آداب طالب الـــعــلــم

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

colla

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
7 أوت 2006
المشاركات
1,357
نقاط التفاعل
7
النقاط
37
العمر
37
آداب طالب الـــعــلــم
كتاب العلم هو للإمام العلامة الفقيه: أبي عبدالله محمد الصالح العثيمين
- رحمه الله تعالى -


الأول : إخلاص النية لله - عزوجل - :

بأن يكون قصده بطلب العلم وجه الله والدار الآخرة ؛ لأن الله حثّ عليه ورغّب فيه قال تعالى : ( فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك ) محمد19 ، والثناء على العلماء في القرآن معروف ، وإذا أثنى الله على شيء أو أمر به صار عباده .

إذن فيجب الإخلاص فيه لله بأن ينوي الإنسان في طلب العلم وجه الله - عزوجل - وإذا نوى الإنسان بطلب العلم الشرعي أن ينال شهادة ليتوصل بها إلى مرتبة أو رتبة ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تعلم علما يبتغى به وجه الله عزوجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة " - يعني ريحها - ، وهذا وعيد شديد.

لكن إذا كانت نية الإنسان نيل الشهادة من أجل نفع الخلق تعليما أو إدارة أو نحوها ، فهذه نية سليمة لا تضره شيئا لأنها نية حق .


الثاني : رفع الجهل عن نفسه وعن غيره :

أن ينوي بطلب العلم رفع الجهل عن نفسه وعن غيره لأن الأصل في الإنسان الجهل ، ودليل ذلك قوله تعالى : ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ) النحل 78

وكذلك تنوي رفع الجهل عن الأمة ويكون ذلك بالتعليم بشتى الوسائل لتنفع الناس بعلمك.


الثالث : الدفاع عن الشريعة :


أن ينوي بطلب العلم الدفاع عن الشريعة ، لأن الكتب لايمكن أن تدافع عن الشريعة ، ولا يدافع عن الشريعة إلا حامل الشريعة ، فلو أن رجلا من أهل البدع جاء إلى مكتبة حافلة بالكتب الشرعية فيها ما لا يحصى من الكتب ، وقام يتكلم ببدعة ويقررها فلا أظن أن كتابا واحدا يرد عليه ، لكن إذا تكلم عند شخص من أهل العلم ببدعته ليقررها فإن طالب العلم يرد عليه ويدحض كلامه بالقرآن والسنة .
ولهذا أقول: إن مما تجب مراعاته لطالب العلم الدفاع عن الشريعة ، إذن فالناس في حاجة ماسة إلى العلماء لأجل أن يردوا على كيد المبتدعين وسائر أعداء الله - عزوجل - .


الرابع : رحابة الصدر في مسائل الخلاف :

أن يكون صدره رحباً في مواطن الخلاف الذي مصدره الاجتهاد لأن مسائل الخلاف بين العلماء ، إما أن تكون مما لا مجال للاجتهاد فيه ويكون الأمر فيها واضحا فهذا لا يعذر أحد بمخالفتها ، وإما أن تكون مما للاجتهاد فيها مجال فهذه يعذر فيها من خالفها ، ولا يكون قولك حجة على من خالفك فيها لأننا لو قبلنا ذلك لقلنا بالعكس قوله حجة عليك .
وأنا أريد بهذا ما للرأي فيه مجال ، ويسع الإنسان فيه الخلاف ، أما من خالف طريق السلف كمسائل العقيدة فهذه لا يقبل من أحد مخالفة ما كان عليه السلف الصالح ، لكن في المسائل الأخرى التي للرأي فيها مجال فلا ينبغي أن يُتخذ من هذا الخلاف مطعنٌ في الآخرين ، أو يُتخذ منها سببا للعداوة والبغضاء .

فيجب على طلبة العلم أن يكونوا إخوة حتى وإن اختلفوا في بعض المسائل الفرعية وعلى كل واحد أن يدعو الآخر بالهدوء والمناقشة التي يُراد بها وجه الله والوصول إلى العلم ، وبهذا تحصل الألفة ويزول هذا العنت والشدة التي تكون في بعض الناس ، حتى قد يصل بهم الأمر إلى النزاع والخصام ، وهذا لا شك يفرح أعداء المسلمين والنزاع بين الأمة من أشد ما يكون في الضرر قال الله تعالى : ( وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ) الأنفال 46.
 
الخامس : العمل بالعلم :

أن يعمل طالب العلم بعلمه عقيدة ، وعبادة ، أخلاقا ، وآدابا ، ومعاملة ؛ لأن هذا هو ثمرة العلم وهو نتيجة العلم ، وحامل العلم كالحامل لسلاحه ، إما له وإما عليه ، ولهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " القرآن حجة لك أو عليك "
السادس : الدعوة إلى الله

أن يكون داعياً بعلمه إلى الله - عزوجل - يدعو في كل مناسبة في المساجد وفي المجالس ، وفي الأسواق وفي كل مناسبة ، هذا النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أتاه الله النبوة والرسالة ما جلس في بيته بل كان يدعو الناس ويتحرك ، وأنا لا أريد من طلبة العلم أن يكونوا نسخا من كتب ولكني أريد منهم أن يكونوا علماء عاملين .
السابع : الحكمة :
أن يكون متحليا بالحكمة حيث يقول الله : ( يُؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ) البقرة269
والحكمة أن يكون طالب العلم مربيا لغيره بما يتخلق به من الأخلاق وبما يدعو إليه من دين الله - عزوجل - بحيث يخاطب كل إنسان بما يليق بحاله ، وإذا سلكنا هذا الطريق حصل خير كثير كما قال ربنا عزوجل : ( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ) .
والحكيم هو الذي يُنزل الأشياء منازلها ،... فينبغي بل يجب على طالب العلم أن يكون حكيما في دعوته .
وقد ذكر الله مراتب الدعوة في قوله تعالى : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) النحل 125 ، وذكر الله تعالى مرتبة رابعة في جدال أهل الكتاب فقال تعالى : ( ولا تُجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم ) العنكبوت 46، فيختار طالب العلم من أساليب الدعوة ما يكون أقرب إلى القبول .


الثامن : أن يكون الطالب صابرا على التعلم :

أي مثابرا عليه لا يقطعه ولا يمل بل يكون مستمرا في تعلمه بقدر المستطاع ، وليصبر على العلم ولا يمل فإن الإنسان إذا طرقه الملل استحسر وترك ، ولكن إذا كان مثابرا على العلم فإنه ينال أجر الصابرين من وجه ، وتكون له العاقبة من وجه آخر .

التاسع : احترام العلماء وتقديرهم :

إن على طلبة العلم احترام العلماء وتقديرهم وأن تتسع صدورهم لما يحصل من اختلاف بين العلماء وغيرهم ، وأن يقابلوا هذا بالاعتذار عمن سلك سبيلا خطأ في اعتقادهم ، وهذه نقطة مهمة جداً ؛ لأن بعض الناس يتتبع أخطاء الآخرين ، ليتخذ منها ما ليس لائقا في حقهم ، ويشوش على الناس سمعتهم ، وهذا من أكبر الأخطاء ، وإذا كان اغتياب العامي من الناس من كبائر الذنوب فإن اغتياب العالم أكبر وأكبر ، لأن اغتياب العالم لا يقتصر ضرره على العالم بل عليه وعلى ما يحمله من العلم الشرعي .
والناس إذا زهدوا في العالم أو سقط من أعينهم تسقط كلمته أيضاً ، وإذا كان يقول الحق ويهدي إليه فإن غيبة هذا الرجل لهذا العالم تكون حائلا بين الناس وبين علمه الشرعي ، وهذا خطره كبير وعظيم .

أقول : إن على هؤلاء الشباب أن يحملوا ما يجري بين العلماء من الاختلاف على حسن النية ، وعلى الاجتهاد ، وأن يعذروهم فيما أخطأوا فيه ، ولا ما نع أن يتكلموا معهم فيما يعتقدون أنه خطأ ، ليبينوا لهم هل الخطأ منهم أو من الذين قالوا إنهم أخطأوا ؟! لأن الإنسان أحيانا تيصور أن قول العالم خطأ ، ثم بعد المناقشة يتبين له صوابه ، والإنسان بشر " كل ابن آدم خطاء وخير الخطّائين التوابون " .
أما أن يفرح بزلة العالم وخطئه ، ليشيعها بين الناس فتحصل الفرقة ، فإن هذا ليس من طريق السلف0

العاشر : التمسك بالكتاب والسنة :

يجب على طلبة العلم الحرص التام على تلقي العلم والأخذ من أصوله التي لا فلاح لطالب العلم إن لم يبدأ بها وهي :

1- القرآن الكريم : فإنه يجب على طالب العلم الحرص عليه قراءة وحفظا وفهما وعملا به ، فإن القرآن هو حبل الله المتين وهو أساس العلوم ، وقد كان السلف يحرصون عليه غاية الحرص فيذكر عنهم الشيء العجيب من حرصهم على القرآن.

وإنه مما يؤسف له أن تجد بعض طلبة العلم لا يحفظ القرآن بل بعضهم لا يحسن القراءة وهذا خلل كبير في منهج طلب العلم . لذلك أكرر أنه يجب على طلبة العلم الحرص على حفظ القرآن والعمل به والدعوة إليه وفهمه فهماً مطابقاً لفهم السلف الصالح.

2- السنة الصحيحة : فهي ثاني المصدرين للشريعة الإسلامية وهي الموضحة للقرآن الكريم فيجب على طالب العلم الجمع بينهما والحرص عليهما ، وعلى طالب العلم حفظ السنة ، إما بحفظ نصوص الأحاديث أو بدراسة أسانيدها ومتونها وتمييز الصحيح من الضعيف ، وكذلك يكون حفظ السنة بالدفاع عنها والرد على شبهات أهل البدع في السنة .
 
الحادي عشر : التثبت والثبات :

من أهم الآداب التي يجب أن يتحلى بها طالب العلم التثبت ، فالتثبت فيما ينقل من الأخبار والتثبت فيما يصدر منه من الأحكام .

وهناك فرق بين الثبات والتثبت فهما شيئان متشابهان لفظا مختلفان معنىً ، فالثبات معناه الصبر والمثابرة وألا يمل ولا يضجر ، وألا يأخذ من كل كتاب نتفة ، أو من كل فن قطعه ثم يترك ، لأن هذا يضر بالطالب ، ويقطع عليه الأيام بلا فائدة .

وهذا في الغالب لا يحصل علما ، ولو حصّل علما فإن يحصل مسائل لا أصول ، وتحصيل المسائل كالذي يلتقط الجراد واحدة بعد الأخرى ، لكن التأصيل والرسوخ والثبات ، هذا هو المهم.


الثاني عشر : الحرص على فهم مراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم :

من الأمور المهمة في طلب العلم قضية الفهم . أي فهم مراد الله عزوجل ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن كثيرا من الناس أوتوا علماً ولكن لم يؤتوا فهماً . لايكفي أن تحفظ كتاب الله وما تيسر من سنة رسول صلى الله عليه وسلم بدون فهم . لابد من أن تفهم عن الله ورسوله ما أراده الله ورسوله ، وما أكثر الخلل من قوم استدلوا بالنصوص على غير مراد الله ورسوله فحصل بذلك الضلال .
 
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top