۩ سلسلة العـلم و أثره في تزكية الـنُّـفوس 6 ۩( القرآن الكريم كلام رب العالمين هو كتاب التزكية) )

ابو ليث

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
8 جانفي 2010
المشاركات
10,466
نقاط التفاعل
10,283
النقاط
356
محل الإقامة
الجزائر
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد
مما سبق علمنا من خلال المثالين الجليلين الذين ضربهما الامامَين العظيمَين الأجري و إبن قيم الجوزية (رحمهما الله) مدى أهمية مجاهدة النفس و ترويضها على الطاعة، و أن ذلك هو سبيل نجاة صاحبها لا غير، و أن من ترك الترويض حيث ينبغي أن يكون وقته خسر يوم يفوز الناس و هلك يوم ينجون، و كان حقا لهذين المثلين أن يكونا توطئة لما قبلها من القواعد (القاعدة الأولى و الثانية) لكن تأخرا بقدر الله؛ لأني صممت التوسع في الموضوع أكثر لما له من بالغ الأهمية، و لكثرة الاقبال عليه فإخترت في الحديث عنه الرجوع لأكثر من مصدر، عسى أن تجتمع الفائدة أكثر و عسى الله أن يجعل هذه السلسلة نبراسا للسالكين و سراجا منيرا يضيئ درب التائبين الأيِبين بعد التيه و البعد و الحرمان، ينهلون منه أطيب الفوائد و أرقى المعاني و أصح الكلام و أنفعه، كيف لا يكون ذلك كله والله سبحانه وتعالى يقول : ( وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) [الشمس:1-10 ] ؛ تأملوا رعاكم الله هذا القسَم بهذه الآيات العظيمة والمخلوقات الكبار الدالة على عظمة الله جل وعلا، يُقسم بها عز وجل في أمرٍ جَلَل وعظيمٍ للغاية ، يقسِم جل وعلا بهذه الآيات على أن من زكى نفسه أفلح، ومن دساها خاب و خسر .


ولهذا كان حقيقاً بكل عاقل أن يعمل جاهداً في حياته على تزكية نفسه والبُعد عن تدسيتها ؛ وتدسية النفس : هو طمْرها بالرذائل وغمْرها بالحقارات بحيث تكون نفساً دنيئة ، نفساً رديئة ، نفساً وضيعة ، نفساً منحطة ، فمن كانت نفسه كذلك خاب وخسر عياذاً بالله ، ومن زكى نفسه عمل على السمو بها ، ورفعتها وعلوِّها وشرفها فإنه مفلِح ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ) ، و(أَفْلَحَ) : أي تحقق فلاحه. والفلاح أجمع كلمة قيلت في حيازة الخير في الدنيا والآخرة ؛ فمن زكى نفسه حاز الخير في دنياه وأخراه . فتزكية النفس أمر جلل وعظيم للغاية ، وينبغي على كل مسلم أن يُعنى به عناية دقيقة وأن يهتم به اهتماماً بالغا.
و نعرض في حلقتنا هذه لثالث القواعد المهمة في تزكية النفس و هو أن القرآن الكريم كلام رب العالمين هو كتاب التزكية ومنبعها ومعينها ومصدرها، فإلى المقصود حفظكم الله.
 


- الأمر الثالث من القواعد المهمة في هذا الباب : أن القرآن الكريم كلام رب العالمين هو كتاب التزكية ومنبعها ومعينها ومصدرها ، ومن أراد لنفسه التزكية فليطلبها في كتاب الله ، قد قال الله سبحانه : ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) [آل عمران:164] ، فهو عليه الصلاة والسلام صلى الله عليه وسلم يزكى بتلاوة الآيات ، قال الله تعالى: ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) [ق:45] ، قال الله تعالى : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ )[ق:37] ، وقال تعالى : ( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ) [العنكبوت:51]


قال جل وعلا : ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) [الإسراء:9] ، وقال تعالى :( وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ ) [ يونس:57] ، وقال تعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) [الإسراء:82] ، وقال الله تعالى : (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ) [فصلت:44] وقال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ ) [الأنبياء:45]


فالقرآن كتاب التزكية ، وكلما أكرم الله سبحانه وتعالى عبده ومنّ عليه بتلاوة القرآن وتدبر آي القرآن ومجاهدة النفس على العمل بالقرآن نال من التزكية أوفر نصيب ، قال الله تعالى : ( الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ )[البقرة: 121] ، وتلاوة الكتاب حق التلاوة : بالقراءة والحفظ ، وبالفهم والتدبر، وبالعمل بكتاب الله عز وجل . والعمل بالقرآن نفسه يُعدُّ تلاوةً للقرآن، فليست التلاوة مجرد قراءة الحروف دون فهم المعاني ، ولا أيضًا فهم المعاني دون عمل بالقرآن ، قال الحسن البصري رحمه الله : " أُنزل القرآن ليُعمل به فاتخذ الناس قراءته عملا " .
 
و كأن كلام حسن البصري ينطبق على الرقاة ام انني أخطات في فهم معناه
 
و كأن كلام حسن البصري ينطبق على الرقاة ام انني أخطات في فهم معناه
الكثير منهم لهم نصيب من ذلك ، أولئك الذين إتخذوا الرقية مهنة و خصصوا لكل جلسة ثمنها، و بحسب الجهد و الاجتهاد يكون الجزاء حتى وصل بهم الحال إلى طلب الملايين بل منهم من حقق ثراءا فاحشا بزعم أنه من الرقاة المرموقين و أحيانا يتطور الأمر إلى وصف خلطات مجهولة المصدر و التكوين، فهؤلاء و من كان على شاكلتهم يتناولهم كلام الحسن البصري، أما من أخلص النية و إبتغى رضى رب البرية و كان قصده أن ينفع إخوانه ثم أعطي شيئ من المال من غير إستشراف نفس فهذا لا يتناوله الأثر بل مجزي الخير من عند الله عز و جل، و من كان غنيا فله أن يستعفف عن أخذ المال ليكون أسلم لعرضه و أخلص لنيته.
 
بارك الله فيك اخي الحبيب اباليث
ما فهمته انا من كلام الحسن البصري هو ان الناس تركوا العمل بالقرآن و ظنوا ان تلاوته دون العمل به هي العبادة
و الله اعلم
 
بارك الله فيك اخي الحبيب اباليث
ما فهمته انا من كلام الحسن البصري هو ان الناس تركوا العمل بالقرآن و ظنوا ان تلاوته دون العمل به هي العبادة
و الله اعلم
لا بل هو أشد من ذلك، فقراءة القرأن عبادة جليلة و من العمل به لكن شرط إتباع ذلك بالإلتزام بما دعا الله إليه عباده فيه، لأن الله دعنا في القرأن إلى تلاوته و تدبره ثم العمل به و الالتزام بأحكامه، أما أثر الحسن رحمه الله فهو يعني أمثال الطلبة الذين يجتمعون في الزرد و الوعد و عند ليلة الدفن و عند الدفن و هلم جر لأجل ملئ بطونهم و جيوبهم، كما هو حال الكثير منهم و العياذ بالله بل منهم من يكتب الحروز و يضيف إلى القرأن طلاسم و رموز زاعما أنه يشفي بذلك الناس، فإلى الله المشتكى.
 
آخر تعديل:
القرآن الكريم كلام رب العالمين هو كتاب التزكية ومنبعها ومعينها ومصدرها ، ومن أراد لنفسه التزكية فليطلبها في كتاب الله
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top