الحقيقة والمجاز

هدى النور

:: عضو مُشارك ::
إنضم
19 أكتوبر 2019
المشاركات
345
نقاط التفاعل
801
النقاط
21
العمر
24
محل الإقامة
الجزائر
الجنس
أنثى
سلام عليكم يا اهل العضوية
اولا اتمنا ان اجد رد على موضوع باسرع وقت ممكن لان هذا الموضوع ساقوم بتقديمة غدا الخميس .
وبدون ان اطيل عليكم اريد من يقوم بشرح لي هذا الموضوع بادق التفاصيل من صغيره الى كبيره فانا فهمت هذا الموضوع لكن بالنسبة قليلة لذلك اريد من يشرح لي هذا الموضوع وارجو من قام بشرحه ان يركز على المجاز بشكل اكبر وانواعه وعلاقاتها
وفي الأخير ارجو ان اجد الرد منكم وارجو لكل من قام برد علي ان يوفقه الله ويجعل هذا العمل في ميزان حسناته وشكرا
 
المجاز

تعريف المجاز:
المجاز لغة: مأخوذ من جاز، يجوز، جوزًا، وجوازًا، يقال: جاز المكان، إذا سار فيه، وأجازه: قطَعه، يقال: جاز البحر: إذا سلَكه وسار فيه حتى قطَعه وتعدَّاه.

ويقال: أجاز الشيء؛ أي: أنفَذه، ومنه: إجازة العقد: إذا جعل جائزًا نافذًا ماضيًا على الصحة.

وجاوزت الشيء وتجاوزته: تعدَّيته، وتجاوزت عن المسيء: عفوتُ عنه وصفحت، قال ابن فارس: (جوز) الجيم والواو والزاء أصلانِ: أحدهما: قطعُ الشيء، والآخر: وسط الشيء؛ فأما الوسط، فجَوْز كل شيء وسَطه...، والأصل الآخر: جُزت الموضع، سِرْت فيه، وأجزته: خلَّفته وقطعتُه، وأجزته أنفذته[1].

فنقل اللفظ من حقيقته إلى كلمة أخرى؛ لأنهم جازوا به موضعَه الحقيقيَّ الأول إلى موضعه الثاني، فكأنه مسلَك ووسيلة الانتقال من المعنى الحقيقيِّ إلى الخيالي، (فكل كلمةٍ أريد بها غيرُ ما وقَعَت له في وضعِ واضعها، لملاحظة بين الثاني والأول، فهي مجاز...)[2].

أما في اصطلاح الأصوليين: فقد عرف المجاز بأنه: (اسم لِما أريد به غيرُ ما وُضِع له لمناسبةٍ بينهما)[3]، أن تكون هناك علاقةٌ بين اللفظ الموضوع له والمستعمل فيه، فيخرج من المجاز ما لا مناسبةَ بينهما.

ومن أشهر علاقات المجاز ما يلي:
1- علاقة السببية: وتتمثل في إطلاقِ اسم السبب؛ أي: العلَّة على المعلول؛ كالتعبير عن القدرة أو النعمة باليد التي هي سببٌ فيهما.

2- المسببية: وهو إطلاقُ اسم المسبب على السبب؛ كتسمية المرض المهلِك بـ: الموت، وقولهم: رعَيْنا الغيثَ؛ أي: الكلأَ المسبَّب عن الغيث.

3- المشابهة: وتتمثل في تسمية الشيء باسم ما يشابهه في الصفة؛ كإطلاق الأسدِ على الإنسان الشُّجَاع.

4- المضادة: كتسميةِ الصحراء المهلكة: المَفَازَة، والذي لدَغه عقرب بـ: السَّلِيم.

5- الكلِّية: وهو إطلاق اسمِ الكل على الجزء؛ كما في قوله تعالى: ﴿ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ ﴾ [البقرة: 19]؛ أي: أناملَهم.

6- الجزئية: وهو إطلاقُ الجزء على الكل؛ كإطلاق الرَّقَبة على العبد؛ كما في قوله تعالى: ﴿ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ﴾ [النساء: 92]، وكإطلاق القِيام على الصلاة؛ كما في قوله تعالى: ﴿ لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ﴾ [التوبة: 108].

7- تسمية الشيء باعتبار ما كان عليه: كتسميةِ العتيق عبدًا، ويدخل فيه المشتقُّ بعد زوال المصدر؛ كإطلاق الضاربِ على مَن فرَغ مِن الضرب.

8- اعتبار ما سيكون: كتسميتهم العنبَ بالخمر؛ كما في قوله تعالى: ﴿ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ﴾ [يوسف: 36]؛ أي عنبًا، فسمى العنب خمرًا باعتبار ما سيؤول إليه بعد عَصْرِه.

9- التعلُّق بين المصدر واسم المفعول واسم الفاعل: فاستعمال أحدِهما بمعنى الآخر نوعٌ من المجاز؛ فالأول: كإطلاقِ اسم الفاعل على اسم المفعول؛ كقوله تعالى: ﴿ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ ﴾ [الطارق: 6]؛ أي: مدفوق، ومنه قولهم: سرٌّ كاتم؛ أي: مكتوم، وعكسه؛ كقوله تعالى: ﴿ حِجَابًا مَسْتُورًا ﴾ [الإسراء: 45]؛ أي: ساترًا[4].

ويرى الأصوليون أن هذه العلاقاتِ تحتاج إلى القرينة التي ينصبها المتكلم كعلامة صارفة عن المعنى الحقيقي، أو عن المنطق اللغوي الأصلي[5]، فمثلاً إذا أطلقنا: (السليم) ينتقل الفهم إلى الذي لدَغه عقرب، لكن لا يفهم ذلك إلا بقرينة أو سياق، كأن يقال: يتململ تململ السليم.

فعن طريق هذه القرائن والعلاقات الهادية إلى المعنى المراد أو المعنى المجازي يتم الانتقال بالذهن إلى الأمرِ المجهول من الأمر المعلوم، فإذا قرأت: ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾ [يوسف: 82] ينتقل الذهنُ بسبب الوضع إلى معنى القرية وإلى معنى العِير، ثم بواسطة استحالة تعلق السؤال بالقرية أو العير ينتقل إلى (أهلها) - انتقالاً عقليًّا - وكذا في سائر أنواع المجازات ينتقل العقلُ من اللفظ المعروف بالقرينة إلى المعنى المراد انتقالين: أحدهما: وَضْعي، وثانيهما: عَقْلي.

ثبوت المجاز:
للعلماء في اشتمال اللغة على المجاز آراءٌ في وقوعه وعدمه، ومن ثم فقد اختلفوا في وقوعِه في القرآن الكريم، فنفاه قوم، وأثبَته آخرون، وقد نتج هذا الاختلاف من أن المسلمين يعتقدون أن الوحيَ الإلهي كله حقٌّ؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ [النجم: 3]؛ فالخبر الوارد في نصوص الشرع مطابِق للواقع في تعبيره قطعًا، وألفاظه موضوعة لتُفيد المعاني المتبادرة للفهم لتصدق لغة الإخبار في الواقع[6]، وإلا كانت كاذبة؛ فها هنا ارتبط الصدقُ والكذب بوضع اللفظ لِما هو له.

فيرى بعضُ الحنابلة وبعض المالكية أن المجازَ غيرُ واقع في القرآن، وواقع في غيره[7]، فيرى ابن قتيبة[8] أن الذين تأوَّلوا قوله تعالى: ﴿ قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصلت: 11] بأنه تكوينُه لهما، وقوله تعالى لجهنَّم: ﴿ هَلِ امْتَلَأْتِ ﴾ [ق: 30] بأنه إخبار عن سَعتها، والتأويل في نحوها إنما هو من الحِيَل الضعيفة والتعسُّف، وأنه لا عجب في ذلك؛ لأن الله تعالى يُنطِق الجلود والأيديَ والأرجُلَ، ويسخِّر الجبال والطير بالتسبيح، قال تعالى: ﴿ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ ﴾ [ص: 18]، وقال سبحانه: ﴿ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ﴾ [سبأ: 10]؛ حيث فهِم سليمانُ منطق النمل، والنُّطق لا يكون إلا بالتكلُّم[9].

وذهَب بعضهم - كابن تيمية[10] وتلميذه ابن القيم[11] - إلى إنكار المجاز كذلك؛ فاللغة عند ابن تيمية كلها حقيقة، وكل لفظ في نصوص القرآن والسنَّة مقيَّد بما يبين معناه، وليس مجازًا؛ فقوله تعالى: ﴿ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ ﴾ [النحل: 112] لا استعارةَ فيه؛ فالذوق في لغة العرب يعني وجودَ طَعْم الشيء، وإن الاستعمال يدل على ذلك؛ قال تعالى: ﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ ﴾ [السجدة: 21]، وقوله تعالى: ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ﴾ [يوسف: 82] فالمحلُّ داخلٌ في الاسم.

ويعترض بعضهم على المجاز بأنه: (لو كان في لغةِ القرآن لفظ مجازي، فإما أن يفيدَ معناه بقرينة أو لا بقرينة، فإن كان في الأول، فهو مع القرينة لا يحتمل غير ذلك المعنى، فكان مع القرينة حقيقة في ذلك المعنى، وإن كان الثاني، فهو أيضًا حقيقة؛ إذ لا معنى للحقيقةِ إلا ما يكون مستقلاًّ بالإفادةِ من غيرِ قرينة)[12].

وذهب الجمهور إلى أن المجاز موجودٌ في اللغة والقرآن كذلك؛ وذلك مستمدٌّ من قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾ [إبراهيم: 4].

يقول ابن فارس:
(جاء هذان البابان - الحقيقة والمجاز - في نظوم كتابِ الله جل ثناؤه لتكونَ حُجَّةُ الله عليهم آكَدَ، ولئلا يقولوا: إنما عجزنا عن الإتيان بمثله؛ لأنه بغير لغتنا، وبغير السنَّة التي نستنُّها، لا، بل أنزله - جل ثناؤه - بالحروفِ التي يعرفونها، والسنَّة التي يسلكونها في أشعارهم ومخاطباتهم؛ ليكون عجزُهم عن الإتيان بمثله أظهَرَ وأشهَرَ)[13].

وإلى هذا الرأي يذهب المعتزلة في قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصلت: 11]، أنه مجاز؛ لأنه تعالى أراد تكوينَهما، فهما كالمأمور المطيع.

وكذا يرى الظاهرية حصول المجاز في الآيات المتعبَّد بمعناها دون الالتزام بلفظها؛ كقوله تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾ [الإسراء: 24][14]، أما الآيات المتعبَّدُ بمعناها ولفظِها فهي حقيقة؛ كالصلاة والزكاة، فهذا لا خلاف فيه[15].

وكذلك في قوله تعالى: ﴿ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ ﴾ [البقرة: 19]؛ فالمراد من الأصابع: الأنامل، واستعمال الأصابع فيها مجاز، والعلاقة هي الكلية، وأريد به الجزءُ، فذكر الأصابع وأراد بها الأنامل، والشواهد كثيرةٌ في القرآن الكريم.

ويُورِد الشافعي مثل هذا، فيقول: قال الله - تبارك وتعالى -: ﴿ وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [الأعراف: 163]، فابتدأ - جلَّ ثناؤه - ذِكر الأمم بمساءلتِهم عن القريةِ الحاضرة البحر، فلما قال: ﴿ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ ﴾، دلَّ على أنه إنما أراد أهل القرية؛ لأن القريةَ لا تكون عادية ولا فاسقة بالعدوان في السبت ولا غيره، وأنه إنما أراد بالعدوانِ: أهلَ القرية الذين بلاهم بما كانوا يفسقون[16].

وقد نُقِل عن ابن السبكي: (وليس مراد مَن أنكر المجاز في اللغة أن العرب لم تنطِق بمثل قولك للشجاع: إنه أسد؛ فإن ذلك مكابَرَة وعناد، ولكن هو دائر بين أمرين: إما أن يدعيَ أن جميع الألفاظ حقائق، ويكتفي في الحقيقة بالاستعمال - وإن لم يكن بأصل الوضع - وهذا مسلم، ويعود البحث لفظيًّا، وإن أراد استواء الكل في أصل الوضع، قال القاضي في مختصر التقريب: فهذه مراغمة للحقائق، فإنا نعلم أن العربَ ما وضعت اسمَ الحِمار للبليد)[17].


[1] معجم مقاييس اللغة (2/50)، المصباح المنير (1/143)، الصحاح (4/1460)، القاموس المحيط (3/221).
[2] أسرار البلاغة ص (325) فما بعدها.
[3] فواتح الرحموت (1/203).
[4] نهاية السول (1/171) وما بعده.
[5] الخطاب الشرعي ص (106).
[6] الإيضاح (1/13 - 115).
[7] الإحكام؛ للآمدي (1/47).
[8] هو عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدِّينَوري، عالِم مشارك في أنواع العلوم، توفي عام 276هـ؛ (الفهرست1/77)، (78)، تاريخ بغداد (1/314).
[9] تأويل مشكل القرآن؛ ابن قتيبة الدِّينوري ص (83).
[10] هو ابن تيمية، أحمد بن المفتي شهاب الدين عبدالحليم، وُلد سنة 661هـ، له تصانيف كثيرة تقارب ثلاثمائة مجلد، حدَّث بدمشقَ ومصر، أوذي مرات، وحُبِس بقلعة القاهرة والإسكندرية، وبقلعة دمشق مرتين، وبها توفي سنة 728هـ؛ تذكرة الحفاظ للذهبي (4/165).
[11] هو محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي، مولدُه ووفاته بدمشق، ولد سنة 691هـ، وتوفي سنة 751هـ، تتلمذ على الشيخ ابن تيمية حتى كاد لا يخرج عن أقواله، وهو الذي هذب ونشر علمه، وله تصانيف كثيرة في فروع العلم وأصوله، منها: إعلام الموقعين، وزاد المعاد، والطُّرق الحُكْمية في السياسة الشرعية، ومدارج السالكين، وغيرها؛ الأعلام للزركلي (6/280) و(281).
[12] الإحكام؛ للآمدي (1/44).
[13] الصاحبي ص (198).
[14] الإحكام؛ لابن حزم (4/28 - 29).
[15] إرشاد الفحول ص (100).
[16] الرسالة ص (62، 63).
[17] المزهر؛ للسيوطي (1/366).​
 


أقسام المجاز وأحكامه
وعلامات الحقيقة والمجاز


أقسام المجاز:
كما راعى الأصوليُّون في عملية الوَضْع نوعيةَ الواضع في الاستعمال الحقيقي - فقسموا الحقيقةَ على هذا الأساس - فإنهم راعَوْا كذلك نوعَ التخاطب في الاستعمال المجازي، فقسموا المجاز إلى ما يقابل أقسام الحقيقة: مجاز لغوي، وشرعي، وعُرْفي، كما تنوَّعت الحقيقة.

ويشير القَرَافي[1] إلى أقسام المجاز فيقول: وهو ينقسم بحسب الوضع إلى أربعة مجازات: لغوي؛ كاستعمال (الأسَد) في (الرجل الشجاع)، وشرعي؛ كاستعمال لفظ (الصلاة) في (الدعاء)، وعُرفي عام؛ كاستعمال لفظ (الدابة) في (مطلق ما دَبَّ)، وعُرفي خاص؛ كاستعمال لفظ (الجوهر) في (النفيس)[2].

وعلى هذا تكون أقسام المجاز كالتالي:
1- المجاز اللغوي:
وهو اللفظ المستعمَل في غير ما وُضِع له لغةً لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الموضوع له؛ كلفظ (الصلاة)، يستعمله اللغويُّ في العبادة المخصوصة، وليس في الدعاء الذي وُضِع له أصلاً، أو أن تقول: رأيت أسدًا يقود الجيش، فالمعنى: قائدًا كالأسد[3].

2- المجاز الشرعي:
وهو اللفظ المستعمَل في غير ما وُضِع له في اصطلاح الشرع لعلاقة مع قرينة مانعة؛ كلفظ (الصلاة) يستعملُه الشرعي في الدعاء استثناء، وليس في العبادة المخصوصة، كما في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ﴾ [الأحزاب: 56].

3- المجاز العُرفي العام:
وهو اللفظ المستعمَل في غير ما وُضِع له، لمناسبة وعلاقة عُرفية عامة؛ كلفظ (الدابة) مستعمَلاً في الإنسان البليد، أو في كل ما يدب على الأرض، بعد استقراره عُرفًا على ذوات الأربع.

4- المجاز العُرفي الخاص:
وهو اللفظ المستعمل في غير ما وُضِع له، لمناسبة أو علاقة عُرفية خاصة، كلفظ (الحال) يستعمله النحويُّ في إعراب الكلمة، لا فيما يكون عليه الإنسانُ من خير أو شر[4].

علامات الحقيقة والمجاز:
ذكَر الأصوليون أن الفَرْق بين الحقيقة والمجاز إما أن يقعَ بالنقل عن أئمة اللغة، أو بالاستدلالِ بالعلامات المعتبر فيها شيوعُ الاستعمال، ومن ذلك ما يلي:
1- النقل عن أهل اللغة:
وذلك بأن يذكرَ لنا أهلُها أن اللفظ حقيقةٌ في استعمالٍ ما، مجازٌ في غيره، والمقصود بأهل اللغة أئمتُها وعلماؤها الذين يتحرَّوْن التغيُّر الدلالي للألفاظ، ويحاولون التوصل إلى الاستعمال الأسبق زمنًا، وهو ما يسمى بأصل الوَضْع، أو الحقيقة اللغوية الوَضْعية عند الأصوليين، ثم يبحثون ما يطرأُ على الدلالات بعد ذلك من تغيُّر، توسيعًا أو تضييقًا أو انتقالاً، فإذا شاعت الدلالاتُ الجديدة في الاستعمال سُمِّيت بالحقائق العُرفية؛ فلفظ السماء يدل حقيقةً على كل ما علا، ومنه السماء المعروفة، ثم سمي به المطر مجازًا، وعلاقة المجاورة واضحة بين المدلولين، ويبدو أن هذا الاستعمالَ قد كُتِب له الشيوع، حتى تجوَّزت العرب إلى إطلاقه على مواقعِ سقوط المطر، فقالوا: ما زلنا نطأ السماءَ حتى أتيناكم؛ أي: ما زِلْنا نطأ مواقع المطر[5].

وقد نص الأصوليون على النقلِ عن أهل اللغة في التمييز بين الحقيقة والمجاز؛ لأن معظم ألوان التغيير الدلالي - ومنها المجازات المنقولة الشائعة الاستعمال - لا يُدرِكها إلا ذو البصر باللغة وخصائصها، ولا تتضح إلا بالبحثِ والدراسة.

2- تبادر المعنى إلى الفهمِ مع انتفاء القرينة:
ذلك أننا إذا سمِعْنا أهلَ اللغة يعبِّرون عن معنى واحد بعبارتين، ويستعملون إحداهما بقرينةٍ دون الأخرى، عرَفْنا أن اللفظَ حقيقة في المستعمل بلا قرينة، مجازٌ في المستعمل مع القرينة، مثل: (رأيت الأسد) يفهم منه الحيوان المخصوص دون قرينة، ولا يُفهَم منه الرجلُ الشجاع إلا بقرينة.

3- الاشتقاق:
فاللفظ المستعمَل في الحقيقة يُشتَق منه الفعل واسم الفاعل والمفعول، والمستعمل مجازًا لا يرِد فيه هذا الاشتقاق، ومثاله لفظ: (الأمر)؛ فهو حقيقةٌ في القول الدال على طلب الفعل، مجازٌ في الدلالة على الشأن؛ ولذلك تتصرف الحقيقة، فيقال: أمَر بأمر، فهو آمِر، وغيره مأمور بكذا، ولا يحصل ذلك الاشتقاقُ في لفظ (الأمر) الدالِّ على الشأن.

4- اختلاف صيغة الجمع:
وهي علامةٌ للتفريق بين مدلولاتِ الكلمة الواحدة؛ فلفظ الأمر بمعنى القولِ الدال على الطلب يُجمَع على أوامرَ، أما الدالُّ على الشأن فيُجمَع على أمور، وقد عدَّها الأصوليون علامةً للتفريق بين الحقيقة والمجاز.

5- تقوية الكلام بالتأكيد:
وهو من علامات الحقيقة؛ كقوله تعالى: ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ﴾ [النساء: 164]، فأكَّد الكلامَ، ونفى عنه المجاز، ولا يصلُح في المجاز التأكيدُ.

أحكام المجاز:
149- اختلف الأصوليُّون في جواز إطلاق اللفظ الواحد على مدلوله الحقيقي ومدلوله المجازي في وقت واحد، فمن قائل: إنه يمتنع أن يراد كل منهما معًا في آن واحد، وهو قول الحنفية وبعض المعتزلة والإمامية وبعض أصحاب الشافعي وعامة أهل اللغة، ومن قائل بجوازه مطلقًا، وهو قول الشافعي وأكثر المعتزلة؛ فلفظ (الأُمِّ) يشمل الأمَّ الحقيقة والجدات على المجاز، وقد يطلق ويراد به المعنى الحقيقيُّ والمجازيُّ في ذات الوقت كما في آية المحرَّمات[6].

على حين يرون الحُكم في قوله تعالى: ﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ﴾ [المائدة: 6]؛ فلفظ ﴿ لَامَسْتُمُ ﴾ يحتمل المعنى الحقيقيَّ، وهو الدلالة على الملامسة المعروفة باليد والجسم، وبه أخذ المالكية وبعضُ الفقهاء، فحكَموا بأن الملامسة المعروفة كالمصافحة مثلاً تنقُضُ الوضوءَ إذا قصد اللامسُ اللذةَ، واعتمدوا على أحاديثَ روَوْها، فإن أبا حنيفة[7] قد ذهَب إلى أن الملامسة مقصود بها معناها المجازي، وهو الجِماع، معتمدًا على قرائنَ عقلية وآثارٍ منقولة؛ فأخَذ بالمجاز هنا.

وإذا اختار المتكلم أسلوب المجاز، هل يبقى لأسلوب الحقيقة اعتبار أم يصرف النظر عنه؟ فهناك رأيان:
أ- المجاز خلَف عن الحقيقة في التكلُّم لا في الحُكم؛ فالمجاز في الحُكم أصل بنفسه، وإليه ذهب الأحناف، فمن قال لشخص مملوك له وهو أكبر منه سنًّا: (أنت ابني) يكون هذا عند أبي حنيفة كلامًا تترتبُ عليه آثاره، على الرغم من استحالة الحقيقة؛ لوجود علاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي، وهي (ها هنا اللزوم؛ فالحرية من حيث الملك من لوازم البنوَّة، فأطلق الملزوم (البنوة) وأريد اللازم (الحرية) على سبيل إرسال المجاز، ولوجود القرينة الصارفة عن المعنى الحقيقي، وهي استحالة بنوَّة الأكبر للأصغر، فينتج عنه انتقال الذهن من المعنى الحقيقي الذي هو البنوَّة، إلى المعنى المجازي الذي هو الحرية؛ إذ الانتقال إنما (يعتمد صحةَ الكلام من حيث العربية؛ إذ بصحة العربية يُفهَم ما وضع في تلك اللغة، فينتقل منه إلى ملابساته).

ب- المجاز خلَف عن الحقيقة في الحُكم لا في التكلم، وذهب إليه الشافعي وأبو يوسف من الحنفية، ومن ثم فلا بد - لصحة المجاز - من إمكان الحُكم المستفاد من الحقيقة، فإذا قال شخص لمملوكه الأكبر منه سنًّا: أنت ابني، فهو كلام لغو عندهم؛ لاستحالةِ الحقيقة التي هي البنوَّة؛ إذ العقلُ لا يتصور أن يلِدَ الأصغرُ الأكبرَ؛ فلذلك لم يرتِّبوا آثارًا على مثال هذا الكلام، وحكَموا بأنه لغو[8].


[1] هو أبو العباس أحمد بن إدريس بن عبدالرحمن الصنهاجي القرافي، من فقهاء المالكية، انتهت إليه رئاسةُ المذهب في عصره، وُلِد ونشأ بمصر، وتوفي بها سنة 684هـ، وله مصنفات كثيرة، منها: كتاب الذخيرة في الفقه المالكي، والفروق وغيرها؛ (الأعلام للزِّرِكْلي (1/90).
[2] الحقيقة والمجاز ص (36).
[3] أصول الفقه؛ للدكتور بدران أبو العينين بدران ص (29).
[4] أصول الفقه؛ للدكتور بدران أبو العينين بدران ص (29).
[5] المزهر (1/429).
[6] إرشاد الفحول (1/113)، تسهيل الوصول ص (94).
[7] هو الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت، ولد سنة ثمانين هجرية في حياة صغار الصحابة، ورأى أنسَ بن مالك لما قدِم عليهم الكوفة، روى عن عطاءِ بن أبي رباح، وهو أكبر شيخ له وأفضلهم على ما قال، وعن الشعبي، وغيرهم، وعُنِي بطلب الآثار، وأما الفِقهُ والتدقيق في الرأي وغوامضه، فإليه المنتهى، والناس عليه عيال في ذلك، توفي رحمه الله سنة 150هـ، وله سبعون سنة؛ سير أعلام النبلاء (6/390) وما بعدها.
[8] الخطاب الشرعي ص (111).​
 
أمثلة

المجاز العقلي وأسئلة عليه
شرح دروس البلاغة للشيخ محمد بن صالح العثيمين
تحقيق الأستاذ أشرف بن يوسف
(5)




هو إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له عند المتكلم في الظاهر لعلاقة (1)، نحو قوله:
أشاب الصغيرَ وأفنى الكبيـ ♦♦♦ ـرَ كرُّ الغداة ومرُّ العشي(2)
فإن إسناد الإشابة والإفناء إلى كر الغداة ومرور العشي إسناد إلى غير ما هو له؛ إذ المُشِيب والمفني في الحقيقة هو الله تعالى.


(1) قوله: أو ما في معناه، يعني:اسم الفاعل، واسم المفعول، والمصدر المراد به اسم الفاعل، أو اسم المفعول.
وقوله: في الظاهر، متعلق بقوله: إلى غير ما هو له، يعني أنه في الظاهر لغير ما هو له عند المتكلم.
(2) قول الشاعر:
أشاب الصغيرَ وأفنى الكبيـ ♦♦♦ ـرَ كرُّ الغداة ومرُّ العشي

هل كرها ومرها هو الذي أفنى الإنسان؟
الجواب: لا، الذي أفناه هو الله سبحانه وتعالى، فأضاف الفعل إلى غير من هو له.

وكذلك يقال في المثل العامي: أهلكه السبت والأحد، يعني مرور السبت والأحد.

وهل هذا هو الذي أهلكه؟
الجواب: لا، الذي أهلكه هو الله سبحانه، لكن أسند الفعل إلى غير من هو له على سبيل المجاز.

ويقال: بنى عمرو بن العاص مدينة الفسطاط.
ومن المعلوم أن عمرو بن العاص رضي الله عنه لم يباشر البناء، فلم يأتِ باللبِن، ولم يُجبِّن الطين، ولكن أمر بذلك، فهذا يسمى مجازًا عقليًّا.
••••

ومن المجاز العقلي: إسناد ما بني للفاعل إلى المفعول نحو: ﴿ عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ﴾ [الحاقة: 21] (1)، وعكسه، نحو: سيل مفعم (2).


(1) فقوله: راضية: يعني: مرضية،فأتى باسم الفاعل، ويراد به اسم المفعول، فقد أسند الرضا إلى العيشة، والعيشة لا تَرضَى، وإنما العيشة تُرضَى، فأسند ما في معنى الفعل إلى غير ما هو له على وجه المجاز العقلي.

(2) فقوله: سيل مُفعَم، يعني: فاعم، أو مُفعِم، مع أنه مبني للمجهول.

وليعلم أن هناك أفعالًا تبنى للمجهول - أو إن شئت فقل: لما لم يسم فاعله - دائمًا؛ مثل: نُتِجت البهيمة؛ بمعنى: أنتجت، ولا يجوز أن تقول: أَنتَجت، ولا أن تقول: نَتَجت.

وقد أُلِّف في ذلك رسالة صغيرة عليها شرح وأمثلة، هي "إتحاف الفاضل بالفعل المبني لغير الفاعل".

يعني: أن في اللغة العربية ألفاظًا، لا يمكن أن تبنى إلا للمفعول، ولا تبنى للفاعل.
••••

والإسناد إلى المصدر، نحو: جد جده.
وإلى الزمان، نحو: نهاره صائم.
وإلى المكان، نحو: نهر جار.
وإلى السبب، نحو: بنى الأمير المدينة.
ويعلم مما سبق أن المجاز اللغوي يكون في اللفظ، والمجاز العقلي يكون في الإسناد (1).


(1) إذًا: لو قال قائل: ما الفرق بين المجاز العقلي والمجاز اللغوي؟
فالجواب: أن المجاز اللغوي - بنوعيه اللذين هما المجاز المرسل والاستعارة - يكون في الألفاظ.

فإن كانت العلاقة هي المشابهة، فهو استعارة، وإن كانت العلاقة غير المشابهة، فهو مجاز مرسل.

والمجاز العقلي: يكون في الإسناد؛ بمعنى: أن الكلمات يراد بها معناها الحقيقي، لكن إسناد هذه الكلمة إلى هذه الكلمة هو المجاز.

فمثلًا: بنى الأمير المدينة،المراد بالبناء حقيقة البناء، والأمير أيضًا يراد بها الحقيقة، لكن إسناد البناء إلى الأمير، هذا هو المجاز.

مثال آخر: قال تعالى: ﴿ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا ﴾ [غافر: 13]،فهل المجاز في إنزال هذا الماء، أو في كلمة "رزق"؟
الجواب: أن المجاز هنا في كلمة "رزق".

والخلاصة الآن: أن الفرق بينهما:
أن المجاز اللغوي: يكون في الكلمات نفسها؛ بمعنى: أنه يراد بالكلمة خلاف المعنى الأصلي.

والمجاز العقلي: يكون في الإسناد؛ بمعنى: أن كل كلمة يراد بها المعنى الأصلي، لكن إسنادها إلى الكلمة الأخرى عقلي، يمنعه العقل.

فعلى سبيل المثال: قوله تعالى: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ ﴾ [الفجر: 22]،على مذهب أهل السنة والجماعة مجيء الله حقيقة، ليس فيه مجاز؛ لا عقلي، ولا لغوي.

وعلى رأي أهل التحريف: فيه مجاز عقلي؛ لأن المجيء عقلًا عندهم لا يسند إلى الرب، فهو ممتنع عقلًا.

وهذا هو السر في أن شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله وأمثالهما شددا في إنكار المجاز؛ لأنه صار سُلَّمًا إلى تحريف نصوص الكتاب والسنة؛ بناءً على إثبات المجاز[1].

هذا هو المجاز بنوعيه:
ما علاقته المشابهة، وهو الاستعارة.
وما علاقته غير المشابهة، وهو المجاز المرسل.

وكل منهما يكون مجازًا في اللفظ:
فإن كانت الألفاظ يراد بها الحقيقة، لكن إسناد هذا إلى هذا يمتنع عقلًا، فهو مجاز عقلي.

واعلم أن قولنا: يمتنع عقلًا،ليس معناه كما يريده المناطقة، بل إنه حتى لو كان عادةً فهو مجاز عقلي.

مثلًا: بنى الأمير المدينة،لا يمتنع عقلًا أن يبنيها، فمن الممكن أن يبني، بأن يشارك في البناء، لكن عادة يمتنع.
••••

أسئلة المجاز العقلي
الأسئلة: بين المجاز العقلي، وعلاقته في الأمثلة الآتية:
(أ) قال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا ﴾ [القصص: 57].
(ب) هذا المنزل عامر.
(ج) أرضهم واعدة.
(د) بطشت بهم أهوال الدنيا.
(هـ) أصابني هم ناصب.
(و) ضرَّسهم الزمان، وطحنتهم الأيام.
(ز) هذا الطريق وارد صادر.
(ح) وضعه الشح ودناءة النسب.
(ط) ملكنا فكان العفو منا سجية ♦♦♦ فلما ملكتم سال بالدم أبطح
(ي) ستُبدي لك الأيام ما كنتَ جاهلًا ♦♦♦ ويأتيك بالأخبار من لم تزود
(ك) أعِرْني أذنًا واعية.
(ل) لقد لُمْتِنا يا أم غيلان في السُّرى ♦♦♦ ونمت وما ليل المطي بنائم
(م) تكاد عطاياه يجن جنونها.
(ن) ذهبنا إلى حديقة غنَّاء.

الأجوبة عنها:
(أ) "آمنًا" اسم الفاعل أسند إلى ضمير الحرم، وهو مفعول، مجازًا عقليًّا، علاقته المفعولية.
(ب) "عامر" اسم فاعل، أسند إلى المنزل، مجازًا عقليًّا، علاقته المفعولية.
(ج) "واعدة" اسم فاعل، أسند إلى الأرض، مجازًا عقليًّا، علاقته المفعولية، يقال إذا رجي خيرها.
(د) "بطشت" فعل أسند إلى أهوال الدنيا، وهو سبب، مجازًا عقليًّا، علاقته السببية.
(هـ) "ناصب" اسم فاعل، أسند إلى ضمير الهم، وهو مفعول فيه، مجازًا عقليًّا، علاقته المفعولية.
(و) "ضرس" فعل أسند إلى الزمان.
و "طحنت" فعل أسند إلى الأيام، مجازًا عقليًّا، علاقته الزمانية.
(ز) "وارد وصادر" اسما فاعل، أسند إلى ضمير الطريق، مجازًا عقليًّا، علاقته المفعولية.
(ح) "وضع" فعل أسند إلى الشح ودناءة النسب، مجازًا عقليًّا، علاقته السببية.
(ط) "سال" فعل أسند إلى "أبطح"، مجازًا عقليًّا، علاقته المكانية.
(ي) "ستبدي" فعل أسند إلى الأيام، مجازًا عقليًّا، علاقته الزمانية.
(ك) "واعية" اسم فاعل، أسند إلى ضمير الأذن، مجازًا عقليًّا، علاقته السببية.
(ل) "نائم" اسم فاعل أسند إلى ليل المطي، مجازًا عقليًّا، علاقته الزمانية.
(م) "يجن" فعل أسند إلى المصدر، مجازًا عقليًّا، علاقته المصدرية.
(ن) "غنَّاء" مبالغة من "الغَنِّ"، أسند إلى ضمير الحديقة، مجازًا عقليًّا، علاقته المكانية.


[1] قال ابن قاسم النجدي رحمه الله في حاشية مقدمة التفسير ص81: صرح بنفي المجاز المحققون، ولم يحفظ عن أحد من الأئمة القول به، وإنما حدث تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز بعد القرون المفضلة، فتذرَّع به المعتزلة والجهمية إلى الإلحاد في الصفات، وإبطالالحقائق، وتعطيل الألفاظ عن دلالتها على المعاني.
من ذلك قولهم في قوله تعالى: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ ﴾ [الفجر: 22] هو من مجاز اللغة، تقديره: وجاء أمر ربك، وقولهم في اسمه: ﴿ الرَّحْمَنِ ﴾ وصفه بالرحمة مجاز؛ لأن الرحمة رقة تعتري القلب، وقولهم في استوائه على العرش: إنه بمعنى استولى، أو قصد، أومجمل في مجازاته، وفي اليدين مجاز في النعمة، أو القدرة،وفي الوجه، أي: يبقى ربك أو ثوابه، وادعوه في العلو والنزول، وغير ذلك من صفات الرب، جل وعلا وتقدس.
...وقالوا: يمتنع حمله على الحقيقة، حتى زعم ابن جني وغيره من أهل البدع والاعتزال: أن أكثر اللغة مجاز، وكان هو وشيخه أبو علي الجبائي من كبار أهل البدع المنكرين لكلام الله، في زمن قوة شوكة المعتزلة، وكانت الدولة دولة رفض واعتزال في عهد عضد الدولة، وكان وزيره ابن عباد معتزليًّا، وقاضيه عبدالجبار معتزليًّا، وتقدم أن أول من ظهر منهم تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز: المعتزلة، والجهمية.
...وقد علم بالاضطرار أن الله متكلم حقيقة، فكيف يتصور دعوى المجاز في كلامه إلا على أصولالجهمية الذين يقولون: كلام الله مخلوق، ولم يقم به كلام، وقد أطبق السلف على تضليلهم وتكفيرهم،ومن أقر أن الله تكلم بالقرآن فإنه لا يتصور على أصله دخولالمجاز في كلام الله، بل كلامه تعالىحق على حقيقته، ولو احتمل أن يكون المراد به غير ظاهره، انتفى الوثوق به، تعالى الله عما يقول الملحدون علوًّا كبيرًا.
قال ابن القيم: وإذا كان ظاهر كلام الله والأصل فيه الحقيقة، لم يجُزْ أن يحمل على مجازه، وخلاف ظاهره ألبتة، وذكر أن القائلين بالمجاز: منهم من أسرف فيه وغلا، حتى ادعى أن أكثر ألفاظ القرآن - بل أكثر اللغة - مجاز، واختار هذا جماعة ممن ينتسب إلى التحقيق والتدقيق، ولا تحقيق ولا تدقيق، وإنما هو خروجٌ عن سواء الطريق، ومفارقةٌ للتوفيق؛ اهـ.​
 
أمثلة:

المجاز المركب وأسئلة عليه
شرح دروس البلاغة للشيخ محمد بن صالح العثيمين
تحقيق الأستاذ أشرف بن يوسف (19)



المُركَّبُ إن استعمل في غير ما وضع له لعلاقة غير المشابهة، سمي مجازًا مركبًا؛ كالجمل الخبرية إذا استعملت في الإنشاء، نحو قوله:
هوايَ مع الرَّكبِ اليمانين مُصعِد ♦♦♦ جَنِيبٌ، وجثماني بمكَّةَ موثَقُ

فليس الغرض من هذا البيت الإخبار، بل إظهار التحزن والتحسر.

وإن كانت علاقته المشابهة، سمي استعارة تمثيلية، كما يقال للمتردد في أمر: إني أراك تقدِّم رجلًا وتؤخر أخرى (1).


(١) يعني رحمه الله أن الجمل الخبرية إذا استعملت في الإنشاء، فإنها تسمى مجازًا مركبًا إذا لم تكن علاقتها المشابهة.
ولها أمثلة كثيرة؛ كقوله تعالى: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ﴾ [البقرة: 228]؛ فإن "يتربصن" جملة خبرية يراد منها الإنشاء، يعني الأمر بذلك.

ومثل ذلك أيضًا البيت الذي ذكره المؤلف:
هواي مع الركب اليمانين مصعد ♦♦♦ جنيب وجثماني بمكة موثقُ[1]
وإذا جاءك جملة مجازية علاقتها المشابهة، فهي استعارة تمثيلية.

مثال ذلك: قولك في الأمر الذي تتردد فيه: فكنت أقدِّم رجلًا وأؤخِّر أخرى.

فمعلوم أنه ليس المراد حقيقة تقديم الرِّجل، لكن شبه حاله في التردد بحال من يقدم رجلًا ويؤخر أخرى؛ فالذي يقدم رجلًا ويؤخر أخرى لا يمكن أن يتقدم، بل يبقى في مكانه حائرًا.

فيقال في هذه: إنها استعارة تمثيلية.

وذكر المؤلف رحمه الله هذا من باب تكملة التقسيم، وإلا فلا حاجة إليه؛ لأنه سبق ذكر القواعد العامة، وهي يكتفى بها.

أسئلة على المجاز المركب
السؤال الأول: وضح كل مجاز مرسل مركب، وعلاقته، وكل استعارة تمثيلية، وتقريرها، في الأمثلة الآتية:
(أ) إذا قالت حذام فصدقوها ♦♦♦ فإن القول ما قالت حذام
(ب) تصرمت منا أويقات الصبا ♦♦♦ ولم نجد من المشيب مهربا
(ج) إذا جاء موسى وألقى العصا ♦♦♦ فقد بطل السحر والساحر
(د) قلبي يحدثني بأنك متلفي ♦♦♦ روحي فداك عرفت أم لم تعرف
(هـ) قال تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا ﴾ [الأحزاب: 72] الآية.
(و) أحشفًا وسوء كيلة، يضرب لمن يظلم من وجهين.
(ز) اليد لا تصفق وحدها، يضرب لمن يريد أن يعمل عملًا وحده، وهو عاجز عنه.
(ح) لأمرٍ ما جدَع قَصيرٌ أنفَه، يضرب لمن يحتال على حصول أمر خفي وهو متستر تحت أمر ظاهر.
(ط) ذهب الصبا وتولت الأيام ♦♦♦ فعلى الصبا وعلى الزمان سلام

الأجوبة عنها.
(أ) فيه استعارة تمثيلية.
يقال في تقريرها: شبهت هيئة الرجل، الذي لا يقول إلا الحق، ولا يخبر إلا بالصدق بهيئة المرأة المسماة حذام، بجامع الصدق في كل.
واستعير الكلام الموضوع للمشبه به على طريق الاستعارة التمثيلية.

(ب) فيه مجاز مرسل مركب، علاقته السببية؛ فإن هذا الكلام سبب في التحسر، أو الملزومية؛ فإن الإخبار بهذا مستلزم للتحسر.

(ج) فيه استعارة تمثيلية.
يقال في تقريرها: شبهت هيئة الرجل الذي يحصل بوجوده فصلُ المشكلات بهيئة نبي الله موسى عليه السلام مع سحرة فرعون، بجامع حسم النزاع في كل.
استعير الكلام الموضوع للمشبه به للمشبه على طريق الاستعارة التمثيلية.

(د) فيه استعارة تمثيلية.
يقال في تقريرها: شبهت هيئته القائمة به من الذوق الوجداني بهيئة من جرى على لسانه ذلك من عشاق الأشباح، بجامع الهيئة الحاصلة من التأثر والوجدان في الكلام.
واستعير الكلام الدال على المشبه به للمشبه على طريق الاستعارة التمثيلية.

(هـ) فيه استعارة تمثيلية.
يقال في تقريرها: شبه حال التكاليف في ثقل حملها وصعوبة الوفاء بها بحال أنها عرضت على هذه الأشياء مع كبر أجرامها وقوة متانتها، فامتنعن وخِفْنَ من حملها، بجامع عدم تحقق الحمل في كل.
ثم استعير التركيب الدال على المشبه به للمشبه على طريق الاستعارة التمثيلية.

(و) فيه استعارة تمثيلية.
يقال في تقريرها: شبهت هيئة من يَظلِمُ من وجهين بهيئة رجل باع آخر تمرًا رديئًا، وناقص الكيل، بجامع الظلم من وجهين في كل.
واستعير الكلام الدال على المشبه به للمشبه على طريق الاستعارة التمثيلية.

(ز) فيه استعارة تمثيلية.
يقال في تقريرها: شبهت هيئة من يريد أن يعمل عملًا وحده - وهو عاجز عنه - بهيئة من يريد أن يصفق بيد واحدة، بجامع العجز في كل.
واستعير الكلام الموضوع للمشبه به للمشبه على طريق الاستعارة التمثيلية.

(ح) فيه استعارة تمثيلية.
يقال في تقريرها: شبهت هيئة الرجل المتستر تحت أمر؛ ليحصل على أمر خفي يريده، بهيئة الرجل المسمى قصيرًا حين جدع أنفه؛ ليأخذ بثأر جذيمة من الزَّبَّاء، بجامع الاحتيال في كل.
واستعير الكلام الموضوع للمشبه به للمشبه على طريق الاستعارة التمثيلية.

(ط) فيه مجاز مرسل مركب؛ لأنه وإن كان خبرًا في أصل وضعه، إلا أنه مستعمل في الإنشاء؛ لقصد التحسر والتحزن على ما فات من الشباب.
والقرينة على ذلك: الشطر الأخير.
والعلاقة: السببية.​

[1] فليس الغرض من هذا البيت الإخبار، بل إنشاء التأسف، وإظهار التحزن والتحسر على مفارقة المحبوب اللازم للإخبار بها، فوقع استعمال هذا الإخبار في غير الموضوع له؛ لعلاقة اللزوم، لا لعلاقة المشابهة، فصار مجازًا مركبًا مرسلًا.​
 
أمثلة:

المجاز المرسل وعلاقاته وأسئلة عليه
شرح دروس البلاغة للشيخ محمد بن صالح العثيمين
تحقيق الأستاذ أشرف بن يوسف (6)



هو مجاز علاقته غير المشابهة:
١- كالسببية في قولك: عظمت يد فلان عندي؛ أي: نعمته التي سببها اليد.
٢- والمسببية في قولك: أمطرت السماء نباتًا؛ أي: مطرًا يتسبب عنه النبات.
٣- والجزئية في قولك: أرسلت العيون لتطلع على أحوال العدو؛ أي: الجواسيس.
٤- والكلية في قوله تعالى: ﴿ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ ﴾ [البقرة: 19]؛ أي: أناملهم.
٥- واعتبار ما كان في قوله تعالى: ﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ﴾ [النساء: 2]؛ أي: البالغين.
٦- واعتبار ما يكون في قوله تعالى: ﴿ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ﴾ [يوسف: 36]؛ أي: عِنبًا.
٧- والمحلية في قولك: قرر المجلس ذلك؛ أي: أهلُه.
٨- والحالية في قوله تعالى: ﴿ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [آل عمران: 107]؛ أي جنته (1).


(١) المجاز المرسل: ضابطه ما تجوز به عن غيره بعلاقةٍ غير الشبه، وإذا كانت العلاقة الشبه فهو استعارة.

يعني: كل شيء يُعبَّرُ به عن غيره إن كانت العلاقة بينهما المشابهة فهي استعارة، وإن كانت غير مشابهة فهي مجاز مرسل.

ولقد ذكر المؤلف رحمه الله أن هنا ثمانية أشياء:
١- السببية في قولك: عظمت يد فلان عندي؛ أي: نعمته التي سببها اليد، فهنا عبر بالسبب عن المسبب، السبب هو اليد؛ لأنها هي التي تعطي، والمسبب هو النعمة؛ فعبر باليد عن النعمة مجازًا؛ لأن اليد سبب.

ومثال ذلك أيضًا قال تعالى: ﴿ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا ﴾ [غافر: 13] فهنا عبر بالرزق عن المطر؛ لأن الرزق مسبب للمطر؛ فالمطر هو السبب.

٢- والمسببية في قولك: أمطرت السماء نباتًا، فمعلوم أن السماء لا تمطر نباتًا، ولكن تمطر مطرًا يكون به النبات، فهنا عبر بالنبات الذي هو المسبب عن السبب الذي هو المطر؛ لأن المطر يتسبب عنه النبات.

وهذان شيئان متضادان: يعبَّر بالسبب عن المسبَّب، وبالمسبَّب عن السبب، وكلاهما مجاز.

٣- والجزئية في قولك: أرسلت العيون لتطلع على أحوال العدو؛ أي: الجواسيس.

فمن المعلوم أن العين نفسها لا ترسل، ولكن يرسل الشخص؛ ليطلع، لكن لما كان الجاسوس يدرك الأشياء ببصره، ويتأمل الملامح وينظر الأشياء، عبر بالعين عنه؛ أي: عن الجاسوس.

ولو أن إنسانًا قال: أرسلت آذاني في البلد، فهل هذا يصلح أن يعبر به عن الجاسوس؟
الجواب: لا، لا يصلح، ولا عبر به العرب.

لكنها - أي: الآذان - من الممكن أن تكون جاسوسًا في حالة معينة؛ نحو: إذا قيل لك عن بيت: إن فيه اشتباهًا، وأرسلت إليه شخصًا في الليل، فهنا يمكن أن تقول: أرسلت آذاني إلى بيته ليلًا.

٤- والكلية في قوله تعالى: ﴿ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ ﴾ [البقرة: 19]، فهنا عبر بالكل عن الجزء.

ومثال ذلك أيضًا: قوله سبحانه في الحديث القدسي: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين...)) الحديث[1]، فهذا تعبير بالكل عن الجزء، وهذا أمثلته كثيرة.

وعكس ذلك أن تقول: أعتق رقبة، فهنا عبر بالجزء عن الكل.

ومثال ذلك أيضًا قوله تعالى: ﴿ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [البقرة: 43]، عبر بالجزء عن الكل؛ لأن المراد الصلاة، والركوع جزء منها.

٥- واعتبار ما كان في قوله تعالى: ﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ﴾ [النساء: 2]، من المعلوم أن اليتيم هو من مات أبوه قبل البلوغ، ومَن لم يبلغ لا يعطَ ماله؛ كما قال تعالى: ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ﴾ [النساء: 6]، فكيف يقول هنا عز وجل: ﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ﴾ [النساء: 2]؟!
الجواب: لأن المراد بالآية هنا البالغون، وإذا كانوا بالغين لم يكونوا يتامى؛ إذ إن اليتيم من لم يبلغ.

فإذا قال قائل: ما الحكمة من أنه سبحانه وتعالى يعبر باليتيم عن البالغ؟
فالجواب: أن الحكمة هي استعطاف الأولياء واسترحامهم؛ حتى يؤدوا الأموال إلى أهلها، فكأنه قال: اذكروا يُتمهم، وأعطوهم أموالهم.

٦- اعتبار ما يكون في قوله تعالى: ﴿ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ﴾ [يوسف: 36]؛ فالخمر لا يعصر، وإنما هو المعصور!
لكن ما المراد به؟
الجواب: المراد به العنب الذي يكون منه الخمر، فعبر عن شيء باعتبار ما يكون، وهذا له أمثلة كثيرة في القرآن وفي غير القرآن.

ومثاله في القرآن قوله تعالى: ﴿ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ ﴾ [النحل: 1]، عبر بالماضي عن المستقبل.

٧- والمحلية في قولك: قرر المجلس ذلك؛ أي: أهلُه.
تقول: قرر مجلس الوزراء كذا وكذا، وهل الذي قرر الكنبات والمخاد والمساند؟!
الجواب: لا؛ فالذي قرر أهل المجلس، لكن لما كان القرار إجماعيًّا، صار كأن المحل نفسه بمن فيه قرره.

٨- والحالية في قوله تعالى: ﴿ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [آل عمران: 107].
والمراد (ففي جنة الله)، لكن عبر عن الجنة بالرحمة؛ لأنها من آثار رحمته.

فالجنه هي رحمة الله؛ كما جاء في الحديث: ((قال لها: أنت رحمتي، أرحم بك من أشاء))[2]؛ لأن الجنه محلُّ الرحمة، جعلني الله وإياكم من أهلها بمنِّه وكرمه.

أسئلة على المجاز المرسل:

السؤال الأول: وضح كل مجاز مرسل وعلاقته في الأمثلة الآتية:
(أ) قال تعالى: ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا ﴾ [يوسف: 82].
(ب) قال تعالى: ﴿ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [آل عمران: 107].
(ج) قال تعالى: ﴿ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [البقرة: 43].
(د) قال تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ﴾ [البقرة: 178].
(هـ) شربت ماء زمزم.
(و) سكن ابن خلدون مصر.
(ز) سقت الدلو الأرض.
(ح) أذل خالد ناصية زيد.
(ط) يلبَسون القطن الذي تنتجه بلادهم.
(ى) ألقى الخطيب كلمة لها كبير الأثر.
(ك) أوقدوا نارًا في هذا المكان.
(ل) سال الوادي.

الأجوبة عنها:
(أ) "القرية" مراد بها أهلها، مجازًا مرسلًا، علاقته المحلية؛ أي: إطلاق المحل، وإرادة الحال.
(ب) "رحمة الله" مراد بها الجنة، مجازًا مرسلًا، علاقته الحالية؛ أي: إطلاق الحال، وإرادة المحل.
(ج) "اركعوا" مراد بها "صلوا"، مجازًا مرسلًا، علاقته الجزئية؛ أي: إطلاق الجزء، وإرادة الكل.
(د) "القتلى" مراد به "من سيقتلون"، مجازًا مرسلًا، علاقته باعتبار ما سيؤول إليه.
(هـ) "ماء زمزم" مراد به بعض مائها، مجازًا مرسلًا، علاقته الكلية؛ أي: إطلاق الكل، وإرادة البعض.
(و) "مصر" مراد بقعة منها، مجازًا مرسلًا، علاقته الكلية.
(ز) "الدلو" مراد بها الماء، مجازًا مرسلًا، علاقته المحلية.
(ح) "ناصية زيد" مراد بها نفسه، مجازًا مرسلًا، علاقته البعضية؛ أي: إطلاق البعض، وإرادة الكل.
(ط) "القطن" مراد به النسيج، مجازًا مرسلًا، علاقته اعتبار ما كان.
(ي) "كلمة" مراد بها الكلام، مجازًا مرسلًا، علاقته الجزئية.
(ك) "نار" مراد بها حطب يؤول إلى نار، مجازًا مرسلًا، علاقته: اعتبار ما سيؤول إليه.
(ل) "الوادي" مراد به الماء، مجازًا مرسلًا، علاقته المحلية.
••••

السؤال الثاني: هاتِ[3] مجازًا مرسلًا باعتبار ما يكون، وآخر باعتبار ما كان، وآخر باعتبار الكلية، وآخر باعتبار الجزئية.
الجواب:
أولًا: مثال المجاز المرسل باعتبار ما يكون: قوله تعالى: ﴿ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ﴾ [يوسف: 36]؛ أي: عِنبًا يؤول إلى الخمر بعد العصر، فقد أطلق الخمر على العنب باعتبار أنه يكون خمرًا في الاستقبال.

ثانيًا: مثال المجاز المرسل باعتبار ما كان الشي عليه في الزمان الماضي، وليس عليه الآن: قوله تعالى: ﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ﴾ [النساء: 2]؛ أي: البالغين؛ فقد أطلق اليتامى على البالغين باعتبار أنهم كانوا على وصف اليتم قبل البلوغ، وليس هذا الوصف موجودًا لهم الآن؛ لأن إيتاء المال إنما هو بعد البلوغ.

والحكمة من أنه سبحانه وصفهم باليتامى هي المبادرة بإعطاء اليتيم ماله؛ يعني: أعطِه ماله مبادرًا؛ كأنه لم يبلغ.

ثالثًا: مثال المجاز المرسل باعتبار الكلية: قوله تعالى: ﴿ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ ﴾ [البقرة: 19]؛ أي: أناملهم؛ فاستعملت الأصابع في الأنامل التي هي أجزاؤها.

رابعًا: مثال المجاز المرسل باعتبار الجزئية أن تقول: أرسلت العيون لتطلع على أحوال العدو؛ أي: الجواسيس؛ فقد أطلقت العين التي هي جزء الجاسوس عليه، وهو الشخص الرقيب الذي يطلع على عَوْرات العدو.

ولكن لا يصلح إطلاق كل جزء على الكل مجازًا، وإنما يطلق اسم الجزء الذي له مزيد اختصاص بالمعنى الذي قصد من الكل، كما في هذا المثال؛ فإن الإنسان إنما يصير جاسوسًا وشخصًا رقيبًا بالعين؛ إذ لولاها انتفت عنه الرقيبية، بخلاف اليد وغيرها من أجزاء الجاسوس سوى العين؛ فإنه لا يجوز إطلاقها عليه.


[1] رواه أحمد في "مسنده" 2/ 241، 285، 460 (7289، 7823، 9893)، ومسلم 1/ 296 (395)، وأبو داود (821)، والترمذي (2953)، والنسائي في "السنن الكبرى" (981)، وفي "المجتبى" (908)، وابن ماجه (3784)، ومالك في "الموطأ" 1/ 96 (39)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" 1/ 333 (323)، والحميدي في "مسنده" 2/ 430، وابن خزيمة في "صحيحه" (502)، وأبو عوانة في "مسنده" 1/ 452، وابن حبان في "صحيحه" (776، 1795)، والبيهقي في "السنن الصغرى" 1/ 246؛ كلهم عن أبي هريرة.
ورواه ابن خزيمة في "صحيحه" (2945) عن عبدالله بن عباس.
[2] رواه أحمد في "مسنده" 2/ 314 (8149)، والبخاري في "صحيحه" (4850)، وفي الأدب المفرد (554)، ومسلم 4/ 2186 (2846)، والترمذي (2561)، وابن حبان في "صحيحه" (7447، 7476، 7477)، والدارقطني في الصفات 1/ 14، 16، والبغوي في "شرح السنة" (4422)، والعقيلي في "الضعفاء" 1/ 111.
[3] قال ابن هشام في شرح القطر ص24: اعلم أن آخر "هات" مكسور أبدًا، إلا إذا كان لجماعة المذكرين، فإنه يضم، فتقول: "هات يا زيد، وهاتي يا هند، وهاتيا يا زيدان، أو يا هندان، وهاتين يا هندات"؛ كل ذلك بكسر التاء،وتقول: هاتوا يا قوم، بضمها؛ قال الله تعالى: ﴿ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ﴾ [البقرة: 111]؛ اهـ.
واعلم - رحمك الله - أنه قد اختلف في "هات"، هل هي اسم فعل، أم فعل أمر؟
ورجح ابن هشام في شرح القطر ص24 أنها فعل أمر؛ بدليل أنها دالة على الطلب، وتلحقها ياء المخاطبة المؤنثة، تقول: هاتي.​
 
ماشاء الله تبارك الرحمن ..
ماقصر الأخ البشير،،
الله يبارك جهوده ..
..
شكرا أيها الأمين على الإشارة والبادرة الطيبة
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك
وجزاك الله خيرا
وجعل ما تقدم في ميزان حسناتك
 
المجاز المرسل وعلاقاته وأسئلة عليه
شرح دروس البلاغة للشيخ محمد بن صالح العثيمين
تحقيق الأستاذ أشرف بن يوسف (6)



هو مجاز علاقته غير المشابهة:
١- كالسببية في قولك: عظمت يد فلان عندي؛ أي: نعمته التي سببها اليد.
٢- والمسببية في قولك: أمطرت السماء نباتًا؛ أي: مطرًا يتسبب عنه النبات.
٣- والجزئية في قولك: أرسلت العيون لتطلع على أحوال العدو؛ أي: الجواسيس.
٤- والكلية في قوله تعالى: ﴿ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ ﴾ [البقرة: 19]؛ أي: أناملهم.
٥- واعتبار ما كان في قوله تعالى: ﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ﴾ [النساء: 2]؛ أي: البالغين.
٦- واعتبار ما يكون في قوله تعالى: ﴿ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ﴾ [يوسف: 36]؛ أي: عِنبًا.
٧- والمحلية في قولك: قرر المجلس ذلك؛ أي: أهلُه.
٨- والحالية في قوله تعالى: ﴿ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [آل عمران: 107]؛ أي جنته (1).

(١) المجاز المرسل: ضابطه ما تجوز به عن غيره بعلاقةٍ غير الشبه، وإذا كانت العلاقة الشبه فهو استعارة.

يعني: كل شيء يُعبَّرُ به عن غيره إن كانت العلاقة بينهما المشابهة فهي استعارة، وإن كانت غير مشابهة فهي مجاز مرسل.

ولقد ذكر المؤلف رحمه الله أن هنا ثمانية أشياء:
١- السببية في قولك: عظمت يد فلان عندي؛ أي: نعمته التي سببها اليد، فهنا عبر بالسبب عن المسبب، السبب هو اليد؛ لأنها هي التي تعطي، والمسبب هو النعمة؛ فعبر باليد عن النعمة مجازًا؛ لأن اليد سبب.

ومثال ذلك أيضًا قال تعالى: ﴿ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا ﴾ [غافر: 13] فهنا عبر بالرزق عن المطر؛ لأن الرزق مسبب للمطر؛ فالمطر هو السبب.

٢- والمسببية في قولك: أمطرت السماء نباتًا، فمعلوم أن السماء لا تمطر نباتًا، ولكن تمطر مطرًا يكون به النبات، فهنا عبر بالنبات الذي هو المسبب عن السبب الذي هو المطر؛ لأن المطر يتسبب عنه النبات.

وهذان شيئان متضادان: يعبَّر بالسبب عن المسبَّب، وبالمسبَّب عن السبب، وكلاهما مجاز.

٣- والجزئية في قولك: أرسلت العيون لتطلع على أحوال العدو؛ أي: الجواسيس.

فمن المعلوم أن العين نفسها لا ترسل، ولكن يرسل الشخص؛ ليطلع، لكن لما كان الجاسوس يدرك الأشياء ببصره، ويتأمل الملامح وينظر الأشياء، عبر بالعين عنه؛ أي: عن الجاسوس.

ولو أن إنسانًا قال: أرسلت آذاني في البلد، فهل هذا يصلح أن يعبر به عن الجاسوس؟
الجواب: لا، لا يصلح، ولا عبر به العرب.

لكنها - أي: الآذان - من الممكن أن تكون جاسوسًا في حالة معينة؛ نحو: إذا قيل لك عن بيت: إن فيه اشتباهًا، وأرسلت إليه شخصًا في الليل، فهنا يمكن أن تقول: أرسلت آذاني إلى بيته ليلًا.

٤- والكلية في قوله تعالى: ﴿ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ ﴾ [البقرة: 19]، فهنا عبر بالكل عن الجزء.

ومثال ذلك أيضًا: قوله سبحانه في الحديث القدسي: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين...)) الحديث[1]، فهذا تعبير بالكل عن الجزء، وهذا أمثلته كثيرة.

وعكس ذلك أن تقول: أعتق رقبة، فهنا عبر بالجزء عن الكل.

ومثال ذلك أيضًا قوله تعالى: ﴿ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [البقرة: 43]، عبر بالجزء عن الكل؛ لأن المراد الصلاة، والركوع جزء منها.

٥- واعتبار ما كان في قوله تعالى: ﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ﴾ [النساء: 2]، من المعلوم أن اليتيم هو من مات أبوه قبل البلوغ، ومَن لم يبلغ لا يعطَ ماله؛ كما قال تعالى: ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ﴾ [النساء: 6]، فكيف يقول هنا عز وجل: ﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ﴾ [النساء: 2]؟!
الجواب: لأن المراد بالآية هنا البالغون، وإذا كانوا بالغين لم يكونوا يتامى؛ إذ إن اليتيم من لم يبلغ.

فإذا قال قائل: ما الحكمة من أنه سبحانه وتعالى يعبر باليتيم عن البالغ؟
فالجواب: أن الحكمة هي استعطاف الأولياء واسترحامهم؛ حتى يؤدوا الأموال إلى أهلها، فكأنه قال: اذكروا يُتمهم، وأعطوهم أموالهم.

٦- اعتبار ما يكون في قوله تعالى: ﴿ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ﴾ [يوسف: 36]؛ فالخمر لا يعصر، وإنما هو المعصور!
لكن ما المراد به؟
الجواب: المراد به العنب الذي يكون منه الخمر، فعبر عن شيء باعتبار ما يكون، وهذا له أمثلة كثيرة في القرآن وفي غير القرآن.

ومثاله في القرآن قوله تعالى: ﴿ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ ﴾ [النحل: 1]، عبر بالماضي عن المستقبل.

٧- والمحلية في قولك: قرر المجلس ذلك؛ أي: أهلُه.
تقول: قرر مجلس الوزراء كذا وكذا، وهل الذي قرر الكنبات والمخاد والمساند؟!
الجواب: لا؛ فالذي قرر أهل المجلس، لكن لما كان القرار إجماعيًّا، صار كأن المحل نفسه بمن فيه قرره.

٨- والحالية في قوله تعالى: ﴿ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [آل عمران: 107].
والمراد (ففي جنة الله)، لكن عبر عن الجنة بالرحمة؛ لأنها من آثار رحمته.

فالجنه هي رحمة الله؛ كما جاء في الحديث: ((قال لها: أنت رحمتي، أرحم بك من أشاء))[2]؛ لأن الجنه محلُّ الرحمة، جعلني الله وإياكم من أهلها بمنِّه وكرمه.

أسئلة على المجاز المرسل:

السؤال الأول: وضح كل مجاز مرسل وعلاقته في الأمثلة الآتية:
(أ) قال تعالى: ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا ﴾ [يوسف: 82].
(ب) قال تعالى: ﴿ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [آل عمران: 107].
(ج) قال تعالى: ﴿ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [البقرة: 43].
(د) قال تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ﴾ [البقرة: 178].
(هـ) شربت ماء زمزم.
(و) سكن ابن خلدون مصر.
(ز) سقت الدلو الأرض.
(ح) أذل خالد ناصية زيد.
(ط) يلبَسون القطن الذي تنتجه بلادهم.
(ى) ألقى الخطيب كلمة لها كبير الأثر.
(ك) أوقدوا نارًا في هذا المكان.
(ل) سال الوادي.

الأجوبة عنها:
(أ) "القرية" مراد بها أهلها، مجازًا مرسلًا، علاقته المحلية؛ أي: إطلاق المحل، وإرادة الحال.
(ب) "رحمة الله" مراد بها الجنة، مجازًا مرسلًا، علاقته الحالية؛ أي: إطلاق الحال، وإرادة المحل.
(ج) "اركعوا" مراد بها "صلوا"، مجازًا مرسلًا، علاقته الجزئية؛ أي: إطلاق الجزء، وإرادة الكل.
(د) "القتلى" مراد به "من سيقتلون"، مجازًا مرسلًا، علاقته باعتبار ما سيؤول إليه.
(هـ) "ماء زمزم" مراد به بعض مائها، مجازًا مرسلًا، علاقته الكلية؛ أي: إطلاق الكل، وإرادة البعض.
(و) "مصر" مراد بقعة منها، مجازًا مرسلًا، علاقته الكلية.
(ز) "الدلو" مراد بها الماء، مجازًا مرسلًا، علاقته المحلية.
(ح) "ناصية زيد" مراد بها نفسه، مجازًا مرسلًا، علاقته البعضية؛ أي: إطلاق البعض، وإرادة الكل.
(ط) "القطن" مراد به النسيج، مجازًا مرسلًا، علاقته اعتبار ما كان.
(ي) "كلمة" مراد بها الكلام، مجازًا مرسلًا، علاقته الجزئية.
(ك) "نار" مراد بها حطب يؤول إلى نار، مجازًا مرسلًا، علاقته: اعتبار ما سيؤول إليه.
(ل) "الوادي" مراد به الماء، مجازًا مرسلًا، علاقته المحلية.
••••

السؤال الثاني: هاتِ[3] مجازًا مرسلًا باعتبار ما يكون، وآخر باعتبار ما كان، وآخر باعتبار الكلية، وآخر باعتبار الجزئية.
الجواب:
أولًا: مثال المجاز المرسل باعتبار ما يكون: قوله تعالى: ﴿ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ﴾ [يوسف: 36]؛ أي: عِنبًا يؤول إلى الخمر بعد العصر، فقد أطلق الخمر على العنب باعتبار أنه يكون خمرًا في الاستقبال.

ثانيًا: مثال المجاز المرسل باعتبار ما كان الشي عليه في الزمان الماضي، وليس عليه الآن: قوله تعالى: ﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ﴾ [النساء: 2]؛ أي: البالغين؛ فقد أطلق اليتامى على البالغين باعتبار أنهم كانوا على وصف اليتم قبل البلوغ، وليس هذا الوصف موجودًا لهم الآن؛ لأن إيتاء المال إنما هو بعد البلوغ.

والحكمة من أنه سبحانه وصفهم باليتامى هي المبادرة بإعطاء اليتيم ماله؛ يعني: أعطِه ماله مبادرًا؛ كأنه لم يبلغ.

ثالثًا: مثال المجاز المرسل باعتبار الكلية: قوله تعالى: ﴿ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ ﴾ [البقرة: 19]؛ أي: أناملهم؛ فاستعملت الأصابع في الأنامل التي هي أجزاؤها.

رابعًا: مثال المجاز المرسل باعتبار الجزئية أن تقول: أرسلت العيون لتطلع على أحوال العدو؛ أي: الجواسيس؛ فقد أطلقت العين التي هي جزء الجاسوس عليه، وهو الشخص الرقيب الذي يطلع على عَوْرات العدو.

ولكن لا يصلح إطلاق كل جزء على الكل مجازًا، وإنما يطلق اسم الجزء الذي له مزيد اختصاص بالمعنى الذي قصد من الكل، كما في هذا المثال؛ فإن الإنسان إنما يصير جاسوسًا وشخصًا رقيبًا بالعين؛ إذ لولاها انتفت عنه الرقيبية، بخلاف اليد وغيرها من أجزاء الجاسوس سوى العين؛ فإنه لا يجوز إطلاقها عليه.
 
اولا اخوات واخوة الاعضاء احييكم بتحية الاسلام امابعد فاريد ان اقول لكم شكرا على الجهود التي قدمتموها من اجل مساعدتي في هذا الموضوع وارجو من الله ان يجعل هذا في ميزان حسناتكم وبالإضافة اريد ان اشكر الاستاذ البشير بالخصوص على هذا الشرح البسيط المفهم وماعليا ان اقول له سوى بارك الله فيك وفي عمل وارجو ان يجعل كل جهد بذلته من اجل هذا الموضوع في ميزان حسناتك واما من لم يساعده الحظ على عدم الاجابة على الموضوع فلا يفهم المهم انه اطلع عليه من صميم قلبه وحاول مساعدة ولو بكلمة واحدة سوى عبر عنها من خلال كتابته او من خلال قلبه
وفي الأخير ودون ان اطيل عليكم وفقكم والله في جميع اعمالكم واعيد واكرر شكرا جزيلا لكم
واضافة الى اريد شيء منكم دون ان تعتبروه انه اطالة عليكم وهو اني اريد دروس مشروحة في جميع مقاييس لشعبة الادب العربي فانا افهم القليل منها فقط خاصة النقد والنص وعلوم القران
 
سلام اخوتي الاعضاء عند سؤال اخر اعرف انني اطرح الكثير من الاسئلة لكن غايتي منها فهي صادقة فهذا كله من اجل الحصول على العلم
المهم سؤال هو بخصوص بحث اخر متعلق بدراسة لكتاب المقامات للحريري فقد وضعت له خطة لكن لم تعجبني.
الفصل الأول خصصته لنشأة المقامات ومفهومها و خصائها
والفصل الثاني خصصته بتعريف بالمؤلف
والفصل الثاني خصصته بتعريف بالكتاب
لكن هذه الخطة لم تعجبني فارجو المساعدة والافادة ولاخير ما عسايا اقول سوى كلمة واحدة جزاكم الله خير
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top