المشعوذ الصغير

Oktavio_hinda

:: عضو فعّال ::
صُنّآع آلمُحْتَوَى

fcd5a345fcfe275daee34080c35c1a6f.webp

في قرية نائية تحيط بها الغابات والضباب كان الناس يتحدثون عن طفل يقال إنه ولد في ليلة برق دون رعد ومع صرخته الأولى انطفأت كل الشموع في البيوت المجاورة أطلقوا عليه اسم يونس لكنه في أحاديثهم السرية سمي "المشعوذ الصغير"
لم يكن يونس يعرف لماذا يخافه الناس أو لماذا حين يمر في السوق تشيح النساء بوجوههن ويشد الرجال على أذرع أطفالهم كان صبيا هادئا لا يحب الأذى ولا يطلب من الحياة أكثر من دفتر وبعض ألوان

لكنه كان مختلفا حين يغضب تهتز النوافذ وحين يبكي تمطر السماء فوق بيته فقط وحين يحلم يرى ما لم يره أحد
جدته المرأة الوحيدة التي آمنت به كانت تهمس له كل ليلة أنت لا تشبههم ولا يجب أن تصبح مثلهم
كانت تقص عليه حكايات عن أناس طيبين امتلكوا قوى غريبة لكنهم استخدموها للخير وكانوا يسمونهم الحكماء لا المشعوذين
لكن بعد موت جدته تغير كل شيء
في يومٍ عاصف مرضت ابنة العمدة مرضا شديدا لم ينفعها دواء ولا طبيب حينها تجرأ يونس وطرق بابهم للمرة الأولى ضحكوا في وجهه لكنه قال بهدوء: لن أؤذيها… أعدكم
جلس قربها، وضع يده على جبينها وتمتم بكلمات لا تشبه تلك التي يتلوها المشعوذون بل كانت تشبه الدعاء... ثم قال: ستشفى عند أول ضوء غدا

وفي الفجر فتحت الطفلة عينيها
تعافت
ولأول مرة انحنت القرية كلها ليونس ومنذ ذلك اليوم لم يناد بـ"المشعوذ الصغير"
بل بـ: "حكيم الضباب."


يتبع../..
 
توقيع Oktavio_hinda
كبداية رائع جدا ما كتبتيه لنا
مميزة كعادتك

ننتظر ما تبقى .... شكرا لكٍ
 
توقيع ام أمينة

1cb3a8150f75bb6860fb0c76f558b980.webp
مرت أشهر على شفاء ابنة العمدة وصار يونس جزءا من القرية بعد أن كان ظلا على أطرافها الناس يأتون إليه يسألونه عن المطر عن المواسم عن الأحلام الغريبة التي تراودهم كان يسمعهم بابتسامة ويجيب بحكمة لا تليق إلا بشيخ عاش مئة عام لكنه كان يشعر أن شيئا ما يناديه…شيئا أبعد من القرية أعمق من الضباب
وفي ليلة مقمرة وبينما كان يونس يسقي شجرة جدته سمع همسا خافتا يونس… لا تنس من أنت
التفت فلم يجد أحدا تكرر النداء في الليالي التالية وأخيرا قرر أن يتبع الصوت حمل معه عصا جدته ودفترا صغيرا ومضى نحو الغابة التي لطالما حذره الجميع منها… "غابة العيون السبعة"
يقال إن من يدخلها لا يخرج لكن يونس لم يكن خائفا كان يشعر أن شيئا هناك ينتظره
في أعماق الغابة رأى أشجارا لا تشبه أي شجرة عرفها من قبل وسمع أصواتا تهمس بلغات لا يفهمها لكن قلبه كان مطمئنا
فجأة ظهرت له عين نعم عين تتدلى من جذع شجرة ثم أخرى وسبعة عيونٍ كاملة تحيط به من كل جانب تراقبه بصمت ثم ظهر وجه عجوز ضبابي نصفه ضوء ونصفه ظل وقال:
" لقد أيقظت قوى قديمة وما تزال صغيرا لتفهمها
لكنك جئت وهذا يعني أنك مستعد
مد له يده وفي كفه نواة حجر سوداء تنبض كما القلب
قال:
هذه ليست قوة بل امتحان من يستخدمها لأجله ينطفئ ومن يستخدمها لغيره يضيء

وقبل أن يسأل يونس أي شيء اختفى الوجه والعيون، وكل شيء وعاد وحده

في صباح اليوم التالي لم يكن يونس كما كان
كان صامتا أكثر وعيناه تحملان معرفة لا تفسرها الكلمات

لكن القرية لاحظت أمرا واحدا منذ عودته
لم يعد هناك ضباب.

يتبع
 
توقيع Oktavio_hinda
توقيع Oktavio_hinda
توقيع Oktavio_hinda
العودة
Top Bottom