إرشاد وتنبيه أهل الجزائر بخرافة عيد يناير

بشير بن سلة

:: عضو منتسِب ::
إنضم
12 ديسمبر 2015
المشاركات
4
نقاط التفاعل
1
النقاط
3
إرشاد وتنبيه أهل الجزائر
بخرافة عيد يناير


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن أتبعه بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فإن الله تعالى لما بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالملة الحنفية والشريعة السمحة محا جميع الطقوس الوثنية والأعياد الجاهلية المكانية والزمانية ، وعوض الله تعالى أمته بعيد الفطر، وعيد الأضحى اللذين لا يماثلهما أو يشاركهما أي عيد من الأعياد الجاهلية في شيء من الفضل والحسن من جميع الوجوه .
فعَن أَنَسٍ ـ رضي الله عنه ـ أنه قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ: «مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟» قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ([1])
قال الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا ـ رحمه الله ـ : (( لأن يومي الفطر والنحر بتشريع الله تعالى واختياره لخلقه ، ولأنهما يعقبان أداء ركنين عظيمين من أركان الإسلام وهما : الحج والصيام ، وفيهما يغفر الله للحجاج والصائمين , وينشر رحمته على جميع خلقه الطائعين , أما النيروز والمهرجان , فإنهما باختيار حكماء ذاك الزمان لما فيهما من اعتدال الزمن والهواء ، ونحو ذلك من المزايا الزائلة , فالفرق بين المزيتين ظاهر لمن تأمل ذلك .)) ا.هـ ([2])
قلت ( بشير) : إن ما ثبت من النهي عن احتفال وتعظيم النيروز والمهرجان يثبت في غيرهما من أعياد الملل الكافرة و الأعياد المبتدعة ، إذ أنه لا يسوغ تعظيم زمان أو مكان بنوع من أنواع التعظيم، إلا زمان أو مكان جاء تعظيمه في الشرع ([3])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في (اقتضاء الصراط المستقيم)(1/487 ـ 488)
(( فقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما» يقتضي ترك الجمع بينهما، لا سيما ،
وقوله: «خيرا منهما» يقتضي الاعتياض بما شرع لنا، عما كان في الجاهلية.
وأيضا فقوله لهم: «إن الله قد أبدلكم» لما سألهم عن اليومين فأجابوه: " بأنهما يومان كانوا يلعبون فيهما في الجاهلية " دليل على أنه نهاهم عنهما اعتياضا بيومي الإسلام؛ إذ لو لم يقصد النهي لم يكن ذكر هذا الإبدال مناسبا؛ إذ أصل شرع اليومين الإسلاميين كانوا يعلمونه ولم يكونوا ليتركوه لأجل يومي الجاهلية.
وفي قول أنس: " ولهم يومان يلعبون فيهما "، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد أبدلكم بهما يومين خيرا منهما» دليل على أن أنسا رضي الله عنه فهم من قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «أبدلكم بهما» تعويضا باليومين المبدلين.
وأيضا فإن ذينك اليومين الجاهليين قد ماتا في الإسلام، فلم يبق لهما أثر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عهد خلفائه . )) ا.هـ
وعليه فكل المهرجانات والطقوس الجاهلية والأعياد المبتدعة التي ما جاء بها الإسلام ولا عرفها تموت ولا يرفع بها رأسا في مقابل هذين العيدين الإسلاميين .
قال الشيخ المفضال الدكتور علي فركوس ـ حفظه الله ورعاه ـ : (( فاعلم أنَّ اللهَ تعالى أَبْطَلَ أعيادَ الجاهليةِ، وأبدلَ أهلَ الإسلامِ عِيدين يجتمعون فيهما للذِّكْرِ والصلاةِ وهما: عيد الفطر وعيد الأضحى، فقد ثبت أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم لَمَّا قَدِمَ المدينةَ وجد للأنصار يومين يلعبون فيهما، ويعتبرونهما عيدين، فقال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الفِطْرِ»، كما شرع لأهل الإسلام الاجتماع للعبادة وذِكْرِ اللهِ يومَ الجمعة، ويومَ عرفة، وأيام التشريق، أمَّا ما عدا ذلك فلا يجوز الاحتفال بالأعياد الدينية: كعيدِ المسيح ورأسِ السنة الميلادية، وعيد الأُمِّ، والكِرِسْمِسْ للنصارى، أو عيدِ اليوبيل لليهود، وكذلك أعياد الرافضة كعيد الغدير، وعيد المعراج، وعاشوراء، وليلةِ أَوَّلِ شعبانَ، وليلةِ نصفِهِ، وليلةِ رجب، وليلةِ نِصْفِهِ، والاحتفال بالمولد النبوي عندهم وعند المتصوِّفة، والاحتفال برأس القرن الهجري ونحو ذلك، والأعياد الأخرى: كأعياد الميلاد وأشباه ذلك من محدثات الأمور التي سلك فيها كثيرٌ من المسلمين طريق أعداء الله من اليهود والنصارى وأشباههم، وقَلَّدوهم في أعيادهم وأخلاقهم وسيرتهم وسائر أنماط حياتهم، قال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْر وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ» )) ا.هـ ([4])
قلت ( بشير) : ومما يجدر التنبيه عليه في هذا المقام مع ما ذكره ونبه عليه عالم الجزائر ـ حرصها الله من كل سوء ـ محمد علي فركوس من أعياد أهل الكفر والأعياد المبتدعة ، ما ابتليت به الأمة الجزائرية من عيد يناير الخرافي الذي لا يعرف له تاريخ ولا أصل يرجع إليه ، إلا ما يذكر من شأنه بعض الخرافات والأساطير التي لا يعرف حقيقتها .
فهذا الاحتفال والعيد الخرافي من نظر ما يعتقد ويحدث فيه من المعتقدات الفاسدة والأعمال المحرمة ، وما يحدث فيه من الإسراف في المطعم والمشرب المنهي عنه ، فهو لا يقل خطورة وفسادا عن أعراس الشيطان ( الزردة والوعدة) ، وهو شبيه لها في الخرافة المصطنعة ، وبحكاية بني ورسيفان من البربر .
قال العلامة مبارك بن محمد الميلي ـ رحمه الله ـ في (تاريخ الجزائر في القديم والحديث)(1/122)
(( قال البكري في خاتمة كتابه المغرب :"وبنو ورسيفان من البربر إذا أرادوا الحرب تقربوا بذبح بقرة سوداء للشماريخ ، وهي عندهم الشياطين ، ويقولون : هذا ذبح للشماريخ ، ويفتحون أوعيتهم في تلك الليلة من الطعام والعلف ، فلا يكون لما وكاء ولا سداد .
ويقولون : هذا طعام وعلف الشماريخ ، فإذا غدوا للقتال توقفوا حتى يروا زوابع الريح ، فيقولون قد جاءت الشماريخ أولياؤكم لنصرتكم ، فيحملون عند ذلك ، فينتصرون بزعمهم ، ويقولون أن ذلك لا يخطيهم "
ونظير ما ذكره البكري ما هو موجود اليوم من أن الناس إذا عز عليهم المطر في فصلي الربيع والخريف لم يستسقوا الاستسقاء الشرعي بل يتقربون بذبح البقر أو غيره من الأنعام لقبر من القبور التي يعتقدون صلاح صاحبها بالسماع من أسلافهم العوام ويطعمون الطعام ، ويسمون ذلك " زردة سيدي فلان ..."
فإذا أغاثهم الله بالمطر نسبوا ذلك لبركة ذلك السيد وأنه رضي عنهم ، وكثير من عقائد الأقدمين الوثنيين لم تزل رائجة بين الجهال البسطاء وعوام المتعلمين ، وإنما صبغت بلون آخر )) ا.هـ
وقال ـ رحمه الله ـ في كتابه ( الشرك ومظاهره)(ص 379) : ((الزردة فهي في لسان العرب : المرة من زرد اللقمة ـ كَفَهِمَ ـ زردا : بلعها وازدردها : ابتعلها .
وهي في عرفنا طعام يتخذ على ذبائح من بهيمة الأنعام عند مزارات من يعتقد صلاحهم ولها وقتان : أحدهما في فصل الخريف عند الاستعداد للحرث والآخر في فصل الربيع عند رجاء الغلة
والغرض منها التقرب من ذلك الصالح كي يغيثهم بالأمطار تسهيلا للحرث أو حفظا للغلة فهو عندهم كوزير عند ملك يرشونه بالزردة ليقضي حاجتهم عند الله !! ما أجهلهم بمقام الألوهية !! ))
قال العلامة محمد البشير الإبراهيمي ـ رحمه الله ـ : (( أسأل الحقيقة تجيبك عن نفسها بأن الكثير من هذه القباب إنما بناها المعمرون الأوربيون في أطراف مزارعهم الواسعة بعدما عرفوا افتتان هؤلاء المجانين بالقباب واحترامهم لها وتقديسهم للشيخ عبدالقادر الجيلاني فعلوا ذلك لحماية مزارعهم من السرقة والإتلاف فكل معمر يبني قبة أو قبتين من هذا النوع يامن على مزارعه السرقة ويستغني عن الحراس ونفقات الحراسة ثم يترك هؤلاء العميان ـ الذين خسروا دينهم ودنياهم ـ إقامة المواسم عليها في كل السنة وإنفاق النفقات الطائلة في النذور لها وتعاهدها بالتبييض والإصلاح وقد يحضر المعمر معهم الزردة ويشاركهم في ذبح القرابين ليقولوا عنه أنه محب في الأولياء خادم لهم حتى إذا تمكن من غرس هذه العقيدة في نفوسهم راغ عليهم نرعا للأرض من أيديهم وإجلاء لهم عنها وبهذه الوسيلة الشيطانية استولى المعمرون عاى تلك الأراضي الخصبة التي أحالوها إلى جنات )) (كتاب أعراس الشيطان الزردة والوعدة)(ص 24)
أما " يناير" فقالت عنه ( جريدة الشرق الأوسط ) وغيرها ممن تكلم عنه : بأنه (( يعدّ تراثا ضاربا في التاريخ الأمازيغي للمنطقة، ويحفظ ذكرى معركة فاصلة مكّنت الأفارقة الشماليين من إيقاف الزحف الفرعوني، كما سمحت بإعادة المملكة الفرعونية ذاتها وتدمير المملكة الإسرائيلية في القدس القديمة.
كان ذلك قبل قرون ساحقة في القدم. الملك الفرعوني يسيطر على إمبراطورية ... ورغم هذا، فإن كل القبائل ذات الأصل الأمازيغي وحدّت قواها في جيش قاده الزعيم المعروف «شيشنق»، هذا الرجل الذي حارب تحت رايته أمازيغ ليبيا وتوارق الجزائر وشلوح المغرب ومشوش تونس، وكانت الواقعة المختلف في شأن مكانها، البعض يقول إنها تمّت بأعالي جبال تلمسان الجزائرية والبعض يقول عند نقطة لقاء الحدود الجزائرية ـ الليبية .
ويصرّ آخرون على تونس كمكان مفترض للمعركة الكبرى، التي كتب لها أن تغيّر شكل التاريخ القديم، حيث سقطت «إمبراطورية الشرّ» الفرعونية تحت الضربات الباسلة للفرسان الأمازيغ.
ولم يكتف «شيشنق» بتأديب الفراعنة، بل سار نحو عاصمتهم المصرية فأزال ملكهم، وتزوّج بأميراتهم وكان مؤسّس الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين، كما مدّد حكمه إلى «مملكة يهوذا» القديمة بفلسطين، فحطّم أسوارها سنة 920 قبل الميلاد، وبسط حكمه على القبائل اليهودية لغاية الغزو الآشوري سنة 721 قبل الميلاد.
هذا البطل الأمازيغي ذو الأصل الليبي شكل طفرة غير معهودة في تاريخ «منطقة الشمال» الافريقية، التي يعرف عن سكانها الابتعاد عن النزعة الاستعمارية والرغبة في العيش الحرّ. وهو ما تدلّ عليه تسمية أمازيغي، التي تعني في اللهجة المحلية «الرجل الحرّ»...
ويبدو أن الآثار الجيو ـ استراتيجية للمعركة إياها، هي التي حملت الأمازيغ على اتخاذ تاريخ هذه المعركة عيدا سنويا يحيونه بطرق متعدّدة، انطلاقا من عهد الملك «شيشنق الثاني» منذ 2956 سنة خلت، ففي ليبيا يكون الاحتفال بالامتناع عن أكل اللحم وإشعال النيران، أكثر من ذلك أنهم لا يغسلون أدوات الطبخ، طلبا للبركة!
ويطهو أمازيغ ليبيا بالمناسبة أكلة اسمها (تمغطال) وهي «كوكتيل» ضخم من البقوليات، يتم تجهيزها من اليوم السابق لموعد رأس السنة، ويبدو أن الإلحاح على البقوليات كمكوّن أساسي من مكونات طعام رأس السنة يرتبط بالرغبة في تخليد النصر على الفراعنة، الذين اشتهرت بلادهم بالبقوليات.
أما في الجزائر فالطبخة الرئيسية هي الدجاج و«الكسكسي» الأكلة الأكثر شعبية في البلد.
هذا هو أصل الاحتفال السنوي، الذي تحتضنه دول الشمال الافريقي ويدوم سبعة أيّام، وقد ترسّبت فوقه بمرّ السنوات الكثير من الأساطير، التي تربطه بأصل غير أصله التاريخي المعروف، كتلك الأسطورة الجزائرية، التي تقول أن شهر «يناير» قد طلب من شهر فبراير، التخلي له عن أحد أيّامه بعد أن تحدّته إحدى العجائز الشمطاوات بالخروج مع عنزاتها الصغيرات وطهو طعامها خارج البيت، في عزّ برده وصقيعه، فما كان منه إلا أن قال لعمه فبراير «يا عم فبراير أعرني ليلة ونهارا، كي أقتل العجوز المتفوهة بالعار».
وكان أن تخلى فبراير عن يومين من عمره لصالح يناير الذي جمّد العجوز وعنزاتها، وإلى الآن توجد بمنطقة جرجرة ـ بالقبائل الكبرى شرق العاصمة الجزائرية ـ صخرة تدعى «صخرة العجوز والعنزات» حيث يمكن ملاحظة صخرة ضخمة تشبه عجوزا تحلب معزاتها، وبقربها بعض صغار الماعز.. يتحدّث الكثيرون عن «صدفة جيولوجية» غير مرتبة من طرف أحد غير الطبيعة، ويتحدّث كثيرون عن «تعسّف في النظر» لنتوء صخري طبيعي.. بين هذا أو ذاك، المهم أن أمازيغ الشمال الافريقي احتفلوا بعام 2956، وفق تقويمهم الخاص، سواءً صنعته سيوف «شيشنق» أو حماقة عجوز تحبّ التزلج على الجليد! )) ا.هـ
وأيضا مما نقل وذكر من المعتقدات الفاسدة والمخالفات المضحكة عن هذه المناسبة الخرافية
(( أن من يحتفل بعيد يناير يمضي سنة سعيدة، ويبعد سوء الطالع وشر الحسد .
ويرمز الاحتفال بالناير إلى الخصوبة، لذا لا بد من تضحيات لإبعاد الجوع والتفاؤل بالعام الجديد، ووفرة المحصول .
وأن أهله فيه ينشرون الأغصان الخضراء والحشائش على سطوح المنازل تيمنا بسنة خضراء ووفيرة المحاصيل.
ويذبحون بمناسبته ديكا، يفضل أن يكون تسمينه تم بالحبوب أمام عتبة البيت، ليكون أضحية الناير لإعداد عشاء ليلته، ويقدم لإكرام الضيوف في هذه المناسبة، وعلى الضيوف وأفراد العائلة أن يأكلوا حتى الشبع، وتقوم الأم على رعاية هذا التقليد لدى أطفالها بأن يشبعوا وإلا جاءت عجوز تملأ بطونهم بالتبن والهشيم، لذا يتبارى الأطفال على الشبع خوفا من تلك العجوز ، ويبقى جائعا طول العام، حسب المعتقدات السائدة حول هذه المناسبة.
وفي بعض المناطق يحسب حساب الأموات من عشاء الناير بأطباق وملاعق على المائدة كأنهم بين أفراد العائلة .
ويقــام في بعض القرى باليومين المواليين للنايـر بإعداد طبق ( أوفثيان) ، ويقال له أيضا ( الشرشم ) وهو حساء من الحمص والقمح والفول، إلى جانب حلويات تقليدية وسكريات وفواكه جافة للتفاؤل بسنة طيبة.
وفيه يقام وينظم مهرجان في ختامه توزع الأغذية على الناس تعبيرا عن التضامن فيما بينهم، وينتهي المهرجان بالدعاء والتضرع إلى الله ليكون العام الزراعي الجديد وفير المحاصيل.
وقد ذكروا أن هذا المهرجان كان وثني الطقوس ولكن مع دخول الإسلام إلى شمال أفريقيا تم تهذيبه بالدعاء إلى الله ليمّن على الناس بالسلم والهناء والذرية الصالحة والخيرات.
ويتم في يوم الناير تغيير بعض الأدوات المنزلية، كإفراغ رماد الموقد وتغيير أثافيه، وتحرص النساء على تغطية دلاء الماء، أما رب الأسرة فيكسر ثمرة رمان ناضجة على يد المحراث لتتكاثر البذور بعدد حبات الرمان.
ويحظر خلال احتفالات الناير غسل صحون وقدور الطعام والملاعق ونفض طبق الخبز وكنس البيت وإخراج جذوة النار منه واللغو والكلام البذيء كي لا تنفر الأرواح الطيبة كما يعتقدون.
كما تتفادى النساء أعمال الغزل وإخراج النول وأي قطعة نسيج من المنزل قبل حلول الناير وذلك لتلافي الشرور على العائلة، في حين يجب على صاحب البيت توجيه الحديث لماشيته لترد عليه بثغاء أو خوار أو نهيق، لأن صمتها يعني سنة زراعية عجفاء.))
فهذا ما تحصل لي من جمعه من بعض المصادر التي تكلمت عن هذه المناسبة وحقيقتها وما يقع فيها من المخالفات الشركية والطوام البدعية والخرافية ، فهي ظاهرة البطلان والمخالفة لتعاليم وعقيدة الإسلام ،
ولا يتقبلها أصحاب الفطر السليمة والعقول الصحيحة لما تشمل عليه من السخافات والخرافات والأكاذيب والاضطرابات حتى في منشأ وأصل الاحتفال به .
فقد رأيت يا أيها القارئ الكريم أنهم ذكروا أن أصل هذا الاحتفال ـ والذي هو عمدتهم ـ هو انتصار شيشنق على الفراعنة ، مع أن التاريخ والذين تكلموا عن تاريخ المغرب القديم لم يذكروا هذه الخرافة والأسطورة ، أو أنه كانت هناك حروب بين شيشنق والفراعنة ، بل الذين أرخوا لشيشنق وأسرته ذكروا أنه كان خادما لفرعون وكان فرعون يترضاه لنفسه وكانت بينهما علاقة طيبة ، ولك يا أيها القارئ أن تنظر إلى كتاب (علاقة مصر بالمغرب القديم منذ فجر التاريخ حتى القرن السابع قبل الميلاد)(ص 269 ـ 277) ، لتقف على هذه الحقائق وكذب أصحاب هذا العيد الخرافي المكذوب ، شأنه شأن الأعياد الشركية والنصرانية و المبتدعة المخترعة التي ما أنزل الله بها سلطان ، فإذا كان أمر هذا العيد بهذه الحقيقة فننصح بني جلدتنا بتركه والابتعاد عن موائده ومشاركة أهله فيه ، و نوجه لهم هذه النصيحة الغالية القيمة من عالم الجزائر ومفتيها محمد علي فركوس ـ نفع الله به أهل الإسلام ـ فليأخذوا بها ويعوا ما جاء فيه من النصح الذي ينفعهم في الدنيا والآخرة .
قال ـ حفظه الله ـ : ((فالواجب -إذن- تركُ كلِّ ما لم يشرع الله لنا عيدًا وتركُ توابِعِه وملحقاتِه كالاجتماع فيها على الدروس أو المحاضرات أو الطعام أو إقامة الأفراح لأنَّ «تَوَابِعَ الشَّيْءِ مِنْهُ»، ويُلْحَقُ حكمه به جريًا على قاعدة: «التَّابِعُ تَابِعٌ»، وأسباب المنع والتحريم يمكن تلخيصها فيما يلي:
أولاً: إنَّها من محدثات الأمور، وقد ثبت عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أَّنه قال: «وَإيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ»([5])، وفي قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم:«وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ»([6])، وبقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم:«مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»([7])، وبقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم:«مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» .
ثانيًا: ولأنَّ الاحتفالَ بالمواسم والأعياد البدعيةِ تَقَدُّمٌ بين يَدَيِ اللهِ ورسولِهِ في اعتبار أيامٍ مخصوصةٍ لم يعتبرها الشرعُ أعيادًا، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الحجرات: 1].
ثالثًا: ولأنَّ فيه تشبُّهًا باليهود والنصارى ومَن على شاكلتهم في أعيادهم وتقاليدهم وعاداتهم، وهو نوعٌ من الموالاة لهم وقد قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: 51]، وقال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَنْ تَشَبَهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»([8]).
وعليه، فالمشاركةُ في هذه الأعياد غيرِ المشروعة بالاجتماع على الموائد، والاحتفال على المنصَّات، إقرارٌ بالبدعة، ورضًى بما نهى اللهُ عنه، والامتثالُ لأمره والابتعاد عن نهيه هو عنوانُ محبةِ اللهِ ورسولِه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [آل عمران: 31]، قال ابن كثير -رحمه الله-: «وهذه الآية الكريمة حاكمةٌ على كُلِّ من ادعى محبةَ اللهِ وليس هو على الطريقة المحمَّدية، فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمَّدِيَّ، والدِّينَ النبويَّ في جميع أقواله وأفعاله وأحواله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، أنه قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ».
قلت: ويندرج ضِمْنَ العمل المردود مشاركةُ الخبَّازين وصُنَّاعِ الحلويات والطبَّاخين وتجَّارِ اللحوم البيضاء والدِّيك الرومي وغيرِهم، لأجل إحياء هذه المناسبات المُحْدَثَة لما فيها من التعاون الآثم وتجاوز حدود الشرع، وقد نهى اللهُ عن هذا التعاوُنِ بقوله سبحانه: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ﴾ [المائدة: 2].
واللهَ أسألُ أن يُصْلِحَ حالَ المسلمين، ويُزَكِّيَ قلوبَهم وأعمالَهم ممَّا يخالف صفاءَ الدِّين، وأن يُوفِّقَهم للتمسُّك بكتاب ربِّهم وسُنَّةِ نبيِّهم محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وعلى اتِّباع سبيل المؤمنين، إنه وَلِيُّ ذلك والقادر عليه، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 24 ربيع الثاني 1427ﻫ
الموافق ﻟ: 21 ماي 2006م )) ([9])
والحمد لله رب العالمين


كتبه وجمعه الفقير إلى الله : بشير بن عبدالقادر بن سلة
الجمعة 2 ربيع الأول 1435 هـ / 03 يناير 2014 م

رابط الرسالة


http://up.top4top.net/downloadf-5594dzh1-pdf.html


([1]) صَحِيح ، انظر إلى (مشكاة المصابيح)(1/ 452) ، و ( السلسلة الصحيحة)(5/ 34)
([2]) (الفتح الرباني)(6 / 119)
([3]) (الدرر السنية في الأجوبة النجدية)(5/ 63)
([4]) (الفتوى رقم: 428 / الصنف: فتاوى منهجية)(الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس)
([5]) أخرجه أبو داود في «سننه» كتاب السنة، باب في لزوم السنة: (4607)، والترمذي في «سننه» كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع: (2676)، وابن ماجه في «سننه» باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين: (42)، وأحمد في «مسنده»: (17608)، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، والحديث صححه ابن الملقن في «البدر المنير»: (9/582)، وابن حجر في «موافقة الخبر الخبر»: (1/136)، والألباني في «السلسلة الصحيحة»: (2735)، وشعيب الأرناؤوط في «تحقيقه لمسند أحمد»: (4/126)، وحسَّنه الوادعي في «الصحيح المسند»: (938).
([6]) أخرجه مسلم في «الجمعة»: (2042)، والنسائي في «العيدين»: (1589)، وابن ماجه في «المقدمة»: (47)، وأحمد: (14707)، والدارمي في «سننه»: (212)، والبيهقي: (5963)، من حديث جابر رضي الله عنهما.
([7]) أخرجه البخاري في «الصلح»: (2697)، ومسلم في «الأقضية»: (4589)، وأبو داود في «السنة»: (4608)، وابن ماجه في «المقدمة»: (14)، وأحمد: (26786)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
([8]) أخرجه أبو داود في «اللباس»: (4033)، وأحمد: (5232)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وصحَّحه العراقي في «تخريج الإحياء»: (1/359)، وحسَّنه ابن حجر في «فتح الباري»: (10/288)، والألباني في «الإرواء»: (1269).
([9]) (الفتوى رقم: 428 / الصنف: فتاوى منهجية)(الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس)
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top