الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطاهرين .
أما بعد فيا أيها المؤمنون ، لقد أعتاد الناس في رمضان أن يعدوا قوائم لأصناف المأكولات و المشروبات وبرنامجاً خاصاً للأكل والشرب وغالباً ما يكون مكلف لهم و مجحفاً بهم للأسواق على ما قدم وساق لتستقبل أنواع المستهلكين وكثيراً ما تعرض الشاشة صوراً لرمضان و كلها تهافت على المأكولات و المشروبات ولكن الحقيقة رمضان هو خلاف هذه الصور إطلاقا رمضان له مطالب أخرى وهي الجديرة بالأخذ لمن أراد أن يصومه حق الصيام .
فالطلب الأول لرمضان: هو تحقيق تقوى الله الواحد سبحانه وتعالى ، تقوه سراً قبل العلانية و خفية قبل المهاجرة و تلك صفة المؤمن الصادق مع ربه والصفة التي لا تنفك عنه ،وما معنى هذه التقوى التي طالما تحدث عنها الخطاب على المنابر ،ونية إليها الوعاظ والمتحدثون ،تقوى الله تعالى هي أن لا يجدك الله حيث نهاك ولا يفقد حيث أمرك، تقوى الله تعالى هي فعل أوامره كاملة بقدر الاستطاعة واجتناب نواهيه كاملة.فما أسهل لفظها،وما أصعب تطبيقها إنه لا يطيق تطبيقها إلا الأفذاذ من الرجال، الذين اشتروا الآخرة وباعوا الدنيا ،ولذلك كم تجد في القرآن الأمر بالتقوى ،وكم تجد فه مدح المتقين ،ومع ذلك قل من يتنبه لهذا ويخشى الله حق خشيته ويتقيه حق تقاته قال سبحانه((ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ))وقال ((يا أيها الذين امنوا اتقوا الله )) وقال ((يا أيها الناس اتقوا ربكم)) إلى غير ذلك من الآيات التي تأمر بالتقوى التي شرع الصيام من أجلها قال سبحانه ((يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)). نعم أن الصائم الصادق المخلص هو من أتقى الله تعالى في صيامه وجعل مخافة الله بين عينيه ،أما من كان يوم فطره ويوم صيامه سواءً في التقصير ،فكبر عليه أربعا لوفاته إنما شرع الصيام لتتقوى به النفس على التقوى ،ولتتهذب به من أدرانها وأقذارها .
المطلب الثاني: أيها الأخوة الكرام من مطالب رمضان : أخلاص النية لله تبارك وتعالى،فلا نصوم لأن الناس يفطرون .ولا نمتنع عن الطعام والشراب خوف العار والفضيحة،والمسنه القبيحة،إنما صومنا و صلاتنا وسائر عبادتنا لله الواحد لقهار شريك له (( قل إن صلاتي ونسمي و محياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا أول المسلمين )) صيامنا الله تعالى و احتسابا لثوابه الذي وعدنا به،و خوفا عذابه الذي حذرنا منه من صام رياء الناس أو خوف سبة أو عار، فهو بالإثم أحق من الأج و الثواب لا يقبل الله عمله ، بل يرده في وجهه مذموماً مدحوراً قال الله سبحانه و تعالى


المطلب الثالث: أيها الإخوة الكرام تطهير القلب ، و ترك التشاحن و التقاطع فإن ذلك أي التشاحن و التقاطع يقطع قبول العبادة ، والله تعالى يرفع كل عمل إنسان إلا المتشاحنين ، فإنه يقول أنظروا هذين حتى يصطلحا فتطهير القلب من مطالب رمضان والحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ومن الغباء والعقلة أن تجعل الدنيا وسوء التفاهم واسوداداً في القلب تحط لك عملك وتضيع عليك دنياك و أخراك ، ورب صائم كما قال المعلم الأول عليه الصلاة والسلام ((رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب)) نعوذ بالله من عدم القبول.
أيها المؤمنون،من مطالب رمضان أيضا تطهير اللسان من الغيبة والنميمة والكذب،وقد عدها بعض العلماء من المفطرات المعنوية،لقوله صلى الله عليه وسلم


و قال شعراً: إذا لم يكــن في السمــع مني تصــاون وفي بصري غض و في منطقي صُُمت
فحظي إذا من صومي الجوع و الظمأ وإن قلـت يومـاً أنـي صمت فمـا صـمت
ثم من المطالب الضرورية في رمضان استغلال أوقاته الثمينة في عبادة الله تعالى و فيما يفيد و ينفع فرمضان لا يصرف في إضاعة الأوقات و لا في اللعب والسهرات و لا في الكسل و الخمول و النوم و البطالة شهر رمضان هو زكاة الشهور يجتهد فيه المسلم في عبادة ربه و ما يدريك لعله آخر رمضان تدركه فكم من عزيز و قريب وأخ في الله صاموا معنا رمضان الماضي وقاموا فيه لله فإذا الموت تخطانا إليهم ومنهم من هو في زهرة الشباب نضارته، وكان ينتظر أن يدرك رمضان في هذا العام فإذا به يدركه في صفوف الموتى، و تحت جنادل التراب، مرهوناً بعمله، إن خيراً فخير وإن شراً فشر، وقت رمضان أيها المؤمنون ليس كسائر الأوقات، وقت رمضان إذا أستغله المؤمن يرفعه الله الدرجات العلى، فاحرصوا على اغتنام الأوقات عموماً و خاصة في مثل هذه الأيام المباركة .نسأله تعالى أن يجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين.....