فن الحياة

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

السوقري

:: عضو مُتميز ::
إنضم
23 مارس 2008
المشاركات
831
نقاط التفاعل
0
النقاط
36
فـن الحـيــاة








</SPAN>

هل صحيح أن من تواضع لله رفعه؟! أعتقد ذلك، أو على الأقل أظن ذلك، وأحس هذا الإحساس بعنف عندما أقف تحت صفحة السماء الشاسعة وحيداً في ليلة حالكة السواد، متأملاً بريق النجوم الذي يكاد يخطف بصر عيني، فأبدو على حقيقتي صغيراً بل وأصغر من الصغير، وضعيفاً بل وأوهى من خيط العنكبوت، وضائعاً وحائراً وهارباً ونازفاً ومندحراً ومكلوماً من دون أي عزاء أو حتى على الأقل جبر خاطر

*******
لهذا أنا أعرف وأجهل نفسي عن جدارة، لهذا أنا أتواضع مرغماً، فلا شيء عندي لأعطيه، ولو كان لدي شيء لبعثرته أو أحرقته أو أغرقته أو دفنته أو قذفته بصاروخ ليتعدى نطاق الجاذبية. أعرف أن هذا المنطق هو أقرب ما يكون للعبث أو الجنون أو اليأس والاستسلام.. ولكن من ميزاتي القليلة أنني صادق مع نفسي ولا أكذب عليها ولا أحابيها، ولو كان الأمر بيدي لنحرتها من الوريد إلى الوريد، غير أنني للأسف أخاف منها وأخاف عليها.. وكثيراً ما سألتها وساءلتها: لماذا يتكبر بعض الناس؟! لماذا يتبطرون؟! هل هم لا يجوعون، أو لا يبردون، أو لا يعطشون، أو لا يمرضون، أو لا يألمون، أو لا يفزعون، أو لا يتعبون، أو لا ينامون، أو لا يصيب بطونهم بعض الأحيان تلبك أو عسر هضم؟! وفي النهاية هل هم لا يموتون؟
*******
ألم يسمعوا عن تواضع سيد الخلق محمد؟! ألم يخطر على بالهم سقراط؟! ألم يشاهدوا في الأفلام الوثائقية على الأقل وزرة الكتان التي بالكاد تستر عورة غاندي؟! ألم يقرأوا شيئاً عن غرفة نوم انشتاين وملابسه وخجله وتلعثمه بالكلام واعتذاراته المتواصلة عن عجزه وقصوره، وهو الذي لم تنجب البشرية منذ خلقتها أكثر رجاحة وعبقرية منه في مجال الفيزياء والرياضيات؟
موزارت، من هو الذي لا يعرف موزارت، ذلك الموسيقي الخالد الذي قال على رؤوس الأشهاد وفاجأ الناس عندما قال لهم بكل صدق وتواضع، إنه اقتبس النغمة الرئيسية لافتتاحية مقطوعته: الناي الساحر.. من إحدى مقطوعات السوناتا لكلمنتي، وهذا التواضع والاعتراف لم يقلل من مكانة موزارت في أعين من أحبوه، بل إنه زاده إعجاباً واحتراماً، وما زالت مقطوعة الناي الساحر يتردد صداها في كل المحافل على مر الأيام والعصور
*******
إنني لا أنسى، بل ومن المستحيل أن أنسى، منظر ذلك الرجل الكبير المتعلم الراقي الذي يود الجميع مجالسته، بل إنهم يتهافتون على خدمته لو أنه أشار لهم بطرف إصبعه، لا أنسى منظره عندما كنا نتبادل طعام الغداء في إحدى المناطق البرية، وعندما انتهينا، وإذا به يصر على أن يحمل بقية الأكل والأطباق مع المستخدمين، وفوق ذلك اخذ يجمع ما تطاير من المناديل والأكياس لكي لا تلوث البيئة.. ومن يومها كبر في عيني ذلك الرجل فوق ما هو كبير.. بل إن جميع من حضر تلك المناسبة ما زال يتحدث بإعجاب عن تواضع ذلك الرجل الذي أعطاهم درساً في فن الحياة من دون أن يتفوه بكلمة واحدة
*******
إنني أرثي لكل متورّم، وأشفق على كل مريض بداء العظمة، وأضحك على كل من يلبس ملابس فضفاضة أكبر من حجمه بكثير، وأعجب من هذا الإنسان الذي يريد أن يملأ الدنيا ظلماً وجوراً، مع أن الدنيا ـ أي الحياة ـ حلوة وتستاهل من يتغزل بها، لا أن يرمي بها نفاياته
*******
<IMG height=2 width="100%" vspace=9>
من طـارق فـاروق
منقول من بنـت الاسـلام
 
رد: فن الحياة

باركــ الله فيكــ اخ سوقري جزاكـــ الله خير

مشكووور على هذا الموضوع المميز


بوركـــت
 
رد: فن الحياة

حكمتي المميزة تقول "
المتكبر مثل الواقف على اعلى الجبل...يرى الناس صغارا..........لكنهم لا يرونه ابدا"
كلما ازداد الانسان علما ازداد تواضعا
والتكبر في علم النفس ما هو سوى صورة لتغطية النقص الداخلي
 
رد: فن الحياة

الشكر لكم أخواني أخواتي

بارك الله فيكم
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top