الصيام ومايتعلق به

البحر الهادي

:: أستاذ ::
أحباب اللمة
إنضم
27 ماي 2016
المشاركات
5,786
نقاط التفاعل
12,805
النقاط
1,716
محل الإقامة
أرض الوطن
الجنس
ذكر

الصيام
لغة: الإمساك مطلقا. ومنه قوله تعالى "فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا" {مريم: 26}.: أي إمساكا عن الكلام.
شرعا: التعبد لله تعالى بالإمساك بالنية عن الأكل والشرب والجماع وسائر المفطرات من طلوع الفجر الى غروب الشمس
والصوم نوعان: 1 - فرض: كصيام رمضان وصيام النذر وغيره.
2 - نفل: كصوم الاثنين والخميس في غير رمضان وصوم يوم عرفة لغير الحاج وغيره.


حكم صيام رمضان
صيام رمضان ركن من أركان الإسلام الخمسة. قال تعالى (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) {البقرة:185}. ... وقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كُتِبَ عَلَى الذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) {البقرة:183}.
وقال صلى الله عليه وسلم: " بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلاّ الله وان محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت " متفق عليه.



فضل الصيام
الصيام كما ذكرنا مسبقا أنه من أركان الإسلام الخمسة وذلك لأهميته وعظيم فضله ولعلنا نذكر هنا بعض الفضائل الأخرى للصيام.
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عز وجل: كل عمل بن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه) رواه البخاري ومسلم.
2- وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، تكّفرها الصلاة والصوم والصدقة، والأمر والنهي) متفق عليه.
3- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من صام يوما في سبيل الله، باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً) متفق عليه.
4- عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (في الجنّة ثمانية أبواب، فيها باب يُسمى الريّان، لا يدخله إلا الصائمون) رواه البخاري.
5- أن الصوم حصن من الشهوات. فقد قال صلى الله عليه وسلم (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإن له وجاء) البخاري.
6- أن الصيام يشفع لصاحبه. قال صلى الله عليه وسلم "" الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان "". رواه أحمد وصححه الألباني





ومع عظم فضل الصيام إلا أن الله تعالى خصص لصيام رمضان فضائل عن غيره منها قوله صلى الله عليه وسلم: ... (من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غُفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه.
وعن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله, وأنك رسول الله , وصليت الصلوات الخمس , وأديت الزكاة وصمت رمضان وقمته، فممن أنا؟ قال صلى الله عليه وسلم: " مِنَ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ ".رواه ابن حبان في صحيحه وصححه الألباني
فما أعظمه من فضل وما أجملها من بشرى.

على من يجب الصيام؟
يجب الصيام (أداء) على:
1- المسلم. فلا يجب على الكافر لقوله تعالى "وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَل مِنْهُمْ نَفَقَاتهمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله" (التوبة:54) ولكنهم يحاسبون على ماتركوه من الواجبات قال تعالى "مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ، قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حتى أتانا اليقين" (المدثر).
2- البالغ. فلا يجب على الصبي الصغير لقوله صلى الله عليه وسلم "رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق" رواه النسائي وصححه الالباني.
3- العاقل. فلا يجب على المجنون لقوله صلى الله عليه وسلم "رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق" النسائي وصححه الالباني.
4- القادر. فلا يجب على العاجز لقوله تعالى "لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" (البقرة:286)


العاجز عن الصيام ماذا يفعل؟
العاجز نوعان:
1- إذا كان عجزه مستمرا لا يرجى برؤه. فإنه يطعم عن كل يوم مسكين. لقوله تعالى "وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ" {البقرة: 184}.
2- إذا كان عاجزا عجزا يرجى برؤه. فإنه يقضي صومه إذا انفكت عنه علته لقوله تعالى "فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" (البقرة: 184).


5- المقيم. فلا يجب على المسافر لقوله تعالى "فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" (البقرة: 184).
صيام المسافر
سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فصام وأفطر وخير أصحابه بينهما فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال"كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان في يوم شديد الحر وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة" البخاري.
وعن أنس قال: "كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم" متفق عليه. ولما سأله حمزه بن عمرو الاسلمي: أأصوم في السفر؟ فقال صلى الله عليه وسلم "إن شئت فصم وإن شئت فأفطر" البخاري.
يقول الشيخ ابن عثيمين (أما إذا شق عليه الصوم فإنه يفطر ولابد لأن النبي صلى الله عليه وسلم شكي اليه أن الناس شق عليهم الصيام فأفطر ثم قيل له إن بعض الناس قد صام فقال (أولئك العصاة , أولئك العصاة) مسلم) انتهى
وللمسافر إذا كان نوى الصيام في السفر أن يغير نيته ويفطر لحديث ابن عباس "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ الكديد أفطر فأفطر الناس" البخاري.
6- الخالي من الموانع. فلا يجب على الحائض والنفساء لقوله صلى الله عليه وسلم مقررا لذلك "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم" البخاري.


نية الصيام
قال صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" متفق عليه. فالنية شرط في صحة الصيام.
وتبييت النية في الصوم الواجب, كصوم رمضان ,من الليل قبل طلوع الفجر. فعن حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له" رواه ابو داود والنسائي وصححه الالباني. ... وفي رواية عن حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له" رواه النسائي وصححه الالباني ولا يصح التردد في النية أو قطعها، أما في صيام التطوع كصوم يوم عرفة فلا يشترط تبييت النية من الليل لما روي عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، حيث قالت: "دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا. قال: فإني إذاً صائم". مسلم.

وقت الصيام
قال تعالى: "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ"{البقرة:187}. وقال صلى الله عليه وسلم "إذا اقبل الليل من ها هنا، وأدبر من ها هنا فقد أفطر الصائم" متفق عليه وقال صلى الله عليه وسلم "كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع لفجر" البخاري.


فالصيام يبدأ وقته من طلوع الفجر الصادق (الثاني) إلى غروب الشمس. ... مفسدات الصيام
مفسدات الصوم هي المفطرات وهي:
1- الأكل
2- الشرب


3- الجماع.
دليلها قوله تعالى "فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْر" (البقرة:187).

كفارة الجماع
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الأخر وقع على امرأته في رمضان فقال - صلى الله عليه وسلم"أتجد ما تحرر رقبة قال: لا. قال :أتجد ما تطعم به ستين مسكينا قال: لا. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر وهو الزبيل قال :أطعم هذا عنك...." الحديث. البخاري
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله في (منهج السالكين): (من أفطر فعليه القضاء فقط إذا كان فطره بأكل أو بشرب أو قيء عمدا أو حجامه أو إمناء بمباشرة. إلا من أفطر بجماع فإنه يقضي ويعتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا) انتهى.
وما ذهب إليه الشيخ السعدي رحمه الله هو مذهب أحمد والشافعي , وهو أن الكفارة في الجماع فقط , وأما مذهب أبي حنيفة ومالك فلزوم الكفارة مع القضاء إذا أفطرت عمدا سواء أفطرت بجماع أم غيره. والصحيح القول الأول وهو أن الكفارة إنما تلزم في الفطر بالجماع وليس غيره في معناه.



4- إنزال المني بشهوة. ودليله قوله تعالى في الحديث القدسي "يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي" البخاري. وإنزال المني شهوة لقوله صلى الله عليه وسلم (في بضع أحدكم شهوة) قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعه في الحلال كان له أجر) مسلم. والذي يوضع إنما هو المني الدافق.
5- ما كان بمعنى الأكل والشرب. وهي الإبر المغذية التي يستغنى بها عن الأكل والشرب , لأنها بمعنى الأكل والشرب حيث يستغنى بها عنه , وما كان بمعنى الشي فله حكمه, فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما.
6- القيء عمدا: أما من غلبه القيء فصيامه صحيح لقوله صلى الله عليه وسلم "من استقاء عمدا فليقض , ومن ضرعه القيء فلا قضاء عليه" رواه احمد وابو داود والترمذى وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه.
قال الخطابي: لا أعلم خلافاً بين اهل العلم فى أن من ذرعه القىء فإنه لا قضاء عليه , ولا فى ان من استقاء عامداً , فعليه القضاء.
7- خروج دم الحجامة: لقول النبي صلى الله عليه وسلم "أفطر الحاجم والمحجوم" رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الالباني. وهناك من العلماء من قال بأن الحجامة لا تفطر واستدلوا بحديث ابن عباس -رضي الله عنه-:
"أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحتجم وهو صائم". رواه البخاري


وهذه المسألة فيها أهل العلم والظاهر أنها تعود لمن حجم هل يستطيع إكمال صومه أم لا


8- خروج دم الحيض والنفاس.: لقول النبي صلى الله عليه وسلم "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم" البخاري. (ملاحظة) قال ريحانة الفقهاء الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (وهذه المفطرات وهي مفسدات الصوم لا تفسده إلا بشروط ثلاثة وهي: العلم , والذكر , والقصد) انتهى.
فيعذر الجاهل بالحكم والجاهل بالوقت , ويعذر الناسي , ويعذر الغير مختار ,
لقوله تعالى "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" {البقرة: 286}. فقال الله تعالى (قد فعلت) البخاري.
وقال تعالى "إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان" (النحل: 106)

وقال صلى الله عليه وسلم "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه" حديث حسن رواه ابن ماجة.


وقال صلى الله عليه وسلم "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه" البخاري.
خطر الإفطار عمدا بغير عذر في رمضان وعظم ذنبه
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بينا أنا نائم أتاني رجلان، فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلا وعرا، فقالا: اصعد. فقلت: إني لا أطيقه. فقال: إنا سنسهله لك. فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة. قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار، ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دماً. قال: قلت: من هؤلاء؟
قال: الذين يفطرون قبل تحلة صومهم " رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما، وصححه الألباني.
وقال الحافظ الذهبي رحمه الله: (وعند المؤمنين مقرر: من ترك صوم رمضان بلا عذر بلا مرض ولا غرض فإنه شر من الزاني والمكَّاس ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه، ويظنون به الزندقة والانحلال). انتهى


مما يباح للصائم فعله

1- يباح للصائم أن يصبح جنبا: فعن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم" البخاري.
2- يباح السواك للصائم: فبعض العلماء كره السواك للصائم بعد الزوال وعللوا ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"والسواك يزيل هذه الرائحة.
والصحيح هو عدم الكراهة لأن الخلوف -بضم الخاء المعجمة - على الصحيح تغير رائحة الفم من خلو المعدة وذلك لا يزال بالسواك.
وأيضا لعموم الأحاديث الآمرة بالسواك ,مثل قوله صلى الله عليه وسلم "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء" وغيره من الأحاديث التي لم يخص الرسول صلى الله عليه وسلم فيها الصائم عن غيره.
3- والمضمضة والاستنشاق: لكن لا ينبغي للصائم أن يبالغ فيهما لقوله صلى الله عليه وسلم "وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما". قال النووي هو حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بالأسانيد الصحيحة


4- تباح المباشرة والقبلة للصائم: ولكن هذا لمن لم يخشى على نفسه الإنزال ولمن يملك نفسه, فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم ولكنه كان أملككم لإربه" البخاري وهذا هو الضابط: أن يملك أربه، ويقدر على ضبط نفسه.
5- يباح ذوق الطعام للصائم: وهذا بشرط عدم دخوله الحلق, لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه: "لا باس أن يذوق الخل أو الشيء ما لم يدخل حلقه وهو صائم" رواه البخاري. ويتجنبه إذا كان لغير حاجة.
6- يباح الكحل والقطرة ونحوهما مما يدخل العين: هذه الأمور لا تفطر سواء وجد طعمه في حلقه أم لم يجده، وقال الإمام البخاري في صحيحه: "ولم ير أنس والحسن وإبراهيم بالكحل للصائم باساً " وهذا أصح قولي أهل العلم , لأن العين ليس بمنفذاً معتاداً فلا يضر استعماله، وإن تركه إلى الليل فهو أحوط وأفضل خروجا من الخلاف.
7- يباح صب الماء على الرأس والاغتسال: لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصب الماء على رأسه من العطش في شدة الحر وهو صائم، رواه أبو داود وصححه الألباني
وعن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم" البخاري. فكان صلى الله عليه وسلم يغتسل بعد الفجر.

اجتناب الصائم للمحرمات
قال صلى الله عليه وسلم "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم "الصيام جنه فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم" متفق عليه
فعلى الصائم أن يصون جوراحه عن المحرمات ,ويلازم التقوى فالتقوى هي ثمرة الصيام ,قال تعالى "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كُتِبَ عَلَى الذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (البقرة:183)
فاحذر اخي الحبيب أن تعصي الله بجوارحك وحواسك التي خلقها الله لك وسخرها لخدمتك ولتؤدي بها الهدف الذي خلقت من أجله , قال تعالى "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" (الذاريات:56).





ومع الاسف نجد كثير من الصائمين يمسك عن الطعام والشراب ولا يمسك عن السماع والنظر الى محرم الله بل منهم من فرق بين نهار رمضان وليله فجعل لنهاره حرمه ولم يراعي حرمة ليله فتجده يرى المسلسات ويتحدث بالغيبة ويسمع الأغاني دون مبالاة وكأن رمضان محصور في النهار فهو نهار دون ليل ليس كسائر الشهور فسائر الشهور عنده نهار وليل أما رمضان فلا!.
واعلم أن شياطين الإنس تقوم بكل طاقتها لبث سمومها وفسادها فلا يغرنك الدعايات الزائفة عن المسلسلات الماجنة التي انسلخت من كل معنى للحياء والفضيلة, فكلها لذة ساعه وتفنى اللذة وتبقى الحسرة.
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها ... من الحرام ويبقى الوزر والعار

تبقى عواقب سوء في مغبتها ... لا خير في لذة من بعدها نار
ويقول الإمام القحطاني صاحب النونية
وإذا خلوت بريبة في ظلمة ... والنفس داعية إلى الطغياني
فاستحيي من نظر الإله وقل لها ... إن الذي خلق الظلام يراني

الإفطار
وقته:
بعد غروب الشمس لقولة تعالى "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ" (البقرة:187)
وقال صلى الله عليه وسلم "إذا اقبل الليل من ها هنا وأدبر من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم" البخاري.


تعجيله
كان من هديه صلى الله عليه وسلم تعجيل الفطور ,قال صلى الله عليه وسلم "لايزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" متفق عليه. وقال الله في الحديث القدسي "أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا" رواه ابن خزيمة في صحيحة والترمذي وصحح إسناده أحمد شاكر. وقال صلى الله عليه وسلم "لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر؛ لأن اليهود والنصارى يؤخرون" رواه ابو داود وصحح اسناده النووي ,وحسنه الالباني. وقال صلى الله عليه وسلم "بكروا بالإفطار وأخروا السحور"





وقال صلى الله عليه وسلم "(لا تزال أمتي على سنتي مالم تنتظر بفطرها النجوم" رواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحه، وقال الألباني: "صحيح. ولقد وافقت الشيعة الرافضة اليهود والنصارى في تأخيرهم الفطر إلى ظهور النجم.
وعن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , أحدهما يؤخر الفطور ويؤخر الصلاة والآخر يعجل الفطور ويعجل الصلاة أيهما أفضل؟ فقالت: الذي يعجل الفطور ويعجل الصلاة. مسلم

متى الإفطار وعلى ماذا؟
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يفطر قبل صلاة المغرب على رطب فإن لم يجد فتمر فإن لم يجد فماء.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات، حسا حسوات من ماء" رواه أحمد وقال الالباني: حسن صحيح.
وقال صلى الله عليه وسلم "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور" رواه أحمد وصححه ابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان والحاكم.


ما يقال عند الإفطار
وكان صلى الله عليه وسلم يقول عند الإفطار"ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله" رواه ابو داود وحسنه ابن حجر والالباني. وهذا أصح ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء عند الإفطار ولا يثبت في أدعية الإفطار غيره.
وأما بعد الطعام فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا رفعت مائدته قال "الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغني عنه ربنا" البخاري.
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أكل طعاما غير اللبن قال: " اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه " وإذا شرب لبنا قال: " اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه" رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وكان صلى الله عليه وسلم اذا أفطر عند قوم قال "أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة" صحيح الجامع الصغير.
و "اللهُمَّ بَارِكْ لَهُم فيما رَزَقتهْمْ، واغْفِر لهم وارحَمْهُم" رواه مسلم ...
و"اللهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أطْعَمَني وأَسْقِ مَنْ أسْقَاني". رواه مسلم





الدعاء عند الفطر
ويستحب للصائم الدعاء عند فطره لما روى الامام أحمد عن ابي هريره قوله صلى الله عليه وسلم "ثَلاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ".صححه شعيب الأرنؤوط. ورواه الترمذي بلفظ: " وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ ... " صححه الألباني.


إطعام الصائم
قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا". صححه الألباني في صحيح الترمذي. فاحرص وفقك الله على نيل هذا الثواب العظيم.


الوصال (مواصلة الصوم)
كان من هديه صلى الله عليه وسلم مواصلة الصوم ولكن من رحمته بأمته نهاهم عن مواصلة الصوم دون الفطر
قالت عائشة رضي الله عنها "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم" البخاري.
وكان صلى الله عليه وسلم ينهى أصحابه عن الوصال فيقولون له: إنك تواصل فيقول"لست كهيئتكم إني أبيت -وفي رواية: إني أظل- عند ربي يطعمني ويسقيني" البخاري.
والنبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن الوصال فأبوا أن ينتهوا فتركهم وواصل بهم يوما ويوما حتى دخل الشهر أي: شهر شوال فقال صلى الله عليه وسلم "لو تأخر الهلال لزدتكم كالمنكل لهم" البخاري.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول "لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر" البخاري.


حكمه
قال ابن القيم في (زاد المعاد): (اختلف الناس في هذه المسألة على ثلاث أقوال:
أحدها: أنه جائز إن قدر عليه وهو مروي عن عبد الله بن الزبير وبعض من السلف وكان ابن الزبير يواصل الأيام.
وقالت طائفة أخرى لا يجوز الوصال , منهم مالك وأبو حنيفة والشافعي والثوري وغيرهم.
قال ابن عبد البر: وقد حكاه عنهم أنهم لا يجيزون لأحد ...
والقول الثالث: وهو أعدل الأقوال: إن الوصال يجوز من سحر إلى سحر وهذا هو المحفوظ عن أحمد وإسحاق

لحديث أبي سعيد الخدري المتقدم وهو اعدل الوصال وأسهلة على الصائم وهو في الحقيقة بمنزلة عشائه إلا أنه تأخر فالصائم له في اليوم والليلة أكلة فإذا أكلها في السحر كان قد نقلها من أول الليل إلى آخره والله أعلم) انتهى
ومن العلماء من قال بالكراهية.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: (والوصال مكروه في قول أكثر أهل العلم) انتهى
ولا شك بأن تعجيل الفطر أفضل لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث عليه ونهى عن الوصال. والتيسير من مقاصد الشريعة وقد قال تعالى"يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بكم العسر" (البقرة:185).
 
بارك الله فيك
وجعله الله في ميزان حسناتك



n4hr_13194067321.gif
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top