حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

باب فضل التوحيد و مايكفر من الذنوب
وقول الله تعالى : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) الآية.
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل). أخرجاه.
ولهما في حديث عتبان: ( فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( قال موسى: يا رب، علمني شيئاً أذكرك وأدعوك به. قال: يا موسى: قل لا إله إلا الله. قال: يا رب كل عبادك يقولون هذا. قال: يا موسى، لو أن السموات السبع وعامرهن غيري، والأرضين السبع في كفة، ولا إله إلا الله في كفة، مالت بهن لا إله الله) . رواه ابن حبان، والحاكم وصححه .
وللترمذي وحسنه عن أنس رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( قال الله تعالى : يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة ) .



يتبع....

 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب

وقول الله تعالى : ( إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفا ولم يك من المشركين) ، وقال : ( والذين هم بربهم لا يشركون) .
عن حصين بن عبد الرحمن قال: كنت عند سعيد بن جبير فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ فقلت: أنا، ثم قلت: أما إني لم أكن في صلاة، ولكني لُدِغت، قال: فما صنعت؟ قلت: ارتقيت قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي، قال وما حدثكم؟ قلت: حدثنا عن بريدة بن الحصيب أنه قال: لا رقية إلا من عين أو حمة. قال: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع. ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد،
إذ رفع لي سواد عظيم، فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ) ، ثم نهض فدخل منزله. فخاض الناس في أولئك، فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئاً، وذكروا أشياء، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه فأخبروه، فقال: ( هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون) ، فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. قال: ( أنت منهم) ثم قام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. فقال : ( سبقك بها عكاشة) .



يتبع....



 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله الله

وقوله الله تعالى : ( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) الآية.
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له : ( إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله - وفي رواية: إلى أن يوحدوا الله - فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك ، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ) أخرجاه.
ولهما عن سهل بن سعد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: ( لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله ) ، يفتح الله على يديه، فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها، فقال : ( أين علي بن أبي طالب؟) فقيل: هو يشتكي عينيه، فأرسلوا إليه، فأتى به فبصق في عينيه، ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية فقال : ( انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً، خير لك من حمر النعم ) - يدوكون: يخوضون - .
فيه مسائل :
الأولى : أن الدعوة إلى الله طريق من اتبعه صلى الله عليه وسلم.
الثانية : التنبيه على الإخلاص، لأن كثيراً لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه.
الثالثة : أن البصيرة من الفرائض.
الرابعة : من دلائل حسن التوحيد ، كونه تنزيهاً لله تعالى عن المسبة.
الخامسة : أن من قبح الشرك كونه مسبة لله.
السادسة : وهي من أهمها ، إبعاد المسلم عن المشركين لئلا يصير منهم ولو لم يشرك.
السابعة : كون التوحيد أول واجب.
الثامنة : أن يبدأ به قبل كل شيء، حتى الصلاة.
التاسعة : أن معنى ( أن يوحدوا الله )، معنى شهادة: أن لا إله إلا الله.
العاشرة : أن الإنسان قد يكون من أهل الكتاب، وهو لا يعرفها، أو يعرفها ولا يعمل بها.
الحادية عشرة : التنبيه على التعليم بالتدريج.
الثانية عشرة : البداءة بالأهم فالأهم.
الثالثة عشرة : مصرف الزكاة.
الرابعة عشرة : كشف العالم الشبهة عن المتعلم.
الخامسة عشرة : النهي عن كرائم الأموال.
السادسة عشرة : اتقاء دعوة المظلوم.
السابعة عشرة : الإخبار بأنها لا تحجب.
الثامنة عشرة : من أدلة التوحيد ما جرى على سيد المرسلين وسادات الأولياء من المشقة والجوع والوباء.
التاسعة عشرة : قوله ( لأعطين الراية ) إلخ ، علم من أعلام النبوة.
العشرون : تفله في عينيه علم من أعلامها أيضاً.
الحادية والعشرون : فضيلة علي رضي الله عنه.
الثانية والعشرون : فضل الصحابة في دوكهم تلك الليلة وشغلهم عن بشارة الفتح.
الثالثة والعشرون : الإيمان بالقدر، لحصولها لمن لم يسع لها ومنعها عمن سعى.
الرابعة والعشرون : الأدب في قوله (على رسلك).
الخامسة والعشرون : الدعوة إلى الإسلام قبل القتال.
السادسة والعشرون : أنه مشروع لمن دعوا قبل ذلك وقوتلوا.
السابعة والعشرون : الدعوة بالحكمة، لقوله ( أخبرهم بما يجب عليهم) .
الثامنة والعشرون : المعرفة بحق الله تعالى في الإسلام.
التاسعة والعشرون : ثواب من اهتدى على يده رجل واحد.
الثلاثون : الحلف على الفتيا.

يتبع....
 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله

وقول الله تعالى : ( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب) الآيه ، وقوله : ( وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني برآءُ مما تعبدون * إلا الذي فطرني) الآية ، وقوله : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله) الآية ، وقوله : ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله) الآية.
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله عز وجل).
وشرح هذا الترجمة : ما بعدها من الأبواب.
فيه أكبر المسائل وأهمها : وهي تفسير التوحيد، وتفسير الشهادة، وبيَّنَها بأمور واضحة.
منها : آية الإسراء، بيَّن فيها الرد على المشركين الذين يدعون الصالحين، ففيها بيان أن هذا هو الشرك الأكبر.
ومنها : آية براءة، بيَّن فيها أن أهل الكتاب اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، وبين أنهم لم يؤمروا إلا بأن يعبدوا إلهاً واحداً، مع أن تفسيرها الذي لا إشكال فيه طاعة العلماء والعباد في المعصية، لادعائهم إياهم.
ومنها : قول الخليل عليه السلام للكفار: ( إنني برآء مما تعبدون * إلا الذي فطرني ) ، فاستثنى من المعبودين ربه، وذكر سبحانه أن هذه البراءة وهذه الموالاة هي تفسير شهادة أن لا إله إلا الله ، فقال : ( وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون) .
ومنها : آية البقرة في الكفار الذين قال الله فيهم: ( وما هم بخارجين من النار) ، ذكر أنهم يحبون أندادهم كحب الله، فدل على أنهم يحبون الله حباً عظيماً، ولم يدخلهم في الإسلام، فكيف بمن أحب الند أكبر من حب الله؟! فكيف لمن لم يحب إلا الند وحده، ولم يحب الله؟!.
ومنها : قوله صلى الله عليه وسلم: ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه، وحسابه على الله) ، وهذا من أعظم ما يبيِّن معنى (لا إله إلا الله) فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصماً للدم والمال، بل ولا معرفة معناها مع لفظها، بل ولا الإقرار بذلك، بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له، بل لا يحرم ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله، فإن شك أو توقف لم يحرم ماله ودمه ، فيالها من مسألة ما أعظمها وأجلها، وياله من بيان ما أوضحه، وحجة ما أقطعها للمنازع.



كل ماتم تقديمه من تجميع الشيخ بن عثيمين


يتبع....



 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

نواقض التوحيد


الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..

أما بعد فهذه النواقض العشرة التي ذكرها الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هي مبطلات للإسلام سميت نواقض لإن الإنسان إذا فعل واحدا منها انتقض إسلامه ودينه , وانتقل من كونه مسلما مؤمنا على كونه من أهل الشرك والأوثان نسأل الله السلامة والعافية ..
( وهذه أشهرها وليست كلها ولكنها تدور عليها )
ومن أراد الإستزادة فليراجع الكتب والصوتيات المرتبطة بها ..

يتبع....


 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

الناقض الأول : الشرك في عبادة الله تعالى

هذا هو الناقض الأول : من نواقض الإسلام، الشرك في عبادة الله تعالى:وقد ذكر لنا المؤلف(الشيخ محمد بن عبدالوهاب) -رحمه الله- دليلين: دليل لحُكم المشرك في الدنيا، ودليل لحُكم المشرك في الآخرة :
الدليـل الأول: في حكم المشرك في الدنيا:
حكمه قال الله -تعالى-: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ إذًا الشرك غير مغفور، والمراد به هنا الشرك الأكبر؛ لأن الله -تعالى- خصّ وعلق، فخص الشرك بأنه لا يغفر، وعلق ما دونه بالمشيئة.


والدليل الثاني: حكمه في الآخرة:
حكمه في الآخرة الجنة على صاحبه حرامٌ، وهو مخلّد في النار -نعوذ بالله-، قال الله -تعالى-: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ .

وإذا كان حكمه في الدنيا لا يغفر، وفي الآخرة مخلّد في النار، والجنة عليه حرام -نسأل الله السلامة والعافية-؛ فإنه في الدنيا -أيضا- تترتب عليه أحكام منها:
أولا: أنه تطلّق زوجته منه إذا كان متزوجًا، فلا بد من التفريق بينه وبينها إلا أن يتوب؛ لأنها مسلمة وهو كافر، والمسلمة لا تبقى في عصمة الكافر، قال الله -تعالى-: لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ يعني: الكفار، وقال -تعالى-: وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا .
من الأحكام -أيضا-: أنه إذا مات لا يُصلَّى عليه، ولا يُغسّل.
ومن الأحكام: أنه لا يُدفن في مقابر المسلمين.
ومن الأحكام: أنه لا يدخل مكة ؛ لأن مكة لا يجوز دخول المشرك، فيها، قال الله -تعالى-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا .
ومنها: أنه لا يرِث ولا يُورث، فإذا كانت زوجته مسلمة، وأولاده مسلمين فلا يرثونه، ويكون ماله لبيت مال المسلمين إلا إذا كان له ولد كافر، فإنه يرثه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا يَرِثُ المسلمُ الكافرَ، ولا الكافرُ المسلمَ .
ومنها: أنه إذا مات على ذلك فهو من الخالدين في النار -نعوذ بالله من ذلك- والجنة عليه حرام، إذًا تترتب عليه الأحكام إذا فعل ناقضا من هذه النواقض واستمر عليه.
يقول المؤلف: "الشرك في عبادة الله -تعالى-".
ما هي العبادة حتى نعرف الشرك في العبادة؟
العبادة: هي كل ما جاء في الشرع من الأوامر والنواهي، أي: كل ما أمر به الشارع أو نهى عنه، أمر إيجاب أو أمر استحباب، أو نهى عنه نهي تحريم أو نهي تنزيه.
فالأمر إذا كان واجبا فإنه يجب فعله، وإذا كان مستحبا، فإنه يستحب فعله، والنهي إذا كان نهي تحريم يجب تركه، وإذا كان نهي تنزيه؛ فإنه يكره فعله.
أو تقول: العبادة اسم جامع لكل ما يحبُّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، أي: كل ما جاء في الشرع من الأوامر والنواهي، فمثلا: الصلاة عبادة، والزكاة عبادة، والصوم عبادة، والحج عبادة، والنذر عبادة، والذبح عبادة، والدعاء عبادة، والتوكل عبادة، والرغبة عبادة، والرهبة عبادة، والجهاد في سبيل الله عبادة، والأمر بالمعروف عبادة، والنهي عن المنكر عبادة، والإحسان إلى الجيران عبادة، وصِلَة الأرحام عبادة.
وكذلك النواهي، يتركها المسلم تعبُّدًا لله، يترك الشرك، يترك العدوان على الناس في الدماء، العدوان على الناس في الأموال، العدوان على الناس في الأعراض، جحد الحق، يتعبَّد بألا يفعل هذا المنكر، يتعبّد بألا يفعل الزنا، يتعبد لله بأن يترك شرب الخمر، يترك عقوق الوالدين، يترك التعامل بالربا، يترك الغيبة، يترك النميمة، كل هذا عبادة.
فالعبادة: الأوامر والنواهي: الأوامر تفعلها، والنواهي تتركها، تعبُّدًا لله. والأوامر -كما قلنا- قسمان:
أمر إيجاب، وأمر استحباب: أمر إيجاب كالصلاة، هذه واجبة، وأمر استحباب كالسواك مستحب، والنهي: نهي تحريم، كالنهي عن الزنا، ونهي تنزيه كالنهي عن الحديث بعد صلاة العشاء.
وسواء كان العمل ظاهرًا كالصلاة والصيام، أو باطنًا كالنية والإخلاص والصدق والمحبة فعليه فعله، والنهي سواءٌ كان ظاهرا كالزنا، أو باطنا كالعجب والكِبْر والغل والحقد والحسد فعليه تركه.
فإذًا العبادة تشمل الأوامر والنواهي، تشمل الأقوال والأفعال، الظاهرة والباطنة، التي جاء بها الشرع. فإذا صرف نوعًا من هذه العبادة لغير الله وقع في الشرك.
وقد مثّل المؤلف -رحمه الله- لهذا الناقض قال: كالذبح لغير الله؛ لأن الذبح عبادة، قال الله -تعالى، قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وقال -سبحانه-: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ فإذا ذبح لغير الله فقد صرف العبادة لغير الله، فيكون مُشركًا إذا ذبح، ومثّل المؤلف كذلك كأن يذبح للجن، فإذا ذبح للجن أشرك، أو ذبح لصاحب القبر أشرك، أو ذبح للقمر أو للنجم، أو للولي، فإنه يكون قد أشرك.
ومثله الدُّعَاء، إذا دعا غير الله، بأن يطلب المدد من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، كطلب الشفاء من غير الله، أو طلب الاستجارة وتفريج الكربة من غير الله، أشرَكَ.
وكذلك الاستعانة بغير الله، فيما لا يقدر عليه إلا الله، والاستعاذة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، والاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، فقد أشرك.
وكذلك -أيضا- من العبادات طاعة المخلوق في التحليل والتحريم، كأن يطيع أميرًا، أو وزيرا، أو عالما، أو عابدا، أو أبا أو زوجا أو سيدا يطيعه في تحليل الحرام أو تحريم الحلال؛ فيكون شركا؛ لأنه صرَف العبادة لغير الله؛ لأن الله -تعالى- هو المحلٍّل والمحرِّم أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ .
ومثله الركوع، إذا ركع لغير الله، أو سجد لغير الله، فقد صرف العبادة لغير الله، أو طاف بغير بيت الله تقرُّبًا لذلك الغير، أو نذرًا لغير الله، أو حلق رأسه لغير الله كالصوفية يحلق أحدهم رأسه لشيخه تعبُّدا له، وكذلك يركع له أو يسجد له، أو يتوب لغير الله، كالصوفية الذين يتوبون لشيوخهم، والشيعة الذين يتوبون -أيضا- لرؤسائهم، والنصارى الذين يتوبون لقسيسيهم.
لأن التوبة عبادة، قال -تعالى-: وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وفي مسند الإمام أحمد أنه جيء بأسير، فقال: اللهم إني أتوب إليك ولا أتوب فالله -تعالى- هو أهل التقوى وأهل المغفرة، والله -تعالى- هو أهل التوبة، فإذا تاب لغير الله وقع في الشرك؛ لأنه صرف العبادة لغير الله. لمحمد فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: عَرَفَ الحق لأهله
فإذًا المؤلف -رحمه الله- يقول: الناقض الأول: الشرك في عبادة الله، وعرفنا أن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة.
فإذا صرف أي نوع ثبت في الشرع أنه مأمور به، أو ثبت في الشرع أنه منهي عنه -وقع في الشرك، سواء ثبت في الشرع أنه مأمور به أمر إيجاب، أو أمر استحباب، أو نهى عنه الشرع نهي تحريم أو نهي تنزيه، فإذا فعل الأوامر لغير الله، أو ترك النواهي لغير الله فقد وقع في الشرك.
والمؤلف مثّل بالذبح، ومثله الدعاء، ومثله الاستعاذة، ومثله الاستغاثة، ومثله النذر، ومثله الركوع، ومثله السجود، ومثله الطواف، ومثله التوكل، ومثله الخوف، ومثله الرجاء، ومثله حلق الرأس، وغير ذلك من أنواع العبادة.
فإذا صرف واحدًا منها لغير الله فقد وقع في الشرك، وترتبت عليه الأحكام الآنفة الذكر.
------------------
الكاتب : الشيخ :عبد العزيز الراجحي
المصدر :موقع الشيخ :عبد العزيز الراجحي


يتبع....
 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

الناقض الثاني : من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم كفر إجماعآ

الناقض الثاني: "من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم كفر إجماعا"، أي: من جعل بينه وبين الله واسطة كأن يدعو الميت أو صاحب القبر، يقول: يا فلان، اشفع لي، اشفع لي عند الله، وهذا النوع وإن كان داخلا في النوع الأول إلا أنه أخص منه.:فالشرك في عبادة الله عام كأن يدعو غير الله، أو يذبح لغير الله، أو ينذر لغير الله.
أما النوع الثاني: فهو أن يجعل بينه وبين الله واسطة، يزعم أنه ينقل حوائجه إلى الله، كأن يقول لصاحب القبر: يا فلان، اشفع لي عند الله، يا رسول الله، اشفع لي، يسأله الشفاعة، جعل الرسول واسطة بينه وبين الله، هذا شرك؛ لأنه دعا غير الله.
ومن دعا غير الله فقد أشرك، تشمله النصوص التي فيها:
B2.gif
وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ
B1.gif
.

وقوله -سبحانه وتعالى-:
B2.gif
فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ
B1.gif
.

وقوله:
B2.gif
إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ
B1.gif
.

وقوله:
B2.gif
وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ
B1.gif
فسماه كافرا.

وقوله:
B2.gif
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ
B1.gif
B2.gif
وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ
B1.gif
وهنا سمّاه الله شركا.

فإذا من جعل بينه وبين الله وسائط، وهذه الواسطة يدعوهم من دون الله، أو يسأله الشفاعة، أو يتوكل عليه، والتوكل: معناه أن يعتمد بقلبه عليه، ويفوّض أمره إليه في حصول مطلوبه، فإنه يكفر بإجماع المسلمين ؛ لأن هذا نوع من الشرك.
فالناقض الأول أعمّ، وهذا أخص، الناقض الأول "الشرك في عبادة الله" سواء كانت هذه العبادة دعاء، أو ذبحا، أو نذرا أو طاعة في التحليل والتحريم، أو ركوعا أو سجودا، عامٌّ.
والناقض الثاني خاص، وهو مَن يجعل بينه وبين الله وسائط، واسطة يدعوه أو يسأله الشفاعة، أو يتوكل عليه، فجعل صاحب الميت واسطة بينه وبين الله، يقول: يا فلان، اشفع لي عند الله! يا فلان، انقل حاجتي إلى الله! وهكذا.
أو يسأله الشفاعة، أو يتوكل عليه، يعتمد عليه في حصول مطلوبه، يتوكل على هذا الميت مثلا، أو على هذا الحي أيضا، يتوكل عليه في أن ينجيه من النار، ويتوكل عليه في أن ينصره على عدوه، يتوكل عليه في أن ييسر له الرزق، يتوكل عليه في حصول الولد، يتوكل عليه في النجاة من النار، أو في دخول الجنة، هذا لا يقدر عليه إلا الله.
فمن جعل بينه وبين الله واسطة، سواء كان حيا أو ميتا؛ فإنه يكون مشركا، إنما الحي يُسأل في الشيء الذي يقدر عليه، تقول: يا فلان، أعني في إصلاح سيارتي، يا فلان، أقرضني مالا، يا فلان، أعِنِّي في إصلاح مزرعتي.
أما أن تسأل الحي في أن يغفر لك ذنبك، هذا ما لا يملكه، أو ينجيك من النار، أو تسأله في أن يرزقك، أو ينصرك على عدوك، أو لا يحرمك دخول الجنة، هذا ما لا يستطيعه، فهذا شرك.
والأدلة على هذا هي الأدلة التي فيها أن الشرك في العبادة كفر مخرج عن الملة، يعني الأدلة التي فيها تحريم الشرك، وتحريم دعاء غير الله، وتحريم سؤال غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، هي أدلة هذا النوع أو هذا الناقض من نواقض الإسلام، كقوله -تعالى-:
B2.gif
وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ
B1.gif
أي:
المشركين وقوله:
B2.gif
وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا
B1.gif
ويقول:
B2.gif
قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا
B1.gif
.

فمن جعل بينه وبين الله وسائط فقد أشرك؛ لأنه صرف العبادة لغير الله.
---------------------------------------------------------
الكاتب : الشيخ :عبد العزيز الراجحي


يتبع....


 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

الناقض الثالث : من لم يكفر المشركين اوشك فى كفرهم او صحح مذهبهم كفر

الناقض الثالث من نواقض الإسلام: مَن لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر بالإجماع، و"المشرك" شامل لجميع الكفرة اليهود والنصارى والوثنيين والشيوعيين والملاحدة كلهم مشركون، يجمعهم شيء واحد وهو الشرك بالله عز وجل. فاليهود مشركون؛ لأنهم لم يؤمنوا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وهذا شرك، والنصارى مشركون؛ لأنهم لم يؤمنوا بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، ولأنهم يعبدون عيسى والوثنيون مشركون، والمجوس مشركون، والمنافقون مشركون. فمن لم يُكفِّر المشركين فهو كافر. وكذلك مَن شك في كفر الكافر، مَن شك في أن اليهود كفار، أو شك في أن النصارى كفار، أو في أن الوثنيين كفار فهو كافر بهذا الشك.
"أو صحح مذهبهم" بيقول: إن اليهود على دين صحيح، أو النصارى على دين صحيح، أو لو قال لما سئل عن اليهود والنصارى أنا ما أقول فيهم شيئا، اليهود على دين، والنصارى على دين، والمسلمون على دين، مَن أحبّ أن يتدين بالإسلام أو باليهودية أو بالنصرانية فله ذلك، فهذا كفر بالإجماع؛ لأنه صحح مذهب المشركين ولأنه لم يكفِّر المشركين
وكذلك إذا شك قال: ما أدري هل هم كفار أو ليسوا كفارا؟ اليهود نزل عليهم كتاب التوراة، والنصارى نزل عليهم الإنجيل، والمسلمون نزل عليهم القرآن، ما أدري هل هم كفار أم ليسوا بكفار؟ يُكَفَّر إذا شك، لا بد أن يجزم بكفر اليهود والنصارى والوثنيين
والدليل على هذا قول الله -تعالى-: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى فمن لم يكَفِّر المشركين أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم؛ فإنه لم يكْفُر بالطاغوت، وليس هناك إيمان إلا بأمرين لا بد منهما:
الأمر الأول: الكفر بالطاغوت
والأمر الثاني: الإيمان بالله، والطاغوت: كل ما خالف الشرع، كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع سُمي طاغوتا، من الطغيان وهو مجاوزة الحد.
ومعنى "الكفر بالطاغوت" هو أن تتبرأ من عبادة غير الله وتنفيها وتنكرها وتبغضها وتعاديها وتعادي أهلها، هذا هو الكفر بالطاغوت، البراءة من كل معبود سوى الله، وإنكار كل عبادة لغير الله، ونفيها وبغضها وبغض أهلها ومعاداتهم.
الأمر الثاني: الإيمان بالله
إذا فعلت الأمرين فأنت موحِّد، تكفر بالطاغوت وتؤمن بالله، وهذا هو معنى لا إله إلا الله، فإن معناها: لا معبود بحق إلا الله، هذه كلمة التوحيد، وهي الكلمة التي تقي قائلها الشرك، كلمة التقوى، وهي الكلمة التي من أجلها أرسل الله الرسل، من أجلها انقسم الناس إلى شقيٌ وسعيد، من أجلها قام سوق الجهاد، من أجلها قامت القيامة، وحقت الحاقة، ووقعت الواقعة، ومن أجلها خُلقت الجنة والنار.
"لا إله إلا الله" معناها: لا معبود بحق إلا الله، وكلمة التوحيد "لا إله إلا الله" فيها الأمران، فيها كُفْرٌ وإيمانٌ: "لا إله" هذا كُفر بالطاغوت، "إلا الله" هذا إيمان بالله، "لا إله" هذا نفي العبادة عما سوى الله، فهذه الكلمة فيها كُفر بالطاغوت "لا إله" هذا كفر بالطاغوت، "إلا الله" هذا الإيمان بالله، "لا إله" نفي لكل عبادة لغير الله، تنفي العبادة عن غير الله -عز وجل، "إلا الله" تثبت العبادة بجميع أنواعها لله.
فمن لم يكفّر المشركين ما كفر بالطاغوت، أقرّ الشرك، من شك في كفر اليهود والنصارى أو صحح مذهبهم ما كفر بالطاغوت، فلا يكون مؤمنا، إذًا الدليل على أن من لم يكفّر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر الدليل قول الله -تعالى-: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى .
فمن لم يكفِّر المشركين أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم، فإنه لم يكفُر بالطاغوت، ومن لم يكفر بالطاغوت لم يؤمن بالله، ولم يحقق كلمة التوحيد، وإنما نَاقَضَهَا، فيكون عمله هذا ناقضا لكلمة التوحيد "لا إله إلا الله"؛ لأن كلمة التوحيد فيها كفر بالطاغوت وإيمان بالله.
إذًا ليس هناك توحيد ولا إيمان إلا بأمرين: كفر بالطاغوت، وإيمان بالله؛ ولهذا كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" فيها نفي وإثبات، لو قال إنسان: الله هو المعبود، أنا أوَحِّد الله، وأعبد الله، يكون مؤمنا؟ لا.
لو قال شخص: الله المعبود، أنا أعبد الله، نقول: هذا ليس بتوحيد، ما يكفي كونك تعبد الله، بل لا بد أن تنكر عبادة كل معبود سوى الله، لا بد أن تأتي بالنفي والإثبات، "لا إله إلا الله" حصر، نفي وإثبات، لا بد من الأمرين.
ولو قال شخص: أنا أعبد الله فقط، هل أنا موحِّد؟ نقول: لا، ما يكفي كونك تعبد الله، لا بد أن تعبد الله ومع ذلك تنفي العبادة عن غير الله، وهذا هو الكفر بالطاغوت، وهذا ما يحصل إلا بالنفي والإثبات "لا إله إلا الله".
فإذن الدليل على الناقض الثالث قول الله -تعالى-: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا .
وكلمة التوحيد "لا إله إلا الله" فيها تَخْلية وتَحْلية، ما معنى: تخلية وتحلية؟
أولا التخلية: هو أن تنفي العبادة عن غير الله، فإذا نفيت وأنكرت عبادة كل معبود سوى الله، بعد ذلك تأتي التحلية فتثبت العبادة لله عز وجل، "لا إله" هذه التخلية، نفيت العبادة عن غير الله، "إلا الله" تحلية، أثبتّ العبادة لله، "لا إله" هذا هو الكفر بالطاغوت، "إلا الله" هذا هو الإيمان بالله،


الكاتب : الشيخ :عبد العزيز الراجحي


يتبع....


 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

الناقض الرابع : من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه وأن حكم غيره أحسن من حكمه كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر

الرابع من نواقض الإسلام: أن من اعتقد أن غير هدْي النبي -صلى الله عليه وسلم- أكمل من هَدْيه، أو أن حُكمه أحسن من حكمه كَفَرَ إجماعا، كالذين يفضلون حُكم الطواغيت على حكم الله ورسوله. فمن اعتقد أن هناك هدْيًا أكمل من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أو أن هناك حكما أحسن من حكمه؛ فإنه يكون كافرًا، دليل ذلك: أنه لم يشهد أن
فمن اعتقد أن هناك هديا أكمل من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أو أن حُكما أحسن من حكمه؛ فإنه لم يشهد أن محمدا رسول الله، وشهادته أن محمدا رسول الله باطلة.
حتى لو اعتقد أن هناك هديا مساويا لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أو أن هناك حكما مماثلا لحُكم النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه يكفر.
وكذا لو اعتقد أن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أحسن، وأن حكمه أكمل، لكن قال: يجوز أن تهتدي بغير هدي الرسول، ويجوز أن تتحاكم إلى غير حكم الرسول؛ فإنه يكفر؛ لأنه استحل أمرا معلوما من الدين بالضرورة تحريمه.
فمن قال: إن هدي الرسول أحسن الهدي، لكن ما فيه مانع إنك تهتدي بهدي غيره، ولو كان هدي الرسول أحسن، أو قال: حكم الرسول أحسن من حُكم القوانين، لكن يجوز الحكم بالقوانين؛ فإنه يكفر.
فلا يجوز الحكم بالقوانين ولو كنت تعتقد أن حكم الشريعة أحسن؛ لأنه في هذه الحالة استحللت أمرا محرما معلوما من الدين بالضرورة، مثله مثل من يقول: الزنا حلال، ولكني لا أزني، أو قال: الربا حلال، لكني لا أتعامل بالربا، هذا يكفر؛ لأن الربا والزنا حرام، وكونك تستحله وهو أمر معلوم من الدين بالضرورة، هذا كفر.
وكذلك إذا قال: الحكم بالقوانين جائز، ولكن الحكم بالشريعة أحسن، نقول: لا، كونك تجيز الحكم بالقوانين، هذا كفر ورِدَّة؛ لأنك استحللت أمرا محرما معلوما من الدين بالضرورة، فالحكم بالقوانين هذا حرام بالإجماع، مثل الزنا حرام بالإجماع، ومثل الربا حرام بالإجماع.
فمَن قال: الزنا حلال كفر، مَن قال: الربا حلال كفر، من قال: يجوز الحكم بالقوانين كفر، ولو كان يعتقد أن الحكم بالشريعة أحسن، فإذا اعتقد أن هناك هديا أحسن من هدي الرسول -عليه الصلاة والسلام- أو مماثلا أو أقل، مع جواز الاهتداء بغير هديه -كفر.
وكذلك من اعتقد أنه يجوز الحكم بغير حكم الله ورسوله، سواء اعتقد أن حكم الله أحسن أو أقل أو مماثل، فإنه يكون كافرا؛ لأنه استحل أمرا معلوما من الدين بالضرورة، والدليل: أنه لم يشهد أن محمدا رسول الله، ومن لم يشهد أن محمدا رسول الله، فإنه كافر؛ لأن شهادة أن محمدا رسول الله تقتضي التحاكم إلى شريعته، واعتقاد أنه لا يجوز التحاكم إلى غير شريعته، واعتقاد أنه لا يجوز الاهتداء بغير هديه -عليه الصلاة والسلام-.

الكاتب : الشيخ :عبد العزيز الراجحي


يتبع....


 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

الناقض الخامس : من أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم , ولو عمل به كفر.

الخامس: أن مَن أبْغَضَ شيئا مما جاء به الرسول -عليه الصلاة والسلام- ولو عمل به كفَرَ.
فالرسول -صلى الله عليه وسلم- جاء بشرعية الصلاة، جاء بشرعية الزكاة، جاء بشرعية تعدُّد الزوجات، فمن أبغضَ هذه الأحكام الشرعية وغيرها مما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- كَفَر.
ولهذا فإنه ينبغي أن يفهم النساء بأن لا يكرهن "تعدد الزوجات"؛ لأن هذا حكم الله ورسوله، لكن كون عندها كراهة طبيعية لهذا الشيء، وأنها لا تحبه، وهي لا تكره الحكم الشرعي ذاته، لا يضرها ذلك، أو لكون بعض الرجال لا يعْدِل فهي تكره أن يُعدد لهذا السبب، فهذا لا بأس.
أما أن تكره الحكم الشرعي، وهو التعدد، فهذا يكون رِدَّة -والعياذ بالله- لأنها كرهت حكما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والدليل على هذا قول الله -تعالى-:
B2.gif
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ
B1.gif
فمن كره شيئا مما أنزله الله، أو مما شرعه الله ورسوله، فإنه يكون كافرا.

فإذا أبغضَ تشريع الصلاة، أو تشريع الزكاة، أو تشريع الصوم، أو تشريع الحج، أو تشريع تعدد الزوجات، أو كره ذلك، أو أبغضه؛ فإنه يكون كافرا؛ لأن ذلك ينافي الإيمان؛ لأن حب الله ورسوله لا بد منه، مَن لم يحب الله ورسوله فهو كافر، لكن كمال المحبة تقديم محبة الله ومحبة رسوله على كل شيء، لكن أصل المحبة لا بد منه.
فإذًا من أبغض شيئا مما جاء به الرسول -عليه الصلاة والسلام- أو مما جاء عن الله تعالى في كتابه أو كره ذلك، أو أبغض الله أو أبغض رسوله؛ فإنه يكون كافرا مرتدًّا؛ لقول الله -عز وجل-:
B2.gif
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ
B1.gif
؛ ولأن هذا البغض ينافي الإيمان؛ ولأن محبة الله ورسوله أصل الإيمان.

ومن أبغض شيئا مما جاء به الرسول أو كره شيئا مما جاء به الرسول؛ فإنه يقتضي عدم محبة الله ورسوله، وهذا كفر ورِدَّة -نسأل الله السلامة والعافية،

الكاتب : الشيخ :عبد العزيز الراجحي


يتبع....


 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

الناقض السادس : من استهزأ بشي من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه أو عقابه كفر

الناقض السادس: من استهزأ بشيء مما جاء به الرسول -عليه الصلاة والسلام-، أو ثوابه أو عقابه فإنه يكفر.
فإذا استهزأ بالصلاة كفَر، إذا استهزأ بالزكاة كفَر، إذا استهزأ بالصوم كفر، إذا استهزأ بالمصلين أي: سخرية بهذه الصلاة التي يصليها المسلم كفر، أو استهزأ باللحية كفر؛ لأن كراهة اللحية كراهة لما جاء به الإسلام من الأمر بإعفاء اللحية على لسان رسوله كفر، أما إذا سخر من الشخص لذاته أو لشخصه فلا يكفر.
وكذلك إذا استهزأ بالجنة، قال: كيف الجنة؟! الجنة ثواب المؤمنين ! سخر بهذا، أو استهزأ بالنار، قال: النار عقاب للكافرين ! استهزأ بها وسخر، يكفُر والعياذ بالله، أو قلت: من قال لا إله إلا الله غُفرت ذنوبه،
h2.gif
مَن قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة غُفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر
h1.gif
فاستهزأ بهذا الثواب سخرية؛ لأنه لم يصح عنده، فإنه يكفر.

فإذا استهزأ بشيء من دين الرسول -عليه الصلاة والسلام- أو استهزأ بالثواب الذي أعدَّه الله للمطيع، أو أعدَّه الله على العمل الصالح، أو العقوبة التي أعدها الله للعاصي، أو للكافر؛ فإنه يكفر، والدليل قول الله -تعالى- في "سورة التوبة":
B2.gif
قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ
B1.gif
أَثْبَتَ لهم الكفر بعد الإيمان.

وهذه الآية نزلت في جماعة من المجاهدين في غزوة تبوك استهزءوا بالرسول -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه القرّاء كما جاء في الحديث، قال بعضهم لبعض: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء يعنون الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه القراء أرْغَبَ بطونا، ولا أكذبَ ألسنا، ولا أجْبَنَ عند اللقاء!
أي يقولون: ما رأينا منهم في كثرة الأكل، وكذب الحديث، والجُبن عند قتال الأعداء، فسمعها عوف بن مالك سمعهم وهم يتحدثون، فقال للقائل: كذبتَ ولكنك منافق، لأخبرنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليخبره، فلما جاء إليه، وجد الوحي قد سبقه، وأنزل الله هذه الآية:
B2.gif
قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ
B1.gif
.

وجاء هذا الرجل الذي تكلم بهذا الكلام يعتذر للنبي -صلى الله عليه وسلم- ويقول: يا رسول الله، ما لي قصد، إنما تكلمت بكلام نقطع به عنا الطريق. مثلما يقول بعضنا: حكايات نقطع بها عنا الطريق، ما لي قصد يا رسول الله، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لا يزيد سوى أن يتلو عليه هذه الآية:
B2.gif
قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ
B1.gif
.

والرجل متعلق بنسعة ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الحبل الذي في بطن البعير، ورجلاه تخط بالأرض، والحجارة تنكب رجليه، وهو يبالغ في الاعتذار، ويقول: يا رسول الله، ما قصدت، إنما كلام نقطع به عنا الطريق، والرسول -عليه الصلاة والسلام- لا يزيد سوى أن يقرأ عليه هذه الآية:
B2.gif
قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ
B1.gif
فأثبت لهم الكفر بعد الإيمان
B2.gif
لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ
B1.gif
.

فإذا كان هؤلاء سخروا بالرسول والصحابة، وقالوا: إنهم يأكلون كثيرا، ويكذبون في الحديث، ويجبُنون عند اللقاء، فكيف بمن سخر بدين الرسول -عليه الصلاة والسلام-! فتناول الآية إياهم من باب أولى.

الكاتب : الشيخ :عبد العزيز الراجحي


يتبع....


 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

الناقض السابع : السحر ومنه الصرف والعطف, فمن فعله أو رضي به كفر

الناقض السابع : السحر، ومنه الصرف والعطف، فمَن فعله أو رضي به كفر ..
والدليل قول الله -تعالى-:
B2.gif
وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ
B1.gif
.

والسحر هو في اللغة : عبارة عما خفي ولطف سببه.
وفي الشرع: هو عبارة عن عزائم ورُقى وعُقد، وأدوية وتدخينات تؤثر في القلوب والأبدان فتمرُض وتقتل وتفرق بين المرء وزوجه.
وسمي السحر سحرًا؛ لأن الساحر يؤثر في الخفاء، يعمل عزائم أو رُقَى، أو عقد تؤثر في الخفاء في القلوب والأبدان، قد تؤثر بالمرض، وقد تؤثر بالقتل، وقد تؤثر بالتفريق بين الزوج وزوجه.
فالساحر الذي يتصل بالشياطين لا بد أن يقع في الشرك؛ لأن الساحر الذي يتصل بالشيطان بينهما خدمة متبادلة، وهناك عقد، يعقد الشيطان الجني مع الساحر عقد، بمقتضى هذا العقد يكفر الإنسي الساحر، ولا بد أن يكفر، لأن الشيطان يطلب منه أن يتقرب إليه بالشركيات التي يريدها: كأن يطلب منه أن يلطخ المصحف بالنجاسة، أو يبول على المصحف، أو يذبح له.
فإذا فعل الشركَ الساحرُ خَدَمَه الجني بأن يستجيب لمطالبه، إذا أمره أن يلطم شخصا لطمه، أن يقتل شخصا قتله. أن يأتي له بشيء، يأتي له بالأخبار وغيرها لكن لا يستطيع الجني أن يفعل شيئا إلا بإذن الله الكوني القدري قال -تعالى-:
B2.gif
وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ
B1.gif
.

فإذًا السحر شرك، فمن فعل السحر: تعلمه، أو علمه، أو فعله، أو رضي به، كفر؛ لأن الراضي كالفاعل، من رضي بالشرك فهو مشرك، والدليل قول الله -تعالى-:
B2.gif
وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ
B1.gif
في قصة الملَكين اللذين أُنْزِلَا إلى الأرض وفُتِنَا، فإذا جاءهما أحد يطلب أن يعلِّمَاه السحر نصحاه ونَهَيَاه أشد النهي، وقالا له:
B2.gif
إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ
B1.gif
فإذا أصر علماه.

ولقول الله -عز وجل-:
B2.gif
وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ
B1.gif
فكفروا بتعليم الناس السحر، فالسحر كفر ورِدّة، من فعل السحر أو رضي به فهو كافر.

"ومنه الصرف والعطف"، الصرف: يصرف المرأة عن زوجها، والزوج عن امرأته، يعمل لهم سحرا بحيث إن الرجل إذا جاء إلى امرأته رآها في صورة قبيحة، فينفر منها، ولا يريد أن يقربها. أو الزوجة يكرِّهها في زوجها، إذا رأت زوجها رأته في صورة قبيحة، ما تطيق النظر إليه، فيحصل الفراق بينهما، ليس في أحدهما ما ينفر الآخر، لكن الساحر عمل لهما سحرا، فهذا هو الصرف، صرفها عنه، وصرفه عنها.
والعطف بالعكس، العطف يعني: يحبِّب المرأة، يجعل له سحرا بحيث إنه يميل إلى المرأة، ويحسنها ولو كانت قبيحة، ولو كانت دميمة الخلقة، يجعلها من أحسن الناس وأجمل الناس، وكذلك -أيضا- إذا سحر المرأة يجعلها تنظر إلى زوجها أنه أحسن الناس، وأجمل الناس وإن كان كريها، وإن كان دميم الخلقة، هذا هو العطف، عطَفَها عليه، وعطفه عليها، فهذا من السحر.
ومنه التِّوَلَة، وهو شيء يصنعه السحرة، ويعطونه للزوج أو للزوجة يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها، والرجل إلى امرأته.
فمن فعل السحر، أو تعلم السحر، أو علمه، أو رضي به -ومنه الصرف والعطف- فإنه يكون كافرا؛ لأنه أشرك بالله عز وجل، والدليل الآية:
B2.gif
وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ
B1.gif
وقوله -سبحانه-:
B2.gif
فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ
B1.gif
وقوله -سبحانه-:
B2.gif
وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ
B1.gif
.

ولكن السحرة لا يضرون أحدا إلا إذا قدَّر الله شيئا، إذا قدر الله الضرر حصَل، قال -تعالى-:
B2.gif
وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ
B1.gif
يعني: إلا بإذن الله الكوني القدري.

-------------------------------------------------
الكاتب : الشيخ :عبد العزيز الراجحي


يتبع....


 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

الناقض الثامن : مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين

الناقض الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين
والدليل قوله -تعالى-:
B2.gif
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
B1.gif
المظاهرة والمعاونة بمعنى واحد، مظاهرة
المشركين ومعاونتهم على المسلمين يعني: يساعد المشركين على المسلمين كأن يكون هناك قتال بين المسلمين والكفار ثم يعين الكفار على المسلمين
يساعدهم بأي شيء: بالمال أو بالسلاح أو بالرأي، فإذا ساعد الكفار على المسلمين فإنه يكفر لأنه فضّل المشركين على المسلمين وهذا التفضيل يستلزم أنه يبغض الإسلام ويبغض الله ورسوله، وهذا كفر وردة.
فمن أبغض الله أو أبغض رسوله أو أبغض شيئا مما جاء به الرسول، فإنه يكون كافرًا، قال -تعالى-:
B2.gif
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ
B1.gif
ومن لم يحب الله ورسوله فإنه كافر، أصل المحبة لا بد منها، لكن الكمال كون الإنسان يقدم محبة الله ومحبة رسوله على الأهل والأولاد والمال، فإذا قدم شيئا من المال أو الأهل أو غيره على محبة الله ورسوله يكون عاصيا ناقص الإيمان.

لكن إذا لم يحب الله ورسوله؛ فإنه يكون كافرا، والذي يظاهر ويعاون المشركين على المسلمين هذا لا يحب الله ورسوله، مبغض لله ولرسوله، كاره لله ولرسوله، كاره لما أنزل الله فيدخل في قوله -تعالى-:
B2.gif
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ
B1.gif
.

والدليل الخاص بهذا أن المظاهرة كفر هذه الآية الكريمة من "سورة المائدة":
B2.gif
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ
B1.gif
هذه من التولي، التولي: محبة
المشركين وهو كفر ورِدّة.
أصل محبة المشركين كفر ورِدّة، وينشأ عن هذه المحبة المساعدة، مساعدتهم على المسلمين فإذًا من ظاهر المشركين على المسلمين فإن هذا دليل على أنه تولى المشركين وتولي المشركين رِدَّة.
وهناك فرق بين التولي وبين الموالاة: التولي، تولي الكفرة ردة، أما الموالاة، يعني: محبتهم ومعاشرتهم ومصادقتهم هذا كبيرة، أما التولي فهو ردة، وأصل التولي: المحبة في القلب، ثم ينشأ عنها المساعدة والمعاونة، فكونه يساعد المشركين على المسلمين بالمال أو بالسلاح أو بالرأي، فهذا دليل على أنه تولى المشركين وأحبهم وهذا كفر بنص القرآن.
قال الله -تعالى-:
B2.gif
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ
B1.gif
لا تتولوهم
B2.gif
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
B1.gif
الكفار بعضهم أولياء بعض،
B2.gif
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ
B1.gif
يعني: الكفرة
B2.gif
مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ
B1.gif
من يتولى
الكفرة منكم -أيها المسلمون - فإنه منهم، كافر مثلهم،
B2.gif
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
B1.gif
.

الثامن: معاونة ومساعدة ومظاهرة المشركين على المسلمين هذه ردة؛ لأن هذا من التولي للكفرة وتولي الكفرة ردة عن الإسلام بنص القرآن.
--------------------------------------------
الكاتب : الشيخ :عبد العزيز الراجحي


يتبع....


 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

الناقض التاسع : من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام فهو كافر

التاسع: من اعتقد أن أحدًا يسعُه الخروج عن شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى فهو كافر ..
والدليل قوله -تعالى-: ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) .
فمن اعتقد أن أحدا يسعه الخروج عن شريعة محمد -عليه الصلاة والسلام- كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى فهو كافر؛ وذلك أن شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- عامة لجميع الثَّقَلَيْن: الجن والإنس وللعرب والعجم
ولأن شريعة نبينا محمد هي الشريعة الخاتمة، وهي الناسخة لجميع الشرائع، قال الله -تعالى-: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا وقال -تعالى-: وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا وقال -سبحانه وتعالى-: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا .
وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار وقال -عليه الصلاة والسلام-: أُعطيتُ خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي، نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسيرة شهر، وأُعطيت الشفاعة وذكر منها: وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة .
فمن اعتقد أن أحدًا يجوز له أن يخرج على شريعة محمد ويتعبّد لله بشريعة أخرى، فهو كافر، لماذا؟ لأن شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- شريعة عامة، للجني والإنس وللعرب والعجم ؛ ولأنها ناسخة لجميع الشرائع؛ ولأنه بعد بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- صارت رسالته عامة لجميع من يوجد إلى يوم القيامة، بخلاف شريعة موسى ليست عامة، بل هي خاصة ببني إسرائيل
ولهذا وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى ؛ ولأن الخضر على الصحيح نبي يوحى إليه؛ ولهذا جاء موسى -عليه السلام- ليتعلم من الخضر كما قص الله علينا ذلك في "سورة الكهف".
وكما ثبت في الحديث الصحيح: أن موسى خطب الناس، فسأله رجل، فقال: هل تعلم أحدا أعلم منك؟ قال لا، فعتب الله عليه إذ لم يَرُدّ العلم إليه، فقال: بلى، عبدُنا الخضر أعلم منك وهذا في صحيح البخاري فقال يا رب، أين أجده؟ قال الله: في مجمع البحرين.
فسافر موسى ليتعلم من الخضر ركب البحر هو وفتاه يوشع بن نون وهي رحلة في طلب العلم، وجعل الله له علامة يجده، وهو أنه إذا فقد الحوت فإنه يجده، فأخذا معهما حوتا، فلما فقداه وجداه، فجاءا إليه وهو مسجى بثوب، قال موسى السلام، فرفع كشف الغطاء عن وجهه، وقال وأنّى بأرضك السلام؟
فقال: مَن أنت؟ قال: أنا موسى قال: من؟ موسى بني إسرائيل ؟ قال: نعم، قال: ما جاء بك؟ قال: جئت لأتعلم منك. فقال: أما يكفيك التوراة التي أنزلها الله عليك!
وهذا فيه دليل على أن الإنسان مهما بلغ يحتاج إلى الزيادة من العلم: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا فهذا موسى -عليه الصلاة والسلام- وهو نبي كريم، ومن أولى العزم الخمسة، ومع ذلك راح يستزيد من طلب العلم.
إذًا الخضر ما التزم بشريعته، قال: إني جئت أتعلم منك، قال: لا تستطيع، قال: إن شاء الله ستجدني صابرا، قال: إن أردت ذلك فلا تسألني عن شيء حتى أُحْدث لك منه ذكرا، لكن سترى شيئا لا تصبر عليه، قال: لا، إن شاء الله ستجدني صابرا سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا .
فجعلوا يمشون على ساحل البحر، فمرّت بهم سفينة، فأشار لها الخضر فوقفوا؛ لأنهم يعرفون الخضر ويعرفون موسى فأركبوهم بدون أُجرة، فلما أركبوهم، أخذ الخضر الفأس، وجعل يخرق السفينة حتى خرج الماء.
فاستغرب موسى ما صبر، قال: سبحان الله! ناسٌ أحسنوا إلينا، وحملونا بدون أجرة، تخرب سفينتهم، تخرقها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا أنكر عليه، فقال له الخضر أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ؟ قلت: إنك ما تستطيع، فقال: لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا .
فلما نزلوا جعلوا يمشون في حيّ من الأحياء فوجد غلاما يمشي صغيرا، فأخذه وقلع رقبته ورماها كأنها كرة، قتله، فانزعج موسى انزعاجا عظيما: سبحان الله! أقتلت نفسا بغير نفس لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا .
فشدّد عليه الخضر قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا الأول قال: ألم أقل؟ والثانية قال أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ؟ قلت لك: لا تستطيع، فقال: هذه آخر مرة، إن سألتك بعد هذه المرة، يكون الفراق بيني وبينك، قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي .
ثم بعد ذلك مروا بقوم في قرية أو بلدة فاستضافوهم، لكنهم لؤماء فلم يضيفوهم، طردوهم، ما أعطوهم حق الضيافة، فوجد جدارا يريد أن ينقض، فجعل الخضر يشتغل ويعمل، ويقول: لا بد من إقامة هذا الجدار، فقال: سبحان الله! ناس لؤماء ما ضيفونا، ومع هذا تعمل لهم؟! قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ انتهى الأمر.
ثم بيَّن له بعد ذلك وقال: السفينة هذه خرقتها؛ لأنها لمساكين يعملون في البحر، وكان وراءهم ملك ظالم يأخذ السفينة الصالحة، وأنا أردت أجعل فيها عيبا حتى تبقى للمساكين، والخرق هذا أسده، وتَسلم السفينة للمساكين؛ لأنه لو ما جعلت فيها عيبا أخذها هذا الملك الظالم.
وهذا الغلام لو عاش كان كافرا، وسيرهق والديه طغيانا وكفرا، وسيرزقهم الله خيرا منه.
وأما الجدار، فهذا تحته كنز لغلامين يتيمين في المدينة، وكان أبوهما صالحا، فلو تُرك وسقط، ضاع المال، لكن أنا أبنيه حتى يبقى ويعرف مكان المال.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: يرحم الله موسى لو صبر لقص الله علينا من خبرهما الخضر قال: يا موسى أنت على عِلم من علم الله علَّمَكَهُ لا أعلمُه، وأنا على عِلم من علم الله علمني الله لا تعلمه.
ولما مر عصفور، ونقر في البحر وأخذ منه، قال الخضر: ما علمي وعلمك في علم الله إلا كما ينقص هذا العصفور بمنقاره من البحر.
فإذًا الخضر ما التزم بشريعة موسى ؛ لأنه ليس من بني إسرائيل فمن زعم أنه يجوز له الخروج عن شريعة محمد كما جاز الخضر الخروج عن شريعة موسى فهو كافر، لماذا؟ لأمرين:
الأمر الأول: أن شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم-عامة، وشريعة موسى خاصة.
وثانيـــا: الخضر ليس ملزما بشريعة موسى أما نحن فملزمون بشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم.
وثالثـــا: أن الخضر نبي يوحَى إليه على الصحيح، فهو على شريعة، وموسى على شريعة، فمن اعتقد أو أجاز له أو لغيره ألا يلتزم بشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- وأن يتعبد لله من طريق غير الشريعة التي جاء بها محمد -صلى الله عليه وسلم- فهو كافر بإجماع المسلمين ؛ لأن شريعة النبي -صلى الله عليه وسلم- عامة للثقلَيْن الجن والإنس ؛ ولأنه لم يشهد أن محمدا رسول الله.

فمن قال: إن شريعة محمد خاصة، أو النبوة خاصة بالعرب أو أن بعده نبيا؛ فإنه لم يشهد أن محمدًا رسول الله، وحينئذ يكون كافرا؛ ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار .
--------------------------------------------------
الكاتب : الشيخ :عبد العزيز الراجحي


يتبع....


 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

الناقض العاشر : الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به

العاشر: الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعبد الله، فهذا ناقض من نواقض الإسلام، فمن أعرَض عن دين الله، لا يتعلم دين الله ولا يعبد الله فهو كافر؛ لأنه في هذه الحالة يكون عابدا للشيطان، ليس هناك أحد لا يعبد، ليس هناك أحد ليس له معبود، كل أحد في الدنيا له معبود، من لم يعبد الله عبَدَ الشيطان ولا بد.
وهذا هو الذي يقول عنه بعض الناس: متحلل من الأديان، لا يتعلم الدين، ولا يعبد الله, هذا إذًا يعبد الشيطان؛ لأن الشيطان هو الذي أمره بذلك، فإذًا يكون هذا عابدا للشيطان، ليس هناك أحد إلا وله معبود، الوثني له معبود، واليهودي له معبود، والنصراني له معبود، المسلم يعبد الله، وغير المسلم يعبد الشيطان.
فهذا الذي يزعم أنه لا يتعلم الدين ولا يعبد الله أطاع الشيطان وعبد الشيطان، فهو الذي أمره بذلك فصار عابدا للشيطان، فمن أعرض عن دين الله، لا يتعلم دين الله ولا يعبد الله مطلقا، لا يعبد الله بالدعاء، ولا بالصلاة، ولا بالحب، ولا بالقول، ولا بالإيمان، ولا بالاعتقاد أن الله هو الخالق الرازق المدبر، وأنه المعبود بالحق، فهذا كافر بإعراضه.
قال الله -تعالى-:
B2.gif
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ
B1.gif
قال -تعالى-:
B2.gif
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ
B1.gif
وقال -سبحانه-:
B2.gif
وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ
B1.gif
هذه أدلة.

فالكفار يعرضون عما أنذروا من الإيمان بالله ورسوله والعمل بهذا الدين، وقال -سبحانه-:
B2.gif
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ
B1.gif
فإذًا مَن أعرض عن دين الله لا يتعلم الدين، ولا يعبد الله، هذا كافر، يسميه بعض الناس ملحدا، متحللا من الأديان، في الحقيقة هو عابد للشيطان، ليس هناك أحد من الخلق إلا وهو يعبد، من لم يعبد الله عبد الشيطان.

---------------------------------------------------
الكاتب : الشيخ :عبد العزيز الراجحي


كل ما تم تقديمه مصدره : موقع الشيخ عبد العزيز الراجحي


يتبع....


 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

شبهات فى التوحيد

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:

فالشُبهةُ في اللغة: (الِالتباس)

قال ابن القيم رحمه الله : (الشبهة وارد يرد على القلب يحول بينه وبين انكشاف الحق...وإنما

سميت الشبهة شبهة لاشتباه الحق بالباطل فيها، فإنها تَلبَسُ ثوب الحق على جسم الباطل)
[مفتاح دار السعادة 442-443]

ونحن في هذا الباب سنذكر بعض هذه الشُبه ونبين الرد الشافي عليها بإذن الله.

من كتاب الله وسنة رسول الله وكلام السلف الصالح رحمهم الله


يتبع....


 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

الجواب المجمل على شبهات أهل الباطل.

يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه (كشف الشبهات):
(جَوَابُ أَهْلِ الْبَاطِلِ مِنْ طَرِيقَيْنِ: مُجْمَلٌ... أَمَّا الْمُجْمَلُ فَهُوَ الأَمْرُ الْعَظِيمُ، وَالْفَائِدَةُ الْكَبِيرَةُ لِمَنْ عَقَلَهَا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) [آل عمران 7] وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ (إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَه مِنهُ؛ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ، فَاحْذَرُوهُمْ) [أخرجه البخاري ومسلم]

مِثَالُ ذَلِكَ: إِذَا قَالَ لَكَ بَعْضُ الْمُشْرِكِين (أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) [يونس 62]
أَوْ إِنَّ الشَّفَاعَةَ حَقٌّ، أَوْ إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَهُمْ جَاهٌ عِنْدَ اللَّهِ، أوْ ذَكَرَ كَلاَماً لِلنَبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى شيء من بَاطِلِهِ وَأَنْتَ لاَ تَفْهَمُ مَعْنىَ الْكَلامِ الَّذِي ذَكَرَهُ فَجَاوِبْهُ بِقَوْلِكَ:
إِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى – ذَكَرَ لنا في كتابه، أَنَّ الَّذِينَ في قُلُوبهمْ زَيْغٌ يَتْرُكُونَ الْمُحْكَمَ وَيَتَّبِعُونَ الْمُتَشَابِهَ، وَمَا ذَكَرْتُه لَكَ مِنْ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ: أَنَّ الْمُشْرِكِينَ يُقِرُّونَ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَأَنَّ كَفَّرَهُمْ بِتَعَلَّقِهِمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ، والأَنْبِياَءِ، والأَوْلِيَاءِ مَع قَوْلِهِمْ (هَؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ) [يونس 18]
وَهَذَا أَمْرٌ مُحْكَمٌ بَيِّنٌ، لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُغَيِّرَ مَعْنَاهُ، وَمَا ذَكَرْتَ لِي أيُّهَا الْمُشْرِكُ مِن الْقُرْآنِ أَوْ كَلاَم النبي صلى الله عليه وسلم لا أَعْرِفُ مَعْنَاهُ، وَلكِنْ أقْطَعُ أنَّ كَلاَمَ اللَّهِ لاَ يَتَنَاقَضُ، وَأَنَّ كَلاَمَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لاَ يُخَالِفُ كَلاَمَ اللَّهِ، وَهَذَا جَوَابٌ جَيِّدٌ سَدِيدٌ، وَلكِنْ لا يَفْهَمُهُ إلاَّ مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ، فَلا تَسْتَهْن به؛ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ الله تَعَالَى (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت 35]


يتبع...

 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

الجواب المفصل على شبهات أهل الباطل وقولهم (نحن لا نشرك بالله بل نشهد أنه لا يخلق ولا يرزق إلا الله

وأَمَّا الْجَوَابُ الْمُفصَّلُ، فَإِنَّ أعْدَاءَ اللَهِ لَهُم اعُتِرَاضَاتٌ كَثِيرَة عَلَى دِينِ الرُّسُلِ يَصُدُّونَ بِهَا النَّاسَ عَنْهُ، مِنْهَا قَوْلُهُمْ: نَحْنُ لاَ نُشْرِكُ باللَّهِ، بَلْ نَشْهَدُ أنَّهُ لا يَخْلُقُ، وَلا يَرْزُقُ، وَلاَ يَنْفَعُ، وَلا يَضُرُّ إِلاَّ اللَّهُ وَحُدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم لا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ نَفعًا وَلاَ ضَرًّا، فَضْلاً عَنْ عَبْدِالْقَادِرِ أَوْ غَيْرِهِ، وَلكِنْ أنَا مُذْنِبٌ وَالصَّالِحُونَ لَهُمْ جَاهٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَأَطْلُبُ مِن اللَّهِ بِهِمْ. فَجَاوِبْهُ بِمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ أَنَّ الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُقِرُّونَ بِمَا ذَكَرْتَ، وَمُقِرُّونَ أَنَّ أَوْثَانَهُمْ لاَ تُدَبِّرُ شَيْئًا، وِإنَمَا أرَادُوا الْجَاهَ وَالشَّفَاعَةَ، وَاقْرَأْ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَوَضَّحَهُ.

فَإِنْ قَالَ: هَؤُلاَءِ الآَيَاتِ نَزَلَتْ فِيمَنْ يَعْبُدُ الأَصْنَامَ، كَيفَ تَجْعَلَونَ الصَالِحِينَ أصناماً؟ أَمْ كَيْفَ تَجْعَلُونَ الأنْبِيَاءَ أَصْنَاماً؟ فَجَاوِبْهُ بِمَا تَقَدَّمَ.

فَإِنَّهُ إِذَا أقَرَّ أَنَّ الْكُفَارَ يَشْهَدُون بِالرُّبُوبِيَّةِ كُلِّهَا للَّهِ، وَأَنَّهُمْ مَا أرَادُوا مِمن قَصَدُوا إِلاَّ الشَّفَاعَةَ، وَلكِنْ أَرَادَ أنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ فِعْلِهِمْ وَفِعْلِهِ بِمَا ذَكَرَ.

فَاذْكُرْ لَهُ: أنَّ الْكُفَّارَ مِنْهُمْ مَنْ يَدْعُو الصَّالحٍينَ والأَصْنَامَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَدْعُو الأَوْلِيَاءَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) [الإسراء 57] ويَدْعُونَ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمْ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [المائدة 75-76] وَاذْكُرْ له قَوْلَهُ تَعَالَى (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ) [سبأ 40-41] وَقَوْلَهُ تَعَالَى (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَـهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ) [المائدة 116]

فَقُلْ لَهُ: أعَرَفْتَ أنَّ اللَّهَ كَفَّرَ مَنْ قَصَدَ الأَصْنَامَ، وَكَفَرَ - أَيْضاً - مَنْ قَصَدَ الصَّالِحِينَ، وَقَاتَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟





قولهم (الكفار يريدون من الأصنام، ونحن لا نريد إلا من الله ولكننا نقصد الصالحين نرجو شفاعتهم)

قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب في كتابه (كشف الشبهات):
فَإنْ قَالَ -أي المشرك- : الْكُفَّارُ يُرِيدُونَ مِنْهُم، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ هُوَ النَّافِعُ الضَّارُ الْمُدَبِّرُ، لا أُرِيدُ إِلاَّ مِنْهُ، وَالصَّالِحُونَ لَيْسَ لَهُمْ مِن الأَمْرِ شَيءٌ، وَلكِنْ أقْصُدُهُمْ أرْجُو مِنَ اللَّهِ شَفَاعَتَهُمْ.
فَالْجَوَابُ: أنَّ هَذَا قَوْلُ الْكُفَّارِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ!

فَاقْرَأْ عَلَيْهِ قَوْلَهُ تَعَالَى (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) [الزمر 3]

وَقَوْلَهُ تَعَالَى (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [يونس 18]




قولهم (الالتجاء إلى الصالحين ودعاؤهم ليس بعبادة)

قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه (كشف الشبهات):

(فَإِنْ قَالَ: أَنَا لاَ أَعْبُدُ إِلاَّ اللَّهَ، وَهَذَا الالْتِجَاءُ إِلَى الصَّالحِينَ وَدُعَاؤُهُمْ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ.
فَقُلْ لَهُ: أَنْتَ تُقِرُّ أَنَ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكَ إِخْلاَصَ الْعِبَادَةِ لله وَهُوَ حَقُّهُ عَلَيْكَ.
فَإِذَا قَالَ: نَعَمْ.
فَقُلْ لَهُ: بَيِّنْ لِي هَذَا الَّذِي فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَهُوَ إِخْلاَصُ الْعِبَادَةِ، وَهُوَ حَقُّهُ عَلَيْكَ؟ ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَعْرِفُ الْعِبَادَةَ، وَلاَ أنْوَاعَهَا.
فَبَيِّنْهَا لَهُ بِقَوْلِكَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً) [الأعراف 55]
إِذَا عَلِمتَ بِهَذَا فَقُلْ لَهُ هَلْ هُوَ عِبَادَةٌ؟
فَلاَ بُدَّ أن يَقُولَ: نَعَمْ، (وَالدُّعَاءُ مِنَ الْعِبَادَةِ)
فَقُلْ لَهُ: إِذَا أقْرَرْتَ أَنَّهَا عِبَادَةٌ، وَدَعَوْتَ اللَّهَ لَيْلاً وَنَهَاراً، خَوْفًا وَطَمَعاً، ثُمَّ دَعَوْتَ فِي تِلْكَ الْحَاجَةِ نَبِيًّا أَوْ غَيْرَهُ؟ هَلْ أَشْرَكْتَ في عِبَادَةِ اللَّهِ غَيْرَهُ؟
فَلاَبُدَّ أن يَقُولَ: نَعَمْ.
فَقُلْ لَهُ: فإذا قَالَ اللَّهُ (فَصَلِّ لِربكَ وَانْحَرْ) [الكوثر 2] وأَطَعْتَ اللَّهَ، وَنَحَرْتَ لَهُ، هَلْ هَذِهِ عِبَادَةٌ؟
فَلاَ بُدَّ أن يَقُولَ: نَعَمْ.
فَقُلْ لَهُ: إِذَا نَحَرْتَ لمخُلُوقٍ - نَبِيٍّ أَوْ جِنِّيٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا- هَلْ أَشْرَكْتَ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ غَيْرَ اللَّهِ؟
فَلاَ بُدَّ أن يُقِر ويَقُولَ: نَعَمْ.
وَقُلْ لَهُ - أَيْضاً-: الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهُم الْقُرْآَنُ هَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْمَلاَئِكَةَ، وَالصَّالِحِينَ، وَاللاَّتَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ؟
فَلاَ بُدَّ أن يَقُولَ: نَعَمْ.
فَقُلْ لَهُ : وَهَلْ كَانَتْ عِبَادَتُهُمْ إِيَّاهُمْ إِلاَّ في الدُّعَاءِ، وَالذَّبْحِ، وَالالْتِجَاءِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ؟ وَإلاَّ فَهُمْ مُقِرُّونَ أَنَّهُمْ عَبِيدُ الله، وَتَحْتَ قَهْره، وَأنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي يُدَبِّرُ الأمْرَ وَلكِنْ دَعَوْهُمْ وَالْتَجَأوا إِلَيْهِمْ لِلجَاهِ والشَّفَاعَةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًا.)




قولهم (أتنكرون شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟)

قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب في كتابه (كشف الشبهات):
(فَإِنْ قَالَ: أتُنْكِرُ شَفَاعَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم وَتَبْرَأُ مِنْهَا؟
فَقُلْ له: لاَ أُنْكِرُهَا وَلاَ أتَبَرَّأُ مِنْهَا، بَلْ هُوَ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ - الشَّافِعُ الْمُشَفَّعُ، وَأَرْجُو شَفَاعَتَهُ، وَلكِنَّ الشَّفَاعَةَ كُلَّهَا للَّهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى (قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً) [الزمر 44] وَلاَ تَكُونُ إِلاَّ بَعْدَ إِذْنِ اللَّهِ كَمَا عَزَّ وَجَلَّ (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ) [البقرة 255] وَلاَ يَشْفَعُ فِي أَحَدٍ إِلاَّ بَعْدَ أنْ يَأْذَنَ اللَّهُ فِيهِ كَمَا عَزَّ وَجَلَّ (وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى) [الأنبياء 28]
وَهُوَ لاَ يَرْضى إِلاَّ التَّوْحِيدَ كَمَا قَالَ تَعَالَى (وَمَنْ يَبْتَغ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) [آل عمران 85]
فَإِذَا كَانَتِ الشَّفَاعَةُ كُلُّهَا لِلَّهِ، وَلاَ تَكُونُ إِلاَّ بَعْدَ إِذْنِهِ، وَلاَ يَشْفَعُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم وَلاَ غَيرُهُ فِي أحَدٍ حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ فِيهِ، وَلاَ يَأْذَنُ الله تعالى إِلاَّ لأَهْلِ التَّوْحِيدِ تَبَيَّنَ لَكَ: أنَّ الشَّفَاعَةَ كُلَّهَا لِلَّه، وَأَنَا أطْلُبُهَا مِنْه فَأَقُولُ: اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنِي شَفَاعَتَه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ، وَأمْثَالُ هَذَا.)




قولهم (النبي صلى الله عليه وسلم أعطي الشفاعة، ونحن نطلبه مما أعطاه الله)

قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه (كشف الشبهات):

(فإِنْ قَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أُعْطِيَ الشَّفَاعَةَ، وَأنَا أطْلُبُ مِنهُ مِمَّا أعْطَاهُ اللَّهُ؟.
فَالْجَوَابُ: أَنَّ اللَّهَ أعْطَاهُ الشَّفَاعَةَ، وَنَهَاكَ أَنْ تَدعُوَ مَعَ اللهِ أَحَداً فَقَالَ تَعَالَى (فَلاَ تَدْعُوا مَع اللَّهِ أحَدًا) [الجن 18].
فَإذَا كُنْتَ تَدْعُو اللَّهَ أنْ يُشَفِّعَ نبيه فيكَ؛ فَأَطِعْهُ فِي قَوْلِهِ (فَلاَ تَدْعُوا مَع اللَّهِ أحَدًا) [الجن 18].
وَأَيْضاً: فَإِنَّ الشَّفَاعَةَ أُعْطِيَهَا غَيْرَ النَّبِيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ فَصَحَّ أنَّ الْمَلاَئِكَةَ يَشْفَعُونَ، وَالأَوْلِيَاءَ يَشْفَعُونَ، وَالأَفْرَاطَ يَشْفَعُونَ، أَتَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ أعْطَاهُم الشَّفَاعَةَ؛ وأطْلُبُهَا مِنْهُمْ؟.
فَإِنْ قُلْتَ هَذَا رَجَعْتَ إِلَى عِبَادَةِ الصَّالِحِينَ، التِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهَا الشِّركُ الَّذِي لَا يَغفِرُهُ.
وَانْ قُلْتَ: لاَ، بَطَلَ قَوْلُكَ: أعْطَاهُ اللَّهُ الشَّفَاعَةَ، وَأنَا أطْلُبُ مِنهُ مِمَّا أعْطَاهُ اللَّه.)





قولهم (الالتجاء إلى الصالحين ليس بشرك)

قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه (كشف الشبهات):

فَإِنْ قَالَ: أنَا لاَ أُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، حَاشَا وَكَلاَّ، وَلكِن الالْتِجَاء إِلَى الصَّالِحِينَ لَيْسَ بِشِرْكٍ!
فَقُلْ لَهُ: إِذَا كُنْتَ تُقِرُّ أنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الشّرْكَ أعْظَمَ مَنْ تَحْرِيم الزِّنا، وَتُقِرُّ أنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُهُ، فَمَا هَذَا الأَمْرُ الَّذِي عَظَّمَهُ اللهُ وَذَكَرَ أنَّهُ لاَ يَغْفِرُهُ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي!

فَقُلْ لَهُ: كَيْفَ تُبَرِّئُ نَفْسَكَ مِن الشِّرْكِ وَأنْتَ لاَ تَعْرِفُهُ؟ أَمْ كَيْفَ يُحَرِّمُ اللَّهُ عَلَيْكَ هَذَا وَيَذْكُرُ أنَّهُ لاَ يَغْفِرُهُ وَلاَ تَسْأَلُ عَنْهُ وَلاَ تَعْرِفُهُ؟ أَتَظُنُ أَنَّ اللَّهَ تعالى يُحَرِّمُهُ وَلاَ يُبَيِّنُهُ لَنَا؟.




قولهم (الشرك عبادة الأصنام، ونحن لا نعبد الأصنام)

قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه (كشف الشبهات):

(فَإِنْ قَالَ: الشِّرْكُ بالله عِباَدَةُ الأَصْناَمِ، وَنَحْنُ لاَ نَعْبُدُ الأَصْنَامَ!
فَقُلْ لَهُ: ومَا مَعْنى عِبَادَةِ الأَصْناَمِ؟؛ أتَظُنُّ أنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أنَّ تِلْكَ الأَخْشَابَ وَالأَحْجَارَ تَخْلُقُ وَتَرْزُقُ، وَتُدَبِّرُ أَمْر مَنْ دَعَاهَا؟؛ فَهَذَا يُكَذِّبُهُ الْقُرْآَنُ كَمَا في قَولِهِ تعالى (قُل مَن يَرزُقُكُم مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ..) الآية [يونس 31]
أَو هُوَ قَصَدُ أَثَرِ عَبدٍ صَالِحٍ؛ خَشَبَةً، أَوْ حَجَرًا، أَوْ بَنِيَّةً عَلَى قَبْرٍ أَوْ غَيْرِهِا، يَدْعُونَ ذَلِكَ الصَّالِحَ عِندَهَا، وَيَذْبَحُونَ لَهُ، ويَقُولُونَ: إِنَّهُ يُقَرِّبُنَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى، وَيَدْفَعُ اللَّهُ عَنَّا بِبَرَكَتِهِ، وُيعْطِينَا بِبَرَكَتِه؟
فَقُلْ صَدَقْتَ، وَهَذَا هُوَ فِعْلُكُمْ عِنْدَ الأَحْجَارِ، وَالأبنية الَّتي عَلَى الْقُبُورِ وَغَيْرِهَا.
فَهَذَا قَد أقَرَّ أَنَّ فِعْلَهُمْ هَذَا هُوَ عِبَادَةُ الأَصْنَامِ؛ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ.)



يتبع....


 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

هل الشرك هو عبادة الأصنام فقط؟

قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتاب (كشف الشبهات) :

ويقال له –أي صاحب الشبهة- أَيْضاً قَوْلُكَ (الشِّرْكُ عِبَادَةُ الأَصْنَامِ) ، هَلْ مُرَادُكَ أَنَّ الشِّرْكَ مَخْصُوصٌ بِهَذَا، وَأَنَّ الاعْتِمَادَ عَلَى الصَّالِحِينَ وَدعُاءَهُمْ لا يَدْخُلُ فِي هَذّا؟
فَهَذَا يَرُدُّهُ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ في كِتَابِهِ مِنْ كُفْرِ مَنْ تَعَلَّقَ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ، أَوْ عِيسَى، أَوْ الصَّالِحِينَ؟.
فَلابُدَّ أَنْ يُقِرَّ لَكَ أَنَّ مَنْ أَشْرَكَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ أَحَدًا مِنَ الصَّالِحِينَ فَهُوَ الشِّرْكُ الْمَذْكُورُ فِي الْقُرْآنِ، وَهَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ.




حاصل الأجوبة عن قولهم (نحن لا نشرك بالله، والشرك عبادة الأصنام)

قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه (كشف الشبهات) :

(وَسِرُّ الْمَسأَلَةِ: أنَّهُ إِذَا قَالَ -أي المشرك أو صاحب الشبهة- : أَنَا لاَ أُشْرِكُ بِاللَّه؛ِ فَقُلْ لَهُ: وَمَا الشِّرْكُ بِاللَّهِ؟ فَسِّرْهُ لِي؟ فَإِن قَالَ: هُوَ عِبَادَةُ الأَصْنَامِ؛ فَقُلْ لَهُ: وَمَا مَعنَى عِبَادَةُ الأَصْنَامِ؟ فَسِّرْهَا لِي؟
فإِنْ قَالَ: أنَا لاَ أعْبُدُ إِلاَّ اللَّهَ وَحْدَهُ؛ فَقُلْ لَهُ: مَا مَعْنَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ؟ فَسِّرْهَا لي؟
فَإِنْ فَسَّرَهَا بِمَا بَيَّنَهُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ فَهْو الْمطْلُوبُ، وَإِن لَمْ يَعْرِفْهُ فَكَيْفَ يَدَّعِي شَيْئًا وَهُوَ لاَ يَعْرِفُهُ؟.
وَإنْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِغَيْرِ مَعْنَاهُ بَيَّنْتَ لَهُ الآَيَاتِ الْوَاضِحَاتِ فِي مَعْنَى الشِّرْكِ بِاللَّهِ وَعِبَادَةِ الأَوْثَانِ وأنَّهُ الَّذِي يَفْعَلُونَه فِي هَذَا الزَّمَانِ بِعَيْنِهِ، وَأَنَّ عِبَادَةَ اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ هِيَ التِي يُنْكِرُونَ عَلَيْنَا، وَيَصِيحُونَ عَلَينَا كَمَا صَاحَ إِخْوَانُهُمْ حَيْثُ قَالُوا (أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَـهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) [ص 5].)





الجواب الأول على دعواهم أن الكفر خاص بمن نسب الولد إلى الله

قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب في كتابه (كشف الشبهات):
فَإِنْ قَالَ -أي المشرك أو صاحب الشبهة- : إِنَّهُمْ لَمْ يُكَفَّرُونَ بِدُعَاءِ الْمَلاَئِكَةِ وَالأَنْبِيَاءِ وَإِنَّمَا كَفَرُوا لَمَّا قَالُوا: الْمَلاَئكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وَنَحْنُ لَمْ نَقُلْ: إِنَّ عَبْدَ الْقَادِرِ ابنُ اللهِ وَلاَ غَيْرَهُ ابنُ اللَّهِ!

فَالْجَوَابُ: أنَّ نِسْبَةَ الْوَلَدِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى كُفْرٌ مُسْتَقِلٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ) [الإخلاص 1-2] وَالأَحَدُ: الَّذِي لا نَظِيرَ لَهُ، والصَّمَدُ: الْمَقْصُودُ فِي جَمِيع الْحَوَائِجِ، فَمَنْ جَحَدَ هَذَا فَقَدْ كَفَرَ وَلَوْ لَمْ يَجْحَدْ آخِرَ السُّورَةِ.


الجواب الثاني على دعواهم أن الكفر خاص بمن نسب الولد إلى الله

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ) [المؤمنون 91].
فَفَرَّقَ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ، وَجَعَلَ كُلاً مِنْهُمَا كُفْراً مُسْتَقِلاً.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ)[الأنعام 100]
فَفَرَّقَ بَيْنَ الْكُفْرَيْنِ.


الجوابان الثالث والرابع على دعواهم أن الكفر خاص بمن نسب الولد إلى الله

وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا – أَيْضاً -: أنَّ الَّذِينَ كُفِّرُوا بِدُعَاءِ اللاتِّ مَعَ كَوْنِهِ رَجُلاً صَالِحاً لَمْ يَجْعَلُوهُ ابْنَ اللَّهِ، وَالَّذِينَ كُفِّرُوا بِعِبَادَةِ الْجِنِّ لَمْ يَجْعَلُوهُمْ كَذَلِكَ.

وَكَذَلِكَ الْعُلَمَاءُ - أَيْضاً – في جَمِيعُ الْمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ، يَذْكُرُونَ فِي بَابِ (حكْمِ الْمُرْتَدِّ) أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا زَعَمَ أنَّ لِلَّهِ وَلَدًا فَهُوَ مُرْتَدّ، وِإِنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ فَهُوَ مُرْتَدٌ فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ، وَهَذَا في غَايَةِ الْوُضُوحِ.



يتبع....




 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

من شبهات أصحاب التوسل الممنوع

الشبهة الاولى :
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

يقول الزهاوي : ( لنا على جواز التوسل والاستغاثة دلائل : منها قوله تعالى : (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) إلى أن قال : ( بل ظاهر الآية تخصيصها الذوات )
الجواب : يقال لهم الآية حجة عليكم لا لكم ، ذلك أن المراد بالوسيلة فيها : هي : التقرب إلى الله بطاعته والعمل بما يرضيه.
يقول ابن كـثير في تفسير هذه الآية : (يقول سبحانه وتعالى آمرا عباده المؤمنين بتقواه وهـي إذا قـرنت بطاعته كان المراد بها الانكفاف عن المحارم وترك المنهيات ، وقد قال بعدها : (
وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) قـال سفيان الثوري عن طلحة عن عطاء عن ابن عباس : أي القربة . وكذا قال مجاهد وأبو وائل والحسن وعبد الله بن كثير والسدي وابن زيد وغير واحد . وقال قتادة : أي تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه ، وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف بين المفسرين فيه) .
وقـال ابن جرير : (
وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) : واطلبوا القربة إليه بالعمل بما يرضيه وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل) ثم روى عن مجموعة منهم أبو وائل وعطاء ، وقتادة ، ومجاهد ، وعبد الله بن كثير كلهم يقولون بهذا القول .
فـإذا كـان المـراد بالوسيلة في الآيـة : هـي الـتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة ، فالآية حجة في إثبات شرعية التوسل بالأعمال الصالحة لا ما زعمتم من التوسل بالذوات ونحوها .



الشبهة الثانية :
قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا)
يقول الزهاوي في معرض استدلاله بهذه الآية : ( إن الكفار يعبدون الأنبياء والملائكة على أنهم أرباب ، فيقول الله لهم : أولئك الذيـن تعبدونهم هـم يتوسـلون إلى الله بمن هـو أقـرب ، فكيـف تجعلونهم أربابا وهـم عبيد مفتقرون إلى ربهم متوسلون إليه بمن هو أعلى مقاما منهم ) الجواب : يقـال لهـم استدلالكـم بـاطل ، ذلك أن المـراد بالوسيلة التي أخـبر الله بأن الذين يدعوهم المشركون أربابا يبتغونها إليه ؛ لأنهم أهل الإيمان به هي- كما قـال شيخ الإسلام ما يتقرب به إلى الله من الواجبات والمستحبات ، فهي قربة بطاعة أمر الله بها عباده .
قال الشوكاني : ( ولا خلاف في يبتغون أنها بالتحية والوسيلة القربة بالطاعة والعبادة ) .
وقال الشنقيطي في تفسير هذه الآية : ( وقد قدمنا في سورة المائدة أن المراد بالوسيلة في هذه الآية الكـريمة وفي آية المائدة هو التقرب إلى الله بالعمل الصالح ) .
وعليه فإنها لا تشمل شيئا من التوسل الممنوع ، إذ لم يأمر به الله يؤكـد ذلك أنه لم يعمل به الصحابة ومن أتى بعدهم من القرون المفضلة الذين هم أعلم هذه الأمة بكتاب الله ، ولو كان في هذه أو غير دلالـة عليه لعملوا ، به أيضل عنه الصحابة ويهتدي إليه هؤلاء المتأخرون ؟
إضافة إلى ما ذكرت فإن طائفة من المشركيـن كانوا يدعون الملائكة والأنبياء ، وقيل يدعون الجن فأنزل الله هاتين الآيتين إنكارا عليهم ذلك ، لذا فهما تتضمنان النهي عن دعاء غير الله . والآية الأولى كما قال شيخ الإسلام قصد بها بالتعميم لكل ما يدعى من دون الله ، فكل من دعى ميتا أو غائبا من الأنبياء أو الصالحين سواء كان بلفظ الاستغاثة أو غيرها فقد تناولته هذه الآية كما تتناول من دعى الملائكة والجن ، إذ أنه شرك أو ذريعة إلى الشرك .
وعليه فـإن من توسل بدعاء ميت فإن هذا النهي يتناوله إذ فيه دعاء لغير الله وهو دعاء الميت وذلك ذريعة إلى الشرك .
يقول شيخ الإسلام في تعليقه على هذه الآية : ( قال طائفة من السلف كـان أقـوام يدعون الملائكـة والأنبياء فقال الله تعالى : هؤلاء الذين تدعونهم هم عبادي كما أنتم عبادي ، يرجون رحمتي كما ترجون رحمتي ، ويخافون عذابي كما تخافون عذابي ، ويتقربون إلي كما تتقربون إلي ، فنهى سبحانه عن دعاء الملائكة والأنبياء ؛ لأن ذلك ذريعة إلى الشرك بهم بخلاف الطلب من أحدهم في حياته فإنه لا يفضي إلى الشرك ) .
وقال أيضا بعد أن ذكر هذه الآية : ( ومثل هذا كثير في القرآن ينهى أن يدعـى غـير الله لا من الملائكـة ولا الأنبياء ولا غيرهـم فـإن هـذا شرك أو ذريعة إلى الشرك بخلاف ما يطلب من أحدهم في حياته من الدعاء والشفاعة فإنه لا يفضي إلى ذلك ) وقـال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في تعليقه على هذه الآية :
(وأما ادعاء المنحرفين عن الإيمان من أن الوسيلة هي التوسل إلى الله تعالى بالأنبياء والصـالحين فهذا باطل يناقض ما ذكره الله تعالى في أول الآية من تهديد من دعاهم وإنكاره عليهم دعوتهم )
مما ذكـر اتضـح أن الآيتين إنما تدلان على التقرب إلى الله بالعمل الصالح وهو توسل مشروع كما تدلان على النهي عن التوسل بدعاء الميت وهو من أنواع التوسل الممنوع وعليه فالآيتان حجة عليهم لا لهم .



الشبهة الثالثة :
قولـه تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا)
يقـول الزهاوي - بعد أن ذكـر هذه الآية مستدلا بها : (فقد علق الله تعالى قبول استغفارهم باستغفاره عليه الصلاة والسلام وفي ذلك صريح دلالة على جواز التوسل به صلى الله عليه وسلم) .
الجواب : يقال لهم : استدلالكم خاطئ ، فالآية إنما ترشد إلى توسل مشروع وهو التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم حال حياته .
يدل على ذلك ما يلي :
أولا : قولـه : (
جَاءُوكَ) فـإن المجـيء إلى الرجل ليس معناه إلا المجيء إلى عـين الرجل ، أما المجيء إلى قبره فإنه ليس من أفراد المجيء إلى الرجل لا لغة ولا شرعا ولا عرفا ، ولا يفهم من هذا اللفظ - بحسب اللغة والعرف- إلا المجيء إليه في حياته الدنيوية المعهودة ، ولذا لم يفهم من هذه الآية أحد من السلف والخلف إلا المجيء إليه في حياته ليستغفر لهم
ثانيا : قوله : (
وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ) .
واستغفاره صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا في حياته ذلك أن الاستغفار كغيره من الأعمال ينقطع بعد الموت لانقطاع التكليف عنه قال صلى الله عليه وسلم : (
إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) . ولا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم يشمله الحديث لأنه من الإنسان .
ثالثا : أنه لو كـان استغفاره صلى الله عليه وسلم لمن جاءه مستغفرا بعد موته مشروعا لأمر به أمته ورغبهم فيه ولكان الصحابة وتابعوهم بإحسان أرغب شـيء فيه وأسبق إليه ، فهم أحرص هذه الأمة على الالتزام بأمر الله سبحانه وأشدهم تعظيما لنبيها ومعرفة لقدرته ، ولكـن شيئا من ذلك لم يحصل إذ لم ينقل عن أحد منهم قـط بنوع من أنواع الأسانيد أنه جاء إلى قبره ليستغفر له ولا شكا إليه ولا سأله ، كل ذلك يؤكد أنها خاصة في حياته .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ومنهم من يتأول قوله تعالى : (
وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) . ويقولون : إذا طلبنا منه الاستغفار بعد موته كنا بمنزلة الذين طلبوا الاستغفار من الصحابة ويخالفون بذلك إجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر المسلمين فإن أحدا منهم لم يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته أن يشفع له ولا سأله شيئا ولا ذكر ذلك أحد من أئمة المسلمين في كتبهم) .
وقـال الشيخ ابن سعدي في تفسير هذه الآية : ( وهذا المجـيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مختص بحياته؛ لأن السياق يدل على ذلك لكون الاستغفار من الرسول لا يكون إلا في حياته ، وأما بعد موته فإنه لا يطلب منه شيء بل ذلك شرك) وقال ابن عبد الهادي الحنبلي : ( وأما دلالتها على المجيء إليه في قـبره بعد موته فقد عرف بطلانه ) .
ممـا ذكـر اتضح أن الآية لا تدل على المجيء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وطلب الاستغفار والشفاعة منه أو التوسل بذاته وإنما تـدل على توسل مشروع وهو التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم حال حياته .



الشبهة الرابعة :
قوله تعالى : (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ)

وجه الدلالة : قالوا في هذه الآية وعد للمصدقين وهم الأولياء بأن لهـم ما يشاءون عند ربهم ، فيدخل في ما يشاءونه من الله تلبية من توسل بهم من العباد .
يقول محمد الفقي : ( وكيف لا يستعان بمن هذه صفتهم ولا يطلب العون ممن هذا حالهم ، وقد قال تعالى : (
لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) .

الجواب : يقال لهم : أولا : لنقرأ الآية التي قبلها والتي بعدها ، وماذا قيل فيها ؟
يقول سبحانه وتعالى : (
وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ)

قيل : الآية خاصة (
وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ) : قيل هو جبريل ، وقيل محمد ، والذي صدق به : قيل محمد صلى الله عليه وسلم وقيل أبو بكر ، وقيل المؤمنون ، وقال النخعي : (الذي جاء بالصدق وصدق به هم المؤمنون الذي يجيئون بالقرآن يوم القيامة)

وقيل : هـي عامة عني بها كل من دعا إلى توحيد الله وتصديق رسوله والعمل بما ابتعث به رسوله صلى الله عليه وسلم وهو ما اختاره كثير من المفسرين ، كابن جرير ، وابن سعدي والشوكاني .
فيكـون المراد من الآية أن كل من آمن بالله وعمل صالحا فله ما يشـاء عند ربه ، وعليه فهي ليست خاصة سماعة بعينهم ، كما يزعمون .

ثانيا : المراد بقوله : (
لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ) في الآخرة لا في الدنيا .
بدليل قوله : (
عِنْدَ رَبِّهِمْ) .
يقول ابن جرير : ( لهم عند ربهم يوم القيامة ) ، وبدليل قوله تعالى : (
تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) .
وعليه فإن تلبية من توسل بهم لا تدخل في ما يشاءونه ؛ لأنها من أمور الدنيا .

ثالثا : على فرض دخول الأمور الدنيوية في ما يشاءونه فإن هؤلاء المحسنين كانوا يدعون إلى توحيد الله والعمل بما يرضيه ، ولذلـك وصفهم بالمتقين ، وهم الذين اتقوا الله بتوحيده والبراءة من الأوثان والأنداد وأداء الفرائض واجتناب المعاصـي ومن كان كذلك فلن يشاء الشرك أو شيئا من وسائله ، وبذلك يتضح بطلان استدلالهم بالآية .



الشبهة الخامسة :
استدلوا بقوله تعالى : (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ)
وقوله تعالى: (
وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) قالوا : الآيتان تفيدان أن الأولياء أحياء بعد قتلهم وما داموا كذلك فيجوز نداؤهم والتوسل بهم كالأحياء في الدنيا
يقول محمد الفقي : (وحيث ثبتت حياة المتوفى في البرزخ بما أوردناه وبقوله تعالى : (
وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) جاز طلب العون منهم )
الجواب : يقال لهم هاتان الآيتان نزلتا في حق الشهداء :
فالآية الأولى : توجيه للمؤمنين أن لا يقولـوا لمـن يقتل في سبيل الله هو ميت ، فإن الميت من سلب حياته وأعد حواسه فلا يلتذ لـذة ولا يدرك نعيما ، أما من قتل في سبيل الله فإنهم في حياة ونعيم فرحين بما آتاهم الله من فضله .
والآية الثانية : إخـبار من الله تعالى عن الشهداء بأنهم وإن قتلوا في هذه الدار فإن أرواحهم حية مرزوقة في دار القرار كما جاء في صحيح مسلم عن مسروق قال : (
سألنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن هذه الآية فقال : أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل). . . . " الحديـث وعليه فالآيتان إنما تفيدان أن الشهداء أحياء بعد قتلهم حياة بـرزخية لا يعلم كنهها إلا الله سبحانه لا تقاس بالحياة الدنيا ولا تعطى أحكامها .
بل إن فيما زعمتم مصادمة لكتاب الله ؛ لأن الله يقول (
وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) فلم يجعلهما الله سواء بل فرق بين الأحياء والأموات وإذا لم يكونوا سواء فإنه يبطل

قياس حياة الأموات على حياه الأحياء ، وعليه فتبطل هذه الشبهة .


الشبهة السادسة :
ثانيا : شبهاتهم فيما استدلوا به من السنة ، ومن أقوال وأفعال الصحابة والتابعين .

وهى : إما استشهاد في غير محله ، أو حديث أو أثر ضعيف أو موضوع منها ما يلي :


حديـث استسـقاء عمر بالعباس الذي مر ذكـره في أدلة أهل السنة على مشروعية التوسل بدعاء الصالح الحي ، وهو ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
كـان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال : اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، قال : فيسقون) .
وجه استدلالهم : قالوا : ورد في الحديث "
اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا " .
قالوا : المراد بعـم نبينا ، أي: بجاهه ، فهم فهموا أن توسله بالعباس كأنه مجرد ذكر منه للعباس في دعائه ، وطلب منه لله أن يسقيهم من أجله وقـد أقره الصحابة على ذلك ، فأفاد بزعمهم ما يدعون .
وعللوا : عدول عمر رضي الله عنه عن التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم إلى التوسل بالعباس صلى الله عليه وسلم- لبيان جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل
يقول أحمد دحلان بعد أن أورد هذا الحديث مستدلا به : ( وإنمـا خـص عمر العباس من دون سائر الصحابة رضي الله عنهم لإظهار شرف أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولبيان جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل ) .
ومثل ذلك قال محمد الفقي بعد أن أورده مستدلا به .

الجواب : يقال لهم : استدلالكم خاطئ فإن عمر رضي الله عنه والصحابة إنما توسلوا بدعاء العباس ، ويدل على ذلك أمور منها :
1 - أن عمر صرح بأنهم كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته ، وفي هذه الحادثة بالعباس .
ومما لا شك فيه أن التوسلين من نوع واحد وإذا تبين للقارئ - مما يأتي- أن توسلهم به صلى الله عليه وسلم إنما كان بدعائه ، فتكون النتيجة أن توسلهم بالعباس إنما هو توسل بدعائه ، ومما يؤكد أن توسلهم به صلى الله عليه وسلم في حياته إنما كان بدعائه صريح رواية الإسماعيلي في مستخرجه على الصحيح لهذا الحديث بلفظ :
كانوا إذا قحطوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم استسقوا به فيستسقي لهـم فيسـقون ، فـلما كـان في إمـارة عمـر فذكـر الحديث فقولـه : (فيستسقي لهم) صريح في أنه صلى الله عليه وسلم كان يطلب لهم السقيا من الله تعالى ، وهذا هو التوسل بدعائه ، كذلك حديث الأعرابي الذي دخل المسجد والرسول صلى الله عليه وسلم يخطب وشكا له الجدب ونحوهما ، كل ذلك يدل على أن توسلهم به صلى الله عليه وسلم في حياته إنما كان بدعائه .

2 - مـا ورد في بعـض روايات هذا الحديث الصحيحة أن العباس لما استسقى به عمر دعا . يقول ابن حجر في الفتح : (وقد بين الزبير بن بكـار في الأنساب صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة والوقت الذي وقع فيه ذلك ، فأخرج بإسناد له أن العباس لما استسقى به عمر قال : (
اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة ، وهـذه أيدينا إليك بـالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا الغيث ) .
هذه الرواية تدل على أنهم توسلوا بدعاء العباس لا بذاته ، إذ لو كـان التوسل بذاته أو جاهه لما كان هناك حاجة ليقوم العباس فيدعو بعد عمر بهذا الدعاء .

3 - لو كان توسلهم بالعباس - بذاته أو جاهه- لما عدلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى العباس ؛ إذ ذاته صلى الله عليه وسلم أفضل وجاهه أعظم من جاه العباس ، لكن لما كان بدعائه والرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكـن أن يدعـو لهـم لوفاته عدلوا إلى حي فاضل ، فاختاروا العباس لفضله رضي الله عنهم

قـال ابن تيمية : (
ودعاء أمـير المؤمنين عمر بن الخطاب في الاستسقاء المشهور بـين المهاجرين والأنصار وقوله : " اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا " يدل على أن التوسل المشروع عنهم هو التوسل بدعائه وشفاعته لا السؤال بذاته إذ لو كان هذا مشـروعا لم يعدل عمـر والمهاجـرون والأنصـار عن السـؤال بالرسول إلى السؤال بالعباس ) .

كل ما ذكـرنا يـدل دلالة واضحة على أن توسل الصحابة بالعباس إنما كان بدعائه .

وأما قولهـم : أن عمر رضـي الله عنه ، عدل عن التوسل بالرسـول صلى الله عليه وسلم إلى التوسل بالعباس ، لبيان جـواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل .
فنقول : كلام مردود من وجوه ، منها :
الأول : أنه ليس من المعقول أن الصحابة يقرون عمر على ترك التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم- لو كان ممكنا- إلى التوسل بعمـه ، ولن يقبل العباس أن يتركوا التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم- لو كـان ممكنا- إلى التوسل به إذ في ذلك ترك للسنة المشروعة وعدول عن الأفضل ، أضف إلى ذلك أنهم رضي الله عنهم يعرفون قدر نبيهم صلى الله عليه وسلم ومكانته وفضله معرفة لا يدانيهـم فيها أحـد ، فـلن يؤثروا عليه أحـدا لو كان ممكنا لأي سبب من الأسباب .

الثاني : أن سؤال الله بأضعف السببين إنما يكون في وقت الرخاء ، أما في وقت الشدة فالناس أحرص على أكـبر وسيلة لزوالها ، وعام الرمادة معلوم ما أصاب المسلمين فيه من شدة .

الثالث : لنفرض أن الـذي حمـل عمـر على تـرك التوسـل بالرسـول صلى الله عليه وسلم إلى التوسل بعمه ما زعموه ، فـما الـذي حمل معاويـة والضحاك بن قيس عندما توسلا بيزيد بن الأسـود الجرشي ، وأيضـا لو كان الأمر كذلك لفعل عمر ذلك مرة واحدة ولما استمر عليه كلما استسقى بدليل ما ورد في هذا الحديث من قوله : (
إن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس ) فإن في هذا إشارة إلى تكرار استسقاء عمر بالعباس كل ما ذكـرت يؤكـد بطلان استدلالهم بهذا الحديث على التوسل بالجاه أو غيره من التوسل الممنوع .


الشبهة السابعة :
حديث الضرير وهو ما روي عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه : أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ادع الله أن يعافيني . فقال : " إن شئت دعوت لك وإن شئت أخرت ذاك فهو خـير" وفي رواية "وإن شئت صبرت فهو خـير لك " ، فقال : ادعه : فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين ويدعـو بهذا الدعاء : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي اللهم فشفعه في) قال : ففعل الرجل فبرأ وقد استدل به السبكـي ، والزهاوي ، وأحمد دحلان على جـواز التوسل بالذات أو الجاه .
وجه استدلالهم : قالوا الحديث يدل على جواز التوسل بذات أو جاه النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الصالحين ، إذ فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم علم الأعمى أن يتوسل به في دعائه . حيث أمره أن يدعو بهذا الدعاء ( اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك ) وقد فعل الأعمى ذلك فبرأ .
يقـول الزهاوي : بعد أن ساق هذا الحديث : ( فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الضرير أن يناديه ويتوسل به إلى الله في قضـاء حاجـته ) ويقـول أحمـد دحـلان : ( ومـن الأحـاديث الصحيحة التي جـاء التصريح فيها بالتوسل ما رواه الترمذي ، ثم ساق الحديث ، وقال : ففي هذا الحديث التوسل والنداء أيضا ) .
الجواب : يقال لهم استدلالكم بهذا الحديث على جواز التوسل بذات أو جاه النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره استدلال خاطئ فالحديث إنمـا يدل على مشروعية التوسل بدعاء الصالح الحي لا غير وذلك لما يلي :
1 - أن الأعمى إنما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليدعو له بدليل قوله : (
ادع الله أن يعافيني) ولو كان قصده التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم أو جاهه لما احتاج منه المجيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل ممكـن أن يتوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم أو جاهه وهو في بيته أو في أي مكـان ، فمجيئه وطلبه من الرسول أن يدعو له دليل واضح على أنه إنما توسل بدعائه صلى الله عليه وسلم .
2 - أن النبي صلى الله عليه وسلم خيره بـين الدعاء وبين أن يصبر مـع بيان فضيلة الصبر ونصحه به حيث قال : (
إن شئت دعوت لك وإن شئت صبرت فهو خير لك) .
3 - إصرار الأعمى على الدعاء بقوله: ادعه ، فهذا يدل على أنه اختار الدعاء ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا لـه ؛ لأنه وعده بقوله : إن شئت دعوت لك وقد شاء الدعاء وأصر عليه فإذا لا بد أنه صلى الله عليه وسلم قد دعا له فهو خير من وفـى بما وعد ، ولحرصه صلى الله عليه وسلم على أن يستجيب الله دعاء له وجهه إلى عمل صالح يقدمه بين يدي دعائه صلى الله عليه وسلم ليكون أحرى بالقبول حيث أمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يدعو لنفسه بدعاء علمه الرسول صلى الله عليه وسلم إياه .
4 - ورد في الدعاء الـذي علمه الرسول صلى الله عليه وسلم إيـاه اللهم فشفعه في وهذا صريح في أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد دعا له وأن توسله إنما كان بدعائه ، فهو يدعو أن يقبل الله دعاء نبيه له فقوله " اللهم فشفعه في " معناه : اللهم اقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم - أي اقبل دعائه - في أن ترد علي بصري ، ولو كان توسل بذاته أو جاهه لم يكـن لهذا فائدة ولا معنى في الحديث ، وهذا مردود كذلك ما يستلزمه . قال شيخ الإسلام بعد أن ذكر الحديث : ( فهذا توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته ، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا قال : "وشفعه" فسأل الله أن يقبل شفاعة رسوله فيه وهو دعاؤه )
5 - أن هذا الحديث قد ذكره العلماء في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه المستجاب مما يدل على أن التوسل فيه توسل بالدعاء ، وأن السر في شفاء الأعمى إنما هو دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( فإنه صلى الله عليه وسلم ببركة دعائه لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره ) أما ما تضمنه الدعاء من قولـه : " أسألك بنبيك " فالمراد بدعاء نبيك بدليل طلبه من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو له وبدليل قوله في دعائه " اللهم فشفعه في " فهذا يقتضي أنه صلى الله عليه وسلم سيدعو له فهو دعـاء في أن يقبل الله دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له- كما تقدم بيانه آنفا .
أضـف إلى ذلك أن التوسل بالشـخص في مفهوم الصـحابة وعرفهم إنمـا هو طلب الدعاء منه حال حياته ، أما التوسل بالجاه أو الـذات فهـم لا يقرونه ؛ لأنه من مفاهيم الجاهلية التي بعث صلى الله عليه وسلم لأجل القضاء عليها ، وعليه فالحديث إنما يدل على التوسل بالدعاء لا بالجاه أو الذات كما يزعمون .
قال شيخ الإسلام : ( وحديث الأعمى لا حجة لهم فيه فإنه صـريح في أنـه إنمـا توسـل بدعـاء النبي صـلى الله عـليه وسـلم وشفاعته ) .


الشبهة الثامنة :
ما روي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا قـال : من خرج من بيته إلى الصلاة فقال : " (اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وأسألك بحق ممشاي هذا فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعـة وخرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك فأسألك أن تعيذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك) وقد استدل به أحمد دحلان ، والزهاوي ومن وافقهما على جواز التوسل بكل عبد مؤمن .
يقول أحمد دحلان - بعد أن ساق الحديث- : ( فانظر قوله : (بحق السائلين عليك) فإن فيه التوسل بكل عبد مؤمن) .
ويقول الزهاوي بعد أن ساق الحديث : ( فقد توسل النبي عليه الصلاة والسلام في قوله : "إني أسألك بحق السائلين عليك" بكل عبد مؤمن وأمر أصحابه أن يدعوا بهذا الدعاء فيتوسلوا مثل توسله ) .
الجواب : يقال لهم :
أولا : الحديث شديد الضعف فـلا يحتج به ؛ لأنه من طريق فضيل بن مرزوق عن عطية بن سعد العوفي عن أبي سعيد الخدري ، وفضيل وعطية كلاهما ضعيف .
فأما فضيل فقد ضعفه أبو حاتم والنسائي والحاكم ، وقال ابن حبان : (يخطئ على الثقات ويروي عن عطية الموضوعات) ، وقال الرازي : لا يحتج به .
وأما عطية بن سعد فقال ابن تيمية والذهبي مجمـع على ضعفه ، وأورده الذهبي في الضعفاء والمتروكـين وقال ابن حجر كان شيعيا مدلسا .
وقال ابـن حبان : (سمع من أبي سعيد الخدري أحاديث فلما مات جعل يجالس الكلبي فإذا قال الكلبي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حفـظ ذلك ورواه عنه وكناه أبا سعيد فيظن أنه أراد (الخدري) وإنما أراد ( الكلبي ) لا يحل كتب حديثه : إلا على التعجب) .
والكلـبي : هو محمد بن السائب أحد المعروفين بالكذب في الحديث .
وعلى هـذا فعطية شيعي مدلس مجمع على ضعفه فلا يحتج بروايته .
وقد روي من طريق آخـر مع اختلاف يسير في اللفظ ، أخرجه أبو بكر بن السني في عمل اليوم والليلة برقم 84 من طريق الوازع بن نافع العقيلي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله عـن بـلال رضي الله عنه ، وهو حديث ضعيف أيضا كما قـال النووي وابن تيمية ؛ ذلـك أن في سنده الوازع وهو ضعيف الحديـث جـدا ليس بشيء كما قال أبو حاتم وأبو زرعة ، بل قـال الحـاكم : روى أحـاديث موضوعة ، وكـذا قال غيره وقال ابن عدي : عامة ما يرويه الوازع غير محفوظ .
وقال النووي والهيثمي متفق على ضعفه ، وقال أحمد وابن معين ليس بثقة
وعليه فلا يحتج بالحديث على كلا الروايتين .
ثانيا : على فرض صحة الحديث فإنه لا يؤيد مدعاهم ، ذلك أنه توسل بحق السائلين وبحق ممشاه إلى المسجد وهو حق العابدين وحق السائلين أن يجيبهم ، وحق العابدين أن يثيبهم ، وهما مما جعله على نفسه حقا تكرما وفضلا ، قال تعالى : (
وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) وقال تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وقال تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ)
وفي الصحيح من حديث معاذ : حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحقهم على الله إذا فعلوا ذلك أن لا يعذبهم فيكون السائل- هنا- قد توسل بالإجابة ، والإثابة التي هي من صفات الله الفعلية والتوسل بأسماء الله وصفاته مشروع قال تعالى : (
وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)
قال ابن تيمية : (وهذا الحديث هو من رواية عطية العوفي عن أبي سعيد وهو ضعيف بإجماع أهل العلم وقد روي من طريق آخر ، وهو ضعيف أيضا ولفظه لا حجـة فيه فإن حق السائلين عليه أن يجيبهم وحق العابدين أن يثيبهم وهو حق أحقه الله تعالى على نفسه الكريمة بوعده الصادق باتفاق أهل العلم)



الشبهة التاسعة :
عن أبي أمامة قال : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح وإذا أمسى دعا بهذا الدعاء : اللهم أنت أحق من ذكر ، وأحق من عبد أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض ، وبكل حق هو لك وبحق السائلين عليك) . . . الحديث .

وجه استدلالهم : أنه ورد فيه سؤال بحق السائلين- فدل على جواز السؤال بكل عبد مؤمن- كالحديث السابق .

الجواب : يقال لهـم هذا الحديث لا يحتج به لضعفه . قال الهيثمي في مجمع الزوائد : (رواه الطبراني - وفيه فضالة بن جبير ، ضعيف مجمع على ضعفه) ، وقـال ابن عدي : ( ولفضالة عن أبي أمامة قدر عشرة أحاديث كلها غير محفوظة) ، وروى الكناني عن أبى حاتم الرازي قال : "ضعيف الحديث" وقال ابن حبان : ( لا يحـل الاحـتجاج بـه بحال : يـروي أحاديث لا أصل لها ) .
وقال الألباني : ( الحديث شديد الضعف فلا يجوز الاستشهاد به ) .

وعلى هذا فالحديث شديد الضعف فلا يحتج به ، ولو فرض صحته فـإن قوله : "وبحق السائلين عليك" إنما هو سؤال بالإجابة ، وهـي من صفات الله الفعلية . والتوسل بصفات الله مشروع . وعليه فلا دلالة الحديث على شيء من التوسل الممنوع .



الشبهة العاشرة :
عن أنس بن مالك قال : لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي رضي الله عنهما دعا أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري يحفرون قـبرها ، فلما فـرغ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضطجع فيه ثم قال : " الحمد لله الذي يحيي ويميت ، وهو حـي لا يموت ، اغفر لأمـي فاطمـة بنت أسد ولقنها حجتها وأوسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي ،فإنك أرحم الراحمين . . . الحديث) رواه الطبراني

وممن استدل به أحمد دحـلان والزهاوي والعظمي وموسى محمد علي



وجـه الاستدلال : قـالوا ورد في الحديث " وأوسـع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي . . . " وفي ذلك توسل بذاته وبإخوانه النبيين .



يقول موسى محمد علي : ( ففي هذا الحديث توسله عليه الصلاة والسلام إلى ربه بذاته وبإخوانه من النبيين ) .



الجواب : يقال لهم الحديث غـير صحيح لأن في سنده روح بن صلاح وقد تفرد به كما قال أبو نعيم واتفقت عبارات كثير من أئمة الجرح على تضعيف روح .



يقول ابـن عدي : ( روح بـن صـلاح ضـعيف) وقـال الدارقطني : ضعيف في الحديث ، وقال ابن ماكولا (ضعفوه) ، وقال أبو يونس : رويت عنه مناكيـر ،وقـال ابن عدي بعد أن خرج له حديثين " ولروح أحاديث ليست بالكثيرة وفي بعض حديثه نكرة" . وذكره ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين

وقال الشيخ الألباني بعد أن ذكر كلام بعض الأئمة فيه : ( فأنت ترى أئمة الجرح قد اتفقت عباراتهم على تضعيف هذا الرجل وبينوا أن السبب روايته المناكير فمثله إذا انفرد بالحديث يكون منكرا لا يحتج به )

وقال الشيخ عبد الرحمن الدوسري : ( هذا الحديث لا يصح دراية فـإن صيغة متنه وركاكـة ألفاظه وما فيه من المبالغة مما يدل على عـدم ثبوته ، زيادة على غرابته وما في سنده من الضعف الذي تكلم عليه المؤلف )

ممـا ذكر اتضح أن الحديث لا يصح دراية ولا رواية وإنما هو منكر لا يحتج به والله أعلم .



الشبهة الحادية عشرة :
عن عمر بن الخطاب مرفوعا : (لما اقترف آدم الخطيئة قـال : يا رب أسألك بحـق محمد لما غفرت لي ، فقال الله : يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه ؟ قال : يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكـتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحـب الخلق إليك ، فقال الله : صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ، ولولا محمد ما خلقتك) أخرجه الحاكم .
يقول أحمد دحلان : ( وقد توسل به صلى الله عليه وسلم أبوه آدم عليه السلام قبل وجود سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حين أكل من الشجرة التي نهاه الله عنها) ثم ساق الحديث .
الجواب : يقال لهم :
أولا : الحديث موضوع كما قال الذهبي وغيره فلا تقوم به حجة .
يقول الذهبي : ( عبد الله بن مسلم أبو الحارث الفهري روى عـن إسماعيل بن مسلمة بن قعنب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم خـبرا باطلا فيه (
يا آدم لولا محمد ما خلقتك) ، وكذا قال الحافظ ابن حجر في اللسان
وقال البيهقي : ( إنه تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو متهم بالوضع رماه بذلك الحاكم ) ولا نغـتر برواية الحاكم لهذا الحديث فإنه مما أنكره عليه العلماء وعدوه تناقضا منه .
يقول ابن تيمية : ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أنكر عليه فإنه نفسه قد قال في كتاب المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم : وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه .
قـلت : وعبد الرحمن بن زيد بـن أسلم ضـعيف باتفاقهم يغلط كـثيرا ضعفه أحمد بن حنبل وأبو زرعة وأبو حاتم والنسـائي والدارقطني وغيرهـم ، وقال أبو حاتم بن حبان : كان يقلب الأخبار وهو لا يعلم ، حتى كثر ذلك من روايته ، فاستحق الترك ، وأما تصحيح الحاكم لمثل هذا الحديث وأمثاله فهذا ما أنكره عليه أئمة العلم بالحديث وقالوا : إن الحاكم يصحح أحاديث وهي موضوعة مكذوبة عند أهل المعرفة بالحديث .
ومما يؤكد بطلان هذا الحديث أنه يخالف كتاب الله في موضعين :
الأول : أنه تضمن أن الله غفر لآدم بسبب توسله بمحمد صلى الله عليه وسلم ، والله يقول : (
فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)
وقـد جاء تفسير هذه الكلمات عن ابن عباس بما يخالف هذا الحديث ، فقد أخرج الفريابي وعبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم ، وابن مردويه عن ابن عباس في قولـه :(
فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ) قال : أي رب ألم تخلقني بيدك ؟ قال : بلى ، قال : أي رب ألم تنفخ في من روحك؟ قال : بلى ، قال : أي رب ألم تسبق إلي رحمتك قبل غضبك؟ قال : بلى ، قـال : أي رب ألم تسكني جنتك؟ قال : بلى ، قال : أي رب أرأيت إن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال : نعم ، قال :(فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ) وقال الحاكم : صحيح الإسناد . ووافقه الذهبي
وأخرج الثعلبي ، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (
فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ) قال : قوله : (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد مثله ، وأخرج عبد بن حميد عن الحسن والضحاك مثله ، وأخرج ابن جرير عن مجاهد وقتادة وابن زيد مثله ، وبهذا قال كثير من المفسرين كابن جرير ، وابن سعدي ، والسيد محمد رشيد رضا ، وأبي بكر الجزائري
ويؤيده قوله تعالى : (
قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
ولا منافاة بـين القولـين بل أحدهما يتمم الآخر ذلك أنها كلها من الكلمات .
يقول ابن جرير : ( حدثني المثنى قال : حدثنا آدم العسقلاني قال : حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أبي العالية في قوله : (
فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ) قال : إن آدم لما أصاب الخطيئة قال : يا رب أرأيت إن تبت وأصلحت ، فقال الله : إذا أرجعك إلى الجنة ، فهي من الكلمات ومن الكلمات أيضا (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن قتادة في قوله : (
فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ) قال : (ذكر لنا أنه قال : يا رب أرأيت إن تبت وأصلحت؟ قال : فإني إذن أرجعك إلى الجنة . (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) وبذلك ثبتت مخالفة هذا الحديث للقرآن ، فتأكد بطلانه .
الثاني : كذلك مما يؤكد بطلانه قوله في آخره (
ولولا محمد ما خلقتك ) والله يقول : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)
فالآية تفيد أن الحكمة من الخلق إنما هي عبادة الله وحده لا شريك له ، لا من أجل ملك مقرب ولا نبي مرسل .
ثانيا : على افتراض أن هذا الحديث ضعيف فقط -كما يزعم بعض المخالفين- فلا يجـوز الاستدلال به على مشروعية التوسل المختلف فيه ؛ لأنه على قولهم عبادة مشروعة وأقل أحوال العبادة أن تكـون مستحبة والاستحباب حكم شرعي من الأحكام الخمسة التي لا تثبت إلا بنص صحيح تقوم به الحجة ، فإذا كان الحديث عندهم ضعيفا فلا حجة فيه البتة .
وبذلك اتضح بطلان هذه الشبهة .



الشبهة الثانية عشرة:
عن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد قال : (كـان رسـول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح بصعاليك المهاجرين ، وفي رواية يستنصر بصعاليك المسلمين .)

يقول عبد الله الحسيني : (الدليل العاشر من أدلة التوسل بسيد الأنبياء وبغيره من الأولياء والصالحين ) ثم ذكر الحديث .

الجواب : يقال لهم أولا : الحديث مرسل ضعيف ، ذلك أن مداره على أمية بن عبد الله بن خالد مرفوعا ، وأمية لم تثبت له صحبة .


يقول ابن عبد البر في الاستيعاب بعد أن ذكر روايته لهذا الحديث- قال : ( لا تصح عندي صحبته والحديث مرسل ) ، وقال الحافظ في الإصابة : ( وأمية هذا ليست له صحبة ولا رؤية ) ، وقال ابن حبان : ( يروي المراسيل ، ومن زعم أن له صحبة فقد وهم ) ، وقال البغوي : ( أمية بن خالد لا أرى له صحبة) .

كما أن في سنده -في كـلا الروايتين- أبا إسحاق . وفيه علة العنعنة .


قـال الألباني بعد أن ذكـر هـاتين العلتين : ( فثبت بذلك ضعف الحديث وأنه لا تقوم به حجة) .

ثانيا : على فرض صحة الحديث فإنـه لا يدل إلا على التوسل بدعاء الصالح الحي وهو مشروع .

يقـول المناوي في فيض القدير : (كان يستفتح) أي يفتتح القتال ، (ويستنصر) أي يطلب النصرة (بصعاليك المسلمين) أي بدعاء فقرائهم )


ويقول الألباني بعد أن ذكر كلام المناوي : ( وقد جاء هذا التفسير من قوله صلى الله عليه وسلم : (إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها ، بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم) فقد بين الحديث أن الاستنصار إنما يكـون بدعاء الصالحين لا بذواتهم وجاههم ، ومما يؤكد ذلك أن الحديث ورد في رواية قيس بن الربيع بلفظ : (كان يستفتح ويستنصر ....) وبهذا يكـون هذا الحديث إن صح دليلا على التوسل المشروع وحجة على التوسل المبتدع) .

الشبهة الثالثة عشرة :

يقول أحمد دحلان - وهو يتكلم عن التوسل بالذات : ( ويؤيد ذلك أيضا ما صح عنه صلى الله عليه وسلم من قوله (حياتي خير لكم تحدثون وأحدث لكم ، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم ما رأيت من خير حمدت الله تعالى وما رأيت من شر استغفرت لكم) .

ويقول عبد الله محمد الحسيني : ( وهذا الحديث يدل دلالة صريحة على أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع لأمته بعد انتقاله باستغفاره لهم ، وعلى هذا يجوز التوسل به لأنه استشفاع ) .
الجواب : يقال لهم :
أولا : الحديث ضعيف بجميع طرقه ، فالحكم عليه بالصحة غير صحيح .
يقول الألباني : بعد أن ساق كلام العلماء في هذا الحديث : ( وجملة القول أن الحديث ضعيف بجميع طرقه ، وخيرها حديث بكر بن عبد الله المزني وهو مرسل وهو من أقسام الحديث الضعيف عند المحدثين ، ثم حديث ابن مسعود وهو خطأ ، وشرها حديث أنس بطريقيه ) .
وقال ابن عبد الهادي الحنبلي في معرض رده على من استدل بهذا الحديث قال : ( هذا خبر مرسل ) .
وقـال محمد بشير : بعد أن ذكر كلام ابن عبد الهادي في هذا الحديث- قال : ( فالحكم عليه بالصحة غير صحيح ) .

ثانيا : أن الحديث معارض بحديث صحيح رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن حذيفة بن اليمان أنه صلى الله عليه وسلم قال : (ليردن على حوضي أقوام ، ثم يختلفون فأقول : أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) أخـرجه الـبخاري ومسلم .
والشاهد مـن هذا الحديث قوله : (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) والحديـث الضـعيف يقـول : (تعرض علي أعمالكم) أي هو صلى الله عليه وسلم يعلم ما عليه أصحابه وغيرهم من أمته من خـير أو شر ، فإما أن نقـول : السنة متناقضـة وهذا لا يقول به مسلم ، أو نقول الحديـث الضعيف غـير صحيح كما قال الأئمة وبذلك يزول الإشكال ويتضح بطلان هذه الشبهة .


الشبهة الرابعة عشر




يقـول أحمد دحـلان : ( ومن أدلة جواز التوسل قصة سواد بن قارب رضي الله عنه التي رواها الطبراني في الكـبير ، وفيها أن سواد بن قارب أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم قصيدته التي فيها التوسل ولم ينكر عليه . ومنها قوله .
وأشـــــــهد أن اللـــــــه لا رب غــــــيره وأنـــك مــــأمون علــــى كــــل غــــائب
وأنــــك أدنــــى المرســــلين وســــيلة إلـى اللــه يــا ابــن الأكــرمين الأطــايب
فمرنـــا بمـــا يـــأتيك يـــا خــير مرســل وإن كـــان فيمـــا فيــه شــيب الــذوائب
وكــن لــي شــفيعا يــوم لا ذو شــفاعة ســواك بمغــن عــن ســواد بــن قــارب
فلم ينكر عليه رسـول الله صلى الله عليه وسلم قوله : ( أدنى المرسلين وسيلة ) ولا قوله : ( وكن لي شفيعا )
الجواب : يقال لهم :
أولا : أن الروايات التي ورد فيها الحديث كلها ضعيفة واهية ، وفي المتن : اضطراب ، وإذا كان كذلك لم تقم به حجة .
يقول ابن حجر الهيثمي : بعد أن أورد الحديث بروايتين : (وكلا الإسنادين ضعيف) ، وقال محمد بشير بعد أن ذكر كلام الهيثمي : ( قد ثبت منه أن كلا الإسنادين ضعيف ، وفي المتن اضطراب فتنبه ) ، وقال الرفاعي : ( كما ثبت أن كافة طرقه وروياته التي ورد فيها ضعيفة واهية ) .

ثانيا : على فرض صحة الحديث فإنه لا يدل على جواز التوسل بالذات ، إذ ليس في الأبيات التي وردت في الحديث أي معنى من معاني التوسل بالذات كما زعم ابن دحلان ، بل كل ما تدل عليه أن أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم هي أعظم أعمال المرسلين فصار بذلـك أدناهم وأقربهم إلى الله تعالى كما في البيت الثاني كما تدل على أن سواد بن قارب يخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم ويرجوه أن يدعو الله تعالى أن يكون له شفيعا يوم القيامة كما في البيت الرابع ، وهذا الخطاب في حياته وطلب الشفاعة منه حال حياته جائز ؛ لأنه طلب لدعائه صلى الله عليه وسلم أن يكون سواد في جملة من يشفعه الله بهم يوم القيامة وهي من التوسل بدعاء الصالح الحي .

قـال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ : ( وقول سواد بن قارب هذا من جنس طلب دعائه صلى الله عليه وسلم في حياته ) ، وبذلك يتضح بطلان استدلالهم بهذا الحديث على التوسل بالذات أو غيره من التوسل الممنوع . والله أعلم .





الشبهة الخامسة عشر

ما روي عن عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده أن أبا بكر الصديق أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( إني أتعلم القرآن ويتفلت مني ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قل : اللهم إني أسألك بمحمد نبيك ، وبإبراهيم خليـلك ، وبموسـى نجيـك ، وبعيسى روحـك وبتوراة موسى وإنجيل عيسى ، وزبور داود ، وفرقان محمد ، وبكل وحي أو حيته وقضاء قضيته) . . . الحديث "

الجواب : يقال لهم الحديث غير صحيح وإنما هو مكذوب ، يقول ابن تيمية : "وهذا الحديث ذكـره رزين بن معاوية العبدري في جامعه ، ونقله ابن الأثير في جامع الأصول ، و لم يعزه لا هذا ولا هذا إلى كتاب من كتب المسلمين ، لكن قد رواه من صنف في عمل اليـوم والليلة كابن السني ، وأبي نعيم ، وفي مثل هذه الكتب أحاديث كـثيرة موضوعة لا يجوز الاعتماد عليها في الشريعة باتفاق العلماء ، وقد رواه أبو الشيخ الأصبهاني في كتاب فضائل الأعمال ، وفي هذا الكـتاب أحـاديث كثيرة موضوعة ، ورواه أبـو موسى المديني من حديث زيد بن الحباب عن عبد الملك بن هارون بن عنترة ، وقال : ليس بالمتصل ، يريد أنه لو كان رجاله ثقات فإن إسناده منقطع ) .

ثم قال ابن تيمية : ( عبد الملك بن هارون بن عنترة من المعروفين بالكذب ) .

وقـال يحيـى بن معـين : كـذاب ، وقـال السعدي : دجـال كذاب ، وقال أبـو حـاتم ابن حبان : يضع الحديث ، وقال النسائي متروك الحديث ، وقال البخاري منكر الحديث ، وقال ابن عدي : له أحاديث لا يتابعه عليها أحد ، وقـال الحـاكم في كتاب المدخـل : عبد الملك بن هارون بن عنترة الشيباني روى عن أبيه أحاديث موضوعة ، وقال أبو حاتم الرازي : متروك الحديث .

وقد ذكـر السيوطي هذا الحديث في اللآليء المصنوعة في الأحـاديث الموضوعة ، وقـال : عبد الملك دجال مع ما في السند من الإعضال وعلى هذا فالحديث رجاله ليسوا ثقات ، ولو فرض أنهم ثقات فإنه منقطع كما قال أبو موسى المديني وعليه فلا يحتج به . والله أعلم .



الشبهة السادسة عشر


ما ذكره موسى بن عبد الرحمن الصنعاني صاحب التفسير بإسناده عن ابن عباس مرفوعا أنه قال (من سره أن يوعيه الله حفظ القرآن وحفظ أصناف العلم فليكتب هذا الدعاء في إناء نظيف أو في صحف قوارير بعسل وزعفران وماء مطر وليشربه على الريق وليصـم ثلاثة أيام وليكن إفطاره عليه ويدعو به في أدبار صلواته : اللهم إني أسألك بأنك مسئول لم يسأل مثلك ولا يسأل ، وأسألك بحـق محمد نبيك وإبراهيم خليلك وموسى نجيك ، وعيسى روحك وكلمتك ووجيهك ) وذكر تمام الدعاء .

الجواب : يقال لهم هذا الحديث مكذوب فلا يحتج به .

يقول ابن تيمية : ( وموسى بن عبد الرحمن هذا من الكذابين ) ، وقال ابن عدي فيه : منكر الحديث . وقال أبو حاتم ابن حبان : دجال يضع الحديث ، وضع على ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس كتابا في التفسـير جمعه من كلام الكلبي ومقاتل ، وقال الذهبي ليس بثقة .

ومما يؤكد أن الحديث مكذوب تضمنه بعض الكلمات التي لا تبدو إلا من كافر ، مثل قولـه : " . . لم يسأل مثلك ولا يسأل" . فقوله "مثلك" يؤكـد وضـع الحديث وأن واضعه كافر ماكر خبيث من هو هذا المثيل لله الذي لم يسأل ولا يسأل ؟ ، لذا ذكـره ابن الجـوزي في الموضوعات ، والسيوطي في اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة .


الشبهة السابعة عشر



ما يرويه بعض الجهال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم) . وبعضهم يرويه بلفظ : (إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم).

أورد هذه الشبهة محمد التيجاني والسمنهودي مستدلين بها على مشروعية التوسل بالجاه
وجه استدلالهم : قالوا في الحديث أمر بالتوسل بالجاه فهو إذا مشروع .

الجواب : يقال هذا الحديث كذب لا أصل له في شيء من كتب الحديث البتة وإنما يرويه بعض الجهال بالسنة .

قال شيخ الإسلام : ( وهذا الحديث كذب ليس في شيء من كتب المسلمين التي يعتمد عليها أهل الحديث ، ولا ذكره أحد من أهل العلم بالحديث . مع أن جاهه عند الله أعظم من جاه جميع الأنبياء والمرسلين ، ولكن جاه المخلوق عند الخالق سبحانه ليس كجاه المخلوق عند المخلوق فإنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه ، والمخلوق يشفع عند المخلوق بغير إذنه فهو شريك له في حصول المطلوب ، والله سبحانه وتعالى : لا شريك له ، كما قال سبحانه :(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ)

وقال الشيخ الألباني : ( هذا باطل لا أصل له في شيء من كـتب الحديث البتة ، إلى أن قـال : فـلا يلزم إذا من كون جاهه صلى الله عليه وسلم عند ربه عظيما أن نتوسل به إلى الله تعالى لعدم ثبوت الأمر به عنه صلى الله عليه وسلم ) وقال العلامة الألوسي : ( وما يذكره بعض العامة من قوله صلى الله عليه وسلم : (إذا كانت لكـم إلى الله تعالى حاجة فاسألوا الله تعالى بجاهي فإن جاهي عند الله تعالى عظيـم) ، لم يروه أحـد من أهل العلم ، ولا هو في شيء من كتب الحديث ) .

مما ذكـرنا اتضح أن الحديث باطل لا أصل له . لكن لا يلزم من بطلانه نفـي الجـاه عنه صلى الله عليه وسلم بل نقول إن جاهه أعظم من جـاه جميـع الأنبياء إلا أنه لا يلزم من ذلك أن نتوسل به ؛ لأن التوسل أمر توقيفـي ولم نقف على نص من الكتاب أو صحيح السنة يثبت ذلك والله أعلم .

المصدر: التوسل المشروع والممنوع لعواد بن عبدالله المعتق.



تم بحمد الله
ارجو التوفيق
سلام الله عليكم






















 
آخر تعديل:
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top