التفاعل
20.4K
الجوائز
3.4K
- تاريخ التسجيل
- 19 ماي 2011
- المشاركات
- 10,472
- آخر نشاط
- الحالة الإجتماعية
- متزوجة
- الجنس
- أنثى
- الأوسمة
- 46

السلام عليكم و رجمة الله تعالى و بركاته
العدد الرابع من سلسلة مشاهير علماء المسلمين
الشخصية الخامسة هي رحالة العرب
ابن بطُّوطة
كان محمد بن عبد اللّه اللواتيُّ المعروف بابن بطُّوطة رحالةً شهيرًا
وُلِدَ في 24 فيفري 1304 م / 703 هـ في مدينة طنجة المغربية
كانت طنجة كميناء ساحلي مُلتقى للكثير من الرّحالة
و كان بالإمكان أن يُسمع بها الكثير من قصص المغامرات في الأصقاع و البلدان الغربية
مما أثار فضول ابن بطُّوطة للذهاب إلى هذه الأماكن و مُعاينة ما سمِع
كان ينتمي إلى عائلة موسورة من البربر و قد أخرجت عائلته الكثير من القُضاة الجليلين لذا كان من الطبيعي أن يتعمق ابن بطُّوطة في الدراسة الشرعية و لا سيما الفقه المالكي مما أهَّلهُ فيما بعد ليُصبح قاضيًا
و بعد أن أنهى دراسته الشرعية بطنجة في سن الواحد و العشرين برحلة إلى مكّة و في ذهنه استكمال تحصيله العلمي على أيدي علماء المشرق و لكن تلك الرحلة إلى مكّة أثارت فيه حبّ استطلاع العالم فوضع جانبًا طُموحهوفي أن يُصبح قاضيًا و قرّر أن يقوم برحلة يستكشف فيها للعالم و ينهل خلال ذلك من معارف علماء الأقطار
بدأ ابن بطُّوطة أسفاره بقصد الحّج و زيارة مدينة مكّة المكرّمة و قد استغرقه الأمر عامًا و نصف للوصول من مدينته في المغرب إلى مكّة
حيث ارتحل من مدينة طنجة في رجب 725 هـ / 1325 م إلى الجزائر فتونس فمصر ثم طوّف في أرجاء الشام ( فلسطين و سوريا ) قبل أن يصل إلى مكّة مع موكب الحّج الشامي ماكثا في دمشق خلال شهر رمضان الكريم
زار ابن بطُّوطة المدينة المنّورة قبل بلوغه مكّة و بقي فيها 4 أيام زار فيها الأماكن المقدّسة
غادر ابن بطُّوطة مُحرِمًا و أنجز طقوس الحّج و الطواف في مكّة و قد أُعجِب بلُطف و كرَم أهل مكّة و بنظافة المكان و بقي فيها 3 أسابيع تلقّى فيها دروسًا على يد العلماء هناك و قد حجّ ابن بطُّوطة 3 مرات أخرى مُتّخِذًا منها مُنطَلَقًا لرحلات جديدة
زار ابن بطُّوطة كل من مصر و سوريا و الجزيرة العربية و قد استغرقت رحلة القافلة التي كان فيها 9 أشهر للوصول إلى مصر
و زار في مصر نهر النيل و القاهرة و الصعيد و زار في فلسطين الأماكن المقّدسة في القدس و بيت لحم و الخليل
كما أنه جال في أرجاء الشام ( دمشق و حِمص و حلب و اللاذقية و بعلبك ) و طوّف في العراق ( النجف و الكوفة و واسط و الحلّة و بغداد و الموصل ) و الأهوار و بلاد فارس ( تُستُر و أصبهان و شيراز ) و الجزيرة الفُراتية ( ماردين و نصيبين )
و ينظر الناس باحترام كبير إلى الرّحالة ابن بطُّوطة لأنه أعطى وصفًا فائقًا للحضارة العربية الإسلامية في بلادهم و عرضَ الأحوال السياسية و الإجتماعية و الثقافية التي كانت تعيشها أوطانهم في تلك الفترة
زار ابن بطُّوطة العديد من الأماكن التاريخية و السياحية و المُقدّسة في أوروبا و استكشف الكثير من الأماكن في الأندلس ( إسبانيا ) و بلغاريا و بيزنطة ( اسطنبول ) و روسيا ( شمال البحر الأسود و القوقاز )
و قد اكتشف خِلال تجواله العديد من الإختلافات الثقافية بين شعبه و الشعوب الأوروبية و كانت بعض تجاربه سارةً و لكن تعلقه بثقافته كان يغلب على كل شيئ
وِفقًا لابن الجوزي تحدث ابن بطُّوطة عن نفسه قائلًا : " لقد حققتُ بالفِعل و للّه الحمد رغبتي في هذا العالم و التي كانت السفر حول الأرض و نِلتُ شرفَ ذلك الأمر الذي لم يسبِق لإنسان عادي نيلَهُ
غطّت أسفارُ ابن بطُّوطة العديد من الأماكن في الشرق و وسط و جنوب آسيا و حين وفدَ على سلطان دِلهي ( محمد بن غياث الدين تُغلُق شاه ) عيّنهُ قاضيًا و خلال إقامته عِنده زار ابن بطُّوطة مختلف أنحاء الهند
بعد عدّة سنوات أرسله ( ابن تُغلُق) سفيرًا إلى الصين التي كانت تَحكُمُها سُلالة ( يوان ) المالكة و في طريقه تعرّض للسرقة و فُصِل عن رفقائه المُسافرين
ثم أقام بجزر المالديف سنين قاضيًا بين النّاس قبل أن يُواصل رِحلته إلى الصين مارًا ب ( سيلان و جاوة ) الأندونيسية و وصل الصين سنة 746 هـ / 1345 م و قد أُعجب كثيرًا بالفّن الصيني و زار ( هانغتسو و بيجنغ ) ثم بدأ طريق العودة إلى المغرب فعاد إلى الهند ثم عبر البحر إلى العراق و طاف بالشام فصادف قُدمومه إليها إنتشار الطاعون فيها فخرج منها سالمًا و حجّ البيت بمكّة ثم قفل عائدًا إلى بلده
بعد عودته إلى طنجة بدأ رحلة إفريقية زار فيها غرب و وسط إفريقيا ( جنوب الصحراء الكُبرى ) و استهجن المُعاملة القاسية التي كان يلقاها العبيد في إفريقيا
على الرغم من كونه كثير الأسفار إلا أنه لم يكن كاتب رحلات عادي
فأسلوب كتابته ذو مسحة دينية إنسانية يميل بعمق نحو التقوى مُعبرًا عن الحوانب السّاطعة من الدّين
و إن كان ضمّن كِتابه أيضا العديد من الأمثلة و التجارب المتعلقة بالتمييز و الإستغلال على أساس ديني و ثقافي
يُلخص كتاب ( رحلات ابن بطوطة ) ذكريات 29 عامًا من الأسفار و قد ألّفه مُستعينا بالكاتب ( ابن جُزيْ الكلبي ) الذي عينهُ لهُ سلطان المغرب ( أبو عنانٍ المُريني )
و يصف كتابه المدى الواسع من الأماكن التي انتشر أو طبّق فيها الإسلام
لكنه لم يقتصر على وصف الرّحلات بل تعدّى ذلك إلى التاريخ الطبيعي و الجُغرافيا و العادات المحلية و مختلف التّجارب الي مرّ بها خلال رحلاته
كان ابن بطُّوطة مُلتزما بإسلامه و قد كان للدّين دور مهم في القرارات التي اتّخدها في حياته و يبدو ذلك واضحا حين قرّر القيام بالأسفار أثناء حجّه إلى مكّة المكرّمة
و كان ابن بطُّوطة يتبع ما يُمليه عليه قلبه لذا فقد شاء اللّه أن يُصبح رحّالةً مُستكشفا بدلاً من عمله في القضاء أو التدريس
و كان قد وضع لنفسه قاعدتين غي بداية رحلاته و هما أن يستكشف العالم الإسلامي فقط و ألا يزور أي مكان أمثر من مرة واحدة و لكنه لم يتمكن من الإلتزام كثيرا بهاتين القاعدتين
لقد طغى هواهُ باستكشاف الأماكن الجديدة على القواعد التي وضعها لنفسه حتى تعرّض لصدمات ثقافية في بعض الأماكن التي زارها مثل ( منغوليا و جزر المالديف ) فقد كانت هذه الأماكن أكثر تحررا بالنسبة إلى تربيته المُحافظة
و لكن هذه التجارب على اختلافها ساعدت في تكوين شخصيته
كان ابن بطُّوطة من أهم الرّحالة القدماء فقد قطع أكثر من 73.000 ميل في أسفاره و بكون بذلك قد قطع مسافات أبعد من الرّحالة الشهير ( ماركو بولو ) لذا أطلق عليه الأوروبيون إسم ( ماركو بولو العرب ) أو ( أمير الرّحالين المسلمين )
و لرحلاته أهمية تاريخية لأنه دوّنها و وثقها بنفسه و قد ساعدت كِتاباته في إلقاء الضوء على العديد من الحضارات المجهولة و الحقائق التاريخية الغريبة مع كل ما تعرّض له من تكذيب في المغرب لتلك الأخبار التي ساقها كِتابه و لاسيّما ما قصّهُ عن ملك الهند و عِظم إحسانه الذي يفوق الوصف
لم يعمل ابن بطُّوطة مُطلقًا في السّياسةو لكن بحُكم عمله ععالِم و قاضٍ في الكثير من الأماكن فقد كان في موقع إجتماعي مهم
و قد تعرّض للكثير من الصّدمات الثقافية في أماكن مثل ( جزر المالديف و تركيا ) ففي المالديف اعترض على طريقة لبس النساء و لكن سكانها تجاهلوه فغادر المكان و أثناء إقامته في تركيا راعَهُ ما شهِدهُ من معاملة الأزواج لزوجاتهن حيث كانوا يعاملونهن كالعبيد
كما اختبر أيضا العديد من المُعضِلات الثقافية و السّياسية في إفريقيا و كانت هذه التجارب تُقوي إيمانه بعظمة ثقافته الإسلامية و ينظر البعضُ إلى أنّ هذا الموقف كان مُحابيًا للإسلام على حساب المُعتقدات الأخرى
بعد أن قضى 29 عاما من الترحال لابن بطُّوطة و استكشاف قسم كبير من العالم عاد إلى المغرب و كانت آخر رحلاته هي تلك التي قام بها إلى غرب و وسط إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ما بين ( 1352 م و 1353 م ) ثم عاد بعدها ليستقر في المغرب
و هناك أملى تقاريره سنة ( 756 هـ / 1355 م ) على ( ابن جزيْ الكلبي ) في بلاط ( السلطان المُريني أبو عنانٍ ) فحولاها إلى كِتابه الشهير ( الرّحلات ) و سماها ( تُحفة النُّظار في غرائب الأمصار و عجائب الأسفار )
و لم يقُم ابن بطُّوطة بأي رحلة بعد الإنتهاء من كتابة ( الرّحلات ) بسبب تقدمه بالعمر و أصبح يعملُ قاضيًا و اشتُهر بقَّصِه القصص عن رحلاته و أخذ العِبر منها
توفي ابن بطُّوطة في مدينة مراكش المغربية سنة 779 هـ / 1377 م و مازال الغموض يكتنف السنوات الأخيرة من حياته حيث لم تُذكر في أي مرجع تاريخي و لكنه سيبقى مشهورا بفضله على تاريخ العالم
انتهى ....
العدد الرابع من سلسلة مشاهير علماء المسلمين
الشخصية الخامسة هي رحالة العرب
ابن بطُّوطة
كان محمد بن عبد اللّه اللواتيُّ المعروف بابن بطُّوطة رحالةً شهيرًا
وُلِدَ في 24 فيفري 1304 م / 703 هـ في مدينة طنجة المغربية
كانت طنجة كميناء ساحلي مُلتقى للكثير من الرّحالة
و كان بالإمكان أن يُسمع بها الكثير من قصص المغامرات في الأصقاع و البلدان الغربية
مما أثار فضول ابن بطُّوطة للذهاب إلى هذه الأماكن و مُعاينة ما سمِع
كان ينتمي إلى عائلة موسورة من البربر و قد أخرجت عائلته الكثير من القُضاة الجليلين لذا كان من الطبيعي أن يتعمق ابن بطُّوطة في الدراسة الشرعية و لا سيما الفقه المالكي مما أهَّلهُ فيما بعد ليُصبح قاضيًا
و بعد أن أنهى دراسته الشرعية بطنجة في سن الواحد و العشرين برحلة إلى مكّة و في ذهنه استكمال تحصيله العلمي على أيدي علماء المشرق و لكن تلك الرحلة إلى مكّة أثارت فيه حبّ استطلاع العالم فوضع جانبًا طُموحهوفي أن يُصبح قاضيًا و قرّر أن يقوم برحلة يستكشف فيها للعالم و ينهل خلال ذلك من معارف علماء الأقطار
بدأ ابن بطُّوطة أسفاره بقصد الحّج و زيارة مدينة مكّة المكرّمة و قد استغرقه الأمر عامًا و نصف للوصول من مدينته في المغرب إلى مكّة
حيث ارتحل من مدينة طنجة في رجب 725 هـ / 1325 م إلى الجزائر فتونس فمصر ثم طوّف في أرجاء الشام ( فلسطين و سوريا ) قبل أن يصل إلى مكّة مع موكب الحّج الشامي ماكثا في دمشق خلال شهر رمضان الكريم
زار ابن بطُّوطة المدينة المنّورة قبل بلوغه مكّة و بقي فيها 4 أيام زار فيها الأماكن المقدّسة
غادر ابن بطُّوطة مُحرِمًا و أنجز طقوس الحّج و الطواف في مكّة و قد أُعجِب بلُطف و كرَم أهل مكّة و بنظافة المكان و بقي فيها 3 أسابيع تلقّى فيها دروسًا على يد العلماء هناك و قد حجّ ابن بطُّوطة 3 مرات أخرى مُتّخِذًا منها مُنطَلَقًا لرحلات جديدة
زار ابن بطُّوطة كل من مصر و سوريا و الجزيرة العربية و قد استغرقت رحلة القافلة التي كان فيها 9 أشهر للوصول إلى مصر
و زار في مصر نهر النيل و القاهرة و الصعيد و زار في فلسطين الأماكن المقّدسة في القدس و بيت لحم و الخليل
كما أنه جال في أرجاء الشام ( دمشق و حِمص و حلب و اللاذقية و بعلبك ) و طوّف في العراق ( النجف و الكوفة و واسط و الحلّة و بغداد و الموصل ) و الأهوار و بلاد فارس ( تُستُر و أصبهان و شيراز ) و الجزيرة الفُراتية ( ماردين و نصيبين )
و ينظر الناس باحترام كبير إلى الرّحالة ابن بطُّوطة لأنه أعطى وصفًا فائقًا للحضارة العربية الإسلامية في بلادهم و عرضَ الأحوال السياسية و الإجتماعية و الثقافية التي كانت تعيشها أوطانهم في تلك الفترة
زار ابن بطُّوطة العديد من الأماكن التاريخية و السياحية و المُقدّسة في أوروبا و استكشف الكثير من الأماكن في الأندلس ( إسبانيا ) و بلغاريا و بيزنطة ( اسطنبول ) و روسيا ( شمال البحر الأسود و القوقاز )
و قد اكتشف خِلال تجواله العديد من الإختلافات الثقافية بين شعبه و الشعوب الأوروبية و كانت بعض تجاربه سارةً و لكن تعلقه بثقافته كان يغلب على كل شيئ
وِفقًا لابن الجوزي تحدث ابن بطُّوطة عن نفسه قائلًا : " لقد حققتُ بالفِعل و للّه الحمد رغبتي في هذا العالم و التي كانت السفر حول الأرض و نِلتُ شرفَ ذلك الأمر الذي لم يسبِق لإنسان عادي نيلَهُ
غطّت أسفارُ ابن بطُّوطة العديد من الأماكن في الشرق و وسط و جنوب آسيا و حين وفدَ على سلطان دِلهي ( محمد بن غياث الدين تُغلُق شاه ) عيّنهُ قاضيًا و خلال إقامته عِنده زار ابن بطُّوطة مختلف أنحاء الهند
بعد عدّة سنوات أرسله ( ابن تُغلُق) سفيرًا إلى الصين التي كانت تَحكُمُها سُلالة ( يوان ) المالكة و في طريقه تعرّض للسرقة و فُصِل عن رفقائه المُسافرين
ثم أقام بجزر المالديف سنين قاضيًا بين النّاس قبل أن يُواصل رِحلته إلى الصين مارًا ب ( سيلان و جاوة ) الأندونيسية و وصل الصين سنة 746 هـ / 1345 م و قد أُعجب كثيرًا بالفّن الصيني و زار ( هانغتسو و بيجنغ ) ثم بدأ طريق العودة إلى المغرب فعاد إلى الهند ثم عبر البحر إلى العراق و طاف بالشام فصادف قُدمومه إليها إنتشار الطاعون فيها فخرج منها سالمًا و حجّ البيت بمكّة ثم قفل عائدًا إلى بلده
بعد عودته إلى طنجة بدأ رحلة إفريقية زار فيها غرب و وسط إفريقيا ( جنوب الصحراء الكُبرى ) و استهجن المُعاملة القاسية التي كان يلقاها العبيد في إفريقيا
على الرغم من كونه كثير الأسفار إلا أنه لم يكن كاتب رحلات عادي
فأسلوب كتابته ذو مسحة دينية إنسانية يميل بعمق نحو التقوى مُعبرًا عن الحوانب السّاطعة من الدّين
و إن كان ضمّن كِتابه أيضا العديد من الأمثلة و التجارب المتعلقة بالتمييز و الإستغلال على أساس ديني و ثقافي
يُلخص كتاب ( رحلات ابن بطوطة ) ذكريات 29 عامًا من الأسفار و قد ألّفه مُستعينا بالكاتب ( ابن جُزيْ الكلبي ) الذي عينهُ لهُ سلطان المغرب ( أبو عنانٍ المُريني )
و يصف كتابه المدى الواسع من الأماكن التي انتشر أو طبّق فيها الإسلام
لكنه لم يقتصر على وصف الرّحلات بل تعدّى ذلك إلى التاريخ الطبيعي و الجُغرافيا و العادات المحلية و مختلف التّجارب الي مرّ بها خلال رحلاته
كان ابن بطُّوطة مُلتزما بإسلامه و قد كان للدّين دور مهم في القرارات التي اتّخدها في حياته و يبدو ذلك واضحا حين قرّر القيام بالأسفار أثناء حجّه إلى مكّة المكرّمة
و كان ابن بطُّوطة يتبع ما يُمليه عليه قلبه لذا فقد شاء اللّه أن يُصبح رحّالةً مُستكشفا بدلاً من عمله في القضاء أو التدريس
و كان قد وضع لنفسه قاعدتين غي بداية رحلاته و هما أن يستكشف العالم الإسلامي فقط و ألا يزور أي مكان أمثر من مرة واحدة و لكنه لم يتمكن من الإلتزام كثيرا بهاتين القاعدتين
لقد طغى هواهُ باستكشاف الأماكن الجديدة على القواعد التي وضعها لنفسه حتى تعرّض لصدمات ثقافية في بعض الأماكن التي زارها مثل ( منغوليا و جزر المالديف ) فقد كانت هذه الأماكن أكثر تحررا بالنسبة إلى تربيته المُحافظة
و لكن هذه التجارب على اختلافها ساعدت في تكوين شخصيته
كان ابن بطُّوطة من أهم الرّحالة القدماء فقد قطع أكثر من 73.000 ميل في أسفاره و بكون بذلك قد قطع مسافات أبعد من الرّحالة الشهير ( ماركو بولو ) لذا أطلق عليه الأوروبيون إسم ( ماركو بولو العرب ) أو ( أمير الرّحالين المسلمين )
و لرحلاته أهمية تاريخية لأنه دوّنها و وثقها بنفسه و قد ساعدت كِتاباته في إلقاء الضوء على العديد من الحضارات المجهولة و الحقائق التاريخية الغريبة مع كل ما تعرّض له من تكذيب في المغرب لتلك الأخبار التي ساقها كِتابه و لاسيّما ما قصّهُ عن ملك الهند و عِظم إحسانه الذي يفوق الوصف
لم يعمل ابن بطُّوطة مُطلقًا في السّياسةو لكن بحُكم عمله ععالِم و قاضٍ في الكثير من الأماكن فقد كان في موقع إجتماعي مهم
و قد تعرّض للكثير من الصّدمات الثقافية في أماكن مثل ( جزر المالديف و تركيا ) ففي المالديف اعترض على طريقة لبس النساء و لكن سكانها تجاهلوه فغادر المكان و أثناء إقامته في تركيا راعَهُ ما شهِدهُ من معاملة الأزواج لزوجاتهن حيث كانوا يعاملونهن كالعبيد
كما اختبر أيضا العديد من المُعضِلات الثقافية و السّياسية في إفريقيا و كانت هذه التجارب تُقوي إيمانه بعظمة ثقافته الإسلامية و ينظر البعضُ إلى أنّ هذا الموقف كان مُحابيًا للإسلام على حساب المُعتقدات الأخرى
بعد أن قضى 29 عاما من الترحال لابن بطُّوطة و استكشاف قسم كبير من العالم عاد إلى المغرب و كانت آخر رحلاته هي تلك التي قام بها إلى غرب و وسط إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ما بين ( 1352 م و 1353 م ) ثم عاد بعدها ليستقر في المغرب
و هناك أملى تقاريره سنة ( 756 هـ / 1355 م ) على ( ابن جزيْ الكلبي ) في بلاط ( السلطان المُريني أبو عنانٍ ) فحولاها إلى كِتابه الشهير ( الرّحلات ) و سماها ( تُحفة النُّظار في غرائب الأمصار و عجائب الأسفار )
و لم يقُم ابن بطُّوطة بأي رحلة بعد الإنتهاء من كتابة ( الرّحلات ) بسبب تقدمه بالعمر و أصبح يعملُ قاضيًا و اشتُهر بقَّصِه القصص عن رحلاته و أخذ العِبر منها
توفي ابن بطُّوطة في مدينة مراكش المغربية سنة 779 هـ / 1377 م و مازال الغموض يكتنف السنوات الأخيرة من حياته حيث لم تُذكر في أي مرجع تاريخي و لكنه سيبقى مشهورا بفضله على تاريخ العالم
انتهى ....