الزمن القادم (القصة الاولى: الرحيل )

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

nina la belle

:: عضو منتسِب ::
إنضم
1 نوفمبر 2012
المشاركات
17
نقاط التفاعل
10
النقاط
3
128771747513.gif


السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته وصلني كتاب من السعودية بعنوان الزمن القادم فأحببت
ان اشارك معكم القصص التي يتضمنها هذا الكتاب و باذن الله سأضع كل يوم قصة حتى تنتهي :

القصة الاولى بعنوان الرحيل :
images


سألت الدار تخبرني ـــــــــــــــــــــــ عن الاحباب ما فعلوا
فقالت لي:اناخ القوم ـــــــــــــــــ أياما و قد رحلـــــــــــوا
فقالت بالقبور وقـــد ـــــــــــــــــــلقوا و الله ما فعلــــــــوا

images


بدت أختي شاحبة الوجه نحيلة الجسم ...و لكنها كعادتها تقرأ القران الكريم ....تبحث عنها تجدها في مصلاها ..راكعة ساجدة رافعة يديها الى السماء ...هكذا في الصباح و في المساء و في جوف الليل لا تفتر و لا تمل ....كنت أحرص على قراءة المجلات الفنية و الكتب ذات الطابع القصصي ..أشاهد الفيديو بكثرة لدرجة انني عرفت به....لا أؤدي واجباتي كاملة و لست منضبطة في صلواتي ...بعد أن أغلقت جهاز الفيديو و قد شاهدت أفلاما متنوعة لمدة ثلاث ساعات متواصلة ...هاهو الاذان يرتفع من المسجد المجاور ....عدت الى فراشي ...تناديني من مصلاها ....نعم ماذا تريدين يا نورة ؟ .....قالت لي بنبرة حادة : لا تنامي قبل أن تصلي الفجر ....أوه بقي ساعة على صلاة الفجر و ما سمعتيه كان الاذان الأول ...بنبرتها الحنونة-هكذا هي قبل أن يصيبها المرض الخبيث و تسقط طريحة الفراش ....نادتني ....تعالي يا هناء الى جنبي ....لا أستطيع اطلاقا رد طلبها ...تشعر بصفائها و صدقها ...لا شك طائعا ستلبي ....ماذا تريدين ؟ اجلسي....هاقد جلست ماذا لديك ؟ ....بصوت عذب رخيم :(كل نفس ذائقة الموت و انما توفون أجوركم يوم القيامة ) سكتت برهة ..... ثم سألتني ..ألم تؤمني بالموت ؟ بلى مؤمنة ...ألم تؤمني بأنك ستحاسبين على كل صغيرة و كبيرة؟ ...بلى ...و لكن الله غفور رحيم ...و العمر طويل .... يا أختي ألا تخافين من الموت و بغتته؟ ...انظري هند أصغر منك و توفيت في حادث سيارة ....و فلانة ....و فلانة ....الموت لا يعرف العمر ...و ليس مقياسا له ....أجبتها بصوت الخائف حيث مصلاها المظلم .....اني أخاف من الظلام و أخفتيني من الموت .... كيف أنام الان؟ ....كنت أظن أنك وافقت للسفر معنا هذه الاجازة....فجأة تحشرج صوتها و اهتز قلبي ....لعلي هذه السنة أسافر سفرا بعيدا ...الى مكان اخر ....ربما يا هناء ....الأعمار بيد الله ....و انفجرت بالبكاء ....تفكرت في مرضها الخبيث و أن الأطباء أخبروني سرا بأن المرض ربما لن يمهلها طويلا ....و لكن من أخبرها بذلك .... أم أنها تتوقع هذا الشيء ....مالك تفكرين؟ جاءني صوتها القوي هذه المرة ...هل تعتقدين أني أقول هذا لأني مريضة؟ كلا ربما أكون أطول عمرا من الأصحاء ....و أنت الى متى تعيشين ؟.....ربما عشرون سنة ...ربما أربعون .....ثم ماذا ؟ لمعت يدها في الظلام و هزتها بقوة ....لا فرق بيننا كلنا سنرحل و سنغادر هذه الدنيا اما الى جنة او الى نار ...ألم تسمعي قوله تعالى:( فمن زحزح عن النار و أدخل الجنة فقد فاز)؟ تصبحين على خير ...هرولت مسرعة و صوتها يطرق أذني .....هداك الله ....لا تنسي الصلاة....الثامنة صباحا ......أسمع طرقا على الباب ....هذا ليس موعد استيقاظي ...بكاء ....أصوات ...يا الهي!!!ماذا جرى؟ لقد تردت حالة نورة ...و ذهب بها أبي الى المستشفى ....ان لله و ان اليه راجعون ....لا سفر هذه السنة ....مكتوب علي البقاء هذه السنة .......بعد انتظار طويل عند الساعة الواحدة زوالا .....هاتفنا أبي من المستشفى ..تستطيعون زيارتها الان هيا بسرعة .....أخبرتني أمي أن حديث أبي غير مطمئن و أن صوته متغير ...عباءتي في يدي ....أين السائق ؟ .....ركبنا على عجل ..أين الطريق الذي كنت أذهب لاتمشى مع السائق فيه يبدو قصيرا ؟ .....ماله اليوم طويل ؟! أين ذلك الزحام المحبب الى نفسي كي ألتفت يمنى و يسرى ؟!..زحام أصبح قاتلا و مملا ....أمي بجواري تدعو لها ...انها بنت صالحة و مطيعة ...لم أرها تضيع وقتها أبدا ....هذا مريض يتأوه ...و هذا مصاب بحادث سيارة ...و ثالث عيناه غائرتان ...لا تدري هل هو من أهل الدنيا أم من اهل الاخرة .....منظر عجيب لم أره من قبل ...صعدنا درجات السلم بسرعة ....انها في غرفة العناة المركزة ....و ساخذكم اليها .....ثم واصلت الممرضة انها بنت طيبة و طمانت أمي انها في تحسن بعد الغيبوبة التي حصلت لها ....ممنوع الدخول لأكثر من شخص واحد ....هذه هي غرفة العناية المركزة ....وسط زحام الأطباء و عبر النافذة الصغيرة التي في باب الغرفة أرى عيني أختي نورة تنظر الي و أمي واقفة بجوارها ....بعد دقيقتين خرجت أمي التي لم تستطع اخفاء دموعها ....سمحوا لي بالدخول و السلام عليها بشرط ألا أتحدث معها كثيرا ...دقيقتين كافية ....كيف حالك يانورة؟ لقد كنت بخير البارحة ماذا جرى لك ؟ أجابتني بعد أن ضغطت على يدي : وأنا الان و لله الحمد بخير ...الحمد لله ولكن يدك باردة يانورة ...
كنت جالسة على حافة السرير و لامست ساقها ...أبعدته عني ...أسفة اذا ضايقتك ...كلا ولكني تفكرت في قول الله تعالى :( و التفت الساق بالساق الى ربك يومئذ المساق) عليك يا هناء بالدعاء لي فربما أستقبل عن قريب أول أيام الاخرة ....سفري بعيد و زادي قليل ....سقطت دمعة من عيني بعد أن سمعت ما قالت و بكيت ....لم أع أين أنا ...استمرت عيناي في البكاء ...أصبح أبي خائفا علي أكثر من نورة ...لم يتعودوا هذا البكاء و الانطواء في غرفتي ....مع غروب شمس ذلك اليوم الحزين ...ساد صمت طويل في بيتنا ....دخلت علي ابنة خالتي ...ابنة عمتي ...أحداث سريعة ...كثر القادمون ...اختلطت الاصوات ....شيء واحد عرفته ....نورة ماتت ....لم أعد اميز من جاء .....و لاأعرف ماذا قالوا ....ياالله أين أنا ؟وماذا يجري ؟ ....عجزت حتى عن البكاء ....فيما بعد أخبروني أن أبي أخذ بيدي لوداع أختي الوداع الاخير ...و أني قبلتها ....لم أعد أتذكر الا شيئا واحدا ....حين نظرت اليها مسجاة ....على فراش الموت ....تذكرت قولها (و التفت الساق بالساق الى ربك يومئذ المساق) عرفت حقيقة أن (الى ربك يومئذ المساق) لم أعرف انني عدت الى مصلاها تلك الليلة....و حينها تذكرت من قاسمتني رحم أمي فنحن توأمين ....تذكرت من شاركتني همومي ....تذكرت من نفست عن كربتي .....من دعت لي بالهداية ...من ذرفت دموعها ليالي طويلة و هي تحدثني عن الموت و الحساب .....الله المستعان ...هذه أول ليلة لها في قبرها ...اللهم ارحمها ونور لها قلبها ...هذاهو مصحفها ....و هذه سجادتها ....وهذا ....وهذا ....بل هذا هو الفستان الوردي الذي قالت لي سأخبئه يوم زواجي........تذكرتها و بكيت على أيامي الضائعة ....بكيت بكاءا متواصلا ..ودعوت الله أن يرحمني و يتوب علي و يعفو عني ....دعوت الله أن يثبتها في قبرها كما تحب ان تدعو.......فجاة سالت نفسي :ماذا لو كنت أنا الميتة؟ ما مصيري ؟ لم أبحث عن الاجابة من الخوف الذي اصابني بكيت بحرقة ....الله أكبر ....الله أكبر .....هاهو أذان الفجر قد ارتفع ...و لكن ما اعذبه هذه المرة ...احسست بطمأنينة و راحة و أنا أردد ما يقوله المؤذن ....لفلفت ردائي و قمت واقفة أصلي صلاة الفجر ....صليت صلاة دموع ....كما صلتها أختي من قبل و كانت اخر صلاة لها

images


اذا أصبحت لا أنتظر المساء
واذا أمسيت لا أنتظر الصباح

images

انتظروني في القصة المقبلة ان شاء الله
:bye01::bye01::bye01::bye01:
 
راااااااااااااااااائع
جزاك الله ألف خير ان شاء الله
 
رد: الزمن القادم (القصة الاولى: الرحيل )

بارك الله فيك وجعلها في ميزان حسناتك
ممتعة أثر فيّ كثيرا هذا الكتاب
اهدتني اياه استاذتي في الثانويه جزاها الله خبرا وبارك فيها
الحمد لله
 
رد: الزمن القادم (القصة الاولى: الرحيل )

يمنع رفع المواضيع القديمة و التي مر عليها اكثر من 5 أشهر .

للغلق
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top