رسالة من رجل ميت -- لحطية

MiRInGI ALGeRia

:: عضو مُتميز ::
بائع عملات معتمد
إنضم
23 جويلية 2017
المشاركات
778
نقاط التفاعل
153
النقاط
24
محل الإقامة
alg
الجنس
ذكر
صديقي العزيز

إنه لمن دواعي سروري أن أحمل القلم بين أناملي لأكتب لك، خارقا بذلك كل القوانين الفيزيائية و ضاربا بالمنطق عرض الحائط ، فكيف يكون من المنطق أن يكتب لك شخص ميت ؟
أما بعد فليس الموت سيئا كما يظن الناس , فأن تموت خير من أن تعيش على هامش الحياة مسلوب الإرادة. دعني أحكي لك قصتي مع الموت الذي لطالما كنت من مريديه ، حتى أتت تلك اللحظة التي قررت فيها الإنتحارو هأنذا الآن أبعث لك خطابي من مثواي الأخير و أنا أشعر برضى غريب لم أشعربه طيلة حياتي، فحينما تستقر في القاع، كل أطرافك مشلولة و ذلك الضغط الرهيب يقبع على صدرك فإنك لا تخشى شيئا، و تعانق الموت مرحبا لأنه لا شيء لديك لتخسره ، و لا يمكنك أن تغير شيئا فأنت لا تملك ترف الإختيار.
عشت ميتا لست و عشرين سنة ، بمنأى عن الحياة ، أعتزل الناس حتى أغيب فلا يلاحظ أحد ذلك ما عدا مراقب الغياب في العمل الذي كانت أساريره تتهلل و يشعر بفرح عارم كلما غبت كونه يعلم أنه ستتم معاقبة هذا المخلوق المقيت ؛الذي هو أنا؛ ، أظهر فلا يهتم أحد ثم أعود إلى عزلتي المقدسة و أتكوم على نفسي في وضعية الجنين ، آكل ليس للأني أشتهي الطعام بل لأن الضرورة تقضي بذلك ، و قد كنت راضيا بإنتظار الموت هذا ؛ لأنه لايمكن أن نسمي هذا حياة ؛ إلى أن جاءت تلك اللحظة التي خفق فيها شيء في صدري و إنبعثت في الحياة ، وفجأت صرت أعرف أن هناك ما يستحق أن تحيا لأجله، فكفرت بالموت الذي كان مذهبي و نقضت حكم الموت الإجتماعي الذي كنت راضيا به.
كان ذلك بسببها أول شخص يشعرني أنه يحس بوجودي أول ِشخص يحبني ، لا أدري صراحة كيف أحبتني فحتى أنا لم أكن قادرا على حب نفسي ثم إنهم يقولون أن المرأة لا تعشق إلا شاعرا أو مجنونا ، يا لها من قولة عبثية فهل يجن الرجل إلا بسبب الحب و أنى له أن يكون شاعرا إن لم ينهل إلهامه من نبع الحب فكيف لها أن تحب شخصا يحيى الحب مع غيرها ، المهم أنها أحبتني لكن من سخرية القدر أن الموت كان يتربص لي هنا أيضا فهذا الحب كان حبا يحتضر قبل ولادته ، فكيف يحيى و هو بينيو بين إمراة مقبلة على الزواج و قد بلغت مبلغا لايمكنها التراجع بعده في ظل مجتمعنا الجميل الذي يسلبك الحرية حتى في إختيار شريك حياتك . تم زواجها و كان الموت يسحبني إليه يوما بعد يوم إلى أن قررت هي أن تجهز علي و تطلق رصاصة الرحمة نعم لقد كان الشخص الذي منحني الحياة هو نفسه من سلبها مني ، قتلتني حينما قررت أن تمحو وجودي من الكون فمفهوم الموت عميق جدا أعمق من أن يستوعبه الأحياء ، يظن الناس أن الموت مرتبط بالجسد المادي فحينما يرحل نموت لكني أظن أن هذا خطأ شنيع فكم من جسد مادي يعيش معنا لكن لا حياة فيه ، إن الموت الحقيقي موت الروح فكم من أجساد عمرت الأرض ثم مضت فلم يعرف أحد أنها وجدت قط بينما لا يمكن لأحد أن ينكر وجود روح غاندي أو هيراقليطس أو غيرهما من تلك الأرواح العظيمة تعيش بيننا الآن و في كل واحد منا. هي قتلتني حينما منعتني من العيش في وجدانها ، حينما قررت النسيان ..
آسف يا عزيزي لقد فقدت الرغبة في الكتابة فقد تذكرت أنه لا جدوى من ذلك ، تماما مثلما أيقنت أنه لا جدوى من الحياة بدونها فقررت الرحيل و إستسلمت للموت تاركا إياه يجذبني إلى القاع
وداعا يا صديقي ولا تحاول كتابة رد لأن خطابك لن يصل لأنه أولا لا عناون لنا نحن الموتى و ثانيا لأنه كما يقال
قد أسمعت إذا ناديت حيا ** لكن لا حياة لمن تنادي
 
أخي مصدر الدخل نتاعك من النت ؟؟؟؟؟؟
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top