رمضان فرصة للتغيير

اروى ج

:: عضو مُتميز ::
إنضم
26 سبتمبر 2009
المشاركات
630
نقاط التفاعل
13
النقاط
17
العمر
32
هاهوشهر رمضان عاد للأمة من جديد ، عاد وفي صحبته تبريكات المهنئين ، وتهنئات المباركين ، عاد والأمة تبتهج به ككل عام ، عاد هذا العام وقد عانقه رجل بكى أسفاً على فراقه في العام الماضي .
عاد على شاب ما أفاق من نومه إلا على تهاني الأعياد فجثا على ركبتيه يبكي لفراقه ، ويحزن لفواته .
عاد ولا زال في ذاكرتي بكاء المصلين ، وأنين المحبين على فراقه في آخر لياليه من العام الماضي .
عاد مرة أخرى على كل أولئك ، عاد ليدمل ذلك الأنين كله ، ويبدأ رحلة جديدة من الآمال مع كل أولئك النادمين بالأمس ... فأهلاً بشهرنا الحبيب ، أهلاً بمن جاء يدمل جراح الفراق ، أهلاً بمن جاء يسقي بالأمل نفوساً عطشى ، وقلوباً لهفى ... إن هذا العائد حقيق بالاحتفاء .
كم نحن بحاجة إلى نقلة نوعية في أنفسنا نتجاوز بها أمنيات الماضي الحزين ، ونكتب من خلالها أسطراً جديدة في حياتنا نبرهن بها على صدق اللقاء . إن رمضان فرصة عظيمة لإحداث التغيير المنشود من خلاله ، لقد غيّر رمضان بطبيعته روتين الحياة ككل ، وأضفى على حياة الواحد منا برنامجاً جديداً ، فكثير من الناس قد لا يتصوّر أن يصوماً يوماً واحداً في حياته كلها ، بل قد يرى أن هذا الصوم حلماً قد عجز عن تحقيقه ، وربما حاول وهو يسمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم : من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً ، لكنه لم يستطع تطبيق ذلك على مستوى يوم واحد ، فجاء رمضان فقلب هذه النفس ، وطمس معالم الرهبة فيها ، وجعلها لا تراهن على يوم واحد ، بل على أيام الشهر كلها .
وترى ذلك الضعيف في الانتصار على ذاته يوماً واحداً الأمس وقد حطّم ما كان يراه مستحيلاً ، فصام الشهر كله . بعض الناس من الذين وقعوا أسرى لعادة التدخين مثلاً قد يصعب عليه أن يترك شرب سيجارة واحدة في زمن الساعة والساعتين ، وقد تراه وهِنَ العزيمة لدرجة أنك لا تفلح في إقناعه أن يتنازل بضع دقائق عن هذه العادة السلبية ، يأتي رمضان فيخلق لديه عزيمة صلبة ، وإرادة قوية ، ويبقى يوماً كاملاً لا يحدث نفسه بهذه العادة ناهيك أن يقع فيها .
والأمثلة على هذا أكثر من أن تُحصر ، فكان بحق رمضان فرصة للتغيير ، لقد أكّد الله تعالى في كتابه الكريم أن التغيير مهما كان بسيطاً لا يأتي إلا من خلال الإرادة الشخصية عند الإنسان نفسه ، قال تعالى : ( إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم ) وأكّدت تجربة رمضان أن كثيراً من السلبيات التي نقارفها بحجة ضعف الإرادة ، ووهن العزيمة دعوى لا رصيد لها من واقع الحقيقة .
ومن هذا المنطلق فإن الواجب أن يكون رمضان فرصة لبناء الذات ، والوصول بها إلى أفضل ما يمكن . إنه من خلال هذا الشهر يمكن لنا أن نضع لنا أهدافاً ونختبر أنفسنا في تحقيقها ، نجرّب خطوات عملية في التحدي ، نبحث عن أكثر من ميدان لنخوض التجربة فيه .
إن بإمكاننا أن نضع لأنفسنا في هذا الشهر جملة من الأهداف ، ونخوض التجربة الحقيقة في اختبار قدارت الذات مع هذه الأهداف ، إن المحافظة على صلاة الجماعة ، والحفاظ على ورد معيّن من الراتبة والنافلة هدف عظيم يمكن أن نحيا من أجله في هذا الشهر . كذلك من الأهداف التي يمكن أن نجربها في رمضان ألا نغتاب أحداً مهما كان الداعي إلى ذلك ، ويمكن كذلك خوض التجربة الحقيقية مع النفس في هذا الشهر أن نلتقط كل فضيلة ، ونحرص على جماع أبواب البر الممكنة في رمضان بدءاً من إجابة المؤذّن ، وانتهاء بإماطة الأذى عن الطريق .
إن من لا يمكنه بالأمس ختم القرآن يمكن أن يجرب اليوم ، ومن لم يمكنه أكثر من ختمة واحدة بإمكانه أن يجرّب اليوم مرة أخرى ، شريطة أن يجرّب وعنده النية الصادقة لتحويل أمنيات الأمس إلى تجارب حية في هذا العام . إن بعضنا يقع تحت وطأة العادات السلبية ، ويمكن لو تأملت حياة الواحد منا تجده مجموعة من هذه العادات ، وهو مدعو هذا العام أن يجرّب التخلّص من هذه العادات كلها إن استطاع أو بعضها ، وتحقيق الانتصار في التغلّب على بعض العادات طريق للأمل في التغلّب على كل العادات السلبية .
إن النجاح يدعو لنجاح آخر ، والتجربة الإيجابية تزرع طريقاً من التفاؤل للتجارب القادمة عبر الزمن في حياة الواحد منا . شريطة أن نبدأ بإرادة صلبة ، وعزيمة قوية ، ونبدأ ونحن مفعمون بالتفاؤل . فلئن يعيش الواحد منا وهو يناضل في بناء ذاته خير له من أن يرحل وهو مأسور تحت وطأة شهوة عاجلة ، أو عادة ذميمة . إن رمضان فرصة أن نرمم ذواتنا ، ونشذّب الأخلاق التافهة في حياتنا ، ونخرج قليلاً من التمحور حول الذات إلى بناء علاقات إيجابية مع الآخرين .
إن رمضان سيرحل كما رحل كل عام ، وليس ثمة شك في عوده ، وإنما الشك في بقائنا للقياه ، فكما أننا لا نملك الرؤية الواضحة في عوده مرة أخرى علينا يمكن أن نستغله قبل أن يرحل ، ونكتب من خلال لقائه هذا العام صورة من صور تشبثّ الأنفس بأمنياتها العظيمة ، وقد وعد الله تعالى من يجاهد فيه بالهداية إلى طرق الخير والفلاح ، قال تعالى : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا ) .
وفقني الله وإياك إلى استثمار الفرصة ، واستغلال الحدث في ما يعود علينا بالنفع في الدنيا ، والفوز في الآخرة . والله يتولاك برعايته .
منقوووووووووول
 
آخر تعديل:
موضوع ممتاز بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء على هذه التذكرة
+
تقييم
 
بارك الله فيكي أختي اللهم بارك لنا في شعبان وبلغنا رمضان
 
بارك الله فيك يا اختي ورمضان كريم
 
شكرا لكم ، و بارك الله فيكم
 
97695230wb4.jpg
 
جزاك الله ألف خير
 
اللهم وفقنا لصيام وقيام شهر رمضان الفضيل
اعاده الله علينا باليمن والخير والبركة

جزاك الله خير الجزاء
وبارك الله فيك
 
مشكورين على الردود واللهم بلغنا رمضان
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top