ومضى عام.............

  • كاتب الموضوع كاتب الموضوع ALI1986
  • تاريخ النشر تاريخ النشر
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

ALI1986

:: عضو مثابر ::
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبيه محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:

ها قد أوشك عامنا على الرحيل، وقد أودع كل منا فيه ما أودع، من خير أو شر.

أيها الإخوة: إن في مرور هذه الأعوام وتتابع السنين، وانقضاء الأيام والليالي عبرة وعظة؛ يقول الله تعالى: ﴿إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب﴾ [آل عمران: 190]؛ وقال تعالى: ﴿وهو الذي جعل الليل والنهار خِلفة لمن أراد أن يذّكر أو أراد شكوراً﴾.

ترى أيها الإخوة: ما هي العبرة التي نأخذها من مرور السنين وتتابع الأيام؟

لو سألنا أنفسنا هذا السؤال لأجاب أكثرنا: إن أعمارنا سوف تزيد، وحياتنا سوف تطول، فنحن قد زاد في أعمارنا عام كامل.

هذا هو ظن كثير منا! لا يرى في تتابع الأيام والليالي إلا أنها زيادة في عمره.

ولكن –والله- أيها الإخوة: إن الحقيقة بعكس ذلك، وبضد ذلك.

فما هذه الأيام التي تمر، وما هذه الأعوام التي تمضي إلا نقص في حياتنا وهدم في أعمارنا.

أيها الإخوة: إن الأعمار مضروبة، والآجال مقسومة، وكل واحد منا قد قسم له نصيبه في هذه الحياة، فهذا يعيش خمسين سنة، وذاك يعيش ستين سنة، وذاك يعيش عشرين سنة.

وأنت منذ أن خرجت إلى الدنيا، وأنت تهدم في عمرك وتنقص من أجلك.

أرأيت يا أخي لو أن أنسانًا سافر من مدينة إلى أخرى، فإنه كلما قطع مسافة سوف تقصر المسافة التي بينه وبين تلك المدينة التي يريد الذهاب إليها.

أرأيت إلى هذا التقويم الذي نضعه فوق مكاتبنا في بداية كل عام، إنه مليء بالأوراق، وفي كل يوم نأخذ منه ورقة واحدة فقط، وفي نهاية العام لا يبقى منه إلا الجلدة فقط.

هكذا عمري وعمرك يا أخي: مجموعة أيام، ومجموعة ليالي، كلما مضي يوم أو انقضت ليلة كلما نقصت أعمارنا، كلما نقص رصيد أيامنا في هذا الحياة حتى ينتهي ذلك الرصيد، ثم نغادر هذه الدنيا.

واه لنا ثم واه لنا! ما أشد غفلتنا عن هذه الحقيقة!

أخي في الله: ربما يكره كثير منا ذكر الموت، وربما يقول لك: لا نريد أن تكدر علينا حياتنا!

وسبحان الله!

والله لو نسينا الموت فإنه لن ينسانا، ولو تشاغلنا عنه لما تشاغل عنا.

أيها الإخوة: إنّ تذكر الموت هو وصية الحبيب الشفوق علينا الرحيم بنا، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (تذكروا هادم اللذات) وقال: (أكثروا من ذكر هادم اللذات).

ترى أيها الإخوة: لو سألنا أنفسنا الآن: هل نحن نحدث أنفسنا بالموت؟ أم أننا الآن نحدثها بأنها لن تموت إلا بعد سنوات وسنوات.

أيها الإخوة: يقول الله تعالى: ﴿قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم﴾ نعم إن الموت ليس وراءنا، بل هو أمامنا، ونحن نقطع المراحل إليه، نحن نسير سيرًا حثيثًا إليه، ويوشك أن نبلغ الساعة التي كتب الله أن نغادر فيها هذه الدنيا.

أيها الإخوة: يقول الحسن البصري: "يا آدم إنما أنت أيام؛ فإذا ذهب يوم فقد ذهب بعضك"

إنا لنفرح بالأيام نقطعها وكل يوم مضى يدني من الأجل.

أيها الإخوة: عام تولى وانصرم، ودّعنا فيه أحبة وفقدنا فيه أعزة.

ووالله كما ودعت فسوف تُودع، وكما بكيت فسوف يُبكى عليك، وكما حملت فسوف تُحمل.

أيها الإخوة: إن الموت يأتي فجأة، ويأتي بغتة، والعبرة كل العبرة أن تموت على عمل صالح، أن يختم لك بخاتمة حسنة، وهذا والله لن يكون إلا لمن استعد لتلك اللحظة وجعل الموت نصب عينه، وشمر في طاعة الله.

أما من سّوف، وأمّل في أن يعيش طويلا، وأهمل الاستعداد لتلك اللحظة فيوشك والله أن تأتيته منيته وهو على عمل لا يرضي الله، فيكون حاله كحال ذلك الذي وصفه الله تعالى: ﴿حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت، كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون﴾.

أخي في الله : ها هو عام سوف يأتى لا تدري لعلك قد نقلت من سجل الأحياء إلى سجل الأموات،

لعل ساعة رحيلك من الدنيا في هذا العام القادم.

ها هو مدرس يدرس في إحدى مدارس جدة خرج كعادته من بيته إلى مدرسته حتى وصل إليها وأوقف سيارته في مواقف السيارة، وجاءه ملك الموت ليوقف حياته في تلك اللحظة، لقد انتهى عمره وحانت ساعته، فخر على وجهه فوق مقود القيادة، وعندما تأخر عن زملائه أخذوا في السؤال عنه، هذا يقول: لقد رأيته في الصباح، ثان يقول: لقد أوقف سيارته ورأيته فيها، فانطلقوا إلى سيارته ليجدوه قد فارق الحياة وودع الدنيا.

بادر قبل أن تبادر وأسرع قبل أن يسرع بك، وعجل في التوبة قبل أن يعجل بك إلى قبرك، حيث لا أنيس ولا جليس إلا عملك، فإن كان صالحًا فنعم الأنيس، وإن كان سيئًا فبئس الجليس.

أخي في الله : كم من القصص سمعت، وكم الحكايات مرت عليك، أين قلبك، لماذا هذه الغفلة؟

إن السعيد من وعظ بغيره ولم يكن هو عبرة لغيره.

اللهم إنا نسألك أن تختم لنا بالخاتمة الحسنى وأن تجعل خير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا.
 
رد: ومضى عام.............

:clap: thanks:cool:
 
رد: ومضى عام.............

merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiii
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top Bottom