مشروع // جمع قصص من تراث الشعبي الجزائري //

جمع نوادر الشعبية من تراث الجزائري
1323566988541.gif




اضن فكرة رائعة ان نلتفت لي ترات الشعبي الجزائري بهده القصص والطرائف ونوادر الشعبية التي قامت بي تربية اجيال ايام لم يكن لا كتاب ولا تلفاز ولا انترنت .

وارى انه اجحاف في حق تراث الشعبي الجزائري ان ننسى تلك القصص الشعبية ونوادر ولا اريدها ان تموت بل تستمر في عبور الزمن من قرن الى اخر .

ادا ارجوا من كل عضو يعرف نادرة شعبية من كل نواحي القطر الجزائري ان يضمها هنا لي دكرة وتبقى على لسان الاحفاد



لا اقصد نوادر من تراث العربي او الاسلامي بل قصص من تراث الشعبي الجزائري ومن كل قطر الجزائر

1323566988541.gif

 

المرأة تقتلك و تحييك

كان يامكان يا زائري المكان الكرام .....

بلغ عمر سن الزواج فاستأذن والده في الامر وطلب اليه ان يخطب له
فاشترط عليه ابوه ان يعرف اولا علم النساء ويدرسه جيدا
دهش عمر من هذا العلم الذي لم يسمع عنه قبل الآن واخذ يمشي في مناكب الارض باحثا عن من يعلمه اياه دون جدوى ,وفي احد الايام بينما كان جالس قرب بئر مطأطئا الراس شارد الفكر اقتربت منه امراة عجوز وسألته عن سبب همه فروى عليها قصته
ضحكت االعجوز وقالت له علمك عندي ايها الشاب
فوجئ عمر وظن انها تمزح لكنها كانت واثقة
ارتمت المراة على حافة البئر واخذت تصرخ النجدة النجدة النجدة
مستنجدة بابنائها اينقذوها
لم يفهم الشاب ما يحدث واصيب بذعر وخوف وهو يرى ابناءها العشرة يهرولون نحوه حاملين السيوف والهراوى
ودنا من العجوز يسألها ماذا فعلت لك يا اماه ؟
وهنا وقفت من حافة البئر وطلبت منه ان يسكب عليها دلو الماء
فعل عمر ما امرته دون ان يفهم ما يجري
وحين وصل ابناؤها اخبرتهم انها سقطت في البئر وكادت تهلك لولا ان انقذها هذا الشاب
فشكروه واكرموه واحسنوا ضيافته
وفي الصباح حين هم بالنصراف سألها عن سر ما قامت به
؟؟
فردت عليه بهدوء وثقة :
ألم تسالني عن علم النساء ؟؟
فرد أحمد بسرعة: نعم ، نعم ولازلت
فأجابت العجوز في إبتسامة عريضة:
هذا هو علم النساء ياولدي
بقدر ماتستطيع المرأة أن تقتلك تحييك

DIN005_L.jpg

 
آخر تعديل:
فكرة جميلة ومشروع هادف للنهوض بقصص التراث الشعبي
بارك الله فيك اخي اسحاق
 
المرأة تقتلك و تحييك
كان يامكان يا زائري المكان الكرام .....

بلغ عمر سن الزواج فاستأذن والده في الامر وطلب اليه ان يخطب له
فاشترط عليه ابوه ان يعرف اولا علم النساء ويدرسه جيدا
دهش عمر من هذا العلم الذي لم يسمع عنه قبل الآن واخذ يمشي في مناكب الارض باحثا عن من يعلمه اياه دون جدوى ,وفي احد الايام بينما كان جالس قرب بئر مطأطئا الراس شارد الفكر اقتربت منه امراة عجوز وسألته عن سبب همه فروى عليها قصته
ضحكت االعجوز وقالت له علمك عندي ايها الشاب
فوجئ عمر وظن انها تمزح لكنها كانت واثقة
ارتمت المراة على حافة البئر واخذت تصرخ النجدة النجدة النجدة
مستنجدة بابنائها اينقذوها
لم يفهم الشاب ما يحدث واصيب بذعر وخوف وهو يرى ابناءها العشرة يهرولون نحوه حاملين السيوف والهراوى
ودنا من العجوز يسألها ماذا فعلت لك يا اماه ؟
وهنا وقفت من حافة البئر وطلبت منه ان يسكب عليها دلو الماء
فعل عمر ما امرته دون ان يفهم ما يجري
وحين وصل ابناؤها اخبرتهم انها سقطت في البئر وكادت تهلك لولا ان انقذها هذا الشاب
فشكروه واكرموه واحسنوا ضيافته
وفي الصباح حين هم بالنصراف سألها عن سر ما قامت به
؟؟
فردت عليه بهدوء وثقة :
ألم تسالني عن علم النساء ؟؟
فرد أحمد بسرعة: نعم ، نعم ولازلت
فأجابت العجوز في إبتسامة عريضة:
هذا هو علم النساء ياولدي
بقدر ماتستطيع المرأة أن تقتلك تحييك

DIN005_L.jpg



رائع وشكرا لك على مساهمة بدرس من دروس الحياة​

يعني كما كانت العجوز قادرة على القول لي ابنائها انا هدا الشاب اساء معاملتي فيقتل وكما انها قادرة على انقاده بقول انه صاحب خير عليها .​

بسم الله الرحمن الرحيم


صدق الله العظيم
 
فكرة جميلة ومشروع هادف للنهوض بقصص التراث الشعبي
بارك الله فيك اخي اسحاق


الجديد عزوا ولقديم لا تفرط فيه

شكرا
 
قصص رائعة بالفعل
شكرا على هذه القصص الجميلة
والشكر لصاحب الفكرة الطيبة
 
الأميرة السجينة
قال البرّاح: يا ناس يا سامعين... يا صغار‏
يا كبار... هكذا الدنيا تلعب بأقدار الملاح... يوم في الأفراح وعشرة في الأتراح...‏
قد نتعود أشياء ونألفها،، نحببها إلى أنفسنا لأجل المتعة،، هكذا يقتحمنا الزمن دون أن نتخذ له في النفس مكاناً،، فالأحداث المتتابعة،، تختلف من رواية نعرفها لأخرى صاغتها لنا الجدة "زينب" التي لا تتوانى عن مؤانستنا لتخفف عنا وطأة طول الليالي.... ها قد بدأت الحكاية، قصته من عهد الأجداد لنتابع جميعاً:‏
على سفح الجبل العتيد تتربع دولة شامخة في عزها، هادئة في سير نظامها السياسي والاجتماعي،، تحيط بها البساتين باختلاف زهورها ورقصات فراشاتها وزقزقة عصافيرها وتغاريد طيورها الراقصة بين أفياء الأشجار المنتشرة على صدر البلدة...أو لِنَقُلْ البليدة لأنها صغيرة...‏
جلس الحاكم ذو اللحية البيضاء والشاربين الطويلين مزهواً ببرنوسه الأحمر وحذائه الجلدي الموشوم برسومات مختلفة واضعاً في رقبته قلادة وخاتماً يلمعان لمعان البرق الخاطف كما قبلتهما الشمس بأشعتها فيزداد المكان ضياء... تحت الشجرة التي اعتاد الجلوس في ظلالها يتزين المجلس بعدل الملك الذي بث الاطمئنان في القلوب ونشر الأمان في سائر أنحاء المملكة،، والورود الحمراء المتفتحة تستقبل قطرات الندى محتضنة إياها في حنو عجيب وحتى زهور الأقحوان تبتسم هي الأخرى سعيدة بمحاذاة السلطان....‏
وهو في جلسته الهادئة يفكر في العريس المفضل لابنته الوحيدة "كنزة"،، الموضوع الذي شغل باله كثيراً،، بدأت تحوم حولـه فراشة بلباسها المرونق،، تحط هنا وتطير هناك عالية بخفة عجيبة،، يترقبها الملك بنظرات شاردة،، يتبعها ببصره كأنه يستشيرها في طريقه لاختيار موفق لشاب من بين مواكب العرسان التي تتوافد عليه لطلب الأميرة "كنزة"،، وكلّ واحد يتميز بصفات محبوبة،، كالقوة وطيبة القلب والحنكة والدهاء....... واصلت الفراشة ترنحها برقصاتها أمامه ثم اختفت بين الورود، فتّش عنها ببصره فلم يعثر عليها،، وهنا راودته فكرة طريفة حول موضوع زواج ابنته إذ قرر إجراء امتحان لخطاب ابنته... والفائز منهم سيصبح صهراً له!!‏
إنّ مهرها سهل لكنه ممتنع..... وجاء اليوم المعلوم، يوم الامتحان الذي يكرم المرء فيه أو يهان، فجلس على كرسي العرش وعلى رأسه تاج الملك واضعاً يده على خده، كم كان ذلك الكرسي مغرياً يومض ببريق السلطة الذي يسيل لعاب الطامعين والطامحين،، بدا شكله رائعاً إذ كانت تزينه نقوش أصلية مستوحاة من عالم الطبيعة، ومن الفن التقليدي الأصيل لأجداد الأجداد، حتى أرجله تشبه رؤوس الغزلان، وعليه علّق جراب وبداخله شيء مجهول،، طلب الملك من الشاب معرفته فياله من امتحان! وياله من مهر وياله من مطلب عسير..!!!‏
** *‏
تقدم إلى السلطان حشد من الفرسان يطلبون يد الأميرة يجربون حظوظهم في يوم مشهود حاولوا معرفة ما بداخل الجراب.... لكنهم أخفقوا كلهم في الامتحان، فيهم من قال:‏
-يوجد تفاح وآخر قال: ذهب،، ومن قال: رأس قرد وآخر قال: كتب،، وآخر قال: ثعبان... وعاد كلّ واحد مكسور الخاطر والوجدان يقول معزيّاً نفسه: المهم المشاركة.‏
وفي نهاية المنافسة قدم إلى قصر السلطان،، شاب وسيم،، يرتدي ملابس متواضعة،، تسبقه ابتسامته المشرقة التي تخفي ثقة وشجاعة، كما يخفي برنوسه البنفسجي المتدلي وراءه المشدود إلى رقبته أناقته المتميزة،،،، ورغب في المشاركة لمعرفة ما بداخل الجراب..............‏
حينما رأته الأميرة أعجبت بجماله فراحت تومئ له بإيحاءات وإشارات تدل على ما بداخل الجراب،، من خلف الستار كانت تبدي له في يدها وردة حمراء......‏
-وأجاب الشاب الوسيم قائلاً:‏
يوجد داخل الجراب ورد أحمر.... فتهلل وجه السلطان بالبشر وهنأ الشاب على النجاح،، ثم زوّجه ابنته "كنزة" وفاء بعهده،، فأقيمت الأعراس البهيجة الحافلة بأهازيج الطرب المليئة بما لذّ وطاب من طعام ...لحوم وفواكه وحلويات.............‏
** *‏
وذات يوم ليس كغيره من الأيام، في الصباح الباكر تحول الشاب إلى أصله،،، إلى صورته الحقيقية،، وحش غابي،، حمل الأميرة عنوة إلى قمة الجبل بعدما كمّم فمها بقطعة من القماش كي لا تستطيع الصراخ وفي قلعته أغلق حولها كل الأبواب الموصدة بالحديد وأرهبها بالتهديد والوعيد....‏
احتار السلطان وحزن لغياب ابنته الوحيدة،، ومما زاد في حزنه وعذابه جهله بمصيرها وأخبارها.... فكّر ملياً فخطرت بباله فكرة،، تذكّر حمامة السلام البيضاء،،، الحمامة الزاجلة،، حاملة بريده إلى الأمراء والسلاطين في كل البلدان... فكتب مخطوطاً وعلّقه برجلها اليسرى... وأوصاها قائلاً:‏
-يا حمامة السّلام هذا الكتاب خذيه أمانة إلى ابنتي المهاجرة،، ابحثي عنها في الأرض وفي السماء، في كل مكان بالمعمورة واحذري أن تسلميه لغيرها.. ولا ترجعي إلى القصر حتى تبلغيها الرسالة وتأتي بأخبارها، زينة البنات.‏
طارت الحمامة تقطع الجبال والوديان،، تمر على القصور والجسور والمدن والقرى.. باحثة عن الأميرة الغائبة،، تواجه العواصف وزمهرير الرياح ورذاذ المطر ووابله...‏
وصلت الحمامة البيضاء إلى قلعة حديدية حيث أخبرها هاجس غريزي بواسطة حواسها أن صاحبتها الأميرة موجودة في هذه القلعة المهجورة،، فبدأت تحوم في فضاء القلعة واستمرت في رقصاتها الإستطلاعية. حتى لمحت الأميرة "كنزة" قادمة نحوها والابتسامة الحزينة تفترش محياها الذابل، نظرت إلى الحمامة الطليقة مستبشرة كسجينة اقترب موعد تسريحها، وهتفت:‏
-آه، أيتها الحمامة البيضاء،، يا رائحة الأهل القادمة،، يا حمامة السلطان العزيز هل تعرفت على التي كانت تقدم لك الحب؟! اقتربي،، حطي على ركبتي هذه،، قبل عودة الوحش الشرس، الذي أغراني بزيف جماله فلم أسأل عن علمه وأخلاقه.‏
وأحسّت الحمامة بشعور الأميرة فحطت على ركبتيها،، احتضنت الأميرة الحمامة وقبلتها بحرارة ممزوجة بدموع الشوق والألم ثم اكتشفت الرسالة فأخذتها من رجلها وقرأتها،، فهمت ما احتوته فبكت وكتبت في الحين إلى والدها تحكي له مرارة العيش والمعاناة التي تمر بها عند الوحش (الشاب) لقد ندمت كثيراً على زواجها واختيارها المتسرع للجمال الغادر....‏
طارت الحمامة عائدة بالمرسال والأخبار إلى السلطان... مسك السلطان الرسالة فرحاً،، وعند قراءة المراسلة شعر بنوبة الأسى تحتويه من جديد،، طلب إحضار "الشيخ المدبر" كي يبدي له عمّا يحس به ليشير عليه قصد إنقاذ ابنته من هذا الشاب المتوحش وليسأله:‏
-هل يفلح الجيش في استعمال القوة لاستعادة الأميرة كنزة المختطفة؟!‏
أقام الشيخ المدبر في جناح خاص، وعندما عرض عليه الملك الأمر لم يوافق على إرسال الجيش إلى القلعة الحديدية، لأن الشاب المتوحش قد ينتقم من الأميرة عند رؤية الجند قادمين نحوه، وأشار عليه بالذهاب إلى القلعة والتسلل داخلها بحكمة وشجاعة، ودلّه على فرسان يثق فيهم، شباب أبناء عجوز يمتازون بهاتين الصفتين،،،،،،،،‏
** *‏
ذهب السلطان حيث العجوز وروى لها مرارة معاناته بعد اختطاف ابنته، ووعدها بالعيش النعيم هي وأولادها إن أعادوا له فلذة كبده الأميرة "كنزة"...‏
فكرت العجوز كثيراً ملياً، وبعد تمحص وتدقيق في الموضوع طلبت من حراس الملك إحضار صوف الحرير، فأحضره الحراس على جناح السرعة...‏
شرعت العجوز الأرملة في حياكة الصوف حيث جلست على الأرض واضعة بين ركبتيها المغزل وبدأت تغزل صوف الحرير، ثم قامت بنسجه، حتى أخذ شكل ثوب مرقوم بأشكال وألوان زاهية، وحين أحسّت بقدوم أبنائها السبعة طلبت من الملك الاختفاء خلف الباب الخشبي...‏
دخل الشبان على أمهم المنهمكة في الحياكة فسعدوا لنشاطها ثم بدؤوا يسألون ويستفسرون عم تصنعه أمهم، ولمن هذا القميص الجميل، دون أن يشعروا بوجود غريب خلف الباب.. ردّت الأم وهي تبتسم:‏
"لمن يستحقه منكم يا أبنائي، للشجاع الحكيم... الذي يحقق لي أمنية لكنها محفوفة. بالمخاطر..‏
(تتنهد الجدة "زينب" الكبدة حنينة قلبي على وليدي انفطر وقلب وليدي على حجر وتواصل وقد أدمعت عيناها، فلقد تذكرت ابنها المهاجر وراحت تردف كلامها):‏
-إيه يا أبنائي....‏
لقد بدأ الإخوة في استعراض قوتهم وشجاعتهم والسلطان خلف الباب يستمع، يقطب حاجبيه تارة ويبتسم تارة أخرى، ثم خرج من وراء الباب وخاطبهم وهم مشدوهين أمام المفاجأة الغريبة، فقال:‏
-إذن الحمد لله لقد عثرت على أشجع الفرسان، ما عليكم أيها الفرسان سوى إرجاع ابنتي من قبضة الوحش وأعدكم بالثراء، والجاه الذي تريدون إن وفقتم في مهمتكم بمشيئة الخالق...‏
** *‏
قاد الأخ الأكبر إخوته الستة، كان يمتاز بدقة النظر وسداد الرأي وحنكة عالية ودهاء كبير، وهم يمشون خلف الحمامة الطائرة، يقطعون أشواطاً للعثور على الأميرة، وما هي إلاّ أيام حتى رأوا على قمة الجبل قصراً منيفاً يلفه الضباب كالثوب الشفاف تحوم حوله الخفافيش، تحرسه من كل غريب يقترب ولو من أسوار القلعة الحديدية المحيطة به...........‏
لقد كان منظر القصر مرعباً يدخل الفزع في قلوب المشاهدين، لكن الإخوة السبعة لم يتأثروا لذلك ولم يثن من عزمهم الشكل الخارجي الرهيب...‏
وقف الإخوة يتشاورون ويخططون للدخول وكذا يرصدون حركة الوحش حين دخوله. ولما عاد في المساء وفتح الأبواب الحديدية السبعة ثم غلقها وراءه بمفاتيح مختلفة.. قال كبيرهم:‏
-إنه سجن يحيط بالأميرة الجميلة...‏
في منتصف الليل تسلّل الإخوة داخل القلعة الحديدية بواسطة جبل طويل، تعلقوا به ثم نزلوا ساحة القصر في هدوء تام... سمع الإخوة السبعة بعدما اقتربوا من باب القصر الحديدي شخير الوحش ينبعث من جناح النوم مدوياً في سكون الليل كشلال الماء المتدفق من الأعالي، صعد الإخوة مدرجات القصر الواحد تلو الآخر، وفي مهارة عجيبة، استطاع الأخ الأكبر فتح الأبواب المغلقة والوصول إلى مخدع الوحش حيث وجد الأميرة وضفائر شعرها مشدودة بيده الغليظة،،، تنام الأسيرة وخصلات شعرها الذهبي متدفقة كالشلال الحزين على ظهرها،، مستسلمة،، بائسة،، شاحبة الوجه،، نحيفة الجسم،، كأنها في سبات عميق،، مدّ الشاب يده نحو شعرها محاولاً فك ضفائرها من قبضة الوحش،،،، فاستيقظت الأميرة "كنزة" مذعورة لكن الشاب وضع راحة كفه على فمها يمنعها الصراخ ثم طمأنها بإشارة من ملامح وجهه مصحوبة بابتسامة. فاستبشرت بخلاصها وسارعت إلى الهروب مع الشاب وإخوته الستة الذين استعملوا المسلك الذي دخلوا منه كي يهرّبوا، حملوا الأميرة المنهكة القوى بالتناوب وهي مغمى عليها من الخوف الممزوج بالفرحة المفاجئة، واختفوا في الغابة ليأخذوا قسطاً من الراحة فأخذتهم غفوة نعاس من شدة السهر وناموا،،،،‏
** *‏
تحسس الفراش فلم يجد الأميرة بجانبه،، كانت يده خالية من ضفائرها،، وجد قيدها مفككاً ففزع وفاض غيظه،، صرخ صرخة توقظ الموتى من قبورهم فاستيقظت حيوانات الغابة وطارت العصافير من أعشاشها مرعوبة،، كان الزبد يسيل من فمه وهو يبحث عنها في القصر وساحته.. ثم خرج إلى الغابة يقطع.. يكسر أغصان الأشجار بأسنانه ويدوسها بأقدامه الكبيرتين والخفافيش فوقه تشاركه العاصفة إنه الوحش الغاضب.....‏
اهتزت الأرض تحت أقدام الإخوة السبعة فاستيقظوا من نومهم حائرين،، الوحش يتقدم نحوهم والشرر يتطاير من عينيه......‏
كان لأحد الإخوة ساقان طويلان فقرر استعمالها،، قال لإخوته:‏
-لي فكرة،،، نفُّر من الوحش بعد أن نشعل النار في الغابة فيحترق هو وننجو نحن مع الأميرة...‏
عارضه أصغرهم قائلاً: هل تريد أن نحرق أنفسنا ونحن أحياء؟ وهل نسيت أن الشجرة مقدسة في أعرافنا ولا يجوز حرقها؟! أين شجاعتكم؟‏
طمأنهم أخوهم الأوسط: اتركوا الأمر لي فسوف أخرج سيفي في وجهه وأقاتله،، كما وعدنا أمنا والسلطان هذه هي الشجاعة،، هل نسيتم؟ وإذا استلزم الأمر سأستدعيكم فوراً..‏
لكن إخوته قالوا: يجب أن نواجه الوحش جميعاً كرجل واحد وليكن ما يكن،،‏
وقبل أن يصل الوحش إلى المكان هاجمه الشبان بقوة الأسود وشجاعة الأبطال وخفة الطيور ومهارة الفرسان،، فانهالوا عليه بوابل من ضربات السيوف حتى مزقوه وطار رأسه متدحرجاً على الأرض.... وعادوا والعود أحمد صحبة الأميرة ففرح السلطان فرحاً عظيماً،، وأقام حفلاً متواصلاً تم خلاله مكافأة الإخوة السبعة لعملهم،، لكن الصراع بدأ بينهم...‏
** *‏
تقول الجدة "زينب": هل تعلمون لماذا يا أبنائي، لأن كلّ واحد أراد أن يتزوج الأميرة الحسناء وعندما أستشيرت الأميرة كنزة في الأمر اختارت الشاب الذي فك قيدها وضفائرها من يد الوحش،،، قائلة:‏
-جمال الرجل في عقله وليس في جسمه أو جيبه..‏
قال البرّاح: وهكذا تنتصر الحقيقة على الزيف وينكشف كل غادر طال الزمان أم قصر....‏
 
عروس الجبال

قصة ليست كغيرها من القصص، تميزها عذوبة الأفكار ونكهة الأحداث، وطرافة المواقف، وغرابة الوقائع، إنها حكاية جزائرية احتفظت بها القرون في ذاكرة الأيام....‏
يومئذ كانت الطبيعة في عيدها تتباهى... تختال من سحرها.. تغازل الأوراس بأسرارها البديعة. الأوراس آية قدسية وهبها الخالق البديع للأرض في عيد الطبيعة، هذه اللوحة الفنية فسيفساء البهاء العذرى.. نقرأ في تضاريسها المرسومة على جبين سكانها ماضي أمة، يجر خلفه حضارة تبدأ من فجر التاريخ، في رحمها قصص كثيرة لمواقف الرجولة والبطولة....‏
الأوراس عالم فريد من نوعه، يبدو من بعيد كأنه كتلة ضخمة، تشرق على الدنيا... يمنح أفقها أشعة الشمس ونور القمر ووميض البرق وحبات البرد... فنتردد في اقتحام هذا العالم العجيب لأن التوغل فيه صعب..‏
كل الطرق تؤدي إلى الأوراس، أولها الطريق الشمالي حيث المرتفعات القسنطينية تفترش السبخات... وأجملها الطريق الجنوبي المزين بحدائق النخيل وواحات العسل والتمور الممتدة كسجادة منقوشة بسطها الأوراس لعروس الزيبان بسكرة!!.‏
إن من يتوغل في جبال الأوراس يجد نفسه أمام منظر طبيعي في غاية الجمال والتنوع، وجه الأوراس كوجه التاريخ.. صحراء من الصخور تلد صحراء من الحصى.. قمم ووهاد.. مرتفعات ومنخفضات.. أودية كثيرة تعانق رياضاً ساحرة، وحدائق من النخيل تناظر غابات من شجر الأرز.. أو هذه الهضاب العليا التي تتزوج الفصول فتلبس لكل واحد حلته وأجملها الحلة الثلجية البيضاء عندما تنعكس منها أشعة الشمس، فتطبع قبلات الصباح على تاج الأوراس الناصع البياض... فيبدو كسبيكة ليس فيه موضع أحسن من موضع.‏
في وسط هذه الطبيعة الغريبة تبدو القرى في شكل مجموعات من الحصون والقلاع الحجرية المحروسة بأسوارها العتيدة المعزولة عن العالم في رأس جبل أو شاطئ صخري كأنها في سبات عميق....‏
"الشاوية" سكان الأوراس منذ الأزل، يعيشون في منحدرات الجبال التي تحتضنهم كالأم الحنون، يحتمون بها من غضب الطبيعة، ويستمدون منها لون بشرتهم، ومن صخورها طبيعة مزاجهم... الصلابة والجفاء.. ومن ثم تميزوا عن غيرهم، وكانت طبيعة الأوراس الحارس على وحدة الأصالة للسكان فحافظت على خصائص الأهالي...‏
قاوم "الشاوية" امتزاج الأجناس واشتهروا بصد الغزاة مهما كانت قوتهم.. وهكذا تمكنوا من الحفاظ على عاداتهم وتقاليدهم ولهجتهم ومعتقداتهم و و و ... الخ.‏
المقاومة في الأوراس عمرها كعمر الزمان... من الرومان إلى الاحتلال الفرنسي مدة تزيد عن ألفين وخمسمائة سنة، كان أبطال "الشاوية" على ثغورها يلحقون الهزائم بما هو غير أوراسي وكل معاد للشاوية....‏
في رحاب الأوراس... تحيط بنا الشواهد والأحداث التي نسجت الذاكرة الشعبية بقصص عجيبة غريبة، كقصة "عائشة" هل تعرفها؟ ربما.. لكن إذا كنت شاوياً فأنت محظوظ باستيعاب أحداث قصتها...‏
إنها "عائشة" ملكة السحر والجمال... عائشة البلهاء.. تنافس الشمس في إشراقها والربيع في بهجته وهي ترفل في لباسها الموشوم بأوسمة الشاوية، تعيش في قلب الأوراس متنقلة كالأميرة الخضراء بين وادي الأبيض ووادي عبدي.. آه.. أين أنتم أيها الأمراء لكي تستمدوا من نضرة وجهها آيات الفتنة والدلال؟!.‏
ها هي عائشة الجميلة بين الورود كالفراشة المغرمة بجمال الحقول، عائشة تجد بيضة غريبة تتأملها ملياً، تحملها على عجل، كأنها عثرت على كنز ثمين، تلتفت في جميع الاتجاهات ثم تجري مهرولة كالمجنونة... إلى مكان قصي.. لتضع البيضة في مكان أمين بين الصخور..‏
ماذا لو كسرت "عائشة" البيضة واتلفت محتواها؟ هل تستطيع ذلك يا ترى؟!.‏
وتمر الأيام.. ترتاد خلالها "عائشة" المكان... البيضة تفقس.. يخرج منها مخلوق صغير على شكل ثعبان.‏
يا للغرابة؟!. لم تأبه به "عائشة" واصلت تجوالها بين الحقول بحثاً عن نفسها.. ماذا لو قتلت "عائشة" الثعبان.. هل تصبح لقصتها نهاية؟ يكبر ويكبر الثعبان الصغير.. إلى أن يصير عملاقاً يهدد أمن السكان في حياتهم ومواشيهم ومراعيهم...‏
احتار السكان في الأمر أياماً كثيرة لكن حيرتهم لم تدم لقد أجبرتهم على اتخاذ قرار حاسم.. لابد من مقاومة الثعبان..‏
وبعد قتال مرير.. انتصر القرويون على العملاق وطرحوه على الأرض صريعاً كالديناصور المتوحش، وتعاونوا على إحضار أكوام الحطب لحرقه ومحو آثاره وكوموا جسمه بالحطب وأشعلوا النار، وسط الأهازيج والأغاني.. وبدأ الدخان يتعالى حاملاً رائحة الاحتراق... وفجأة غطّت الحاضرين سحابة من النحل القادم من كل مكان. اندهش الحاضرون وعادت الحيرة من جديد وهم يشاهدون أسراب النحل تقبل فتمتص إفرازات جسم الثعبان المحترق كامتصاصها رحيق الأزهار..‏
إنها الكارثة الكبرى.. السم في العسل.. هل سنموت جميعاً إذا ذقنا عسل النحل الممزوج بسم الثعبان؟.‏
-هكذا تساءل الحاضرون.. ثم انصرفوا يفكرون في مخرج للتأكد من أفكارهم المريبة...‏
-قالوا:‏
-"لابد أن يتطوع أحد للاختبار.. إما حياة أو موت"‏
لكن من يتجرأ على ذلك؟ من يغامر بنفسه؟‏
بعد صمت قصير كأنه دهر، نطق أحدهم..‏
الحل عند الشيخ "بوراك" نطعمه العسل لنرى النتيجة؟!‏
صفّق الجميع مبتهجين بالفكرة.. قائلين:‏
الشيخ "بوراك" في أرذل العمر.. على حافة القبر.. إذا مات مسموماً فقد استراح من تعب الدنيا وقد أنهكه الفقر وأعجزه الدهر.. وبذلك نكون قد أنجزنا التجربة وعرفنا الحقيقة..‏
ولمّا حان موسم الشهد والعسل.. بحثوا عن الشيخ "بوراك" حتى وجدوه وقد لجب الجنبان واحدودب الظهر..‏
وانطفأ نور البصر، "الفم راب والرأس شاب والظهر عاب وتفرق الأحباب.."‏
قدم العسل المسموم إلى الشيخ المسكين.. ووقف الجميع في انتظار الموت المحتوم.. فأقبلت الحياة.! حدث ما لم يخطر على بال بشر، إنها المعجزة حقاً.!!‏
لقد استعاد الشيخ الأعمى بصره من جديد بعد أن تجرع العسل.!!‏
لم يصدق الحاضرون المشهد وحتى الشيخ بدأ يتلمس الحاضرين بين مصدق ومكذب! ثم بدأ يستعيد شبابه، فاسود شعره واستقام ظهره وتزين فمه بالأسنان والأضراس وعاد ربيع العمر إلى جسمه كأنه يوم البعث..!!‏
ذهل الجميع.. وانبهر الشيخ لحاله ثم قال:‏
إن لله جنوداً من عسل.. هذا جزاء من يتوكل على الله.. نعم لقد صدق من قال: اتق الله تر العجائب..‏
تأسف القرويون لسوء نيتهم.. وطلبوا منه الصفح والسماح لكن الشيخ عاتبهم قائلاً:‏
-أيها الأوغاد.. أردتم قتلي؟!.. طأطأ الحاضرون رؤوسهم وواصل الشيخ الشاب "بوراك" كلامه:‏
-إني أطالب بالدية المشروعة..‏
قال أحدهم في استحياء:‏
-أطلب ما شئت..‏
قال الشيخ "بوراك":‏
-ديّتي.. عائشة.. الزواج بعائشة زينة البنات..‏
فوافق والدها الذي كان حاضراً مع القوم.. تزوج الشيخ ديته "العروس عائشة" وعاشا ردحاً من الزمن في غبطة وسرور وأنجب أطفالاً أطلق عليهم أولاد عبدي..‏
ومع الأيام بدأ جمال "عائشة" يذبل كلما تقدمت في العمر رغم محاولتها الحفاظ عليه بأنواع العقاقير ولكن الزمن لا يرحم..‏
وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟!‏
وكلّما مرت السنون ازداد الشيخ الشاب فتوة وعنفوانا حتى صار كابن العشرين صحة وجمالاً.. فاختار فتاة شابة اسمها "توبة" وتزوجها بعدما طلق "عائشة" البلهاء، تاركاً إياها مع أبنائها أولاد عبدي في ناحية خصبة من ضفاف الوادي، وسكن مع زوجته الجديدة "توبة" على ضفة النهر الأخرى المقابلة فأنجب معها أطفالاً أطلق عليهم اسم "التوابة"..‏
وبدأ النهر الذي يفصل بين المرأتين وذرية الشيخ يشهد في صمت ميلاد الفتنة... الصراع المرّ بين الإخوة الأشقاء... الإخوة الأعداء.. أولاد عبدي والتوابة أبناء الأب الواحد.‏
العداوة والبغضاء ينموان على ضفتي النهر.. فيرضعهما الأطفال مع حليب المرأتين... ويشربهما الكبار جرعات حقد من مجرى الواد الحزين.. ويتوارثهما أحفاد القبيلتين جيلاً بعد جيل.. ويلبس الأوراس رداء الخطر... ثم يعلن ثورة الغضب بين أبناء الشيخ الشاب، بلغة قاسية أدواتها كلها غيض وفيض، كرّ وفرّ، اعتداء فانتقام، حتى سكن الهلع قلوب الأهالي في القرى والمداشر، وانعدم الأمن في ربوع الأوراس وحلّت محله أعراس الدم مع زغاريد البارود في السفوح والوهاد، وسائر مرابع الشاوية.‏
لكن دوام الحال من المحال والأخوة لا تباع بالمال كما يقال؟! ولأن الزمن طبيب فقد ضمد الجراح بهدوء حتى التأمت، جرى ماء الوادي غسولاً طهوراً للقلوب السوداء فابيضّت، وأضاء العقل بحكمته والدين بنوره بصيرة المتخاصمين... فتعانق الجميع وامتزجت دموعهما فرحاً.. بالتسامح والمحبة بينهما وعندئذ صارت التوبة والعبادة عنواناً لقبيلة أولاد عبدي والتوابة.‏
وجاءت أيام العسرة تباعاً فالتحمت القبيلتان في صف واحد تحت راية الجهاد ضد الأعداء في مقاومة شهد لها القرن العشرين بالجلال، حتى تحقق النصر المبين، ولبس الجميع أثواب المحبة والهناء بعد الخلاف والجفاء... وغنى الأطفال للشمس في أعراسها أغاني السلم والعصافير والعطر... ليمتد ربيع الأوراس طول‏ الدهر...‏







 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top