كل يوم حديث

عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ:
ذَكَرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ يُخْدَعُ في البُيُوعِ؟
فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((مَنْ بَايَعْتَ، فَقُلْ: لا خِلاَبَةَ)).
متفق عَلَيْهِ.

((الخِلاَبَةُ)) بخاءٍ معجمةٍ مكسورةٍ وباءٍ موحدة، وهي: الخديعة.

الحديث:
دليل على ثبوت خيار الغبن إذا اشترط ذلك.
وزاد الدارقطني والبيهقي: ((ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال، فإن رضيتها فأمسك)).
فبقي حتى أدرك زمن عثمان، فكان إذا اشترى شيئًا فقيل له: إنك غبنت فيه، رجع فيشهد له الرجل من الصحابة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد جعله بالخيار ثلاثًا فيرد له دراهمه.
 
عن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ، أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا)).
رواهُ أَبُو داود.

((خَبب)) بخاءٍ معجمة، ثُمَّ باءٍ موحدة مكررة: أيْ أفْسده وخدعه.

فيه: تحريم التخبيب، وهو إفساد المرأة على زوجها، فيقع بينهما الشقاق والتنافر، وكذا المملوك؛ لأن من شأن المؤمنين التعاون والتناصر على الحق، وهذا بخلافه.
 
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما:
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
((أرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَها: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ)).
متفق عَلَيْهِ.

فيه: أن الغدر من صفات المنافقين، وكذا بقية الخصال.
 
جزاك الله عنا كل خير
و بارك الله فيك و نفع بك
 
توقيع الامين محمد
عن ابن مسعودٍ، وابن عمر، وأنس رضي الله عنهم قالوا: قَالَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم:
((لِكُلِّ غادِرٍ لِواءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقَالُ: هذِهِ غَدْرَةُ فلانٍ)).
متفق عَلَيْهِ.
 
عن أَبي سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:
(( لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ عِنْدَ أِسْتِهِ يومَ القِيَامَةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقَدَرِ غَدْرِهِ، ألا وَلا غَادِرَ أعْظَمُ غَدْرًا مِنْ أمِيرِ عَامَّةٍ)).
رواه مسلم.

نشر اللواء زيادة في فضيحة الغادر وشناعة أمره، وشهرته بذلك عند الخلق يوم القيامة.
وفي هذه الأحاديث: بيان غلظ تحريم الغدر، ولاسيما من صاحب الولاية العامة؛ لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق كثير.
 
عن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((تُعْرَضُ الأَعْمَالُ في كلِّ اثْنَيْنِ وَخَمْيسٍ، فَيَغْفِرُ اللهُ لِكُلِّ امْرِئٍ لا يُشْرِكُ باللهِ شَيْئًا، إِلا امْرَءًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيقُولُ: اتْرُكُوا هذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا)).
رواه مسلم.

في هذا الحديث: وعيد شديد للمتشاحنين.
 

عن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((تُعْرَضُ الأَعْمَالُ في كلِّ اثْنَيْنِ وَخَمْيسٍ، فَيَغْفِرُ اللهُ لِكُلِّ امْرِئٍ لا يُشْرِكُ باللهِ شَيْئًا، إِلا امْرَءًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيقُولُ: اتْرُكُوا هذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا)).
رواه مسلم.

في هذا الحديث: وعيد شديد للمتشاحنين.
 
عن جابر رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ:
((إنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيَسَ أَنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَلَكِنْ في التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ)).
رواه مسلم.

((التَّحْرِيشُ)): الإفْسَادُ وتَغييرُ قُلُوبِهِمْ وتَقَاطُعُهُم.

قال الأصمعي:
حد جزيرة العرب هو أطراف ما بين عدن أبين إلى الشام طولًا. وأما العرض فمن جُدَّة وما والاها من شاطئ البحر إلى ريف العراق.

وقال بعض العلماء:
جزيرة العرب خمسة أقسام: تهامة، ونجد، وحجاز، وعروض، ويمن.

وقال صاحب ((المُحْكَم)): إِنما سُمِّيت بذلك؛ لأنَّ بحر فارس، وبحر الحبش، ودجلة، والفرات قد أحاطت بها.

وقوله: و((لكن في التحريش بينهم))، أي: يسعى في إيقاع الخصومات، والشحناء، والحروب، والفتن، ونحوها بينهم.

وهذا الحديث:
من معجزات النبوة، لكونه وقع كما أخبر صلى الله عليه وسلم.
 
عن أَبي هريرة رضي الله عنه:
أنًّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
(( لا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أنْ يَهْجُرَ مُؤْمِنًا فَوقَ ثَلاَثٍ، فإنْ مَرَّتْ بِهِ ثَلاَثٌ، فَلْيَلْقَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإنْ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ فَقَدِ اشْتَرَكَا في الأجْرِ، وَإنْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ فَقَدْ بَاءَ بِالإثْمِ، وَخَرَجَ المُسَلِّمُ مِنَ الهِجْرَةِ )).
رواه أَبُو داود بإسناد حسن.

قَالَ أَبُو داود:
(( إِذَا كَانَتْ الهِجْرَةُ للهِ تَعَالَى فَليسَ مِنْ هَذَا في شَيْءٍ )).

قال الخطابي:
هذا في هجر الرجل أخاه لعتب وموجدة، فرخص له في مدة الثلاث. فأما هجران الوالد الولدَ والزوج الزوجة، ومن كان من معناهما، فلا يضيق عليهما أكثر من ثلاث، وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم نساءه شهرًا.
 
عن أَبي مسعودٍ البدْرِيِّ رضي الله عنه قال:
كُنْتُ أضْرِبُ غُلامًا لِي بالسَّوْطِ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي:
((اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ))
فَلَمْ أَفْهَمِ الصَّوْتِ مِنَ الغَضَبِ، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فإذا هُوَ يَقُولُ:
((اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ أَنَّ اللهَ أقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الغُلامِ)).
فَقُلتُ: لاَ أَضْرِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أَبَدًا.

وَفِي روايةٍ:
فَسَقَطَ مِنْ يَدِي السَّوْطُ مِنْ هَيْبَتِهِ.

وفي روايةٍ: فَقُلتُ:
يَا رسولَ الله، هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ:
((أما لَوْ لَمْ تَفْعَلْ، لَلَفَحَتْكَ النَّارُ، أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ)).
رواه مسلم بهذه الروايات.

فيه: تحريم ضرب المملوك من غير موجب شرعي.
 
عن أبي ذر رضي الله عنه قال:
قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
أرأيت الرجل الذي يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه؟
قال: ((تلك عاجل بشرى المؤمن)).
رواه مسلم.

في هذا الحديث:
أن من أخلص العمل لله تعالى أطلق الله الألسنة بالثناء عليه، وأنه من جملة أولياء الله عز وجل.

قال الله تعالى:
{ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون * لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم} [يونس: 62، 64].
 
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة:
العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه)).
متفق عليه.
هذا لفظ مسلم، ورواية البخاري مختصرة.

قال ابن بطال:
كل ما كتب الله على العبد وسبق في علمه القديم فلا يستطيع العبد من دفعه، إلا أنه يلام إذا وقع فيما نهى الله عنه؛ لأن الله نهاه عن المحرمات، وأقدره على اجتنابها والتمسك بالطاعة، فلما وقع في المحرم الممنوع منه وقع في اللوم.
قوله:
((العينان زناها النظر...)) إلخ.

قال ابن بطال:
أطلق على كل مما ذكر (زنى) لكونه من دواعيه، وذلك كله من اللمم الذي تفضل الله بغفره إذا لم يكن للفرج تصديق بها، فإذا صدق الفرج كان ذلك كبيرة.
 
عن عائشة رضي الله عنها، قالت:
سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أناس عن الكهان، فقال:
((ليسوا بشيء))
فقالوا: يا رسول الله إنهم يحدثونا أحيانا بشيء، فيكون حقا؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه، فيخلطون معها مائة كذبة)).
متفق عليه.

وفي رواية للبخاري عن عائشة رضي الله عنها:
أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(( إن الملائكة تنزل في العنان- وهو السحاب- فتذكر الأمر قضي في السماء، فيسترق الشيطان السمع، فيسمعه، فيوحيه إلى الكهان، فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم )).
قوله: ((فيقرها)) هو بفتح الياء وضم القاف والراء، أي: يلقيها.
((والعنان)) بفتح العين.
الكاهن: من يخبر عن المغيبات.
والتنجيم: نوع من الكهانة.
والعرافة: نوع من التنجيم.
وأصحاب الرمل والطوارق من الكهان.
وقد كذبهم الشرع، ونهى عن تصديقهم وإتيانهم.

قال الخطابي:
هؤلاء الكهان فيما علم بشهادة الامتحان قوم لهم أذهان حادة، ونفوس شريرة، وطبائع نارية، فهم يفزعون إلى الجن في أمورهم، ويستفتونهم في الحوادث، فيلقون إليهم الكلمات.
قوله: ((فقال: ليس بشيء))، أي: ليس قولهم بشيء يعتمد عليه.
قال الحافظ:
قوله: ((فيقرها)) بفتح أوله وثانيه وتشديد الراء، أي: يصبها.
وفي رواية: ((فيقرقرها))، أي: يرددها.

وفي الحديث:
بقاء استراق الشياطين السمع، لكنه قل وندر حتى كاد يضمحل بالنسبة لما كانوا فيه من الجاهلية.

وفيه:
النهي عن إتيان الكهان.

قال القرطبي:
يجب على من قدر على ذلك من محتسب وغيره، أن يقيم من يتعاطى شيئا من ذلك من الأسواق، وينكر عليهم أشد النكر، وعلى من يجيء إليهم، ولا يغتر بصدقهم في بعض الأمور، ولا بكثرة من يجيء إليهم ممن ينسب إلى العلم، فإنهم غير راسخين في العلم، بل من الجهال لما فيه في إتيانهم من المحذور.
 
عن صفية بنت أبي عبيد، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه، لم تقبل له صلاة أربعين يوما)).
رواه مسلم.

العراف: من جملة أنواع الكهان.
قال الخطابي وغيره:
العراف: الذي يتعاطى معرفة مكان المسروق، ومكان الضالة، ونحوهما.

قوله: ((لم تقبل له صلاة أربعين يوما)).
قال الشارح:
لأنه لا ثواب له فيها وإن كانت مجزئة في سقوط الفرض عنه.
 
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت)).
رواه مسلم.

فيه:
تغليظ تحريم النياحة، والطعن في النسب الثابت شرعا.
 
عَنْ قَبِيصَةَ بنِ المُخَارِقِ رضي الله عنه قال:
سمعتُ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ:
((العِيَافَةُ، وَالطِّيَرَةُ، والطَّرْقُ، مِنَ الجِبْتِ)).
رواه أبو داود بإسناد حسن.
وقال: ((الطَّرْقُ)) هُوَ الزَّجْرُ: أيْ زَجْرُ الطَّيْرِ وَهُوَ أنْ يَتَيَمَّنَ أو يَتَشَاءمَ بِطَيَرَانِهِ، فإنْ طَارَ إلَى جِهَةِ اليَمِين، تَيَمَّنَ، وإنْ طَارَ إلَى جِهَةِ اليَسَارِ، تَشَاءمَ.
قال أبو داود:
((والعِيَافَةُ)): الخَطُّ.
قالَ الجَوْهَريُّ في الصِّحَاحِ:
الجِبْتُ كَلِمَةٌ تَقَعُ عَلَى الصَّنَمِ وَالكاهِنِ والسَّاحِرِ وَنَحْوِ ذلِكَ.
قوله: ((من الجبت)).
قال الشارح:
أي: من الكفر، إن استحل ذلك أو من السحر والكهانة وقد حذّر منها.
 
عن أَبُو الْغُصَيْنِ الْكِنَانِيُّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَمِعَ رَجُلًا وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ , وَهُوَ يَقُولُ مِنْ خَلْفِهِ:
اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ عِبَادِكَ الْأَقَلِّينَ.
فَلَمَّا انْصَرَفَ عُمَرُ قَالَ: «مَنْ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ؟»
قَالَ الرَّجُلُ: أَنَا , وَمَا أَرَدْتُ بِهَا إِلَّا خَيْرًا.
قَالَ: «وَمَا أَرَدْتَ بِهَذِهِ الدَّعْوَةِ؟»
قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: ١٣].
وَقَالَ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص: ٢٤]
قَالَ: «صَدَقْتَ»
فَأَعْجَبَتْهُ مِنْ دُعَائِهِ.
 
العودة
Top Bottom