بحث بعنـوان التنشئة الاجتماعية

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

بثيــــنة 19

:: عضو فعّال ::
إنضم
29 نوفمبر 2009
المشاركات
1,922
نقاط التفاعل
1,454
النقاط
111
محل الإقامة
سطيف
خطة البحث
المقدمة
-المبحث الأول : ماهية التنشئة الاجتماعية
·المطلب الأول : مفهوم التنشئة الاجتماعية
·المطلب الثاني : خصائصها
·المطلب الثالث : أهدافها
·المطلب الرابع : دور التنشئة الاجتماعية
-المبحث الثاني : مؤسسات التنشئة الاجتماعية
·المطلب الأول : الأسرة
·المطلب الثاني : دار الحضانة
·المطلب الثالث : رياض الأطفال
·المطلب الرابع : المدرسة
-المبحث الثالث : الثقافة و التنشئة الاجتماعية
·المطلب الأول : مفهوم الثقافة
·المطلب الثاني : أهمية الثقافة
·المطلب الثالث : عناصر الثقافة
·المطلب الرابع : علاقة الثقافة بالتنشئة الاجتماعية
-الخاتمة
-قائمة المراجع و المصادر
المقدمة
تنطلق هذه المداخلة من أطروحة أساسية وهي أن التنشئة الاجتماعية للإنسان كتلميذ أو مواطن يجب في عالم اليوم، أن تتجاوز خصوصية الثقافة المحلية أو الوطنية وتنطلق لتتفاعل وتتعامل مع ثقافة عالمية إنسانية ودولية معقدة ومتنوعة وذات أبعاد مادية ومعنوية. وهذه الحقيقة أو الفرضية هي أهم خاصية وميزة لمجتمع القرن الحادي والعشرين الذي بدأت تتبلور ملامحه، والذي سيدمج كذلك الشعوب والثقافات في ثقافة إنسانية أو ثقافة عالمية لها طبيعتها وديناميكيتها وآلياتها الفكرية والتقنية، ومحافظا على القاسم المشترك بين الثقافات وإعطاء مكانا للخصوصيات الثقافية وتنوعها.
إن الأزمة التي تعاني منها الكثير من المجتمعات المتقدمة والنامية في العالم هي ضعف قدرتها على بناء جسر ثقافي يسهل ويهيء التواصل والتفاعل والترابط الاجتماعي بين الخصوصيات الثقافية والثقافة العالمية الإنسانية، ويتجلى ذلك أوضح ما يكون في أزمة التربية والتنشئة الاجتماعية للإنسان، سواء كان تلميذا في مدرسة أو مواطنا في مجتمع. إن بناء هذا الجسر الثقافي أصبح ولا شك في بداية القرن الحادي والعشرين ضرورة حيوية للإنسان والحضارة الإنسانية، فلا تستطيع ثقافة أو مجتمع أو إنسان، حتى لو أراد ذلك، أن يعيش منعزلا ومنغلقا على نفسه وذاته لاعتبارات تقدم التكنولوجيا والاتصال والمعلومات، ولاعتبارات التعاون الدولي، ومنغلقا على نفسه وذاته لاعتبارات تقدم التكنولوجيا والاتصال والمعلومات، ولاعتبارات التعاون الدولي ورفع مستوى معيشة الإنسان وتحسين نوعية حياته.
والسؤال الأساسي الذي تطرحه هذه المداخلة هو كيف يمكن بناء هذا الجسر الثقافي بين الثقافات المتنوعة في مجتمع القرن الحادي والعشرين؟ بهدف تحقيق التواصل الثقافي الذي من خلاله يحافظ الإنسان في شخصيته على عنصرين مترابطين في آن واحد هما؛ خصوصيته الثقافية النابعة من تاريخه وتراثه، ومشاركته الفاعلة في الثقافة الإنسانية العالمية.
المبحث الأول : ماهية التنشئة الاجتماعية
المطلب الأول : مفهوم التنشئة الاجتماعية
لغة : إنالتنشئة الاجتماعية هي socialisation في اللغةالفرنسية وsocialization في اللغة الإنجليزية ، كما أمكن العلماء من تحديد مصطلح عربي مقابل لها والمتمثل في مصطلح " الجتمعة " ولكنه قليل الاستعمال والتداول .
والتنشئةالاجتماعية لفظ غير معتمد في قواميس اللغةالعربية ومعاجمها ولم ترد مجتمعة حيث يمكن أن نجد لفظ تنشأ ونشأ وتنشئة ، وهي معاني تتضمن النمو والحياة وممارسة بعض الحركات والعمليات التربوية التي تعمل في مجموعها على جعل الصغير ينمو ويكبر.
فكلمة " تنشئة " تعني " أقام " و نشأ الطفل معناها شب و قرب من الإدراك ، و يقال نشأ في بني فلان أي ربي فيهم و شب "
وبارتباطها بلفظ " اجتماعية " يصبح مدلولها مقترنا بنمو الفرد في حالته الاجتماعية. وبهذا يمكننا استخلاص أن لفظ التنشئة الاجتماعية من الألفاظ المستحدثة في ميدان العلوم الاجتماعية ، وقلما تستخدم في ميدان اللغة العربية.

اصطلاحا : لقد اتخذ مفهوم التنشئة الاجتماعية مصطلحات وأبعاد متعددة ومتنوعة بسبب تنوع واختلاف العلوم كل حسب تخصصه وكل وفق منظوره كعلم الاجتماع ، وعلم النفس و الانتربولوجيا وعلم التربيــة ، وأطلقت عليها تسميات مختلفة كالتعلم الاجتماعي و الاندماج الاجتماعي والتطبيع الاجتماعي ولا تخرج هذه التسميات في نظر علماء الاجتماع عن كونها "عمليات" والتي يتم من خلالها إعداد الفرد ليأخذ مكانة في الجماعة التي ولد فيها.

- التنشئة الاجتماعية هي عملية تفاعل يتم عن طريقها تعديل سلوك الشخص بحيث يتطابق مع توقعات أعضاء الجماعة التي ينتمي إليها. وهي العملية القائمة على التفاعل الاجتماعي التي يكتسب فيها الطفل أساليب ومعايير السلوك والقيم المتعارف عليها في جماعته، بحيث يستطيع أن يعيش فيها ويتعامل مع أعضائها بقدر مناسب من التناسق والنجاح .
- وعرفها فليب ماير بأنها:« عملية يقصد بها طبع المهارات والاتجاهات الضرورية التي تساعد علي أداء الأدوار الاجتماعية في المواقف المختلفة » .
- يعرفها السيد عثمان بأنها : « عملية تعلم قائمة على تعديل أو تغير في السلوك نتيجة التعرض لخبرات وممارسات معينة خاصة ما يتعلق بالسلوك الاجتماعي لدى الإنسان ».
وبهذا تعرف التنشئة الاجتماعية بأنها :
"عملية تعلم وتعليم وتربية، تقوم على التفاعل الاجتماعي، وتهدف إلى اكتساب الفرد طفلا مراهقا فراشدا فشيخا سلوكا ومعايير واتجاهات مناسبة لأدوار اجتماعية معينة هذه المعايير تمكنه من مسايرة جماعية والتوافق الاجتماعي معها وتكسبه الطابع الاجتماعي وتيسر له الاندفاع في الحياة الاجتماعية
المطلب الثاني : خصائص التنشئة الاجتماعية
من خلال العرض السابق لمفهوم التنشئة الاجتماعية يمكن أن نستنتج جملة من الخصائص التي تتميز بها عملية التنشئة فيما يلي:

-إنها عملية نسبية : أي تختلف باختلاف الزمان والمكان كما تختلف باختلاف الطبقات الاجتماعية داخل المجتمع الواحد، كما أنها تختلف من بناء لآخر ومن تكوين اجتماعي واقتصادي لآخر .
-إنها عملية ديناميكية:أي أنها عملية حركية مستمرة وفي تفاعل متغير، وهي بالتالي عملية أخذ وعطاء بحيث يصبح الفرد مكتسبا للثقافة التي يعيشها، ومن ثمة ينقل الثقافة للآخرين
-إنها عملية فردية اجتماعية: بمعنى أنها فردية خاصة بالفرد، بالإضافة إلى كونها اجتماعية لا تتم إلا ضمن الجماعة وفي الإطار الجماعي والاجتماعي.
-إنها عملية مستمرة: فالمشاركة المستمرة في مواقف جديدة متجددة، تتطلب تنشئة مستمرة يقوم بها الفرد بنفسه ولنفسه حتى يتمكن من مقابلة المتطلبات الجديدة للتفاعل وعملياتها المختلفة والتي لانهاية لها مما يترتب عليه ألا تكتمل التنشئة على الإطلاق، ولا تبقى الشخصية ثابتة في تفصيلها أبداً فالتنشئة تساير الإنسان عبر أطوار حياته المتنامية.
-إنها عملية تحول اجتماعي: أي يتحول من خلالها الفرد من طفل يعتمد على غيره متركزا حول ذاته لا يستهدف في حياته إلا إشباع حاجاته الفسيولوجية، إلى شخص ناضج يدرك معنى المسؤولية الاجتماعية وتحملها ومعنى الفردية والاستقلال. بمعنى أنها تحول الإنسان من فرد إلى شخص .
-إنها عملية معقدة: أي إنها عملية متشعبة تستهدف مهمات كبيرة تعتمد على أساليب ووسائل كثيرة لتحقق ما تهدف إليه
-تعدد وتنوع مؤسساتها وأساليبها: الأماكن التي تتم بها عملية التنشئة المقصودة وغير المقصودة متنوعة فهناك الأسرة الصغيرة، العائلة ، القبيلة ، والدولة والمدرسة والمعهد والجامعة ودور العبادة، وأماكن العمل ووسائل الإعلام على اختلاف أنواعها والنوادي الرياضية والاجتماعية والثقافية والثقافة المجتمعية
المطلب الثالث : أهداف التنشئة الاجتماعية
تتوخى التنشئة الاجتماعية تحقيق جملة من الأهداف في كل المحطات العمرية للإنسان حتى تستطيع تأكيد حضورها في المشهد الاجتماعي بوجه عام،ويمكن إجمال هذه الأهداف فيما يلي:
أ- تأمين انتقال الطفل من كائن بيولوجي إلى كائن اجتماعي.
ب- المساهمة في نقل التراث الاجتماعي والثقافي بين الأجيال.
ج- توجيه سلوك الأفراد وتصرفاتهم بما ينسجم مع متواضعات المجتمع.
د - تمكين الفرد من المشاركة الاجتماعية،وتحقيق التماسك الاجتماعي وفقا للقيم والقواعد الاجتماعية المرعية.
ه- تحقيق التوافق الاجتماعي من خلال الاتساق مع القيم والمعايير الاجتماعية للمجتمع.
و-‌ تعليم وتدريب الفرد على الأدوار الاجتماعية،بما يُهيئ التناغم مع ثقافة المجتمع.
ز‌- مساعدة الفرد على تحقيق طموحاته البناءة،وتزويده بمختلف الخبرات التي تساعده التدرج في سلم الترقي الاجتماعي ،دون التمرد على ثقافة مجتمعه.

المطلب الرابع : دور التنشئة الاجتماعية
تساهم عملية التنشئة الاجتماعية في التوفيق بين دوافع الفرد ورغباته ومطالب الآخرين المحيطين به وبذلك يتحول الفرد من طفل متركز حول ذاته ومعتمد على غيره هدفه إشباع حاجاته الأولية، إلى فرد ناضج يتحمل المسؤولية الاجتماعية ويدركها بالقيم والمعايير الاجتماعية السائدة ، فيضبط انفعالاته ويتحكم في إشباع حاجاته وينشئ علاقات اجتماعية سليمة
وقد لخص "محمد عبدو محجوب" دور التنشئة الاجتماعية في النقاط التالية :

* تقوم التنشئة بدور هام في تشكيل شخصية الفرد وفي تكوين اتجاهاته وميوله ونظرته إلى الحياة من حوله، فالمواقف الاجتماعية المؤلمة والمفرحة التي يتعرض لها الطفل في سنواته الأولى مثل مواقف الرضاعة والفطام والتدريب على النظافة وغيرها من أساليب التنشئة لها اثر على تكوين شخصيته في المستقبل.
* تقوم التنشئة الاجتماعية بدور فعال في إعداد الفرد ليلعب أدواراً متعددة، لأنه مطالب بمجموعة من النشاطات والأفعال في المجتمع الذي يعيش فيه كي تنتظم الحياة الاجتماعية وعليه فلابد أن يحتل مجموعة من المكانات التي منها ما يتحدد بولادته مثل:النوع، الدين، العرف والطبقة وأن يكون مستعداً وقادراً على القيام بالأدوار التي توكل إليه.
* تشمل عملية التنشئة على مجموعة من المدخلات التي يكسب بها الفرد من خلالها بعض خصائصه الشخصية مثل: المعرفة، المدركات، المهارات، الاتجاهات، القيم و الدوافع، الحاجات وهي تحدد في مجموعها معالم الشخصية المتميزة وتحدد له الطريقة التي يتكيف بها مع عالمه الثقافي والاجتماعي والفيزيقي.
* تشمل عملية التنشئة الاجتماعية على مجموعة من المدخلات أو المكونات البنائية التي يكسب الفرد من خلالها بعض خصائص شخصيته، والتي منها القيم والرموز والأخلاق والسجايا والمعتقدات والمفاهيم، والأمثال والمعايير والتقاليد والأعراف والوسائل والمهارات المستعملة من طرفه في تعامله مع بيئته .
ومن أهم وظائف التنشئة الاجتماعية تعليم الشخص المشاركة في الأدوار الاجتماعية ولذلك تكون الموضوعات التي يمكن إستدماجها هي الأدوار الاجتماعية ووظائفها.
المبحث الثاني : مؤسسات التنشئة الاجتماعية
إن عملية التنشئة الاجتماعية ليست عملية تعلم رسمي يتلقاه الفرد في المؤسسات الرسمية، وإنما هي أوسع من ذلك بكثير، إذ يدخل فيها اكتساب الفرد لأساليب السلوك والعادات الفردية والمهارات والاتجاهات وغيرها، وهي كلها أمور تنتقل إلى الفرد عن طريق المحيطين به عن طريق التفاعل والتواصل وفي المواقف الحياتية المتعددة، ومن خلال وحدات اجتماعية ومؤسسات ينشئها المجتمع من اجل تنمية استعدادات الأفراد الفطرية وتدريبهم على تلبية حاجاتهم وتأهيلهم للحياة الاجتماعية. ولذلك سنتناول هذه المؤسسات التي تختلف في تقسيمها وتصنيفها باختلاف وظائفها بالتفصيل .

المطلب الأول : الأسرة
تعتبر الأسرة من أهم المؤسسات الاجتماعية والتربوية المسؤولة عن تزويد الجيل الجديد بالتربية والتعليم واكتساب الخبرات والمهارات والمؤهلات العلمية والتقنية التي هي السبيل الوحيد لنهوض المجتمعات المعاصرة ورقيها وتقدمها، لذا نجد أن الأسرة تسعى من أجل زرع الخصال القيمة والسلوكية الايجابية عند الأحداث والمراهقين والشباب، ورعايتهم من كل الجوانب، ومن أجل اكتساب أسس ومبادئ ومقومات الثقافة والتربية والتعليم لكي يكونوا قادرين على المشاركة الفاعلة في بناء المجتمع وتطويره في كافة المجالات .

المطلب الثاني : دار الحضانة
الحضانة: مصدر حَضَنَ وهي الولاية على الطفل لتربيته وتدبير شؤونه.
مدارس الحضانة : هي مدارس ينشأ فيها صغار الأطفال. أما حَاضنَة : هي المرأة التي تقوم على تربية الصغير، والمرأة التي تقوم مقام الأم في تربية الولد بعد وفاتها.
تحتضن دار الحضانة الأطفال مجهولون الوالدين، والأطفال الذين عجز الوالدان عن القيام بتربيتهم وحضانتهم بسبب عاهة عقلية، أو حالات الانفصال والزواج بأخرى وتنازل الوالدين عن الطفل.
تعتبر دور الحضانة من أهم العوامل في تنشئة الطفل الثقافية والاجتماعية بعد أسرته لأن تفكير الأطفال في هذه المرحلة من العمر يزداد نمواًَ وتطوراً، مما يستلزم معه إعداد الخبرات التجريبية والتربوية وتدريب الأشخاص القائمين على رعايتهم
توفر الحضانة الإيوائية كل وسائل الرفاهية النموذجية للأطفال فتحتوي على عدد كبير من الحجرات يقطن كل عدد خاص من الأطفال في حجرة خاصة، ولهم أم بديلة تقوم برعايتهم وتستوعب احتياجاتهم للحب والحنان كما تتوفر على ملاهي للأطفال، كما توجد بها روضة نموذجية للأطفال ما قبل المدرسة.
تدفع بعض الأسر بأطفالها بين الثانية والرابعة من العمر إلى دار الحضانة، هذا التوجه المبكر لوضع الطفل في مؤسسة يفترض أنها تربوية، يمكن أن يكون بالنسبة للعديد من الأطفال خبرة ثمينة تهيئ للعب مع أطفال من نفس عمره تقريبا.
كما تقدم له أهم أوجه الحماية والرعاية أثناء عمل أوليائه، والعمل على توفير الإمكانيات والأجهزة والبرامج الاجتماعية، والصحية، والرياضية، والنفسية، والعقلية التي تتناسب مع عمره ولحماية الطفولة ووقايتهم من المشكلات والانحرافات الأخلاقية والسلوكية.

المطلب الثالث : رياض الأطفال
و هي تلك المؤسسة التربوية الاجتماعية التي يلتحق بها الأطفال من سن مابين الثالثة والسادسة من العمر، كما تعرف في كثير من البلدان بمدارس الحضانة أو مراكز الرعاية النهارية أو رياض الأطفال .
تعد الروضة ثاني المؤسسات التربوية الهامة التي تسهم في تربية الأطفال وتنشئهم، وهي تلي الأسرة كمؤسسة تربوية أولى، سواء من حيث المكانة الهامة التي تحتلها، أو الدور التربوي الذي تقوم به.
تسهم الروضة في إعداد الطفل جسدياً ونفسياً ومعرفياً واجتماعياًُ وأخلاقيا. وتهتم بمجالات محددة عديدة مثل السلوك النفسي الاجتماعي وتعليم الأطفال الآداب وقواعد المرور واللغة والإلمام بالمبادئ العلمية الأولية إضافة إلى الاهتمام باللعب والموسيقى والغناء وسواها، كما تقوم رياض الأطفال بتهيئة الأجواء النفسية التي يشعر الطفل فيها بالأمان والاستقرار العاطفي الذي يشجعه على الانطلاق والتعبير عن ذاته، وتنمية مهاراته وإشباع مختلف حاجاته.
المطلب الرابع : المدرسة
انه مع تطور المجتمعات ظهرت الحاجة إلى المدرسة التي لم يقصد بإنشائها نقل وظيفة الأسرة إليها. وإنما أريد بها مقابلة تلك الاحتياجات الجديدة الناشئة عن تطور المجتمع وتقدمه باشتراك المدرسة والأسرة، من جانب أو من جوانب قد لا تستطيع الأسرة الوفاء بها في ظل إمكانياتها والتغيرات التي طرأت على المجتمع.
تشترك المدرسة مع غيرها من مؤسسات المجتمع في فعل التنشئة الاجتماعية، وهي أقرب إلى الأسرة والمؤسسة والمدرسة وغيرها من الوكالات الإعلامية. المدرسة هي واحدة من وكالات التنشئة الاجتماعية لكن الفرق بين المدرسة وغيرها من الوكالات أن المدرسة هي الوحيدة المتخصصة بالتنشئة أي ليس لها أدوار أخرى فهي تقتصر على التنشئة، وما يرتبط بها من اصطفاء.
هي أهم المنظمات الاجتماعية التي تعمل على تنشئة الطفل اجتماعيا بخطط وبرامج مقصودة، كما أن لها دورا في بيئة التعلم النفسية والاجتماعية، لها دور خطير في حياة الطلاب لأنها تحقق لهم عوامل النجاح والفشل. يهتم علماء النفس التعليمي بعمليات التعلم وتسهيله وتحسينه، وتنمية التفكير العلمي والابتكار والقدرات العقلية ولذلك يذكر" صلاح مراد" أن التعلم يهدف إلى اكتساب التلاميذ للمعرفة وتنمية المهارات في المجالات المختلفة، كما يهدف إلى تنمية أساليب التفكير العلمي والاستدلالي.
وتتميز المدرسة كبقية المؤسسات الاجتماعية بالديناميكية والتفاعل وهي من أدلة ازدياد مرحلة التخصص والنواة.
المبحث الثالث : الثقافة و التنشئة الاجتماعية
المطلب الأول : مفهوم الثقافة
كلمة عريقة في اللغة العربية أصلا، فهي تعني صقل النفس والمنطق والفطانة، وفي القاموس المحيط: ثقف ثقفا وثقافة، صار حاذقا خفيفا فطنا، وثقفه تثقيفا سواه، وهي تعني تثقيف الرمح، أي تسويته وتقويمه. واستعملت الثقافة في العصر الحديث للدلالة على الرقي الفكري والأدبي والاجتماعي للأفراد والجماعات. والثقافة ليست مجموعة من الأفكار فحسب، ولكنها نظرية في السلوك بما يرسم طريق الحياة إجما لا، وبما يتمثل فيه الطابع العام الذي ينطبع عليه شعب من الشعوب، وهي الوجوه المميزة لمقومات الأمة التي تميز بها عن غيرها من الجماعات بما تقوم به من العقائد والقيم واللغة والمبادئ، والسلوك والمقدسات والقوانين والتجارب. وفي الجملة فإن الثقافة هي الكل المركب الذي يتضمن المعارف والعقائد والفنون والأخلاق والقوانين والعادات.
فإنه يمكن استخدام كلمة "ثقافة" في التعبير عن أحد المعانى الثلاثة الأساسية التالية:
التذوق المتميز للفنون الجميلة والعلوم الإنسانية، وهو ما يعرف أيضا بالثقافة عالية المستوى.
نمط متكامل من المعرفة البشرية، والاعتقاد، والسلوك الذي يعتمد على القدرة على التفكير الرمزي والتعلم الاجتماعي.
مجموعة من الاتجاهات المشتركة، والقيم، والأهداف، والممارسات التي تميز مؤسسة أو منظمة أو جماعة ما.
عندما ظهر هذا المفهوم لأول مرة في أوروبا في القرنى الثامن عشر والتاسع عشر، كان يشير فيما يشير إليه إلى عملية الاستصلاح أو تحسين المستوى، كما هو الحال في عملية الزراعة أوالبستنة.أما في القرن التاسع عشر، أصبح يشير بصورة واضحة إلى تحسين أو تعديل المهارات الفردية للإنسان، لا سيما من خلال التعليم والتربية، ومن ثم إلى تحقيق قدر من التنمية العقلية والروحية للإنسان والتوصل إلى رخاء قومى وقيم عليا. إلى أن جاء منتصف القرن التاسع عشر، وقام بعض العلماء باستخدام مصطلح "الثقافة" للإشارة إلى قدرة الإنسان البشرية على مستوى العالم.
وبحلول القرن العشرين، برز مصطلح "الثقافة" للعيان ليصبح مفهوما أساسيا في علم الانثروبولوجيا، ليشمل بذلك كل الظواهر البشرية التي لا تعد كنتائج لعلم الوراثة البشرية بصفة أساسية. وعلى وجه التحديد، فإن مصطلح "الثقافة" قد يشمل تفسيرين في الأنثروبولوجيا الأمريكية؛ *التفسير الأول: نبوغ القدرة الإنسانية لحد يجعلها تصنف وتبين الخبرات والتجارب بطريقة رمزية، ومن ثم التصرف على هذا الأساس بطريقة إبداعية وخلاقة.
المطلب الثاني : أهمية الثقافة

تعود أهمية الثقافةلفاعليتها الشديدة في قيم الأفراد ومعتقداتهم الثابتة. وتتمثل هذه الأهمية في القيم والمعتقدات الراسخة التي أثبتت فاعليتها في الماضي, باعتناق الناس لها وتقبلها.

والثقافة المشتركة يمكن أن تفيد الدولة بخلقها لبيئة تساعد على تطوير الأداء وتوفير إدارة التغيير, ويمكن أيضاً أن تضر الدولة بوضع المعوقات التي تعوق تحقيق استراتيجيات الشركة وتسبب مقاومة التغيير وعدم الالتزام.

وبالنسبة لمفهوم " التوافق الثقافي " فيعتبر في غاية الأهمية لأنه إذا لم تتوافق الابتكارات مع الثقافةالقائمة تصبح عديمة الجدوى, إلا إذا تغيرت الثقافة
المطلب الثالث : عناصر الثقافة
يرى بعض العلماء ان الثقافة تقسم الى قسمين رئيسيين :
1.عناصر مادية : و هي تتضمن كل ما ينتجة الانسان من مخترعات حسية .

2.عناصر غير مادية : تتضمن الاعراف و العادات و التقاليد و القيم و الاخلاق ، و هي عناصر سلوكية التي يمارسها الفرد خلال حياته .
ولكن الغالبية العظمى ترى ان العناصر الثقافية ثلاثه و على رأس هؤلاء العلماء " رالف لنتون " الذي قسم العناصر الثقافية الى :
1) العموميات او العالميات الثقافية :
وهي تلك العناصر من الثقافة التي تشترك فيها الغالبية العظمى من الامة (( عموميات )) او الغالبية العظمى من العالم (( عالميات )) .. و تشمل هذه العناصر المخترعات المادية و الممارسات المعنوية . و هذه العناصر مثل الافكار العامة ، العادات و التقاليد ، النظم ، و الاستجابات العاطفية ، و المخترعات التي تخدم الامه و تميزها عن غيرها و تجعلها متميزة باسلوب حياة معينة و استعمالات للمخترعات التي بين يديها بطريقة خاصة بها . فالزواج من حيث المحتوى او المفهوم يعتبر من العالميات أما من حيث الشكل و الطريقة فيعتبر من العموميات .
2) الخصوصيات او التخصصات الثقافية :
هي العناصر التي يشارك بها بعض الافراد المجتمع ، او فئة من المجتمع ولكن ممارسة تلك الفئة من الناس لهذا النوع من الثقافة يعود بالفائدة دوما على المجتمع ككل ، ولا يضر بأحد كما انه ذو فائدة كبيرة للجماعة .. مثال على ذلك ما يقوم به البعض من سلوكيات او مهارات او قدرات تعود بالفادة على الجميع ..

المطلب الرابع : علاقة الثقافة بالتنشئة الاجتماعية:
إذا كانت التنشئة الاجتماعية تمثل عملية انتقال الثقافة من جيل إلى آخر،والطريقة التي يتم بها إعداد الأفراد منذ طفولتهم ليعيشوا في مجتمع ذي ثقافة معينة،ويدخل في ذلك ما يلقنه الآباء والمدرسون والمجتمع من لغة ودين ومعايير ومعلومات و مهارات(5).ويعكس هذا التعريف طبيعة العلاقة الكائنة بين التنشئة الاجتماعية والثقافة،فالتنشئة الاجتماعية بمثابة القناة التي تُؤمن مرور الثقافة بين الأجيال،وإحداث حالة من التناغم والملاءمة الاجتماعية بين الأفراد والمجتمع عبر تشربهم لمتواضعاته،ومادامت ثقافة الطفل هي اللبنة الأولى لثقافة الإنسان والمجتمع،فيجدر أن نقدم هذه الثقافة إلى أبنائنا في صورة هدايا ناعمة تستثير رغبتهم منذ صغرهم لمزيد من جرعاتها في صورة إمتاع وجداني عقلي يسعى إليه ويصبح التزاما بالنسبة له،ولا يُجبر عليه فيكون قيدا يستعجل لحظة الفكاك منه.لاسيما وأن الثقافة تشكل ذاكرة الإنسان الحضارية التي تُؤمن تجذره في الماضي ،وحضوره في الراهن، ورُؤيته في المستقبل،فهي بحق بوصلة ضابطة لإيقاع حركة الفرد والمجتمع.لذلك تجد المفكر مالك بن نبي كان رجلا عمليا،مدركا ومتحسسا ببعد نظره وثاقب فكره لتحديات المستقبل،وقد واصل من خلال تشخيصه لمشكلات وأدواء العالم الإسلامي إلى قناعة فكرية مفادها أن كل تفكير في مشكلة الإنسان هو تفكير في مشكلة الحضارة،وكل تفكير في مشكلة الحضارة هو تفكير في مشكلة الثقافة. وقد نصح بضرورة تجاوز فكرة الانهماك في البحث عن تعريف للثقافة إلى التركيز على الآليات العملية الكفيلة بتفعيلها ميدانيا في صورة برنامج تربوي هدفه تغييرالانسان و إعادة اللحمة للنسيج الاجتماعي،وتماسك شبكة العلاقات الاجتماعية. مما يُيسر عملية التواصل الحضاري والثقافي بين الأجيال ،ولاسيما في ظل مجتمع المعرفة الذي يتغذى على المعلومات قوامه التفاعل المنتج بين مختلف مكونات النسيج الاجتماعي والثقافي.لأن السلوك الاجتماعي الذي يعكس روح ثقافة المجتمع لاتصنعه الأسرة أو المدرسة بمفردها ،بل هو انعكاس للبيئة الاجتماعية بمختلف مؤسساتها حيث يتأثر الفرد بالإطار الثقافي الاجتماعي المحيط به.فعلاقات التشابك والتلاقي بين الثقافة والتنشئة الاجتماعية متعددة،فالثقافة باعتبارها مخزن وعي ووجدان ومخزن صورة الذات والغيروالآخرو العالم،ومن حيث احتوائها على لوحة القيم-حسب ماجاء في إعلان مكسيكو للسياسات الثقافية،إما أن تكون رافدا قويا للتربية،أو عائقا للتطور إذا غلبت عليها الصور السالبة.وهذا دليل على قدرة الثقافة قوة وضعفا على التأثير في مسيرة المجتمع تحو الترقي والنهوض.
وتبين الدراسات الجارية في ميدان التنشئة الاجتماعية أن الأساليب التسلطية والتقليدية في التربية تؤدي إلى هدم البنية النفسية والاجتماعية والعقلية للشخصية عند الأطفال. وعلى خلاف ذلك تبين هذه الدراسات أن الأطفال الذين يعيشون في أوساط أسرية تعتمد التنشئة الاجتماعية الديمقراطية يتميزون بالسمات التالية:

الخاتمة:
التنشئة الاجتماعية هي عبارة عن الإسمنت المسلح الذي يربط مختلف مكونات النسق الاجتماعي ببعضها البعض،من خلال إعادة إنتاج منظومة القيم والمعاني والمعايير الاجتماعي ،وترسيخها في نفوس الناشئة،فالفاعلين الاجتماعيين يرتبطون مع بعضهم من خلال جملة من الأدوار توجهها قيم ثقافية تم إنتاجها عبر آليات التنشئة الاجتماعية،التي هي بمثابة بناء شخصية الكائن الإنساني من خلال تمثله لشبكة العلاقات القائمة بين الأدوار الاجتماعية ،وكذا مضمون هذه العلاقات ومعانيها لأنه على ضوء ذلك تتحدد طبيعة العلاقة القائمة بين المستويين الاجتماعي والثقافي المشكلان للنسق الاجتماعي.ولاشك أن مهمة التنشئة الاجتماعية أضحت اليوم مسؤولية أصعب من أي وقت مضى ،فمع تعدد المؤسسات الراعية للناشئة،وتنوع الاتجاهات والنزعات،بات قي حُكم العسير ضبط التنشئة حسب إيقاع محدد،مما يجعل من الضروري التزام أسلوب المرونة والتكيف الايجابي في التعاطي مع مختلف البرامج والمخططات مع الحرص الدائم على تنمية شخصية الفرد وبناء ذاته بصورة متوازنة تقوى على مواجهة الصعاب،والوعي بالتحديات دون الانصهار فيها.ولن يأخذ الوجود الثقافي للمجتمع في الظروف الراهنة أبعاده الحقيقية إلا إذا تم تهيئة الأرضية التربوية الملائمة عن طريق تنمية المتعلم،وتزويده بكل الآليات التربوية التي تجعل منه قوة فاعلة وقادرة على أن تعيش عصرها دون أن تفقد إحساسها بذاتها،شخصية قادرة على الأخذ والعطاء والتفاعل والإثراء.تحقق ذاتها ،وترسم بصماتها الحضارية على المشهد الثقافي للقرية الكونية



قائمة المصادر و المراجع
كتب باللغة العربية :
( 1 ) إبراهيم محمود ، أمل دكاك .. [ و آخرون ] ، تحرير عبد الواحد علواني ، ثقافة الطفل ، واقع و آفاق ،
ط1 ( دمشق : دار الفكر ، 1997 )
( 2 ) عبدالله قاسم الوشلي ، الإعلام الإسلامي في مواجهة الإعلام المعاصر ، ط2 ( صنعاء اليمن : دار عمان للنشر و التوزيع ، 1994 )
( 3 ) عبد الصبور مرزوق ، الغزو الفكري ، أهدافه و وسائله ( مؤسسة مكة للطباعة و الإعلام )
مواقع الكترونية :
( 7 ) http:\\www.difaf.net/main/?p=1868
الزبير بن عون ، " التنشئة الاجتماعية .. ماهيتها ، نظرياتها و مؤسساتها "
( 8 ) http:\\www.ibtesama.com/vb/showthread-t_31584-html
عيسى الشماس "وسائل الإعلام و التنشئة الاجتماعية "
( 9 ) http://mazouzpsychologie.maktoobblog.com
مزوز بركو ، " مفهوم التنشئة الاجتماعية "
1- محمد إبراهيم عايش وآخرون،‘أنماط المشاهدة لبرامج الأطفال في محطات التلفزة المحلية العربية ،مجلة شؤون اجتماعية،ع76،السنة19 ،جمعية الاجتماعيين ،الشارقة،2002،ص68.
2-معن خليل عمر، التنشئة الاجتماعية، دار الشروق، عمان،2004، ص17.
5- درة شلبي منصور،وسائل الإعلام والاتصال والتنشئة الاجتماعية،مجلة الإذاعات العربية ع01،اتحاد الإذاعات العربية ،تونس،2006،ص53.
 
آخر تعديل:
اختي بثينة اشكركي جزيل الشكر على المواضيع الهامة التي تقديمينها
 
اختي بثينة اشكركي جزيل الشكر على المواضيع الهامة التي تقديمينها

علــى الرحب والسعة اختــــــاه فهذا من واجبي :regards01:
أتمنى أن يستفيــــد الجميع
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top