..

وما كاد يراها وقد شـُرّعتْ

الا وارتمى بكل ما اوتي من قوة ..

والتفـّتْ يمينه لتلقي شماله .. حول كتفيّ

وكأنه غريق .. في بحر لجي .. وقد وجد ضالته .

شعرت بأزيز اضلعه .. وسخونة انفاسه

وكأنما في حنجرته .. سدود وحشرجات !!

لم ينطق ببنت شفه ..

وما زال مقدار قوة احتضانه كما هي .. لم تخبو .. او تقل!

تركت له نفسي ..

ووضعت يمناي .. خلف رأسه المتعب !

واذا به يطبع قبلة .. على كتفي الايمن .. لم اشعر بأصدق منها .. من اخٍ لأخيه ..!!

رفعت رأسه ..

لأبصر وجهه ..

فاذا بأودية من الدموع .. قد تراكمت .

وسارت ..

وانسدلت ..

بتحنان بالغ ..

على خديه ..

ومن ثم ..

على ( لحية ) .. لم أرى بأجمل منها ..

قد نبتت على عارضيه ..

قال لي : وعبراته تتزافر ..

واضلعه تتنافر ..

انت ( اخي ) ..

ولست بـ ( صديقي ) ..


قبلت جبينه .. بقوة

وعانقته من جديد ..


كان الزمان .. ضحى التاسع من ذو الحجه ..لهذا العام

اشرف يوم اشرقت فيه شمس ..

وكان المكان .. في مخيم دعوي .. على ارض عرفات الطاهره ..

وكان ( أخي ) .. يلتحف ردائين ابيضين ..

كأنصع مارأيت من بياض ..

اخذته بيده ..

فأنقاد طواعية ..

وفي الطريق الى خيمتي ..

كانت دموعه تذرف بصمت ..

واصابع يسراه .. تقبض على انامل يمناي .. بكل ما اوتي من قوه !

وكاني أسير بين يديه .. يخشى هروبي !


اللهم ما اكرمك .. وما احلمك .. وما اجودك ..

اهذا هو ( صديقي )

عدو ( اللحى ) اللدود

وقد اصبح ..

صديق ( اللحى ) الودود ..


(( اللهم ردنا اليك ردا جميلا ))

دخلنا الخيمه ..

وبعد ان اسندته الى صدرها ..

حيا الله ( صديقي ) .. قلتها له .

رمقني بنظرة عتاب .. وقال :

الم اقل بأنك ( اخي ) ..

بل انت من اغلى الاخوان .. ايها الحبيب !!

مرت لحظات صمت ..

وفي قلبي شوق عارم .. لمعرفة سر تحوله ..

من ذلك المقاتل الشرس .. الى الحمل الوديع .. !!

اردت ان اسأله .. انـّـى لك هذا !!؟

لدي الف سؤال وسؤال .. اريد نثرها بين يديه .

فأثرت الانتظار .. ريثما تهدأ نفسه وتستقر مشاعره ..

وما هي الا لحظات .. حتى عاد الى هدؤه

ونظر الي .. .. وبحنكته التي اعرفها فيه ..

قال ..: لديك اسئلة كثيرة .. اليس كذلك ؟

اومأت له برأسي .. كدليل موافقه .. !

سأجيبك .. عن كل شيء ..

فقط .. عندما نعود الى مدينتنا .. وبعد ان نكمل حجتنا .. !!

بأهم حدث عرفته في حياتي .. !!

وكيف احياني الله .. بعد موتي !!

وماذا قلت لأبنتي الصغيره ..؟

ومن ذاك الذي دعاني وانا نائم ؟

فقط كن بالقرب .. وعلمّني ..

كيف احب الله ورسوله .. ؟؟

بقينا في ضيافة الرحمن .. بقية ايام الحج ..

رأيت في اخي .. لهف وشوق .. الى محبة الله .. لم اره في احد قبله ..

كان دعائه .. مصحوب بدوع الندم .. وحسرات الضياع .. !

قبيل غروب شمس يوم عرفه .. انتحى جانبا" ..

وانا ارمقه بنظرات المشفق المحب ..

وقد ستر خديه وعينيه بكفيه ..

الله اعلم .. ماذا كان يقول !!
 
الجزء الرابع




بعد انتهائنا من مناسك الحج بفضل الله ..

عدنا الى مدينتنا ..

لم نكن رفقه ..

فقد ارتبطت انا برفقاء اخرين
وغادر هو وحيدا" لرغبته .

وبعد وصولنا الى مدينتنا بيومين ..

عنّ لي .. ان ابحث عنه ..

فقد كان أمره.. مسيطرا" على جل تفكيري

ولولا شيء من وعثاء السفر

لهرولت اليه منذ لحظة وصولي !

هاتفته .. فتبين لي انه في شوق للقاء !!

اقترح هو الزمان والمكان الذي سنجتمع فيه ..

وعلى الموعد .. كنت .


شاهدته .. وكأنني لأول مره ابصره ..

سبحان الله ..

هنا شيء اود ان انقله لكم ..

(( من ادخل الله نور الايمان .. وعظمة الخشية .. الى قلبه .. ستجد فيه اختلافا" كثيرا ..

محبة الناس له تتغير و وضاءة وجهه تتبدل .. وسلوكه يأسرك .. ))



نعود ..


قرات في عينيه .. مالم اقرأه في سير العائدين والتائبين ..

الرجل الذي القاه الان .. لايمكن بأي حال من الاحوال

ان يكون هو ذات الرجل الذي كان (
صديقي
) يوما ما

في سلامه سلام .. وفي كلامه وقار .. وفي هدؤه رزانه ..
لم اعهدها فيه من قبل ..
حتى ابتسامته التي كانت جميله .. اضحت اجمل مما سبق !!

بعد مقدمات وسؤال عن الاحوال ..

بادرته ..

من قمة رأسي الى اخمص قدمي .. كلي اذان صاغيه ..!!

فهل لك ان تسترسل ..!!

ما ان تلقف هذه العبارة مني ..

حتى انشرحت اساريره .. وكأنه يريد ان يـُخرِج اثقالا جاثمة على اضلعه وما احتوت !!

قال :

لعلك تعرفني اكثر من نفسي ..

في مامضى !!

كنت اظن الحياة .. مجرد لهو وعبث ..

نصحو لننام .. وننام لنصحو
ومابين الصحوة والنوم ..
يجب ان نستغل كل (
لحيظة
) للملذات فقط ..

كانت فلسفتي في الحياه ..

استغل كل ساعات يومك .. لتسعد قلبك
!!
وكنت افعل .. ما اظنه سعاده !!

سفر .. سهر .. لقاءات عابره .. حريه ..

انطلاق دون ضوابط .. انعتاق من قيود ..

لايشيء يردعني من هوى .. طالما ان نفسي تشتهيه


اثقل ماكان يؤرقني ..

اولئك الذين كنت اراهم (
متزمتون
)

كنت اسخر من كل واحد فيهم .. حين رؤيته

لحية .. ومسواك .. وازار لايصل الى الكعبين !!

ايُ شعارٍ يتمنطقه هؤلاء !! ؟

كنت اقول في قرارة نفسي حين رؤية أي منهم ..

ايعقل ان يعيش مثل هؤلاء البشر .. في قرننا هذا

نحن في زمان ناسا و الانترنت و البلوتوث و صغر حجم الكون
وسرعة الوصول من شرقه الىغربه !!

واولئك .. لاهم لهم الا .. اطالة شعيرات وبضع سنتيمترات من قماش طال او قصر ..

(( استغفر الله العظيم )) ..

نطق بها .. وفي حنجرته غصه قرأتها بين احرف كلماته .

اخرج من صدره بضع زفرات ..

كنت احسبها .. حرّى

لم ادع عيناه .. تفلت من رقابتي

بل كنت انظر اليه بتركيز

واشعر اني يجب ان استحثه .. على اخراج كل كوامنه ..

لم انبس ببنت شفه ..

توقف لبرهه .. وكأنه سيتخذ قرار ما ..

ثم واصل حديثه ..

تزوجت .. بتلك الفتاه التي رصدتها معي ذات يوم ..

عشت بها ومعها ..

وعلى الرغم من مضي فترة ليست بالقصيره .. على خطبتي اياها

الا اننا اكتشفنا .. بعد زواجنا

ان كل منا لم يستكشف الاخر بعد ..

واتضح لي لاحقا" .. ان كل ذلك .. مجرد ((
حكايات افلام
)) ..

لااعلم من منا .. كان الجاني على الاخر ..

مضت اشهر على زواجنا .. ولم نستطع الاستمرار !!

فالحرية والسعادة التي كنت انشدها ..

تبخرت بمجرد كتابة (
عقد
) !!

اتفقنا على الانفصال بموده .. دون ان نرزق بابناء

عادت هي الى اهلها

وعدت انا الى غيي ..


بعد حوالي عام ..

اصرت والدتي على تزويجي ..

اصبح الامر لدي سيان ..

لم اتردد .. وافقتها

خطبت لي ابنة احدى الاسر العادية .. في محافظتنا

لم تكن بتلك الاسرة المتحرره ولا بالمتزمته .

بين بين ..

تزوجت بامرأه لااعرفها ..

شعُرتُ بالتخلف والانهزاميه

اهكذا خاتمتي !! ؟

دخلت بها .. دون انشراح !

في ليلتنا الاولى .. لم ترفع راسها امامي .. خفرا" وحياء"

وعهدي بمن عرفت من النساء ..

هنا وهناك ..

الصولة والجولة ..

فأعينهن تسابق عيناي !!

واياديهن تسابق يداي!!

وما ان دخلت عليها ..

وحدثتها حديث الغريب للغريب ...

حتى استأذنتي للحظات ..

فأذنت لها ..

توقعتها .. ستتجمل لزوجها

كفتاة في ليلة فرحها ..

واذا بها ..

تمد سجادتها .. وتتلتحف بدثارها

وتصلي ..


(
مطوعه
) .. الله يسامح الوالده .. أهذا وقت صلاة ..!!

قلتها في نفسي ساخرا" !!

تركتها على سجيتها .

وما ان انتهت من صلاتها ..

حتى قالت لي :

هل اوترت !! ؟؟

لم اجبها ..

مرت الايام .. وتوالت الليالي

وعلمت انه وجب علي الاستعداد .. لقدوم ضيف جديد على منزلنا .. خلال الاشهر القادمه .

كانت هذه الزوجه..

تتقرب مني كل ما ابتعدت عنها ..

تشتري رضاي .. براحتها

يخجلني .. توددها

لاهم لها .. الا البحث عن سعادتي ..

فأستحيي ان اجلب لها التعاسه .

اكتشفت ان زوجتي .. (
مطوعة
) لطيفة

بل لطيفة جدا" ..

لاحديث لها الا عن الجنة والنار ..

اجد بين ايديها كتبا" .. كلما قرأتها

غالطت نفسي .. وقلت لايمكن ان يكون هذا الا مبالغة فألقي بها جانبا"

ما ان اعود من الخارج ..

الا وتسألني .. هل صليت الظهر ..!!؟

هل صليت العصر .. !!؟


نعم نعم .. صليت ..

هذه اجابتب بتذمر ..

وانا والعياذ بالله .. لم افعلها ..

بدأت اكره لقائها .. حتى لاتسألني عن الصلاة

رزقنا بمولودتنا الاولى ..

وازدان بها منزلي ..

تشبه امها كثيرا" .. الا اني عشقتها دون امها

كبرت الصغيره الجميله

واصبحت رفيقتي .. في خروجي وعودتي

لاهم لها الا (
البقاله ومحل الالعاب المجاور
)

ذات يوم ..

هاتفني اخي ..

يريد مني الحضور اليه .. لأصطحابه الى المطار ..

كنت حينها اشعر بالارهاق ..

فالليلة الماضيه سهرت في الجريدة حد الاعياء ..

ولم اخذ كفايتي من النوم ..

اخذت طفلتي بجواري .. وذهبنا سويا" الى منزل عمها

ومن هناك اصطحبناه الى المطار

وودعته عند بوابته ..

في الطريق الى منزلي ..

وحين انتصفت المسافه ..

شعرت بشيء .. لم اشعر به من قبل .. !!

لست انا .. بالذي اعرفه عن نفسي !!

بدأت اشعر بالدوار .. !!

خفقان في قلبي !!

زغلله في بصري !!

اشعر بثقل يخدّر مفاصلي !!

حاولت جاهدا" ..

الخروج من مأزق هذا الشعور ..

غالطت نفسي ..

وبدأت انفاسي تضيق .. !

اصبحت اخرج زفير هوائي .. من فمي لا انفي .. !

العرق يتفصد من جبيني .. وخداي !

تملكني الخوف ..

سيطر علي الرعب ..

خشيت الارتطام بالسيارات التي امامي !.

ولا اراديا" .. اوقفت سيارتي الى جانب الطريق!

وقفزت الى الكرسي المجاور .

واختطفت صغيرتي ..

وجريت بها .. ملوحا" للسيارات العابره

ان توقفوا .. توقفوا !!

رتل من السيارات .. مر بي ولم يتوقف ..

وفجأه ..

توقفت تلك السياره .. واذا بي اركض نحو مقعد الراكب

لم استاذن صاحبها .. بل لم امكنه حتى من سؤالي

قلت له ارجوك .. ارجوك

اشعر بأني سأموت وهذه ابنتي ..

انقلني الى اقرب مستشفى ..

كأنه قرأ .. في عيني الرعب

( ابشر بأذن الله سأوصلك اطمئن )


كانت هذه عبارته .. التي اجابني بها ..

اطبقت على اضلع الصغيره ..

واغمضت عيناي ..

والسيارة تسير بنا .. نحو مستشفى لم احدده لسائقها ..

شعرت اني مقبل على (
الموت
) ..

وازداد ضغطي على فلذة كبدي ..

لااريد ان اشعر .. بأني قد خذلتها

وتركتها وحيده ..

(( اشهد ان لااله الا الله .. واشهد ان محمدا رسول الله ))


رددتها اكثر من مره .. وما ذاك عهدي بنفسي

حاولت قرأة شيء من القرآن ..

فاذا برصيدي لايسعفني

يا الهي .. لا احفظ منه الا الفاتحه وقصاره

حتى اية الكرسي التي سمعت بفضلها .. لا اتقفن حفظها

يالغفلتي ..

اين كنت من هذا ! ؟؟

اكثرت من الاستغفار .. بدأت اردد سبحان الله .. سبحان الله

كان همي الاول والاخير ..

ان لاوقت اضيعه ..

يجب ان اجمع اكبر قدر من الحسنات ..

يجب ان اشغل ذلك الرقيب .. الذي عن يميني بالتسجيل والتدوين ..

واحسرتا على مافرطت في جنب الله ..

هطلت دموعي .. على وجنتاي .. اسى وحسره .

مرت ايام حياتي امام ناظري كشريط سينمائي

شعرت اني كنت بعيدا" .. عن الله ..

واني قد دنوت من لحظة الحقيقه .. التي كنت اتجاهلها دوما ..

استحيت ..

بأي وجه سألقى الله ..

اين افكار (
غاندي ) و ( سارتر
) مني الان !!

اين
ترانيم نزار .. وقصص ( اجاثا كريستي
)

اين سنين ضيعتها .. في قصص وروايات وخيال ..

اين مني كل هذا .! !؟

وهذا اخر ماعهدته بنفسي ..

وعيت واذا بي .. بين يدي ذوي الستر البيضاء

احدق في لاشيء ..


~ . ~ . ~ . ~ . ~ . ~ . ~
 
الجزء الخامس


قال (
اخي
) حفظه الله وثبتنا واياه مستكملا" سرد ماجرى له من احداث :

استعدت شيء من الوعي .. ونظرت حولي .. اتفحص المكان ..

في محاولة مني للرجوع بالذاكرة الى الوراء قليلا" ..


وسألت نفسي ما الذي اتى بي الى هؤلاء .. ! !؟ اين انا .. !؟ فجأه ..

وبتصرف لا ارادي .. ضممت ذراعاي الى صدري .. !

ابحث عن شيء ماتذكرت غاليتي .. وفلذة كبدي ..!

كانت بين احضاني .. !!

اين ذهبت .. أين هي ؟ صرخت ..

اين ابنتي .. ؟ فاذا بصوتي يعود صداهـ الي مصدره ..

نتيجة كمامة اكسجين .. وضعوها على انفي وفمي معا" ..


نزعتها وبقوه ..


دكتور .. دكتور ..
هكذا كان ندائي لرجل اراه من بعيد .. يرتدي بزة بيضاء .. ويعلق على جيده سماعة طبيه ..

حضر الي ..

ولمحت فيوجهه نضاره ..

وفي ملامحه كل معاني الدعة والاطمئنان ..


سألته :

دكتور اين ابنتي .. !؟



~ . ~ . ~ . ~ . ~ . ~ . ~


الجزء السادس



سألت الدكتور :

دكتور اين ابنتي .. !؟

لاتتعب نفسك .. انت بحاجه الى الراحه .. هكذا اجابني .

شعرت بأنه لايفهمني ..

او انه لايعلم ان ابنتي كانت في حضني ..

فجأه ..

ظهر لي شاب سعودي ..

متأنق في ملبسه .. مؤدب في حديثه

وحادثني بأسمي قائلا" :

احمد الله على سلامتك يـا (
فلان
) وناداني بأسمي الاول .

اقلقتني عليك يارجل ..!! حفظك الله

لكن الحمد لله طمأنني الطبيب .. انك بخير

كل مافي الامر مجرد ارهاق .. وسيزول بأذن الله

وشقيقك (
فلان
) واسماه بأسمه .. في طريقه الينا

ابنتك معي .. ومع زوجتي .. انظر اليها هناااك

واشار بيده الى نهاية الممر الذي تطل عليه الغرفه ..

فأذا بالفلذة بين احضان امرأة متحجبه

تداعبها وبين يديها .. لعبة

اعدت النظر الى الرجل بتمعن ..

( وانا لازلت في مرحلة التأرجح بين واقعي الذي اعيشه .. وبين اخر المشاهد التي كنت اعيشها )

واذا بي امام شاب ( ملتح
) انيق .. وسيم .. مؤدب

عفوا" .. من انت ..؟ قلتها له .

انا اخوك .. عبدالاله الـ ........

الا تذكرني .. !!؟ كانت تلك اجابته .. !!

لم يدع لي مجال .. لمحاولة الاستذكار .. حتى لا يجهد ذاكرتي !! (
لله ما اروعه
)

وواصل حديثه قائلا" :

انا الذي توقفت لك بسيارتي .. على طريق المطار واخذتك وابنتك معي .. وطلبت مني ان اوصلك الى اقرب مستشفى...

كنت لحظتها .. تعيش رعبا" لايوصف ..

سمعتك تتلو الشهادتين .. وتسبح ربك وتستغفره ..

ماشاء الله عليك .. هذا نتيجة عظمة الايمان في قلبك ..

بعد ركوبك معي بهنيهه .. احسست انك فقدت وعيك ..

شعرت بالقلق عليك ..

ودعوت الله .. وسألته بعزته وعظيم جلاله ..

ان يحفظك لهذه الصغيره ومن معها !!

وان لايريها مكروه فيك ..

سحبت ابنتك الجميله من بين يديك ..

وحثثت المسير نحو هذا المستشفى الذي نحن فيه الان ..

وحين كنا في الطريق ..

هاتفت زوجتي .. وطلبت منها ان تلقاني هنا برفقة اخيها

لتعتني بطفلتك .. وقد حضرت كما ترى ...

كما ارجوك ان تعذرني .. اخي .. (
فلان
) وناداني باسمي ..

فقد تجرأت وادخلت يدي في جيب ثوبك

واخذت هاتفك الجوال وبطاقتك الشخصيه

ومنها عرفت اسمك .. واتصلت بأحد الارقام المُدخلة مسبقا" في هاتفك تحت مسمى (
فلان – اخوي
) .

وسألته عنك وعلمت منه بأنه شقيقك ..

اخبرته بالامر .. فاخذ منه القلق كل مأخذ .. الا انني طمأنته .. وهوفي طريقه الينا ..



*



*



*



*



يقول (
اخي
) .. اثناء سرده لقصته .. وانا مشدوه لحديثه ووصف قصته ..

كان ذلك الشاب يتحدث .. بأنطلاقة غريبة

شعرت وهو يخبرني بما جرى لي ولأبنتي ..

بأنه اطهر من يسير على الارض ..

تتطاير من عينيه نظرات التحنان

ومن بين شفتيه .. كل معاني البذل والايثار

احسست بطيب معدنه .. ولطافة معشره

يأسرك بحديثه .. وطيب عباراته

ابتسامته لم تفارق محياه البته ..

حتى وهو يحدثني .. عن وقع المفاجأه عليه

حين حمل شخصا" غريبا" ..

وفجأة يغمى عليه معه ..

يملك هدوءا" غريبا" يبعث على السكينه

الغريب .. جدا"

ان الرجل (
ملتح
ٍ )

ماهكذا كنت اظن الملتحين .. !!

اين الفجاجه التي كنت اظنها فيهم !!؟

واين قسوتهم وشدتهم .. التي حدثونا عنها !!؟

واين عنجهيتم وتصلفهم ..!! ؟


ما اراه الان امامي .. شيء لايمكن وصفه .. ويناقض كل الافكار السيئة المرسومة عنهم .

هنا رجل قدّم وزوجته .. مالا يقدمه الغريب للغريب !!


احس هو بسرحاني ..

واراد ان يعيدني الى اتزاني فقال :

لقد طمأنني الطبيب عنك .. فقد اجروا لك بعض الفحوصات

منها ما ظهرت نتائجه وهي مطمأنه ..

والاخرى لازالت في المختبر ..

ولا تقلق فقد اكد الطبيب .. بأن قلبك اقوى من قلبي

قالها وهو يضحك .. حتى بدى وجهه كبدر .

حضر الطبيب ..

وسألني بعض الاسئله واجبته عليها ..

واعاد لي بعض الفحوصات الاكلينيكيه

وشكوت له من صداع يقبع في مؤخرة رأسي

اشعر وكأنه يكاد ينفجر ..!

ضرب على كتفي براحته .. وقال (
زي الحصان
) .. !!

احتاج فقط الى ان ابعثك للاشعة المقطعيه ..

اريد ان اتاكد من سلامة الرأس ..

ما ان نطق بهذه العباره ..

الا وضاقت علي الارض بما رحبت ..

شعرت بالخوف .. والرهبه

وبدأت المخاوف تنتابني من جديد ..

رأسي .. واشعه مقطعيه .. وفقدان وعي !!! ؟

كل هذه مؤشرات توحي على ان الامر .. قد لايبشر بخير !

جأني عبدالاله ..

هاه بشر .. وش قال الطبيب .. ؟

قلت وانا مرتبك .. يريد اشعه مقطعيه لرأسي ..

رد علي بقوله : ..
سهلة جدا"

وهذه تمنحك باذن الله الاطمئنان .. على سلامتك وصحتك

ثم اردف قائلا" :

ارجوك ان تعذرني ..
الصلاة
ستقام الان .. سأصلي في مسجد المستشفى .. واعود اليك

اتركك في رعاية الله ..

غادر .. وبقي بصري متسمرا" نحو مسيره !!

تركا" لي الف سؤال وسؤال .. !!

وانا لماذا .. لا اصلي ... ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

هكذا حدثت نفسي

حاولت ان اتحرك من سريري ..

فوجدت اني قادرا" على ذلك ..

مر الطبيب من امامي .. وحين رأني اهم بالنزول

سألني مابك .. الى اين ؟





اريد ان اصلي ...!!!





اريد ان اصلي ... !!!





اريد ان اصلي ... ! ! !
 
قلتها مرة واحده .. و تردد صداها بين ردهات صدري .. وفي اعماق جوفي .. مرات عديده
شعرت بأني افخر بها .. وان غربتي عنها قد طالت ..

حسنا" .. لابأس ..اذا لم يكن ذلك يرهقك ..

قالها الطبيب

واشار الى السقف .. انظر الى ذلك السهم .. فهو يشير الى اتجاه القبله ..

لا
.. قلتها بقوة .. !

اريد المسجد .. اريد ان اتوضأ اولا" ..

نزلت من سريري

وحين انتصفت في الممر ..


شاهدتها .. وقد اقبلت ..

تسارع الخطى نحوي

تفتح ذراعيها .. وكأنها مهاجر وقد عادالى وطنه بعد اغتراب !

فلذة كبدي .. احتضنتها .. و استنشقت انفاسها

قبلتها .. وضممتها حتى شعرت بأن اضلعي قد خالطت اضلاعها

(
بابا وش فيك
)

قالتها .. وبكت فأبكتني !!

مسحت دموعي بخصلات شعرها ..

وحتى لااريها بكائي .. قلت لهاارجعي الى خالتكِ .. واجلسي معها حتى اصلي واعود..


( صرت تصلي زي ماما )



طعنتني يهذه العباره التي خرجت بعفوية وبراءه ..

.. وكأنني كنت بحاجة الى تلك الطعنه ..

اعدتها من احيث اتت ..

وجرجرت اقدامي نحو مكان الوضؤ .. وانا اشعر بثقل في راسي وباقي جسدي ..

( صرت تصلي زي ماما )



~ . ~ . ~ . ~ . ~ . ~ . ~



الجـــزء السابــع والأخيـــر




( صرت تصلي زي ماما )

رنين هذه العباره .. التصق بتفكيري

تذكرت تلك (
المطوعه
) القابعه في منزلي ..

لكِ الله .. يازوجتي الغاليه

اواه كم كنت قاسيا ..!!

توضأت .. وحرصت على ان احسن الوضؤ ..

شعرت باني ذاهب الى اهم من يفد اليه المذنبون امثالي ..

دخلت ذلك المسجد .. والمؤذن يقيم الصلاه

وكاني لم ادخل مسجد في حياتي قط ..

قدمت رجلي اليمنى .. وقلت في خاطري ..

رباه ..

عبدٌ ينؤ بحملٍ ثقيل ..

وقف بباك ..

فأرحم ضعفه .. واقبل توبته ..

اصططفت مع (
الرجال
) ..

طردت كل مايجول بخاطري من افكار ..

واستحضرت انني .. ضيف جديد على كريم

شعرت انني اقف امام ربي ..

واريد ان اعتذر منه عن مابدر مني ..

كبّر الامام .. وكبرنا بتكبيرته ..

قرأ بالفاتحه ..

لله ما اعذب صوته .. وما اروعه .. !!

وبعد الفاتحه ..

تلا ايات ..

ماكنت ادري اصلا" انها في القرآن ..

(( حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا
وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ
فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ
تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ))


يا الله ..

كأنها تعنيني ..

أأنا المخاطب بها.. يارب !؟

أأنا المعني بهذا يارب .. !!؟

شعرت بفوح حرارة الرعب من الله تشتعل في جوف صدري

وضاقت غصتي ..

وذرفت دمعتي ..

حاولت ان اجاهد نفسي .. واكتم لوعتي .. فما قدرت

لا اريد لمن حولي ان يسمعوا او يعلموا دمعتي !!

فأنقلبت نلك الدمعه الى بكاء ..

وتحول البكاء الى نحيب خافت ..!!

بكيت .. بكيت .. وبكيت !!!

وحين سجدت ..

ازداد لهيب الحسرة .. والندم

قلت اللهم ..

ان اثقلتني ذنوبي وكانت كالجبال ..

فما احقر حجمها .. امام عفوك ورحمتك ..

وحين قمنا للركعة الثانيه ..

اكمل الامام .. القرآة بقوله تعالى ..

(( قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ
فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ))


فتذكرت يأخي مواقفي التي لاتخفاك .. من اولئك الذي اسخر منهم .. وهم الى الله اقرب ..

وشعرت بفداحة اثمي .. وقلة زادي .. وخبالة عقلي

قارنت بين حالي وحالهم .. فوجدتهم هم الصابرون عن الملهيات والملذات .. وانا الغارق فيها

فكان جزائهم بما صبروا خير ..

وانا المستهزيء بهم ..

الا ما اجهلني .. وما اعزهم !

شعرت بأن قدماي لم تعد تحملني .. واحسست بالانهيار .


التفت اليّ (
اخي
) وهو يواصل سرد قصته ..

ورمقني بنظرة منه ..

واذا بي غارق في بحر من الدموع الصامته ..

اوجعتك .. قالها متسائلا" .. !؟

بل والله ابهجتني .. (
اجبته
) .


( اللهم ردنا اليك ردا جميلا )


~ . ~ . ~ . ~ . ~ . ~ . ~ . ~


انتهت القصة بحمدالله وفضله


ولكني اتمنى ان لا ينتهي معاها صحوة الرقيب

والذي استيقظ بعد سبات

او تقوى بها على اكمال طريق الحق


افادني الله واياكم


لا تنسوني من دعواتكم





 
wa la rad???????????????/
 
سبحان الله والحمد لله يهدي الله من خلقه مايشاء
مشكووورة على نقلها لنا لكن صراحة قرءتها بإختصار المهم فهمت المحتوى لك تحياتي
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top