حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

ينقسم التوحيد إلى عدة أقسام ..
وهي حسب ما ذكره أهل العلم ثلاثة :
الأول: توحيد الربوبية .
الثاني: توحيد الألوهية .
الثالث: توحيد الأسماء والصفات .
وعلموا ذلك بالتتبع والاستقراء، والنظر في الآيات والأحاديث، فوجدوا أن التوحيد لا يخرج عن
هذه الأنواع الثلاثة.
( قلنا : وسيأتي تفصيل هذه الانواع تباعآ )
---------------------
المصدر: موقع الشيخ بن عثيمين


يتبع.....



بارك الله فيك أما سؤال هذه المشاركة هل من دليل في القرأن يمكن أن يستأنس به في بيان أن أنواع التوحيد ثلاث، بالمعنى هل من أية في كتاب الله جمعت أنواع التوحيد الثلاث في موضع واحد؟ ثم ما معنى قول الشيخ علموا ذلك بالتتبع والاستقراء، تتبع ماذا و اسقراء ماذا؟.
 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

بارك الله فيك أما سؤال هذه المشاركة هل من دليل في القرأن يمكن أن يستأنس به في بيان أن أنواع التوحيد ثلاث، بالمعنى هل من أية في كتاب الله جمعت أنواع التوحيد الثلاث في موضع واحد؟ ثم ما معنى قول الشيخ علموا ذلك بالتتبع والاستقراء، تتبع ماذا و اسقراء ماذا؟.

وفيك بارك الله اخي الكريم الغالي ، وفي ما يخص الدليل على ان التوحيد ثلاث انواع :
1- ( اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ) (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) ألوهية.
2- (الْحَيُّ الْقَيُّومُ) ( لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ) (الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) أسماء وصفات.
3- (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ) ربوبية.

والآية التي تريدها هي : (رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا).
1- الربوبية :رب السماوات والأرض وما بينهما .
2- الألوهية: فاعبده واصطبر لعبادته .
3- الأسماء والصفات : هل تعلم له سميا .


و قصد الشيخ تتبع و استقراء نصوص الكتاب و السنة
ارجو ان اكون قد وفقت باجابتك اخي الكريم
تحياتي و احترامي لشخصكم الكريم
في امان الله و حفظه
سلام الله عليكم
 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

السؤال:
ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام:
- توحيد ألوهية.
- توحيد ربوبية.
- توحيد أسماء وصفات.
ولكن البعض يشنع على هذا التقسم ويقولون إنه مثل تقسيم النصارى إلى ثلاثة أقسام!! حتى أن أحد أهل الضلال ألف كتاب سماه (التنديد لمن عدد التوحيد) فما هو الرد المناسب عليهم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالذي يشنع على من يقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام ويعده كتثليث النصارى يعتبر من أجهل الناس وأضلهم عن سواء السبيل، وذلك لأن هذا التقسيم علم بالتتبع والاستقراء لنصوص الكتاب والسنة، وهو بيان وإيضاح لمعنى توحيد الله الذي هو إفراد لله تعالى بما يختص به، وما يجب له من حقوق، لا تقسيم للذات الإلهية، كما تقول النصارى: إن الله ثالث ثلاثة، والثلاثة واحد وهو ما تنكره بَدَائِهُ العقول، إذ كيف تكون الذات الواحدة ثلاثة، والثلاثة واحدة، ولا يسوي بين تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أنواع، وتثليث النصارى، إلا جاهل زائغ.
ومن العلماء من قسم التوحيد إلى قسمين فقط وهما:
- توحيد الربوية، ويسمى: توحيد المعرفة والإثبات.
- وتوحيد الألوهية، ويسمى: توحيد الطلب والقصد.
قال ابن أبي العز الحنفي في شرحه على العقيدية الطحاوية: ثم التوحيد الذي دعت إليه رسل الله، ونزلت به كتبه نوعان:
1/ توحيد في الإثبات والمعرفة.
2/ وتوحيد في الطلب والقصد.
فالأول هو: إثبات حقيقة ذات الرب تعالى وصفاته وأفعاله وأسمائه ليس كمثله شيء في ذلك كله، كما أخبر عن نفسه، وكما أخبر رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد أفصح القرآن عن هذا كل الإفصاح، كما في أول (الحديد، وطه، وآخر الحشر، وأول آلم تنزيل السجدة، وأول آل عمران، وسورة الإخلاص بكاملها) وغير ذلك.
والثاني: وهو توحيد الطلب والقصد، مثل ما تضمنته سورة: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) و(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) ، وأول تنزيل الكتاب وآخرها، وأول سورة يونس وأوسطها وآخرها، وأول سورة الأعراف وآخرها، وجملة سورة الأنعام.
وهؤلاء أدخلوا توحيد الأسماء والصفات ضمن توحيد الربوبية، والذين أفردوه إنما أفردوه لأهميته وكثرة من ضل فيه من الطوائف المنحرفة كالمعتزلة والأشاعرة والمفوضة وغيرهم، كما أفرد بعض العلماء توحيد الحاكمية في هذا العصر، وهو جزء من توحيد الربوبية لأهميته وكثرة من نازع الله فيه في هذا العصر، كأصحاب المجالس التشريعية، وأرباب القوانين الوضعية، وأدلة هذه الأقسام كثيرة.
فدليل توحيد الربوبية والأولوهية قد سبق في كلام ابن أبي العز رحمه الله، ودليل توحيد الأسماء والصفات قوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى:11] .
ودليل توحيد الحاكمية قوله تعالى: ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) .
وقد سبق تفصيله في الفتوى رقم: 6572، وكل هذه الأقسام -كما رأيت- بينها تداخل وتلازم، فتوحيد الربوبية يدخل تحته توحيد الأسماء والصفات وتوحيد الحاكمية، وتوحيد الألوهية يتضمن توحيد الربوبية، كما قال ابن أبي العز : وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية دون العكس، فمن لا يقدر على أن يخلق يكون عاجزاً، والعاجز لا يصلح أن يكون إلهاً، قال تعالى: (أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) [الأعراف:191] ، وقوله تعالى: (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) [النحل:17] .
وتوحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية، قال ابن أبي العز رحمه الله: ومن ذلك أنه -الله- يقرر توحيد الربوبية، ويبين أنه لا خالق إلا الله، وأن ذلك مستلزم أن لا يعبد إلا الله، فيجعل الأول - توحيد الربوبية- دليلاً على الثاني - توحيد الإلوهية - إذ يسلمون الأول وينازعون في الثاني، فيبين لهم سبحانه أنكم إذا كنتم تعلمون أنه لا خالق إلا الله، وأنه هو الذي يأتي العباد بما ينفعهم، ويدفع عنهم ما يضرهم لا شريك له في ذلك، فلم تعبدون غيره، وتجعلون معه آلهة أخرى، كقوله تعالى: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) [النمل:59-60] .
والله أعلم.
المصدر : منتدى فتاوي الاسلام
تحياتي احترامي و تقديري لشخصكم الكريم
سلام الله عليكم
 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة



تحياتي احترامي و تقديري
سلام الله عليكم


 
آخر تعديل بواسطة المشرف:
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة



تحياتي احترامي و تقديري
سلام الله عليكم


أبقيت من المشاركة السابقة مجرد التحية و السلام، لأن أصل المشاركة لأحد المخالفين لمنهج أهل السنة، بل هي لتكفيري شهير، و من حسن ظني أخالك تجهلين حاله، و الا من أمحل المحال النقل عن مخالف كهذا.
وفقك الله الى ما فيه رضاه، و جعل كل ما سطرتي و نقلتي هنا في ميزان حسناتك.
 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

قصيدة لله في الآفاق آيات من ضمن روائع القصائد، جائت للترويح و التذكير و ذكر خلاصة ما كنا فيه طيلة اليوم.

فيما يصب مغزى هذه القصيدة يا ترى؟
 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

توحيد الربوبية : وهو "إفراد الله سبحانه وتعالى في أمور ثلاثة" في الخلق والملك والتدبير"

هناك تعريف لتوحيد الربوبية أعم و أشمل من هذا فما هو؟
 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

بما أني سأغيب غدا صباحا ان شاء الله، فإليكم أسئلة لَحًلَقُة الَفُقُهّيِة التي تعنى بـ( أحًکامً الَطِهّارة وٌ الَصّلَاة، مًجّالَسِ شُهّر رمًضانِ)، فيما نؤجل الحلقة الوعظية الى يوم الاثنين حين أكون حاضرا (ان شاء الله).
يطلب تعريف معنى الطهارة لغتا و شرعا
؟
عرف معنى الماء الطهور و الماء الطاهر و ما الفرق بينهما؟
هل الماء المتغير بطول المكث أو ا
لذي يخلطه شيئ طاهر صالح للوضوء؟ يرجى التفصيل.
 
آخر تعديل:
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

أبقيت من المشاركة السابقة مجرد التحية و السلام، لأن أصل المشاركة لأحد المخالفين لمنهج أهل السنة، بل هي لتكفيري شهير، و من حسن ظني أخالك تجهلين حاله، و الا من أمحل المحال النقل عن مخالف كهذا.
وفقك الله الى ما فيه رضاه، و جعل كل ما سطرتي و نقلتي هنا في ميزان حسناتك.



سلام الله عليكم و رحمته و بركاته
اجل طبعا كنت اجهل دلك ، بارك الله فيك اخي الكريم
جزاك الله خيرا
في امان الله
سلام الله عليكم
 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

هناك تعريف لتوحيد الربوبية أعم و أشمل من هذا فما هو؟

توحيد الربوبية:
هو اعتقاد أن الله سبحانه وتعالى خالق العباد ورازقهم ومحييهم ومميتهم، وهو إفراد الله تعالى بأفعاله كالخلق والرزق والإحياء والإماتة، وقد أقر به المشركون على زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقر به اليهود والنصارى والمجوس ولم ينكر هذا التوحيد إلا الدهرية فيما سلف والشيوعية في هذا الزمن. وهذا التوحيد لا يُدخل الإنسان في دين الإسلام ولا يعصم دمه وماله ولا ينجيه في الآخرة من النار إلا إذا أتى معه بتوحيد الألوهية. وهذا التوحيد مركوز في الفِطَر كما في الحديث: « كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه »

أدلة هذا التوحيد كثيرة منها قوله تعالى: { قُل من يرزقكم من السَّماء والأرض أمَّن يملك السَّمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويُخرج الميت من الحي ومن يُدبّر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون . فذلكم الله ربُّكم الحقُّ فماذا بعد الحقِّ إلاَّ الضَّلال فأنَّى تُصرفون } [يونس: 31، 32].​
 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

كِتَابُ الطَّهارة

وهِيَ ارْتِفَاعُ الْحَدَثِ،............
قوله: «كتاب» ، فِعال بمعنى مفعول: أي مكتوب. يعني: هذا مكتوب في الطَّهارة.
والطَّهارة لُغةً: النَّظافة. طَهُرَ الثَّوبُ من القَذَر، يعني: تنظَّفَ.
وفي الشَّرع: تُطلقُ على معنيين:
الأول: أصْل، وهو طهارة القلب من الشِّرك في عبادة الله، والغِلِّ والبغضاء لعباد الله المؤمنين، وهي أهمُّ من طهارة البدن؛ بل لا يمكن أن تقومَ طهارة البدن مع وجود نَجَس الشِّرك، قال تعالى: {{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}} [التوبة: 28] .
وقال النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّ المؤمن لا يَنْجُسُ».
الثاني: فَرْع، وهي الطَّهارة الحسِّيَّةُ.
قوله: «وهي ارتفاعُ الحَدَث» ، أي: زواله.
والحَدَثُ: وصفٌ قائمٌ بالبدن يمنع من الصَّلاة ونحوها مما تُشْتَرَطُ له الطَّهارةُ.
مثاله: رجل بَالَ واستنجى، ثم توضَّأ. فكان حين بوله لا يستطيع أن يُصلِّيَ، فلما توضأ ارتفع الحَدَثُ، فيستطيع بذلك أن يصلِّي لزوال الوصف المانع من الصَّلاة.

ومَا في مَعْنَاهُ، وَزَوَالُ الخَبَثِ.
قوله: «وما في معناه» ، الضَّمير يعود على «ارتفاع»، لا على الحَدَث، أي: وما في معنى ارتفاع الحَدَث، فلا يكون فيها ارتفاع حَدَث، ولكن فيها معناه.
مثاله: غسل اليدين بعد القيام من نوم الليل، فهذا واجب، ويُسمَّى طهارة، وليس بحَدَث؛ لأنَّه لا يرتفع به الحَدَث، فلو غُسلت الأيدي ما جازت الصَّلاة. وأيضاً لو جَدّد رجلٌ وضُوءَه، أي توضَّأ وهو على وضُوء، فلا يكون فيه ارتفاع للحدث مع أنه يُسمَّى طهارة؛ لأنَّه في معنى ارتفاع الحدث.
وأيضاً: صاحب سَلَسِ البول لو توضَّأ من البول ليُصلِّيَ، فيكون هذا الوضُوء حصل به معنى ارتفاع الحدث؛ لأن البول لم يزل.
فصار معنى ارتفاع الحدث: هو كل طهارة لا يحصُل بها رفع الحَدَث، أو لا تكون عن حَدَث.
قوله: «وزوال الخَبَث» ، لم يقل: وإزالة الخَبَث، فزوال الخَبَث طهارة، سواءٌ زال بنفسه، أو زالَ بمزيل آخر، فيُسمَّى ذلك طهارة.
والخَبَثُ: هو النَّجاسة.
والنَّجاسة: كلُّ عَينٍ يَحْرُم تناولُها؛ لا لحرمتها؛ ولا لاستقذارها؛ ولا لضررٍ ببدَنٍ أو عقلٍ. وإنْ شئت فقل: كلُّ عينٍ يجب التطهُّرُ منها. هكذا حدُّوها.
فقولنا: «يحرم تناولُها» خرج به المباحُ، فكلُّ مباحٍ تناولُه فهو طاهر.
وقولنا: «لا لضررها» خرج به السُّمُّ وشبهُه، فإنَّه حرام لضرره، وليس بنجس.
وقولنا: «ولا لاستقذارها»: خرج به المخاطُ وشبهُه، فليس بنجس؛ لأنَّه محرَّمٌ لاستقذاره.
وقولنا: «ولا لحرمتها» خرج به الصَّيْدُ في حال الإحرام، والصَّيْدُ داخلَ الحرمِ؛ فإِنه حرام لحرمته.
فيكون قوله: «وزوال الخَبَث» أعَمَّ من إِزالة الخَبَث، لأن الخَبَث قد يزول بنفسه، فمثلاً: إذا فرضنا أن أرضاً نجسة بالبول، ثم جاء المطر وطَهَّرَها، فإِنها تَطْهُرُ بدون إزالةٍ مِنَّا، ولو أنَّ عندنا ماءً متنجِّساً بتغيُّر رائحته، ثم زالت الرائحة بنفسها طَهُرَ، ولو كان عندنا خَمْرٌ ثم تخلَّل بنفسه صار طاهراً، وإِن كان الصَّواب أن الخمرَ ليست بنجسة؛ ولو كانت على صفتها خَمْراً؛ كما سيأتي ـ إن شاء الله ـ في باب «إزالة النجاسة».
وبدأ المؤلِّفُ بالطَّهارة لسببين:
الأول: أنَّ الطَّهارة تخليةٌ من الأذى.
الثاني: أنَّ الطَّهارة مفتاح الصَّلاة. والصَّلاة آكدُ أركان الإسلام بعد الشَّهادتين، ولذلك بدأ الفقهاء ـ رحمهم الله ـ بكتاب الطَّهارة.
والطَّهارة تحتاج إِلى شيء يُتطهَّرُ به، يُزَال به النَّجسُ، ويُرفعُ به الحدثُ وهو الماء؛ ولذلك بدأ المؤلفُ به.

المِياهُ ثلاثةٌ: طَهُورٌ لا يَرْفَعُ الحَدَثَ،........
قوله: «المياهُ ثلاثةٌ: طَهُورٌ» ، المياه: جمعُ ماء، والمياه ثلاثة أقسام:
الأول: الطَّهور، بفتح الطَّاء على وزن فَعول، وفَعول: اسم لما يُفعَلُ به الشيءُ، فالطَّهورُ ـ بالفتح ـ: اسم لما يُتطهَّر به، والسَّحور ـ بالفتح ـ: اسم للطَّعام الذي يُتسحَّرُ به.
وأما طُهور، وسُحور بالضمِّ، فهو الفعل.
والطَّهور: الماء الباقي على خلقته حقيقة، بحيث لم يتغيَّر شيء من أوصافه، أو حكماً بحيث تغيَّر بما لا يسلبُه الطَّهوريَّةَ.
فمثلاً: الماء الذي نخرجه من البئر على طبيعته ساخناً لم يتغيَّر، وأيضاً: الماء النَّازل من السَّماء طَهور، لأنَّه باقٍ على خلقته، هذان مثالان للباقي على خلقته حقيقة، وقولنا: «أو حُكْماً» كالماء المتغيِّر بغير ممازج، أو المتغيِّر بما يشقُّ صون الماء عنه، فهذا طَهور لكنه لم يبقَ على خلقته حقيقة، وكذلك الماء المسخَّن فإِنه ليس على حقيقته؛ لأنَّه سُخِّن، ومع ذلك فهو طَهور؛ لأنَّه باقٍ على خلقته حكماً.
قوله: «لا يرفع الحدث» ، أي: لا يرفع الحَدَث إلا الماء الطَّهُور.
فالبنزين وما أشبهه لا يرفع الحَدَثَ؛ فكل شيء سوى الماء لا يرفع الحَدَث، والدَّليل قوله تعالى: {{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}} [المائدة: 6] ، فأمر بالعدول إلى التيمُّم إذا لم نجد الماء، ولو وجدنا غيره من المائعاتِ والسوائل.
والتُّراب في التيمُّم على المذهب لا يرفع الحَدَث. والصَّواب أنَّه يرفع الحَدَث لقوله تعالى عَقِبَ التيمُّم: {{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ}} [المائدة: 6] ، ومعنى التَّطهير: أن الحَدَث ارتفع، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «جُعلت لي الأرضُ مسجداً وطَهُوراً» بالفتح، فيكون التُّراب مطهِّراً. لكن إِذا وُجِدَ الماءُ، أو زال السَّبب الذي من أجله تيمَّم؛ كالجرح إذا برئ، فإنه يجب عليه أن يتوضَّأ، أو يغتسل إِن كان تيمَّم عن جنابة.

ولا يُزِيلُ النَّجَسَ الطَّارِئَ غَيْرُهُ............
قوله: «ولا يزيل النَّجس الطارئَ غيرُه» ، أي: لا يزيل النَّجس إلا الماء، والدَّليل قوله صلّى الله عليه وسلّم في دم الحيض يصيب الثَّوب: «تَحُتُّه، ثم تَقْرُصُه بالماء، ثم تَنْضَحُه، ثم تُصلِّي فيه».
والشَّاهد قوله: «بالماء»، فهذا دليل على تعيُّن الماء لإزالة النَّجاسة.
وقوله صلّى الله عليه وسلّم في الأعرابي الذي بَالَ في المسجد: «أهْريقوا على بوله سَجْلاً من ماء».
«ولمَّا بال الصبيُّ على حِجْره؛ دعا بماء فأتْبَعَهُ إِيَّاه»، فدلَّ هذا على أنَّه لا يزيل النَّجَس إِلا الماء، فلو أزلنا النَّجاسة بغير الماء لم تَطْهُر على كلام المؤلِّفِ.
والصَّواب: أنَّه إِذا زالت النَّجاسة بأي مزيل كان طَهُر محلُّها؛ لأنَّ النَّجاسة عينٌ خبيثة، فإذا زالت زال حكمها، فليست وصفاً كالحدث لا يُزال إِلا بما جاء به الشَّرع، وقد قال الفقهاء رحمهم الله: «إذا زال تغيُّر الماء النَّجس الكثير بنفسه صار طَهُوراً، وإِذا تخلَّلت الخمر بنفسها صارت طاهرة»، وهذه طهارة بغير الماء.
وأما ذِكْرُ الماء في التَّطهير في الأدلة السَّابقة فلا يدلُّ تعيينُه على تعيُّنِهِ؛ لأن تعيينَه لكونه أسرعَ في الإِزالة، وأيسرَ على المكلَّف.
وقوله: «النَّجس الطَّارئ»، أي: الذي وَرَدَ على محَلٍّ طاهر.
فمثلاً: أن تقع النَّجاسة على الثَّوب أو البساط، وما أشبه ذلك، فقد وقعت على محَلٍّ كان طاهراً قبل وقوع النَّجاسة، فتكون النَّجاسةُ طارئةً.
أما النَّجاسة العينيَّة فهذه لا تطهُر أبداً، لا يطهِّرُها لا ماء ولا غيره؛ كالكلب، فلو غُسِلَ سبع مرات إِحداهن بالتُّراب فإِنَّه لا يَطْهُر؛ لأنَّ عينَه نجسة.
وذهب بعض العلماء إِلى أنَّ النَّجاسة العينية إِذا استحالت طَهُرت؛ كما لو أوقد بالرَّوث فصار رماداً؛ فإِنه يكون طاهراً، وكما لو سقط الكلب في مملحة فصار ملحاً؛ فإنه يكون طاهراً، لأنَّه تحوَّلَ إِلى شيء آخر، والعين الأولى ذهبت، فهذا الكلب الذي كان لحماً وعظاماً ودماً، صار ملحاً، فالملح قضى على العين الأولى.

وَهُوَ الْبَاقِي على خِلْقَتِهِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ بغير مُمَازجٍ كَقِطَع كَافُور........
قوله: «وهو الباقي على خلقته» ، هذا تعريفُ الماء الطَّهور، وقد تقدم شرحُه.
قوله: «فإن تغيَّر بغير ممازجٍ كقطع كافور» ، إن تغيَّر الماءُ بشيء لا يُمازجه كقطع الكافور؛ وهو نوع من الطِّيب يكون قِطعاً، ودقيقاً ناعماً غير قطع، فهذه القطع إذا وُضِعَت في الماء فإنَّها تُغيِّر طعمه ورائحته، ولكنها لا تمازجُه، أي: لا تُخالطه، أي: لا تذوب فيه، فإذا تغيَّر بهذا فإنه طَهُور مكروه.
فإن قيل: كيف يكون طهوراً وقد تغيَّر؟
فالجواب: إن هذا التغيُّر ليس عن ممازجة، ولكن عن مجاورة، فالماء هنا لم يتغير لأن هذه القطع مازجته، ولكن لأنها جاورته.
فإن قيل: لماذا يكون مكروهاً؟
فالجواب: لأن بعض العلماء يقول: إنه طاهر غير مطهِّر. فيرون أن هذا التغيُّر يسلبه الطَّهوريَّةَ فصار التَّعليل بالخلاف، فمن أجل هذا الخلاف كُرِهَ.
والصَّواب: أن التَّعليل بالخلاف لا يصحُّ؛ لأنَّنا لو قُلنا به لكرهنا مسائل كثيرة في أبواب العلم، لكثرة الخلاف في المسائل العلمية، وهذا لا يستقيم.
فالتعليل بالخلاف ليس علَّة شرعية، ولا يُقبل التَّعليل بقولك: خروجاً من الخلاف؛ لأنَّ التَّعليل بالخروج من الخلاف هو التَّعليل بالخلاف. بل نقول: إن كان لهذا الخلاف حظٌّ من النَّظر، والأدلَّة تحتمله، فنكرهه؛ لا لأنَّ فيه خلافاً، ولكن لأنَّ الأدلَّة تحتمله، فيكون من باب «دَعْ ما يَرِيبُك إلى ما لا يَريبُك».
أما إذا كان الخلاف لا حَظَّ له من النَّظر فلا يُمكن أن نعلِّلَ به المسائل؛ ونأخذ منه حكماً.
فليس كلُّ خلافٍ جاء مُعتَبراً
إِلا خلافٌ له حظٌّ من النَّظر
لأن الأحكام لا تثبت إلاَّ بدليل، ومراعاة الخلاف ليست دليلاً شرعياً تثبتُ به الأحكامُ، فيقال: هذا مكروه، أو غير مكروه.

أو دُهْنٍ، أو بملْحٍ مَائِيٍّ، أوْ سُخِّن بنَجَسٍ كُره............
قوله: «أو دُهْنٍ» ، معطوف على «غير ممازج» أو على «قطع كافور». مثاله: لو وضع إِنسان دُهْناً في ماء، وتغيَّر به، فإنه لا يسلبه الطَّهوريةَ، بل يبقى طَهوراً؛ لأن الدُّهن لا يمازج الماء فتجده طافياً على أعلاه، فتغيُّره به تغيُّر مجاورة لا ممازجة.
قوله: «أو بملح مائي» ، وهو الذي يتكوَّن من الماء، فهذا الملح لو وضعتَ كِسْرةً منه في ماء، فإِنه يُصبح مالحاً، ويبقى طَهوراً مع الكراهة خروجاً من الخلاف.
فإن قيل: لماذا لا تنسلب طَهوريته؟
فالجواب أن يقال: لأن هذا الملح أصله الماء.
والتَّعليل بالخلاف للكراهة قد تقدَّم الكلام عليه.
وعُلِم من قوله: «مائي» أنَّه لو تغيَّر بملح معدني يُستخرَجُ من الأرض فإنه يسلبه الطَهوريَّةَ على المذهب، فيكون طاهراً غير مطهِّر.
قوله: «أو سُخِّن بنَجَسٍ كُرِه» ؛ أي: إِذا سُخِّن الماءُ بنجَسٍ تَغيَّر أو لم يتغيَّر فإِنه يُكره.
مثاله: لو جمع رجلٌ روث حمير، وسخَّن به الماء فإِنه يُكره، فإِن كان مكشوفاً فإِنَّ وجه الكراهة فيه ظاهر، لأن الدُّخان يدخله ويؤثِّر فيه.
وإِن كان مغطَّى، ومحكم الغطاء كُره أيضاً؛ لأنَّه لا يَسْلَمُ غالباً من صعود أجزاء إِليه. والصَّواب: أنَّه إِذا كان محكم الغطاءِ لا يكره.
فإِن دخل فيه دخان وغَيَّرَهُ، فإِنه ينبني على القول بأن الاستحالةَ تُصيِّرُ النَّجس طاهراً، فإِن قلنا بذلك لم يضر. وإِن قلنا بأن الاستحالة لا تُطهِّر؛ وتغيَّر أحد أوصاف الماء بهذا الدُّخان كان نجساً.

وإِنْ تَغَيَّر بمكثِهِ، أو بما يَشقُّ صَوْنُ الماءِ عنه من نابتٍ فيه، وَوَرَقِ شَجَرٍ،..........
قوله: «وإن تغيَّرَ بمكثه» ، أي: بطول إِقامته، فلا يضرُّ، لأنه لم يتغيَّر بشيء حادث فيه، بل تغيَّر بنفسه، فلا يكره.
قوله: «أو بما يَشقُّ صون الماء عنه من نابتٍ فيه وورَقِ شَجَرٍ» ، مثل: غدير نَبَتَ فيه عُشبٌ، أو طُحلب، أو تساقط فيه ورقُ شجر فتغيَّر بها، فإنَّه طَهُورٌ غير مكروه؛ ولو تغيَّر لونُه وطعمُه وريحُه، والعِلَّة في ذلك أنه يشقُّ التحرُّز منه، فيشُقُّ ـ مثلاً ـ أن يمنع أحدٌ هذه الأشجار من الرِّياح حتى لا تُوقع أوراقها في هذا المكان. وأيضاً يشُقُّ أن يمنع أحدٌ هذا الماء حتى لا يتغيَّر بسبب طول مُكثه.
ولو قلنا للنَّاس: إِن هذا الماء يكون طاهراً غيرَ مطهِّر، لشققنا عليهم.
وإِن تغيَّر بطين كما لو مشى رجل في الغدير برجليه، وأخذ يحرِّك رجليه بشدَّة حتى صار الماء متغيِّراً جدًّا بالطِّين؛ فإِنَّ الماء طَهُورٌ غيرُ مكروه؛ لأنه تغيَّر بمُكْثِه.

أو بمُجَاوَرَةِ مَيْتةٍ، أو سُخِّنَ بالشَّمس، أو بطَاهر؛ لم يُكْرَه، وإِن استُعْمِلَ........
قوله: «أو بمجَاورة مَيْتَةٍ» ، مثاله: غدير عنده عشرون شاةً ميتة من كُلِّ جانب، وصار له رائحة كريهة جدًّا بسبب الجِيَفِ، يقول المؤلِّفُ: إِنه طَهُور غير مكروه؛ لأن التغيُّر عن مجاورة، لا عن ممازجة، وبعض العلماء حكى الإجماع على أنه لا ينجس بتغيُّره بمجاورة الميتة، وربما يُستَدَلُّ ببعض ألفاظ الحديث: «إنَّ الماءَ طاهرٌ، إِلا إِن تغيَّر طعمُه أو لونه أو ريحه بنجاسة تحدث فيه»، على القول بصحَّة الحديث.
ولا شكَّ أن الأَوْلَى التنزُّه عنه إن أمكن، فإِذا وُجِدَ ماء لم يتغيَّر فهو أفضل، وأبعد من أن يتلوَّث بماء رائحته خبيثة نجسة، وربما يكون فيه من النَّاحية الطبيَّة ضرر، فقد تحمل هذه الروائح مكروبات تَحُلُّ في هذا الماء.
قوله: «أو سُخِّن بالشَّمس» ، أي وُضِعَ في الشَّمس ليسْخُنَ. مثاله: شخص في الشِّتاء وضع الماء في الشمس ليسْخُنَ فاغتسل به، فلا حرج، ولا كراهة.
قوله: «أو بطاهر» ، يعني: أو سُخِّن بطاهر مثل الحطب، أو الغاز، أو الكهرباء، فإنه لا يُكره.
قوله: «وإن استُعْمِلَ» الضَّمير يعود على الماء الطَّهور. والاستعمال: أن يُمَرَّ الماء على العضو، ويتساقط منه، وليس الماء المستعمل هو الذي يُغْتَرفُ منه. بل هو الذي يتساقط بعد الغَسْل به.
مثاله: غسلت وجهك، فهذا الذي يسقط من وجهك هو الماء المستعمل.

في طهارةٍ مُسْتَحبَّةٍ كتجديد وُضُوءٍ، وغُسْل جُمُعَةٍ، وغَسْلةٍ ثَانيةٍ، وثالثةٍ كُرِهَ.........
قوله: «في طهارة مستحبَّة» ، أي: مشروعة من غير حَدَث.
قوله: «كتجديد وضوء» ، تجديد الوُضُوء سُنَّة، فلو صَلَّى إنسان بوُضُوئه الأول ثم دخل وقت الصَّلاة الأُخرى، فإنه يُسنُّ أن يجدِّدَ الوُضُوء ـ وإِن كان على طهارة ـ فهذا الماء المستعمل في هذه الطَّهارة طَهُور لكنه يُكره.
يكون طَهُوراً؛ لأنه لم يحصُلْ ما ينقله عن الطَّهورية، ويكون مكروهاً للخلاف في سلبه الطَّهورية؛ لأن بعض العلماء قال: لو استُعْمل في طهارة مستحبَّة فإِنه يكون طاهراً غير مطهِّر. وقد سبق الكلام على التَّعليل بالخلاف.
قوله: «وغُسْل جُمُعَة» ، هذا على قول الجمهور أن غُسْل الجمعة سُنَّةٌ، فإذا استُعْمِلَ الماء في غُسْلِ الجمعة فإِنه يكون طَهُوراً مع الكراهة.
قوله: «وغَسْلة ثانية وثالثة كُرِهَ» ، الغَسْلَةُ الثانية والثالثة في الوُضُوء ليست بواجبة، والدَّليل قوله تعالى: {{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}} [المائدة: 6] والغُسْل يصدق بواحدة، ولأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم ثبت أنه توضَّأ مرَّةً مرَّةً. فالثانية، والثالثة طهارة مستحبَّة، فالماء المستعمل فيهما يكون طَهُوراً مع الكراهة، والعِلَّةُ هي: الخلاف في سلبه الطَّهورية.
والصَّواب في هذه المسائل كلِّها: أنه لا يُكره؛ لأن الكراهة حكمٌ شرعيٌّ يفتقر إِلى دليل، وكيف نقول لعباد الله: إنهُ يكره لكم أن تستعملوا هذا الماء. وليس عندنا دليلٌ من الشَّرع.
ولذلك يجب أن نعرف أن منع العباد مما لم يدلَّ الشرعُ على منعه كالتَّرخيص لهم فيما دَلَّ الشَّرع على منعه؛ لأن الله جعلهما سواء فقال: {{وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ}} [النحل: 116] ، بل قد يقول قائل: إن تحريم الحلال أشد من تحليل الحرام؛ لأن الأصلَ الحِلُّ، والله عزّ وجل يحبُّ التَّيسير لعباده.

وإن بلغ قُلَّتين ـ وهو الكثيرُ ـ ..........
قوله: «وإن بلغ قُلتين» ، الضَّمير يعود على الماء الطَّهور.
والقُلَّتان: تثنية قُلَّة. والقُلَّة مشهورة عند العرب، قيل: إنها تَسَعُ قِربتين ونصفاً تقريباً.
قوله: «وهو الكثير» ، جملة معترضة بين فعل الشَّرط وجوابه.
أي: إِن القُلَّتين هما الكثير بحسب اصطلاح الفقهاء، فالكثير من الماء في عرف الفقهاء رحمهم الله ما بلغ القُلَّتين، واليسير: ما دون القُلَّتين.

وهما خَمسمائة رَطْلٍ عراقيٍّ تقريباً، فَخالَطَتْهُ نجاسةٌ غَيرُ بولِ آدميٍّ، أو عَذِرته المائعةِ، فلم تغيِّرهُ، ............
قوله: «وهما خمسمائة رَطْلٍ عراقيٍّ تقريباً» ، مائة الرَّطل العراقي يزن قِربة ماء تقريباً، وعلى هذا تكون خمس قِرَب تقريباً. وأفادنا المؤلِّف بقوله: «تقريباً» أن المسألة ليست على سبيل التَّحديد، فلا يضرُّ النَّقصُ اليسير.
قوله: «فخالطته نجاسة» ، أي: امتزجت به، وتقدَّم تعريف النَّجاسة.
قوله: «غَيرُ بولِ آدميٍّ، أو عَذِرته المائعةِ، فلم تغيِّرهُ» ، المراد لم تغيِّرْ طعمه، أو لونه، أو رائحته، وهذه المسألة ـ أعني مسألة ما إذا خالطت الماءَ نجاسةٌ ـ فيها ثلاثة أقوال:
القول الأول ـ وهو المذهب عند المتقدِّمين ـ أنه إذا خالطته نجاسة ـ وهو دون القُلَّتين ـ نَجُسَ مطلقاً، تغيَّر أو لم يتغيَّر، وسواء كانت النَّجاسة بولَ الآدميِّ أم عَذِرَتَهُ المائعةَ، أم غير ذلك. أمَّا إِذا بلغ القُلَّتين فيُفرَّق بين بولِ الآدميِّ وعَذِرَتِهِ المائعةِ، وبين سائر النجاسات، فإِذا بلغ القُلَّتين وخالطه بولُ آدميٍّ أو عَذِرَتُهُ المائعةُ نَجُسَ وإِن لم يتغيَّر، إِلا أن يَشُقَّ نَزْحُه، فإِن كان يَشُقُّ نَزحُه، ولم يتغيَّر فَطَهُورٌ، وإن كان لا يَشُقُّ نَزحُه ولو زاد على القُلَّتين فإِنَّه يَنْجُس بمخالطة بول الآدميِّ، أو عَذِرَتِهِ المائِعةِ وإِن لم يتغيَّر.
فالمعتبر ـ بالنِّسبة لبول الآدميِّ وعَذِرَتِهِ المائعة ـ مشقَّة النَّزْح، فإن كان يَشُقُّ نَزْحُه ولم يتغيَّر فطَهُور، وإن كان لا يَشُقُّ نَزْحُه فنجس بمجرد الملاقاة، وأما بقيَّة النَّجَاسات فالمعتبر القُلَّتان، فإِذا بلغ قُلّتين ولم يتغيَّر فطَهورٌ، وإِن لم يبلغ القُلَّتين فنجسٌ بمجرد الملاقاة.
مثال ذلك: رجل عنده قِربةٌ فيها ماء يبلغ القُلَّتين، فسقط فيها روث حمار، ولكن الماء لم يتغيَّر طعمُه، ولا لونه، ولا رائحته فَطَهُورٌ.
مثال آخر: عندنا غدير، وهذا الغدير أربع قلال من الماء، بالَ فيه شخص نقطة واحدة وهو لا يَشُقُّ نَزْحُه؛ ولم يتغيَّر؛ فإنه يكون نجساً؛ لأن العبرة بمشقَّة النَّزْحِ.
واسـتدلُّوا علـى أنـه إِذا بلـغ قُلَّتين لا ينجُس إِلا بالتغيُّر بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِن الماء طَهُورٌ لا يُنَجِّسُهُ شيءٌ»، مع قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا كان الماء قُلَّتين لم يحمل الخَبَثَ».
واستدلُّوا على الفرق بين بول الآدميِّ وغيره من النَّجاسات بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يبولَنَّ أحدُكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه»، فنهى النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم عن البول ثم الاغتسال، وهذا عام؛ لكن عُفي عما يَشُقُّ نَزْحُه من أجل المشقَّة.
القول الثاني: ـ وهو المذهب عند المتأخرين ـ: أنه لا فرق بين بول الآدميِّ وعَذِرَتِهِ المائعةِ، وبين غيرهما من النَّجَاسات، الكُلُّ سواء، فإذا بلغ الماء قُلَّتين لم يَنْجُسْ إِلا بالتَّغيُّر، وما دون القلَّتين يَنْجُسُ بمجرَّد الملاقاة.
القول الثالث: ـ وهو اختيار شيخ الإسلام وجماعة من أهل العلم ـ: أنه لا ينجس إِلا بالتَّغيُّر مطلقاً؛ سواء بلغ القُلَّتين أم لم يبلغ، لكن ما دون القلّتين يجب على الإنسان أن يتحرَّز إذا وقعت فيه النَّجَاسة؛ لأنَّ الغالبَ أنَّ ما دونهما يتغيَّر.
وهذا هو الصحيح للأثر، والنَّظر.
فالأثر قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الماء طَهُور لا ينجِّسُهُ شيءٌ»، ولكن يُستثنى من ذلك ما تغيَّر بالنَّجَاسة فإِنه نجسٌ بالإِجماع. وهناك إشارة من القرآن تدُلُّ على ذلك، قال تعالى: {{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}} [المائدة: 3] ، وقال تعالى: {{قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}} [الأنعام: 145]، فقوله: «فإنه رجس» معلِّلاً للحكم دليلٌ على أنه متى وُجِدَت الرِّجْسيةُ ثبت الحكم، ومتى انتفت انتفى الحكم، فإِذا كان هذا في المأكول فكذلك في الماء.
فمثلاً: لو سقط في الماء دم مسفوح فإِذا أثَّر فيه الدَّمُ المسفوح صار رجساً نجساً، وإِذا لم يؤثِّر لم يكن كذلك.
ومن حيث النَّظَرُ: فإنَّ الشَّرع حكيم يُعلِّل الأحكام بعللٍ منها ما هو معلوم لنا؛ ومنها ما هو مجهول. وعِلَّةُ النَّجاسة الخَبَثُ. فمتى وُجِد الخَبَثُ في شيء فهو نَجِس، ومتى لم يوجد فهو ليس بنجس، فالحكم يدور مع عِلَّته وجوداً وعدماً.
فإن قال قائل: من النَّجاسات ما لا يُخالف لونُه لون الماء؛ كالبول فإنه في بعض الأحيان يكون لونُه لونَ الماء.
فالجواب: يُقدَّر أن لونَه مغايرٌ للون الماء، فإِذا قُدِّر أنه يغيّر لونَ الماء؛ حينئذٍ حكمنا بنجاسة الماء على أن الغالب أن رائحته تغيِّر رائحة الماء، وكذا طعمه.
وأما حديث القُلَّتين فقد اختلف العلماء في تصحيحه وتضعيفه. فمن قال: إِنه ضعيف فلا معارضة بينه وبين حديث: «إن الماء طَهُور لا ينجِّسه شيء»؛ لأن الضَّعيف لا تقوم به حُجَّة.
وعلى القول بأنه صحيح فيقال: إِن له منطوقاً ومفهوماً. فمنطوقه: إذا بلغ الماء قُلتين لم ينجس، وليس هذا على عمومه؛ لأنه يُستثنى منه إِذا تغير بالنَّجاسة فإِنه يكون نجساً بالإِجماع.
ومفهومه أن ما دون القُلّتين ينجس، فيقال: ينجس إِذا تغيَّر بالنَّجاسة؛ لأن منطوق حديث: «إن الماء طهور لا يُنَجِّسُه شيء» مقدَّم على هذا المفهوم، إِذ إِنَّ المفهوم يصدق بصورة واحدة، وهي هنا صادقة فيما إِذا تغيَّر.
وأما الاستدلال على التَّفريق بين بول الآدمي وعَذِرَتِه وغيرهما من النَّجاسات بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يبولنَّ أحدُكم في الماء الدَّائم ثم يغتسل فيه»، فيقال: إِن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يقل: إِنه ينجس، بل نهى أن يبول ثم يغتسل؛ لا لأنه نجس، ولكن لأنَّه ليس من المعقول أن يجعل هذا مَبَالاً ثم يرجع ويغتسل فيه، وهذا كقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يجلدُ أحدُكم امرأته جَلْدَ العبد؛ ثم يضاجعُها »، فإِنَّه ليس نهياً عن مضاجعتها؛ بل عن الجمع بينهما فإِنه تناقض.
والصَّواب: ما ذهب إليه شيخ الإسلام للأدلة النَّظرية والأثريَّة.

أوْ خَالَطَهُ البَوْلُ، أو العَذِرَةُ، ويَشُقُّ نَزْحُه كَمصَانع طَرِيقِ مَكَّةَ فَطَهُورٌ. ولا يَرْفَعُ حَدَثَ رَجُلٍ طَهُورٌ يَسيرٌ خَلَتْ به امرأةٌ لطَهَارةٍ كَامِلَةٍ عن حَدَثٍ ..........
قوله: «أو خَالَطَهُ البَولُ، أو العَذِرَةُ، ويَشُقُّ نَزْحُه كمصانِع طريق مكَّة فَطَهُورٌ» ، مصانعُ جمعُ مصنعٍ؛ وهي عبارةٌ عن مجابي المياه في طريق مكَّة من العراق، وكان هناك مجابٍ في أفواه الشِّعاب. وهذه المجابي يكون فيها مياهٌ كثيرة، فإِذا سقط فيها بول آدمي أو عَذِرَتُه المائعةُ ولم تغيِّره فطَهُورٌ؛ حتى على كلام المؤلِّف؛ لأنه يَشُقُّ نزحُه.
وقوله: «كمصانع» هذا للتَّمثيل؛ يعني: وكذلك ما يشبهها من الغُدران الكبيرة، فإِذا وجدنا مياهاً كثيرة يشقُّ نزحُها فإِنها إِذا لم تتغيَّر بالنَّجاسة فهي طَهُورٌ مطلقاً.
والمشهور من المذهب عند المتأخِّرين خلافُ كلام المؤلِّف، فلا يفرّقون بين بول الآدمي وعَذِرَتِهِ المائعةِ، وبين سائر النَّجاسات، وقد سبق بيانُه.
قوله: «ولا يرفع حَدَثَ رَجُلٍ طَهُورٌ يَسيرٌ خَلَتْ به امرأةٌ لطَهَارةٍ كَامِلةٍ عن حَدَثٍ» ، «حَدَثَ» هذا قيد، «رجل» قيد آخر، «طَهُور يسيرٌ» قيد ثالث، «خلت به» قيد رابع، «امرأة» قيد خامس، «لطهارة كاملة» قيد سادس، «عن حدَثَ» قيد سابع. إِذا تمَّت هذه القيودُ السَّبعَةُ ثَبَتَ الحكم، فإِذا تطهَّرَ به الرَّجُلُ عن حَدَثٍ لم يرتفع حدثُه، والماء طَهُور.
مثال ذلك: امرأة عندها قِدْرٌ من الماء يسع قُلَّةً ونصفاً ـ وهو يسير في الاصطلاح ـ خَلَت به في الحمَّام، فتوضَّأت منه وُضُوءاً كاملاً، ثم خرجت فجاء الرَّجُلُ بعدها ليتوضَّأَ به، نقول له: لا يرفعُ حَدَثَك.
والدَّليل نهيُ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أن يغتسل الرَّجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرَّجل[(56)]. وأُلحقَ به الوُضُوءُ.
فنهى النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم عن الوُضُوء به، والنهي يقتضي الفساد، فإِن توضَّأ فقد فعل عبادة على وجه منهيٍّ عنه فلا تكون صحيحة.
ومن غرائب العلم: أنهم استدلُّوا به على أن الرَّجل لا يتوضَّأ بفضل المرأة، ولم يستدلُّوا به على أن المرأة لا تتوضَّأ بفضل الرَّجل، وقالوا: يجوز أن تغتسلَ المرأةُ بفضل الرَّجل، فما دام الدَّليل واحداً، والحكم واحداً والحديث مقسَّماً تقسيماً، فما بالنا نأخذ بقسم، ولا نأخذ بالقسم الثَّاني؛ مع العلم بأن القسم الثاني قد ورد في السُّنَّة ما يدلُّ على جوازه، وهو أنه صلّى الله عليه وسلّم اغتسل بفضل ميمونة ولم يرد في القسم الأوَّل ما يدلُّ على جواز أن تغتسل المرأة بفضل الرَّجل، وهذه غريبة ثانية.
وقوله: «حَدَثَ رجُلٍ» يُفهم منه أنه لو أراد هذا الرَّجل أن يُزيل به نجاسة عن بدنه أو ثوبه فإِنها تطهُر، وكذلك لو غسل يديه من القيام من نوم الليل؛ لأنَّه ليس بحدث. ويُفهم منه أيضاً أنه لو تَطَهَّرت به امرأة بعد امرأة فإِنه يجوز؛ لقوله: «حَدَثَ رَجُلٍ».
وقوله: «يسير» يفهم منه أنه لو كان كثيراً فإِنه يرفع حَدثه، والدَّليل أنَّه في بعض ألفاظ حديث ميمونة «في جَفْنَةٍ»، والجَفْنَةُ يسيرة.
وقوله: «خَلَتْ به» تفسير الخَلوة على المذهب: أن تخلوَ به عن مشاهدة مميِّز، فإِن شاهدها مميِّزٌ زالت الخلوةُ ورَفعَ حَدَثَ الرَّجُلِ.
وقيل: تخلو به؛ أي: تنفرد به بمعنى تتوضَّأ به ، ولم يتوضَّأ به أحدٌ غيرها. وهذا أقرب إِلى الحديث؛ لأنَّ ظاهره العموم، ولم يشترط النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أن تخلوَ به.
وقوله: «لطهارة كاملة»، يُفهم منه أنه لو خلت به في أثناء الطَّهارة، أو في أولها، أو آخرها، بأن شاهدها أحد في أوَّل الطَّهارة ثم ذهب، أو قبل أن تُكمل طهارتها حضر أحدٌ، فإِنه يرفعُ حدثه؛ لأنَّه لم تَخْلُ به لطهارة كاملة.
وقوله: «عن حَدَث» أي: تَطَهَّرتْ عن حَدَث، بخلاف ما لو تطهَّرتْ تجديداً للوُضُوء، أو خَلَتْ به لتغسلَ ثوبها من نجاسة، أو لتستنجيَ، فإِنه يرفعُ حَدَث الرَّجل؛ لأنها لم تخلُ به لطهارة عن حَدَث.
هذا حكم المسألة على المذهب.
والصَّحيح: أنَّ النَّهي في الحديث ليس على سبيل التَّحريم، بل على سبيل الأَوْلَويَّة وكراهة التنزيه؛ بدليل حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما: اغتسل بعضُ أزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في جَفْنَة، فجاء النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم ليغتسل منها، فقالت: إني كنت جُنباً، فقال: «إن الماء لا يُجنب»، وهذا حديث صحيح.
وهناك تعليل؛ وهو أن الماء لا يُجنب يعني أنها إِذا اغتسلت منه من الجنابة فإِن الماء باقٍ على طَهُوريته.
فالصَّواب: أن الرَّجل لو تطهَّر بما خلت به المرأةُ؛ فإِن طهارته صحيحة ويرتفع حدثه، وهذا اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله.

وإِن تغيَّر لونُه، أو طعْمُه، أو ريحُه ...........
قوله: «وإِن تغيَّر لونه، أو طعمه، أو ريحُه» ، هذا هو القسم الثاني من أقسام المياه على المذهب، وهو الطَّاهر، أي: تغيّر تغيراً كاملاً بحيث لا يُذاقُ معه طعمُ الماء، أو تغيَّر أكثر أوصافه؛ وهي هذه الثَّلاثة: الطعم، والرِّيح، واللون.

بطَبْخٍ، أو سَاقِطٍ فِيه، .........
قوله: «بطبخ» ، أي: طُبخ فيه شيء طاهر كاللحم فتغيّر طعمه، أو لونه، أو ريحه تغيُّراً كثيراً بيِّناً، فإِنَّه يكون طاهراً غير مطهِّر.
قوله: «أو ساقط فيه» ، أي: سقط فيه شيء طاهر فغيَّر أوصافه أو أكثرها فإِنه يكون طاهراً غير مطهِّر.
ويُستثنى من هذه المسألة ما يَشُقُّ صَوْنُ الماء عنه، وما لا يمازجه، كما لو وضعنا قطع كافور فيه وتغيَّر فإِنه طَهُور، وكذا لو كان حول الماء أشجارٌ، فتساقطت أوراقها فيه فتغيَّر فطهور.
والتَّعليل لكون هذا طاهراً غير مطهِّر: أنَّه ليس بماء مطلق، وإِنما يُقال ماءُ كذا فيُضاف، كما يُقال: ماءُ ورد.
ولكن يُقال: إِن هذا لا يكفي في نقله من الطَّهورية إلى الطَّهارة، إِلا إِذا انتقل اسمه انتقالاً كاملاً، فيُقال مثلاً: هذا مَرَقٌ، وهذه قهوة. فحينئذٍ لا يُسمَّى ماءً، وإِنَّما يُسمَّى شراباً؛ يُضاف إِلى ما تغيَّر به، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
ومما يدلُّ على ضعف ما قاله المؤلِّف: أنهم يقولون: إِن ورق الشجر إذا كان يشقُّ صونُ الماء عنه؛ فوقع فيه وتغيَّر به الماء فهو طَهُور، ولو وضعه إِنسان قصداً فإِنه يصير طاهراً غير مطهِّر.
ومعلوم أن ما انتقل حكمه بتغيُّره فإِنه لا فرق بين ما يشُقُّ صون الماء عنه وما لا يشقُّ، ولا بين ما وُضِعَ قصداً أو بغير قصد، كما نقول فيما إِذا تغيَّر الماءُ بنجاسة، فإِنه لا فرق بين ما يشقُّ صون الماء عنه من تلك النجاسة وبين ما لا يشقُّ، ولا بين ما وُضِعَ قصداً وما لم يوضع قصداً؛ ما دامت العِلَّة هي تغيُّر الماء.

أوْ رُفِعَ بقليله حَدَثٌ، .............
قوله: «أو رُفِع بقليله حدثٌ» ، أي: بقليل الماء ـ وهو ما دون القُلَّتين ـ حَدَثٌ، سواء كان الحَدَث لكلِّ الأعضاء أو بعضها، مثال ذلك: رجل عنده قِدْرٌ فيه ماء دون القُلَّتين، فأراد أن يتوضَّأ فغسل كَفَّيه بعد أن غرف منه، ثم غرف أُخرى فغسل وجهه، فإِلى الآن لم يصرِ الماء طاهراً غير مطهِّر، ثم غمس ذراعه فيه، ونوى بذلك الغمس رفع الحَدَث فنزع يده، فالآن ارتفع الحدث عن اليد، فصدق أنه رُفِعَ بقليله حَدَثٌ فصار طاهراً غير مطِّهر.
وليس لهذا دليل، ولكن تعليل؛ وهو أنَّ هذا الماء استُعمل في طهارة فلا يُستعمل فيها مرَّة أخرى، كالعبد إِذا أُعتق فلا يُعتق مرَّة أخرى. وهذا التَّعليل عليل من وجهين:
الأول: وجود الفرق بين الأصل والفرع؛ لأن الأصل المقيس عليه وهو الرَّقيق المحرَّر لمَّا حرَّرناه لم يبقَ رقيقاً، وهذا الماء لمّا رُفِع بقليله حدثٌ بقي ماء فلا يصحّ القياس.
الثاني: أن الرَّقيق يمكن أن يعود إِلى رِقِّهِ، فيما لو هرب إِلى الكُفَّار ثم استولينا عليه فيما بعد؛ فإن لنا أن نسترقَّه، وحينئذٍ يعود إليه وصف الرِقِّ، ثم يصحُّ أن يحرَّر مرَّة ثانية في كفَّارة واجبة.
فالصَّواب أن ما رُفع بقليله حدثٌ طَهورٌ؛ لأن الأصل بقاء الطَّهورية، ولا يمكن العُدُول عن هذا الأصل إلا بدليل شرعي يكون وجيهاً.

أو غُمِسَ فِيه يَدُ قَائمٍ مِنْ نَوْمِ ليلٍ نَاقضٍ لوضُوءٍ، ...........
قوله: «أو غُمِسَ فيه يَدُ قائمٍ مِنْ نَوْمِ ليلٍ ناقضٍ لوضُوءٍ» ، الضَّمير في قوله: «فيه» يعود إلى الماء القليل. واليد إِذا أُطلقت فالمراد بها إلى الـرُّسغ مفصِل الكفِّ من الذِّراع، فلا يدخل فيها الذِّراع.
مثاله: رجل قام من النَّوم في الليل، وعنده قِدْرٌ فيه ماء قليل، فغمس يده إِلى حَدِّ الذِّراع فيكون طاهراً غير مطهِّر بدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا استيقظ أحدُكم من نومه؛ فلا يَغمِسْ يدَهُ في الإِناء حتى يغسلها ثلاثاً؛ فإِنه لا يدري أين باتت يدُه».
ففيه النهي عن غمس اليد في الإِناء، والتَّعليل: فإِن أحدكم... إِلخ، فلو غُمِسَت اليدُ في ماء كثير فإِنَّه يكون طَهُوراً، وإِذا غَمَسَ رَجُلٌ رِجْلَهُ فإِنه طَهُورٌ؛ لأنه قال: «يدٌ»، وكذلك لو غَمَسَ ذَراعه فإِنَّهُ طَهُور، ولو غمس كافرٌ يده فإِنه طَهُور، وكذا المجنون أو الصَّغير؛ لأنه غير مكلَّف، ولو غمس رجل يده بعد أن نام طويلاً في النَّهار فإِنَّه طَهور، وكذا إن نام يسيراً في اللَّيل، هذا تقرير كلامهم رحمهم الله. ولو غمس المكلَّف يده بالشروط التي ذكر المؤلِّفُ كان طاهراً غير مطهِّر.
ولكن إِذا تأمَّلتَ المسألةَ وجدتها ضعيفة جداً؛ لأنَّ الحديث لا يدلُّ عليه، بل فيه النهي عن غمس اليد، ولم يتعرَّض النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم للماء.
وفي قوله: «فإن أحدكم لا يدري أين باتت يدُه»، دليل على أنَّ الماء لا يتغيَّر الحكم فيه؛ لأن هذا التَّعليلَ يدلُّ على أن المسألةَ من باب الاحتياط، وليست من باب اليقين الذي يُرفَعُ به اليقينُ.
وعندنا الآن يقينٌ؛ وهو أن هذا الماء طَهُورٌ، وهذا اليقينُ لا يمكنُ رفعُه إلا بيقين، فلا يُرفَعُ بالشَّكِّ.
وإذا كان النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم نهى المسلمَ أن يغمس يده قبل غسلها ثلاثاً فالكافر من باب أَوْلَى، لأن العِلَّة في المسلم النائم هي العِلَّة في الكافر النَّائم، وكونه لم يوجه الخطاب إِلى الكافرين جوابه: أنَّ الصَّحيح أن الكُفَّار مخاطبون بفروع الشَّريعة، وليس هذا حكماً تكليفيّاً، بل وضعيٌّ.
ثم يُقال عن اشتراط التَّكليف: إِن المميِّز يُخاطَبُ بمثل هذا وإِن كان لا يُعاقَبُ، فقد تكون يده ملوَّثة بالنَّجاسة، وقد لا يستنجي ويمسّ فرجه وهو نائم، فكيف يضرُّ غَمْسُ يد المكلَّف الحافظ نفسه، ولا يضرُّ غمس يد المميِّز؟!.
فهذا القول ضعيف أثراً ونظراً، أما أثراً فلأن الحديث لا يدلُّ عليه بوجه من الوجوه، وأما نظراً فلأن الشُّروط التي ذكروها وهي الإِسلام، والتكليف، وأن يكون من نوم ليل لا يتعيَّن أخذُها من الحديث.
أوجه استدلالهم لهذه الشروط من الحديث:
أنَّ قوله: «أحدكم» المخاطبون مسلمون، فهذا شرط الإسلام، وقوله: «أحدكم» لا يخاطب إِلا المكلَّف.
وقوله: «باتت» البيتوتة لا تكون إِلا بالليل.
وأيضاً يُشترط أن يكون ناقضاً للوضوء، وأخذ من قوله: «فإن أحدكم لا يدري»، فالنُّوم اليسير يدري الإِنسان عن نفسه فلا يضرُّ.
فيقال: يد الكافر ويد الصَّغير الذي لم يميِّز أولى بالتَّأثير.
وخلاصة كلامهم: أنه إِذا تمت الشُّروط التي ذكروها وغمس يده في الماء قبل غسلها ثلاثاً فإِنه يكون طاهراً لا طَهُوراً.
والصَّواب أنه طَهُور؛ لكن يأثم من أجل مخالفته النهي؛ حيث غمسها قبل غسلها ثلاثاً.
ومن أجل ضعف هذا القول قالوا رحمهم الله: إِذا لم يجد الإنسان غيره استعمله ثم تيمَّم من باب الاحتياط] فأوجبوا عليه طهارتين، ولكن أين هذا الإيجاب في كتاب الله، أو سُنَّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم!؟ فالواجب استعمال الماء أو التُّراب، لكن لشعورهم رحمهم الله بضعف هذا القول بأن الماء ينتقل من الطَّهورية إلى الطَّهارة قالوا: يستعمله ويتيمَّم.
فإن قيل: ما الحكمة في النَّهي عن غمس اليد قبل غسلها ثلاثاً لمن قام من النَّوم؟
أُجيب: أنَّ الحكمة بيَّنها النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بقوله: «فإِنَّ أحدكم لا يدري أين باتت يدهُ».
فإن قال قائل: وضعت يدي في جِراب، فأعرفُ أنها لم تمسَّ شيئاً نجساً من بدني، ثم إِنني نمت على استنجاء شرعي، ولو فُرض أنَّها مسَّت الذَّكر أو الدُّبر فإِنَّها لا تنجُس؟
فالجواب: أن الفقهاء رحمهم الله قالوا: إِن العلَّة غير معلومة فالعمل بذلك من باب التَّعبُّد المحض.
لكن ظاهر الحديث أن المسألة معلَّلةٌ بقوله: «فإِن أحدكم لا يدري أين باتت يدهُ».
وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن هذا التَّعليل كتعليله صلّى الله عليه وسلّم بقوله: «إذا استيقظ أحدكم من منامه؛ فليستنثر ثلاث مرَّات؛ فإِن الشيطان يبيت على خياشيمه». فيمكن أن تكون هذه اليد عبث بها الشيطان، وحمل إليها أشياء مضرَّة للإنسان، أو مفسدة للماء فنهى النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أن يغمس يده حتى يغسلها ثلاثاً.
وما ذكره الشيخ رحمه الله وَجيهٌ، وإِلا فلو رجعنا إلى الأمر الحسِّي لكان الإِنسان يعلم أين باتت يده، لكن السُّنَّة يفسِّر بعضُها بعضاً.

أوْ كان آخرَ غَسْلَةٍ زالت بها النجاسة فَطَاهرٌ. ...........
قوله: «أوْ كان آخر غَسْلةٍ زالت بها النجاسة فَطَاهرٌ» ، الضَّمير يعود إِلى الماء القليل، والمعروف عند الفُقهاء أنه لا بُدَّ لطهارة المحلِّ المُتَنَجِّس أن يُغسل سبعَ مرات، فالغسلة الأولى إلى السادسة كلُّ المنفصل من هذه الغسلات نجس؛ لأنه انفصل عن محلٍّ نجس.
مثاله: رجل يغسل ثوبه من نجاسة فالذي ينفصل من الماء من الغسلة الأولى إِلى السَّادسة نجس؛ لأنه انفصل عن محَلٍّ نجس وهو يسير، فيكون قد لاقى النَّجاسة وهو يسير، وما لاقى النَّجاسة وهو يسير فإِنه ينجس بمجرَّد الملاقاة.
أما المنفصل في الغسلة السَّابعة فيكون طاهراً غير مطهِّر؛ لأنَّه آخر غسلة زالت بها النَّجاسة، فهو طاهر؛ لأنه أثَّر شيئاً وهو التطهير، فلما طَهُرَ به المحلُّ صار كالمستعمل في رفع حَدَث، ولم يكن نجساً لأنَّه انفصل عن محلٍ طاهر، وأما المنفصل عن الثَّامنة فطَهُورٌ؛ لأنَّه لم يؤثِّر شيئاً ولم يُلاقِ نجاسة. وهذا إِذا كانت عين النَّجاسة قد زالت، وإِذا فُرِضَ أن النَّجاسة لم تزل بسبع غسلات، فإِن ما انفصل قبل زوال عين النَّجاسة نجسٌ لأنه لاقى النَّجاسة وهو يسير.
وقوله: «فطاهر»، هذا جواب قوله: «وإِن تغيَّر طعمه...»، إلخ.
وهذا هو الطَّاهر على قول من يقول: إن المياه تنقسم إِلى ثلاثة أقسام: طَهُور، وطاهر، ونجس.
والصَّحيح أن الماء قسمان فقط: طَهُور ونجس. فما تغيَّر بنجاسة فهو نجس، وما لم يتغيَّر بنجاسة فهو طَهُور، وأن الطَّاهر قسم لا وجود له في الشَّريعة، وهذا اختيار شيخ الإِسلام. والدَّليل على هذا عدم الدَّليل؛ إذ لو كان قسم الطَّاهر موجوداً في الشَّرع لكان أمراً معلوماً مفهوماً تأتي به الأحاديث بيِّنةً واضحةً؛ لأنه ليس بالأمر الهيِّن إذ يترتَّب عليه إِمَّا أن يتطهَّر بماء، أو يتيمَّم. فالنَّاس يحتاجون إِليه كحاجتهم إلى العِلْم بنواقض الوُضُوء وما أشبه ذلك من الأمور التي تتوافر الدَّواعي على نقلها لو كانت ثابتة.

والنَّجسُ ما تغيَّرَ بنجاسةٍ، أوْ لاَقَاهَا، وهو يسيرٌ،.............
قوله: «والنَّجس ما تغيَّر بنجاسة» ، أي: تغيَّر طعمه أو لونه أو ريحه بالنَّجاسة، ويُستثنى من المتغيِّر بالرِّيح ما إِذا تغيَّر بمجاورة ميتة، وهذا الحكم مُجمَعٌ عليه، أي أن ما تغيَّر بنجاسة فهو نجس، وقد وردت به أحاديث مثل: «الماء طَهُور لا ينجِّسه شيء».
قوله: «أو لاقاها وهو يسير» ، أي: لاقى النَّجاسة وهو دون القُلَّتين، والدَّليل مفهوم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِذا بلغ الماء قُلَّتين لم ينجِّسْه شيء».
ومفهوم قوله: «وهو يسير» أنه إِن لاقاها وهو كثير فإِنَّه لا ينجس، لكن يُستثنى من هذا بول الآدمي وعَذِرَتُه كما سبق.
والصَّحيح: أنَّ هذا ليس من قسم النَّجس إِلا أن يتغيَّر.
ويُستثنى من ذلك ـ على المذهب ـ ما إِذا لاقاها في محلِّ التطهير، فإِنه لا ينجس. مثال ذلك: لو أن إِنساناً في ثوبه نجاسة؛ وأراد إِزالتها؛ فإِنَّه يصبُّ عليها ماءً يسيراً دون القُلَّتين. فإن قلنا إِنه تنجَّس بمجرد ملاقاة النَّجاسة في محلِّها وهو الثوب؛ لم يمكن تطهير هذا النَّجس؛ لأن الماء إِذا تنجَّس بالملاقاة لم يطهِّر النَّجاسة، وهكذا لو صببت ماءً آخر، ومن أجل ذلك استثنوا هذه المسألة.

أوِ انفَصَلَ عَنْ محلِّ نَجَاسَةٍ قَبْلَ زوالها، فإِن أضِيفَ إِلى الماء النَّجسِ طَهُورٌ كثيرٌ غيرُ ترابٍ، ونحوِه،............
قوله: «أو انفصل عن محلِّ نجاسة قبل زوالها» ، أي: قبل زوال حكمها.
مثاله: ماء نطهِّر به ثوباً نجساً، والنَّجاسة زالت في الغسلة الأولى وزال أثرها نهائياً في الغسلة الثانية، فغسلناه الثَّالثة والرابعة والخامسة والسَّادسة، فالماء المنفصل من هذه الغسلات نجس، لأنه انفصل عن محلِّ النَّجاسة قبل زوالها حكمها.
قوله: «فإِن أُضيف إِلى الماء النَّجِسِ طَهُورٌ كثيرٌ غيرُ ترابٍ، ونحوِه» ، في هذا الكلام بيان طُرق تطهير الماء النَّجس، وقد ذكر ثلاث طُرقٍ في تطهير الماء النَّجس:
إحداها: أن يضيف إِليه طَهوراً كثيراً غير تراب ونحوه، واشترط المؤلِّفُ أن يكون المضافُ كثيراً؛ لأنَّنا لو أضفنا قليلاً تنجَّس بملاقاة الماء النَّجس.
مثاله: عندنا إِناءٌ فيه ماء نجس مقداره نصف قُلَّة، وهذا الإِناء كبير يأخذ أكثر من قُلَّتين، فإِذا أردنا أن نطهِّره نأتي بقُلَّتين ثم نفرغ القُلَّتين على نصف القُلَّة، فنكون قد أضفنا إِليه ماءً كثيراً؛ فيكون طَهُوراً إِذا زال تغيُّره، فإِن أضفنا إِليه قُلَّة واحدة؛ وزال التغيُّر فإِنَّه لا يكون طَهُوراً، بل يبقى على نجاسته؛ لأنه لاقى النَّجاسة وهو يسير فينجس به ولا يطهِّره، ولا بُدَّ أن تكون إِضافة الماء متَّصلة، لأنَّنا إِذا أضفنا نصفَ قُلَّة، ثم أتينا بأخرى يكون الأول قد تنجَّس، وهكذا فيُشترط في المُضاف أن يكون طَهُوراً كثيراً، والمُضاف إِليه لا يُشترط فيه أن يكون كثيراً أو يسيراً، فإذا كان عندنا إِناءٌ فيه قُلَّتان نجستان ولكنَّه يأخذ أربع قِلال، وأضفنا إِليه قُلَّتين وزال تغيُّره فإِنَّه يَطْهُر مع أن النَّجس قُلَّتان.

أوْ زَالَ تغيُّرُ النجسِ الكثير بنفسِهِ، ...........
قوله: «أو زال تغيُّر النَّجس الكثير بنفسه» ، الكثير: هو ما بلغ قُلَّتين، وهذه هي الطَّريقة الثَّانية لتطهير الماء النَّجس، وهي أن يزول تغيُّره بنفسه إِذا كان كثيراً.
مثاله: ماء في إِناء يبلغ قُلَّتين وهو نجس، ولكنه بقي يومين أو ثلاثة وزالت رائحته ولم يبقَ للنَّجاسة أثر، ونحن لم نُضِفْ إِلَيْهِ شيئاً، فيكون طَهُوراً، لأنَّ الماء الكثير يقوى على تطهير غيره، فتطهير نفسه من باب أولى.
والخلاصة: أنه إِذا كان قُلَّتين فإِنه يطهر بأمرين:
1 ـ الإضافة كما سبق.
2 ـ زوال تغيُّره بنفسه.

أوْ نُزِحَ منه فَبَقِيَ بعده كثيرٌ غَيْرُ مُتغيرٍ طَهُرَ........
قوله: «أو نُزِحَ منه فبقِيَ بعده كثيرٌ غَيْرُ مُتغيرٍ طَهُرَ» ، هذه هي الطَّريقة الثَّالثة لتطهير الماء النَّجس، وهي أن يُنزح منه حتى يبقى بعد النَّزح طَهُور كثير.
فالضَّمير في قوله: «منه» يعود إلى الماء الكثير، وفي قوله: «بعده» إِلى النَّزْح.
ففي هذه الصُّورة لا بُدَّ أن يكون الماء المتنجِّس أكثر من قُلَّتين؛ لأنَّ المؤلِّفَ اشترط أن يبقى بعد النَّزْح كثير، أي: قُلَّتان فأكثر.
فإن كان عند الإنسان إِناء فيه أربع قِلال وهو نجس، ونُزِحَ منه شيء وبقي قُلَّتان، وهذا الباقي لا تغيُّر فيه فيكون طَهُوراً.
والخلاصة: أن ما زاد على القُلَّتين يمكن تطهيره بثلاث طُرق:
1 ـ الإِضافة كما سبق.
2 ـ زوال تغيُّرِه بنفسه.
3 ـ أنْ يُنْزَح منه؛ فيبقى بعده كثير غير متغيِّر.
والقول الصَّحيح: أنه متى زال تغيُّر الماء النَّجس طَهُرَ بأي وسيلة كانت.
وقوله: «غير تراب ونحوه»، استثنى المؤلِّفُ هذه من مسألة الإِضافة، فلو أضفنا تراباً، ومع الاختلاط بالتُّراب وترسُّبه زالت النَّجاسة، فلا يَطْهُر مع أنَّه أحد الطَّهورين، قالوا: لأن التطهر بالتُّراب ليس حسِّيًّا، بل معنويٌّ، فالإنسان عند التيمُّم لا يتطهَّر طهارة حسِّيَّة بل معنويَّة.
وقوله: «ونحوه» كالصَّابون وما شابهه؛ لأنه لا يُطهر إِلا الماء، وما مشى عليه المؤلِّف هو المذهب.
والصحيح: أنه إِذا زال تغيُّر الماء النَّجس بأي طريق كان فإنه يكون طَهُوراً؛ لأن الحكم متى ثبت لِعِلَّة زال بزوالها.
وأيُّ فرق بين أن يكون كثيراً، أو يسيراً، فالعِلَّة واحدة، متى زالت النَّجَاسة فإِنه يكون طَهُوراً وهذا أيضاً أيسر فهماً وعملاً.
واعلم أن هذا الحكم ـ على المذهب ـ بالنِّسبة للماء فقط، دون سائر المائعات، فسائر المائعات تَنْجُس بمجرَّد الملاقاة، ولو كانت مِائة قُلَّة، فلو كان عند إِنسان إِناء كبير فيه سمن مائع وسقطت فيه شعرة من كلب؛ فإِنَّه يكون نجساً، لا يجوز بيعه؛ ولا شراؤه؛ ولا أكله أو شربه.
والصَّواب: أَن غير الماء كالماء لا يَنْجُس إِلا بالتغيُّر.

شَكَّ في نجاسةِ ماءٍ، أو غيرِه، أوْ طهارته ............
قوله: «وإِن شكَّ في نجاسة ماء، أو غيرِه، أوْ طَهارته» ، أي: في نجاسته إِذا كان أصله طاهراً، وفي طهارته إِذا كان أصله نجساً.
مثال الشَكِّ في النَّجاسة: لو كان عندك ماء طاهر لا تعلم أنَّه تنجَّس؛ ثم وجدت فيه روثة لا تدري أروثة بعير، أم روثة حمار، والماء متغيِّر من هذه الرَّوثة؛ فحصل شكٌّ هل هو نجس أم طاهر؟
فيُقال: ابْنِ على اليقين، واليقين أنه طَهُور، فتطهَّر به ولا حرج.
وكذا إِذا حصل شكُّ في نجاسة غير الماء.
مثاله: رجل عنده ثوب فشكَّ في نجاسته، فالأصل الطَّهارة حتى يعلم النَّجاسة.
وكذا لو كان عنده جلد شاة، وشكَّ هل هو جلدُ مُذَكَّاة، أم جلد ميتة، فالغالب أنه جلد مُذَكَّاة فيكون طاهراً.
وكذا لو شَكَّ في الأرض عند إِرادة الصَّلاة هل هي نجسة أم طاهرة، فالأصل الطَّهارة.
ومثال الشكِّ في الطَّهارة: لو كان عنده ماء نجس يعلم نجاسته؛ فلما عاد إليه شكَّ هل زال تغيُّره أم لا؟ فيُقال: الأصل بقاء النَّجاسة، فلا يستعمله.

بَنَى على اليَقِينِ، ............
قوله: «بَنَى على اليقين» ، اليقين: هو ما لا شَك فيه، والدَّليل على ذلك من الأثر حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه أن النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم شُكِيَ إِليه الرَّجل يجدُ الشيءَ في بطنه؛ فيُشكل عليه، هل خرج منه شيءٌ أم لا؟ فقال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتاً، أو يجدَ ريحاً». فأمرَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بالبناء على الأصل، وهو بقاء الطَّهارة. ولما قال الصَّحابة رضي الله عنهم: يا رسول الله، إِنَّ قوماً يأتونا باللَّحم؛ لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «سَمُّوا أنتم وكُلُوه».
قالت عائشة رضي الله عنها وهي راويةُ الحديث: وكان القوم حديثي عهد بالكفر، مع أنَّه يغلب على الظنِّ هنا أنَّهم لم يذكروا اسمَ الله، لحداثة عهدهم بالكُفر، ومع هذا لم يأمرْهم النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بالسؤال ولا البحث.
ويُروى أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرَّ هو وعمرو بن العاص بصاحب حوض، فسأل عمرو بن العاص صاحبَ الحوض: هل هذا نجس أم لا؟ فقال له عمر: يا صاحب الحوض، لا تخبرنا.
وفي رواية: أن الذي أصابهم ماء ميزاب، فقال عمر: يا صاحب الميزاب، لا تخبرنا.
ومن النَّظر: أنَّ الأصل بقاء الشيء على ما كان حتى يتبيَّن التغيُّر، وبناءً عليه: إِذا مرَّ شخص تحت ميزاب وأصابه منه ماء، فقال: لا أدري هل هذا من المراحيض، أم من غسيل الثِّياب، وهل هو من غسيل ثياب نجسة، أم غسيل ثياب طاهرة؟ فنقول: الأصل الطَّهارة حتى ولو كان لون الماء متغيِّراً. قالوا: ولا يجب عليه أن يشمَّه أو يتفقَّده، وهذا من سعة رحمة الله.

وإِن اشْتَبَهَ طَهُورٌ بنجسٍ حَرُمَ استِعْمَالُهُمَا، ولم يَتَحَرَّ،........
قوله: «وإِن اشتبه طَهور بنجس حَرُمَ استعْمَالُهُمَا» ، يعني: إِن اشتبه ماء طهور بماء نجس حرم استعْمَالُهُمَا، لأن اجتناب النَّجس واجب، ولا يتمُّ إِلا باجتنابهما، وما لا يتمُّ الواجب إِلا به فهو واجب، وهذا دليل نظري.
وربما يُستدلُّ عليه بأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال في الرَّجُل يرمي صيداً فيقع في الماء: «إن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكلْ، فإِنك لا تدري، الماءُ قَتَله أم سهمُك؟».
وقال: «إذا وجدت مع كلبك كلباً غيره فلا تأكل، فإِنَّك لا تدري أيُّهما قتله»؟.
فأمر باجتنابه، لأنّه لا يُدرى هل هو من الحلال أم الحرام؟
قوله: «ولم يتحرَّ» ، أي: لا ينظر أيُّهما الطَّهور من النَّجس، وعلى هذا فيتجنَّبُهُما حتى ولو مع وجود قرائن، هذا المشهور من المذهب.
وقال الشَّافعي رحمه الله: يتحرَّى. وهو الصَّواب، وهو القول الثَّاني في المذهب لقوله صلّى الله عليه وسلّم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه في مسألة الشكِّ في الصَّلاة: «وإذا شَكَّ أحدُكُم في صلاته فليتحرَّ الصَّوابَ ثم ليَبْنِ عليه»، فهذا دليل أثريٌّ في ثبوت التَّحرِّي في المشتبهات.
والدَّليل النَّظري: أنَّ من القواعد المقرَّرة عند أهل العلم أنَّه إذا تعذَّر اليقين رُجع إِلى غلبة الظنِّ، وهنا تعذَّر اليقينُ فنرجع إِلى غلبة الظنِّ وهو التحرِّي. هذا إن كان هناك قرائن تدلُّ على أن هذا هو الطَّهور وهذا هو النَّجس، لأن المحلَّ حينئذ قابل للتحرِّي بسبب القرائن، وأما إذا لم يكن هناك قرائن؛ مثل أن يكون الإِناءان سواء في النَّوع واللون فهل يمكن التَّحرِّي؟
قال بعض العلماء: إِذا اطمأنت نفسُه إِلى أحدهما أخذ به، وقاسوه على ما إِذا اشتبهت القِبْلة على الإِنسان؛ ونظر إلى الأدلَّة فلم يجد شيئاً، فقالوا: يصلِّي إِلى الجهة التي تطمئنُّ إِليها نفسُه. فهنا أيضاً يستعمل ما اطمأنت إِليه نفسه، ولا شكَّ أن استعمال أحد الماءين في هذه الحال فيه شيء من الضَّعف؛ لكنَّه خير من العدول إلى التيمُّم.

ولا يُشْتَرَطُ للتيمم إِراقتُهمَا، ولا خَلْطُهُمَا،.............
قوله: «ولا يُشترط للتيمُّم إِراقتهما، ولا خلطُهما» ، أفادنا المؤلِّفُ رحمه الله أنه في حال اجتنابهما يتيمَّم.
مثاله: رجل عنده إِناءان أحدهما طَهُور، والآخر نجس، وشكَّ أيُّهما الطَّهور؛ فنقول: يجب عليه اجتنابُهما.
فإن قال: فماذا أعملُ إِذا أردت الصَّلاة؟ نقول: تيمَّم؛ لأنك غير قادر على استعمال الماء؛ لاشتباه الطَّهور بالنَّجس؛ فيشمله قوله تعالى: {{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}} [المائدة: 6] .
وهل يُشترط للتيمُّم إراقتهما أو خلطهما؟ فيه قولان، ولهذا نفى المؤلِّف اشتراط إِراقتهما أو خلطهما رداً للقول الثاني، وإِلا لما كان لنفيه داعٍ، فقال: «ولا يُشتَرط... إلخ» لردِّ قول من قال: إنه يُشتَرط إِراقتهما، أو خلطهما، وهو قولٌ في المذهب.
قالوا: لا يمكن أن يتيَمَّم حتى يُريقَ الماءين؛ ليكون عادماً للماء حقيقة، أو يخلطهما حتى يتحقَّق النَّجاسة.
وعُلم من ذلك أنه إذا أمكن تطهيرُ أحدهما بالآخر وجب التطهير، ولا يحتاج إِلى التيمُّم، وذلك إذا كان كلُّ واحد من الإناءين قُلَّتين فأكثر؛ فيُضاف أحدُهما إلى الآخر، فإِن الطَّهور منهما يطهِّر النَّجس إِذا زالَ تغيُّره.

وإن اشتَبَه بطَاهِر تَوَضَّأ منهمَا وُضُوءاً واحداً، مِنْ هذا غَرْفَةٌ، ومن هذا غَرفةٌ، وصَلَّى صلاةً واحدةً.
قوله: «وإِن اشتَبَه بطَاهر تَوَضّأ منهمَا وُضُوءاً واحداً، مِنْ هذا غَرْفَةٌ، ومن هذا غَرفةٌ، وصَلَّى صلاةً واحدةً» ، هذه المسألة لا تَرِدُ على ما صحَّحناه؛ لعدم وجود الطَّاهر غير المطهِّر على القول الصَّحيح، لكن تَرِدُ على المذهب، وسبق بيان الطَّاهر.
مثاله: ماء غُمِسَ فيه يدُ قائم من نوم ليل ناقض للوُضُوء، فإِنَّه يكون طاهراً غير مطهِّر، وماء طَهُور اشتبه أحدهما بالآخر، فلا يتحرَّى ولا يتيمَّم؛ لأنَّ استعمال الطَّاهر هنا لا يضرُّ؛ بخلاف المسألة السَّابقة التي اشتبه فيها الطَّهور بالنَّجس، فإِنه لو استعمله تنجَّس ثوبه وبدنه، وعلى هذا فيتوضَّأُ وُضُوءاً واحداً من هذا غرفة، ومن هذا غرفة؛ لأجل أنَّه إِذا أتمَّ وضوءه، فإِنه تيقَّن أنه توضَّأ بطَهُور فيكون وضوؤُه صحيحاً.
فإن قيل: لماذا لا يتوضَّأ من هذا وضوءاً كاملاً، ومن الآخر كذلك؟
فالجواب: أنه لا يصحُّ لوجهين:
الأول: أَنه لو فعل ذلك لكان يخرج من كلِّ وُضُوء وهو شاكٌّ فيه، ولا يصحُّ التردُّد في النيَّة.
الثاني: أَنه إِذا توضَّأ وُضُوءاً كاملاً من الأوَّل، وقدَّرنا أنَّه هو الطَّهور ثم توضَّأ وُضُوءاً كاملاً من الثَّاني الذي هو الطَّاهر، فرُبَّما يجزم في الوُضُوء الأول، أو يغلب على ظنِّه أنَّه استعمل الطَّهور في غسل اليدين والطَّاهر في غسل الوجه، وفي الوُضُوء الثاني أنه استعمل الطَّاهر في غَسْلِ اليدين والطَّهور في غَسْل الوجه، فيكون غَسْلُ الوجه، الذي حصلت به الطَّهارةُ؛ بعد غَسلِ اليدين وذلك إخلالٌ بالتَّرتيب.
ولا يُقال: إِنه باجتماعهما حصل اليقينُ؛ لأن أحدهما حين فعله له كان شاكًا فيه غير متيقِّن، ويُصلِّي صلاةً واحدة.
وقال بعض العلماء: يتوضَّأ أولاً ثم يُصلِّي، ثم يتوضَّأ ثانياً ثم يُصلِّي؛ لأجل أن يتيقَّن بالفعلين أنه توضَّأ وضوءاً صحيحاً، وصلَّى صلاةً صحيحةً.
وأمَّا على القول الرَّاجح فهذه المسألة ليست واردةً أصلاً؛ لأن الماء لا يكون طاهراً، بل إِما طَهوراً، وإِما نجس.

وإِن اشْتَبَهَتْ ثيابٌ طاهرةٌ بنجسةٍ .............
قوله: «وإن اشتبهت ثياب طاهرةٌ بنجسة...» ، هذه المسألة لها تعلُّق في باب اللباس، وفي باب ستر العورة في شروط الصَّلاة، ولها تعلُّق هنا، وتعلُّقها هنا من باب الاستطراد؛ لأن الثِّياب لا علاقة لها في الماء.
مثال هذه المسألة: رجل له ثوبان، أحدهما نجاسته متيقَّنة، والثاني طاهر، ثم أراد أن يلبسهما فشكَّ في الطَّاهر من النَّجس، فيصلِّي بعدد النَّجس ويزيد صلاة؛ لأنَّ كلَّ ثوبٍ يُصلِّي فيه يحتمل أن يكون هو النَّجس، فلا تصحُّ الصَّلاة به، ومن شروط الصَّلاة أن يُصلّيَ بثوب طاهر، ولا يمكن أن يُصلِّي بثوبٍ طاهر يقيناً إِلا إِذا فعل ذلك.
فإِن كان عنده ثلاثون ثوباً نجساً وثوب طاهر، فإنَّه يُصلِّي واحداً وثلاثين صلاة كلَّ وقت، وهذا فرضاً، وإلا فيُمكن أن يغسل ثوباً، أو يشتريَ جديداً، هذا ما مشى عليه المؤلِّف.
والصَّحيح: أنه يتحرَّى، وإِذا غلب على ظَنِّه طهارة أحد الثِّياب صَلَّى فيه، والله لا يكلِّف نفساً إلا وسعها، ولم يوجب الله على الإِنسان أن يُصلِّيَ الصَّلاة مرتين.
فإن قلت: ألا يحتمل مع التحرِّي أن يُصلِّيَ بثوب نجس؟
فالجواب: بلى، ولكن هذه قدرته، ثم إِنَّ الصَّلاة بالثَّوب النَّجس عند الضَّرورة، الصَّواب أنها تجوز. أما على المذهب فيرون أنك تُصلِّي فيه وتُعيد، فلو فرضنا أن رجلاً في الصَّحراء، وليس عنده إِلا ثوبٌ نجسٌ وليس عنده ما يُطهِّر به هذا الثوبَ، وبقي شهراً كاملاً، فيُصلِّي بالنَّجس وجوباً، ويُعيد كلَّ ما صَلَّى فيه إذا طهَّره وجوباً.
يُصلِّي لأنه حضر وقت الصلاة وأُمِرَ بها، ويعيد لأنَّه صلَّى في ثوب نجس.
وهذا ضعيف، والرَّاجحُ أنَّه يُصلِّي ولا يعيد، وهم ـ رحمهم الله ـ قالوا: إِنَّه في صلاة الخوف إِذا اضطر إلى حمل السلاح النَّجس حَمَلَه ولا إعادة عليه للضَّرورة، فيُقال: وهذا أيضاً للضَّرورة؛ وإِلا فماذا يصنع؟

أو بمحرَّمةٍ صلَّى في كلِّ ثوبٍ صلاةً بعددِ النَّجس أو المحرَّم، وزَاد صلاةً............
قوله: «أو بمحرَّمةٍ صلَّى في كلِّ ثوبٍ صلاةً بعددِ النَّجس أو المحرَّم، وزَاد صلاةً» ، أي: إذا اشتبهت ثيابٌ محرَّمةٌ بمباحة، هذه المسألة لها صورتان:
الأولى: أن تكون محرَّمة لحقِّ الله كالحرير.
فمثلاً: عنده عشرة أثواب حرير طبيعي، وثوب حرير صناعي فاشتبها؛ فيُصلِّي إِحدى عشرة صلاة، ليتيقَّن أنه صَلَّى في ثوب حلال.
الثانية: أن تكون محرَّمةً لحقِّ الآدمي، مثل إِنسان عنده ثوب مغصوب وثوب ملك له، واشتبه عليه المغصوب بالمِلْك، فيُصلِّي بعدد المغصوب ويزيد صلاة.
فإن قيل: كيف يُصلِّي بالمغصوب وهو مِلْكُ غيره؟ ألا يكون انتفع بملْك غيره بدون إِذنه؟
فالجواب: أنَّ استعمال مِلْكِ الغير هنا للضَّرورة، وعليه لهذا الغير ضمان ما نقص الثوبُ، وأجرتُه، فلم يُضِعْ حقَّ الغير.
والصَّحيح: أنه يتحرَّى، ويُصلِّي بما يغلب على ظَنِّه أنَّه الثَّوب المباح ولا حرج عليه؛ لأن الله لا يكلِّف نفساً إلا وسعها.
ولو فرضنا أنه لم يمكنه التحرِّي لعدم وجود القرينة، فإِنه يصلِّي فيما شاء؛ لأنه في هذه الحال مضطر إلى الصَّلاة في الثَّوب المحرَّم ولا إعادة عليه.
ثم إِن في صحة الصَّلاة في الثَّوب المحرَّم نزاعاً يأتي التَّحقيق فيه إن شاء الله.

المصدر : موقع الشيخ محمد بن صالح العثيمين


يتبع .......​
 
آخر تعديل:
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

أولاً: الماء الطاهر المطهر: الطاهر في نفسه المطهر لغيره؛ لأن عنصر الماء ومادته الأصل فيها أنها طاهرة لقوله –تعالى-: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاءً طَهُورًا} سورة الفرقان: 48. وقال -صلى الله عليه وسلم-: (الماء طهور لا ينجسه شيء)1 ، وهذا الماء يسمى الماء المطلق، أي الذي لم يخالطه غيره من أي شيء كان سواء في لونه أو طعمه أو رائحته.

وأما المطهر: فهو الذي يطهر غيره، فهو طاهر في نفسه مطهر لغيره، يرفع به الحدث، ويزيل النجاسة، فاجتمع فيه الوصفان: طاهر الذات والمادة.. ومطهر للنجاسات ورافع للحدث.

وقد أجمع العلماء على أن ذلك الماء يرفع الحدث، وتزال به النجاسة.



ثانياً: الماء الطاهر غير المطهر: وهو الماء الذي خالطه شيء من الطاهر أو ألحق إلى اسمه وصف لازم بالإضافة أو بغيرها كقولنا: ماء الورد؛ لأنه أضيف إليه الورد، فخرج بهذا التقييد عن كونه مطلقاً. وحكم هذا الماء أنه: طاهر في نفسه فيجوز شربه واستخدامه في كل شيء.. إن غلب ذلك الوصف أو التقييد، ولكنه لا يرفع الحدث، ويزيل النجس، لأن إزالة النجس لا يشترط فيها كون المزيل ماء مطلقاً أو باقياً على أصل خلقته، وإنما يكفي أن يزال بأي شيء طاهر، أيا كان ذلك الشيء. قال شيخ الإسلام قدس الله روحه "وأما إزالة النجاسة بغير الماء ففيها ثلاثة أقوال في مذهب أحمد أحدها: المنع كقول الشافعي وهو أحد القولين في مذهب مالك وأحمدوالثاني: الجواز كقول أبي حنيفة وهو القول الثاني في مذهب ملك وأحمد والقول الثالث: في مذهب أحمد أن ذلك يجوز للحاجة كما في طهارة فم الهرة بريقها وطهارة أفواه الصبيان بأرياقهم ونحو ذلك والسنة قد جاءت بالأمر بالماء في قوله لأسماء "حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء" وقوله في آنية المجوس "إرحضوها ثم اغسلوها بالماء" وقوله في حديث الأعرابي الذي بال في المسجد "صبوا على بوله ذنوبا من ماء" فأمر بالإزالة بالماء في قضايا معينة ولم يأمر أمراً عاماً بأن تزال كل نجاسة بالماء وقد أذن في إزالتها بغير الماء في مواضع منها الاستجمار بالحجارة ومنها قوله في النعلين ثم " ليدلكهما بالتراب فإن التراب لهما طهور " ومنها قوله في الذيل " يطهره ما بعده" ومنها أن الكلاب كانت تقبل وتدبر وتبول في مسجد رسول الله ثم لم يكونوا يغسلون ذلك ومنها قوله في الهر " إنها من الطوافين عليكم والطوافات " مع أن الهر في العادة يأكل الفأر ولم يكن هناك قناة ترد عليها تطهر بها أفواهها بالماء بل طهورها ريقها ومنها أن الخمر المنقلبة بنفسها تطهر باتفاق المسلمين وإذا كان كذلك فالراجح في هذه المسألة أن النجاسة متى زالت بأي وجه كان زال حكمها فإن الحكم إذا ثبت بعلة زال بزوالها، لكن لا يجوز استعمال الأطعمة والأشربة في إزالة النجاسة لغير حاجة لما في ذلك من فساد الأموال كما لا يجوز الاستنجاء بها"2

وعليه فالماء الذي خالطه زعفران، أو صابون، أو عجين، إذا خرج عن إطلاقه بحيث لا يتناوله اسم الماء المطلق، فهو طاهر في نفسه مزيل للنجس غير رافع للحدث. فإن خالطه ذلك وبقي على إطلاقه.. فهو رافع لهما معاً. وقد خالف في ذلك أبو حنيفة، وذهب إلى أن ما خالط الماء من شيء طاهر فإن الطهارة تصح به، حتى لو تغير اسم الماء المطلق، ما عدا الماء الذي طبخ به.

يتبع....
 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

أنواع المياه وأحكامها
القسم الأول من المياه : الماء المطلق وحكمه، أنه طهور، أي؛ أنه طاهر في نفسه، مطهِّر لغيره، ويندرج تحته من الأنواع ما يأتي:
الماء المطلق
1ـ ماء المطر والثلج والبَرَد، لقول اللّه تعالى: " وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُم بِهِ " سورة الأنفال: 11، وقوله تعالى: " وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً "سورة الفرقان: 48. ولحديث أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا كبّر في الصلاة، سكت هنيهة قبل القراءة، فقلت: يا رسول اللّه -بأبي أنت وأمي- أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة، ما تقول؟ قال: "أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي، كما باعدتَ بين المشرق والمغرب، اللهم نقِّني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرَد" رواه الجماعة، إلا الترمذي.
2ـ ماء البحر، لحديث أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: سأل رجل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللّه، إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم:"هو الطهورماؤه، الحلُّ مَيْتته" وقال الترمذي: هذا الحديث حسن صحيح، وسألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث ؟ فقال: حديث صحيح.
3ـ ماء زمزم، لما روي من حديث علي -رضي اللّه عنه- أن رسولَ صلى الله عليه وسلم دعا بسجْلٍ من ماء زمزم، فشرب منه، وتوضأ رواه أحمد.
4ـ الماء المتغير بطول المكث أو بسبب مقرِّه أو بمخالطة ما لا ينفك عنه غالباً كالطحلب وورق الشجر، فإن اسم الماء المطلق يتناوله باتفاق العلماء.
والأصل في هذا الباب أن كل ما يصدق عليه اسم الماء مطلقاً عن التقييد يصح التطهُّر به؛ قال اللّه تعالى: "فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا" سورة المائدة: بعض الآية 6.

الماءُ المُسْتَعْمَلُ
وهو المنفصل من أعضاء المتوضئ والمغتسل، وحكمه أنه طهور كالماء المطلق، سواء بسواء اعتباراً بالأصل، حيث كان طهوراً، ولم يوجد دليل يخرجه عن طهوريته، والحديث للربيع بنت معوِّذ في وصف وَضوء رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، قالت: "ومسح رأسه بما بقي من وضوء في يديه". رواه أحمد، وأبو داود، ولفظ أبي داود: أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مسح رأسه من فضل ماء كان بيده وعن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طرق المدينة وهو جنُب، فانْخَنَس منه، فذهب، فاغتسل، ثم جاء، فقال: "أين كنت يا أبا هريرة"؟ فقال: كنت جنباً فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة. فقال: "سبحان الله، إن المؤمن لا يَنْجس". رواه الجماعة، ووجه دلالة الحديث: أن المؤمن إذا كان لا ينجس فلا وجه لجعل الماء فاقداً للطهورية بمجرد مماسته له؛ إذ غايته التقاء طاهر بطاهر، وهو لا يؤثر.

قال ابن المنذر: روي عن علي، وابن عمر، وأبي أمامة، وعطاء، والحسن، ومكحول، والنخعي، أنهم قالوا فيمن نسي مسح رأسه فوجد بللاً في لحيته: يكفيه مسحه بذلك. قال: وهذا يدل على أنهم يرون المستعملَ مطهِّراً، وبه أقول.
وهذا المذهب إحدى الروايات عن مالك والشافعي، ونسبه ابن حزم إلى سفيان الثوري وأبي ثور وجميع أهل الظاهر.

الماءُ الذي خالَطَه طاهِر
كالصابون، والزعفران، والدقيق، وغيرها من الأشياء، التي تنفك عنها غالباً.
وحكمه، أنه طهور، ما دام حافظاً لإطلاقه، فإن خرج عن إطلاقه، بحيث صار لا يتناوله اسم الماء المطلق، كان طاهراً في نفسه، غير مطهر لغيره؛ فعن أم عطية، قالت: دخل علينا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، حين توفِّيت ابنته، "زينب"، فقال: "اغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن بماء وسِدْر، واجعلن في الأخيرة كافوراً أو شيئاً من كافور، فإذا فَرغْتُنَّ، فآذِنَّنِي". فلما فَرَغْنَ آَذَنَّاهُ، فأعطانا حِقْوَهُ، فقال: "أشْعِرْنَها إِيَّاه" تعني: إزاره. رواه الجماعة.
والميت لا يغسَّل، إلا بما يصح به التطهير للحي؛ وعند أحمد، والنسائي، وابن خزيمة من حديث أم هانئ، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم اغتسل، هو وميمونة، من إناء واحد "قَصْعة فيها أثر العجين" ففي الحديثين وجد الاختلاط، إلا أنه لم يبلغ، بحيث يسلب عنه إطلاق اسم الماء عليه.

الماءُ الذي لاقَتْه النَّجَاسَةُ
وله حالتان: (الأولى) أن تغيِّر النجاسةُ طعمه أو لونه أو ريحه، وهو في هذه الحالة لا يجوز التطهر به إجماعاً، نقل ذلك ابن المنذر وابن الملقن.
(الثانية) أن يبقى الماء على إطلاقه، بألا يتغير أحد أوصافه الثلاثة، وحكمه أنه طاهر مطهِّر؛ قل أو كثر، دليل ذلك حديث أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: قام أعرابيّ، فبال في المسجد، فقام إليه الناس ليقعوا به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعوه، وأريقوا على بوله سجلاً من ماء، أو ذنوباً من ماء؛ فإنما بعثتم ميسِّرين ولم تبعثوا معسِّرين " رواه الجماعة إلا مسلماً، وحديث أبي سعيد الخدري -رضي اللّه عنه- قال: قيل: يا رسول الله، أنتوضأ من بئر بضاعة؟ ("بئر بضاعة" بضم أوله، بئر المدينة. قال أبو داود: سمعت قتيبة بن سعيد، قال: سألت قيم بئر بضاعة عن عمقها؟ قال: أكثر ما يكون فيها الماء إلى العانة. قلت: فإذا نقص؟ قال: دون العورة. قال أبو داود: وقدرت أنا بئر بضاعة بردائي، مددته عليها ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي باب البستان، فأدخلني إليه، هل غير بناؤها عما كانت عليه ؟ قال: لا. ورأيت فيها ماء متغير اللون.
) فقال صلى الله عليه وسلم: "الماء طهور لا ينجسه شيء" رواه أحمد والشافعي وأبو داود والنسائي والترمذي وحسّنه، وقال أحمد: حديث بئر بُضاعة صحيح.
وأما حديث عبد اللّه بن عمر -رضي اللّه عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان الماء قلتين، لم يحمل الخبَث"(5). رواه الخمسة، فهو مضطرب سنداً ومتناً، قال ابن عبد البر في "التمهيد": ما ذهب إليه الشافعي من حديث القلتين، مذهب ضعيف من جهة النظر، غير ثابت من جهة الأثر.
السؤر
السؤر؛ هو ما بقي في الإناء بعد الشرب، وهو أنواع:
(1) سؤر الآدمي: وهو طاهر من المسلم والكافر والجنب والحائض. وأما قول الله تعالى: " إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ " التوبة: الآية 28. فالمراد به نجاستهم المعنوية، من جهة اعتقادهم الباطل، وعدم تحرزهم من الأقذار والنجاسات، لا أن أعيانهم وأبدانهم نجسة، وقد كانوا يخالطون المسلمين، وترد رسلهم ووفودهم على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدخلون مسجده، ولم يأمر بغَسل شيء مما أصابته أبدانهم، وعن عائشة -رضي اللّه عنها- قالت: كنت أشرب، وأنا حائض، فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فاه على موضع في . رواه مسلم.
2) سؤر ما يؤكل لحمه: وهو طاهر؛ لأن لعابه متولد من لحم طاهر فأخذ حكمه. قال أبو بكر بن المنذر: أجمع أهل العلم على، أن سؤر ما أُكل لحمه يجوز شربه، والوضوء به.
(3) سؤر البغل والحمار والسباع وجوارح الطير: وهو طاهر؛ لحديث جابر - رضي اللّه عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أنتوضأ بما أفضلت الحمُر؟ قال: " نعم، وبما أفضلت السباع كلها ". أخرجه الشافعي، والدارقطني، والبيهقي، وقال: له أسانيد إذا ضم بعضها إلى بعض، كانت قوية. وعن ابن عمر - رضي اللّه عنهما - قال: خرج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ليلاً، فمروا على رجل جالس عند مقراة(الحوض الذي يجتمع فيه الماء ) له، فقال عمر - رضي اللّه عنه -: أوَلغت السباع عليك الليلة في مقراتك؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " يا صاحب المقراة، لا تخبره، هذا متكلف؛ لها ما حملت في بطونها ولنا ما بقي شراب وَطهور" رواه الدارقطني، وعن يحيى بن سعيد، أن عمر صاحب الحوض، هل ترد حوضك السباع ؟ فقال عمر: لا تخبرنا، فإنا نرِدُ على السباع، وترد علينا رواه مالك في الموطأ ".
.
(4) سؤر الهرة: وهو طاهر؛ لحديث كبشة بنت كعب، وكانت تحت أبي قتادة، أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءاً، فجاءت هرّة تشرب منه، فأصغى لها الإناء، حتى شربت منه، قالت كبشة: فرآني أنظر، فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ فقلت: نعم. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات" رواه الخمسة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وصححه البخاري وغيره.
(5) سؤر الكلب والخنزير: وهو نجس، يجب اجتنابه؛ أما سؤر الكلب، فلما رواه البخاري، ومسلم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا شرب الكلب في إناء أحدكم، فليغسله سبعاً". ولأحمد، ومسلم لطهور إناء أحدكم، إذا ولغَ فيه الكلب، أن يغسله سبع مرات، أولاهنَّ بالتراب".وأما سؤر الخنزير؛ فلخبثه، وقذارته.


المصدر : موقع الشيخ ابراهيم محمود



يتبع ....
 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة





الماء المتغير بما يلازمه او بطول مكثه هل يشرع التطهر به ؟

السؤال :
كنا في بـر ولدينا ماء نظيف، ولكن إذا ملأت حوضا كبيرا منه لاحظت فيه صفار، وهذا الصفار من المكان الذي عبينا منه الماء وهو من أثر صدى ذلك المكان والرائحة لا أعلم إذا كانت متغيرة أو لا. السؤال: هل يجوز الوضوء من هذا الماء؟ وما حكم من توضأ منه وصلى لأنه أحيانا لا يوجد إلا هو فنتوضأ منه؟




الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الصفرة التي تشوب الماء المذكور ناشئة عن مكانه المستقر فيه ، فإنها لا تؤثر على طهوريته فيجوز استعماله في الطهارة من وضوء وغسل وغيرهما، فقد نص كثيرٌ من العلماء على أن ما تغير بما يلازمه أو بطول مكثه أو بقراره يعتبر من الماء الطهور، ولا يكون تغيره ذاك مانعاً من التطهر به ، لأنه مما تعم به البلوى فيصعب التحرز منه، ويشق صون الماء عنه.
ففي منار السبيل في الفقه الحنبلي : والمتغير بطول المكث] وهو الآجن. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه أن الوضوء بالماء الآجن جائز سوى ابن سيرين. وكذلك ما تغير في آنية الأدم والنحاس، لأن الصحابة كانوا يسافرون وغالب أسقيتهم الأدم وهي تغير أوصاف الماء عادة، ولم يكونوا يتيممون معها، قاله في الشرح. انتهى.
وفي التاج والإكليل على مختصر خليل في الفقه المالكي عند قول المؤلف : أو بمتولد منه أو بقراره : ابن يونس: حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم للماء بالطهر إلا أن يتغير أحد أوصافه ، قال عبد الوهاب إلا ما لا ينفك عنه غالبا مما هو قراره أو متولد عنه كما تغير بطين أو جرى على كبريت، أو تغير لطول مكث أو بالطحلب لأنه متولد عن مكثه. انتهى.
والله أعلم.




المصدر : مركز الفتوى الاسلامية












 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اختي
missing heart
واخي ابو ليث جزاكم الله خيرا على ما طرحتوه
جعلها الله في ميزان حسناتكم
 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

photos_06853275-BC2A-4E42-879F-FBFB34E262DF.jpg

 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

أحكام الغسل


عرفت مما سبق أحكام الطهارة من الحدث الأصغر ونواقضها؛ فكنت بحاجة إلى أن تعرف أحكام الطهارة من الحدث الأكبر؛ جنابة كان أو حيضا أو نفاسا، وهذه الطهارة تسمى - بالغسل - بضم الغين -، وهو استعمال الماء في جميع البدن على صفة مخصوصة يأتي بيانها‏.‏



والدليل على وجوبه‏:‏ قول الله تعالى‏:‏ ‏‏ {‏وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا‏}


وقد ذكروا أن الغسل من الجنابة كان معمولا به في الجاهلية، وهو من بقايا دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام فيهم‏.‏



وموجبات الغسل ستة أشياء، إذا حصل واحد منها؛ وجب على المسلم الاغتسال‏:‏



أحدها‏:‏ خروج المني من مخرجه من الذكر أو الأنثى، ولا يخلو‏:‏ إما أن يخرج في حال اليقظة، أو حال النوم، فإن خرج في حال اليقظة؛ اشترط وجود اللذة بخروجه، فإن خرج بدون لذة؛ لم يوجب الغسل؛ كالذي يخرج بسبب مرض أو عدم إمساك، وإن خرج في حال النوم، وهو ما يسمى بالاحتلام، وجب الغسل مطلقا؛ لفقد إدراكه، فقد لا يشعر باللذة؛ فالنائم إذا استيقظ ووجد أثر المني؛ وجب عليه الغسل، وإن احتلم، ولم يخرج منه مني، ولم يجد له أثرا؛ لم يجب عليه الغسل‏.‏



الثاني‏:‏ من موجبات الغسل إيلاج الذكر في الفرج، ولو لم يحصل إنزال؛ للحديث الذي رواه مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا قعد بين شعبها الأربع، ثم مس الختان الختان؛ فقد وجب الغسل‏)‏ فيجب الغسل على الواطئ والموطوءة بالإيلاج، ولو لم يحصل إنزال؛ لهذا الحديث، ولإجماع أهل العلم على ذلك‏.‏



الثالث‏:‏ من موجبات الغسل عند طائفة من العلماء‏:‏ إسلام الكافر، فإذا أسلم الكافر؛ وجب عليه الغسل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بعض الذين أسلموا أن يغتسلوا، ويرى كثير من أهل العلم أن اغتسال الكافر إذا أسلم مستحب، وليس بواجب؛ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر به كل من أسلم، فيحمل الأمر به على الاستحباب؛ جمعا بين الأدلة، والله أعلم‏.‏



الرابع‏:‏ من موجبات الغسل‏:‏ الموت، فيجب تغسيل الميت؛ غير الشهيد في المعركة؛ فإنه لا يغسل، وتفاصيل ذلك تأتي في أحكام الجنائز إن شاء الله‏.‏



الخامس والسادس‏:‏ من موجبات الغسل الحيض والنفاس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏وإذا ذهبت حيضتك؛ فاغتسلي وصلي‏)‏ وقوله تعالى‏:‏{‏فَإِذَا تَطَهَّرْنَ‏}‏ ‏ يعني‏:‏ الحيض يتطهرن بالاغتسال بعد انتهاء الحيض‏.‏


وصفة الغسل الكامل


- أن ينوي بقلبه‏.‏


- ثم يسمي ويغسل يديه ثلاثا ويغسل فرجه‏.‏



- ثم يتوضأ وضوءا كاملا‏.‏



- ثم يحثي الماء على رأسه ثلاث مرات، يروي أصول شعره‏.‏



- ثم يعم بدنه بالغسل، ويدلك بدنه بيديه، ليصل الماء إليه‏.‏



والمرأة الحائض أو النفساء تنقض رأسها للغسل من الحيض والنفاس، وأما الجنابة؛ فلا تنقضه حين تغتسل لها، لمشقة التكرار، ولكن؛ يجب عليها أن تروي أصول شعرها بالماء‏.‏



ويجب على المغتسل رجلا كان أو امرأة أن يتفقد أصول شعره ومغابن بدنه وما تحت حلقه وإبطيه وسرته وطي ركبتيه، وإن كان لابسا ساعة أو خاتما؛ فإنه يحركهما ليصل الماء إلى ما تحتهما‏.‏



وهكذا يجب أن يهتم بإسباغ الغسل؛ بحيث لا يبقى من بدنه شيء لا يصل إليه الماء، وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏تحت كل شعرة جنابة؛ فاغسلوا الشعر، وأنقوا البشر‏)‏ رواه أبو داود والترمذي‏.‏



ولا ينبغي له أن يسرف في صب الماء، فالمشروع تقليل الماء مع الإسباغ؛ فقد كان صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع؛ فينبغي الاقتداء به في تقليل الماء وعدم الإسراف‏.‏



كما يجب على المغتسل أن يستتر؛ فلا يجوز أن يغتسل عريانا بين الناس؛ لحديث‏:‏ ‏(‏إن الله حيي يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم؛ فليستتر‏)‏ رواه أبو داود والنسائي‏.‏


والغسل من الحدث الأكبر أمانة من جملة الأمانات التي بين العبد وبين ربه، يجب عليه أن يحافظ عليه، وأن يهتم بأحكامه؛ ليؤديه على الوجه المشروع، وما أشكل عليه من أحكامه وموجباته؛ سأل عنه، ولا يمنعه الحياء من ذلك؛ فإن الله لا يستحي من الحق، فالحياء الذي يمنع صاحبه من السؤال عن أمور دينه حياء مذموم، وهو جبن من الشيطان؛ ليثبط به الإنسان عن استكمال دينه ومعرفة ما يلزمه من أحكامه‏.‏


وأمر الطهارة عظيم، والتفريط في شأنها خطير؛ لأنها تترتب عليها صحة الصلاة التي هي عمود الإسلام‏.‏ سأل الله لنا ولجميع المسلمين البصيرة في دينه والإخلاص له في القول والعمل‏.‏





الملخص الفقهي للشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان غفر الله له ولوالديه
 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة


][`~*¤!| الَحًلَقُة الَثًالَثًة|!¤*~`][
الَحًلَقُة الَوٌعٌظُيِة وٌ الَکلَمًاتٌ الَتٌوٌعٌوٌيِة الَاصّلَاحًيِة.
كلمتنا اليوم ستكون عن الحجاب و شروطه، مع التذكير بخلق الحياء الذي أصل في المرأة لا ينبغي أن تنفك عنه و لا ينفك عنها، مع هو أصل في الرجال مما يحملهم على فعل المأمور و ترك المحظور، ننتظر مشاركة اخواننا الأفاضل و أخواتنا الفاضلات.
 
رد: حًلَقُة الََلََمًًة الََجّّزٍٍائريِِة

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أحيّ كل من الأختين missing heart
و كذلك الأخت فرح صاحبة الموضوع، و أنصحهم بالاستمرار و عدم الكل و لا المل، فهم على خير عظيم ما داموا منتفعات نافعات، و ما يأخذ الانسان من دنياه سوى ما قدمت يداه لأخراه، كما نتمنى مشاركة باقي الاخوة و الأخوات، و سأسعى مع بقية الطاقم الاداري لتوسعة نطاق الموضوع و القيام على تنظيمه بصيغة أكبر، كما أوصي كل مشارك معنا بمحاولة الاختصار في الاجابة والاقتصار على السؤال، حتى لا نُمل القارئ الكريم ممن يتابعنا على هذه الصفحات المباركة ان شاء الله، و التي نسأل الله أن تكون ذخرا لنا و حجة بين يديه، لا حجه علينا قائمة بما علمنا و لم نعمل به، فثمرة العلم العمل، و زينة القول الفعل، و مصداق الايمان و الاعتقاد الالتزام و الانقياد، و للمرء عبرة فيمن مضى من اخوانه و خلانه و أقرب الناس اليه ولم يولي لا يعقب، فالسعيد من وعظ بغيره و عمل لما بعد الموت، فاليوم عمل و لا حساب و غدا حساب و لا عمل.
وفق الله الجميع الى ما فيه رضاه.

 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top