في ركنٍ هادئٍ من المستشفى،
حيث تختلط رائحة المعقّمات بارتعاش القلوب،
كنت أمشي ببطء، أُجرّ قدمي كمن يسير فوق ذاكرته
حقيبتي تتدلّى من كتفي، لا تحمل ملابس، بل تحمل وجوهاً غابت،
ورسائل لم تُرسل، ودموعاً تمّ كبتها في زحمة " أنا بخير "
مثلي، مثقلةً بما لا يُقال
الهاتف بين يديّ، صامت كأنه يشارك صمتي عمداً،
كأنه يعرف أن من ننتظرهم لا يأتون،
وأن الاعتذارات التي لا تُقال، تبقى أوجع من الجراح التي نُضمدها
وصلتُ أمام باب الغرفة
لم أطرقه
وقفت فقط
فكّرت في كلّ الأبواب التي طرقتها لأحتمي،
في كلّ الحقائب التي حزمتها لأرحل، في كلّ الهواتف التي رنّت في قلبي ولم أجب
ربما كنت أنا من يجب أن يعتذر
أو ربما، لم يكن أحدنا مذنبًا، فقط،
كُنّا متأخرين عن اللحظة التي كان يمكن لكلّ شيء أن يُنقذ فيها
وها أنا الآن، أكتب من على رصيف المستشفى رسالةً بلا عنوان، أضعها في حقيبتي، وأغلق الباب، وأطفئ الهاتف ..
علّ الصمت يعتذر نيابةً عن الجميع