وبقيت أنا..

اسيل17

:: عضو مُشارك ::
إنضم
3 أوت 2011
المشاركات
292
نقاط التفاعل
201
النقاط
13
وبقيت أنا..




فاجأتني أختي ريناد تقول:
- هيا يا ريم عادل عند الباب
التقطت عباءتي وحقيبتي، ودعت النساء بسرعة فعادل لا يحتمل الوقوف لدقائق لينتظرنا.. خرجت أنا وريناد نركض.. ليكون لي قصب السبق في الركوب وحتى لا يقول عادل: ريم آخر من يركب دوماً..!!
ارتميت على المقعد وأنا أهتف: أمي ستأتي الآن.. والتفت لأصرخ بريناد: اركبي..
وتفاجأت أن عادل لا يتكلم... بل التفت إليّ بهدوء وهو يبتسم.. وحينها تنبهت.. أن هناك شخص يقبع في المقعد بجانبه..
ابتلعت ريقي وسكت.. وكذا ريناد صمتت – على غير العادة- وساد المكان هدوء شديد خلت معه أني أسمع دقات قلبي..
وحين ركبت أمي قال عادل: أمي.. هذا وليد.. يسلم عليك...
- أهلاً يا خالة.. كيف حالك؟
وكان الصوت.. كيف أصفه؟ حسناً.. إنه من ذلك النوع الهادئ القوي بذات الوقت.. لقد كان صوتاً يترك في المكان شحنات تشد الآذان إليه شداً..
- بخير يا بني.. كيف حالك؟ وأمك؟
ووجدت عيني بلا شعور تقع عليه.. كان يعطيني ظهره.. كتفاه عريضتان.. ومظهره رياضي غاية في الأناقة.. وشعره.. مقصوص بعناية...
خفضت عيني لأستوعب كل ما أمامي أكثر.. ثم رفعتهما أخرى.. فإذا هو يلتفت لعادل ويبتسم وهما يتمتمان..
بالتأكيد يضحكون على موقفي السخيف..!!
ولكن.. ابتسامته.. هي الأخرى كيف أصفها.. باختصار كانت جذابة.

* * *

حين أمسكت كتاب الأدب، كانت المعلمة تقرأ بصوت مرتفع.. لكنه على كل حال لم يطغى على شرودي وانغماسي في أفكاري..
إن صورة وليد لا تفارقني.. وكذلك سؤالي لماذا أفكر فيه إنه لا يفارقني..
الآن فهمت..
حرصه على توطيد العلاقة بين العائلتين.. وإشادته – على لسان عادل – أن طبخ بيتنا لذيذ! والكتاب نعم.. الكتاب الذي طلبته من عادل لأنه من مراجع البحث.. عندما سأل وليد عنه أخبره أنه لي وفي اليوم التالي.. كان الكتاب عندي!! ماذا لو كان يشعر بما أشعر به.. هل يبادلني وليد المشاعر حقاً؟ ريم اقرئي.. استفقت كالمذهولة.. فإذا الفصل غارق بالضحك..
إني أتذكر ذلك المساء جيداً.. كان كل شيء فيه جميلاً... وعندما يحيطك الهدوء.. وتشعر بأنك بانتظار أمر مفرح.. يصبح لعينيك بريق عجيب.. وهما ما رأيته في مرآتي ذلك اليوم..
لقد قالها عادل: ولو كانت على سبيل المزاح.. ولو أنه علق عليها هو وأمي بالضحك.. إلا أنه قالها.. وليد يريد ريم.. وغاب عني كل ما حولي.. رقصت الدنيا.. وأزهرت وابتهجت.. ولكن في غمرات سعادتي.. نسيت أن أقول أن عادل.. عادل الذي أعرفه جيداً.. بكل أنانيته ولامبالاته.. أردف قائلاً وكأنه يحاول سحب كل تلك البهجة التي تغمرني: (ولكن لن تكون له ريم.. حتى يعطيني أخته منى..)
حاولت تجاوز هذه الغصة.. فشرط أخي يقلقني.. وكلما تذكرت وليد تشجعت.. ولكن عادل يقف أمامي بغروره وكأنني لا شيء.. فيفسد فرحتي.. إنها فعلاً عقبة.. لأنني أعرف عادل جيداً.. وأعرف أن منى أعقل بكثير.. من أن ترتبط بشخص كعادل.. ولو كان أخي..

* * *

ككل شيء جميل في الدنيا.. تكون أنفاسه قصيرة.. وساعاته معدودة.. وكذا كانت فرحتي بوليد..
بأول نبض أحسسته بقلبي الغافل النائم بين ضلوعي لا يعلم عن شرور الدنيا شيئاً.. وحينما أقول شرور.. فهو بالتأكيد.. أخي عادل.. الذي قطع بعنجهيته علاقة رائعة مع صديق أروع.. لأجل مصلحته الشخصية وحساباته الخاطئة.. .
وجاء إلي متبجحاً ليقول: (أتدرين ماذا يقول وليد المغرور هذا.. يقول كان تحملي لصداقة مثلك غالياً.. تحملتك لأجل ريم.. ولكن صدقني.. ستخسرني يا عادل وستخسر ريم والأفدح أنك ستخسر احترامك لنفسك).
قال ذلك زاما شفتيه باشمئزاز: ثم أردف.. (فعلاً كنتما لائقين.. فهو مغرور.. وأنتي تقدسين بغباء غروره..)
لكن عادل في الحقيقة لم يكن يتكلم...
بل يلقي شظايا حارقة.. تكسر نفسي.. وتحيلها حطاماً متناثرة..
وافترق صديقان..
وافترق قلبان..
قلب.. ربما نبض بمثل ما ينبض به قلبي.. ولكنه ليس أقوى بالتأكيد.. لأنه لم يناضل من أجلي حقاً.. وإن كنت أعد تحمله لأخي عادل كل هذه الفترة شجاعة نادرة.. فمن ذا يطيق عادل؟؟
ولكنه تحمل لأجلي.. وخسر.. فانسحب..
وعادل قلم بدوره على أكمل وجه..
وبقيت أنا.. بين عادل ووليد.. ألملم شتات نفس.. سيطول تبعثرها.. وضياعها..



أنا أحيا في صراع من دمي تيهاً وكبرا
... فأماني برغم الحب.. أحرارٌ وأسرى
 
قصة رائعة حقا ربي ينورك كما نورت المنتدى
أنا أحيا في صراع من دمي تيهاً وكبرا
... فأماني برغم الحب.. أحرارٌ وأسرى
 
احي قلمك الراقي على القصة الرائعة... والممتازة....اكثر من تحية ازفها لك
 
شكرااا على ردودكم القيمة .....شكرااا​
 
السلام عليكم
أهنئك أسيل 17 على القصة و على الأسلوب الراقي و السرد المميز و المشوق
وفقت في حكايتها
أعجبني جدا أسلوبك و تعبيرك
في انتظار المزيد من الإبداع
تقبلي مروري
تحياتي
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top