كل يوم حديث

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:
((مَنِ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنَ النُّجُوم، اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ ما زَادَ)).
رواه أبو داود بإسناد صحيح.
قوله: ((من اقتبس علمًا من النجوم)).
قال الشارح:
أي: ما ينشأ من الحوادث عن سيرها، أمّا علمُ الوقت والقبلة فليسا مرادين هنا.
قوله: ((فقد اقتبس شعبة))، أي: قطعة من السحر، أي: وهو من باب الكبائر، وقد يكون كفرًا.
((زاد)): أي: من السحر.
((ما زاد)): أي: من علوم النجوم.

قال الخطابِّي:
علم النجوم المنهي عنه: هو ما يدعيه أهل التنجيم من علم الكوائن والحوادث التي لم تقع، وستقع في مستقبل الزمان، كأوقات هبوب الرياح، ومجيء المطر، وتغيير السعر، وما في معناها مما يزعمون إدراكه من الكواكب في مجاريها وافتراقها، ويدعون أنَّ لها تأثيرًا في السلفيات، وأنها تجري على ذلك، وهذا منهم تحكم على الغيب، وتعاطٍ لعلم قد استأثر الله تعالى به، لا يعلم الغيب سواه.
وأما علم النجوم الذي يدرك بالمشاهدة والخبر، كالذي يعرف به الزوال، ويعلم به جهة القبلة، فغير داخل فيما نهي عنه؛ لأن مدار ذلك على ما يشاهد من الظل في الأول، والكواكب في الثاني. انتهى ملخصًا.
 
عن مُعاوِيَةَ بنِ الحَكَمِ رضي الله عنه قال:
قلتُ: يا رسُولَ اللهِ إنِّي حديثُ عَهْدٍ بالجاهِليَّةِ، وَقَدْ جَاءَ اللهُ تَعَالَى بالإسْلاَمِ، وإنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأتُونَ الكُهَّانَ؟
قال: ((فَلا تأتِهِمْ))
قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ؟
قَالَ: ((ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ، فَلا يَصُدُّهُمْ))
قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ؟
قَالَ: ((كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ)).
رواه مسلم.

فيه: تحريم المجيء إلى الكهان.
قوله: ومنا رجال يتطيرون؟
قال: ((ذلك شيء يجدونه في صدورهم)).
قال الشارح: أي أمر خلقي بحسب الطبع، لا يكلفون برفعه، إنما يكلفون أن لا يعملوا بقضيته، كما قال: فلا يصدهم، أي لا يعيقهم ذلك عما خرجوا له، فإن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى، ولا أثر لغيره في شيء ألبتة.
قوله: ومنا رجال يخطّون؟
قال: ((كان نبِيٌّ من الأنبياء يخط فمن وافق خطة فذاك)).
قال في النهاية:
قال ابن عباس:
الخط: هو الذي يخطه الحازي، وهو علم قد تركه الناس، يأتي صاحب الحاجة إلى الحازي فيعطيه حلوانًا، فيقول له: اقعد حتى أخط لك. وبين يدي الحازي غلام له معه ميل، ثم يأتي إلى الأرض رخوة فيخط فيها خطوطًا كثيرة بالعجلة لئلا يلحقها العدد، ثم يرجع فيمحو منها على مهل خطين خطين، وغلامه يقول للتفاؤل: ابنَيْ عيان أسرعا البيان، فإن بقي خطان فهما علامة النجح، وإن بقي خط واحد فهو علامة الخيبة.
وقال الحربي:
الخط: هو أن يخط ثلاثة خطوط، ثم يضرب عليهن بشعير أو نوى، ويقول: يكون كذا وكذا، وهو ضرب من الكهانة.
قلت:
الخط المشار إليه علم معروف، وللناس فيه تصانيف كثيرة، وهو معمول به إلى الآن، ولهم فيه أوضاع، واصطلاح، وأسام. وعمل كثير، ويستخرجون به الضمير وغيره، وكثيرًا ما يصيبون فيه. انتهى كلام النهاية.

وقال الخطابي:
الكهانة على أصناف، منها ما يتلقونه من الجن، إلى أنْ قال: ثالثها: ما يستند إلى ظن، وتخمين، وحدث، فهذا قد يجعل الله فيه لبعض الناس قوة، مع كثرة الكذب فيه.
رابعها: ما يستند إلى التجربة والعادة، فيستدل على الحادث بما وقع قبل ذلك.
ومن هذا القسم الأخير ما يضاهي السحر، وقد يعْتضد بعضهم في ذلك بالزجر، والطرق، والنجوم، وكل ذلك مذموم شرعًا.
وقال الخطابي أيضًا: وأما قوله: ((فمن وافق خطه فذاك)). فقد يحتمل أنْ يكون معناه الزجر عنه إذا كان من بعده لا يوافق خطه، ولا ينال حظه من الصواب؛ لأن ذلك إنما كان آية لذلك النبي، فليس لمن بعده أنْ يتعاطاه طمعًا في نيله. والله أعلم.
 
عن أَبي مَسعودٍ البدريِّ رضي الله عنه أنَّ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
( نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ، وَمَهْرِ البَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الكاهِنِ.)
متفق عَلَيْهِ.

قوله: ((نهى عن ثمن الكلب)). قال الحافظ: ظاهر النهي تحريم بيعه، وهو عام في كل كلب؛ معلمًا كان أو غيره، مما يجوز اقتناؤه أو لا يجوز، ومن لازمِ ذلك أنْ لا قيمة على متلفه وبذلك قال الجمهور. انتهى.
وقال عطاء والنخعي: يجوز بيع كلب الصيد دون غيره. لما روى النسائي عن جابر، قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب إلا كلب صيد.

قوله: ((ومهر البغي)): هو ما تُعْطاه على الزنى، وسُمِّي مهرًا على سبيل المجاز، وهو حرام؛ لأنه في مقابلة حرام.

قوله: ((وحلوان الكاهن)): وهو ما يعطاه على كهانته.

قال الحافظ:
هو حرام بالإجماع لما فيه من أخذ العوض على أمر باطل.
وفي معناه التنجيم، والضرب بالحصا، وغير ذلك مما يتعاطاه العرافون من استطلاع الغيب.
والكهانة: ادّعاء علم الغيب، كالإخبار بما سيقع في الأرض مع الاستناد إلى سبب، والأصل فيه استراق الجني السمع من كلام الملائكة، فيلقيه في أُذن الكاهن.

والكاهن: لفظ يطلق على العرّاف، والذي يضرب بالحصا، والمنجم، ويطلق على من يقوم بأمر آخر، ويسعى في قضاء حوائجه.

وقال الخطابيِّ:
الكهنة: قوم لهم أذهان حادة، ونفوس شريرة، وطباع نارية، فأَلِفَتْهم الشياطين لما بينهم من التناسب في هذه الأمور، وساعدتهم بكل ما تصل قدرتهم إليه.
 
عن أنس رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
((لاَ عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُني الفَألُ))
قالُوا: وَمَا الفَألُ؟
قَالَ: ((كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ)).
متفق عَلَيْهِ.
 

عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ:
قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ. وإنْ كَانَ الشُّؤمُ في شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ، وَالمَرْأَةِ، والفَرَسِ )).
متفق عَلَيْهِ.

قال البخاري:
باب لا عدوى. وذكر حديث ابن عمر، وأنس.
وحديث أبي هريرة: (( لا توردوا الممرض على المُصِحِّ)). وحديثه أيضًا:
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( لا عدوى)).
فقام أعرابي فقال: أرأيت الإبل تكون في الرمال أمثال الظباء، فيأتيها البعير الأجرب فتجرب؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فمن أعدى الأول)).

وقال أيضًا: باب الجذام. وذكر حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر، وفِرَّ من المجذوم كما تفر من الأسد)).

قال الحافظ:
وأخرج مسلم من حديث عمرو بن الشريد الثقفي عن أبيه، قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إنا قد بايعناك فارجع)).

قال عياض:
اختلفت الآثار في المجذوم، فجاء ما تقدم عن جابر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أكل مع مجذوم، وقال:
((ثقةً بالله، وتوكلًا عليه)).
قال: مذهب عمر وجماعة من السلف إلى الأكل معه، ورأوا أن الأمر باجتنابه منسوخ.
والصحيح الذي عليه الأكثر ويتعين المصير إليه أنْ لا نسخ، بل يجب الجمع بين الحديثين، وحملِ الأمر باجتنابه والفرارِ منه على الاستحباب والاحتياط، والأكل معه على بيان الجواز.

وقال القرطبي:
إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إيراد الممرض على المصح، مخافةَ الوقوع، فيما وقع فيه أهل الجاهلية من اعتقاد العدوى، أو مخافة تشويش النفوس، وتأثير الأوهام، وهو نحو قوله: ((فِرَّ من المجذوم فرارك من الأسد)).
وإنْ كنا نعتقد أنَّ الجذام لا يُعْدي، لكنا نجد في أنفسنا نفرة وكراهية لمخالطته، حتى لو أكره إنسان نفسه على القرب منه وعلى مجالسته لتأذّت نفسه بذلك، فحينئذ فالأولى للمؤمن أنْ لا يتعرض إلى ما يحتاج فيه إلى مجاهدة، فيجتنب طرق الأوهام، ويباعد أسباب الآلام، مع أنه يعتقد أنْ لا ينجي حذرٌ من قدر. والله أعلم. انتهى ملخصًا.

قوله: ((لا عدوى، ولا طيرة، ويعجبني الفأل)).
قالوا: وما الفأل؟
قال: ((كلمة طيبة)).
((وإنْ كان الشؤم في شيء، ففي الدار، والمرأة، والفرس)).

قال الشارح:
خص هذه الثلاث بالذكر لطول ملازمتها، ولأنها أكثر ما يتطير به الناس، فمن وقع في نفسه منها شيء تركه، واستبدل به غيره.

وللحاكم: ((ثلاث من الشقاء: المرأة تراها تسوؤك، أو تحمل لسانها عليك، والدابة تكون قطوفًا فإن ضربتها أتعبتك، وإن تركتها لم تلحق أصحابك. والدار تكون ضيقة قليلة المرافق)).
 
عن بُريْدَةَ رضي الله عنه:
أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لا يَتَطَيَّرُ.
رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.

قوله: كان لا يتطير، أي: من أي شيء، بل يتوكل على الله.
 
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«إِذَا كَثُرَتْ ذُنُوبُ الْعَبْدِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ما يُكَفِّرُهَا، ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِالْحُزْنِ لِيُكَفِّرَهَا عَنْهُ»
 
عن عُروة بن عامر رضي الله عنه قال:
ذُكِرَتِ الطِّيَرَةُ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالَ:
((أحْسَنُهَا الفَألُ. وَلا تَرُدُّ مُسْلِمًا فإذا رَأى أحَدُكُمْ ما يَكْرَهُ، فَليْقلْ: اللَّهُمَّ لا يَأتِي بِالحَسَناتِ إلا أنْتَ، وَلا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إلا أنْتَ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا بِكَ)).
حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح.

قال البخاري: باب الفأل.
وذكر حديث أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
((لا طيرة. وخيرها الفأل)).
قالوا: وما الفأل يا رسول الله؟!
قال: ((الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم)).
وحديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( لا عدوى، ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح، الكلمة الحسنة)).

قال الحافظ:
وأخرج ابن ماجة بسند حسن عن أبي هريرة رفعه:
كان يعجبه الفأل، ويكره الطيرة.
وأخرج الترمذي من حديث حابس التميمي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
((العين حق، وأصدق الطيرة الفأل)).

قال الخطابي:
الفرق بين الفأل والطيرة.
أنَّ الفأل من طريق حُسن الظن بالله، والطيرة لا تكون إلا في السوء، فلذلك كُرهت.
قال ابن بطال:
جعل الله في فطر الناس محبة الكلمة الطيبة، والأنس بها، كما جعل فيهم الارتياح بالنظر الأنيق، والماء الصافي، وإنْ كان لا يملكه، ولا يشربه.

وأخرج الترمذي وصححه من حديث أنس:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج لجاجته يعجبه أنْ يسمع يا نجيح، يا راشد.

وأخرج أبو داود بسند حسن عن بريدة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتطير من شيء، وكان إذا بعث عاملًا يسأل عن اسمه، فإذا أعجبه فرح به، وإن كره اسمه رؤي كراهة ذلك في وجهه.

وقال الطيبي:
معنى الترخص في الفأل، والمنع من الطيرة، لو رأى شيئًا فظنه حسنًا محرضًا على طلب حاجته فليفعل ذلك، وإن رآه بضد ذلك فلا يقبله، بل يمضي لسبيله، فلو قبل وانتهى عن المضي فهو الطيرة التي اختصت بأن تستعمل في الشؤم، والله أعلم.
انتهى ملخصًا.
 
عن ابن عمر رضي الله عنهما:
أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:
(( إنَّ الَّذينَ يَصْنَعُونَ هذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيامَةِ، يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ )).
متفق عليه.

فيه:
تحريم التصوير، وأنه من كبائر الذنوب.
 
عن عائشة رضي الله عنها، قالت:
قَدِمَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرامٍ فِيهِ تَمَاثيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَلَوَّنَ وَجْهُهُ، وقال:
(( يَا عَائِشَةُ، أشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا عِندَ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللهِ!))
قَالَتْ: فَقَطَعْنَاهُ فَجَعَلْنَا مِنهُ وِسَادَةً أوْ وِسَادَتَيْنِ.
متفق عليه.

((القِرامُ)) بكسرِ القاف هو: السِّتْرُ.
((وَالسَّهْوَةُ)) بفتح السينِ المهملة وهي: الصُّفَّةُ تَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ البَيْتِ، وقيلَ: هِيَ الطَّاقُ النَّافِذُ في الحائِطِ.

فيه:
تحريم استعمال الصور، ولو كانت غير مجسمة، وجواز استعمالها إذا قطعت.
 
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول:
(( مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا، كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَومَ القِيَامَةِ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ)).
متفق عليه.
تكليفه بنفخ الروح فيما صور، تعجيزًا له، وتوبيخًا.
 
عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال:
سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:
((إنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَومَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ)).
متفق عليه.

قال الخطابي:
إنما عظمت عقوبة المصور؛ لأن الصور كانت تعبد من دون الله، ولأن النظر، إليها يفتن، وبعض النفوس إليها تميل.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
سمعتُ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:
((قال اللهُ تَعَالَى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي؟ فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً أوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً، أوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً)).
متفق عليه.

قال الحافظ: المراد بالذرة: النملة، والغرض تعجيزهم تارة بتكليفهم خلق حيوان، وهو أشد، وأخرى بتكليفهم خلق الجماد وهو أهون، ومع ذلك لا قدرة لهم على ذلك.
 
عن أبي طلحة رضي الله عنه أنَّ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:
((لاَ تَدْخُلُ المَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلا صُورَةٌ)).
متفق عليه.

قال الخطابي: والصورة التي لا تدخل الملائكة البيت الذي هي فيه ما يحرم اقتناؤه، وهو ما يكون من الصور التي فيها روح مما لم يقطع رأسه أو لم يمتهن.
 
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
وَعَدَ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلُ أنْ يَأتِيَهُ، فَرَاثَ عَلَيْهِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ فَلَقِيَهُ جِبريلُ فَشَكَا إلَيهِ، فَقَالَ:
إنَّا لا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلا صُورَةٌ.
رواهُ البُخاري.
((راث)): أبْطَأَ، وهو بالثاء المثلثة.

قال القرطبي:
واختلف في المعنى الذي في الكلب، حتى منع الملائكة من دخول البيت الذي هو فيه.
فقيل: لكونها منجسة العين.
وقيل: لكونها من الشياطين.
وقيل: لأجل النجاسة التي تتعلق بها.
 
آخر تعديل:
عن عائشة رضي الله عنها، قالت:
واعدَ رسولَ الله ِ صلى الله عليه وسلم جبريلُ عليهِ السَّلامُ، في سَاعَةٍ أنْ يَأتِيَهُ، فَجَاءتْ تِلْكَ السَّاعَةُ وَلَمْ يَأتِهِ!
قَالَتْ: وَكَانَ بِيَدِهِ عَصًا، فَطَرَحَهَا مِنْ يَدِهِ وَهُوَ يَقُولُ:
((ما يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلا رُسُلُهُ)) ثُمَّ التَفَتَ، فإذَا جَرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ سَرِيرِهِ.
فقالَ: ((يا عائشة! مَتَى دَخَلَ هَذَا الكَلْبُ؟))
فَقُلْتُ: واللهِ مَا دَرَيْتُ بِهِ، فَأمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَجَاءهُ جِبْرِيلُ- عليه السلام، فقال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((وَعَدْتَنِي، فَجَلَسْتُ لَكَ وَلَمْ تَأتِني))
فقالَ: ((مَنَعَنِي الكَلْبُ الَّذِي كانَ في بَيْتِكَ، إنَّا لا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلا صُورَةٌ)).
رواه مسلم.

قال الحافظ:
وحديث أبي هريرة في السنن، وصححه الترمذي، وابن حبان أتم سياقًا ولفظه،:
أتاني جبريل فقال: أتيتك البارحة فلم يمنعني أنْ أكون دخلت، إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام ستر فيه ثماثيل، وكان في البيت كلب، فَمُرْ برأس التمثال الذي على الباب يقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومُرْ بالستر فيقطع فليجعل منه وسادتان منبوذتان توطآن، ومر بالكلب فليخرج، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 
عن أبي الهَيَّاجِ حَيَّانَ بِن حُصَيْنٍ، قال:
قال لي عَليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟ أن لا تَدَعَ صُورَةً إلا طَمَسْتَهَا، وَلا قَبْرًا مُشْرفًا إلاَّ سَوَّيْتَهُ.
رواه مسلم.

في هذا الحديث:
وجوب طمس الصور، وهدم القبور المشرفة.

وقال البخاري:
باب نقض الصور. وذكر حديث عائشة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئًا فيه تصاليب، إلا نقضه.
وحديث أبي هريرة: ((ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرة)). الحديث.

قال الحافظ: والذي يظهر أنه استنبط نقض الصور التي تشترك مع الصليب في المعنى، وهو عبادتهم من دون الله، فيكون المراد بالصور في الترجمة خصوصًا ما يكون من ذوات الأرواح.

قال ابن بطال: في هذا الحديث دلالة على أنه صلى الله عليه وسلم كان ينقض الصورة، سواءً كانت ممّا له ظل، أم لا، وسواء كانت مما توطأ أم لا، سواء في الثياب، وفي الحيطان، وفي الفرش، والأوراق وغيرها. انتهى ملخصًا.
 
عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:
سمعتُ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:
(( مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إلا كَلْبَ صَيْدٍ أوْ مَاشِيَةٍ فَإنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أجْرِهِ كُلَّ يَومٍ قِيرَاطَانِ )).
متفق عليه.

وفي رواية: ((قِيرَاطٌ)).
 
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" لو أن رجلين تحابا في الله ، أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب ، لجمع الله بينهما يوم القيامة ، يقول : هذا الذي أحببته في " .
 
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:
(( لاَ تَصْحَبُ المَلاَئِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ أوْ جَرَسٌ )).
رواه مسلم.
 
جزاك الله كل خير
 
توقيع ام أمينة
العودة
Top Bottom