قال الألباني في “ السلسلة الضعيفة و الموضوعة “ ( 2 / 109 ) : $ ضعيف $ . رواه الطبراني في “ الكبير “ ( مجموع 6 / 55 / 1 ) : حدثنا الحسين بن إسحاق : حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي : حدثنا عبد الرحمن بن شريك قال : حدثني أبي عن عبد الله بن عيسى عن ابن علي عن # عتبة بن غزوان # عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و زاد في آخره : “ و قد جرب ذلك “ . قلت : و هذا سند ضعيف . و فيه علل : 1 و 2 - عبد الرحمن بن شريك و هو ابن عبد الله القاضي و أبوه كلاهما ضعيف , قال الحافظ في الأول منهما : “ صدوق يخطيء “ . و قال في أبيه : “ صدوق يخطيء كثيرا , تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة “ . و قد أشار إلى هذا الهيثمي بقوله في “ المجمع “ ( 10 / 132 ) : “ رواه الطبراني و رجاله وثقوا على ضعف في بعضهم , إلا أن يزيد ( كذا ) بن علي لم يدرك عتبة “ . 3 - الانقطاع بين عتبة و ابن علي , هكذا وقع في أصلنا الذي نقلنا منه الحديث ( ابن علي ) غير مسمى , و قد سماه الهيثمي كما سبق ( يزيد ) , و أنا أظنه وهما من الناسخ أو الطابع , فإنه ليس في الرواة من يسمى ( يزيد بن علي ) و الصواب ( زيد بن علي ) و هو زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب , ولد سنة ثمانين , و مات عتبة سنة عشرين على أوسع الأقوال فبين وفاته و ولادة زيد بن علي دهر طويل ! و قال الحافظ ابن حجر في “ تخريج الأذكار “ : “ أخرجه الطبراني بسند منقطع عن عتبة بن غزوان مرفوعا و زاد في آخره “ و قد جرب ذلك “ . ثم قال الحافظ : “ كذا في الأصل , أي الأصل المنقول منه هذا الحديث من كتاب الطبراني , و لم أعرف تعيين قائله , و لعله مصنف المعجم , و الله أعلم “ . فقد اقتصر الحافظ على إعلاله بالانقطاع , و هو قصور واضح لما عرفت من العلتين الأوليين . و أما دعوى الطبراني رحمه الله بأن الحديث قد جرب , فلا يجوز الاعتماد عليها , لأن العبادات لا تثبت بالتجربة , كما سبق بيانه في الحديث الذي قبله . و مع أن هذا الحديث ضعيف كالذي قبله , فليس فيه دليل على جواز الاستغاثة بالموتى من الأولياء و الصالحين , لأنهما صريحان بأن المقصود بـ “ عباد الله “ فيهما خلق من غير البشر , بدليل قوله في الحديث الأول : “ فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليهم “ . و قوله في هذا الحديث : “ فإن لله عبادا لا نراهم “ . و هذا الوصف إنما ينطبق على الملائكة أو الجن , لأنهم الذين لا نراهم عادة , و قد جاء في حديث آخر تعيين أنهم طائفة من الملائكة . أخرجه البزار عن ابن عباس بلفظ : “ إن لله تعالى ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر , فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد : يا عباد الله أعينوني “ . قال الحافظ كما في “ شرح ابن علان “ ( 5 / 151 ) : “ هذا حديث حسن الإسناد غريب جدا , أخرجه البزار و قال : لا نعلم يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد “ . و حسنه السخاوي أيضا في “ الابتهاج “ و قال الهيثمي : “ رجاله ثقات “ . قلت : و رواه البيهقي في “ الشعب “ موقوفا كما يأتي . فهذا الحديث - إذا صح - يعين أن المراد بقوله في الحديث الأول “ يا عباد الله “ إنما هم الملائكة , فلا يجوز أن يلحق بهم المسلمون من الجن أو الإنس ممن يسمونهم برجال الغيب من الأولياء و الصالحين , سواء كانوا أحياء أو أمواتا , فإن الاستغاثة بهم و طلب العون منهم شرك بين لأنهم لا يسمعون الدعاء , و لو سمعوا لما استطاعوا الاستجابة و تحقيق الرغبة , و هذا صريح في آيات كثيرة , منها قوله تبارك و تعالى : *( و الذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير , إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم , و لو سمعوا ما استجابوا لكم , و يوم القيامة يكفرون بشرككم , و لا ينبئك مثل خبير )* ( فاطر 13 - 14 ) . هذا , و يبدو أن حديث ابن عباس الذي حسنه الحافظ كان الإمام أحمد يقويه , لأنه قد عمل به , فقال ابنه عبد الله في “ المسائل “ ( 217 ) : “ سمعت أبي يقول : حججت خمس حجج منها ثنتين [ راكبا ] و ثلاثة ماشيا , أو ثنتين ماشيا و ثلاثة راكبا , فضللت الطريق في حجة و كنت ماشيا , فجعلت أقول : ( يا عباد الله دلونا على الطريق ! ) فلم أزل أقول ذلك حتى وقعت على الطريق . أو كما قال أبي , و رواه البيهقي في “ الشعب “ ( 2 / 455 / 2 ) و ابن عساكر ( 3 / 72 / 1 ) من طريق عبد الله بسند صحيح . و بعد كتابة ما سبق وقفت على إسناد البزاز في “ زوائده “ ( ص 303 ) : حدثنا موسى بن إسحاق : حدثنا منجاب بن الحارث : حدثنا حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيد [ عن أبان ] ابن صالح عن مجاهد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن كما قالوا , فإن رجاله كلهم ثقات غير أسامة بن زيد و هو الليثي و هو من رجال مسلم , على ضعف في حفظه , قال الحافظ في “ التقريب “ : “ صدوق يهم “ . و موسى بن إسحاق هو أبو بكر الأنصاري ثقة , ترجمه الخطيب البغدادي في “ تاريخه “ ( 13 / 52 - 54 ) ترجمة جيدة . نعم خالفه جعفر بن عون فقال : حدثنا أسامة بن زيد .... فذكره موقوفا على ابن عباس . أخرجه البيهقي في “ شعب الإيمان “ ( 2 / 455 / 1 ) . و جعفر بن عون أوثق من حاتم بن إسماعيل , فإنهما و إن كانا من رجال الشيخين , فالأول منهما لم يجرح بشيء , بخلاف الآخر , فقد قال فيه النسائي : ليس بالقوي . و قال غيره : كانت فيه غفلة . و لذلك قال فيه الحافظ : “ صحيح الكتاب , صدوق يهم “ . و قال في جعفر : “ صدوق “ . و لذلك فالحديث عندي معلول بالمخالفة , و الأرجح أنه موقوف , و ليس هو من الأحاديث التي يمكن القطع بأنها في حكم المرفوع , لاحتمال أن يكون ابن عباس تلقاها من مسلمة أهل الكتاب . و الله أعلم . و لعل الحافظ ابن حجر رحمه الله لو اطلع على هذه الطريق الموقوفة , لانكشفت له العلة , و أعله بالوقف كما فعلت , و لأغناه ذلك عن استغرابه جدا , و الله أعلم .