التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }

لؤلؤة قسنطينة

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
13 أفريل 2013
المشاركات
14,618
نقاط التفاعل
54,535
النقاط
1,756
العمر
31
محل الإقامة
قسنطينة
الجنس
أنثى
do.php



تذآكِرُ مِن سينمآ الحيـــآة

do.php


التّذكرة الأولى: فيلم { خَلف قُضبآن النّدم }

التّذكرة الثانية: فيلم { آخِرُ أُمنية }

التّذكرة الثالثة: فيلم { دُموعُ اليآسمين }

(بالنسبة للتذكرة الثالثة اعتذر لم أكمل جزءها الأخير بسبب بعض الظروف ولوجود خلل ما ولكن أعد بإتمامها في القريب العاجل ان شاء الله)


التذكرة الرابعة
فيلم { أحبُّك أبّي }
do.php

في مساءِ يومٍ ربيعيّ هادئ تلونت سماؤه بحمرة الشمس وهي تغادر في كسل، يحبس المحامي فريد نفسه في إحدى زوايا البيت المفضلة لديه ألا وهي مكتبه حيث يحتضنه الهدوء والسكينة التي تساعده في انجاز عمله بإتقان، يقلّب بثقة أوراق الملّف الذي بحوزته ويلقي كل اهتمامه على القضية التي خُطّت تفاصيلها عليه، فبالرغم من أن سنه لم يتجاوز الخامسة والأربعين إلاّ أنه احتل مكانة كبيرة في عالم المحاماة وتمكن اسمه من الوصول لكلّ ربوع الوطن ومن اقتحام المحاكم من بابها الواسع وذلك بفضل ذكائه ورجاحة عقله واتقانه لعمله، فتحت فجأة زوجته الباب بهدوء ودخلت المكتب وهي تحمل طبقا به فنجان قهوة تصاعد البخار من فوهته، وضعته جانبا على طاولة المكتب وهي تلقي نظرة على زوجها الغارق في بحار قضية مبهمة، قاطعت عمله وهي تقول بهدوء مستفسرة عما يشغله{ هل تعمل على قضية جديدة؟} اكتفى بحركة بسيطة تدلّ على موافقته كلامها دون أن يضيف كلمة وكالعادة هي لم تنتظر منه توضيحا أكبر فلم يعتد على إخبارها بتفاصيل عمله من قبل فهمّت بالمغادرة لتفتح له مجالاً لمواصلة عمله وكي لا تعكّر ذلك الجوّ الذي يسوده الهدوء والتركيز التام فأوقفها قائلا {ما الذي يفعله الأطفال؟} فأجابت وابتسامة هادئة على وجهها {يجلسان أمام التلفاز ويشاهدان برنامجهما المفضل}، رفع يده بهدوء وسحب فنجان القهوة وارتشف منه القليل ثم قال {أخبريهما أن لا يهملا حلّ واجباتهما المدرسية} أومأت برأسها موافقة وأضافت قائلة {لا تقلق .. نصف ساعة فقط للراحة ثم سأرسل كل واحد منهما لغرفته لحل واجباته} حرّك رأسه مطمئنا لما قالته زوجته فهو يعتبر دراسة طفليه سامي وسارة أهمّ شيء في الحياة وعليه الاهتمام بمستقبلهما من الآن وهما لا يزالان في المدرسة الابتدائية حتى يكون المستقبل الزاهر كخاتم في اصبعيهما حين يكبران، حيث ستصبح سارة طبيبة ناجحة بينما سامي يكمل مشوار والده في المحاماة والذي صار طريقه ممهدا بعد الجهد والعناء الذي تكبده والده من أجله، استفاق من شروده على صوت زوجته وهي تستأذن بالانصراف فأشار لها بيده موافقا على ذلك، واصل عمله في تركيز تام محاولا فكّ ألغاز القضية الشائكة والمعقدة بينما يرتشف القليل من فنجانه اللذيذ الذي يزيده هدوءا وتركيزا، وبعد مرور فترة من الزمن رفع الفنجان مجددا ليجده خاويا لم تبقى سوى رائحة القهوة عالقة بجدرانه، وضعه بهدوء على طاولة المكتب وأزاح نظارته الطبية عن عينيه ووضعها جانبا ثم ابتعد بكرسيه للخلف قليلا وهو يدلّك كتفيه علّه يرمي بذلك الاعياء الذي يتشبث بمفاصله، قام باتجاه النافذة يسدل الستائر بعدما بدأ الظلام يحطّ رحاله في شوارع المدينة ثم اتجه نحو الباب وضغط على زر المصباح المجاور له لينير الغرفة .. فجأة سمع باب المنزل وقد فُتح منبّها بقدوم أحدهم ثم أُغلق بعد ثواني قليلة، وقف مستغرباً للحظات إلى أن جاءه صوتها وهي تحدّث الصغار في غرفة الاستقبال، {دنيا !} ألقى ببصره سريعا على الساعة المثبتة على الحائط والتي كانت عقاربها تشكل خطاً مستقيما يقسم الساعة نصفين مشيراً للساعة السادسة مساءاً ثم أضاف قائلا {ما الذي تفعله حتى هذا الوقت خارجاً؟} فتح الباب بهدوء وأخذ يراقبها مختلساً النظر فلمحها وهي تتجه لغرفتها ثم تغلق الباب خلفها، أغلق الباب بنفس الهدوء الذي فتحه به وعاد للجلوس بجوار مكتبه بوجه متجهم وهو يطرق بأصابعه بتوتر على سطح المكتب، ثم بعد دقائق من التفكير رفع نظارته الطبية ووضعها على أنفه وسحب الملف مجددا وهو يحاول الغوص في تلك القضية مجددا وكأن شيئا لم يكن، ربما لو كان اباً آخر لكانت ردّة فعله مختلفة ولربما كان صرخ بوجه ابنته واستفسر عن سبب بقائها خارجاً حتى هذا الوقت المتأخر ولكن بالنسبة لفريد فكل ما كان يهمه هو مستقبل ابنيه التوأمين سارة وسامي أما ابنته دنيا صاحبة السادسة عشرة ربيعا من زوجته المتوفاة فلم يكن يعيرها أي اهتمام يذكر وكأنها شبح أعتاد على وجوده داخل البيت فلا يستغرب من اختفائه ولا يتفاجأ عند رؤيته.
دخلت دنيا غرفتها بعدما أغلقت الباب خلفها بهدوء ووضعت حقيبة ظهرها الجلدية على سريرها بلطف على غير عادتها وكأن بداخلها كنزاً تخشى تلفه فقد كانت سابقا ترميها بعنف وكأنها تفرغ غضبها عليها، غيرت ملابسها بسرعة ثم جلست على طرف سريرها وابتسامة رقيقة تعلو شفتيها وهي تفتح حقيبتها بلهفة .. أخرجت منها علبة مربعة الشكل مزينة بشرائط حمراء مغلفة بورق هدايا أحمر اللون تعانقه رسومات قلوب لا يختلف لونها عن لون الشرائط وورق الهدايا، فتحتها بلطف لترى ما بداخلها فكانت النتيجة قارورة عطر لا يختلف لونها عن اللون السابق .. انعكس لون زجاجها على ما بداخلها حتى أصبح يوحي بأن العطر أحمر اللون، رشت قليلا من العطر على ظهر كفها وأخذت تستنشق رائحته الزكيّة بكل حواسها .. أخذت تمرّر أناملها على القارورة بلطف وابتسامة جميلة تزين وجهها وهي تتذكّر كلماته {أرجو أن تقبلي هديتي .. فقد عملت بجهد طول هذه الفترة فقط لأحضر لكِ هدية تليق بعيد ميلادك .. لم استعر النقود من والدتي بل عملت بجد حتى اثبت لكِ أنني رجل قادر على تحمل المسؤولية رغم صغر سني .. ولأثبت لكِ أنني مستعد لأكون زوجاً جيداً مستقبلا}، انتشلتها طرقات متتالية على باب الغرفة من بحر افكارها الذي كانت غارقة فيه فأسرعت بإخفاء الهدية وما يتعلق بها تحت غطاء سريرها فهي تعلم تماما صاحب هذه الطرقة المألوفة ثم ردت بتذمر{تفضل}، أطلت زوجة أبيها من باب الغرفة وقالت بنبرة آمرة {بما أنكِ غيرتِ ملابسك تعالي وساعديني في إعداد العشاء} ثم خرجت وهي تسحب الباب خلفها دون ان تنتظر إجابة دنيا فنبرتها الآمرة توحي بالإجابة مسبقا، تأففت دنيا بتذمر وهي تلعن زوجة أبيها بملامح غاضبة وما ان تذكرت الهدية النائمة تحت الغطاء حتى عادت السعادة لتحط رحالها على ملامحها مجددا ثم أخذت تربت على هديتها بحنان كأم تهدهد صغيرها بعدها انطلقت نحو المطبخ لتساعد زوجة ابيها.
اجتمعت اسرة فريد على طاولة الطعام لتناول العشاء ولكن كل فرد من هذه الاسرة كان يحلق في عالمه الخاص، دنيا تعبث بالطعام في ملل بملعقتها .. وزوجة الاب منغمسة في تناول طعامها بينما فريد يأكل بهدوء مراقبا صغيريه وهما يتبادلان اطراف الحديث، ربما استطاع فريد تأمين حياة مستقرة تتخللها بعض الرفاهية لينعم بحياة يمكن اعتبارها مثالية ولكنه لم ينجح في خلق جو الاسرة الدافئ، ففي كل اجتماع لأفراد الاسرة على طاولة الطعام إلا وكان الصمت ضيف شرف فيه .. فلولا صوت الصغيرين سارة وسامي لكان البيت أشبه بالمقبرة، انتبه فريد فجأة لشجار صغيريه فأنبهما وأمرهما بتناول الطعام في هدوء دون احداث ضجة تعكر الجو الهادئ الذي اعتاده عند تناول طعامه ولكنهما سرعان ما عادا للشجار مجددا، سألهما عن سبب خلافهما فأخبره سامي انه كان يذكّر اخته بالواجب المنزلي الذي أمرتهم المعلمة بإعداده وتقديمه غدا ولكن سارة اخبرته ان موعد تقديم الواجب هو الأسبوع المقبل ولهذا قام الخلاف بينهما استفسر فريد من سارة عما يحدث فهو يعلم انها اذكى من أخيها بكثير فقالت له بثقة{أمرتنا المعلمة بتسليم الواجب المنزلي يوم السابع والعشرين من هذا الشهر وهو يوافق الأسبوع القادم اما الغد فهو الواحد والعشرون} أجاب سامي باستغراب وهو يعد على أصابعه الصغيرة بدون فهم {هل اليوم هو العشرون من مارس؟؟ أظنني أخطأت التاريخ فعلا ...} فجأة سقطت ملعقة فريد على الطاولة بدون وعي منه بعد سماع تاريخ اليوم والذي يوافق العشرين من مارس .. رفع رأسه بهدوء باتجاه دنيا فوجدها توقفت عن العبث بطعامها وهي تنظر إليه بملامح باردة كالجليد تجنب نظراتها الجليدية ونظر بسرعة إلى زوجته فوجدها توقفت كذلك عن تناول الطعام وهي تحدق بوجهه بحزن، انزل رأسه مجددا ثم سحب المنديل ليمسح فمه وقام وهو يقول بصوت كئيب{ لقد شبعت} ثم غادر الطاولة باتجاه مكانه المفضل ومخبئه السري "مكتبه"، ادركت زوجته ما يحدث فمسحت شفاهها وضربت المنديل بعنف على الطاولة وقامت باتجاه غرفتها وهي تغلق بابها خلفها بعنف، اما دنيا فبقيت تحدق بالصغيرين الذين مازالا يتحاوران حول موضوع الواجب المنزلي دون ان يعيرا اهتماما لما يحدث حولهما فابتسمت ابتسامة ساخرة وهي تتمتم بهدوء {جميل ان لا تدرك ما يحدث حولك .. فأن يكون تاريخ ميلادك شبحا يخافه الجميع .. فهذا حقا مؤلم} تنهدت طويلا ثم قامت كذلك وذهبت باتجاه غرفتها دون ان تتناول طعامها.
اقترب فريد من طاولة مكتبه وهو يجر قدميه المرتعشتين .. رمى بجسده المرهق على الكرسي ثم وضع رأسه المثقل بذكريات الماضي الأليم على الطاولة مستندا على ذراعيه وهو يتنهد طويلا وكأنه يريد التخلص من كل تلك الذكريات التي تستمتع بوخز صدره، رفع رأسه بهدوء ليلمح إطار صورة نائماً على وجهه يخيل لمن يراه انه سقط بينما كان يتربع على سطح الطاولة ولكن فريد تعمد إخفاء الصورة بطرح الاطار على وجهه حتى لا يتمكن من رؤية صاحبة الصورة .. لا يريد ان يبعد الإطار عنه ويحتفظ به في أحب مكان على قلبه ولكنه في نفس الوقت يخشى مواجهة صاحبة الصورة، تأمل الإطار جيداً ثم استجمع شجاعته ورفعه بهدوء وهو يتأمل واجهته وقد زينتها صورة شابة جميلة رغم طبقة الغبار التي تغطي الصورة إلا ان جمالها واضح .. تشبه دنيا تماما في ملامحها غير ان صاحبة الصورة تميزها ابتسامة عذبة بينما ابنته دنيا يميزها وجه كئيب، مسح الغبار بيده عن واجهة الصورة ثم قرب الإطار ناحية صدره وهو مغمض العينين وكأنه يحتضنه.
أجل لقد أحبها حبا ليس له حدود كحب الزهور لقطرات الماء التي تعيد لها الحياة، كانت اجمل حلم يزوره كلما غفت عيناه يتمنى استمراره حتى في اليقظة او يتمنى ان لا يستيقظ منه أبدا، كان دائما ما يتخيلها في بيته بفستانها الأبيض الناصع وابتسامتها الرقيقة التي تذيب جدران قلبه وصوتها الهادئ الذي يبدو كصوت الكمان العذب فبذل كل جهده ووقته وصحته لتكتمل هذه الصورة يوما ما، أرادها ان تعيش كأميرة وسط بيته الصغير يستمتع برؤيتها وهي تروي الازهار والورود كل صباح وتستقبله بكلماتها الدافئة عند عودته كل مساء وتمكن في النهاية من تحقيق هذا الحلم بعد عناء طويل، فقد كانت بالفعل اميرة بيته ظن بوجودها انه يعيش في الجنة .. واكتملت فرحته يوم علم بحملها وان قطعة منها ستكون بين احضانه، تمنى في نفسه ان يرزقه الله بطفل يشبهها تماما في ملامحها .. في ضحكتها .. في حركاتها حتى يستمتع بوجودها مرتين، ولكن سعادته لم تدم طويلا وحطم القدر آماله وكسر طموحاته فقد أتى طفله الذي كان يحلم بحمله بين ذراعيه يحمل ملاح والدته كأنه نسخة عنها ولكن بالمقابل فقدها هي .. فقد نور عينه ونبضة قلبه وروحه التي تمده بالحياة، في اليوم الذي حمل فيه صغيرته دنيا بين ذراعيه ألقى زوجته تحت التراب وهو يفارقها بصرخات تشق القلب، ومنذ ذلك الحين ينبذ هذا التاريخ المشؤوم ولسوء الحظ يوافق يوم مولد صغيرته التي مازال يعتبرها سببا في وفاة والدتها.
استفاق من شروده وسيل من الدموع يبلل وجنتيه فدائما يتحاشى الحديث عن هذا التاريخ ويتجاهله ولكن اليوم كان اللقاء موجعا، مسح دموعه بيديه المرتعشتين ووضع الإطار جانبا وهو لا يزال يتأمل صاحبة الصورة جيدا وقد ظهر شبح ابتسامة على شفتيه {لقد مرّ وقت طويل .. لا تزالين كما كنتِ .. تحملين نفس الابتسامة العذبة ونفس الملامح الرقيقة} سكت قليلا وهو يتنهد بيأس ثم واصل حديثه قائلا {هل تعلمين ان ابنتك تشبهك تماما؟ .. لون الشعر .. والعينين .. والبشرة .. حتى نظراتها العنيدة .. إنها نسخة عنكِ .. أليس هذا ما تمنيتُه طويلا؟ امر مضحك ان اندم اليوم على هذه الأمنية .. لا ادري ان كان هذا هدية من القدر ام عقابا منه .. فاليوم اتحاشى النظر لوجهها فقط لأنها تشبهك .. فقط لأنها نسخة عنك .. بينما كنت سابقا أتمنى ان أرى ملامحك في كل مكان وكل زمان .. هل تعلمين .. ستة عشرة عاما مرت لم اضم يوما فيها ابنتي لحضني او أحدثها كأب وابنة .. اراها دائما السبب الأول والأخير في وفاتك .. ربما لا اكرهها فقد تزوجت ثانية فقط من اجلها.. فبعدما اصبح عملي يتطلب الذهاب في رحلات خارج المدينة صار القلق رفيقي فلا يمكنني ترك صغيرتي بمفردها فتزوجت حتى تكون لها ام تعتني بها} تنهد مجددا { لا ادري لما اخبرك بكل هذا وقد مرت كل هذه السنوات .. ربما لشعوري بالذنب؟ .. او لأنني اشكو لكِ احزاني؟ .. ترى لو لم يختطفك الموت ذلك اليوم كيف كانت ستكون حياتي اليوم وانتِ بجانبي؟ ..} انتظر الإجابة طويلا ولكن ما من مجيب، اغرورقت الدموع في عينيه مجددا فطرح إطار الصورة على وجهه مجددا فلم يعد قادرا على المواجهة ثم استند على ذراعيه من جديد وأطلق العنان لدموعه التي كانت تؤلم قلبه قبل عينيه.
استلقت على سريرها تداعب خصلات شعرها الناعمة في ملل، كانت سعيدة جدا بهديتها سابقا اما الآن فلم تعد تغريها بعد ما حدث على طاولة الطعام، كانت تظن ان والدها ينسى تاريخ ميلادها كل عام ولكن اليوم اتضح انه يتناسى تاريخ ميلادها .. لا بل يتجاهله وينبذه .. وكيف لا؟ ومولدها كلعنة خبيثة حلت على هذا البيت وسحبت السعادة من قلوب اهله واختطفت بهجتهم، ربما في كل انحاء العالم يعتبر عيد الميلاد يوماً مميزا بينما هي .. مولدها أسوء يوم في السنة، تنهدت طويلا وهي تتأرجح ذهابا وإيابا فوق سريرها وفجأة اهتز هاتفها فوق الخزانة الصغيرة بجانب سريرها .. مدت يدها باتجاهه وما أن قرأت اسم المتصل حتى قامت من مكانها بسرعة {إنه هو .. ارسل رسالة !} فتحت الرسالة في عجل وما أن بدأت عيناها تلتهم السطور حتى انعكست ابتسامة جميلة على وجهها {ما الذي تفعله الاميرة في هذا الوقت؟} جلست جلسة معتدلة وهي تجيب على الرسالة بسعادة {الاميرة تنتظر أميرها} انتظرت على أحر من الجمر رده وهي تعبث بهاتفها بتوتر فجاءها رده أخيرا {هل هذا الأمير يملك حصانا ابيض؟} ردت بمرح {بل يملك سيارة سوداء} انتظرت رسالته ولكن لا رد فجأة جاءها اتصال منه، اجابت على اتصاله بلهفة وعيناها تتراقص فرحا وقد أطرب صوته اذنيها وهو يضحك قائلا {إذن اميرك يركب سيارة سوداء؟ .. أيلبس الجينز أيضا؟ .. انتِ حقا مضحكة .. على كل حال هل اعجبتك هديتي؟}، بقيت ساكتة للحظات وهي شاردة تحدث نفسها {هو الوحيد الذي يهتم بي .. هو الوحيد الذي تذكر يوم مولدي .. هو الوحيد الذي عمل بجد ليحضر لي هدية .. وهو الوحيد الذي يسأل اذا اعجبتني الهدية .. كيف لا تعجبني وانا لا املك غيرها؟ .. كيف لا تعجبني وهي من طرفه؟ .. لا احد في هذا العالم يهتم بأموري غيره .. لا أحد .. كنت أقنع نفسي طوال هذه السنين بأن والدي ينسى عيد ميلادي ويتجنبني بسبب عمله ولكنني كنت أخدع نفسي .. هو لا يحبني .. أجل لا يحبني} استفاقت من شرودها على صوته وهو يسألها عن سبب صمتها فردت وهي تبتسم {لا شيء .. لقد شردت قليلا} .. { إذن لم تعجبكِ الهدية؟} فابتسمت وقالت بثقة {أي شيء يكون منك يعتبر كنزا بالنسبة لي}، استلقت على سريرها مجددا وواصلت الحديث معه وهي موقنة أنه لم يبقى لها أحد في العالم غيره.
يتبع ...

بقلمي لؤلؤة قسنطينة

ملاحظة: لقد تعمدت في هذه التذكرة ذكر أسماء بعض الشخصيات تلبية لطلب بعض الاعضاء، اتمنى ان تكون القراءة الآن اسهل
انتظر ردودكم مهما كانت، فانتقاداتكم تهمني جدا فأنا لا ازال مبتدئة

 
رد: التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }

حالياً الأعضاء النشيطين الذين يشاهدون هذا الموضوع: 8 (1 عضو و 7 ضيف)
مرحبا بالضيوف الكرام
اتمنى ان تروقكم كلماتي المتواضعة وترقبوا الجزء الثاني ربما سيوضع بعد قليل :)
تحياتي
 
رد: التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }

السلام عليكم
بالفعل انت كاتبة مميزة تستحق هذه القصة ختم التميز
والله يا اختي من اروع القصص التي قرأت مع قلتها
منذ الكلمة الاولى تتلهف للكلمة الثانية وهكذا حتى النهاية مع انها لم تنتهي
في الاول قلت انها طويلة لكن عندما بدأت بقرائتها تمنيت ان لا تنتهي ابدا
شكرا لك اختي والله غير مبدعة انت
ان شاء الله التكملة تكون قريبا
ربي يحفظك ختي
 
رد: التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }

السلام عليكم
بالفعل انت كاتبة مميزة تستحق هذه القصة ختم التميز
والله يا اختي من اروع القصص التي قرأت مع قلتها
منذ الكلمة الاولى تتلهف للكلمة الثانية وهكذا حتى النهاية مع انها لم تنتهي
في الاول قلت انها طويلة لكن عندما بدأت بقرائتها تمنيت ان لا تنتهي ابدا
شكرا لك اختي والله غير مبدعة انت
ان شاء الله التكملة تكون قريبا
ربي يحفظك ختي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا بيك خويا مالك نورتني بمرورك
شكرا ربي يحفظك على كلماتك التشجيعية راني نحاول كل مرة نحسن من المستوى تاعي
يعني مقارنة بكل قصة راني نحاول نطلع المستوى بشوي
واكيد ماكانش مكان نستشير فيه الغير ونسمع رايهم من غير اللمة
وفرحني جدا انها عجبتك نتمنى التكملة تكون في المستوى ان شاء الله
واي اخطاء تلاحظوها وول كانت صغيرة نتمنى تخبروني بيها خاطر بلا اخطاء مانقدرش نتعلم
بارك الله فيك خويا وكن بالقرب وعن قريب نوضع الجزء الثاني ويلحقو الثالث بإذن الله
تحياتي
 
رد: التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }

يا لروعة هذه القصة ما شاء الله لا قوة الا بالله، تملكين موهبة رااااااائعة
تمنيت لو أن القصة لا تنتهي ابداً، استمتعت كثيراً بقراءتها وتخيل الشخصيات
والوضعيات كان سهلاً جداً، الله لا يحرمنا روعة هالأنامل
تسلميلي حبوبتي، انتظر الجزء الثاااااني على أحر من الجمر
بارك الله فيكِ غاليتي ❤❤❤❤❤
 
رد: التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }

يا لروعة هذه القصة ما شاء الله لا قوة الا بالله، تملكين موهبة رااااااائعة
تمنيت لو أن القصة لا تنتهي ابداً، استمتعت كثيراً بقراءتها وتخيل الشخصيات
والوضعيات كان سهلاً جداً، الله لا يحرمنا روعة هالأنامل
تسلميلي حبوبتي، انتظر الجزء الثاااااني على أحر من الجمر
بارك الله فيكِ غاليتي ❤❤❤❤❤

اهلا بالغالية وبحبية القلب
شحال توحشتك وتوحشت نشوفك في المنتدى
الله لا يحرمنا من وجودك حبيبتي الغالية
وبارك الله فيك على كلماتك التشجيعية الرائعة والله لولا وجودكم ما نكتب حرف واحد
شكرا غاليتي سكون ربي يحميك والله كلماتك اسعدتني وفرحت انو كلماتي البسيطة
قدرت تلامس قلوبكم وتعجبكم ان شاء الله نحاول نحسن من المستوى اكثر
والجزء الثاني جاهز مازال الثالث فقط
واعتذر على التذكرة الثالثة كي ماكملتهاش كان عندي خلل فيها لكن نوعدك تكون جاهزة بإذن الله عن قريب
شكرا مجددا حبيبتي على مرورك وكوني بالقرب فوجودك يبهجني
تحياتي
 
رد: التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }

سلام عليكم
قصة رائعة و مميزة شكرا لك و بارك الله فيك
اكثر ما راق لي هو العنوان ما شاء الله
دمت و دام قلمك
في امان الله
 
رد: التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }

سلام عليكم
قصة رائعة و مميزة شكرا لك و بارك الله فيك
اكثر ما راق لي هو العنوان ما شاء الله
دمت و دام قلمك
في امان الله

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكرا حبيبتي الله يسعدك ويفرحك
ومرورك اجمل واروع، والعنوان ان شاء الله يكون يختصر ضمون القصة
وان شاء الله البقية تكون في المستوى
شكرا حبيبتي على تشجيعك وعلى كلامك الراقي
اسعدني جدا ان القصة نالت اعجابك
كوني بالقرب غاليتي فهذا يسعدني

 
رد: التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }


الجزء الثــاني
do.php

[FONT=&quot]{سيدي هل أغلف لك الهدية؟} استفاق فريد من شروده فوجد صاحب المحل يسأله في تعجب فابتسم وحرك رأسه موافقا، وبعد انتهاء صاحب المحل من عملية التغليف وضع الهدية في كيس أنيق وسلمه لفريد بعد استلامه الثمن منه، ركب فريد سيارته ووضع الهدية في الكرسي المجاور له وهو يتأملها بابتسامة هادئة {علي ان اصلح ما حدث البارحة وما حدث طول هذه السنوات .. ربما أخطأت في حقها وحرمتها من حناني لمدة طويلة ولكن اليوم علي ان أكون الاب الحنون الذي يهتم بصغيرته .. وستكون هذه الهدية أول خطوة نحو قلب ابنتي} تأمل ساعته جيدا .. لا يزال أمامه ربع ساعة تقريبا قبل خروج ابنته من الثانوية، حرك مقود السيارة واتجه نحو مدرستها لينتظر خروجها.[/FONT]
بعدما دق الجرس معلنا نهاية اليوم الدراسي خرجت دنيا من باب الثانوية وهي تمرر عينيها بين وجوه الواقفين، وما أن لمحته واقفا حتى اشرقت ابتسامة جميلة في وجهها مسحت غيوم الحزن والقلق عنه، اقتربت منه بسرعة وأخذت تحدثه بلهفة ممزوجة بالخجل بينما لم تدرك ان هنالك من يراقبها من بعيد في تعجب.
لمح فريد ابنته وهي تحدث شابا لا يبدو عليه أنه يدرس في الثانوية بل يبدو أكبر من ابنته ومن بقية الطلبة ولكن ما علاقته بابنته؟ هل ابنته تخون ثقته وترافق شابا متشردا كهذا؟، بدأت ملامح الغضب تكسو وجهه بعدما كان سعيدا ومتحمسا للقاء ابنته .. تأمل الهدية الموجودة في سيارته ثم رماها بعنف للخلف وحرك المقود وذهب بسيارته بعيدا دون ان يبدي أي ردة فعل يمكن ان يبديها أي اب عادي.
عادت دنيا للبيت وخيوط السعادة نسجت على وجهها ابتسامة رقيقة .. هادئة انعكس جمالها على عينيها فصارتا تتلألآن كجواهر براقة، لقد كانت الدقائق القليلة التي جمعتها به كفيلة لنثر زهور السعادة على قلبها، فتحت الباب بهدوء وما أن دخلت حتى مُسحت ابتسامتها لتحل محلها ملامح الدهشة، لقد كان والدها ينتظرها .. يقف امامها عاقدا ذراعيه امام صدره وملامح الغضب واضحة على وجهه يتطاير شررها من عينيه، نزعت حذاءها بهدوء وذهبت باتجاه غرفتها وهي تتجاوزه دون ان تعيره اهتماما فجأة جاءها صوته الغاضب {دنيا}، توقفت مكانها واستدارت لتجده مقابلا لها لا يزال عاقدا ذراعيه وقد قست ملامحه اكثر، تأففت في ملل وقالت { ماذا تريد؟ .. انا متعبة وأريد ان ارتاح في غرفتي}، تأملها للحظات وهو مستغرب من وقاحتها فأجابها وهو يحدق بعينيها {من ذلك الشاب الذي كنتِ برفقته أمام المدرسة اليوم؟}، استغربت دنيا وتفاجأت من معرفة والدها بما حدث اليوم ثم سريعا ما عادت ملامحها الجليدية لوجهها وقالت ببرود تام {أحد زملائي في الدراسة .. لماذا تسأل؟}، فأجابها والدها {كفاكِ كذبا .. الشاب اكبر منك ويستحيل ان يكون زميل دراستك .. لا اعلم حقا في ما تفكرين؟ .. لا تنسِ انك فتاة .. ألا تهمك سمعتك ونظرة الناس لكِ؟} ظهرت ابتسامة ساخرة على وجهها كأنها تقول من خلالها {هل تهمك سمعتي ونظرة الناس لي ام سمعتك ونظرة الناس لك؟}، بقي يحدق بها وملامح الدهشة قد غزت وجهه {كيف يمكن لها ان تواجهني بهذه الملامح الباردة؟ .. كيف لها ان لا تحترمني وان لا تعير كلامي اهتماما؟ .. من يرى طريقة كلامها يظن انها تكلم صديقاً وليس والدها .. هل تكرهني لهذا الحد؟} {هل انهيت كلامك؟ .. يمكنني المغادرة الآن؟} استفاق من شروده على صوتها فظل يحدق بها جيدا ثم سمح لها بالمغادرة .. فذهبت مباشرة باتجاه غرفتها، رفع رأسه ليلمح زوجته تطل من باب المطبخ وقد استغربت سماع صراخ زوجها قبل قليل .. بادلها فريد نظراته الحزينة ثم ذهب باتجاه مكتبه لينفرد فيه مع نفسه المتعبة.
اجتمعت الاسرة على طاولة الطعام كالعادة والأفضل ان لا نسميها اسرة فكل يوم تزداد الفجوة بين افرادها لتصبح كثقب اسود يبتلع كل ما ينتمي لكلمة اسرة، كانت دنيا تتناول طعامها بهدوء ولا تزال محافظة على هدوئها وكأن شيئا لم يحدث .. زوجة ابيها تمرر عينيها مختلسة نظرة خاطفة عليها وعلى زوجها أحيانا فلا تدري ما الذي حدث بينهما في المساء ولا تتجرأ على سؤال زوجها عن سبب شجاره مع ابنته فهي تعلم أنه لا يحب ان يتدخل أحد في اموره الخاصة حتى ولو كانت زوجته، اما فريد فكان يحمل الملعقة بين أصابعه دون ان يتناول ما تحمله من طعام فكلما يقربها من فمه حتى ترن كلماتها في اذنيه فيشرد بعيدا .. رفع فجأة عينيه وهو يتأملها بملامح حزينة فانتبهت دنيا لنظراته فبادلته نظراتها الباردة التي لا تدل على أي مشاعر تحملها اتجاهه ثم تنهدت بتذمر وقامت من مكانها مدعية الشبع واتجهت نحو غرفتها، ظل فريد يراقبها وهي تبتعد وقد زاد حزنه وألمه {ألا تتحمل رؤيتي؟ .. هل بقاؤها معي في نفس الغرفة يزعجها؟ .. كنت أود ان افتح صفحة جديدة معها بتقديمي تلك الهدية لها ولكن .. نظراتها تدل على أنها لا تتحملني ولا تريد أي شيء مني .. إنها تكرهني بلا شك} أعاد ملعقة الطعام لصحنه دون ان يتناول شيئا وقام من مكانه باتجاه مكتبه متحججا بعمل ينتظره ولكنه كان يهرب من واقعه .. يريد الغوص في عمله ويرهق جسده فقط للهروب من هذا الواقع التي لا يكف عن تمزيق قلبه يوما بعد يوم.
مرت الليلة مظلمة .. كئيبة .. باردة وموحشة على فريد كأنها ليلة في القبر فما حدث له مع ابنته اليوم كان كفيلا بفتح جرح لم يندمل بعد، وجاء صباح الغد مبهجا بزقزقة عصافيره الشجية ومشرقا بشمسه الدافئة التي تبعث بنورها الامل في قلوب اليائسين، ولكن هذا الصباح واليوم بأكمله كان مؤلما ومظلما تماما كالليلة السابقة، كان يحاول فريد العمل فيه باجتهاد ويحاول الغوص في قضيته المبهمة ولكنه لم يستطع .. لقد ظل خيط أفكاره مشدودا مع ابنته وقلبه حزينا لأنها تتجنبه وتتجاهله وربما تكرهه، زفر بضيق وهو يبتعد عن طاولة مكتبه بكرسيه المتحرك ثم قام باتجاه النافذة يراقب الأطفال وهم عائدون من مدارسهم في مرح يحملون على ظهورهم حقائب أكبر من اجسادهم الصغيرة، ابتسم للحظة مما رآه ثم سريعا ما عاد الحزن زاحفا تاركا آثاره على وجهه فقد تذكر صغيرته التي لم يشعر أبدا كيف تجاوزت مرحلتها الابتدائية والمتوسطة فقد كان في تلك الفترة كآلة عاملة خالية من أي مشاعر، يشغل نفسه بعمله ويرهق جسده عمدا حتى ينال التعب منه ليلا فينام ويهرب من هذا العالم الموجع الذي اختطف اقرب شخص على قلبه "زوجته" تاركا إياه يتلوى ألما ويتجرع كأس الفقد الذي يروي اوجاعه يوما بعد يوم، تنهد بيأس وقد اشتعل لهيب الذكريات في عقله ثم رفع راسه باتجاه الساعة الحائطية التي كانت تشير إلى الساعة الرابعة وأربعين دقيقة ..لم تبقى سوى عشرون دقيقة وتنتهي الفترة الدراسية لدنيا، ظل شاردا يفكر لدقائق ثم سحب فجأة مفاتيح سيارته وخرج ووجهته الثانوية.
كانت هنالك زحمة في الطريق ازعجت فريد الذي كان يتمنى ان يصل للثانوية قبل ان تغادر ابنته، وبعد مدة من السير وصل فلمح فوجا قليلا من الطلبة يغادرون الثانوية مما يدل أنه قد وصل في الوقت المناسب، ظل يقلب عينيه بحثا عن صغيرته فلمحها فجأة تخرج من الباب وهي تحدث زميلاتها ثم ودعتهم وذهبت باتجاه سيارة سوداء وهي تحدث سائقها بسعادة، استغرب فريد في بادئ الأمر ما تفعله ابنته ثم فجأة رآها تتجه لباب السيارة المجاور للسائق وتركب السيارة، فاتسعت عيناه دهشة مما يراه {من هذا الذي تركب بجواره؟؟ .. هل هو شاب الأمس أم أنها على علاقة بشاب آخر؟} أحس بدمه يغلي في عروقه كبركان على وشك الانفجار فترجل من سيارته وهو لا يرى بين عينيه سوى تلك السيارة السوداء التي تحضن ابنته بداخلها.
كانت دنيا تحدث الشاب الذي يجاورها بسعادة فقد كانت تتنظر انتهاء الفترة الدراسية فقط لتراه، فجأة فُتح باب السيارة أمامها بعنف فاستدارت مستغربة واتسعت عيناها دهشة بعدما رأت اباها يقف أمامها وملامح وجهه الغاضبة لا تبشر بالخير، سحبها من ذراعها بقوة وهو يخرجها من السيارة ثم دخل السيارة ليجلس بجوار الشاب وأمسك بتلابيبه يكاد يخنقه مهددا إياه بعينين ناريتين {إياك أن تقترب من ابنتي مجددا .. وإياك أن اراك برفقتها مجددا وإلا سأمحيك من هذا العالم} ثم دفعه بعيدا عنه وخرج من السيارة ساحبا ابنته من ذراعها بعنف.
كانت زوجة فريد تعد طعام العشاء بينما صغيريها يشاهدان التلفاز في غرفة الاستقبال، فجأة لمحت من نافذة المطبخ زوجها وهو يركن السيارة في الحديقة واستغربت لرؤية دنيا برفقته فهذه أول مرة يكونان فيها معا بمفردهما .. تركت ما بيديها فورا واتجهت نحو الباب لتفتحه، اقترب فريد من باب المنزل وهو يجر دنيا كأضحية قبل ذبحها تحاول الإفلات من قبضته ولكنه يشد عليها أكثر وما أن لمح زوجته عند الباب تنتظره وعلامات الاستفهام على وجهها حتى صرخ في وجهها قائلا {اذهبِ لغرفتك حالا !}، ارتعبت زوجته من صراخه واسرعت باتجاه غرفة الاستقبال واصطحبت ابنيها معها لغرفتها وأغلقت الباب خلفها وهي لا تعلم ما يحدث، أما فريد فدخل وهو لا يزال يسحب ابنته إلى أن دخل غرفتها ورماها بعنف على سريرها وهو يرفع سبابته في وجهها مهددا إياها {اسمعيني جيدا لقد جربت معك الطرق المسالمة وكنت أظن أنك فتاة واعية ومسؤولة عن تصرفاتها تفهم بالحوار ولكن اتضح العكس .. فأنت لا تزالين فتاة مراهقة مدللة لا تعلم ما يجري حولها .. أخبرتك سابقا أن لا تقابلي ذلك الشاب ولكنك تعاندينني وتهملين كلامي .. أليس لكِ ضمير؟ .. أليس لكِ عقل تفكرين به؟ .. ألا تعلمين أن وقوفك مع هذا الغريب يسيء لسمعتك؟} فجأة تدخلت دنيا وهي ترفع صوتها أثناء حديثها {بل أنت من تخدع نفسك بأوهامك .. منذ متى كان لك اهتمام بي وبسمعتي؟ .. أنت لا تهتم سوى بنفسك .. بمكانتك في المجتمع.. بأحاديث الناس عنك .. أنت أناني} وما كادت تكمل الجملة حتى تلقت صفعة قوية على وجهها جعلته يصطدم بالوسادة، قال فريد بنبرة صارمة آمرة {يبدو أنك تحتاجين لإعادة تربية .. ولكِ ذلك .. حتى وان اضطرني ذلك لضربك .. هل تسمعين؟ } ثم خرج من الغرفة وهو يصفع بابها خلفه بعنف تاركا ابنته تدفن وجهها في وسادتها وتغرقها بدموعها.
دخل فريد مكتبه وأغلق الباب خلفه ووقف يتأمل يده المرتعشة .. فهو لا يصدق أنه رفع يده في وجه صغيرته وهو الذي يرفض العنف كليا ويدعو دائما للحوار في كل تعاملاته ولكن كلماتها كانت قاسية مستفزة لا يجب أن تقولها ابنة لأبيها .. أجل كان يجب تأديبها حتى لا تعيد الكرة مرة أخرى، اما دنيا فبعد بكائها الطويل ظلت مستلقية على سريرها شاردة تتأمل سقفه في حزن وجسدها ينتفض بين الحين والآخر بسبب البكاء الكثير، فجأة اهتز هاتفها الذي لا يزال داخل حقيبتها .. أخرجته متثاقلة وهي تتأمل اسم المتصل دون ان تتغير ملامحها الحزينة ثم أجابت عليه{نعم}، جاءها صوته في الهاتف {كيف حالكِ؟؟ .. هل آذاك والدكِ؟ .. بعد الذي حدث كنت قلقا عليك خاصة بعدما رأيت نظراته النارية .. يبدو شخصا عنيفا} ردت دنيا بسرعة {والدي ليس عنيفا .. ولكن الموقف كان صعبا عليه} {ماذا؟؟ .. صعبا عليه؟ .. دنيا هل أنت معه أم معي؟ .. والدكِ هذا كاد يخنقني بيديه المتصلبتين ولكنك لا تبالين بما اشعر وكل ما يهمك هو والدكِ .. أظن أنني كنت مخطئا حين فكرت في الاتصال بكِ .. حسنا اعتني بوالدكِ العزيز بينما أنا أتلوى من الألم الذي سببه لي .. إلى اللقاء} أوقفته دنيا بسرعة {ارجوك لا تغلق الخط .. أنا آسفة .. أنا متوترة قليلا مما حدث ولذلك لا أعي ما أقول .. ارجوك سامحني} قال بتكبر {اممم .. حسنا سامحتك} {والآن ماذا علينا أن نفعل؟؟ .. سيكون لقاؤنا صعبا وربما مستحيلا وأنا لا اريد ذلك} أحس بالحزن في صوتها فاغتنم الفرصة ورد بصوت كئيب {أريد أن اراكِ أنا أيضا ولكن لن أخاطر بحياتي .. من يدري ربما أتلقى هذه المرة لكمات عنيفة على وجهي .. تهديده كان مخيفا .. دنيا .. أظن أنه أمامنا اختيارين لا ثالث لهما ..إما أن نفترق وإما .. أن نهرب معا} تفاجأت دنيا من كلامه الذي لم تتوقعه وردت قائلة {لا أريد أن نفترق .. وكذلك الهرب من بيتي ليس حلا .. ما رأيك لو .. لو نتزوج؟} رد صارخا {ماذااا؟؟؟ نتزوج؟؟ هل جننتِ؟ .. أتزوج فتاة في السادسة عشرة من عمرها؟؟ .. كفاكِ غباءاً} ردت بصوت متردد كأنها تريد إقناعه أو كسب رضاه فهي لا تقوى على فراقه{لا أقصد أن نتزوج الآن ولكن على الأقل تكلم مع والدي حتى يدرك أنك شاب صالح يريد ابنته كزوجة} {هل تمزحين؟؟ .. كيف يمكن أن أكلم والدك بعد الذي حدث؟ .. أكيد سيضربني هذه المرة .. واضح أنه يكرهني ولا اريد افتعال المشاكل معه .. اسمعيني جيدا دنيا .. أنا انسان صريح ولدي مبادئ لذلك عليك أن تقرري فلا وقت لي لانتظار المجهول .. إما أن نهرب معا وآخذك لبيتي فكما تعلمين أنا أعيش مع والدتي بمفردنا ثم بعدما يهدأ والدكِ أتقدم لخطبتكِ وتكون حياتنا طبيعية .. وإما أن نفترق .. والقرار لكِ .. فإذا وافقتي على المجيء معي ستتغير حياتك وسأكون انا المسؤول عنك من اليوم فصاعدا ولن يتحكم والدك بحياتك أبدا .. أما إذا رفضتي فلن تري وجهي مجددا وأتمنى لك السعادة مع غيري .. فما رأيك؟} سكتت دنيا لبعض الوقت وهي تفكر فيما يقوله .. فماذا لو ذهبت للعيش مع والدته؟ ليس أمرا سيئا كما كانت تتوقع على الأقل ستبتعد عن هذا البيت الذي كان طول السنوات الماضية أشبه بمقبرة يسكنها الاحياء .. كما أنها لا تريد الابتعاد عنه .. فهو الوحيد الذي يهتم لأمرها ويساهم دائما في صنع ابتسامتها التي هجرت وجهها منذ سنين .. يساندها .. يخفف عنها .. حتى والدها نفسه اهملها، شردت قليلا ثم أجابت بثقة {حسنا سأذهب معك ولكن ماذا علي أن أفعل؟} ابتسم ابتسامة مخيفة بعدما سمعه وكأنه انتصر أخيرا .. ابتسامة لو رآها وحوش الأرض لفزعوا .. ثم قال {أولا ستبقين في بيت والدكِ أسبوعا آخر وخلال هذا الأسبوع عليك أن تلتزمِ بما يقوله وتطيعي أوامره حتى يظن أنك استسلمت تماما وحتى يكف عن مراقبتك ويضع ثقته فيك مجددا .. كما أننا لن نلتقي خلال هذه الفترة سنتواصل بالهاتف فقط} ظلت دنيا تستمتع لما يمليه عليها من أوامر وهي تحاول تنفيذ خطته بتفاصيلها الصغيرة فقد استطاع في النهاية نسج شباكه الوهمية حول عنقها منتظرا الفرصة المناسبة للانقضاض، وحدث تماما ما تم التخطيط له .. التزمت دنيا بمواعيد عودتها للبيت كما لم تعد عنيفة في تعاملها مع أبيها أو زوجته مما اثار استغراب والدها فتغيرها المفاجئ كان أمرا غير متوقع ولكنه في نفس الوقت لم يشك في تصرفاتها بل استسلم تفكيره إلى أنها قد ندمت على ما فعلته سابقا خاصة أنه راقبها عند خروجها من المدرسة مرتين متتاليتين وكانت النتيجة إيجابية .. فهي تعود للبيت مباشرة بعد خروجها ولا تلتقي ذلك الشاب، سعد فريد كثيرا بالتطور الذي يحدث مع ابنته ودعا الله أن تتحسن الأحوال بينهما وان تعود ابنته لحضنه مجددا.


يتبع..

بقلمي لؤلؤة قسنطينة
 
رد: التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }

تابعييييييي، تحمست للجزء الثالث .. ❤❤❤
 
رد: التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }

تابعييييييي، تحمست للجزء الثالث .. ❤❤❤

اهلا بالغالية
رايحة نحاول نكمل كتابة الجزء الثالث اليوم واذا ماقدرتش بالاك غدا نوضعو
بإذن الله
شكرا لتشجيعاتك حبيبة قلبي ربي يحميك


ماشاء الله

اهلا بيك حبيبتي
اشكرك على مرورك العطر وعلى كلماتك التشجيعية
ان شاء الله تكون القصة فعلا في المستوى وعجبتك
كوني بالقرب عزيزتي

 
رد: التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }

السلام عليكم

ألحقـــــي نفسك قبل فوات الأوان​
 
رد: التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }

السلام عليكم

ألحقـــــي نفسك قبل فوات الأوان​

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا بيك اخي نورت بمرورك العطر
من تلحق نفسها قبل فوات الاوان؟

 
رد: التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }

ما شاء الله
أعجبتني كثيرا مرونتك في الربط بين الأحداث
أتمنى لك المزيد من الإبداع
 
رد: التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }

الجزء الثالث والأخير
do.php


وجاء اليوم المنتظر .. أو اليوم الموعود وغيرها من المفردات التي أطلقها فريد وابنته على هذا اليوم فهو يوم تنفيذ ما خُطط له منذ مدة، ففريد خرج في الصباح الباكر وذهب إلى المحكمة لحضور الجلسة التي تعب في تفكيك قضيتها طول الفترة السابقة وقد عزم بعد انتهائها أن يأخذ زوجته وابناءه في نزهة جميلة تنسيه وتنسي عائلته ما مر عليهم من حزن وشقاء فبعد التطور الذي لاحظه في ابنته وتجاوبها مع أوامره مؤدية دور الابنة المطيعة حان دوره ليكون أبا تحتمي تحت جناحيه أسرته السعيدة، أما دنيا فكانت تنتظر قدوم هذا اليوم بفارغ الصبر وقد خططت له قبل أسبوع كامل .. اغتنمت غياب والدها لتعد حقيبتها وتجمع داخلها كل ما يلزمها من ثياب وأدوات مدرسية فقد كانت تظن أن صديقها الذي ستهرب برفقته سيسمح لها بمواصلة الدراسة وسيوفر لها جو الراحة والرفاهية التي وجدتها في بيتها .. فبالرغم من غياب الحنان والدفء داخل بيتها إلا أن اباها قد وفر لها كل ما تحتاجه وما لا تحتاجه فقط لتعيش كالأميرة، حملت حقيبة ظهرها على أحد كتفيها .. تأملت وجهها جيدا في المرآة بعدما رتبت شعرها وغرتها المتناثرة على جبينها .. حملت ورقة بيضاء مطوية تنام على مكتبها كانت قد خطت بعض الحروف عليها سابقا .. ثم فتحت الباب بهدوء لتسمح لشق صغير بالظهور واختلست النظر منه باحثة عن زوجة أبيها فاكتشفت أنها في المطبخ تعد الطعام .. اغتنمت فرصة انشغالها وفتحت الباب لتغادر غرفتها وقبل ان تخرج تأملت غرفتها جيدا وكأنها تودعها فبالرغم من أن هذه الغرفة قد شهدت دموعها اكثر من ضحكاتها إلا أنها تحبها فهي من كانت تحتويها في اصعب لحظات حياتها .. تنهدت بحزن ثم خرجت من الغرفة وهي تغلق بابها خلفها بهدوء.
بينما هي تقترب من باب الخروج تذكرت الورقة التي تحملها بين يديها أين ستضعها يا ترى؟؟ .. تذكرت المكان الذي يحبه والدها ويقضي معظم وقته فيه "مكتبه" سيكون أفضل مخبئ لرسالتها .. اتجهت نحوه وفتحت بابه بهدوء ولحسن الحظ لم يكن مغلقا بالمفتاح ربما نسي والدها اغلاقه، دخلت إليه وهي تتأمله لأول مرة .. أجل هي ابنته وتعيش معه في نفس المنزل ولكنها لم تدخل هذا الباب من قبل .. ففي الفترة التي عاشت فيها في هذا البيت لم تكن تتجرأ حتى على الاقتراب من والدها الذي ينبذها فكيف تقترب من عرينه؟؟ وهو كالأسد يحميه ويرفض من يدخل خلفه حتى ولو كانت زوجته وبالكاد يسمح لها بحملة تنظيف داخله بين الحين والآخر، تأملت المكتب جيدا وهي تبحث عن مكان يمكن لرسالتها ان تكون فيه واضحة للعيان فلم تجد غير طاولة المكتب .. اقتربت منها بهدوء وهي تحاول فرز الأوراق عليها لتضع رسالتها وفجأة لمحت إطار صورة ينام على وجهه على عكس باقي الصور، تذكرت فجأة اسطورة هذا الاطار وقد سمعتها في احد الأيام على لسان زوجة ابيها وهي تحدث احدى قريباتها عن اطار صورة يضعه زوجها في مكانه المفضل ولكنه يأبى رؤية صاحب الصورة، رفعت الاطار بهدوء وقد انتابها الفضول لما يوجد بداخله حتى لمحت صورة والدتها عليه .. اتسعت عيناها دهشة ثم اغرورقت بالدموع ورفعت الاطار بهدوء وهي تتحسس وجه والدتها المختبئ خلف زجاجه بأناملها .. قبلت صورتها بحنان ووضعت الإطار في وضعية صحيحة بدلا من طرحه على وجهه ثم ثبتت رسالتها خلفه {أكيد سيعيد والدي طرح إطار الصورة على وجهه مجددا عندها سيكتشف رسالتي خلفه حتما}، بقيت تتأمل المكتب جيدا لأول مرة وآخر مرة ثم خرجت منه بنفس الهدوء الذي دخلت به، لبست حذائها بسرعة وتأملت أرجاء البيت بنظرات خاطفة ثم خرجت مغادرة بيتها الذي احتواها ستة عشرة عاما كاملة .. لو أن البيت كان ينطق لبكى دما على فراقها وهي عاشت بين احضانه كجنين داخل بطن أمه .. ولكن دنيا رحلت .. رحلت لتحقق أحلامها الوردية وتبني قصور طموحاتها في حديقة الأمل ولم تكن تعلم أن حديقتها يتربص بها ذئب تسايل لعابه وهو يراقب فريسته في هدوء فهو يريد أن ينقض عليها كما تنقض العنكبوت على فرائسها وكيف لا وهي مدرسة في اصطياد الفرائس .. تبني شباكها الوهمية الشفافة في تناسق تغري فريستها لتلفها حول عنقها في اول فرصة ثم تستمتع بتعذيبها على مهل كقاتل محترف .. وكانت دنيا ترقص على شباك العنكبوت المغرية دون أن تعلم ذلك.
عاد فريد للبيت في المساء مبتهجا فقد ربح القضية كما اعتاد دائما وها هي قضية أخرى يضمها لسلسلة انتصاراته العظيمة، دخل البيت يدندن بكلمات أغنية ما دليلا على سعادته وتوجه مباشرة للمطبخ يلقي نظرة على القدر وما فيها من طعام استغربت زوجته تصرفاته فلم تعتد على زوجها يلفه المرح بهذه الطريقة وحتى دخوله للمطبخ بحثا عن الطعام ليس من عاداته .. فابتسم لها وقال {اليوم هو مولد جديد .. مولد لأسرتي السعيدة} ابتسمت زوجته وردت قائلة {هل أجهز لك الطعام؟} فحرك رأسه علامة النفي وهو يلقي بقطعة لحم في فمه سحبها من القدر ثم قال {لا اريد طعاما .. كل ما عليك فعله ان تذهبي لتغيير ملابسك وملابس الصغار فسنخرج في نزهة .. ولا تنسي اخبار دنيا} استغربت زوجته للحظةهذا العرض المفاجئ ثم ابتسمت مجددا وقالت {حسنا سأجهز الأطفال حالا .. ستكون سعادتهم كبيرة حين يعلمون أننا سنخرج في نزهة .. أما دنيا فلم أرها منذ البارحة حتى انها لم تتناول غداءها بعد فقد طرقت بابها مرارا وتكرارا عندما نضج الطعام ولكنها لم ترد فخشيت أن ازعجها بينما هي نائمة فاليوم يوم عطلة} استغرب فريد من كلام زوجته ثم قال {حسنا اذهبِ وايقظيها ان كانت نائمة فأنا أريد ان نذهب جميعا للنزهة .. مهلا .. سأذهب أنا لإيقاظها}، خرج فريد من المطبخ باتجاه غرفة ابنته وهو لا يزال يدندن بمرح بينما بقيت زوجته تتأمله وتتأمل التغيير المفاجئ الذي حصل له ثم ذهبت باتجاه غرفة الأولاد مبتسمة.
طرق فريد باب غرفة ابنته طرقات متتالية ولكن ما من مجيب .. شعر بالقلق ففتح الباب بهدوء وبشق صغير يسمح له بإدخال رأسه فقط لاختلاس نظرة سريعة على ما تفعله ابنته .. ولكنه لم ينتبه حتى وجد نفسه يقف بكامل جسده داخل الغرفة وعيناه تتسعان دهشة بعدما وجد سرير ابنته خاويا .. فارغا مرتبا {أين ذهبت دنيا؟ .. غرفتها فارغة .. ولا أثر لها في البيت منذ البارحة .. هل يعقل؟؟} اتجه مسرعا نحو خزانة ملابسها يفتحها فوجد جزءا كبيرا من ملابسها قد اختفى .. أسرع نحو مكتبها وفتح درجه فلم يجد أثرا لأدواتها المدرسية .. حتى حقيبة ظهرها التي تأخذها معها إلى أي مكان قد اختفت .. هل فعلتها حقا؟ .. مستحيل !
كانت زوجة فريد تمشط شعر ابنتها سارة بهدوء بينما سامي يغلق أزرار قميصه بمرح فجأة فُتح الباب بعنف ودخل فريد والشرر يتطاير من عينيه وهو يصرخ {أين دنيا؟} أجابته زوجته وهي مستغربة من انقلاب حاله هكذا {ما الذي يحدث يا فريد؟} رد فريد بغضب {وتتساءلين ما الذي يحدث؟؟ .. أخبرتكِ أين دنيا ؟؟ .. غرفتها فارغة .. واختفت ملابسها .. اين ذهبت البنت؟} زوجته بخوف {ماذا؟؟ .. ربما خرجت لشراء بعض الحاجات .. أو ربما ذهبت للمبيت عند رفيقتها .. ما رأيك أن تتصل ببعض صديقاتها ربما تجدها عندهم ؟ .. فقد سجلت من قبل بعض الأرقام لصديقات دنيا ممن كن يتصلن بها في هاتف المنزل} استعاد فريد بعضا من هدوئه خاصة عندما تذكر أن ابنته لم تأخذ كل ملابسها وبالتالي قد تكون فعلا ذهبت لزيارة احدى صديقاتها ولكن لما لم تخبره بذلك؟ تنهد فريد وقال {حسنا .. دعينا نتصل بصديقاتها} وبالفعل أسرعت زوجته في احضار السجل وقام بالاتصال بجميع صديقاتها اللواتي كانت ارقامهن مسجلة ولكن ما من أمل فكل واحدة منهن أكدت أنها لم ترى دنيا منذ البارحة، عاد الغضب ليطرق مساميره على وجه فريد الذي قد توصل لفكرة واحدة وهي ان ابنته خرجت دون ان تخبره بوجهتها وعند عودتها سيوبخها بشدة .. ولكنه لم يفكر مطلقا في أن تكون قد هربت مع الشاب الذي رآها بصحبته منذ فترة فقد كان هذا الأخير ذكيا عندما أمر دنيا بالاعتدال في تصرفها حتى يبعد فكرة الهروب من المنزل برفقته عن تفكير والدها وقد نجح في ذلك.
دقت ساعة الحائط ثمانية دقات متتالية رافقها عقرب الساعة الكبير وهو يشير إلى الثانية عشرة بينما الصغير يشير للرقم ثمانية مما يدل أنها الثامنة، كان حينها فريد يتجول في الغرفة ذهابا وإيابا وقد تحول غضبه لقلق يلسع قلبه كلما مرت ساعة أخرى فابنته لم تعد بعد، فجأة حمل مفاتيح سيارته من سطح الطاولة وخرج محدثا زوجته {سأذهب للبحث عنها}، وظل فريد يتجول بسيارته كالمجنون في كل شوارع المدينة المتلألئة بأنوار الاعمدة الكهربائية وواجهات المحلات .. يبحث عن صغيرته في كل مكان وهو يدعو الله في داخله أن يجدها او يصله اتصال من زوجته تخبره بعودتها للبيت ولكن ما من أمل.
دخل البيت بعدما تجاوزت الساعة الحادية عشرة ليلا فوجد زوجته تنتظره وهي قلقة، تأمل وجهها ينتظر أن يرى فيه بصيص أمل يبشر بعودتها ولكن من دون فائدة، ارتمى على الأريكة بيأس وهو يغطي وجهه بيديه في ألم .. أحضرت له زوجته كوب ماء حتى تخفف عنه التعب والتوتر ولكنه رفض شرب أي شيء، رفع رأسه يتأمل ساعة الحائط وقد بدت له عقاربها تركض ركضا وكأنها تستمتع بإحراق قلبه على ابنته كلما مرت دقيقة إضافية، {أين ذهبت يا ترى؟ .. لقد بحثت عنها في كل شوارع المدينة ولم أجدها .. ما الذي حدث لها يا ترى؟ .. هل أتصل بالشرطة؟} ردت زوجته {لا يمكن للشرطة أن تباشر عملها إلا بعد مرور أربع وعشرين ساعة وبعد مرور كل هذا الوقت ســ ....} ثم قطعت كلامها حتى تتحاشى غضبه، فجأة اخرج هاتفه من جيبه {حسنا .. سأكلم أحد معارفي وهو ضابط شرطة ومركزه عظيم .. سيساعدني من دون شك ولن أضطر للانتظار حتى بعد مرور أربع وعشرين ساعة} وبالفعل تحدث إلى الضابط وأخبره الضابط انه سيباشر بالبحث عنها فورا وإذا كان هنالك جديد سيعلمه بذلك.
ظل فريد طول الليل ساهرا يتفحص هاتفه بين الحين والآخر منتظرا اتصالا من صديقه الضابط وأحيانا يفكر فيما قد يحدث لصغيرته ويتخبط بين أفكاره التي تغرقه في كوابيس مخيفة ثم تنتشله كغريق مازال في قلبه أمل بالنجاة .. بينما ظلت زوجته جالسة بجانبه بعدما تأكدت من نوم صغيريها وهي تغفو بين الحين والآخر رافضة الذهاب للنوم حتى تبقى بجانب زوجها إلى أن غط كلاهما في نوم عميق، وفي الصباح اشرقت الشمس برفق تطرق اشعتها زجاج النوافذ برقة لتتسلل فيما بعد وتتربع على وجه فريد النائم بعمق .. استفاق فجأة متضايقا من اشعة الشمس وهو يمسح عينيه بكسل ويدلّك كتفيه فقد كان النوم متعبا ولكنه لم يتذكر ما حدث حتى لمح زوجته وهي تنام مثله في وضعية غير مريحة حينها تذكر ما حدث البارحة فأغمض عينيه متألما وقد ظن أنه مجرد كابوس سينتهي عن قريب ولكنه للأسف حقيقة .. تأمل الساعة فوجدها تشير للسابعة صباحا .. تفقد هاتفه فربما يكون صديقه الضابط قد اتصل به دون أن ينتبه لذلك ولكن ما من أمل .. قام فجأة وحمل سترته بين يديه وسحب مفاتيح السيارة وخرج من الغرفة .. فجأة استيقظت زوجته بسبب حركة زوجها ولما لم تجده بجانبها قامت تبحث عنه فوجدته يرتدي حذائه متأهبا للخروج .. وما أن أحس فريد بوجودها حتى نظر إليها بنظرة منكسرة وقال بصوت حزين {سأذهب للبحث عنها} ثم خرج دون ان يضيف كلمة أخرى، تنهدت زوجته بحسرة وهي تحدث نفسها {ما الذي يحدث معي؟ .. منذ زواجي لم أنعم بأسبوع هادئ يخلو من المشاكل .. وكل هذا بسبب ابنته المدللة .. إلى متى سنظل هكذا؟؟} تنهدت مجددا بتذمر وذهبت باتجاه المطبخ لتعد الحليب لصغارها قبل استيقاظهم، وضعت الحليب على النار وريثما يجهز أخذت ترتب المطبخ فوجدت حقيبة عمل زوجها لا تزال على طاولة الطعام .. استغربت للحظة سبب وجودها هنا ثم تذكرت أن زوجها قد دخل بها البارحة للمطبخ فور عودته من العمل وبما أنه ذهب مباشرة لغرفة دنيا لتفقدها فإنه لم ينتبه لحقيبته خاصة بعد المصائب المتتالية التي وقعت بعد ذلك، تنهدت مجددا وهي تحمل حقيبته وتذهب بها اتجاه مكتبه فلم يعتد إلا على وضعها هناك ثم فتحت مقبض الباب ظنا منها أنها ستجده مغلقا لتعود خائبة ككل مرة ولكنها فوجئت به يُفتح، اتسعت عيناها دهشة وهي ترى الباب يفتح امامها .. هل تدخل؟؟ ماذا لو عاد ووجدها بداخله؟ سيوبخها بلا شك فهو لا يحب لأحد ان يدخل لمكتبه إلا بحضوره .. ولكنها ستضع الحقيبة فقط وتخرج ولن تتلصص على خصوصياته، حركت رأسها موافقة بعدما توصلت لنتيجة بعد حوار بينها وبين نفسها ثم دخلت بخطوات سريعة متجهة نحو طاولة المكتب لتضع عليه حقيبة زوجها فهو لن يشك انها هي من وضعتها هنا وسيظن انه هو من فعل ذلك خاصة بعد ما مر به البارحة من مشاكل قادر على إعدام الكثير من ذكرياته، وبينما هي تضع الحقيبة انتبهت لإطار الصورة الواقف على قدميه بينما اعتادت رؤيته دائما ينام على وجهه ثم اتسعت عيناها دهشة بعدما لمحت صورة امرأة بداخلها {من هذه؟؟ .. لم أرى صورة لها من قبل في البيت .. هل هي قريبة فريد؟ .. ولكن مهلا إنها نسخة عن دنيا .. أجل تشبهها تماما ولو لم تكن الصورة قديمة لظننت أنها دنيا .. هل يعقل أن تكون زوجته السابقة؟؟ .. مستحيل .. إذن لا تستطيع نسيانها يا فريد وقد مر على وفاتها ستة عشرة عاما كاملة .. ولا تزال محتفظا بصورتها حتى الآن .. لماذا؟ .. لماذا؟} اشتعلت الغيرة في قلب زوجة فريد بالرغم من ان صاحبة الصورة متوفاة ولكن المرأة حين تعمي الغيرة قلبها تصبح عمياء البصر والبصيرة كذلك، كانت تود في لحظة ان ترمي بالاطار ارضا بكل قوتها لتكسر زجاجه ولكنها تراجعت عند آخر لحظة وامسكت به بعنف وهي تطرحه على وجهه مجددا بغضب .. فجأة لمحت ورقة مثبتة خلفه .. هل يعقل ان يكون زوجها يخبئ رسائل زوجته أيضا؟ .. انتابها الفضول ففتحت الورقة لتتفاجأ أنها من دنيا .. قرأت كلماتها بسرعة ودهشة ثم خبأتها في جيب فستانها وخرجت من المكتب وهي تغلق الباب خلفها.
عاد فريد للبيت كئيبا خائبا مكسور الجناحين لا يدري ما يفعله .. فلا هو يجد صغيرته ولا صديقه يبشره بما يريح صدره .. ما الذي سيفعله يا ترى؟، اقتربت منه زوجته وجلست بجانبه وقالت بصوت هادئ {هل أجهز لك الغذاء؟ .. إنها الثالثة عصرا ولم تتناول شيئا} فحرك فريد رأسه يمينا ويسارا بحزن مشيرا لعدم رغبته في تناول شيء .. فتنهدت زوجته وظلت جالسة ومحافظة على سكوتها ولكن ضجيج عقلها وافكارها كان صاخبا {هل أخبره يا ترى بتلك الرسالة؟؟ .. لو أخبرته قد يوبخني لأنني لم أعلمه بوجودها من الأول .. وإذا عادت دنيا للبيت قد تخبره بأنها وضعت الرسالة في مكتبه وبالتالي سيعلم أنني تسللت لمكتبه دون ان استأذنه في ذلك ولا أدري ما قد يفعله بي .. أظن انه علي الاحتفاظ بصمتي أحسن وسأترك البقية على رجال الشرطة ففي النهاية لن تفيدهم الرسالة بشيء}، ثم أخرجت الزوجة تنهيدة طويلة كبركان يخرج رمادا بسبب حمم يعجز عن طرحها خارجا وظلت تراقب زوجها في صمت إلى أن اشارت الساعة إلى الخامسة مساءا .. عندها قطع رنين هاتف فريد جو الهدوء والاكتئاب في الغرفة، رفع فريد هاتفه بلهفة وزادت سرعة دقات قلبه حين لمح رقم الضابط .. أجاب على اتصاله بيدين مرتعشتين {نعم فريد يتكلم .. بخير شكرا .. هل من جديد عن ابنتي؟ .. ماذا؟؟؟ مستشفى؟؟ .. ما الذي حدث لابنتي ارجوك طمني .. حسنا سآتي فورا} ثم أغلق هاتفه بسرعة وهو يحاول ارتداء سترته مستعدا للخروج، سألته زوجته {ما الذي حدث؟} رد فريد بتوتر {سأذهب للمستشفى فقد وجدو دنيا} قامت زوجته {سأذهب معك} فريد بعصبية {لا وقت لدي لانتظارك .. فلا اعلم حتى كيف حالها} فردت زوجته وهي تركض باتجاه غرفتها {دقائق فقط لأحضر شالا يحميني من برد المساء وسآتي} وبعد دقائق قليلة اقبلت زوجته راكضة وهي تلف الشال حول كتفيها بعدما مرت على طفليها وأخبرتهما أن لا يفتحا الباب لأي أحد حتى يعودا، ركب فريد وزوجته السيارة وذهبا باتجاه المستشفى وكان الصمت سيد الموقف.
دخل فريد المستشفى راكضا وزوجته تتبعه وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة حتى لا تضيع أثره إلى أن وجدا الضابط بانتظارهما فأمرهما فوراً باللحاق به دون أن يضيف كلمة مما جعل فريد يحترق قلقا وخوفا من القادم ثم تبع الضابط بصمت وهو يتوغل بين أروقة المستشفى إلى أن وصل لآخرها ثم نزل لآخر طابق وفريد يكاد قلبه يقفز من فمه من شدة الخوف ربما لم يصمت لأن الضابط يريد ذلك فقط ولكنه رفض الكلام خوفا مما سيخبره به وفجأة توقف الضابط أمام الباب المطلوب "مصلحة حفظ الجثث" كانت صدمة قوية صاعقة كصفعة عنيفة تلاقها فريد على قلبه بدل وجهه، ارتعشت قدماه واتسعت عيناه وفقد القدرة على الكلام وهو يتأمل اللافتة وما كتب عليها ثم تبع الضابط بهدوء وهو يدخل الغرفة حتى قابلته جثة مستلقية على سرير مسطح به عجلات وقد لف جسدها بغطاء أبيض ناصع رغم بياضه الشديد إلا انه كان مخيفا ومرعبا تهتز الانفس من منظره، اقترب فريد بهدوء وقرب يده المرتعشة ليرفع الغطاء عن وجه الجثة .. وبحركة بسيطة سقط على الأرض باكيا وهو يغطي وجهه بكلتا يديه، أجل لقد كانت دنيا هي الضحية .. من يراها يظنها نائمة وهي لا تزال تحتفظ بجمال وجهها الطفولي الذي لم تشوهه رائحة الأموات بعد ولكنها للأسف قد فارقت الحياة، كانت زوجة فريد تحاول مواساة زوجها وهي تكتم دموعها فلم تتوقع أن تصل الامور لهذه الحال، {لقد انتحرت} جاء صوت الضابط وكلماته كصدمة أخرى ولكنها كانت أخف من سابقتها ثم تابع حديثه تحت عيون فريد الباكية المتفاجئة {لقد وجدنا جثتها قبل قليل تحت جسر وهي ملقاة في النهر وما اثبت لنا أنها حالة انتحار هي شهادة أحد المزارعين وقد رآها وهي تلقي بنفسها من أعلى الجسر وبالتالي خبر الشرطة عند ذلك .. ثم البقية معلومة .. ولحد الآن لا نعلم سبب الانتحار .. ولكن مازال التحقيق قائما لا تقلق} ظل فريد محتفظا بسكوته دون أن يضيف كلمة فما فائدة التحقيق الآن وقد ضاعت ابنته من بين يديه وها هو يراها جثة هامدة بلا حراك، فجأة مدت زوجته يدها له وهي تحمل ورقة بيضاء وقالت {هذه آخر رسالة من دنيا} اختطفها فريد بسرعة من يدها وأخذ يلتهم الحروف بلهفة ودموع عينيه تزداد غزارة .. يتحسس الحروف بأصابعه كأنه يحضن ابنته ويسمع صوتها {إلى ابي .. ربما هذه أصعب كلمة أنطقها في حياتي .. بالنسبة لمن اعتاد حنان الاب وعطفه ورحمته فلن يشعر بقيمة هذه الكلمة وهو ينطقها كل يوم دون اهتمام كأنها لقب عادي اعتاد عليه لسانه .. أما بالنسبة لي .. كفتاة حرمت من حنان والدها وحتى من رؤيته .. حرمت من حنانه وهو يغطي جسدها في ليلة شتاء باردة ثم يطبع قبلة دافئة على جبينها بينما هي نائمة .. حرمت من مشاكسته وهو يشاهد برفقتها التلفاز وكل منهما يشجع فريقا مختلفا ليغيض كل منهما الآخر لتنتهي المباراة باحتضانه لها .. حرمت من ابتسامته يوم نجاحها وهو يصفق بحرارة مفتخرا "هذه ابنتي" .. حرمت حتى من نظراته .. من خوفه عليها .. هل تعلم؟ ..كنت أتعمد أحيانا العودة للبيت متأخرة فقط لألمح ذلك القلق في عينيك .. فقط لأسمع منك كلمة "إني أخاف عليك يا عزيزتي" .. أحيانا امتنع عن تناول الطعام فقط لألمح طيفك يطل من باب غرفتي يسألني ما بي ويفزع حين قلقي .. كنت أحيانا اتعمد البقاء تحت المطر لأصاب بالبرد فأبقى طريحة الفراش فتعتني بي وتبقى ساهرا طول الليل بجانبي .. ولكن .. لم يحدث شيء .. حتى أنني مثلما حرمت من حنانك في الواقع حرمت منه في حلمي فكانت أحلامي كلها كوابيس .. لذلك فبالنسبة لي كلمة أبي هي لقب لشخص مثالي في هذا الكون ولكنني حرمت منه .. لذلك سأبتعد عن البيت الذي لم يطعمني الحنان والعطف كبقية الأطفال .. سأهرب من البيت وسأذهب للعيش برفقة الشاب الذي رأيتني معه آخر مرة فهو الوحيد الذي يهتم لأمري ويحزن لحزني ويفرح لفرحي .. ولكن هل تعلم شيئا .. بالرغم من أن هذا الشاب يحبني إلا أنني تركت هذه الرسالة عمدا فربما يحن قلبك وتبحث عني وتعيدني لحضنك ولكن الأمل ضعيف .. لذلك سأرحل من بيتك الذي تلقت فيه العناء والحرمان .. وقد لا أعود مجددا سأبحث عن سعادتي التي حرمت منها في بيتك لأجدها في مكان آخر أكثر رحمة .. ومن يدري ربما يكون بيننا لقاء قريبا .. ولكن في الأخير بالرغم من أنك لم تعتبرني ابنتك يوما إلا أنني .. أحبك أبي} احتضن فريد الرسالة باكيا كطفل رضيع ضاع عن والدته جسده ينتفض من كثرة البكاء وأنينه يشق القلب كأنه مريض ذاق الوجع ثم قال بصوت متقطع {لماذا يا ابنتي؟ .. لماذا تعاقبينني بهذه الطريقة؟ .. لقد كنت أخطط لكي تعود علاقتنا أفضل من ذي قبل ولكنكِ لم تمنحيني الفرصة .. لماذا؟} فجأة سحب الضابط الرسالة وقرأها بسرعة ليفهم محتواها ثم قال وهو يتنهد {إذن أظن أن سبب الانتحار واضح ننتظر تقرير الأطباء فقط .. ولكن بما أنك تعرف الشاب الذي تحدثت عنه ابنتك في الرسالة فقد تفيدنا في القبض عليه} سكت فريد قليلا وتوقف بكاؤه وهو لا يزال مرميا على الأرض ويلقي براسه على ركبتيه ثم قال بعدما رفع رأسه ويديه معا مشيرا للضابط {هل يمكنك القبض علي؟؟ .. فأنا من قتلت ابنتي}.


ربما تلاحظون أن هذه القصة تحمل في جعبتها عبراً بدل العبرة الواحدة أهمها حب الأب لابنته وحب الإبنة لأبيها ولكن ظروف الحياة لم تسمح لخلق هذا الجو الجميل بالاضافة لفجوات خلقها الطرفان كانت سببا في حدوث كارثة .. لكن أتحدث عن كل العبر التي ضمتها القصة وسأترك المجال لعقولكم الثرية بالافكار الايجابية تكتشف وتستمتع باستنتاج عبر هذه القصة.


do.php


بقلمي: لؤلؤة قسنطينة
أنتظر رأيكم النهائي في القصة، واقتراحاتكم وانتقاداتكم البناءة
فلا تبخلوا علي بردودكم ^^
 
رد: التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }

ما شاء الله
أعجبتني كثيرا مرونتك في الربط بين الأحداث
أتمنى لك المزيد من الإبداع

اهلا بيك حبيبتي نورتِ بمرورك العطر
الله يحفظك والله كلامك شهادة اعتز بها
ان شاء الله نكون في المستوى ومانخيبش ظنكم ابدا
ربي يحفظك
تحياتي
 
رد: التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }

لأول مرة تبكيني قصة، فيها من العبر وما شاء الله عليكِ وكالعادة
أبدعتي في سردها وجعلتني اشعر وكأنني أرى تلك الشخصيات بوضوح
وما حدث لدنيا هو أعظم درس يجب على فتياتنا ان ياخذوا العبر منه
بارك الله فيكِ عزيزتي لؤلؤة على هذه القصة الممتعة
الله يجزيكِ الجنة
انتظر جديدكِ على أحر من الجمر
ربي يحفظك واشوفك كاتبة مشهووووورة جداً ربي يسعدك
 
رد: التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }

مميزة
حقااا ربي يوفقك و يكون معاك للنهاية
 
رد: التّذكرة الرابعة: فيلم { أحبُك أبي }

لأول مرة تبكيني قصة، فيها من العبر وما شاء الله عليكِ وكالعادة
أبدعتي في سردها وجعلتني اشعر وكأنني أرى تلك الشخصيات بوضوح
وما حدث لدنيا هو أعظم درس يجب على فتياتنا ان ياخذوا العبر منه
بارك الله فيكِ عزيزتي لؤلؤة على هذه القصة الممتعة
الله يجزيكِ الجنة
انتظر جديدكِ على أحر من الجمر
ربي يحفظك واشوفك كاتبة مشهووووورة جداً ربي يسعدك

اهلا بحبيبتي نورتيني دائما تشجعيني الله يحميك من كل سوء
وسلامة عيونك غاليتي دموعك غالية عليا والله
شكرا والله اخجلتني بمدحك مع انني مبتدئة :$
وبارك فيك الرحمن حبيبة قلبي
وربي يجازيك بالمثل وزيادة
وشرف كبير لي ان تتباعني صاحبة الحروف الذهبية والانيقة :love01:
ههههه ان شاء الله وسيكون الاهداء خاص بكِ لأنك من تشجعينني :)

ربي يحميك ان شاء الله ويشفيك عزيزتي
ويخليك نجمة من نجوم المنتدى المضيئة
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top