جبهة الانقاذ المحظورة في الجزائر: أي أفق للعودة السياسية؟

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

عوماوي

:: عضو مُشارك ::
إنضم
2 سبتمبر 2008
المشاركات
491
نقاط التفاعل
2
النقاط
17
العمر
33
بسم الله الرحيم الرحيم

مثلت عودة رابح الكبير، أحد قياديي الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة بالخارج في الفترة الأخيرة، احد عناصر التحول المهمة في المشهد السياسي الجزائري بصفة عامة، وفي علاقة النظام الجزائري بالاسلاميين الراديكاليين بصفة خاصة، ويأتي هذا الحدث متزامنا مع اعلان الفصيل الأصولي المتشدد الجماعة السلفية للدعوة والقتال انضمامه لتنظيم القاعدة، تزامنت هذه الأحداث مع بعض العمليات المسلحة التي استهدفت وحدات الجيش، والتي تبدو، في هذا الوقت بالذات، من قبيل اضفاء مشروعية علي الانضمام الباهت لهذا التنظيم السلفي المتشدد للقاعدة، والذي يرفض حتي الآن القبول بشروط المصالحة الوطنية الحكومية. ومهما يكن من أمر، فان موافقة السلطات الجزائرية علي عودة رابح الكبير في هذا الظرف بالذات تحمل في طياتها من الرمزية الكثير. فرابح الكبير يمثل أحد قيادات الاسلام السياسي الجزائري المعتدلة نسبيا، والتي أبدت مرونة في الحوار مع النظام الجزائري منذ منتصف التسعينات، حول سبل تجاوز أسباب الحرب الأهلية وانعكاساتها. ومن المرجح أن الاتفاق علي عودة هذا القيادي الانقاذي وغيره، قد تم اعدادها بشكل مسبق في اطار تسريع تنفيذ مسار المصالحة الوطنية التي يتبناها النظام الجزائري، وخاصة منه جناح الرئيس بوتفليقة ووزيره الأول عبد العزيز بلخادم.
ونشير الي أن هذه العودة وما رافقها من هالة اعلامية، سرعان ما بدأ بريقها يخفت تدريجيا، رغم ما تحمله في طياتها من دلالات سياسية عميقة، والتي يمكن أن تفرز عديد التأثيرات في مستقبل الحراك السياسي في الجزائر، علي المستويين المتوسط والبعيد. من جهة أخري، يذهب بعض المحللين الي اعتبار هذا الحدث، علي المدي المتوسط، بالون اختبار للاسلاميين الانقاذيين، خاصة فيما يتعلق بامكانيات عودتهم في اطار حزب جديد، يرث جبهة الانقاذ المحظورة. وتضع الحكومة شرطا أساسيا يتعلق بمدي التزام هذا الحزب المنتظر بالديمقراطية ونبذ العنف والتزام التنافس النزيه مع بقية الأطراف السياسية. وكذلك العمل علي المحافظة علي المعادلات والتوازنات السياسية الداخلية. كما تضع السلطات خطا احمر أمام هذا الحزب المنتظر يتعلق بجملة المحظورات القانونية التي أدت الي منع الجبهة الاسلامية من النشاط السياسي سابقا.
مجمل النقاشات داخل كواليس النظام السياسي الجزائري التي تدور بين مختلف الأجنحة قد انتهت، علي الأقل وقتيا، الي تأجيل البت في مسألة انشاء حزب يضم قواعد حزب الجبهة المحظورة بقيادة العناصر المعتدلة. وذلك الي حين توفر الظروف السياسية الموضوعية داخليا، وتوقف موجة العنف المسلح التي تنفذها فلول الجماعات الرافضة للمصالحة والحسم الجذري في موضوع عودة أفراد هده الجماعات المسلحة الي الحياة المدنية، خاصة وان عددا من جمعيات المجتمع المدني وأهالي ضحايا الارهاب تسعي الي تتبع المتورطين في هذه الأعمال. من جهة أخري فان الحكومة الجزائرية تحاول استقراء مجمل الانعكاسات المتوقعة والمواقف الاقليمية المغاربية والدولية لمثل هذا القرار. مما يسمح باتخاذ قرار صائب بخصوص هذا الملف. ولعل ما ورد في البلاغ الصحافي الناطق باسم الحكومة الجزائرية، جاء يؤكد بوضوح علي عدم وجود نية لمنح تأشيرة النشاط الحزبي باسم رابح الكبير أو غيره من قيادات الجبهة المحظورة. لتبدو ملامح الصورة في شكلها الحالي متوافقة الي حد كبير مع ما تريده الحكومة الحالية، التي تريد، علي ما يبدو، التريث قبل اعطاء أي تأشيرة نشاط حزبي، وذلك خوفا من مخاطر الانزلاق في حرب أهلية كما حصل في التجربة السابقة. كما أنها تعي، من جهة أخري، أهمية ايجاد توازن سياسي وحراك اجتماعي يمكن من تجاوز غياب قوة سياسية تمثل التيار الأصولي الجزائري الأهم.
ونرجح أن اثارة ملف الجبهة وامكانية عودتها في شكل متجدد، وتزامنه مع عودة رابح الكبير، يندرج ضمن أجندة سياسية تتبناها القيادة الجزائرية الحالية في بحثها عن شخصيات سياسية انقاذية لم تتورط في العنف بشكل أو بآخر، وتكون قادرة علي الاضطلاع بدور ما في الاستحقاقات السياسية المستقبلية. كما أنها قد تكون محاولة لتصدير أزمة داخلية، من قبيل الخلافات بين الشركاء السياسيين في الحكومة أو فيما يتعلق بحرب خلافة الرئيس بوتفليقة.
ومهما يكن من أمر السبب الفعلي لعودة هذا الملف، فإن الظهور المكثف والهالة الاعلامية التي تحيط بقيادات أصولية معروفة مثل علي بالحاج أو مدني مزراق القائد السابق للجيش الاسلامي للانقاذ أو غيرهما لن تنقذ هذه القيادات من العزلة السياسية المفروضة رسميا عليهم. وتبقي مجمل التلميحات والتسريبات غير المباشرة حول امكانية مشاركة هذه الوجوه الانقاذية في تأسيس حزب جديد للشتات الانقاذي مجرد تخمينات وتوقعات لن تتأكد الا بقرار رسمي. خاصة وان مشاركة هؤلاء في الأعمال المسلحة أو دعمها ولو بشكل غير مباشر، تقف حجر عثرة أمام طموحاتهم للعودة للمشهد السياسي الجزائري وذلك لجملة المعايير القانونية والسياسية التي حددتها السلطات الجزائرية، للتمكن من ممارسة أنشطة سياسية مرخص فيها.
هكذا يبدو أن عديد الأسباب السياسية الداخلية، تجعل من هوية قيادة الحزب المنتظر مسألة محل اتفاق ضمني حولها داخل الأوساط الحكومية الجزائرية الفاعلة، ففي صورة ما اذا تم مستقبلا الترخيص لهذا الحزب بالنشاط، فان نقطة الانطلاق هي ضرورة اعتدال توجهاته ومواقفه. خاصة وان التشكيلة السياسية الحاكمة الموسعة في الجزائر اليوم، لا تمثل بالضرورة لونا أو موقفا موحدا، بل انها عبارة عن فسيفساء تتعدد ضمنها الأطياف السياسية يسارا ويمينا، والقول علي سبيل المثال بازاحة الشق الفرانكفوني نبقي نسبيا، لقوة هذا التيار وتشعب ارتباطاته وتجذره في المشهد السياسي والسوسيوثقافي الجزائري، كما أن التيار العروبي داخل الحكومة نفسه يبقي، علي الرغم من نفوذه السياسي الحالي، حذرا في المجازفة باستئصال منافسيه سياسيا، بل قد تكون قدرته في الوقت الراهن محدودة في هذا الاتجاه.
وفي هذا الاطار بالذات، لا يجب التغافل عن الدور الرئيسي للمؤسسة العسكرية في الحياة السياسية في الجزائر، فعلي الرغم من انسحابها المؤقت من المشهد السياسي وبروز مؤسسة الرئاسة كمسير رئيسي للأحداث وبديل عنها، الا أن مؤسسة الجيش تبقي بفعل عوامل سوسيو ـ تاريخية متجذرة في عمق البنية السياسية لتشكل الدولة في الفضاء المغاربي عموما وفي الجزائر بشكل خاص، احدي الركائز الأساسية للسلطة السياسية. وهو ما يرجح الابقاء علي دورها الاستراتيجي الذي تضطلع به منذ قرون، كحارس أمين وفعلي للنظام السياسي في المغرب في الفترات القديمة والحديثة علي حد سواء، وبصفة خاصة أثـــــناء الانتصاب العسكري التركي بالمنطقة في الفترة الحديثة فقد حكم الضباط الأتراك الدايات ايالة الجزائر، وتواصلت هذه السيطرة في أشكالها المختلفة الي حدود الانتصاب العسكري الاستعماري الفرنسي المباشر في الجزائر. وهكذا تواصل حضور الجيش في المشهد السياسي الجزائري لفترة طويلة من الزمن، مشكلا تدريجيا طبقة عســكرتاريا تخترقها نسبيا الولاءات والزبونية ويحركها أحيانا الانتماء المناطقي والتقسيم الجهوي. علي أن ارتباط هذه المؤسسة بمرحلة التحرر الوطني شكل عاملا هيكليا في بناء الشرعية الوطنية وتأسيس ذاكرة مرجعية في تاريخ الجزائر، كما تركت تأثيرات لا يمكن اغفالها في طبيعة تشكل المؤسسات السياسية للدولة الوطنية بالجزائر المعاصرة.
كما يمكن اثارة معطي آخر مهم يتعلق بوزن بقية الأحزاب الاسلامية الجزائرية المعترف بها، وتتمثل في ثلاثة أحزاب أساسية هي: حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وتيار الاصلاح الوطني. وأولي الملاحظات التي يمكن أن نسوقها، هي التأكيد علي أهمية مشاركة هذه الأحزاب في التحالف الحكومي ودورها السياسي والاجتماعي والثقافي لحفظ التوازن في المشهد السياسي الجزائري، في ظل غياب القطب الأصولي الأهم وذلك علي مدي أكثر من عقد من الزمن. وتجدر الاشارة الي أن الوضعية الحالية لمختلف هذه التيارات السياسية تبدو في تراجع واضح، ولعل ذلك يعود للفراغ السياسي الذي خلفه غياب قيادات سياسية كاريزمية لها وزنها داخل أحزابها بدرجة أولي، وفي المشهد السياسي الجزائري العام بدرجة ثانية، من أمثال الراحل محفوظ النحناح. أو كذلك تراجع قيادات أخري مثل عبد الله جاب الله، مما خلف وضعيات صعبة في هده التنظيمات، فهي تعاني أزمات سياسية داخلية، تتضح من خلال الانشقاقات والاتهامات المتبادلة بين قياداتها بالفساد المالي واحتكار التسيير داخلها. هذا الأمر يجعل هذه الأحزاب في موقف سياسي ضعيف داخل الحكومة، كما قد يدفع القطب الرئاسي أي محور بوتفليقة ـ بلخادم الي مراجعة حساباته السياسية مستقبلا لايجاد حليف قوي يمثل الاسلام السياسي المعتدل، يمكنه من تحقيق أجنداته وبرامجه.
من هذا المنطلق، وفي ظل هشاشة الأحزاب الاسلامية المعترف بها وفشل التعويل عليها ماضيا في استقطاب الأتباع السابقين لجبهة الانقاذ، سواء لدعم مشروع المصالحة الوطنية أو لاعتمادهم ضمن أجندات ومراحل سياسية لاحقة من التجاذب والاستقطاب بين مختلف أجنحة النظام السياسي الجزائري. ويبدو مما تقدم، أن الاستحقاقات الرسمية القادمة في حاجة لحليف قوي من بين الانقاذيين المعتدلين.
هذه اللمسات السياسية التي تهدف الي اعادة ادماج هذا الطرف الأصولي المعتدل تدريجيا في التحالف السياسي الرئاسي، تبدو أنامل الوزير الأول والأمين العام لجبهة التحرير الوطني والرجل القوي في الحكومة عبد العزيز بلخادم خلفها، فبعد نجاحه الي حد كبير في اضعاف الشق العلماني والفرانكفوني سياسيا، داخل وخارج النظام والتوصل الي ابرام اتفاق ضمني مع المؤسسة العسكرية بعدم التدخل في العملية السياسية. خاصة بعد استقالة أو تقاعد الضباط الكبار من أمثال محمد العماري ومن قبله خالد نزار. أصبح الباب مفتوحا علي مصراعيه لاعادة هيكلة المشهد السياسي في طبخة جديدة تكون بالضرورة في صالح التشكيلة السياسية المتنفذة والصاعدة.
ويرجح بعض السياسيين أن رهان الفاعلين السياسيين الحالي يهدف، فيما يهدف، الي خلق توازن جديد ذي أبعاد سياسية ـ ثقافية ـ اجتماعية. هذا الرهان فيه من الواقعية والبراغماتية السياسية الكثير، ولكنه ينطوي علي عدد من الصعوبات لعل أبرزها ترويض الشق المتشدد في الجبهة، في ظل الضعف السياسي ميدانيا للقيادات التي كانت تقيم بالخارج.
ولعل الطفرة الاقتصادية التي عرفتها الجزائر، وخاصة منها الموارد المتأتية من البترول، قد أنعشت الاقتصاد الجزائري، وساهمت وستساهم مستقبلا في دعم مواقف القيادة الجزائرية الحالية وتمكينها من كسب عديد الجولات الاستحقاقات الداخلية والخارجية. في نفس هذا السياق يعتبر نجاح سياسة المصالحة الاجتماعية والسياسية بمثابة الشرعية الحقيقية لمواصلة خطوات أخري جريئة أقدم عليها جناح الرئيس بوتفليقة. اذ تندرج عودة بعض الوجوه الأصولية الانقاذية علي ما يبدو ضمن هذا المسار الجديد. وذلك في انتظار مفاجآت سياسية أخري قد يطلقها النظام الجزائري. ولئن جاء الحسم الرسمي المستبعد لامكانية الترخيص بحزب أصولي جديد، راهنا، فان كثيرا من الملاحظين ينتظر تفاعلات هذا الملف ومختلف المواقف السياسية والحقوقية والجمعياتية، الرافضة أو القابلة لعودة التيار الأصولي المحظور والاستتباعات المتعددة لكل ذلك، وهو ما يجعل هذا الملف السياسي ذا طبيعة سجالية في المشهد السياسي الجزائري بدرجة أولي والمشهد المغاربي والعربي الاسلامي والدولي بصفة عامة.
 
بعدها أحسن من عودتها
 
الخبر قديم وهولا حدث
 
أنا مؤيد لتوجهها ولكن لا أثق بقيادييها
 
السلام عليكم
انا ضد عودتها لان عقيدتها خاطئة اصلا و سنعيد سيناريو التسعينات من جديد
لاكن في نفس الوقت في الجزائر يوجد تيار سلفي عقيدته صحيحه اتمنى ان يشكلو حزبا سياسيا في يوم من الايام
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top