رواية: غَيَرَنِيْ حُبُكْ (بقلمي)

أم أُنٌَيسة

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
27 جويلية 2013
المشاركات
12,470
نقاط التفاعل
34,361
النقاط
2,256
الجنس
أنثى
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
هي روايتي التي لم اكملها من سنوات
ساكملها باذن الله وهذا الموضوع سيكون جامعا لكل فصولها ان شاء الله

مع بعض التعديلات البسيطة في الفصل الاول

غَيَرَنِيْ حُبُكْ

مقدمة :

البؤس ،الحزن ،الضياع .......

أحاسيس تملأ كيان الانسان
ف تعميه كليا وتغلق قلبه قبل عقله
عن رؤية كل ماهو جميل
جاعلةً من حياته فصل شتاء .. في ظنه
لا ربيع .. لا ألوان ..
فقط .. أمطار وأحزان


من من البشر
على سطح الارض كان او تحت التراب
لم يمر بفترة سوداوية مليئة بالبؤس
فترة ..
تمنى فيها الاختفاء من الوجود ؟
تمنى أن ان يكون كما أوراق الشجر
ف تبعثره رياح الخريف


يوجد ..
من مر بها ..
من يعيشها ..
ومن عاشها طوال حياته


هناك من يجد نفسه بعدها
وهناك ..
من يبقى غارقا في ظلمتها الحالكة
وتضمه وتذفنه في حضنها الدافيء حسب ظنه


لا يوجد من يبحث عن السعادة وحقيقتها الفعلية
او من عايشها وتقبل مافيها من ماساوية
الا القلة القليلة
التي جعلت وجدت في كل امر سعادة حقيقة
حتى في ذلك الظلام والمأساوية ..


يوجد من يقول:
ماذا لو كان كل ما حولك ..
يجعلك تهوي وتقع أكثر فاكثر في تلك الظلمة ؟
هل يوجد مخرج حينها ؟
ماذا حين يكون عالمك بلا ألوان ،بلا عنوان ....
هل تستطيع ايجاد السعادة حينها ؟


وهناك من يقول:
نحن سعداء
و لا يعلمون " مجرد سعادة زائفة "


هذه رحلة فتاة وفتى
من اؤلئك الذين يقولون ويظنون ذلك
شخصيتان ..
عاشا الحياة بكل فصولها
ثم توقفا في فصل شتاء ممطر عاصف
ويجدان فيه العزاء والسلوان
شخصيتان ..
تعايشا اشياء جعلتهما يكرهان الحياة بكل مافيها
شخصان ..
وضعهما القدر في طريق بعضهما
فهل سيسعيان للبحث عن تلك السعادة ؟
وهل سيجدان مخرجا من ايام كلها مطر ؟؟
ربما .......... ؟

يتبع ..
 
الفصل الأول : ظلام

رفعت يدها لتقي عينيها من وهج أشعة شمس منتصف النهار ،جالسة في ساحة على مقعد مشابه لمقاعد العصور الوسطى ،متجهمة الملامح .. كئيبة المنظر غارقة في تفكير عميق أخدها لعالم آخر ...
هكدا بدت لكل عابر سبيل، في الغالب اعتقد بعضهم ان الموسيقى هي سبب حزنها .. فهي دائمة الاستماع لها بواسطة سماعات الاذن التي تخرج القليل من الصوت كما انها لا تفارقها ،واستغرب اغلبهم من جلوسها تحت حرارة شمس منتصف النهار وكذلك في شهر أوت الساخن ,,

تلك كانت سوسن التي تقطن وسط ولاية سكيكدة، وهي فتاة بسن 22 ربيعا ذات بشرة بيضاء ناصعة وعينان عسليتان واسعتان تاخذان الناظر اليهما لعالم من الالوان التي تتنافس ليظهر احدها في عينيها ذابلتي الجفنين مخفية خلفهما حزنا ذفينا ، هي تبدو كالاجنبيات في جمالها وما ترتديه من ملابس اكد ذلك الظن للقلة القليلة المتمسكة بالدين فلا يعقل لفتاة مسلمة تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله ان ترتدي مثل تلك الملابس .. اما للبقية كانت تعتبر عادية او اكثر من عادية،فتلك الملابس تظهر وتصف شكل جسدها ....

حدقت سوسن فيما حولها وعقلها مشغول بما تراه عيناها غير آبهة لكل اولئك او لآرائهم :

" يالله ،دائما ما يبهرني جمال المنظر المقابل لهذه الساحة.. اني استغرب كيف لي ان اشعر بنفس الاحساس في كل مرة اتي الى هنا .. وكاني اراها لاول مرة، مهما كان عدد المرات التي أتيت فيها الى هنا "
اعوجت شفتاها بشبه ابتسامة مكملة:
" أعتقد أني لست الوحيدة التي يسحرها ذاك المنظر .. دائما اجدها مليئة بالناس من كل الاصناف والفئات ،هي تجعل كل ناظر اليها يحس بالراحة .. حسنا وإن كانت مؤقتة بالنسبة لي هي كافية حاليا أحسن من العدم "

اختفت شبه الابتسامة من محياها بعد فكرتها الاخيرة .. وبقيت جالسة هناك تستمع لتلك الموسيقى بكلماتها الحزينة مفكرة في مدى تعاستها و في اعتقادها أنه لا وجود لأحد أتعس منها على سطح الكرة الأرضية .. نسيت نفسها وكل ماحولها كما يحدث لها دائما حين تبقى هنا، فعلى مد بصرها من زاوية جلوسها يقابلها مخزن خاص بمستودعات مستطيلة الشكل الخاصة بالمرفأ كما انها ترى القليل من السفن الخاصة بتحميل البضائع وخلفها البحر الازرق الواسع وهو الشيء الوحيد الذي يجعلها تهدأ دائما مهما كان سوء حالتها.

قاطع افكارها وهدوء بالها رنين هاتفها السامسونغ الازرق اللون هي من عشاق اللون الازرق بكل تدرجاته .. رفعته لترى هوية المتصل كشرت وتأففت لما رأت أنه أخوها محمد لانه سيجعلها تفقد هدوءها مجددا كما يفعل في كل مرة

ردت ببرود :

" أجل حمد ،مالامر ؟ مادا تريد ؟ هل اتصلت لتجعلني أفقد أعصابي كالعادة؟ "
رد عليها مبتسما:

" أوهوه ،يبدو أنك لا تحتاجين مساعدتي في ذلك أعصابك تالفة دون تدخلي ,, سيبدأ دوري حين تعودين للمنزل ،كما أني شبه متأكد أن جميع من حولك هربو خوفا من صوتك الغاضب "

ردت صارخة:

"وهل تعتبر كلامك هذا عدم إزعاج ؟ خلصني وقل لم اتصلت او ساقطع الخط .. لا ينقصني أنت وتفاهاتك ."
رد وهو يجاهد نفسه كي لا ينفجر ضاحكا:

" ثقبتي طبلة أذني، وأصلا انت السبب فصراخك المخيف و هدا أقل ما يقال عنه طبعا انساني السبب الذي جعلني أتصل كالعادة. "

ردت من بين اسنانها:

" حممممممممممممممممممد ، خلصني."
متظاهرا بالخوف رد عليها:

"حسنا حسنا يامتوحشة ، ابي يريد منك العودة الى البيت وتذهبي معي لنشتري ملابس الدخول المدرسي، فكما تعلمين سيكون بعد شهر تقريبا ان شاء الله."

سوسن باستهزاء:

"رائع .. هذا ماكان ينقصني انت واخبارك وكل شيء ياتي من عندك ويخصك .. ازعاج في ازعاج، أخبر والدي أني قادمة ومن الأفضل أن اجدك مجهزا لنفسك حين أصل. "
أغلقت سوسن الخط قبل ان يزيد حرفا واحدا ،ونهضت من على الكرسي وضربت الارض بقدمها غيضا :

"تبا لك ياحمد ،اووووووووووووووف. "
وتذكرت كلماته حين قال لها ان جميع من حولها قد فر خوفا من صوتها فرفعت عينيها ووجدت ان كل المتواجدين ينظرون لها بريبة وغرابة .. صرت على اسنانها مفكرة: " ساقتلك ياحمد فانت سبب هذا .. لولا اتصالك الغبي لما صرخت في الاصل "
ثم اردفت: " لحظة منذ متى اهتم بالناس وبارائهم، هاه فليذهبوا للجحيم .."
وعلى هذه الفكرة قامت من كرسيها وعدلت هندامها

آنذاك وفجاة .. عاد كل شيء لوضعه السوداوي بالنسبة لها،انعكس مابقلبها وعقلها على عينيها
حينها تحول نور الشمس للون شاحب وكذا جميع الالوان التي تراها حولها، هذا ما يحدث دائما كلما كانت مغادرة ذاك المكان ويزداد شحوب ماحولها في كل خطوة تبتعد فيها عنه للتحول تلك الالوان في عينيها لرمادي شاحب مائل للسواد بالاخص ان كان البيت هو وجهتها ,,
استوقفتها تلك الفكرة وفكرت ساخرة :

"مهما ابتعدت عن ذاك المنزل ما يكون وجهتي في اخر النهار، اني اتعجب من الذين يرون المنزل مصدر راحة وسعادة .. اممم الراحة والسعادة هاه اتمنى ان اعرف معناهما لمرة واحدة فقط . .أتمنى ان أعيش يوما واحدا دون هذا الظلام والبؤس الذي يغلفاني او على الاقل ليلة واحدة دون دموع ,,,
تبا لحياتي ،بل للحياة كلها ,, تبا لذاك المنزل بل تبا لكل شيء."

دائما ولطالما فكرت سوسن هكذا .. يعتبرها الغالبية غريبة اما هي تعتبرها افكار منطقية لانها تبررها بأسبابها فتجعلها عادية

في الجانب الاخر ,, وعلى بعد عدة دقائق من المكان التي تتواجد فيه سوسن بالتحديد في منزلها . نجد محمد ذو 19 ربيعا او حمد كما يناديه أهله وأصدقاءه في فراشه وهاتفه الأسود المطابق لذاك الخاص باخته بيده ينظر اليه بملامحه الطفولية بدءا من شعره البني الكثيف وبشرته السمراء وانحنائات وجهه اما عينيه الحادتين ذات اللون العسلي المماثل لاخته تجعله يبدو وقورا واكبر من عمره .. كان على ما يبدو من تقطيبة حاجبيه الرفيعين يفكر والحزن باد على تقاسيم وجهه الوسيم والذي يكاد يمزق قلبه :

"الى متى ستبقين على حالك ؟ الى متى تظنين أنك الوحيدة التي تتألم ؟ الى متى ستعزلين نفسك عن العالم ؟ أعلم ان ماحدث كان قاسيا عليك ولا اعرف صدقا كيف استطعت تحمل كل ذلك ."
ازداد الحزن في وجهه واغلق عينيه خوفا من انهيار دموعه مفكرا:

"عدم معرفتي بكيفية مساعدتك لتخرجي من تلك الحالة يقتلني. أعلم انك تظنين أننا سعداء واني اغشبك كي استمتع بمعناتك انما رؤية ارى رد فعل منك مهما كان أفضل من ذاك الجمود الدي تلفين به نفسك. "

وهو غارق في افكاره التي تدور حول اخته وكيفية مساعدتها ويعيدها على ما كانت عليه ،سمع صوت امه :

"حمد ،حمد ،حمممممممد ،في ماذا تفكر بكل هذا التركيز؟ مند خمس دقائق وانا اطرق الباب ، ولم تجهز نفسك بعد، قم بسرعة .. تعلم ان أختك لا تحب الانتظار وتفقد اعصابها بسرعة."

التقت عيناه بعيني والدته المثقلتين بالاحزان وتعجب من مدى شبه سوسن الكبير بوالدتهما وفي شدة جمالهما حتى في ملامحهما ،ثم نظر لوجهها الرقيق واكمل تامله رافعا عيناه الناعستان لشعر والدته البني وذكر نفسه ان سوسن ذات شعر كما كان شعر والده قبل ان يغزوه الشيب ،وهكذا غرق في تفكير جديد فهو دائم التفكير ثم استدرك نفسه بعد تنبيه امه الثاني له ونظر اليها مبتسما:

"أجل امي ساقوم الان ،لا تقلقي لن اجعلها تنتظر."

ابتسمت الام ،ثم بهتت ابتسامتها وردت:

"اعرف مدى حبك لها ومدى ألمك حين تزعجها ،فقط لو تعرف هي ذلك."
ابتسم لها بعد ان ارتدى ثوب المرح:

"لا تقلقي امي ، يوما ما ستعلم بإذن الله. ساحرص على ذلك"

ردت عليه مشجعة له ومبتسمة بحب :

"بارك الله فيك ياولدي ،ستجدني في المطبخ ان احجتني."
رد محتفظا بذات الابتسامة :

"لا تتعبي نفسك كثيرا يا امي."

ردت له الابتسامة وخرجت ،صوت انغلاق الباب جعله يتذكر كلام اخته بل بالاحرى تحذيرها فقام مسرعا ليستعد.

يتبع ..
 
بعدها بدقائق وصلت سوسن للمنزل ،اخدت نفسا عميقا ثم طرقت الباب ليفتح لها حمد ..
قالت ساخرة :
"واو ،استعددت بهذه السرعة؟ يجب تسجيل ذلك في سجل غينيس للارقام القياسية. "

ابعدته بطرف يدها من طريقها ودخلت للرواق ثم ذهبت الى الصالة وجلست على الكنبة وهي تكاد تختنق فدائما ما يلفها شعور بالاختناق وكان الهواء ينعدم حين وصولها للبيت وودت أن تخرج فورا ..
اغلق حمد الباب وتبعها للداخل رادا عليها بما يماثل سخريتها :

"أنظرو من يتكلم ،الآنسة حلزونة .. أنسيت كم تأخدين من وقت أمام المرآة وأنت تنظرين لوجهك القبيح أقصد الجميل في ظنك عفوا؟ "
صرخت :

" تبا لك ياحمد ،ابي في المنزل ؟ "
رد بسخريته السابقة:

" ومنذ متى تهتمين وتسألين عن أبي؟ واو تقدم ملحوظ."

سوسن وهي تكاد تنفجر غيضا :

"ليس لاني اشتقت له بالطبع، بل من اجل المال يافهيم .. أو امم دعني احزر هل صار لديك عمل دون علمي وصرت تجني المال؟ .. مغفل هاه لا اعلم كيف وصلت لمستواك الحالي في الدراسة مع كل هذا الغبي "
تظاهر بعدم التأثر من كلماتها التي استفزته ورد عليها بسخرية أكبر كي يستفزها:

"بل أنت الغبية .. ولنفترض مثلا يا اميرة الغباء انني قد وجدت عملا أتعتقدين أنني ساشتري لك اي شيء بما اجنيه من مال بعد مشقة وعناء العمل؟ مستحيل في احلامك .. خاصة وان كل ما ترغبين به امور خاصة بالاطفال الصغار .. معتوهة"
ردت عليه ببرود :

"لا أتوقع شيءا منك أو من اي أحد، احضر النقود من عند أبي ولندهب .. "
تمنى حمد لو يقطع لسانه بسبب ماتفوه به فقد نسي نفسه ورد عليها:

"أبي قد خرج وأعطاني المال، لندهب ونشتري مانحتاج ونعود."
قامت سوسن من مكانها :

"تحرك اذا .. مادا تنتظر؟ كفاك تضييعا للوقت .. دائما ما يحدث هذا بسببك وبسبب ثرثرتك الفارغة"
رد عليها ساخرا :

"ظننت انك ستغيرين ملابسك وابقى أنتظرك بالساعات يا آنسة حلزونة .. الا ترين كلماتكوجمل ردودك الطويلة ؟ هي سبب التاخير .. بلهاء"
ردت عليه وهي بالكاد تسيطر على اعصابها :

" امشي فحسب ياسيد زرافة."
خرج حمد امامها ورد ساخرا :

"اوه .. أحسن منك ياسيدة حلزونة .. بطيئة وقصيرة مثلها تماما."
ردت غاضبة :"

تبا لك الف مرة ،ساجلك تندم يوما ما."
أكملت وهي تبتسم ابتسامة تعكس ما يدور في عقلها من افكار شريرة :

"بل اليوم ،ساجعل قدميك تنكسران من كثرة المشيء هاهاهاهاه"
ضحك حمد في سره وتبسم ابتسامة صغيرة اخفاها لما التفتت تنظر اليه متظاهرا بالالم :

"أوووووووه ،ماذا جلبت لنفسي فليكن الله في عوني."
ضحكت سوسن ضحكة شريرة اخرى تدل على النصر ،اما حمد فقد كاد قلبه يطير فرحا لما راى ضحكتها بعد أشهر فهي غايته وهدفه من ازعاجاته المتكررة لها.

خرج قبلها وتبعته بعد ان اغلقت الباب وذهبا لمكان يسمى (ليزاركاط) حيث توجد محلات الملابس، تدخل سوسن لوحدها حين يكون محلا لملابس الفتيات وينتظرها حمد خارجا اما حمد يجبرها على الدخول معه وان كان محلا لملابس الرجاللتجن هي ويزيد هو من جنونها حين يسالها عن راييها ... وفي كل محل كانا يتشاجران شجارهما الاسطوري الذي لا يملان منه ابدا ..
قالت سوسن بعد ان فقدت كل صبرها :

"مادخلي أنا فيما ستلبسه؟ اوووووف يالا الازعاج .. انت من سترتدي تلك الملابس وليس أنا."
رد حمد ساخرا :

" لاني أعلم يا اختي العزيزة ان ذلك يغضبك ويقودك للجنون .. وبالطبع لا يمكن ان افوت فرصة مثل هذه التي تاتي مرة واحدة فقط في السنة يا .. يا سيدة حلزونة"
وواتبع كلامه بضحكة انتصار ... ردت سوسن بعد ان جن جنونها بالكامل:
"هكذا اذن .. طيب ،سترى ياحمد ستندم ،أعدك أنك ستندم."
رد عليها ساخرا وهو يكاد ينفجر ضحكا :

"هذا ماتقولينه منذ زمن بعيد سيدة حلزونة ،وانا انتظر بفارغ الصبر واريد ان اعرف كيف ستجعليني أندم."

لثانية، كادت ان تصرخ من شدة غيضها لكنها ولحسن الحظ تحكمت في اعصابها، وضربت الارض بقدمها فهذا ماتفعله دائما حين تعجز عن الرد ولتعبر عن شدة غضبها وقلة حيلتها ...
خرجا من ذاك المحل وهما يتشاجران ومن يشاهد افلام الكرتون سيستطيع ان يتخيل بسهولة الذخان المتصاعد من اذنيها وراسها دلالة على شدة غضبها .. بينما انفجر صاحب المحل ضاحكا من الحوار الذي سمعه كما فعل كل اصخاب المحلات الاخرين.. لانهم يستغربون ويندهشون من لقب الحلزونة بسبب جمال سوسن الطبيعي ...

بعد فترة من الزمن، اشترت سوسن ماتحتاجه وكان الوقت يقارب أذان المغرب،كما قد اوفت بوعدها بان تجعل حمد يندم
فقد كان حمد ورائها بالكاد يستطيع ان يفق مستقيما من شدة التعب والم قدميه ..
نظرت لحمد مبتسمة بسخرية وقالت :

"ارايت لقد جعلتم تندم يا معتوه هاهاهاه "
رفع حمد عينيه بينما ينظر لها بحقد ولم يستطع ان يرد عليها فهو بالكاد يستطيع التقاط انفاسه
بينما تبسمت هي بشر واكملت:

" سأعود وحدي، احتاج ان امر على مكان ما قبل ان اعود للمنزل .. وانت افعل ماتريد "
كلماتها جعلت كل ذلك التعب تيبخر في ثانية ليحل مكانها الغضب .. الغضب الشديد، رد عليها:

"هل تظنين أنك رجل؟ لن تذهبي الى اي مكان وحدك يافتاة، هل هذا واضح ؟"
استدارت لتواجهه بعد ان كانت ذاهبة وردت عليه بغضب بارد:

"مادخلك أنت؟ لا دخل لك ولا لاي احد منكم بي وبحياتي."
رد عليها وهو بالكاد يتحكم في غضبه :

"تبا لك يا فتاة ، انت اختي اتفهمين معنى دلك؟"
ردت عليه بسخرية بعد او وضعت يدها على ذقنها متظاهرة بالتفكير:

"هل انت واثق؟ منذ متى؟ "
ثم اكملت بعد ان ضربت قبضة يدها اليمنى على كف مثيلتها اليسر كمن وجد حلا لمعضلة ما:
"آآه .. عرفت انت تخشى أن اقوم بشيء غير اخلاقي يجعلكم تحسون بالخزي والعار، فكما ترى .. أنتم تعتقدون أني أسوأ فتاة على وجه الكرة الارضية .."
نظرت اليه مشبكة يديها خلف ظهرها متظاهرة بالمرح:
"اليس كذلك ؟ .. كم انا عبقرية .. "
صرخ في وجهها وقد طفح كيله رغم انه لو كان الوضع مختلفا لاصابته سكتة قلبية لانها ابتسمت:

"أي غباء هذا الذي تقولينه؟ بل لاني أخاف عليك .. فمهما كان أنت اختي .. وانت فتاة وشباب اليوم سيؤون وانت غبية جدا لتفهمي ذلك "
ردت صارخة :

"لا تضحكني ،قلق علي منذ متى؟
هم السيؤون؟ اذا انتم ماذا ؟
لا اعتقد انهم سيكونون أسوا منكم .. أنتم وحوش بشرية ،كما افضل ان يقتلوني هم على العودة الى ما تسمونه ' المنزل ' او على البقاء معكم."

لم يتمالك حمد نفسه هذه المرة .. فقذ تجاوزت كل الحدود .. صفعها على وجهها، ودوي الصفعة جعلته يعود لرشده وشعر من فوره بالندم يقطعه من الداخل كانما تلك الصفعة كانما كانت سكينا غرس في قلبه بدل وجه اخته
اما سوسن وقفت امامه جامدة، فاغرة فمها ناظر اليه بذهول .. كم مرة جعلته يفقد اعصابه لكنه لم يقم ابدا بصفعها .. لم تشعر بالدموع التي غادرت عينيها وهي تحفر وجهها من شدة ذهولها .. ليس من الصفعة لا في لم تشعر بالمها ابدا انما من الالم الذي شعرت انه يمزق قلبها .. قلبها الذي ظنت انه صار ميتا...
مد حمد يده ليضعها على خدها معتذرا منها شاعرا ان قلبه يتمزق بسبب دموعها، ضربت يده لتبعدها عن خدها وابتعدت عنه ثمسحت دموعها بعنف وقسوة قائلة:

"لا تلمسني ،قلت لك انتم وحوش .. ساذهب لما يسمى منزل"
كانت كلما تنطق بتلك الكلمة (المنزل) تحس بالغرابة تلفها فهي تعتبر نفسها غريبة عن منزلها بل حتى عن نفسها وتعتبر ان لا منزل لها .. هذا ماكانت تفكر به حين بدات المشي وهي تحس بحمد يمشي خلفها ..
مشى حمد خلفها وهو بالكاد يستطيع التحكم في دموعه من االم الذي يشعر بانه يمزق روحه بسبب بكائها ولانه كان السبب فيه كان يتمنى لو ان يده قطعت قبل ان يصفعها، متحسرا على حالة اخته ويتذكر كيف كانت .. طفلة صغيرة بريئة ذات عينان مشعتان بالمرح وثغر دائم الابتسام، يريدها ان تعود لتلك الايام التي كانا فيها يلعبان ويضحكان معا، وينضم لهما والديهما احيانا في فناء منزلهم
الى ان جاء ذلك اليوم المشؤوم الذي غير كل شيء في حياتها وفي حياة كل العائلة.

وصلا للمنزل ،وجدت سوسن والديهما ينتظرانهما في الصالة لتناول العشاء على مايبدو، سلمت عليهما هي واخيها ثم اعتذرت منهم وصعدت لغرفتها متحججة بالتعب ولا تريد منها ان يريا أثر الصفعة على وجهها او اثار دموعها ..
ابعد الوالد الصحيفة من امام وجهه ثم وضعها على الطاولة التي امامه ونظر لحمد وفي عينيه تساؤول عن حالة اخته التي تبدو اسوا من المعتاد .. خفض راسه خجلا من نفسه وبدا يقص عليهما ماحدث.
لما انتهى رفع راسه قائلا :

"انا اسف جدا يا امي و يا ابي، لم اقصد والله لكن كلامها جعلني أفقد أعصابي."
بدا الحزن في عيني والدهما ،ووضعت والدته يدها عفهما وانهمرت دموع الحزن من عينيها في محاولة لاستيعاب ماقاله حمد ..
غير قادرة على التفوه باي حرف بسبب الكلام الذي خرج من فم سوسن والذي يدل على حالتها التي تسوء يوما بعد يوم
قال له والده:

"كنت أتمنى لو انكما استمتعتما، ودعوت ان تنجح في اعادتها ولو قليلا لما كانت عليه، لكن للاسف ... لا تقلق بني، اعرف انك لم تقصد فلا تقسو على نفسك كثيرا .. تناول عشاءك وارتح"
رد حمد :

"لا استطيع تناول اي شيء ،ساذهب لغرفتي فحسب،طابت ليلتكما"
خرج حمد من الصالة متجها لغرفته تاركا والديه يفكران بنفس مايفكر به ،سوسن وحالتها التي تزداد سوءا سوما بعد يوم متسائلا عن الطريقة التي يمكن ان تعيدها لطبيعتها،رغم افعالها والمظهر الذي تحاول ان تظهر به الا انه يعلم ومتاكد انها لا تزال بريئة من الداخل وعلى طيبتها
وكانت سوسن في غرفتها تبكي، فهي لا تحب البكاء امام احد لانها تعتبره ضعف كانت تفكر في شيء واحد:

كيف ان حياتها اصبحت ظلام ،مجرد ظلام ......

انتهى الفصل الاول، يتبع ..
 
بارك الله فيكي
في انتظار الفصول الأخرى
لا تنسي اضافتي الى قائمة الاشارات​
 
رائعة بدون مجاملات
الرواية في غنى عنها.
ابدعت
ننتظر باقي الفصول.
 
ان ينشر الكاتب قصة له .هي جراة في حد ذاتها اهنئك(y) واصل فامثالك قليلون ننتظر الفصل 2
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top