والجار ذي القربى والجار الجنب... بقلمي الوفي

Chafik.Dz

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
12 جويلية 2008
المشاركات
1,126
نقاط التفاعل
90
النقاط
37

Xh897176.gif


حمدا لمن بيده زمام الأمور،حمدا لمن هتك ظلمات الضلالة بالنبي العدناني،أنزل عليه القرآن ،بالهداية والبيان وأرسله بإيضاح البيان،فكشف مكنون المعاني ببديع بيانه وفصاحة لسانه إذا أراد أمرا فإنما يقول له: كن فيكون،فسبحانه تقدست أسماءه،وجلت صفاته.
وبعد:

http://img06.**********/uploads/image/2012/07/27/0e304c4e6cfa05.png

الشخصيات الواردة في القصة:

- الحاج محمــــــد.
-الدكتور يحــــــــي.
-علــــــــــــي.
-مصطفـــــــى.


http://img06.**********/uploads/image/2012/07/27/0e304c4e6cfa05.png

الأماكن الواردة في القصة:

-الجزائر: باتنة " الأوراس الشامخ "
- حــــــي الشهيد العربي بن مهيدي.
-المستشفى الجامعي " بن فليس "

http://img06.**********/uploads/image/2012/07/27/0e304c4e6cfa05.png


القصـــــــــــــــة:

- تبدأ قصتنا في حي الشهيد البطل العربي بن مهيدي صاحب التضيحيات الجليلة. إنه أحد الذين تعلق فؤادهم بزمرة الشهداء حتى نال نصيبه من الشهادة في سبيل الله، إنه أحد المؤمنين و المجاهدين الذين أكرمهم الله جل و علا بقوله: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً } الأحزاب 23، لقد كان حي الشهيد العربي من مهيدي من أروع الأحياء الموجودة بمدينة العزة و الشهداء باتنة الأشاوس، فكم هو جميل أن تعيش ذلك الجو الأخوي بين سكان هذا الحي العتيق الذي تفوح منه رائحة التاريخ و التضحيات المجيدة.
ليس ببعيد عن وسط حي الشهداء، في تلك العمارة الكبيرة يسكن الحاج محمد شيخ في الستين حافظ لكتاب الله ذو وجه نير يسر الناظرين، يحبه الجمـيع فمن منا لا يرتاح لحافظ كتابه تبارك و تعالى، لقد من الله عليه بالذرية الصالحة فما من أحد في الحي لا يعرف ابنيه علي، و رضا إنهما مثال لأبيهما في : الأخلاق، الطاعة، التربية الحسنة، العلمـ ، و حتى لا ننسى أهم سمة و هي حفظ كل منهما للقرآن الكريم، فكما يقال ذاك الشبل من ذاك الأسد، لقد كان أبناء الحاج محمد مثالا يقتدي به في تربية الأولاد. ليس ببعيد عن منزل الحاج أحمد يسكن الدكتور يحي. شخص أقل ما يقال عنه أنه نعم الجار لقد كان على وصال مع عائلة الحاج محمد فهم عائلة واحدة و ترجمة فعلية لكلمة جــــار.يقول علي مازلت أتذكر جيدا الأيام الصعبة التي مرت بها عائلتنا عندما مرض أبي و اضطررنا لنقله إلى العاصمة لإجراء بعض الفحوصات الطبية و كيف كان الدكتور يحي واقفا على قدم و ساق لكي يلبي هو و زوجته جل إحتياجتنا من مصاريف النقل و كذا الأدوية، و دون أن أنسى وقفته المعنوية مع العائلة والله إنه نعم الجار و نعم الأخـ ـ، إنه شخص لا يهنئ له بال حتى يطعمنا مما أكل و يسقينا مما سقى روحه الطيبة و أخلاقه الحميدة التي تعطي الجار حقه.

بعد مرور أسبوع...

لقد كان كل الجيران هنا متحابين متعاونين في الصراء و الضراء في الشدة و الفرج ،...
و في يوم من أيام الربيع الزاهية بأبهى النسائم و أعذبها هل على حي الشهداء جار جديد إنه الأخ مصطفى أحد التجار المتنقلين، لقد شاءت الآقدار ان يسكن في الطابق الثالث بالعمارة التي يسكن بها الدكتور و الحاج محمد، و كم كانت فرحة هاذان الجاران المتحابان بقدوم الجار الجديد مصطفى، و بينما كان مصطفى منشغلا بتوصيل أمتعته إلى المنزل عرض عليه الدكتور يحي المساعدة إلا أن الجار الجديد مصطفى سرعان ما انفجر غضبا و بدأ يصيح و يهذي: من قال أنني في حاجتك؟ أم أنك تعرفني؟.
إندهش الدكتور ثم طأطأ رأسه متوجها إلى منزله داعيا الله أن يهدي هذا الضيف الجديد.
و في صباح اليوم الموالي مر مصطفى على الحاج محمد و الدكتور يحي دون أن يكلف نفسه إلقاء التحية .
إلا أن الشيخ محمد بادره بالتحية مرحبا به قائلا: السلام عليكم يا بني .
مرحبا بك بيننا، فأنا أخوك محمد و هذا يحي. نحن في خدمتك يا عزيزي.
لا تنسى فنحن جيران. حدق به مصطفى قليلا ثم رد السلام بطريقة عدائية ملؤها التكبر والغرور .
إندهش الأخ يحي مجددا ثم حدث الحاج محمد عما دار بينهما أمس. وكيف كانت ردة هذا الجار الجديد.
رد الحاج محمد قائلا: لا تبتئس ربما له عذر يا أخي أما سمعت قول الشاعر:

تأن ولاتعجل بلومك صاحبآ....لعل له عذرآ وأنت تلوم

و في المساء و حين عودة التاجر مصطفى من عمله وجد الجيران مجتمعين تحت سقف الشيح محمد في حلقة وعظية. وما ان رأه علي حتى دعاه إليها إلا أنه فاجأه برده البائس كعادته: أنا لا أعرفكم و لا حاجة لي فيكم .
أنا هنا لبضعة أيام و أرحل لن تفيدني لا صداقتكم و لا مجاراتكم اغرب عن وجهي.
لقد سمع الحاج محمد جيدا هذه الكلمات القاسية التي صدرت من جاره الجديد إلا أنه كان لينً لا يغضب أبدا.
سكت الحاج قليلا ثم قال:
عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم " والذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتى يسلم الناس من قلبه ولسانه ويده، ولا يؤمن عبد حتى يأمن جاره بواثقه. قلنا يا رسول اللَّه وما بواثقه؟ قال غشه وظلمه ".

فزع الدكتور و تذكر معاملة الجار الجديد مصطفى لهم منذ حل عليهم. ثم رد ابنه علي قائلا صدقت يا أبتي ثم أضاف لأبيه قائلا:
يقول الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّه وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالجَارِ ذِي القُرْبَى وَالجَارِ الجُنُبِ}


رد الحاج محمد قائلا: نعم القول يا بني، ثم قال و هو يلتمس العذر لجاره ربما أخونا هذا لم يسمع هذه الآيات و الأحاديث.
نسأل الله الهداية و الثبات يا أبنائي.
و في اليوم الموالي خرج الجار الجديد كعادته فصادف الدكتور يحي فقال له : من يكون هذا الشيخ الهزيل الهرم حتى يلقي على آذانكم الذكر و الوعظ .
اندهش الأخ يحي ثم حدق إليه قليلا ثم خاطبه بنبرة الغاضب الذي يكاد يفقد السيطرة على نفسه .

قائلا: هذا الشيخ الهرم الذي تسخر منه حافظ لكتاب الله يا هذا...
ثم تنهد تنهيدة صارخة : ربي يهديك... * لهجة جزائرية *

بعد مرور أسبوع:

و في أحد الأيام التي كان يلقي فيها الحاج أحمد مواعظه عم الصراخ في العمارة فتفرق الجمع ليتحرى السبب .
إن الصوت قادم من بيت الجار مصطفى إنها زوجته صفية تصرخ و تبكي قائلة: لقد تعرض زوجي لحادث مرور ساعدوني.
و ما هي إلا لحظات حتى هرولت النسوة إليها ليقفن معها في مصابها هذا * فالجيران في كل المجتمعات الإسلامية يسعون إلى التعاون و مواسات بعضهم البعض.*
في حين ركب الدكتور يحي والحاج أحمد السيارة لتكون الوجهة المستشفى الجامعي بوسط مدينة باتنة . و ما هي إلا لحظات حتى وجدوا غرفة جارهم .
بقي الجاران ينتظران الخبر من الأطباء حتى جاءت الممرضة: تسأل عن أقاربه فأجبها الشيخ محمد: نحن جيرانه و الجيران أقارب و أهل فيما بينهم.
تبسمت الممرضة و قالت: حالته سيئة و هو في حاجة ماسة إلى بعض الدم. لقد نزف كثيرا من منكم لديه زمرة: بـ+ـ موجب

رد الأخ يحي خسارة لا أملكها، و ما هي إلا لحظات حتى وضع الحاج محمد يده على كتفه و قال لهما: إطمئنا ما تبحثون عنه عندي.
تفاجأت الممرضة من هذا الشيخ الطيب، ثم ردت قائلة: تفضل معي يا عم إلى غرفة التحاليل...
رافق الحاج الممرضة و هو يقول لها: أنا هنا أنا جاره أنا أولى بمساعدته ...
في حين كان قرة عينه علي يعتني بزوجة مصطفى و أولاده...

بعد نصف ساعة

عاد الحاج محمد فخاطبه يحي أثابك الله يا أخي: كم أنت طيب لقد نسيت كل ما فعله معنا و قدمت له المساعدة أنا معجب بك كثيرا.

رد الحاج محمد قائلا:لا تتعجب يا بني هذا واجبنا أم أنك نسيت آيات الله و آحاديث المصطفى صلى الله عليه و سلم؟

اسمع يا بني إنني أخاف أن يقول جاري عني ما قاله أعشى بني قيس:

أتيت حريثا زائرا عن جنابة فكان حريث في عطائي جامدا

و ما هي إلا لحظات حتى غزت الدموع وجه مصطفى من شدة التأثر ثم اقترب منه و قبل رأسه.


بعد مرور أسبوعان:

شفي مصطفى و خرج من المستشفى معافى، فقصت عليه زوجته صفية كيف ساعدها جيرانه و كيف تبرع له الشيخ محمد بالدم ....
فاحمر وجهه من شدة الإحراج قائلا: كم كنت فظا، و قاسيا، ... معهم و كيف كانوا معي؟
لبس مصطفى ملابسه و توجه إلى جيرانه ليشكرهم و يعتذر منه و ما ان بدأ يعتذر و يشكر حتى قال له الشيخ محمد اسمع قول خير خلق الله يا بني:
روى أبو هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم "لا يزال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه"
رد الأخ مصطفى و الإحراج يفتك به: غفرانك يا رب....
الحاج محمد: لا تبتئس يا بني فنحن إخوة . و حقك ان نقف معك في محنتك أما سمعت قول رسول الله صلى الله عليه و سلم:"... من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره..."

إلى هنا تنتهي حكاية الجار مصطفى: الحمد لله لقد منً الله عليه بالتوبة بعد ان تفطن لأخطاءه مع جيرانه...
لكن هناك مصطفى آخر و كمال ، و طلحة و جميل، و فلان و علان لم يتفطنوا لأخطائهم و مازالوا يؤذون جيرانهم...
فهم يخالفون شرع الله و سنة رسوله الكريم عليه أفصل الصلوات و التسليم...

أسأل و إياكم الهداية و الصلاح لهذا النفر...

اللهم اشهد فقد بلغت...

كتبت بقلم: شفيق، بـــــ
بتاريخ: 03 أوت 2012
الموافق لــ: 14 رمضان 1433
قبل السحور بحوالي ساعة.
02:13 صباحا.

وقتها اللمة كانت مغلقة و لهذا أحببت نقلها اليوم إلى هنا فقط إطمئنوا فهي لي ...

http://img06.**********/uploads/image/2012/07/27/0e304c4e6cfa05.png

الخلاصة:

* فيه مثل جزائري معروف يقول:" اشري الجار قبل الدار "

* مهما حدثت هذا النفر فلن أجد أحسن من حديثه صلى الله عليه و سلم:
"لا يزال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه"
صدق رسول الله...


http://img06.**********/uploads/image/2012/07/27/0e304c4e6cfa05.png

القضايا التي تعالجها القصة :

- نفر من الناس بل الكثير الكثير ممن لا يعطون الجار حقه .
- نفر من الناس بل الكثير منهم من امتهن إيذاء جيرانه مهنة له .
- الإساءة إلى الجيران بالكلام أو المعاملة أو التصرفات...
- دون أن ننسى من يسئ لجاره بالسرقة، و التحرش بزوجته و بناته ....
- سيطول الحديث لذا سأكتفي بقول: اللهم اهدينا يا رب...

http://img06.**********/uploads/image/2012/07/27/0e304c4e6cfa05.png

المعجم:
ربي يهديك... * لهجة جزائرية *: معناها أسال الله هدايتك...
" اشري الجار قبل الدار ": معناه تحرى المكان الذي فيه جيران طيبون قبل شراءك للمنزل.

1328947632974.png


17_07_1213425531321.png


سلااااااااامي للجميع ...
لا تنسوني من دعاءكم…

comments_new2.png


و في الختاام تقبلوا تحياات

9-30.gif
9-30.gif
9-30.gif


Dz.Sniper
Chafik.Dz


http://img04.**********/uploads/image/2012/07/26/0e3043436df302.gif
9-30.gif
9-30.gif
9-30.gif



ZqO97213.gif









jb13271858292.png

 
آخر تعديل بواسطة المشرف:
قصة رائعة حقا
هو تاب وغيره غيره الكثيرين من يسيرون ع نهجه
دام حبر قلمك ينبض بالصفاء
لك مني اجمل التحايا اخي الفاضل

 
ماشاء الله
والله هذه القصة من اروع ماقرات..
حقا المعاملة الحسنة احسن دواء لقساة القلوب حتى يهديهم الله.
وبالفعل هذا ماالتمسته من خلال القصة ..
بارك الله فيك ونفع بك.
اللهم صل على محمد و على آل محمد*عليه الصلاة و السلام*
 
بارك الله فيكم...
على مروركم الطيب...
سعيد جدا و أنا أتلقى كلماتكم الراقية...​
 
احجز لي مقعدا اخي

ساعود هنا
ان شاء الله

رائعة من بدايتها


 
احجز لي مقعدا اخي

ساعود هنا
ان شاء الله

رائعة من بدايتها




انتتظر العودة بشغف حبيبي...
يسعدني مرورك كثيرا...
:regards01:
 
السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
قريبة هي جدّا قصّتك من حادثة سيّد ولد بني آدم صلّى الله عليه وسلّم مع جاره اليهودي.
بأمثال هؤلاء ما زالت تمطر السّماء.
جزاكم الله خيرا.

 
بارك الله فييييييييييكم جميعا...
على مروركم العطر...
ودي و احترامي...​
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top