ٌٌ{ سجل حضورك بتفسير لآية قرآنية }

﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً﴾
وقاسمهم المشترك هو عقيدة التوحيد: منطلقها الإيمان بالله، ومنتهاها الإيمان باليوم الآخر، ثم العمل الصالح الذي يكون ترجمة عملية للإيمان.
 
﴿صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
يبشرهم الله بألا خوف عليهم في الدنيا ولا في الآخرة ولا يحزنون بسبب تقصيرهم في عبادة الله والتزام أحكامه و وعدهم الله بالأجر الكبير.
 
﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ يذكرهم الله بالميثاق الأكبر وهو العهد المؤكد بالإيمان، فقد عاهدوا الله أن يؤمنوا به، ويذكرهم بمعجزته ليعتبروا، فقد رفع فوقهم جبل الطور حتى أصبح كالظلة، ثم أمرهم أن يتمسكوا بالتوراة بقوة كقوة الجبل، يأخذوا بها بحزم كما أمر نبيه يحيى عليه السلام بقوله ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ...﴾ [سورة مريم 12]. وأمرهم بذكر ما ورد في الكتاب من تعاليم وأحكام لعلهم يتقون.
 
﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ﴾
فرغم كل ما أنعم الله عليهم إلا أنهم نكثوا عهدهم الذي عاهدوه، ورجعوا عما التزموا به، ولكن رحمة الله أدركتهم فتاب عليهم.
 
﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ﴾
يذكرهم الله بما فعله أسلافهم، فأهل السبت قوم كانوا يعيشون على الصيد قرب الساحل، طلبوا من الله تعالى أن يجعل لهم يوم السبت مقدسا يتفرغون فيه للعبادة، فابتلاهم إذ لم تكن الحيتان تتراءى لهم إلا يوم السبت وتختفي في سائر الأيام، فاحتالوا على رب العالمين، حيث كانوا ينصبون شباكهم يوم الجمعة ويسحبونها في يوم الأحد مدعين أنهم لم ينتهكوا قدسية يوم السبت.
 
﴿فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ.َ جَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ﴾
كان عقاب الله لهؤلاء القوم المعتدين أن مسخهم إلى قردة مهانين، فكانوا موعظة وزجرا لغيرهم.
 
﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً﴾
لقد أوحى الله تعالى إلى سيدنا موسى أن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة إن أرادوا الخروج من محنتهم، ولقد اختار الله البقرة لأن بني إسرائيل اعتادوا ذبحها تقربا لله تعالى.
 
﴿قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ﴾
(تقرأ "هُزُؤًا" في رواية: ورش، قالون، ابن كثير والدُّوري).استغرب اليهود هذا الأمر وحسبوا أن موسى عليه السلام يستهزئ بهم وبالدين، فهم يستفتونه في جريمة وهو يطالبهم بذبح بقرة، لكن موسى أكد لهم أنه ليس كذلك، وأنه ليس من الجاهلين، بل هو أمر الله عز وجل.
 
﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ﴾
طلب اليهود منه أن يدعو ربه – وهو رب موسى وربهم أجمعين – ليبين لهم ما هي، وهو رعونة وسوء أدب مع الله، بدؤوا بالتشديد والتضييق على أنفسهم في أمر قد وسّعه الله عليهم.
 
﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ﴾
أجابهم الله أنها بقرة لا فارض ليست مسنة هرمة، ولا بكر، صغيرة لم تنجب، بل هي عوان بين ذلك أي وسط بينهما، فأمرهم أن ينفذوا الأمر.
 
﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ﴾
استفسروا أيضا عن لونها، فأجابهم موسى عليه السلام أنها ذات صفرة شديدة، تعجب كل من يراها.
 
﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ﴾
طلبوا من رسولهم أن يوضح أكثر، فقد التبس عليهم الأمر لتشابه البقر، وأنهم سيهتدون إلى معرفتها بمشيئة الله تعالى.
 
﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا﴾
أجابهم أنها ليست بالهزيلة التي استخدمت في الحرث والسقاية، ولا عيب فيها، ولا يختلط صفرتها لون آخر.
 
﴿قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ﴾
بعد كل هذه الاستفسارات أعلن اليهود لموسى عليه السلام أنه قال الحق أخيرا، وكأنه لم يقل الحق إلا في هذه المرة، وهذا انتقاص من قدر موسى عليه السلام.
 
﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾
أي حين وجدوا البقرة كما وصفها الله تعالى لهم وجدوا مشكلة هي أن صاحبها رفض تقديمها لهم، فقد كان فقيرا ولا يملك سواها، وأمام إلحاحهم اشترط أن يكون ثمنها وزنها ذهبا، وهذا أمر عسير لكنهم هم من جنوا على أنفسهم بتشددهم فلبوا طلبه.
 
﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ﴾
فالذي قتل عمه وأخفى جريمته متهما آخرين بذلك فكانت فتنة كبيرة بينهم، لكن الله تعالى أنقذهم منها، إذ فضح القاتل الحقيقي.
 
﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾
أمرهم الله أن يضربوا بجزء من البقرة القتيل فارتدت إليه روحه ونطق باسم قاتله.
 
﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾
رغم كل هذه الآيات إلا أن بني إسرائيل زادوا عصيانا وإفسادا، فوصفهم الله تعالى بقسوة القلوب، وشبهها بالحجارة التي لا حياة فيها.
 
﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ﴾
يبين الله أن قسوة قلوب اليهود لا حدود لها، لأن من الحجارة ما تفجرت منه عيون الماء كما حدث مع سيدنا موسى، ومنها ما يتفتت من خشية الله.
 
﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾
يعقب الله تعالى على كل ما يفعله اليهود أنه يعلمه وهو غير غافل عن كفرهم وعصيانهم، ونقضهم لميثاقه...
 
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom