- الأوسمة
- 46
السلام عليكم و رحمة اللّه تعالى و بركاته
العدد السادس من سلسلة مشاهير علماء المسلمين
الشخصية السادسة هي عالم الرياضيات
عمر الخيّام
وُلد غياثُ الدين عمر بن إبراهيم النٌَيسابوريُّ الخيّامي المعروف بعمر الخيّام سنة 1048 م ب نيسابور في خرسان في إيران
و من كونهةفارسي النشأة إلا أن بعض المؤرخرن ينسبونه إلى قبيلة الخيّامي العربية و يدّل لقبه الخيّام على أن والده كان صاعًا للخِيام
و لا يُعرف الكثير عن حياته المبكرة سِوى أنه كان طفلًا هادئًا يُفّضل الإعتزال و المطالعة
و قد أوقف حياته كلها فيما بعد على العلم و المعرفة و كتب مقالات مختلفة عن مواضيع مختلفة بدءًا من الميكانيك إلى الغيبيات
درس الخيّام الرياضيات التي كانت قاعدته لدراسة الجبر و أنجز نظاما للأرقام أكثر إتساعا من نظام اليونانيين القدماء
قضى عمر الخيّام قِسمًا من طفولته في بَلْخٍ في أفغانستان و تلقى تعليمه على يد المعلم الشهير ( الشيخ محمد المنصوري )
ثم عاد إلى خرسان و تابع دراسته تحت إشراف ( موفَّق النيسابوري ) الذي كان أحد أشهر المعلمين في ذلك الإقليم
و راح يرتاد مراكز التعليم الرئيسية منذ صغره فاختار أن يرحل إلى سمرقند حيث تلقى دعمًا من المعلم الجليل ( أبي طاهر )
و ارتحل بعد ذلك إلى بُخارى حيث لمع اسمه كعالم في الرياضيات و الفلك و راح يكتب رسائل في الرياضيات و الفلسفة
و قد شغل نفسه في حل المسائل الرياضية و الهندسية المُعقدة و كان يسعى إلى ابتكار حلول فريدة لتلك المسائل و يُذكر أن الخيّام كان يملك ذكاءًا حادًا و سرعة بديهة و كثيرا ما تتم مقارنته بعالم و فنان النهضة الأوروبية ( ليوناردو دافنشي )
كان الخيّام يملك مفهومًا معقدًا لعالم العلوم و كام يسعى خلاله إلى الكشف عن حقيقة الكون و في الوقت نفسه تجاوز حدود العقل بإثارته الأسئلة بأسلوب حدسي و يعتقد بعض العلماء أن تفكير الخيّام كان متقدمًا جدا عن زمانه و لكن الإسلاميين المحافظين حقدوا عليه لأنه لم يكُن يؤمن إيمانًا أعمى مثلهم و قدحوا في عقيدته كما كان الصوفيون يخشونه لأنه كان يسخر من ممارساتهم
و قد استوحى الخيّام أفكاره الفلسفية من ( ابن سينا ) الذي كان يمثل نِبراسًا من العلم يجب الإقتداء به
كتب الخيّام مقالات أكاديمية مسهَبة عن. الرياضيات و الهندسة و الجبر و الفيزياء و الفلك و الغيبيات مما ألهم الكثير من العلماء الأوروبيين الذين أتوا بعده
و قد وصلنا ما مجموعه 10 كتب و 30 رسالة من أعماله و ينظر الكثير من الناس إلى عمر الخيّام على أنه كان متشائمًا و لكنه كان في الواقع ذا صِبغة إنسانية مليئة بالحب و الرحمة
كان الخيّام رياضيًا شهيرا و قد كتب سنة 1070 م مقالة عن الجبر تُدعى ( مقالة الجبر و المُقابلة ) و هي نص نموذجي يبين قواعد علم الجبر و يتألف من تصنيف للمعادلات إعتمادًا على تعقُّد تركيبها
و ذكر الخيّام 13 صيغة مختلفة للمعادلات التكعيبية و يُعد أول من طوّر المعادلة ذات حدّيْن
وضع الخيّام كِتابًا في الهندسة سنة 1077 م يُقيّم فيه مفاهيم الرياضي الإغريقي ( إقليدس ) و كان عنوانه ( شرح ما أشكَل من مُصادرات كتاب إقليدس )
و طرح الكتاب نقدًا لفرضية إقليدس عن الخطوط المتوازية و قدّم الخيّام تصوراته الخاصة حول هذا الموضوع
و ربما كان هذه هي الخطوة الأولى لصياغة الهندسة اللاإقليدية
كما ساهم بالإضافة إلى ذلك في نظرية التناسب في الهندسة
وجّه السلطان السَّلجوقيُّ العظيم ( جلال الدين ملكشاه ) دعوة إلى عمر الخيّام ليأتي إلى أصفهان سنة 1074 م ليشيّد مرصدًا فلكيًا بالتعاون مع 7 علماء مشهورين آخرين
و قد أوكل إليه مهمة وضع تقويم شمسي دقيق ليساعد في جِباية الدّخل و الأعمال الإدارية
و قد أنتجت جهوده التقويم المسمى ( التأريخ الجلالي ) حيث قسّم فيه السنة إلى 365.2421 يومًا و تشكل هذه الأيام أساس القويم الإيراني الحديث و للخيّام فضل كبير في نظرية مركزية الشمس
و هو يشير بذلك بذكره أن الشمس لا الأرض هي مركز الكون و أوضح أن الأرض تدور على محورها كما تدور حول الشمس
و رسم خريطة للنجوم التي إنتشرت شُهرتُها في أنحاء بلاد فارس و العالم الإسلامي
كما ألّف سلسلة من الجداول الفلكية سماها ( زيجي ملكشاهي )
و بعد موت الوزير نظام الملك سنة 1092 م سافر الخيّام للحّج إلى مكة المكرمة ثم عاد إلى نيسابور حيث أصبح معلمًا و انشغل بالكتابة
و مع فضله الكبير في العلوم و الفلك إلا أن الخيّام اشتهر في العالم الغربي بأعماله الشعرية المسماة ( الرُّباعيات )
و تعود هذه الشُهرة إلى ترجمة ( إدوارد فيتز جيرالد ) لهذا العمل سنة 1839 م
كتب الخيّام رُباعياته سنة 1120 م و هي مجموعة من القصائد ذات المقاطع المؤلفة من 4 أسطر و يُدعى كل مقطع بالرُّباعي
و ما تزال الرُّباعيات أحد أهم الأعمال الأدبية في العالم و هي تُبين الجانب الفلسفي لعمر الخيّام الذي لم يكن معروفا لمُعظم مُعاصريه و تطرح أشعاره أسئلة عن الحياة و الموت و قد اعتبرها البعضُ عملًا تأمُليًا ينقل أفكارًا صوفية بينما اعتبرها آخرون أفكار إلحادية و تتطرق الأشعار كثيرًا إلى ذكر الخمر و تُظهر حياة الإنسان على أنها هشة و زائلة
كتب عمر الخيّام مقالات أخرى عن الغيبيات و منها ( الرسالة في الوجود ) التي كتبها بالعربية و كتب أيضا ( الخطبة الغّراء ) كرسالة مديح فلسفية تمجّد اللّه
و يرى العلماء أن أفكار الخيّام تحمل في طيّاتها الرُشد و التّطرف في الوقت ذاته و هذا ما يجعل أعماله تتسِم بالتعقيد بحيث يصعُبُ تصنيفها
كما تتميز أعماله بالروحانية و الغُموض التي ما تزال تُحيّر و تُدهش القُراء عبر العصور
بقي عمر الخيّام مُخلصًا لأفكاره و مُعتقداته بينما كان الوضع الإجتماعي و الديني في نيسابور مُعاديا لشِعره و أعماله الفلسفية و رفض الناس قَبول استكشافاته أو اعتباره فيلسوف و لهذا السبب بقيت إمكانياته في عالم الغيبيات خفيةً خلال حياته
توفي عمر الخيّام سنة 1131 م في نيسابور و لا يُعرف سبب وفاته بالضبط
انتهى ....
العدد السادس من سلسلة مشاهير علماء المسلمين
الشخصية السادسة هي عالم الرياضيات
عمر الخيّام
وُلد غياثُ الدين عمر بن إبراهيم النٌَيسابوريُّ الخيّامي المعروف بعمر الخيّام سنة 1048 م ب نيسابور في خرسان في إيران
و من كونهةفارسي النشأة إلا أن بعض المؤرخرن ينسبونه إلى قبيلة الخيّامي العربية و يدّل لقبه الخيّام على أن والده كان صاعًا للخِيام
و لا يُعرف الكثير عن حياته المبكرة سِوى أنه كان طفلًا هادئًا يُفّضل الإعتزال و المطالعة
و قد أوقف حياته كلها فيما بعد على العلم و المعرفة و كتب مقالات مختلفة عن مواضيع مختلفة بدءًا من الميكانيك إلى الغيبيات
درس الخيّام الرياضيات التي كانت قاعدته لدراسة الجبر و أنجز نظاما للأرقام أكثر إتساعا من نظام اليونانيين القدماء
قضى عمر الخيّام قِسمًا من طفولته في بَلْخٍ في أفغانستان و تلقى تعليمه على يد المعلم الشهير ( الشيخ محمد المنصوري )
ثم عاد إلى خرسان و تابع دراسته تحت إشراف ( موفَّق النيسابوري ) الذي كان أحد أشهر المعلمين في ذلك الإقليم
و راح يرتاد مراكز التعليم الرئيسية منذ صغره فاختار أن يرحل إلى سمرقند حيث تلقى دعمًا من المعلم الجليل ( أبي طاهر )
و ارتحل بعد ذلك إلى بُخارى حيث لمع اسمه كعالم في الرياضيات و الفلك و راح يكتب رسائل في الرياضيات و الفلسفة
و قد شغل نفسه في حل المسائل الرياضية و الهندسية المُعقدة و كان يسعى إلى ابتكار حلول فريدة لتلك المسائل و يُذكر أن الخيّام كان يملك ذكاءًا حادًا و سرعة بديهة و كثيرا ما تتم مقارنته بعالم و فنان النهضة الأوروبية ( ليوناردو دافنشي )
كان الخيّام يملك مفهومًا معقدًا لعالم العلوم و كام يسعى خلاله إلى الكشف عن حقيقة الكون و في الوقت نفسه تجاوز حدود العقل بإثارته الأسئلة بأسلوب حدسي و يعتقد بعض العلماء أن تفكير الخيّام كان متقدمًا جدا عن زمانه و لكن الإسلاميين المحافظين حقدوا عليه لأنه لم يكُن يؤمن إيمانًا أعمى مثلهم و قدحوا في عقيدته كما كان الصوفيون يخشونه لأنه كان يسخر من ممارساتهم
و قد استوحى الخيّام أفكاره الفلسفية من ( ابن سينا ) الذي كان يمثل نِبراسًا من العلم يجب الإقتداء به
كتب الخيّام مقالات أكاديمية مسهَبة عن. الرياضيات و الهندسة و الجبر و الفيزياء و الفلك و الغيبيات مما ألهم الكثير من العلماء الأوروبيين الذين أتوا بعده
و قد وصلنا ما مجموعه 10 كتب و 30 رسالة من أعماله و ينظر الكثير من الناس إلى عمر الخيّام على أنه كان متشائمًا و لكنه كان في الواقع ذا صِبغة إنسانية مليئة بالحب و الرحمة
كان الخيّام رياضيًا شهيرا و قد كتب سنة 1070 م مقالة عن الجبر تُدعى ( مقالة الجبر و المُقابلة ) و هي نص نموذجي يبين قواعد علم الجبر و يتألف من تصنيف للمعادلات إعتمادًا على تعقُّد تركيبها
و ذكر الخيّام 13 صيغة مختلفة للمعادلات التكعيبية و يُعد أول من طوّر المعادلة ذات حدّيْن
وضع الخيّام كِتابًا في الهندسة سنة 1077 م يُقيّم فيه مفاهيم الرياضي الإغريقي ( إقليدس ) و كان عنوانه ( شرح ما أشكَل من مُصادرات كتاب إقليدس )
و طرح الكتاب نقدًا لفرضية إقليدس عن الخطوط المتوازية و قدّم الخيّام تصوراته الخاصة حول هذا الموضوع
و ربما كان هذه هي الخطوة الأولى لصياغة الهندسة اللاإقليدية
كما ساهم بالإضافة إلى ذلك في نظرية التناسب في الهندسة
وجّه السلطان السَّلجوقيُّ العظيم ( جلال الدين ملكشاه ) دعوة إلى عمر الخيّام ليأتي إلى أصفهان سنة 1074 م ليشيّد مرصدًا فلكيًا بالتعاون مع 7 علماء مشهورين آخرين
و قد أوكل إليه مهمة وضع تقويم شمسي دقيق ليساعد في جِباية الدّخل و الأعمال الإدارية
و قد أنتجت جهوده التقويم المسمى ( التأريخ الجلالي ) حيث قسّم فيه السنة إلى 365.2421 يومًا و تشكل هذه الأيام أساس القويم الإيراني الحديث و للخيّام فضل كبير في نظرية مركزية الشمس
و هو يشير بذلك بذكره أن الشمس لا الأرض هي مركز الكون و أوضح أن الأرض تدور على محورها كما تدور حول الشمس
و رسم خريطة للنجوم التي إنتشرت شُهرتُها في أنحاء بلاد فارس و العالم الإسلامي
كما ألّف سلسلة من الجداول الفلكية سماها ( زيجي ملكشاهي )
و بعد موت الوزير نظام الملك سنة 1092 م سافر الخيّام للحّج إلى مكة المكرمة ثم عاد إلى نيسابور حيث أصبح معلمًا و انشغل بالكتابة
و مع فضله الكبير في العلوم و الفلك إلا أن الخيّام اشتهر في العالم الغربي بأعماله الشعرية المسماة ( الرُّباعيات )
و تعود هذه الشُهرة إلى ترجمة ( إدوارد فيتز جيرالد ) لهذا العمل سنة 1839 م
كتب الخيّام رُباعياته سنة 1120 م و هي مجموعة من القصائد ذات المقاطع المؤلفة من 4 أسطر و يُدعى كل مقطع بالرُّباعي
و ما تزال الرُّباعيات أحد أهم الأعمال الأدبية في العالم و هي تُبين الجانب الفلسفي لعمر الخيّام الذي لم يكن معروفا لمُعظم مُعاصريه و تطرح أشعاره أسئلة عن الحياة و الموت و قد اعتبرها البعضُ عملًا تأمُليًا ينقل أفكارًا صوفية بينما اعتبرها آخرون أفكار إلحادية و تتطرق الأشعار كثيرًا إلى ذكر الخمر و تُظهر حياة الإنسان على أنها هشة و زائلة
كتب عمر الخيّام مقالات أخرى عن الغيبيات و منها ( الرسالة في الوجود ) التي كتبها بالعربية و كتب أيضا ( الخطبة الغّراء ) كرسالة مديح فلسفية تمجّد اللّه
و يرى العلماء أن أفكار الخيّام تحمل في طيّاتها الرُشد و التّطرف في الوقت ذاته و هذا ما يجعل أعماله تتسِم بالتعقيد بحيث يصعُبُ تصنيفها
كما تتميز أعماله بالروحانية و الغُموض التي ما تزال تُحيّر و تُدهش القُراء عبر العصور
بقي عمر الخيّام مُخلصًا لأفكاره و مُعتقداته بينما كان الوضع الإجتماعي و الديني في نيسابور مُعاديا لشِعره و أعماله الفلسفية و رفض الناس قَبول استكشافاته أو اعتباره فيلسوف و لهذا السبب بقيت إمكانياته في عالم الغيبيات خفيةً خلال حياته
توفي عمر الخيّام سنة 1131 م في نيسابور و لا يُعرف سبب وفاته بالضبط
انتهى ....
