موسوعة أعلام الجزائر

w6w200504191431316febd32d.gif

1016.gif


w6w2005041313470667f9d5084.gif

mt2.gif

موسوعة أعلام الجزائر
w6w_200505201630255997b5141428.gif

هذه سلسلة موسوعة أعلام الجزائر سأدرجها في هذا القسم الطيب الخاص برجالات الجزائر و أبطالها وعلماءها و أئمتها ممن حملوا على أكتافهم مشعل نور العلم وساهموا في إثراء رصيد الجزائر الفكري و الثقافي والعلمي ليتسنى لأعزاءنا القراء سواء كانوا أعضاءا أو زوارا أن يعرفوا مزيدا من أعلام الجزائر العظماء.
أخوكم : كمال المدعو : جبران
w6w_200505201630255997b5141428.gif

الحلقة الأولى
w6w_200505201630255997b5141428.gif


1 - العلامة الجزائري شيخ النحو و رائد النظم فيه يحي بن عبد المعطي

w6w_200505201629065997abc5f0fb.gif



هذه ترجمة لأحد علماء الجزائر الأفذاذ ، إمام عصره في النحو واللغة، ورائد نظم المسائل اللغوية و النحوية، تُعد ألفيته " الدرة الألفية " أول مؤلف في النحو صيغ بقالب شعري، أشتهر بغزارة العلم و سعة المعرفة ، فقد ألف وحقق الكثير من الكتب ، ولم يقتصر على علم واحد أو نهج معين كما تدل على ذلك مصنفاته الكثيرة ، وقد شهد له العلماء و الأدباء بأصالته و عمق فكره ، ويكفيه فخرا ما وصفه به مؤرخ الإسلام الإمام الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ج 22 ص 324) بأنه العلامة وشيخ النحو و الفقيه ، فيقول عنه حرفيا في الترجمة رقم 196: " العلامة شيخ النحو زين الدين أبو الحسين يحيى بن عبد المعطي بن عبد النور الزواوي المغربي النحوي الفقيه الحنفي مولده سنة أربع وستين وخمس مئة وسمع من القاسم بن عساكر وصنف الألفية والفصول وله النظم والنثر وتخرج به أئمة بمصر وبدمشق".

كنيته و نسبه و مولده:

يحيى بن عبد المعطي بن عبد النور الزواوي ،زين الدين، يكنى بأبي الحسين، و بأبي زكريا ، أما شهرته في المشرق و المغرب فهي " ابن المعطي و ابن معط".
ويقال أنه لقب بزين الدين لقوله:


قالوا تلقب زين الدين فهو له *** نعت جميل به قد زين الأمنا
فقلت لا تعذلوه إن ذا لقب *** وقف على كل بخس والدليل أنا



و ينتسب ابن المعطي إلى منطقة زواوة التابعة لمدينة بجاية الناصرية (الشرق الجزائري)، حيث ولد بظاهرة بجاية سنة 564 هـ.

عصره:

عاصرابن معطي بداية ظهور الدولة الموحدية، و ما صاحبها من اضطرابات سياسية و حروب عسكرية لتثبيت أركان الدولة ، ولم تؤثر هذه الاضطرابات على النواحي العلمية و الفكرية ، فقد شهدت دولة الموحدين نهضة علمية كبيرة، فيلاحظ الاهتمام الكبير بالعلم و الأدب و الفكر و الثقافة، ولذلك ازدهرت العلوم الشرعية وعلوم العربية من نحو و لغة و عروض وتاريخ و سير، كما شهد المشرق العربي انتصارات صلاح الدين الأيوبي و خلفاؤه ، و سحقهم للصّليبين، و تطهيرهم للأراضي الإسلامية من دنسهم، وإخراجهم مدحورين مهزومين، يجرون ذيول الخيبة و العار، وكذلك بقضائهم على الدولة الفاطمية الرافضية فقد شجعوا بطريقة مباشرة و غير مباشرة النشاط العلمي، و برزت نتائجه في كتب نفيسة أثرت المكتبة العربية في كل فن، وبرز علماء أجلاء في العالم الاسلامي ، كالإمام المحدث الفقيه الأديب أبو محمد عبد الله الاشيري، والعلامة المحدث محمد بن عبد الرحمن بن علي بن محمد بن سليمان التجيبي التلمساني ، في الجزائر و المغرب ، أما في المشرق فقد برز الإمام الحافظ ابن عساكر صاحب تاريخ دمشق و غيرهم ، أما في علوم العربية فقد طلع فيها نجم علماء عباقرة منهم الجزولي و السهيلى و الشلوبين وابن خروف و ابن عصفور و ابن مضاء و غيرهم، فأصبح كل عالم من هؤلاء مدرسة قائمة برأسها فانتشرت انتشرت المدارس النحوية، وصار الطلاب ينتقلون بين المدارس يطلبون علوم العربية من بلاغة و نحو و صرف التي عمت و انتشرت ، و تشعبت موضوعاتها و أبوابها.

رحلاته في طلب العلم وشيوخه:

لمّا أضحى المغرب العربي معجبًا بالمشرق خطر لابن معط أن يرحل إلى المشرق. وذهب إلى دمشق حيث الدولة الأيوبية التي كانت مهتمة بالعلم والأدب، وبإعداد الجيوش للدفاع عن أرض الإسلام والمسلمين. جاء ابن معط إلى هذا الجو الجديد ونشأ فيه، وأقام بدمشق واستقبله سلطانها استقبال عالم لعالم؛ فقد كان الملك عيسى بن محمد الأيوبي محبا للعلم، عالما بفقه الحنفية وبالعربية، ولذا، فقد عرف قدر ابن معط، وأكرم وفادته وولاّه النظر في مصالح المساجد. وجلس يقرئ الناس اللغة والأدب. وعندما توفي الملك عيسى الأيوبي سنة 624هـ، تولى الحكم الملك الكامل الذي كان، كسابقه، محبًا للعلم والأدب، فولاه إقراء الناس الأدب والنحو بجامع عمرو بن العاص، عندما سافر مع الملك الكامل إلى مصر. وجلس يؤدي واجبه في نشر العلم و تدريس النحو و الصرف الى وفاته رحمه الله بمصر ، وقد أخذ العلوم الشرعية من تفسير و علوم الحديث الشريف و الفقه، و العربية على يد علماء أجلاء اشتهروا بسعة العلم و التبحر كل في ميدان اختصاصه و سأقتصر على ذكر ترجمة قصيرة لأربعة منهم، كان لهم الأثر القوي في تكوينه و هم:
1- الجزولي: الامام النحوي ، عيسى بن عبد العزيز بن يللبخت بن عيسى أبو موسى ( ت 616 أو 617 هـ) الجزولي نسبة إلى جُزُولة ، و هي بطن من اليزدكتن في مراكش الجنوبية.
" الامام الخطيب النحوي ، العالم بالقراءات، بعد أن أتم دراسته الأولى في مراكش ، لزم دروس الفقيه القاضي اللغوي المشهور أبي محمد عبد الله بن بري بمصر لما حج وعاد ، الذي قيد عنه الجزولية في العربية، كما درس هناك صحيح البخاري على أبي محمد بن عبيد الله، و بعد مصر رجع إلى المغرب ، و أقام ببجاية زمنا انصرف فيه إلى تدريس النحو[ و قد استفاد من هذه الدروس مترجمنا]،كما ألف أثناءها المقدمة المشهورة بالجزولية، وهي حواش على الجمل للزجاجي، و تسمى ب: "رسالة القانون" أيضا.
ثم تصدر للإقراء بالمرية ( الأندلس ) ،ودرس فيها النحو مدة من الزمن ثم رجع إلى مراكش حيث عيّن خطيبا بمسجدها الجامع، و توفي بازمور من ناحية بمراكش سنة ست أو سبع عشرة وستمائة.


و من أهم مصنفاته:


- المقدمة التي ذكرتها سابقا
- شرح أصول ابن السراج
- مختصر لشرح ابن جني أبو موسى عيسى بن عبد العزيز لديوان المتنبي.
- آمال في النحو .
و من أشهر تلامذته ابن المعطي، و أبو على الشلوبين".
2- ابن عساكر: " الإمام المحدث الحافظ العالم الرئيس بهاء الدين أبو محمد القاسم بن الحافظ الكبير محدث العصر ثقة الدين أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي الشافعي المعروف بإبن عساكر ( ت سنة 600 هـ ) أجاز له الفراوي وزاهر وقاضي المارستان والحسين بن عبد الملك وعبد المنعم بن القشيري وابن السمر قندي وهبة الله بن الطبر ومحمد بن إسماعيل الفارسي... و قد سمع من أبيه الكثير و شاركه في أكثر مشايخه سماعا فأجازه، و صنّف عدة مصنفات و خلف أباه في إسماع الحديث في الجامع الأموي و دار الحديث النورية ،وكتب ما لا يوصف كثرة بخطه العديم الجودة وأملى وصنف ونعت بالحفظ والفهم".


ومن أهم مصنفاته:


- تاريخ دمشق.
- الجامع المستقصي في فضائل الأقصى.
- فضل المدينة.
- الموافقات.
- الأطراف الأربعة.
- الجهاد.
-مجالس إملاء
و قد سمع عنه ابن معطي الحديث، و رحل إلى الحجاز ومصر و أسمع بهما و كانت وفاته يوم الخميس ثامن صفر و دفن بعد العصر".
3- زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن [ تكرار اسم الحسن و زيد ثلاث مرات ] ابن سعيد ابن عصمة بن حمير بن الحارث الأصغر، تاج الدين أبو اليمن الكندي النحوي اللغوي الحافظ المحدّث ( ت سنة 597 هـ ): " حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين وأكمل القراآت العشر وهو ابن عشر، وكان أعلى أهل الأرض إسناداً في القرآات، قال الشيخ شمس الدين: فإنّي لا أعلم أحداً من الأمّة عاش بعد ما قرأ القرآن ثلاثاً وثمانين سنةً غيرَه، هذا مع أنّه قرأ على أسند شيوخ العصر بالعراق، وقرأ النحو على ابن الشجري وابن الخشّاب وشيخِه أبي محمّد سبط الخيّاط، وأخذ اللغة عن موهوب الجواليقي. وقدم دمشق في شبيبة وسمع بها من المشائخ وبمصره، وسكن دمشق حيث كان يدرس في مسجدها الجامع و يحضر مجلسه فيه جميع المتصدرين من العلماء أمثال أبى الحسن السخاوي و يحيى بن معطي ثم سافر بصحبته إلى مصر أين أكرمه الملك الكامل و أغدق عليه.ونال بها الحشمة الوافرة والتقدّم، وازدحم الطلبةُ عليه"
و كانت له خزانة كتب جليلة في جامع بني أمية، له مشيخة في أربعة أجزاء خرّجها له أبو القاسم ابن عساكر،و له تعليقات على ديوان المتنبي
" ولمّا مات خامس ساعة يوم الاثنين سادس شوّال في التأريخ المقدّم صلىّ عليه العصر بجامع دمشق، ودُفن بتربته بسفح قاسيون، وعقد العزاء له تحت النسر يومين، وانقطع بموته إسناد عظيم."
4 - مملوك الكندي: إياس، هو أبو الجود وأبو الفتح، مولى الشيخ تاج الدين الكندي ( ت 656 هـ) مشرف الجامع الأموي المتكلم في بسطه وحصره. ، حدث عن معتقه وروى عنه الدمياطي.

تلامذته:

تصدّر الإمام ابن معطي للإقراء بالجامع الكبير في دمشق، وكذا في الجامع العتيق و في جامع عمرو بن العاص في القاهرة، كما جلس محاضرا و مقرءا في مجالس الأمراء و الحكام ، وقد أستفاد من علمه و أدبه جمع غفير من الناس ، وسأذكر بعضا من أشهر تلامذته الذين لازموه و أجازهم و منهم:
1- أبو بكر بن عمر بن علي بن سالم الإمام رضي الدين القسنطيني النحوي ( ت سنة 695هـ). قال الصلاح الصفدي : " ولد سنة سبع وستمائة ، ونشأ بالقدس ، وأخذ العربية عن ابن معط وابن الحاجب بالقاهرة ، وتزوج ابنة معط ، وكان من كبار أئمة العربية بالقاهرة . سمع الحديث من ابن عوف الزهري وجماعة . وكان له معرفة تامة بالفقه ومشاركة في الحديث ، صالحا خيرا دينا متواضعا ساكنا ناسكا . سمع من جماعة كثيرة ، وأضر بآخر عمره، أخذ عنه أبو حيان وغيره".
2- إبراهيم بن محمد بن طرخان الحكيم عز الدين أبو إسحاق الأنصاري، الشهير ب:" السويدي الحكيم " ( ت سنة 695 هـ)، وهو من ولد سعد بن معاذ الأوسي رضي الله عنه، " ولد سنة ست مائة بدمشق وسمع من ابن ملاعب وأحمد بن عبد الله السلمي وعلي بن عبد الوهاب ،والحسين بن إبراهيم بن سلمة وزين الأمناء الحافظ ابن عساكر، وقرأ لولده البدر محمد على مكي بن علان والرشيد العراقي واستنسخ له الأجزاء، وقرأ المقامات سنة تسع عشرة على التقي خزعل النحوي وأخبره بها ، وقرأ كتباً في الأدب والنحو على ابن معط وعلى النجيب يعقوب الكندي، وأخذ الطب عن الدخوار وغيره وبرع في الطب وصنف فيه ونظر في علم الطب وله شعر وفضائل وكتب بخطه الكثير وكان مليح الكتابة كتب القانون لابن سينا ثلاث مرات وكان أبوه تاجراً من السويداء بحران"، قال عنه ابن أبي أصيبعة في طبقاته : " وهو أسرع الناس بديهةً في قول الشعر وأحسنهم إنشاداً وكنت أنا وهو في المكتب، وله الباهر في الجواهر. والتذكرة الهادية في الطب، روى عنه ابن الخباز والبرزالي وطائفة، ومات سنة تسعين وست مائة ودفن بتربته إلى جانب الخانقاه الشبلية".
3- إبراهيم بن أبي عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن يوسف أبو إسحاق الأنصاري الإسكندري الكاتب ( ت 649 هـ ) ،عرف بابن العطار " ولد سنة خمس وتسعين وخمس مائة وتأدب على أبي زكريا يحيى بن معطي النحوي جال فى بلاد الهند واليمن والشام والعراق والروم قال منصور بن سليم فى تاريخ الإسكندرية مات سنة تسع وأربعين وست مائة فيما بلغني بالقاهرة رحمه الله تعالى قال منصور ورأيته بالموصل وبغداد ".
4- تاج الدين الصرخدي ( ت سنة 674 هـ) ، جمال الدين محمود بن عابد بن حسين بن محمد بن علي تاج الدين أبو الثناء التميمي الصرخدي الفقيه الخطيب ،النحوي الشاعر، ترجم له محمد بن شاكر الكتبي في ( فوات الوفيات 4 / 121 ) فقال عنه : " ...ولد بصرخد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة ، وكان فقيهاً صالحاً، نحوياً بارعاً، شاعراً محسناً ماهراً، متففاً خيراً متواضعاً دمث الأخلاق، كبير القدر وافر الحرمة. وكان سكنه بالمدرسة النورية." مات ليلة الخميس خامس عشرى ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وستمائة .
من مؤلفاته: " تشنيف الاسماع باحكام السماع"

إجازة ابن معطي لتاج الدين الصرخدي:

هذه صورة إجازة إقراء منحها ابن معطي لتلميذه و صديقه تاج الدين الصرخدي:
" { الله الموفق لما يحبه و يرضاه }
استخرت الله تعالى و أذنت لسيدنا الفقيه العالم تاج الدين أبي محمد محمود ابن عابدين بن حسين التميمي الصرخدي، أمده الله و سدده أن يقرأ هذا القسم الملقب بالمشترك من كتاب "المفصّل" لأبي القاسم محمود فخر خوارزم، ثقة مني بعلمه و تنقيبه عن التحقيق و نهج الصواب حسب ما سمعه مني وقت قراءته إياه على، مستسرحا و باحثا عن النكت التصريفية و اللطائف الموزعة فيه، والجوالة في تحري الصواب على ذهنه الثاقب و رأيه الصائب، إن شاء الله تعالى. و كتب يحيى بن عبد المعطي النحوي الحنفي، بالقاهرة المحروسة، أدام الله أيام ملك مالكها، و ذلك في شهر ربيع الآخر سنة سبع و عشرين و ستمائة ".

مؤلفاته و آثاره:

ذكرت المصادر التي ترجمت لابن معطي عددا كبيرا من مؤلفاته، مما يدل على غزارة علمه ، وقوة فهمه، وجودة طبعه، وفصاحة نظمه ، وعبقريته، و مما وقفت عليه من مؤلفاته وآثاره:
1- الألفية في النحو: و هي منظومة جمعت علم النحو والصرف من بحرين هما السريع و الرجز وقد سماها " بالدرة الالفية" و طبعت باعتناء المستشرق زترتشين زمعها ترجمة هولندية وتعليقات سنة 1317 هـ / 1900م ، تحت عنوان " " الدرة الالفية في علم العربية " أولها:
يقول راجى ربه الغفور *** يحيى بن معط بن عبد النور
كما قام بتحقيقها و شرحها الدكتور علي موسى الشوملي - الرياض : مكتبة الخريجي - الطبعة الأولى 1405هـ - 1985م.
بدأ ابن معطي في تأليفها سنة 593 هـ وأتمها سنة 595 هـ ، وقد نسج على منواله الإمام محمد بن عبد الله بن مالك المتوفى سنة 672 علامة النحو واللغة في تأليفه لمنظومته الألفية الشهيرة في علم النحو " ألفية ابن مالك " قال المقري في (نفح الطيب ج1 ص432) : " تبع فيها ابن معطي قالوا: ونظمه اجمع وأوعب، ونظم ابن معطي أسلس وأعذب"
وقد أهتم بها العلماء، و المختصين في اللغة و النحو، فكثرت شروحهم عليها و اختصاراتهم و النظم على شاكلتها ، و من شروحها:
- شرح محمد ابن احمد [بن محمد الاندلسي البكري] الشريشى المتوفى سنة 685 هـ في مجلدين ، سماه " بالتعليقات الوفية".
- شرح شمس الدين احمد بن الحسين ابن الخباز الاربلي المتوفى سنة 673 هـ سماه " الغرة المخفية في شرح الدرة الالفية".
- شرح بدر الدين محمد بن يعقوب الدمشقي المتوفى سنة 718 هـ.
- شرح شهاب الدين احمد بن محمد القدسي الحنبلى المتوفى سنة 728 هـ.
- شرح عبدالمطلب بن المرتضى الجزرى المتوفى سنة 735 هـ. و سماه " ضوء الدرر في شرح الفية ابن معطي في النحو".
- شرح الشيخ زين الدين عمر بن مظفر ابن الوردى المتوفى سنة 749 هـ، وسماه " ضوء الدرة على ألفية ابن معطى"
- شرح الشيخ محمد بن محمود بن أحمد البابرتي الشيخ أكمل الدين الحنفي المتوفي سنة 752 هـ ، ألفه سنة 741 هـ وسماه " بالصدفة الملية بالدرة الالفية"
- شرح الشيخ محمد بن أحمد بن علي بن جابر الاندلسي الهواري، المالكي، الضرير، ويعرف بشمس الدين بن جابر، المتوفى سنة 780 هـ في ثمانى مجلدات.
- يوسف بن الحسن بن محمد بن الحسن ابن مسعود بن علي بن عبد الله الحموي، الشافعي، ويعرف بابن خطيب المنصورية ( ت 809 هـ).


وغيرها من الشروح التي لا تعد و لا تحصى.


2 - كتاب الفصول: وهو كتاب حسن وتعليقات على أبواب الجزولية وأمثله لمسائلها وغير ذلك مسائل متفرقة في أبواب العربية .
3 - شرح المقدمة الجزولية: لشيخه الجزولي في النحو وقد سبق ذكرها في ترجمتهن وهي مقدمة " لا يفهم حقيقتها إلا أفاضل البلغاء وأكثر النحاة يعترفون بقصور أفهامهم عن إدراك مراد مؤلفها منها فإنها رموز وإشارات " ولما رأى ابن معطى بأنها عسيرة المنال ، غامضة الكلام ، يصعب فهمها، لدقة معانيها وغرابة تعاريفها ، قام بشرحها و تبسيطها، و قد نقل عن هذا الشرح السيوطي في كتابه: الأشباه و النظائر.
4 - البديع في علم البديع: منظومة في البلاغة وصناعة الشعر، وقد اشتمل على واحد و خمسين محسنا بديعا، بدأه بعد حمد الله و الصلاة و التسليم على الرسول صلى الله عليه وسلم ، هكذا:


يقول ابن معطي قلت لا متعاطيا*** مقالة من يرجو الرضى و التعاطيا
بدأت بحمد الله نظمي مسلمــا *** على أحمد الهادي إلى الله داعيا
و بعد فإني ذاكر لمن ارتضـي *** بنظمي العروض المجتلي والقوافيا
أتيت بأبيات البديع شواهـدا *** أضم إليها في نظمي الأساميا



5- شرح الجمل في النحو للزجاجي.
6- نظم كتاب الجمهرة لابن دريد.
7- المثلث في النحو.
8- شرح أبيات سيبويه ـ (نَظْم ).

9- حواشي: على أصول ابن السراج في النحو.
10- ديوان خطب.
11- ديوان شعر.
12- العقود و القوانين في النحو .
13- قصيدة في العروض.
14- أرجوزة في القراءات السبع.
15- نظم كتاب الصحاح للجوهري: توفى قبل إتمامه.
16- الفصول الخمسون: طبع ونشر في القاهرة سنة 1977م، بتحقيق الأستاذ محمود الطناحي.
و غيرها مما لم أقف عليه، و نحن نتأسف لضياع أكثر مؤلفاته، و ما بقي منها فهو حبيس المكتبات، لم ينشر ولم يحقق ما عدا الألفية و الفصول الخمسين و البديع في علم البديع.

وفاته:

توفي رحمه الله بمصر يوم الاثنين سنة 628 هـ ، وقد أخطأ ابن كثير وابن العماد الحنبلي رحمهما الله عندما أرخا لوفاته بسنة 629 هـ و الصحيح ما ذهب إليه أبو شامة المؤرخ - و هو أصدق لأنه شهد جنازته بمصر- فهو يذكر وفاته و جنازته في حوادث سنة 628 هـ: " و فيها أي سنة 628 هـ في مستهل ذي الحجة توفي الزين النحوي يحيى بن معطي الزواوي رحمه الله بالقاهرة، و صلّى عليه بجنب القلعة عند سوق الدوابّ، و حضر الصلاة عليه السلطان الكامل ابن العادل، و دفن بالقرافة في طريق قبة الشافعي رحمه الله على يسار المار إليها على حافة الطريق، محاذيا لقبر ابي إبراهيم المزني رحمه الله، حضرت دفنه و الصلاة عليه، و كان آية في حفظ كلام النحويين ".

المصادر:

- بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم - الناشر المكتبة العصرية - صيدا / لبنان.
- كشف الظنون عن اسامى الكتب والفنون لحاجي خليفة، الطبعة الثالثة طهران ( إيران ) سنة 1378هـ..
- سير أعلام النبلاء الامام الذهبي. تحقيق شعيب الأرناؤوط , محمد نعيم العرقسوسي - نشر مؤسسة الرسالة - الطبعة التاسعة 1413 هـ.
- فوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي. تحقيق : إحسان عباس - دار صادر / بيروت ،الطبعة الأولى سنة 1973 م.
- البداية و النهاية لابن كثير تحقيق وتدقيق علي شيري - دار إحياء التراث العربي - الطبعة الاولى 1408 هـ/ 1988 م.
- شذرات الذهب في أخبار من ذهب. لابن عماد الحنبلي، دار المسرية، بيروت، طبعة ثانية سنة 1979م.
- الجواهر المضية في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء ، تحقيق الناشر مير محمد كتب خانه كراتشي/باكستان ( بدون تاريخ ).
- طبقات الشافعية لابن قاضى شهبة، تحقيق: د. الحافظ عبد العليم خان - الطبعة الأولى ، دار النشر: عالم الكتب - بيروت - 1407 هـ.
- الاعلام لخير الدين الزركلي. دار العلم للملايين – بيروت/ لبنان الطبعة الخامسة أيار (مايو) 1980م.
- مقال بعنوان : " قراءة في مخطوطة البديع في علم البديع لابن معطي" للدكتور عبد الرحمن خربوش أستاذ بجامعة تلمسان / الجزائر.

w6w_200505201631005997b0c9e160.gif


يتبع... بعلم ثاني من أعلام الجزائر الأفذاذ.
w6w_200505201631005997b0c9e160.gif

 
آخر تعديل:
شكرا لكما اخويا الكريمين abd(dz)ouو خادم الاسلام على زيارتكما المشرقة لمتصفحي
تحياتي لكما خالصة
 
شكــــــــــــــــــراً لك أخي جبران على هذا الكم الهائل من المعلومات
 
شكــــــــــــــــــراً لك أخي جبران على هذا الكم الهائل من المعلومات


العفو يا أخي الكريم موساوي
بل الشكر لك موصول على مرورك الجميل
تحيااااتي لك وكل تقديري.
 
البروفيسور الجزائري الدكتور عبد الرحمن الهواري الحاج صالح

dca9909031802342.gif

موسوعة أعلام الجزائر
dca9909031802342.gif

الحلقة السابعة عشرة
dca9909031802342.gif

البروفيسور الجزائري الدكتور عبد الرحمن الهواري الحاج صالح
يتحصل على جائزة الملك فيصل العالمية ...
dca9909031802342.gif


الجائزة الأدبية للجزائري البروفيسور الجزائري الدكتورعبد الرحمن الهواري الحاج صالح.. وجائزة “الملك فيصل لخدمة الإسلام” لاردوغان


ardoukhan390.jpg


تسلم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان هذا الثلاثاء جائزة “الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام” من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وحسب الأمين العام لجامعة الملك فيصل العالمية عبد الله العثيمين، فإن رئيس الوزراء التركي نال هذه الجائزة “لدفاعه عن قضية الأمة الإسلامية وخصوصا القضية الفلسطينية والحقوق العادلة للشعب الفلسطيني”.وأضاف “على الصعيد العالمي، فإنه أحد المؤسسين المسلمين للدعوة إلى علاقات بين الحضارات ومدافعا شرسا عن الحوار البناء والروح الانفتاحية ومبادئ التعاون والتفهم الدولية”.
salahe390.jpg

البروفيسور الجزائري الدكتور عبد الرحمن الهواري الحاج صالح الأستاذ بجامعة الجزائر ورئيس المجمع الجزائري للغة العربية



وحصل سبعة باحثين على جائزة الملك فيصل في فئات أخرى حيث منحت لجنة الاختيار لجائزة الملك فيصل العالمية للغة العربية والأدب الجائزة في موضوع (الدراسات التي عُنيت بالفكر النحوي عند العرب) لكل من: البروفيسور الدكتور الجزائري عبد الرحمن الهواري الحاج صالح الأستاذ بجامعة الجزائر ورئيس المجمع الجزائري للغة العربية .وقد منح البروفيسور الدكتور الهواري الحاج صالح الجائزة تقديراً لجهوده العلمية المتميزة في تحليله النظرية الخليلية النحوية وعلاقتها بالدراسات اللسانية المعاصرة، ودفاعه عن أصالة النحو العربي، وإجرائه مقارنات علمية بين التراث ومختلف النظريات في هذا الموضوع، فضلا عن مشاركاته في الدراسات اللسانية بحثاً وتقويماً وتعليماً، وجهوده البارزة في حركة التعريب. وتحصل أيضا على الجائزة ذاتها البروفيسور الدكتور رمزي منير بعلبكي من لبنان وهو أستاذ كرسي الدراسات العربية في الجامعة الأمريكية في بيروت ورئيس الدائرة العربية فيها.

.وحصل الألماني الدكتور رينهولد غانز والكنديان الدكتور جان بيار بيليتييه و الدكتور جوهان مارتل بيليتيه على جائزة الملك فيصل للطب.

وبالإضافة إلى ميدالية ذهبية وزنها 200 غرام، حصل الحائزون على الجائزة على مبلغ 200 ألف دولار. أما الذين تقاسموها فيتقاسمون نفس المبلغ أيضا.


ومنحت هذه الجائزة لأول مرة في عام 1979 ويتم اختيار الحاصلين عليها بعناية من قبل لجنة تضم في عضويتها شخصيات إسلامية قيادية من علماء و مفكرين برئاسة الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي.





المصدر: الإذاعة الجزائرية / وكالات


البروفيسور الدكتور الجزائري عبد الرحمن الهواري الحاج صالح: الذخيرة اللغوية فرصة ثمينة لاقتحام عالم الانترنيت

أكد رئيس المجمع الجزائري للغة العربية البروفيسورالدكتور عبد الرحمان الهواري الحاج صالح لموقع الإذاعة على الأهمية الكبرى لمشروع الذخيرة اللغوية التي عبر عنها بأنها كنز من المعلومات والمعارف وفرصة العمر التي بواسطتها تنتفع وتستفيد الأجيال من الانترنيت ، ففي الانترنيت العربي يجد المواطن العربي كل ما يبحث عنه وفي نفس الوقت تمكنه من الرجوع إلى هذه المعلومات متى أراد ذلك.





كما أوضح الباحث اللساني اليوم لموقع الاذاعة الجزائرية على هامش منتدى الثقافية بأن نجاح هذا المشروع مرتبط بمدى اقتناع المسئولين به وتجنيدها لكل الوسائل المادية لتطوير هذه الذخيرة اللغوية وكذلك يجب إشراك ذوي الكفاءات والمختصين للمساهمة في دفع عجلة هذا المشروع العلمي.



ومن جهة أخرى أشار الحاج صالح إلى الطموحات التي يسعى إلى تحقيقها من خلال الذخيرة العربية والمتمثلة في تأسيس لجنة دولية تتكفل بعملية الترجمة بصفة يومية حيث تترجم كل المقالات الجديدة والمهمة والهدف من ذلك هو تغطية العجز الذي يعاني منه المواطن العربي وأيضا المثقف وتمكينه من فهم المعلومات الموجودة في الانترنيت مبرزا في هذا الصدد بأن اللغة العربية سيكون لها شأن كبير وستأخذ أبعادا معتبرة بفضل هذا المشروع المتميز والطموح .


dca9909031802342.gif

ونلتقي لنرتقي

مع علم من أعلام الجزائر الأجلاء
في الحلقة الثامنة عشرة
إن شاء الله تعالى.
فانتظــــــــــرونا
dca9909031802342.gif


 
آخر تعديل:
لله درك يا اخي جبران
موسوعة ضخمة تحتوي كنوز ثمينة
 


و الله رائع ما تقوم صديقي بارك الله فيك

جزيت كل خير

بالتوفيق ....
 
الشاعر الجزائري محمد العيد آل خليفة

dca9909031802342.gif


موسوعة أعلام الجزائر
dca9909031802342.gif

الحلقة الثامنة عشرة
dca9909031802342.gif

الشاعـــر الجزائــري

محمــد العيــد آل خليفــة
dca9909031802342.gif

mohame10.jpg



للجزائر كما للأمم العريقة في المجد والحضارة تراث أدبي وعلمي يربط حاضرها بماضيها فتبني عليه مستقبلها، هذا التراث الذي صنعه أدباء وعلماء وشعراء، فبقوا خالدين بأعمالهم.

ومن الذين كان لهم الصرح الكبير في نظم الشعر ، الشاعر محمد العيد آل خليفة الذي كانت له الشخصية المتميزة في الشعر الجزائري الحديث والذي أحتل مكانة مرموقة بغزارة إنتاجه وتنوعه وصدقه في فنه ومشاعره ، فعد بذلك نغما جوهريا في صوت الجزائر بوجهها العربي الاسلامي.
mohamed%20el%20aid%20al%20khalifa%20(300%20x%20300).jpg


مولده ونسبه :
هو محمد العيد آل خليفة ، تنسم ريح الحياة في 27 من جمادى الأولى 1323هـ(1) ، الموافق لـ28أوت1904م ، بعين البيضاء؛(2) تنحدر أسرته من القبيلة العربية (المحامبد) والتي سكنت ليبيا في العهد الفاطمي ، ومنها انتقلت الى الجزائر في العهد العثماني واستقرّت في "واد سوف" بالجنوب الجزائري(3).

ولد في أحضان أسرة متدينة ، وتحت رعاية أبٍ صوفيٍّ صالح ، فتزعزع في ذلك الجوّ الأسريّ المفعم بالتقى والعفة والورع وتشربت نفسه هذا الحبّ العميق المتوارث للعقيدة الإسلامية والأخلاق الفاضلة والإيمان الشديد بعزّ الإسلام والوطن (4).

منابع ثقافته:
تعد الأسرة التي عاش فيها "محمد العيد" أول منبع لثقافته ، فقد أخذ منها الكثير كحب الوطن وحبّ العقيدة والقيام بتعاليمها ، وكذا محبة الأخلاق السامية والتحلي بها .

ثمّ استهل تعلمه وحفظه للقرآن الكريم ، في الكتاتيب ثم التحق بالمدرسة التابعة لمسقط رأسه بعين البيضاء حيث بدأ يتلقى المبادئ الأولى في العلوم الدينية واللغوية ، على يد الأستاذين : الشيخ أحمد بن ناجي والشيخ محمد الكامل بن الشيخ المكي.
أتمّ حفظ القرآن الكريم وهو صاحب الأربعة عشر سنة، على يد أحد أئمة مساجد بسكرة ، ثم توجه لدراسة التوحيد(5) والفقه والنحو والمنطق وغيرها من العلوم الدينية واللغوية ، على يد الشيخ"عليّ بن ابراهيم العقبي" ، وفي عام1921م، سافر الى تونس ، قبلة البعثات الطلابية آن ذاك وانتسب الى جامع الزيتونة ، ولماّ وجد أن الكتب المقررة في درجته ، كان قد قرأ معظمها بالجزائر ، قررّ التخلص من هذه الطريقة النّظامية ، التي تلزمه بالحضور في حلقة معينة ، فراح يحضر حلقات مختلفة المستويات مماّ سمح له باختيار ما يلائمه من دروسٍ وأساتذة ، والى جانب هذا كان يداوم بصفةٍ حرة على بعض الدروس في بعض المواد العصرية كالحساب والجغرافية وغيرها وذلك بالمدرسة الخلدونية ، وبقي على هذا الحال مدة سنتين ، ولأسبابٍ مرضية عاد الى الجزائر عام1923م ، دون أن يحصل على أيةّ شهادة علمية ، وكان مايزال طالب علم، متعطشاً الى المزيد ، فاتصل بالعديد من الشيوخ ، وأخذ عنهم الكثير من العلوم منها؛ الفقه والحساب والفلك والتفسير وعلوم البلاغة ، ومن بين هؤلاء الشيوخ ؛ البشير الإبراهيمي ، والطيب العقبي.

1-محمد العيد آل خليفة: دراسة تحليلية لحياته، تأليف أ/محمد ابن سمينة /ديوان المطبوعات الجامعية، ابن عكنون –الجزائر1992-ص9(بتصرف).

2-في الأدب الجزائري الحديث تاريخاً وأنواعها وقضايا وأعلامها تأليف،د /عمر بن قينة ، ديوان المطبوعات الجامعية، ابن عكنون –ص66(بتصرف).

3- محمد العيد آل خليفة: دراسة تحليلية لحياته، تأليف أ/محمد ابن سمينة-ص07(بتصرف).

4-نفسه-ص09(بتصرف).

5- نفسه-ص09-10-11(بتصرف).

إضافة الى كلّ هذا كانت البيئة الاجتماعية قد أثرت هي الأخرى في تكوين شخصيته العلمية(1).

وكذا مكتبته الخاصة التي كانت تحوي مصنفات دينية وعلمية ، كما شملت أمهات الكتب المشهورة في اللغة والأدب وبعض دواوين الشعراء القدامى والمحدثين(2).

ونظراً لثقافته واختلافها فقد تقلد بفضلها عدةّ مناصب نذكر منها : درّس في عدةّ مدارس وتولىّ إدارتها مثل :جمعية الشبيبة الإسلامية في مدينة الجزائر سنوات"1928-1940" وكان مديراً لها عام1931م.

وكذا مدرسة التربية والتعليم في باتنة سنوات"1940-1947" ومدرسة العرفان بعين مليلة سنوات"1947-1954" ، تولى منصب إمام بمسجد من المساجد الحرةّ بعين مليلة .

-احتل منزلة عضو في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين منذ تأسيسها(3) عام 1931م، وكان نائب رئيس لجنة الآداب التابعة للجمعية(4).

شارك في النهضة الصحافية ببسكرة ، حيث نشر في معظم الصحف والجرائد شعره.

احتل منصب عضو في الهيئة المؤسسة والمحررّة لجريدة صدى الصحراء ، كان العضو الثاني الى جانب العقبي في إصدار وتحرير جريدة الإصلاح ، كما كان عضواً في تأسيس مطبعة الإصلاح؛(5).

كان عضواً مراسلاً في مجمع اللغة العربية بدمشق(6).
كما اعتبر كاتب مسرحيّ، مثلت مسرحياته في الحفلات الطلابية(7).

شخصيته ومكانته:
حياته الدينية التي شبّ عليها جعلته منذ صباه راغباً عن حياة الدنيا موليا وجهه عن زخرفها ، قانعاً بالقليل منها، مماّ طبع بطوابع الجدّ ، فنشأ بذلك عزوفاً عن الحياة المليئة بالبذخ والملذات فهو لم يعرف ماعرفه بعض الشعراء في القديم وفي الحديث ، من مظاهر اللهو والترف في مراحل حياته ، كما لم يعرف من ناحية أخرى، ذلك الترددّ ما بين اللهو والتدين أو ذلك الازدواج في الشخصية ، الذي وقع فيه بعض الشعراء المحدثين أمثال "أحمد شوقي"بل شبّ على الدين والتقوى وشاب عليها، فتجلى ذلك في طهارة قلبه وعزةّ نفسه والميل الى البساطة والتواضع والنّفور من الادعاء والتعقيد والتكبر ، وهاهو ذا يقول في التواضع:

إنّ التواضع من سمات البـرّ من ** يَعْتَدْه فهو البَرُّ في الأقـوام

وقد شبه الأستاذ "محمد بن سمينة" شخصية الشاعر بشخصية "حسان ابن ثابت الأنصاري" حيث قال: وتكاد شخصيته في هذه الجوانب تقترب من شخصية الشاعر حسان ابن ثابت الأنصاري ، الذي كان يغزو مع المجاهدين في صدر الاسلام .

إلاّ أن عدته وعتاده في ذلك الغزو إنماّ هو لسانه وشعره وكذلك شاعرنا كان شاعراً في الحرب وشاعراً في السلم ولكنه لايملك من العدةّ في كلتا الحالتين إلاّ الشعر والأدب:

أسالم الناس في عيشتي فإن عمدوا ** الى خصامي فسيفي :الشعر والأدب
وإن دعاني قومي أن أنا صرهم ** فعدتي في انتصاري : الشعر والأدب

ويقول عنه الدكتور عمر بن قينة:"هو شخصية متميزة عكسها شعره الذي رافق مرحلة النهوض السياسي والفكري والاصلاحي ، فعبرّ عن ذلك بصدق وإخلاص ... فكان بذلك نغماً جوهرياً في صوت الجزائر ، بوجهها العربي الاسلامي، وملامحها الانسانية ، منساقاً في كلّ الأحوال لقيم الخير والحرية والعدل والمحبة والرحمة والتكافل والبذل ...مماّ يعكس حقاً شخصية شاعر فنان يهزه الحدث الكبير ، كما تطربه اللفتة الصغيرة والصورة الجميلة ، مثل الفكرة العابرة"(1).

محمد العيد رجل التصوف والاصلاح:
كان "محمد العيد" واقعاً تحت مؤثرات البيئة الاجتماعية ، التي كانت في معظمها بيئة دينية محافظة ، فجمع في تكوينه الفكري ما بين مبادئ الاصلاح التي كانت بذورها الأولى قد غرست في نفسه قبل سفره الى تونس ، وبين النزعة الصوفية التي انتقلت اليه وراثة واكتساباً ، من أسرته بوجهٍ عام ومن أبيه بوجه خاص والذي كان صوفياً على الطريقة التّجانية.

ويضاف الى تأثير الأسرة والأدب ، تأثير آخر وهو تأثير الأساتذة والمشايخ فمعظمهم كانوا رجال إصلاح وتصوف هذا ما ساعد على تعميق الصلّة(2) بين الشاعر والاصلاح من جهة ، وبينه وبين التصوف من جهة أخرى، فمشايخه من آل المكي بن عزوز بيعين البيضاء ، وكانوا شيوخاً للطريقة الرحمانية ودعاة اصلاحٍ في آن واحد، لقد تمسك الشاعر بهذه الطريقة الصحيحة، كما كان يرى أنه لايخرج فيها الى ما يشين الى العقيدة ، أو يخدش بها الدّين ، بل يرى أن هذه الطريقة هي منهج للعبادة والذكر ، كما أنها لاتتناقض مع فكرة الاصلاح ، وذلك لأنهما يلتقيان في بعض الغايات ، بصفتها عامل من عوامل نشر الاسلام وذلك لما تعتمد عليه من الأصول الدينية من قرآن وسّنة.

لقد كان الشاعر مصلحاً صوفيا داعيا الى الاصلاح ناشراً للمفهوم الصحيح للاسلام ومقاوماً للانحراف ، والجهود والأهواء ولا عجب في ذلك فقد عرفت هذه الثنائية بين الصوفية والاصلاح ، وبين العمل للدنيا والعمل للآخرة في القديم والحديث ، وممّن اشتهر بذلك من القدماء : حجة الاسلام أبو حامد الغزالي (450-505هـ) الذي جمع ما بين التصوف والفقه وبين العلم والفلسفة، ونشير الى أنّ الشاعر معجباً بمنهج أبو حامد الغزالي ، مماّ يبرز تأثره به فهو يقر بهذه الحقيقة في قوله:"إنيّ أحبّ مشرب الغزالي لأنه لا يخرج عن الشريعة ، ولايهمل العقل"(3).

كان محمد العيد آل خليفة يشرف على تسيير مؤسسة مدرسة الشبيبة الاسلامية التي تعتبر في نظر الاستعمار من أخطر المؤسسات التعليمية في قلب البلاد وهو من جهة أخرى شاعر أسهم بشعره ، في توعية المواطنين

وتصويب تطلعات شعبه ، والدفاع عن قضاياه ، وهو من جهة ثالثة ركن من أركان الاصلاح والوطنية يحمل لواء الدعوة الى المقاومة .

ولهذه الأسباب مجتمعة ، كان "محمد العيد" محل شبهة تكاد تكون دائمة ، فكانت العيون تترصده في حلّه وترحاله ، وتحسب عليه حركاته وسكناته فهو محارب أينما وجد .

ولعله أشار الى بعض ذلك في هذه الأبيات حيث يقول :
إنّ للناس أنفسًــا ** ضاريات على الضرر
وعيوناً رقيبـــةً ** شرّة تقذف الشـرر
فأنج من كيدها وكن** من أذاها على حذر

وقد قدم للمحاكمة عدة مرات بتهمة أنه يقوم بتعليم اللغة العربية والدين الاسلامي ، وتوعية الشعب . وكان يستدعى للاستنطاق من حين لآخر ، وقد هددّ بالسجن أكثر من مرة ودخله عام1955م من شهر جوان(1)، وبقي شاعرنا يعيش حياة غير مستقرة تملاها الضغوطات والمطاردات لينتهي به الحال الى فرض الاقامة الجبرية عليه في منزله الذي بقي محاصراً طوال أيام الثورة المباركة.

وقد صور لنا حالته في هذا الشأن بقوله:
أخال إقامتي جبراً كقبــر ** حملت اليه كالجثث البوالي
أرى الأحياء من حولي قريبا** وهو بالعيش عنيّ في اشتغال(2)

وبالرغم من تلك الحياة التي عاشها شاعرنا تحت الظروف القاسية والحرب النفسية لم تنل من عزيمته ولم توقف نظاله بل واصل رسالته لما يغمر قلبه من ثقة بالله تعالى ، وحبّ الوطن وتفانٍ في خدمته وبقي يساهم في الاصلاح الديني وتوعية الشعب واستنهاض هممه؛ لهذا نقول إنّ لنزعته الزهدية والصوفية جذور قديمة متأصلة في أعماقه فما برحت تمدها وتغذيها أسباب متعددة من ميراثه الصوفيّ ونشأته الدينية وبيئته المحافظة وتكوينه العربي الاسلامي ومعايشته لمأساة أمته كما أنّ محاصرته داخل منزله وفرت له الجوّ الملائم للنزوع الصوفيّ ومكنّته من النمو والسمّو في نفسه ، واستمر على هذا الحال متفرغاً للعبادة ، لايتصل بالحياة الدنيا وأهلها إلاّ بحذر وبمقدار .

وفي سنّ الشيخوخة(بعد الاستقلال) خلص للعبادة وخاصة بعد أدائه لفريضة الحج سنة1966م فقد أصبح كلّ وقته له، تفرغ فيه الى خلوة تكاد تكون خالصة ، يشبع فيها تلك الرغبة الكامنة من هذا الفيض الرباني، ويعكف فيها على نفسه، يجهدها في طاعة الله، والتقرب اليه بصالح الأعمال وخالص العبادة وصادق الذكر ، وانكب عليها يزكيها ويزهدها في الحياة الدنيا ويرغبها في الحياة الأخرى ونعيمها .

يقول في النزعة الصوفية هذه الأبيات:
لأرباب القلوب عهود صـدق ** وأقوال تصدقها الفعال
على القلب السليم بنوا وشادوا ** له ملكاً وبالملكوت جالوا
وبالظّن الجميل جنوا ثمــارا ** زكيات لها زكت الخلالُ
جمال الله أذهلهم فهامـــوا ** وأدهش بالهم منه الجلال(1)
فما سكنوا الى الدنيا قلوبــا ** وماركنوا لزخرفها ومالوا
فكن أبداً مع الأبرار واجنـح ** لهدى إمامهم فهو المثـالُ
رسول سن سنته طريقـــاً ** معبدة يباح بها الوِصـال

نلاحظ من خلال هذه الأبيات ، صدق التجربة وحرارة الانفعال ، اللذين كان الشاعر يعيشهما، وهو يحيا هذه الأجواء الرّبانية مما يعكس بعض ملامح صوفيته ، التي استقى أصولها من صميم الاسلام .

بقي الشاعر يعيش أواخر أيامه بصوفيته وزهده وعكوفه عن الحياة الدنيا، إلى أن مرض ونقل إثر ذلك الى مستشفى مدينة باتنة وبقي على حاله يوم الأربعاء ، وتوفي السابع من رمضان المعظم سنة1399هـ الموافق لـ31جويلية1979م ونقل جثمانه الى مدينة بسكرة حيث دفن بمقبرة "العزيلات" وذلك يوم09من شهر رمضان لليوم الثاني من شهر أوت.

مراحل شعره:
لم يترك الشاعر وراءه ما يتهالك عليه المتهالكون من حطام الدنيا ولكنه ترك لنا شعره ، وأهم ما وصلنا منه ديوانه الذي يقع في أكثر من ست مائة صفحة(1)، ويحتوي على 6797بيتاً من الشعر(2)، طبع عام1967م على نفقة وزارة التربية الوطنية في الجزائر ، ثم قامت الشركة الوطنية للنشر والتوزيع بطبعة مرة ثانية سنة1979م، كما ترك ملحمة شعرية يصور فيها الجزائر حتى عام1964م بعنوان: وحي الثورة والاستقلال، وهي في446صفحة ومسرحية شعرية بعنوان"بلال بن رباح"(3).

إنّ الموهبة الشعرية لدى محمد العيد مكنته من التعبير عن أحاسيسه وتجاربه فجادت قريحته بقول الشعر ونظم القصائد وتعتبر أول خطوة خطاها وهو مايزال طالباً في بسكرة ، أعانه على ذلك أنه نشأ في بيئة أدبية ودرس على يد شيوخ معظمهم شعراء مثل معلمه الأول بعين البيضاء "محمد الكامل بن عزوز" ، ولماّ انتقل الى بسكرة توفرت لديه حوافز الابداع فبدأ ينظم قبل أن يتعرف تعرفّاً جيداً على أدواته بدافع من موهبته وبتأثير من محفوظاته وهو لم يتعدى السابعة عشر من عمره ، فكان يعرض ما ينظم على أقرانه وعلى شيخه علي بن إبراهيم العقبي فكان يحضى بالاعجاب والتشجيع حيناً وبالنقد والتوجيه حيناً آخر .
إن ّ لهذه المؤثرات المختلفة مفعولها في تغذية اتجاه الشاعر الى قول الشعر فاستمر في هذا الاتجاه وتعتبر قصيـدة "داعي النهوض" من أقدم القصائد الكاملة التي وصلتنا على حدّ تعبير الأستاذ محمد ابن سمينة والتي قالها حوالي سنة1920م ثم نشرها في 24جويلية1925م(4).

أما عندما كان طالبا في تونس لم يتسنى له أن قال شعراً وذلك لأنه وقع أمام الخيار الحاسم فرض عليه أن يختار اتجاه من الاتجاهين وهما إماّ يسير في طريق الأدب وإماّ أن يسلك طريق العلم والتحصيل فاختار الاتجاه الثاني يقول في هذا الصدد : (كنت طوال فترة وجودي بتونس منكباً على التحصيل العلمي مشتغلاً به دون سواه ، لإحساسي أنّ ما حصلت عليه من الأدب قد يكفيني الى حين ولذلك لم استكثر من الشعر ولم أحرص على عقد الصلّة بيني وبين من كنت أسمع بهم من شعراء تونس يومئذ...على الرغم من أنيّ كنت أترددّ على البعض المحافل الأدبيةأحياناً).

وعند عودته من تونس استقر ببسكرة وكانت تشهد يومئذ بوادر نهضته علمية وأدبية نشطة يساهم فيها ويوجهها كوكبة من الكتاب والشعراء فاندمج الشاعر في هذه الحركة ، ويعلق على ذلك فيقول : (في بسكرة فتحت عيني على النهضة الأدبية والعلمية وتعرفت على بعض الأدباء وكان لي معهم مساجلات أدبية ورسائل شعرية).

ويمكن القول أنّ الانطلاقة الحقيقية للشاعر في الميدان الفني ترجع الى الفترة التي عقبت عودته من تونس ، والذي يدلّ على هذا هو غزارة إنتاجه(1) وتمرسه فيه.

أما ما سبق هذه المرحلة فتعد بدايات وارهاصات لما بعدها ومن أقدم القصائد في هذه المرحلة "قصيدة صدى الصحراء" حيث تتضمن دعوة حارة الى العمل واليقظة والاصلاح ، حيث يقول:
صفا العيش لي وامتد ريف ظلالـي ** فمـا تكاليف الزمـان ومالـي
صفا العيش وازدان روض مواهـبي ** وأينع فضلي واستبـان كمالـي
وكنت صدى الصحراء أدعى لأنني ** بسطت على الصحراء نور هلالي
وواليت بالارشاد رفـع عقيرتـي ** عسى أن يهب النائمون حيالي
وهبوّا الى الاصـلاح فالله كافـلٌ ** لمن هبّ للاصلاح حسن مئـال

ويبدو من خلال هذه القصيدة أن الشاعر قد دخل الحياة العامة ، بعد عودته من تونس مباشرة ، لكنه سرعان مااصطدم بالواقع السّيء الذي يتخبط فيه شعبه ، ولكونه لم يزل بعد طريّ العود، غضّ التجربة، ولم يكن يملك الوسائل التي تمكنه من المقاومة الصلبة، فقد تراجع الى الخلف وأصيب بتوتر نفسي دفعه الى العكوف على نفسه يتأملها ويبحث عن سرّ الحقيقة في أغوارها ، وساعد على نمو بذور تلك النزعة الانطوائية التي شبّ عليها فتبّرم من الدّهر وهو في ريعان الشباب ، يعبر عن ذلك بقوله:

سئمت على شرخ الشباب حياتي ** فحرتُ ولم أملك عليّ ثباتـي
أرى حظّ أرذال النفوس مواتيـاً ** وحظّ كريم النّفس غير مواتـي
فأوجس في نفسي من الدّهر خيفة ** لعلمي بأن الدهر ذو غمـرات
أرى الكون قرآنا من الله منـزلاً ** على الروح والأحداث آي عظات
وأقرأ من آي الشقـاوة أسطـراً ** على صفحات الكون مرتسمات

ولايمكن أن نرجع هذا السلوك الى الفشل ، بل يرجع الى إحساسه العميق بمأساة وطنه (2).

وتجدر الاشارة الى أنّ نقول أنه لم يعثر في ديوانه على أكثر من أربع قصائد ومقطوعة واحدة، وذلك كلّ مايمثل حصيلة ما أنتجه أثناء الثورة المجيدة إلاّ أن هناك من يذكر أن للشاعر قصيدتين فقط، وهذا لايعني أنه لم يكن يكتب شعراً والدليل على هذا قوله: (كنت أكتب وأكتم ما أكتب).

ويمكن أن يكون ماكتبه يومئذ قد أتلف أو حرق أثناء بعض الحملات الارهابية التفتيشية التي كان المحتلون يشنونها على بيوت المواطنين ومحلاتهم، يقول الشاعر في هذا الصدد: (كنت قد نظمت أثناء الثورة بعض الشعر، وهو قليل لكنه قد ضاع منّي بسبب ظروف التحري التي كناّ نخضع لها في أغلب الأوقات ).

أما بعد الاستقلال وبعدما أصبح حلم الشاعر حقيقة (المتمثل في الاستقلال) خرج من أسره تغمره الفرحة وتهزه النشوة وتوفرت له حوافز القول ودوافع الإنشاء، مضى يغني للحرية بعد صمتٍ طويل ، غناءا أطرب الأسماع وهزّ القلوب، فظنّ أولئك الذين حركتهم تلك الألحان الصادقة أنّ الشاعر قد استعاد سيطرته على الموقف وملك زمام أمره وأنه سيمضي على هذا الطريق بهذه القوة والحرارة نفسها التي عهدت في شعره .
ولكن الحقيقة كانت غير ما كان يفكر فيه هؤلاء ، ذلك أنه ما كان من الشاعر(1) .

في هذه السنوات الأولى من الاستقلال إلاّ فيضا وجدانيا لما يغمر قلبه من مشاعر الفرحة وهزّ الوجدان فكانت تلك الروائع استجابة لهذه الأحاسيس الحارة فقط لا أكثر ، فعاد الى العزلة والصمت وألوان العبادة والتصوف من جديـد(2) .

مواضيع وأغراض شعره:
إنّ مضامين شعره تتركز حول محاور أساسية ، يمكن القول أنهاّ أربعة لايكاد الشاعر يغادرها إلاّ ليعمقها ويمكن لها وهي: (الاسلام والعروبة ، الوطن والانسانية) .

إنّ الاسلام هو الركيزة الأساسية التي تقوم عليها الأمة وبه تحي وتستمر فالتاريخ يكشف لنا على أنّ الكثير من الأمم قد آلت الى الزوال بعدما حرّفت عقيدتها ، لهذا أخذ محمد العيد على عاتقه مهمة الدفاع عن العقيدة ومبادئ الاسلام داعيا الشباب للتمسك بالدين باعتباره الطريق الوحيد للنجاة والنجاح يقول:

نتمنى لك الثبات على الـرّ ** شـد وما أنت عندنا مسترابُ
نتمنى بالدين أن تتحلــىّ ** من تحلىّ بدينـه لايـعـابُ
إنماّ الدين لليوث عريــنّ ** لا تغرنك بالعواء الذئــابُ
إنماّ الدين في المبـادئ رأس ** المجـد منهـا وغيره أذنـابُ

من هذه الأبيات يظهر لنا ان الشاعر متشبع بالروح الدينية والتقى والورع يحب الخير للجميع وينصح الشباب للتمسك بالدين ، والحفاظ على العقيدة لأنها حبل إعتصامه وقوة وحدته وعزّته .

أماّ العروبة في نظر شاعرنا هي أنّ كلّ من تكلم العربية ودافع عنها فهو عربي يتمتع بكامل عروبته ، وهو بهذا يؤكد معنى العروبة الحقيقي دون تعصب لها كعرق ، وإنماّ ينظر اليها كمعيار للحضارة التي سهلت الوحدة بين أبناء لغة الضاد ، ولهذا فشاعرنا يهتم باللغة لأنها تمثل بالنسبة اليه أحد المقومات الهامة التي من شأنها الربط بين أبناء العروبة فقد نوه لها انطلاقاً من أصالتها وكونها وعاءا حوى ماضي الأمة التي تشترك في المصير

وعلى هذا الأساس نظم القصيدة المعزوفة العروبة أمناّ الكبرى حيث يقول فيها:

الملة السمحاء آصرة لنــا ** فوق الأوامر و العروبة مولد
هيهات تقدر أن تفرقنا يـد ** والله يجمع شملنا ومحمّــد
إنّ العروبة أمناّ الكبرى التي ** في الأمهات نظيرها لايوجد(1)

أماّ ما قاله عن الوطن فهو يعبر عن صدق تجربه وإحساسه المرهف وحبهّ العميق للجزائر ، فقد تألمّ لألمه وفرح لفرحه، أنشد فأطرب وعبّر فأجاد ، وحسّ فصدق ، شاركه في أفراحه وأتراحه بقلمه ولسانه فكان عنصراً فعالاً في استنهاض همم الشباب وبث روح الحماسة مواكباً لأحداث وطنه جسداً وروحاً .
وفي هذه الأبيات يخاطب المحتلّ الفرنسي بأن لاحقّ له في أرض شعبٍ بذل النفس والنفيس في استرجاعها فليس عدلاً أن يسلبه حقه ليستريح ويشقى هو، وأن يخلد المحتلّ ويبيد تحت ظلمه هذا الشعب ، ولكن هذه الأرض هي لأفذاذ سيبقون أحراراً رغم الطغاة الغزاة وإن أستهين بقوتهم:

ليس حقاً أن تحرمي الشعب حقاً ** لقي النار دونه و الجديدا
ليس حقا أن تستريح ويشقـى ** ليس حقاً أن تسكني و يميداَ
ليس حقا أن تستجدّي يبلى ** ليس حقاً أن تخلدي ويبيداَ
يا فرنسا ردى الحقوق إلينـا ** وأقلىّ الأذى و كفّى الوعيداَ
نحن رغم الطغاة في الأرض أحرا ** ر وإن خالنا الطغاة عبيدا(2)

لماّ تحقق النصر للشعب المفدى واسترجع دولته الفتية بعد جهادٍ طويل كلفه غالياً ،عبّر الشاعر عن فرحته بهذا اليوم الذي بقي خالداً وسيبقى خالداً...

كان يوم استقلالنا عيد شعب ** طافح البشر ساحب الأذيال
قالزغاريد والهتافات تعلــى ** بين قرع الطبول والأزجال
والأناشيد في الميادين تتلـى ** من نساء وصبية ورجــال
قد رفعنا الهامات بالنصر تيها ** و شكرنا لربّنـا المتعــال

الى جانب هذه المضامين الأساسية ، نلمح وجود بعض الأغراض التقليدية المعروفة في الشعر القديم من وصف وحكمة ومراثي وإخوانيات ...الخ، ندرج بعضا منها:

1-الرثاء: رثا "محمد العيد" شاعر النيل حافظ ابرهيم في قصيدة بعنوان"رثاء شاعر النيل" .
قمْ عزّ مصر وعزّ الشرق أقطاراً ** فحلُ مصر خبا كالنجم وانهـاراَ
ياموتُ عدتَ بنفس خصبة نبتت ** فيها المبرّات مثل الرّوض أنهـاراَ
وغلت ليثاً بجنب النيل كان لـه ** زأرّ به أوسع "التاميز" إنـذارا
ياشاعراً حنّ بالفصحى ورنّ مدى ** كالطير زقزقة و العود أوتـارا
أقام مأتمه الدنيـا وأقعـدهــا ** ودام فيها عشياتٍ و أبـكـارا
وفي الجزائر من وجـد بمأتمــه ** هولٌ عليها طغى كالموج تيـارا
وابن الجزائر بابن الشرق مرتبـط ** وإن أحاطت به الأشواك أسواراَ
يارحمة الله هبّـي نفحـةً وهـمي ** غيثا على حافظ في القبر مدرازاَ
في ذمة الله لا أنسـاه ثانـيــة ** حسبي بحبّي له عهداً وتذكـارا(1)

2-الوصف: لقد نظم الشاعر قصيدة يصور فيها مشهداً من مشاهد البؤس الكثيرة في الجزائر ومن تلك القصيدة نورد الأبيات التالية:

بدا لعيني تاعــسٌ ناعــسٌ ** على الثرى في الصبح بالي الثيـاب
جاثٍ على الرجلين حاني الحشى ** والظهر هاوي الجسم ذاوي الشباب
فهاج من حزني ومن لوعتــي ** كما يهيج النار عـودُ الثقــاب(2)

3-الاخوانيات: وفي هذا الموضوع ندرج أبياتاً كان قداحياّ بهم محمد العيد الأستاذ أحمد سحنون حينما زاره في بيته يقول:

سيديّ إننيّ إليك مشــوقٌ ** وعوادي الزمان عنك تعوق
إننيّ مذ فقدت وجهك لم أضفر ** بوجهٍ من الأنام يــروقُ
سيديّ كيف حالُ قلبك بعدي ** في زمان قد عزّ فيه الصديقُ
هل كما كان للحياة طروبـاً ** هلْ له بعدُ بالقريض خفوقُ(3)

وقد أهدى الشاعر هذه القطعة الشعرية الى صديقيه الأستاذ الطيب العقبي والسيد عباس تركي ، بعد أن أطلق سراحهما من السجن ظلماً من الاستعمار الفرنسي ، يقول فيها:

خذا لكما عنيّ من الشعر باقة ** كذكركما كما الزّاكي تضوع وتعبق
مضت لكما في الدهر أيام محنة ** وساعات عُسر بالأماثل تلحــق
بها يمحّص الله المحقّين في الورى ** ويسحق دعوى المبطلين ويمحـق(1)

خصائص شعره:
على العموم "محمد العيد" يعتبر من أحد شعراء المدرسة الاحيائية التي تقوم على احياء التراث والاستفادة منه، إلاّ أنه جددّ في المضامين وكان شديد الصلة بالأسلوب العربي القديم ، حاول أن يخلّص أسلوبه من الضعف والتصنع والجمود(2).

ومن أهم خصائص شعره:
1-يكاد شعره يخلو من تصوير لعواطف الشاعر وأحاسيسه الذاتية الخاصة ، فغلبت على شعره الذات القومية الجماعية(3) ، يقول في هذا الصدد: (إنّ ذلك الموقف الذي اتخذته، وذلك المنهج الذي إلتزمت به في شعري إنماّ هو تعبير عن وجدان الأمة ، وإنيّ وإن كنت قد قلت في بعض الأشخاص فلأني كنت أعتبر ذلك جزءاً أساسياً من عملي الوطني والقومي)(4).

ومثال ذلك قوله:
نحن الدعاة الى الحسنى فما أحدّ ** مناّ بمجترح للشـرّ مجتــرم
ألا فقل للذي بالحرب فاجأنـا ** لاتلق بالحرب من يلقاك بالسلم
وقل لمن نالنا بالظلم منتقـمـاً ** حذار من نائلٍ بالعدل منتقـم(5)

2-اللغة التي استعملها في شعره هي لغة الرغبة الجادة في التبليغ ، لا لغة الزخارف والأصباغ التزييفية والتلاعب بالألفاظ(6) يقول :

أنت من عنصر الخلود لباب ** كن الى المجد طامحاً ياشبابُ(7)
لك دين مدى الدهور عزيزّ ** يبذل المالُ دونه والرّقـاب

-المعيار الفني: عنده ليس محدداً بأشكال معينة في التجديد ولا محصوراً في قوالب تقليدية زخرفية ، بل تجاوز الزخارف المصطنعة الى الانفعال بالحدث، وحسن التعبير عن التجربة ، وجودة بناءها(1)، فكان يجهد نفسه في البحث عن الألفاظ والتراكيب والمعاني المتداولة في الحياة العامة، ويذللها لشعره إذ يراها أنفذ الى مشاعر سامعيه من غيرها ، وأقدر على التأثير فيهم(2)، حيث يدخل المتلقي في حالة شعورية ذهنية فكرية روحية ، فيشارك التجربة وينفعل معها(3).

أو مثال هذا الأبيات التي صورّ موقف النساء ومشاركتهن في الثورة والكفاح المسلح، وشجاعتهن الفائقة.

قد سبقن الرجال في البأس صبراً ** وتحملن فتنة الأضــداد
وأثرن الأبطال للثأر منهــم ** فاستبادوا زروعهم بالحصاد
كم غدونا الى جريح طريـحٍ ** فأسونا جراحه بالضمــاد
وحنونا على شهيد مجيــد ** خطّ تاريخه بأزكى مــداد(4)

4-ارتبطت صوره الشعرية بمقاييس النقد القديم، تفتقد الى الغرابة والابتكار وتقترب من السطحية ، وبما أنّ التشبيه هو الأداة المفضلة عند القدامى ، فقد استخدمه "محمد العيد" بكثرة ، فهو يعتقد أنّ التشبيه هو الأقرب الى الواقع وألصق بالعقل، وأكثر تناسباً مع الاتجاه الشعري الذي اختاره الى نفسه، وهو الاتجاه الذي تغلب عليه النظرة الواقعية للأشياء ، ومن هذه التشبيهات في قصيدة"مالي وللأذى":

كن طاهراً كالملاك نفساً ** لاتظمر الحقد كالجمال
كمْ من أذى لم أعره بالا ** فغاص كالماء في الرّمال

5-هو مثله غيره من شعراء الجزائر (احتفظ بسمة من الوضوح ولم يوغل في الرّمزية وإن رمز في شعره فهو ليس بالايجابي الغامض ، لكنه نتاج ظروف سياسية واجتماعية فقط مثل ذلك قوله في الحرية:

من كان في العشاق باسمك ناطقاً ** فكأنماّ هو الناطق بمحالِ

حيث نلاحظ في هذا اليت الذي أشاد فيه بالحرية رمزٌ خفي حيث رمز لها بالحبيبة وهو إيحاءٌ ظاهر قريب جداً للمعنى واضح الهدف لايحتاج الى عناءٍ فكري (5).

6-استقى صوره من الطبيعة غالباً ، يقول محيياًّ من خلالها "جمال عبد الناصر"

إنّ الجزائر بوّأتك أرضهــا ** أكباد أحرارٍ لها وحرائــر
صحت إليك حدائقها بأزهارها ** وثمارها ضحك الحبيب السافر
واستقبلتك سهولها وحقولهــا ** وربيعها الزاهي بحسن المناظر

-اقتبس كثيراً من القرآن ، ونجد هذا على سبيل المثال لا للحصر في تلك القصيدة التي صور فيها هلاك الرومان الذي لحقهم بسبب ظلمهم وطغيانهم يقول:

فصبّ عليهم ربناّ سوط بأسه ** وعاقبهم عماّ جنوه بغائل

فكما هو واضح أن محمد العيد هنا اعتمد في رسمه لهذه الصورة على قوله تعالى في صورة الفجر :(... فصبّ عليهم ربكّ سوط عذاب) .
وبقول ذلك في بيت جعل شطره آية قرآنية .

لا تأمن الغدر قلنا ** حسبنا الله و نعم الوكيل (1)

كما اقتبس من الحديث النبوي الشريف وذلك حين قال:

وإنّ من البيان لنا لسحراً ** وإنّ من القريض لنا لحكمه
وهذا مستلهم من قوله صلى الله عليه وسلم: (إنّ من البيان لسحر وإنّ من الشعر لحكمة)(2).

أخذ عن بعض سابقيه من الشعراء القدامى والمحدثين لفظا ومعنى وضمنه شعره(3) ومن هذا قوله:

سئمت وإن كنت ابن عشرين حجّة ** حوادث لاتنفك مستعرات(4)

فعبارة (عشرين حجة) نجدها في بيت للشاعر زهير بن أبي سلمى حيث يقول:

وقفت بها من بعد عشرين حجة ** فلأياًّ عرفت الدّار بعد توهّم
كما نجده قد استلهم من معاني الشعر الحديث في قصيدة بعنوان "يا قوْم هبّوا" يقول :

وإذا أراد الشعب نال مراده ** ولو أنّه كالنجم عزّ مثالا

وهذا قولٌ مستوحى من مطلع قصيدة إرادة الحياة للشاعر التونسي أبي القاسم الشابي الذي يقول:

إذا الشعب يوماً أراد الحياة ** فلا بدّ أن يستجيب القدر(5)
-نلمس في شعره طابع المعاناة التي تتجدد بصورة واضحة إذا تحدث عن قضية وطنه الجزائر والقضايا العربية بصفة عامة ، فالشاعر مفعمّ بالروح العربية ، يعيش تلك القضايا بشعره وأعصابه وعقله، ولعلّ خير ما يذكر في هذا الشأن قضية فلسطين الجريحة .

إيه فلسطين الشقيقة لا اتنسي ** عن ردّ عدوان اليهود الأشنع(6)
ويح القلوب فكلّ قلب شاعر ** متقطعٌ لأنينك المتقطــع
ويح العدالة والسلام فلا أرى ** غير العدالة و السلام بموجع

كما يعتبر التكرار من الميزات البارزة في شعر محمد العيد حيث نجده كثيراً ما يكررّ المعنى الواحد في القصيد الواحدة أو في قصائد أخرى أو تكرار الكلمة بعينها أو أشطارها ، بذاتها عدةّ مرات ، ويقصد من وراء هذا التكرار توكيد المعاني وإعطائها صفة الحمية والوجوب وقد يقصد بها إثارة الحماس في نفوس سامعيه حتى يستحوذ على مشاعرهم ، لأنه يدرك أن مهمته تكمن في إرضاء وجدان الآخرين لأني إرضاء وجدانه فقط لذا نجده يحاول التغلغل إلى أعماقهم ومخاطبة عيونهم وقلوبهم .
ونجده في تكرار العبارات يقول في قصيدته "الشعر والأدب" يقول:

أنا ابن جديّ وقومي السّادة العرب ** وحرفتي ماَ حييت : الشعر والأدب
انفقت وقتي في شعر وفي أدبٍ ** لاشغل عندي إلاّ : الشعر والأدب
ولا غذاء به أحيا بغير طوى ** منعم البالِ إلاّ الشعر والأدب

وللاشارة فإنّ هذه القصيدة بكاملها قد كرّرت عبارة الشعر والأدب في آخر كلّ عَجُـزٍ منها:
كما أنه يكرر الأصوات لتأثره بأسلوب القرآن الكريم ، فاستخدم هذا اللون من التعبير بمهارة فائقة لتمكنه من اللغة العربية وقدرته على انتقاء الكلمات ذات الجرس الصوتي المتطابق ، وهذا ما نراه في هذه المقطوعة .

أيّها الحراس الشداد الباس
لاتبّثوا اليأس في قلوب الناس تورقها الضّنى
زحزحوا بالفأس دفة المتراس
واتركوا الأنفس تستطيب الآس تنشق السَّوْسَنا
فحرف السين يدل هنا على الألم والحسرة اللذين يعاني منهما الشاعر، وبصور حالته النفسية إزاء أوضاع أمتّه المتردّية.

حافظً "محمد العيد" وغيره من شعراء الاصلاح على نمط القصيدة العمودية والالتزام الواضح بالايقاع الموسيقي المعتمد على الوزن والقافية .

وفي الاخير نقول ان محمد العيد آل خليفة جمع بين الإصلاح والتصوف فهو بذلك جمع بين العمل للدنيا والعمل للآخرة كما يمكن ان نعتبر شخصيته شخصية دينية اكثر منها ادبية وهذا ما لاحظناه من خلال كل ما سبق فعمله يلخص في ثلاث كلمات الكلمة الهادفة شعرا ، والكلمة الطيبة تربية والكلمة الصادقة اصلاحا كما يمكن ان نقول ان تجربته ناجحة صادقة ومؤثرة ..

*قائمة المصادر والمراجع*

المصادر :

1-ديوان محمد العيد محمد علي خليفة، المؤسسة الوطنية للكتاب –الجزائر، الطبعة الثالثة .

المراجع:

1-محمد العيد آل خليفة، دراسة تحليلية لحياته تأليف الأستاذ محمد ابن سمينة ديوان المطبوعات الجامعية بن عكنون-الجزائر1992.

2-في الأدب الجزائري الحديث تاريخاً وأنواعا وقضايا وأعلاما، تأليف الدكتور عمر بن قينة-ديوان المطبوعات الجزائرية بن عكنون-الجزائر .

*الرسائل:

1-الحس الاصلاحي في شعر محمد العيد آل خليفة، من إعداد حرة زياط-تومية زروالة-صديقي ناصرية، تحت إشراف الأستاذ وذناني بوداود –دفعة 2000.

2-الاسلام والعروبة في شعر محمد العيد آل خليفة ، من إعداد تقاري محمد-خليفة الطاهر –علالي عبد القادر، تحت إشراف وذناني بوداود - دفعة1995-1996



dca9909031802342.gif


ونلتقي لنرتقي

مع علم من أعلام الجزائر الأجلاء
في الحلقة التاسعة عشرة
إن شاء الله تعالى.
فانتظــــــــــرونا
dca9909031802342.gif
 
آخر تعديل:
dca9909031802342.gif



موسوعة أعلام الجزائر
dca9909031802342.gif

الحلقة التاسعة عشرة
dca9909031802342.gif
الإمام العارف بالله العلامة الرباني الشيخ "عبد الرحمان الثعالبي" الجزائري رحمه الله
dca9909031802342.gif
(1384م – 1471م)
dca9909031802342.gif

نسبـــه:
هو أبو زيد عبد الرحمان بن محمد بن مخلوف بن طلحة ابن عامرابن نوفل بن عامر بن موصور بن محمد بن سباع بن مكي ابن ثعلبة بن موسى بن سعيد بن مفضل بن عبد البر ابن فيسي ابن هلال ابن عامر بن حسان بن محمد بن جعفر بن أبى طالب.

مولده ونشأته:
ولد الشيخ "عبد الرحمان الثعالبي" في سنة 785هـ الموافق لـ 1384 م بواد يسر على بعد 86 كلم بالجنوب الشرقي من عاصمة الجزائر.

ونشأ هناك بين أحضان أبويه، نشــأة علم وصلاح وأخلاق مرضية، وقد تلقى مبادئ قراءته وتعلمه بالجزائر العاصمـــة وضواحيها، وقد كان حاضرا يوم غزى الإسبان" تـدلس" في دولة بنى عبد الـواد ، واخوتهم من بنى مرين، وكان عمره 15 سنة
.

رحلته لطلب العلم :
نزح الثعالبي من مسقط رأسه صحبة والده محمد بن مخلوف في أواخر القرن الثامن الهجري وأواخر القرن الرابع عشر الميلادي طالبا المزيد من العلوم والعـرفان، باحثا عن مكانها في مناكب الأرض، فقصد المغرب الأقصى حـيث اجتمع ببعض علمائها الفطاحل وأخذ عنهم ما تيسر أخذه وقد سمع ورأى هناك عن عالم الدنيا، محمد بن احمد بن محمد ابن مرزوق العجيسي التلمساني المعروف بالحفيد وكان الثعالبـي إذ ذاك يناهز البلوغ، ثم يمم شطر بجاية فدخلها صحبة والده أيضا سنة 802 هـ الموافق لـ1392م ، فـمكث بها زهاء سنة ثم توفى والده ودفن هناك.

على إثر وفاة والده عاد إلى الجزائر قصد زيارة أقاربه ثم رجع إلى بجاية أيضا، حيث قضى ما يقارب من السبع سنوات لازم فيها مجالس علمائها وأخذ عنهم الكثير من علمهم في مختلف فنون المعرفة، كان من أشهرهم: أبو الحسن علي بن عثمان المانجلاتي وأبو الربيع سلمان بن الحسن وأبو العباس أحمد النقاوسي وأبو القاسم المشدالي ، وأبو زيد الوغليسي وغيرهم، وفي سنة 809 هـ الموافق لـ 1406م انتقل إلى تونس حيث مكث حوالي ثماني سنوات لقي بها كوكبة من كبار علمائها، فأفاد من مجالسهم، من بينهم: الأبي، والبرزلي تلميذ ابن عرفــة، فأجازوه فيما هو أهل أن يجاز فيه، وفي سنة 817 هـ ـ 1414 م توجه إلى مصر فلقي بها البلالي ، وأبا عبد الله البساطي، وولي الدين العراقي وغيرهم، فأخذ عنهم الجم من معارفهم.حيـث أفاد واستفاد وأجازه بعض علمائها ولم يلبث طويلا هناك بل يمم شطر تركيا، ونزل بـ "بورصة " حيث استقبل استقبالا كريـما، وقد أقيمت له زاوية هناك، وما تزال تـلك الزاويـة وقـفا محبسا على الثعالبي إلى يومنا هذا.

ومن هناك توجه صوب الحرميـن الشرفيـن ، حيث أدى فريضة الحج واغتنم الفرصة فأخذ عن بعض علماء الحجاز وأجازوه فـي فنون شتى ثم عاد إلى مصر وفي سنة 819 هـ - 1414م.

عاد إدراجه إلى بلده المحبوب الجزائر بعدما غاب عنه حوالي عشرين سنـة قـضاها كلها في اكتناز المعارف واغتراف العلوم، أين كانت وحيث بانت ، وهكذا استقر بمدينة الجزائر، حيث راح يشتغل بعبادة ربه ، وبث العلوم الشريفة بين أبناء ملته خصوصا في الجامع العتيق ( الكبيرالذى ألف فيه كتابه "العلوم الفاخرة في النظر فى أمور الآخرة" و"الجامع الكبير" وغيرهــم من المصنفات.
من تلاميــــذه:
تخرج على يديه الكثير من العلماء، من بينهم:

- الشيخ محمد بن يوسف السنوسي.
- الشيخ أحمد مرزوق.
- الشيخ محمد المغيلي التلمساني.
- الشيخ أحمد بن عبد الله الزواوي.
- الشيخ محمد بن مرزوق الكفيف وغيرهم.

من آثاره الطيبة:
لقد اهتم الشيخ "عبد الرحمن الثعالبي" بالتدوين والتأليف لخدمة الشريعة الإسلامية المطهرة وله في ذلك الباع الطويل. فلقد ترك ما يزيد على التسعين مؤلفا بين رسائل وشروح وحواشي وتعاليق وكتـب مستقلة في الوعظ والرقائق والتذكير والتفسير والفقه والحديث واللغة والتراجم التاريخ وغيرها، منها :

- كتاب "الجواهر الحسان في تفسير القرآن" في أربعة أجزاء، طبع أول مرة بالجزائر 1909، ثم طبع طبعة ثانية في السنوات الأخيرة بتحقيق الدكتور عمار طالبي.
- معجم لغوي في الشرح مع كتاب "الرؤى ".
- كتاب "روضة الأنوار و نزهة الأخيار" في الفقه.
- كتاب "جامع الهمم في أخبار الأمم" في سفرين ضخمين.
- كتاب "جامع الأمهات للمسائل المهمات " مخطوط بالمكتبة الوطنية بالجزائر وهو في الفقه.
- كتاب "الإرشاد في مصالح العباد"
- كتاب " رياض الصالحين وتحفة المتقين" في التصوف مخطوط بالمكتبة الوطنية الجزائر تحت رقم 833.
- كتاب " إرشاد السائل".
- كتاب " جامع الخيرات".
- كتاب "التـقاط الدرر".
- كتـاب "نور الأنوار ومصابيح الظلام".
- كتاب "الأنوار المضيئة بين الشريعة والحقيقة".
- كتاب "تحفة الإخوان في إعراب بعض الآيات من القرآن".
- كتاب "الذهب الأبريز في غرائب القرآن العزيز".
- كتاب " الأربعين حديثا" في الوعظ.
- كتاب "العلوم الفاخرة في أحوال الآخرة" و أغلبها بأرض السودان
.
وكانت كتبه عبارة عن خزانة علم عظيمة لا يقدر قدرها فكان الكتاب قبل أن ينتهي النساخ من نسخه ينتظرونه لشرائه والانتفاع به وما هذا إلا سر إلاهي لم يتسنى لمن سبقه كالغزالي وغيره من أئمة الهدى.

ويروى أن من بقايا آثاره المتبرك بها إلى يوم الناس بهذا المسجد (مقبض عصى خطيب صلاة الجمعة).

مـــن أقوالــــــه:
وكان الشيخ عبد الرحمن مشارك في الصناعتين: يقرض الشعر ويكتب النثر، ومن شعره في الوعظ والزهد قوله:
و إن امرؤ أدنى بسبعين حجـــــة *** جديــر بأن يسعى معدا جهازه
و أن لا تهز القلب منه حوادث *** ولكن يرى للباقيات اهتزازه
و أن يسمع المصغى إليه بصــــــدره *** أزيزا كصوت القدر يبدي ابتزازه
فماذا بعد هذا العمر ينتظر الــــــذي *** يعمره في الدهــر إلا اغتراره ؟
وليس بدار الذل يرضى أخو حجى *** ولكن يرى أن بالعزيـز اعتزازه

ومن أقواله:
إن الجزائر في أحوالها عجــــب *** ولا يدوم بها للناس مكــــروه
ما حل عسر بها، أو ضاق متسع *** إلا، ويسر من الرحمان يتلوه


مهامـــه:
تولى سيدي عبد الرحمن الثعالبي القضاء بالجزائر ومشيختها ولكنه تخلى عنهما ورفضهما وفضل القيام بالتعليم، فالقضاء والمشيخة رأى أنه موجود من يقوم بهما وبقي في وسعه أن يصلح بين الناس ويرشدهم لما فيه الخير والفلاح، ولهذا أصبح الثعالبي يتمتع باحترام تام لدى الخاص والعام وخاصة وجهاؤهم، وقد دفع هذا الاحترام والتبجيل إلى بناء مسجد قرب منزله وأسموه باسمه "مسجد سيدي عبد الرحمن الثعالبي" وبعد موته دفن بالمكان الذي كان يعلم فيه الطلبة قرب بيته وكان يسمى آنذاك بـ "جنان الطلبة".

بصماته العلمية:
يقول الشيخ الثعالبي في كتابه الجامع الذي ذيل به شرحه لمختصر ابن الحاجب الفرعي ما نصه:

" وينبغي لمن ألف أن يعرف بزمانه وبمن لقيه من أشياخه فيكون من يقف على تأليفه على بصيرة من أمره ويسلم من الجهل به وقد قل الاعتناء بهذا المعنى في هذا الزمان وكم من فاضل انتشرت عنه فضائل جُهل حاله بعد موته لعدم الاعتناء بهذا الشأن"...

وفاتــــه:
ناداه أجله المحتوم صبيحة يوم الجمعة 23 من شهر رمضان المعظم سنة 875 هـ الموافق لـ 15 مارس لسنة 1471 م بعد أن قضى 87 عاما، كانت كلها طاعة ومرضاة لله عز وجل ووقفا على مصالح العباد.
نقلت جثته الكريمة من منزله إلى مكان يقع على ربوة خارج "باب الواد" تعرف آنذاك بجنان الطلبة ودفن هناك، ومنذ ذلك اليوم أصبح ضريحه مزارا يقصده الذكور والإنـاث يوميا وطوال السنة.

وقد رثاه كثير من العلماء من معاصريه، كان من بينهم تلميذه الشيخ أحمد بن عبد الله الزواوي، ومن ذلك قوله:
لقد جزعت نفسي بفقد أحبتي *** وحق لها من مثل ذلك تجزع
ألمّ بنا ما لا نطيق دفاعـــه *** وليس لأمر قدر الله مرجــــــــع

فرحم الله الـولى الصالـــح سيدى "عبد الرحمان الثعالبي" وقد دفن معه شيخه المسمى أبي جمعة المكناسي رحمهم الله وبعض بناته وجمع من الأتراك والأولياء الصالحين .



dca9909031802342.gif


ونلتقي لنرتقي

مع علم من أعلام الجزائر الأجلاء
في الحلقة العشرون
إن شاء الله تعالى.
فانتظــــــــــرونا

dca9909031802342.gif
 
dca9909031802342.gif


موسوعة أعلام الجزائر
dca9909031802342.gif

الحلقة العشرون

dca9909031802342.gif

الكاتب الجزائري أحمد رضا حوحو..
dca9909031802342.gif

1911 -- 1956
dca9909031802342.gif

شهيد الكلمة الجزائرية العربية

Houhou.jpg


يعتبر أحمد رضا حوحو من رواد الكلمة الشجاعة التي كانت تغتال آنذاك لكونها دعوة إلى ثورة الشعب ويقظة الجماهير. وقد عُرِف عن حوحو الجرأة والصراحة والدعوة إلى التمسك بالشخصية الوطنية في الوقت الذي عمل فيه المستعمر على فرض اللغة الفرنسية على الساحة الجزائرية.

وكما يعرف الجميع ، فإن البيئة المحيطة بالأديب تساعد على نبوغه والعكس صحيح ، فأديبنا «حوحو» ولد عام 1911 بالقرب من الزيبان الشرقي ببسكرة في قرية سيدي عقبة مثوى الفاتح العربي عقبة ابن نافع، رضي الله عنه ، وقد اشتهر بالانتساب لهذه القرية شخصيات كبيرة كان لها أثر في تاريخ الجزائر قديماً وحديثاً ، ونذكر منها "الطيب الأنطالي" الشهير بـ"علي العقبي" أحد الرواد الأوائل في الطب الجراحي الجزائري ، و"الطيب العقيب" أحد أقطاب جمعية العلماء المسلمين.

أدخل أحمد إلى الكُتّاب وهو في سن مبكرة شأنه شأن كل الجزائريين. ولما بلغ السادسة التحق بالمدرسة الابتدائية ، ثم أرسله والده إلى سكيكدة بعد النجاح في الابتدائية ليكمل دراسته في الأهلية عام 1928م، ولم يتمكن من متابعة تعليمه الثانوي نتيجة السياسة الفرنسية التي تمنع أبناء الجزائر من مواصلة تعليمهم، ليعود "حوحو" إلى الجنوب ويشتغل في البريد، وهذا ما زاده معرفة بأسرار الحياة ، فكان يلاحظ الفرق البارز بين بيئتين مختلفتين : بيئة صحراوية قروية وأخرى حضرية.

وفي سنة 1934 تزوج أحمد، وبعدها بسنة هاجر بصحبة أفراد أسرته إلى الحجاز بحراً على ظهر الباخرة «سنابا» وما أن استقر به المقام بالمدينة المنورة حتى التحق بكلية الشريعة لإتمام دراسته وتخرج منها سنة 1938متحصلاً على أعلى الدرجات ، وذلك ما أهَّله إلى أن يعيَّن معيداً بالكلية نفسها . وبعد عامين استقال من منصبه وانتقل إلى مكة المكرمة ، وهناك اشتغل موظفاً في مصلحة البرق والهاتف بالقسم الدولي ، واستمر في هذه الوظيفة إلى أن عاد إلى الجزائر سنة 1946 بعد وفاة والديه . وبعد عودته إلى الوطن انضم لجمعية العلماء المسلمين وأصبح عضواً فعالاً فيها ، وعيِّن مديراً لمدرسة «التربية والتعليم» التي كان الشيخ ابن باديس قد أسسها بنفسه ، وبقي فيها مايقارب سنيتن ، ثم انتدب لإدارة مدرسة «التهذيب» بمدينة «شاطودان» التي تبعد عن قسنطينة بحوالي 50 كيلومتر ولم يمكث فيها إلا مدة قصيرة ليعود مجدداً لقسنطينة ليشغل منصب الكاتب العام لمعهد ابن باديس.

وفي 1949 أسس مع جماعة من أصدقائه جريدة «الشعلة» وتولى رئاسة تحريرها، وأصدر خمسين عدداً منها ، وكانت قاسية في مخاطبة المناوئين لجمعية العلماء. وقد جاء في افتتاحية العدد الأول منها أنها «ستكون سهاماً في صدور أعدائك وقنبلة متفجرة في حشد المتكالبين عليك».

إلى جانب اشتغاله بالإدارة والصحافة ، فقد أنشأ «حوحو» في خريف 1949 جمعية المزهر القسنطيني للموسيقى والمسرح والكتب واقتبس لها العديد من المسرحيات.

كما كانت له ترجمات للأدب الفرنسي ، دون أن نغفل جانباً مهماً في نشاطه الفكري ويتمثل في القصص القصيرة حيث يعتبر «أحمد رضا حوحو» رائد القصة القصيرة الجزائرية ، فله بعض القصص، منها : «يأفل نجم الأدب» ، و«ابن الوادي» ، و«الأديب الأخير» ، و«غادة أم القرى» ، و«مع حمار الحكيم».

وبعد اندلاع الثورة التحريرية ظل «حوحو» يمارس عمله بمعهد ابن باديس ، ولكن ذلك لم يمنع شكوك رجال الشرطة الفرنسيين الذين اعتقلوه في أوائل 1956 وهددوه بالإعدام باعتباره مسؤولاً عن كل حادث يحصل في المدينة.

وفي 29 مارس 1956 اغتيل محافظ الشرطة بقسنطينة واعتقل حوحو بسجن الكدية ، ومنه حُوِّل إلى جبل الوحش المشرف على مدينة قسنطينة وتم إعدامه هناك.

كان أديبنا «أحمد رضا حوحو» شهيد النضال ، نضال الكلمة والوطن ، حين حمل أمانة الثورة بنوعيها الاجتماعي والسياسي ، وخط لأدب جزائري خاص.

وبهذا الصدد يقول الأستاذ عبد الرحمان شيبان : «يمتاز أدب الأستاذ حوحو بطابع الخفة والصدق والانتقاد ، فإنك لا تكاد تقرأ له فصلا من فصوله أو قصة من قصصه أو تشاهد له مسرحية من مسرحياته حتى يفاجئك هذا الثالوث الجميل وتبعث من نفسه الحقيقة الصادقة النافذة ، فهو خفيف في كلامه ، خفيف في حركته وسكونه وهو يعالج من الشؤون بكل صدق».
dca9909031802342.gif


ونلتقي لنرتقي

مع علم من أعلام الجزائر الأجلاء
في الحلقة الواحدة والعشرون
إن شاء الله تعالى.
فانتظــــــــــرونا


dca9909031802342.gif

 
87l43365.gif

dca9909031802342.gif



موسوعة أعلام الجزائر
dca9909031802342.gif

الحلقة الواحدة و العشرون

dca9909031802342.gif


الشيْخ أبو عبد الله البوعبدلي البطيوي الزيوي

dca9909031802342.gif

1868م -- 1952م
dca9909031802342.gif

02-16769-photo.jpg





حياته:

هو العالم العلامة المرشد المربي اللغوي النحوي المصنف الزاهد المتصوف سيدي أبو عبد الله بن عبد القادر بن محمد بن الجَيْلانيّ بن الموهوب البوعبدلّيّ ترجع أصل أسرته إلى الجدّ الأكبر المدعو: أبو عبد الله المغوفل دفين واد أرهيو، قرب مدينة الشلف.

ولادته:

ولد سيدي أبو عبد الله البوعبدلي عام 1285 هجرية، الموافق لعام 1868 ميلادية في دوّار سْوِيدِيَّنْ، بمكان يدعى دار بن صالح عرش بني خلاّد قرب مدينة "هُنَيَنْ" حفظه للقرآن الكريم تلقى أبو عبد الله البوعبدلي القراءة والكتابة في القرى التالية:

ـ قريته (سْوِيدِيَّنْ) على يد والده تالي كتاب الشيخ عبد القادر البوعبدلّيّ.
ـ قرية أولاد البُوعْنَاِنـي (دشرة الحَمْرَة)، وبهذه الدشرة حفظ القرآن الكريم، وكان ذلك على يد الفقيه الشيخ المختار البُوعنَاني أحد أجدادنا ـ رحمهم الله ـ
ـ قرى وَلْهَاصَة
ـ الساحل (سْوَاحْلِيَا) وبخاصة في قرية (تْيَانَتْ) قرب مدينة الغزوات على يد الشيخ لخضر الخبشي.
ـ مدينة تلمسان.
ـ مدينة مستغانم. إلخ....

طلبه للعلم خارج الوطن:

توجه سيدي أبو عبد الله البوعبدلي إلى المغرب الأقصى (مراكش) ناحية (بني ازْنَاسَنْ) (ويدعى عند أهل مراكش المغرب الشرقي)، وهناك تلقّى العلوم الشرعية واللغوية مدّة أربع سنوات.

شيوخه داخل الوطن:

قرأ سيدي أبو عبد الله البوعبدلي رضي الله عنه على العديد من مشايخ حفظة القرآن الكريم أمثال:

ـ الشيخ سيدي عبد القادر البوعبدلي رضي الله عنه (أبوه).
ـ الفقيه سيدي الشيخ المختار البوعناني رضي الله عنه (بني خلاّد).
ـ الشيخ سيدي لخضر الخبشي (ناحية الغزوات).
ـ الشيخ سيدي شعيب بن علي قاضي الجماعة (تلمسان).
ـ الشيخ سيدي محمد الحرشاوي الندرومي بمدينة تلمسان.
ـ الشيخ العلامة سيدي بن يلس(ألفية ابن مالك) بمدينة تلمسان.
ـ الشيخ سيدي قدور بن سليمان بمستغانم.

الإجازة:

أجازه الشيخ سيدي شعيب بن علي قاضي الجماعة بتلمسان، بأبيات شعرية منها هذان البيتان:



أبا عبد الله يا ابن عبد القـادر*** وقال إله العرش أسباب ذي الفتن

ولا زلت ترقى والعناية سرمدا *** نلاحظكم بأعين ما لها مسـن



تلاميذه:

إن تلاميذ الشيخ أبي عبد الله البوعبدلي كثّر، ومن بينهم أبناؤه:

ـ الشيخ محمد ـ رحمه الله.
ـ الشيخ المهدي ـ رحمه الله.
ـ نصر الله ـ رحمه الله.
ـ الشيخ عبد البرّ ـ رحمه الله.
ـ الشيخ عيا القائم على شؤون الزاوية الآن ـ أطال الله عمره.
ـ الشيخ أمحمّد بن داود المسيفي الجبلي الندرومي الأمين والحافظ لتراث الشيخ أبي عبد الله البوعبدلي.
ـ الشيخ عليش ـ رحمه الله ـ
ـ الشيخ عبد الله النجاري ـ رحمه الله ـ والعشرات من غير هؤلاء.

المعلم والمربي:

أشرف الشيخ أبو عبد الله البوعبدلي على تعليم أطفال قرية (المناصْرّة) أرض الغرابة بناحية (سِرَات) الواقعة بين مدينة سيق وبطيوة ـ القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، وتعليم أهل القرية أمور دينهم، ثم تزوّجه أهل القرية إحدى بناتهم.

الاستقرار ببلدة بطّيوة:

انتقل الشيخ إلى قرية بطّيوة ـ أرزيو حوالي ستة 1903م، فأسس فيها مدرسة لتعليم القرآن، ومبادئ الدين الحنيف، تصدّر للإرشاد والتربية عام 1921م يوم انتقل أخوه في الطريق الشاذلية إلى جوار ربّه الشيخ محمد بن سليمان الندرومي.

تأسيس الزاوية:

ـ أسس زاوية باسمه تدعى (الزاوية البُوعَبْدلِّيَّة) بقرية بطّيوة حاليا ـ أرزيو ـ بقرب مدينة وهران بالغرب الجزائري، وما زالت هذه الزاوية قائمة إلى يومنا هذا، وتجدر الإشارة أن الشيخ سيدي أبي عبد الله البوعبدلي يعد واحد من الأعضاء المؤسسين لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

أخذه للطريقة الشاذلية:

ـ إنّ الشيخ قد نصّ هو نفسه وفي أماكن عدة من تراثه، اختيار الطريقة الشاذليّة سبيلا يسير عليه إلى أن يلقى ربّه وهو ما حدث فعلا، ولقد تتبعنا ذلك فوجدناه أخذ الطريقة عن:

ـ الشيخ سيدي محمّد بن أحمد بثنية الحدّ، لقّنه له أبوه الشيخ عبد القادر نيابة عن الشيخ سيدي محمد بن أحمد.
ـ الشيخ قدور بن سليمان، تلقاه عنه تلقينا بمصافحة، ثم أذِن له في التلقين والتذكير، وكتب له ورقة بخط يده نظما ونثرا، وما زال هذا الإذن موجودا، وقد اطلعنا عليه فوجدناه هكذا:

إذن الطريق: بسم الله الرحمن الرحيم. وصلى الله على الحبيب المحبوب، الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه وأفاضِل حزبه. أمّا بعد/
إنه من عبيد الله سبحانه وتعالى أفقر الوَرَى قدور بن محمد بن سليمان بن عبد الله، أمَّنَه الله وأحِبّاءَهُ في الدارين آمين. فهذا إذْنُ خير وفَتْح وتيسير، لأخينا في الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

سيدي أبي عبد الله بن سيدي عبد القادر بن سيدي أبي عبد الله في إعطاء وِرد الطريقة الشاذلية المختارية، كما سُمِّيَت لنا بذلك عن خير البَرِيّة صلى الله عليه وسلّم، فيأذن فيه لمن أراد التمسّك بحَبْلها والانضمام في سِلك أهلها، وأن يكون تحت نظر المصطفى ورعايته الخاصّة، وأن يكون من تلامذته، وخواصّ أحبابه، ويفوز بسِرِّ الصحبة لَدَيْه، كما أخبرنا بذلك ـ صلى الله عليه وسلّم ، وليبشِّر أن داخل حزبنا ـ والحمد لله ـ يُكتَبُ من حينه عارفاً بوَعْدِه الصّادق المَصْدوق ـ صلى الله عليه وسلّم ـ حيث قال لي: أحبابك عارفون مِن حِينِهم ـ إلخ ـ.

وفي قوله: (من حينهم) إخبار بأنَّ حَبَّة المعرفة يَغْرَسُ في لطيفة مَن أحَبَّنَا ولو لحظةً، وإلاّ بأن له وقت معلوم ـ اهـ ـ
وتحصل المغفرة والأمْن من فِتَن الداريْن للأحباب وأحبابهم والذّرِّيّة وذرِّيَّتهم إلى قيام عيسى بن مريم، كما أخبرنا ـ صلى الله عليه وسلّم ـ إلى غير ذلك من البشائر المرْقُوم بعضها بكتابنا "المَرَائي النبوية، والموافق الحقية" إلخ.

والورد هو:

الاستغفار والصلاة على النبي بأيّ صلاة ورَدَت بها الآثار، وأفضلها صلاة الفاتح، ثم الهَيْلَلَة هذه ثلاثمائة بالليل ومثلها بالنهار، ومن أراد السير والسلوك والطَّيَرَان بجواذب الأحوال على حضرة مالك الملوك فعلية بذكر الاِسم الأعظم: الله الله الله بالشدّ والمدّ وتشخيص الحروف بلا غاية ولا حدٍّ ولا وقتٍ ولا مدٍّ، بل في جميع الحركات والسكنات، وكذلك يخصِّص له إن استطاع الفراغ بعض الأوقات، فَحَسَنٌ. ويلازم هذا الاسم حتّى تَنْتَقِشَ في لطيفته حروفا حسية من أنوار، فتَصْفُو له المشارب، وتتَّسِع الدوالب، وتَفِيض من ينابعها عُلوم غِزارٌ وهَيْبَة لدنية من التوحيد الخاصّ الماحي للأكوان والآثار، وهذا هو الفناء، وإن فناه عن فنائه هذا فهو فناء الفناء.

فالمقام الأوّل هو: المباشر إليه في الحديث القدسي: ما زال عبدي ما تقرَّبَ إليّ بالنوافل حتّى أُحِبَّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمَع به، وبصره الذي يبصر به.. الخ. ويسمى هذا حزب النوافل، وهو الفناء في الصّفات.

والمقام الثاني هو: المشار إليه بقوله: كنتُهُ. وهذا يسمّى حزب الفرائض وهو الفناء في الذات. كان الله ولا شيء معه حضرة الطمْس والعَمَاء، حيث لم يعقل هناك إلا الله بالله لله في الله عن الله. فلا اسم، ولا رسم، ولا كيف، ولا أين، ولا عقل، ولا وهْم، ولا نسبة (كل شيء هالك إلا وجهه). وهذا هو الصَّعْقُ والمَحْقُ، فإذا رَحِمَ اللهُ هذا العبدَ بأن سُقِيَ من أنوار الحضرة المحمدية، فيبعث باقياً بها وهو الحو والخروج مَخْرج الصِّدق من غيبته ودخوله مدخل الصدق الذ تقدَّم ذكره. فيرجع بِحُلَل من جمال الحضرة العظموتية ساعيا بالله لله راسخا قدمه بالخضرة المحمدية، فيكون مَن رءاه حينئذ فقد رأى جمال الحضرتين، لأنه قد تلاشا علْمُه في علم الله، ووجوده في وجود الله، وما بَقِيَ إلا خيال بَشَرِيَّة في أعين الناظرين، ولذا يُخاطَبُ بقوله تعالى: "إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله" لمعنى ما ذكرنا كي يقال له: "اخْرُجْ مَن رءاك" فقد رءانا، ومن أحبك فقد أحب أحبّنا، ومن أكرمك فقد أكرمنا. والسلام ختام.

واعلموا إخواني أن الشريعة المحمدية مفتاح كل خير وكنزُ كل سرٍّ، ومن ادّعى وصولا على غير منوالها فيقول له أين قوله تعالى: "واتوا البيوت من أبوابها، ولن تجد لسنة الله تبديلا"، والشريعة معلومة طالبة لنا بالعمل والاكتساب والخروج عن رُؤْيَة الأعمال وشهودها مِنّة من الله الوهّاب. "ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا" ولا اصطفى لحضرة الأحباب، وعليكم بالهمة العالية، كما قيل: إذا سألتم الله فعظموا المسألة لأن الأعمال بالنيات وإن الله يعطي العبد على قدر هِمَّتِه، وقيل في الحديث القدسي: أنا عند ظنِّ عبدي بي الخ. والسلام ختام.

والشرط الأعظم في طريقنا هو: ذكر الحضرة المعهودة بذكر الصدر فإنها زبدة الأسحار وأفضل القربات بشواهد وبرامن، منها طرُوّ الأحوال على أهلها وفيض الجذبات والصلاة والسلام على سيد أهل الأرض والسموات
غوث الزمان وقطب أهل العرفان الفرد الجامع إمام الوقت سيدي قدور بن سليمان بن عبد الله المستغانمي أصلا ومنشأ في الله منه. ( انتهى ما سطره الشيخ أمحمد بن داود رحمه الله )

سلسلة الطريقة البوعبدلية:

إنّ سلسلة الطريقة البوعبدلية كما رسمها الشيخ بقلمه هي على النحو الآتي:

الشيخ أبو عبد الله الببوعبدلّيّ، عن الشيخ قدّور بن سليمان، عن القطب ابن عبد الله الغريسي، عن القطب الشيخ المسوم، عن القطب عدّة بن غلام الله، عن القطب مولانا العَرَبي الدّرقاوي، ثم عن بعد فعن أستاذي القطب المَشْرقي، عن أستاذي القطب محمّد بن أحمد، عن القطب الموسوم بالسند المتقدّم.

وصفه للطريقة:

إن الشيخ أبا عبد الله البوعبدلي نفسه وصف الطريقة الشاذليّة قائلا هي: الطريقة الصوفية النبوية الشاذلية العدّويّة المؤسسة على كتاب الله وسنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

تآليفه:

لم نستطع حصر كلّ ما كتبه العلامة الشيخ أبو عبد الله البوعبدلي لكثرت مؤلفاته، وفي علو شتّى، ولتوزّعها في أنحاء المعمورة، وما استطعنا أن نقف عليه هو الآتي:

1- تاريخ الأنبياء المختصر، طبع بتحقيقنا.
2- تاريخ الأنبياء المطول، لم نقف عليه وهو عند أتباع الطريق.
3- مقصورة الحسن والبهاء، منظومة في الفرائض، نظمها عام 1325هـ، بها (169 بيت).
4- شرح مقصورة الحسن والبهاء (عند أتباع الطريق)
5- حزب بشائر المريد (أدعية وأوراد) لأهل الطريق (مخطوط) بقلم الشيخ نفسه وبقلم الشيخ أمحمد بن داود، نسخ من نسختين، وهو معروف بين أهل الطريق وغيره حقق من قبلنا.
6- ورد الطريقة البوعبدلية حقق من قبلنا.
7- سمير السهران في أخبار الجزائر ووهران (عند أتباع الطريق) لم نطلع عليه.
8- الدستور الجزائري كيف يكون من الكتاب والسنّة في سبع عشرة صفحة من الحجم الكبير، اطّلع عليه الشيخ أمحمد بن داود في خزانة السيد أمحمّد برّحّال، وهو ما أخبرنا به الشيخ أمحمد داخل مكتبته العامرة.
9- ديوان شعر كله في الروحيات في مناسبا شتّى (جمع بعضه في كراسة من قبل الشيخ أمحمد بن داود)
10 ـ بعض المسائل النحوية والصرفية (نحن نسعى لإخراجها إلى النور ـ إن شاء الله ـ )
11 ـ أجوبة في النحو والصرف والعروض واللغة (نحن نسعى لإخراجه إلى النور ـ إن شاء الله ـ)
12 ـ رسم الألف التي تكون آخر الكلمة (منظومة) (نحن نسعى لإخراجها إلى النور ـ إن شاء الله ـ)
13 ـ فتاوى دينية مختلفة (نحن نسعى لإخراجها إلى النور ـ إن شاء الله ـ)
14 ـ طريق القوم وهو الكتاب الذي بين يديك.
15 ـ العظيم في الذكر (مخطوط مبتور من الأخير)
16ـ رسائل عدة في التربية والسلوك في شتّى الموضوعات، وقد جمعنا منها العديد.

بعض من قصائده وأشعاره رحمه الله:

صفوة المصطفين



لـو رأيـتـم حسنَ مـن قـد هـويـنا *** لارتضـيـتـم فـي الهـوى مـا ارتضـيـنا

لارتضـيـتـم فـي الهـوى كلَّ هونٍ *** وارتأيـتـم دونه الصعبَ هـيـنا
واحتـمـلـتـم كلَّ عبءٍ وكـانت *** جفـوةُ الآلام لطفـاً ولـيـنـا
لا تقسْ فـي الـحسن والجـاه يـومـاً *** بـالـذي أهـواه ذاتـاً وعَيْنـا
هـو يـنـبـوعُ الجـمـالاتِ لـولاه *** لـمـا لاقـيـتَ فـي الكـون زَيْنــا
كلُّ مـا فـي الكـون من أيّ حُسنٍ *** لـيس إلا مـن بـهـا مـن هَوَيْنـا
والـذي فـي الكـون مـن نـيّراتٍ *** لـيس إلا مـن سَنـاه اجتلـيـنـا
و عبـيرٍ عطّر الكـونَ طِيباً *** لـيس إلا مـن شذا مـن عَنَيْنا
جلَّ ذو العـرشِ اصطفى الرُّسْلَ لكـنْ *** مَنْ هـويـنـاه صـفـوةُ الـمـصطفَيْنا




وفاته:

توفي الشيخ سيدي أبو عبد الله البوعبلّيّ البطّيوي الرزيوِيّ ـ رحمه الله ـ بمقرّ سكناه بالزاوية البوعبدلية بمدينة بطّيوة سنة 1372هـ، الموافق للرابع من شهر نوفمبر سنة 1952م.



dca9909031802342.gif


ونلتقي لنرتقي

مع علم من أعلام الجزائر الأجلاء
في الحلقة الثانية والعشرون
إن شاء الله تعالى.
فانتظــــــــــرونا

dca9909031802342.gif
 
87l43365.gif


dca9909031802342.gif



موسوعة أعلام الجزائر
dca9909031802342.gif

الحلقة الثانية و العشرون

dca9909031802342.gif


الشيْخ طاهر الجزائري
dca9909031802342.gif

1852م -- 1928م
dca9909031802342.gif

الشيخ طاهر الجزائري وحلقة دمشق الكبرى
dca9909031802342.gif

d8b7d8a7d987d8b1-d8a7d984d8acd8b2d8a7d8a6d8b1d98a.jpg


أريد في هذا البحث تسليط الضوء على شخصية الشيخ طاهر الجزائري, وعلى واحد من أعماله المهمة, وهي حلقة دمشق الكبرى, في محاولة لبيان أهمية هذا العمل, وأهم نتائجه سواء على المستوى الفردي للمشاركين فيها, أم على مستوى المجتمع في ذلك الوقت.


وسأبدأ بتذكير مختصر بسيرة الشيخ طاهر, ثم سأتحدث عن أفكاره السياسية والاجتماعية لأستطيع بعدها القيام بعرض تفصيلي لحلقة دمشق الكبرى: نشأتها, أهدافها, أعمالها, المشاركون فيها, تأثيرها ونتائجها. وفي النهاية سأقدم تقييماً لهذه الحلقة وما يمكن أن نستفيده من الدراسة.


وسأبدأ بتذكير مختصر بسيرة الشيخ طاهر, ثم سأتحدث عن أفكاره السياسية والاجتماعية لأستطيع بعدها القيام بعرض تفصيلي لحلقة دمشق الكبرى: نشأتها, أهدافها, أعمالها, المشاركون فيها, تأثيرها ونتائجها. وفي النهاية سأقدم تقييماً لهذه الحلقة وما يمكن أن نستفيده من الدراسة.

من هو طاهر الجزائري؟
هو طاهر بن محمد صالح بن أحمد بن موهوب السّمعوني الجزائري، ولد سنة 1268 / 1852. هاجر والده إليها سنة 1263هـ، وكان من قضاة المالكية في الجزائر, وعندما استقر في دمشق أصبح مفتياً للمالكية فيها(1).
ولد الشيخ طاهر في دمشق, ودرس في مدارسها, حيث دخل إلى المدرسة الجقمقية(2), وتخرّج على يد الشيخ عبد الرحمن البوشناقي(3), فأتقن العربيّة والفارسيّة والتّركيّة ومبادئ العلوم المختلفة.

ثم اتصل بالعالم الشيخ عبد الغني الميداني(4), وكان لـه تأثير كبير على شخصية الشيخ طاهر, وقد أنشأه على الأصول العلمية الصحيحة, ومحاربة الخرافات, والتسامح الديني. ويذكر أن الشيخ عبد الغني الميداني قد حال سنة 1860م بدمشق, دون تعدي فتيان المسلمين على جيرانهم المسيحيين, فأنقذ ألوفاً من القتل في تلك الفتنة المشؤومة(5). ومن المفيد تذكير القارئ الكريم بأن الشيخ عبد الغني كان سلفياً, تعلم في الحجاز, ولكنه لم يكن تكفيرياً, مبغضاً للناس, بل كان يفهم الدين على أنه معاملة كما قرر الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقد تأثر الشيخ طاهر به, فكان يأخذ من أصل الشريعة باجتهاده الخاص, ولا يعادي أئمة المذاهب المعروفة, وكان من عادته أن يصحب أصحاب الفرق المختلفة مهما كانت طريقتهم, ولطالما أعطى الحق لعلماء الشيعة أو الإباضية وغيرهم(6).

تعلّم الشيخ طاهر الفرنسيّة والسّريانيّة والعبرانيّة والحبشيّة والبربريّة. وتولى التعليم لأول أمره في المدرسة الظاهرية الإبتدائية. وكان عضواً في ( الجمعية الخيرية ) التي أُسست سنة 1294هـ(7), والتي استحالت إلى (ديوان معارف), في عهد والي الشام مدحت باشا(8).

ثم عُيّن مفتشاً عامّاً على المدارس الابتدائية في عام 1295هـ, فألّف كتب التدريس للصفوف الإبتدائية في جميع الفروع, منها: "مدخل الطّلاب إلى علم الحساب", و"رسالة في النّحو", و"منية الأذكياء في قصص الأنبياء", و"الفوائد الجسام في معرفة خواص الأجسام", و"إرشاد الألباء إلى تعليم ألف باء", وغيرها كثير(9).

وعمل على افتتاح كثير من المدارس الإبتدائية, حيث تم افتتاح تسع مدارس في مدينة دمشق منها اثنتين للإناث. فجعله الوالي مفتشاً عاماً للمعارف في ولاية سوريا. فكان يعمل على توعية الناس, ونشر العلم ومحاربة الخرافة, والاعتزاز بالعروبة والإسلام(10).

أنشأ المكتبة الظّاهريّة(11), والمكتبة الخالدّيّة(12) في القدس. وتحمّل في سبيل ذلك عداوة الكثيرين ممن استحلوا أكل الكتب والأوقاف.

وفي سنة 1316هـ / 1898م, عُيّن مفتشاً على دور الكتب العامة, وظل في وظيفته تلك أربع سنوات, ولكنه أثار حفيظة الأمن بسبب نشاطه وأفكاره التي كان يسعى لبثها في عقول طلابه ومريديه, حتى هاجم الأمن بيته وعاثوا فيه فساداً, فاضطر إلى التواري عن الأنظار, وأخيراً قرر الهجرة إلى مصر, فوصلها سنة 1325هـ / 1907م, وسكن في بيت صغير واجتنب الناس إلا بعض العلماء الذين اتصلوا به بغية الإفادة من علمه(13).

أولع الشيخ طاهر باقتناء المخطوطات, وحافظ عليها إلى أن ألجأته الظروف إلى بيع بعضها للإنفاق على نفسه, رافضاً مبادرات قام بها بعض أصدقائه وطلابه لمساعدته, منعته من ذلك عزة نفسه, وعفته.

يذكر محب الدين الخطيب(14) وهو أحد تلاميذ الشيخ طاهر, أنه حاول مساعدة الشّيخ طاهر عندما ألجأت الحاجة هذا الشّيخ إلى بيع مخطوطاته ليعيش بثمنها، فتوسّط له مع بعض معارفه لدى الخديوي لإجراء راتب للشّيخ من الخزينة الخاصّة، فرفض هذا بإباء. وقال السّيّد محب الدّين معلّقاً على هذه الحادثة: "فظهر لي أنّني لا أزال أجهل تلك النّفس الكبيرة, رغم معرفتي بصاحبها منذ طفولتي، فقد غضب الشّيخ طاهر من هذه الحادثة غضباً لم أعهده فيه من قبل"(15).

وقد ذُكرت حوادث أخرى عن زهد الشيخ, وهي تظهر لنا جانباً مهماً من شخصية هذا العالم الفذ, فبالإضافة لزهده فهي تدل على حريته وإبائه, فقد منعته عزّته وصدقه ورغبته بعدم مصناعة الحكام عن قبول مثل هذه العطايا(16).

أمضى أيامه في القاهرة في التأليف والبحث العلمي. وكان لـه مراسلات مع المستشرقين من مختلف الجنسيات, وشارك في تحرير بعض الصحف.

وظل في القاهرة إلى سنة 1918م, حيث قرر العودة إلى دمشق بعد قيام الدولة العربية, ولكن المرض أخرّه, فعاد إلى دمشق سنة 1919م, وعُيّن مديراً لدار الكتب الظاهرية التي أسسها, وعضواً في المجمع العلمي العربي بدمشق.

وبعد أربعة أشهر من عودته توفي في 14 ربيع الآخر, 1338هـ / 5 كانون الثاني سنة 1920م, ودفن في سفح قاسيون تنفيذاً لوصيته(17).

تمتع الشيخ طاهر بصفات مميزة, وغريبة, جعلت منه شخصية مختلفة ملفتة, وقد ذكر معاصروه كثيراً منها, وهي تدل على علو مكانته وطرافته(18).

أفكاره في السياسة والإجتماع:
كان الشيخ طاهر من الإصلاحيين الإسلاميين. وقد شعر بمدى الانحطاط الذي تعاني منه الأمة, وأرجع سبب ذلك للاستبداد العثماني, والفساد وسوء الإدارة العثمانية.
وكان يسعى للعمل على نهضة الأمة وذلك بالأخذ بالعلم والمعرفة والأخلاق الفاضلة وأسباب الحضارة, دون التخلي عن الدين الإسلامي, بل إنه كان يؤمن بعظمة هذا الدين وصلاحه لكل زمان ومكان. ومن خلال ما عرضناه من سيرته, نجد أنه:
1 ـ اهتم بالعلم والتسلح به, وكان يمضي وقته كله في العلم والبحث, عاش حياته وحيداً ولم يتزوج متفرغاً لتحصيل العلوم وتعليمها. وكان يهتم بالناشئة ويشجعهم على طلب العلم والبروز فيه ويحاول التيسير عليهم, وعدم تنفيرهم من طلب العلم. ومما نُقل عنه أنه كان يرشد تلاميذه قائلاً: "إن جاءكم من يريد تعلم النحو في ثلاثة أيام فلا تقولوا له إن هذا مستحيل بل علموه, فلعل اشتغاله هذه الثلاثة الأيام بالنحو, تحببه إليه"(19).

ولا يخفى علينا ما لهذا الإرشاد من فائدة عظيمة في بث الثقة في النفوس وتشجيعها على طلب العلم.

كما أنه اهتم بإصلاح التعليم, وافتتاح المدارس المتنوعة, وخصوصاً الإبتدائية منها, رغبة منه في نهضة الأمة ورقيها. حيث كان يؤمن ايماناً راسخاً بأن نهضة الأمة هي في العلم.

2 ـ اهتم باللغة العربية والتاريخ الإسلامي. يصف لنا أحد تلاميذه المقربين, وهو محب الدين الخطيب, أنه أحب اللغة العربية والعرب من أستاذه الشيخ طاهر.

يقول محب الدين: "من هذا الشّيخ الحكيم عرفت عروبتي وإسلامي، منه عرفت أنّ المعدن الصّدئ الآن الّذي برأ اللّه منه في الدّهر الأوّل أصول العروبة، ثمّ تخيّرها ظئراً للإسلام, إنّما هو معدن كريم, لم يبرأ اللّه أمّة في الأرض تدانيه في أصالته"(20).

وقد استطاع الشيخ طاهر إقناع الوالي بضرورة تعليم العلوم باللغة العربية(21).

واهتمام الشيخ طاهر باللغة العربية والتاريخ الإسلامي, هو اهتمام بالإسلام نفسه, وقناعة منه أن النهضة المرجوة لا تعني بأي حال من الأحوال نبذ الهوية العربية والإسلامية.

3 ـ اهتم الشيخ طاهر بتعلم العلوم العصرية واللغات الحية. لأن ذلك أحد أدوات النهضة. فالتعرف على تلك العلوم واللغات مهم جداً لمواكبة ركب الحضارة.

يقول محمد كرد علي(22): " اتسع صدر الشيخ لجماع علوم المدنية الحديثة إلا الموسيقى والتمثيل فلم يكن له حظ فيهما, ......... وسياسة الشيخ في التعليم محصورة في تلقف المسلمين أصول دينهم, والاحتفاظ بمقدساتهم وعاداتهم الطيبة وأخلاقهم القديمة القويمة, وأن يفتحوا قلوبهم لعامة علوم الأوائل والأواخر, من فلسفة وطبيعي واجتماعي على اختلاف ضروبها"(23).

كما أن الشيخ طاهر اهتم بالصحافة والأدب ونشر الكتب والمؤلفات المفيدة.

4 ـ دعا الشيخ طاهر إلى إصلاح العادات, وحارب الخرافات والخزعبلات. وكان يقف بشجاعة في وجه الجمود والتحجر, ويدعو إلى بذل الجهد لنهضة الأمة قدر المستطاع, كما أنه دعا إلى استخدام وسائل الاتصال المتاحة في عصره لتوعية الناس, وردهم إلى جادة الصواب.

وفي رسالة بعثها لتلميذه محمد كرد علي تظهر لنا نظرته لخطة الإصلاح حيث يقول: " ومما يهم الأمر فيه إصلاح العادات, فإن في الشرق كثيراً من العادات التي ينبغي إبطالها كما أن فيه كثيراً من العادات التي ينبغي المحافظة عليها. غير أنه لا ينبغي أن يستعمل التنكيت في ذلك, بل يستعمل مجرد البيان الدال على حسن الشيء أو قبحه ......... ومن العادات الرديئة جداً أن الكاتب قد يمكنه أن يكتب في إصلاح عادة لكنه يرى أن الكلام في ذلك يكفي عشرة أسطر فيرى الناس يزدرون بذلك وينسبونه لقلة القدرة على الإنشاء فيترك الكتابة فيه, أو يسهب إسهاباً لا داعي له ......... فينبغي أن يكون في المجلة ولو مقدار صفحة تبحث في العادات على اختلاف أنواعها, وتعليم ذلك للبنين والبنات"(24)


5 ـ كان الشيخ طاهر ضد الحكم الاستبدادي, لذلك فقد عادى حكم السلطان عبد الحميد(25), فقد دعا الحكومة إلى الإصلاح والعدل والشورى وحرية التعليم وحرية الصحافة, مما جعل السلطات العثمانية تلاحقه وتضيق عليه حتى اضطر إلى الهرب إلى مصر كما رأينا.

وعندما تم الانقلاب على السلطان سنة 1908م, فرح به الناس وهللوا له, ولكن الشيخ لم يفرح به, ولم يثق بمن قاموا به, وكان يقول: "وما هذا الإنقلاب الخلاب إلا انتقال من نير استبداد الفرد إلى نير استبداد الجماعات"(26).

وبالفعل فقد صدقت رؤية الشيخ طاهر, وكان الانقلابيون أكثر استبداداً من السلطان نفسه, وهذا كان من الأسباب القوية لقيام الثورة العربية الكبرى, والتي فرح بها الشيخ وشجعها كثيراً, لأنه كان يعتبرها خطوة ضرورية لنهضة الأمة العربية. وساند الحكم العربي في دمشق, وكان يدعو الناس إلى الدفاع عن هذا الاستقلال(27).

لقد أخذ كثير من الناس, قديماً وحديثاً, على رجال العرب قيامهم بالثورة العربية الكبرى في عام 1916م. واعتبروا تاريخ سقوط الخلافة العثمانية تاريخ شؤم, جر على الأمة ويلات الاستعمار الأوربي, الذي ما زلنا نعاني من تبعاتها حتى اليوم. ولكن نظرة إلى سوء الإدارة العثمانية, وتسلط الحكام واستبدادهم, وتجهليهم للأمة, يجعلنا نجد العذر لهؤلاء, ولا نلومهم لثقتهم بوعود الغربيين, لأنهم كانوا يرونهم أهل حضارة فوثقوا بهم وبوعودهم.

وهذا الشيخ طاهر نفسه على ما يذكر طلابه, كان واحداً من المعجبين أشد الإعجاب بالإنكليز, وخصائصهم, وسياستهم, وكان حسن الظن بوعودهم ومواعيدهم, يدل على ذلك كثير من أقواله وأفعاله. وقد نشر محمد كرد علي رسالة كان قد بعثها الشيخ طاهر إلى مس بل أمينة سر حاكم العراق, يقدم فيها بعض النصائح للإنكليز ليحسنوا تعاملهم مع أهل العراق(28), ظناً منه أن هؤلاء كانوا فعلاً حملة حضارة ورعاية ولم يكونوا مستغلين مخادعين.

لذلك فقد كان لانبهار كثير من هؤلاء الرجال بالحضارة الغربية دور كبير في رغبتهم بتلقفها ونقلها إلى بلادنا, والتمتع بالحرية والديمقراطية والمظاهر الحضارية الأخرى التي كانوا يتمنونها. ولم يجدوا غضاضة من التعاون مع الغربيين, طالما أن هدف هذا التعاون هو نهضة الأمة.

بالطبع فإن هذا لا يلغي وجود فئة عملت على مساعدة الغرب بعمالة مقصودة, ولا تخلو أمة من خونة عملاء, إلا أنه من الظلم الكبير وصف كل من اشترك بهذه الثورة, أو روّج لها, أو فرح بها بالعمالة للاستعمار, والعمل على هدم الخلافة.

حلقة دمشق الكبرى:
عاش الشيخ طاهر في فترة مظلمة من تاريخ بلاد الشام خاصة والعالم الإسلامي عامة. وكان يعرف الفرق الشاسع بين موات الأمة العربية والإسلامية وبين الحضارة الغربية. لذلك فقد سعى إلى العمل قدر استطاعته من أجل نهضة هذه الأمة, التي كان يؤمن بعزتها وبخصائصها العظيمة.

وقد وصفه محب الدين الخطيب بأنه: "كان يعرف مواطن الداء في الدولة العثمانية, وفي الأمة التي أوقعها سوء الحظ تحت سلطانها, فكان بسبب ذلك يقدّر صعوبة موقفه, وما يمكن أن يتهدد حياته من خطر لو جاهر بكل ما يعرف, لذلك نصّب نفسه ميزاناً للحق"(29).

ورغم كل ما كان يلمسه الشيخ طاهر من تدهور في حال الأمة, إلا أنه لم يكن قانطاً من التحرر أو يائساً من الإصلاح, وإنما كانت ثقته قوية بمستقبل الأمة العربية واستعدادها للنهوض من عثرتها متى أخذت بأسباب العلم ونشأ أبناؤها على التربية القومية التي تقوي القلوب وتشحذ العزائم(30).

وكما رأينا فإن الشيخ طاهر كان يؤمن بالعلم كوسيلة للنهضة, ولكنه لم يكن يرى أن معرفة العلوم كافية ما لم يرافقها إصلاح للعادات الرديئة والمظاهر الانحطاطية.
والشّيخ طاهر كان "يرى أنّ الدّولة العثمانيّة موشكة على الإنهيار, فيدعو العرب إلى التّأهّب بالعلم والأخلاق والتّجدد والتّحفّز, لنيل استقلالهم وصون بلادهم من أن تبتلعها حيتان الاستعمار, حتّى تقوّضت دعائمها, وتداعت عليها الأمم لاكتسابها واقتسام بلادها"(31).

وراح يبثّ هذه الأفكار بين طلّابه ومريديه, وكان إخلاصه وثقافته العالية قد جعلا كلّ من يميل إلى الثّقافة والعلم والتّحرر يتقرّب منه وينهل من علمه. ولم يكن الشّيخ طاهر يفرّق بين أحد من هؤلاء, لا بسبب الدّين ولا المذهب ولا غير ذلك, مما جعل له شهرة كبيرة في الشّام.

وقد كان للشيخ طاهر طبقة من أقرانه النبهاء والمفكرين, على رأسهم الشيخ جمال الدين القاسمي إمام الشّام في عصره علماً بالدّين وتضلّعاً في فنون الأدب, وقد ولد في دمشق سنة 1283/1866, وكان لـه نشاطات كبيرة, فقد رحل إلى مصر, وزار المدينة, ونشر بحوثاً كثيرة في المجلّات والصّحف. ولـه مصنفات منها: "دلائل التّوحيد", و"ديوان خطب" وغيرها. وقد توفّي, رحمه الله, سنة 1332/ 1914(32).

ومنهم أيضاً الشيخ عبد الرزاق البيطار , من علماء دمشق الكبار, وقد ولد فيها سنة 1253 / 1837, واشتغل بالأدب مدّة, له نظم وقصائد, ثم اقتصر في آخر أمره على علمي الكتاب والسّنة, وكان من دعاة الإصلاح. من أهمّ كتبه, كتاب "حليه البشر في تاريخ القرن الثّالث عشر", وقد توفّي في دمشق سنة 1335 / 1916(33).

ومن أصدقاء الشيخ طاهر أيضاً الشيخ سليم البخاري, وهو عالم أديب. ولد بدمشق 1268هـ/ 1851م، وتولى الافتاء بالجيش العثماني، وبعد انقضاء الحرب العالمية الاولى عين عضواً في مجلس الشورى، فعضواً بمجلس المعارف الكبير، فرئيساً للعلماء، وانتخب عضواً بالمجمع العلمي العربي. من مؤلفاته: "رسالة في آداب البحث والمناظرة"، و"حل الرموز في عقائد الدروز" وغيرها.

وفاته
وتوفي بدمشق في 10 جمادي الاولى 1347هـ / 1928م(34).

كان هؤلاء العلماء وغيرهم يجتمعون بالشيخ طاهر, ويعقدون حلقات العلم والمدارسة, وانضم إليهم فيما بعد عدد كبير من شباب العرب النابهين نذكر منهم: رفيق العظم العالم البحّاث, من رجال النّهضة الفكريّة في سوريّة، ولد في دمشق 1284 / 1867، واستقر ّفي مصر, واشترك في كثير من الأعمال والجمعيّات الإصلاحيّة والسّياسيّة والعلميّة. صنّف كتابه المشهور "أشهر مشاهير الإسلام في الحرب والسّياسة"، وكتاب "البيان في كيفيّة انتشار الأديان", وغيرها. وقد أهدى خزانة كتبه للمجمع العلمي العربيّ بدمشق وهي نحو ألف مجلد، توفّي سنة 1343/ 1925(35).

ومنهم الدكتورعبد الرحمن الشهبندر, وقد ولد في دمشق عام 1879م, ودرس في الكليّة السّوريّة الإنجيليّة في بيروت, وتخرّج من كليّة الطّب عام 1906م, كان من الخطباء المفوّهين, ومن رجال الوطنيّة والقوميّة, هرب من جمال باشا عام 1915م, وعاد إلى دمشق مع دخول قوات فيصل, شارك كوزير للخارجيّة في الحكومة الفيصليّة, وحكم عليه بالإعدام, وقد اغتيل عام 1940م, من "كتبه القضايا الإجتماعيّة الكبرى"(36).

ومنهم كذلك, عبد الحميد الزهراوي, من زعماء النّهضة السّياسيّة في سوريا, وأحد شهداء العرب في عاليه, ولد في حمص, وأصدر صحيفة المنير, كتب في المقطّم. ورئس المؤتمر العربيّ الأوّل في باريس فحُكم عليه بالإعدام. له رسالة "الفقه والتّصوف", وكتاب "خديجة أمّ المؤمنين" وغيرها(37).

وكان منهم سليم الجزائري, القائد عسكري، عارف باللغات العربية والتركية والفارسية الفرنسية والانكليزية. ولد بدمشق عام 1296/ 1879, وتعلم في المدرسة العسكرية، ومدرسة الهندسة البرية بالقسطنطينية وبلغ رتبة قائم مقام أركان حرب في الجيش العثماني، وحكم عليه بالموت بعاليه في لبنان فأعدم سنة 1334/ 1916.

من آثاره:
كتاب في المنطق سماه "ميزان الحق"(38).
ومنهم الوطني فارس الخوري, وقد ولد في 20 من تشرين الثاني 1873م في قرية الكفير بمنطقة حاصبيا, دخل الكلية الأمريكية، وحاز على بكالوريوس في العلوم عام 1897م, درس اللغتين الفرنسية والتركية وحده بدون معلم. امتهن المحاماة وتقدم بفحص معادلة الليسانس بالحقوق، فنالها. في عام 1914م فاز بالنيابة عن دمشق في مجلس المبعوثان. وفي عام 1917م اعتقله جمال باشا بتهمة تعامله مع فيصل بن الحسين، ثم قرر نفيه إلى استنبول. وفي عام 1919م عُيّن عضواً في مجلس الشورى، وهو الذي اقترح على الشريف فيصل تأسيسه.

تولى عدة وزارات وشارك في تأسيس حزب الشعب, والكتلة الوطنية. توفي في الثاني من شهر كانون الثاني لعام 1962م(39).

ومن هؤلاء الشباب أيضاً عبد الوهاب المليحي الشهير بالانكليزي, من قرية المليحة في غوطة دمشق. وهو حقوقي، إداري، مؤرخ، عارف باللّغات الفرنسية والانكليزية والتّركية. عين قائم مقاماً في عدة أقضية, ثم استقال, وتعاطي المحاماة بدمشق. ثم نصب مفتشاً للإدارة الملكية في ولاية بيروت ثم في بروسه، وسافر إلى القسطنطينية. حكم عليه بالإعدام بحجّة معارضته للإتحاديين، فقتل شنقاً بدمشق سنة 1916م.

من آثاره أيضا كتاب في التّاريخ العام(40).

وكان منهم محب الدين الخطيب ومحمد كرد علي, وقد تقدمت ترجمتهما سابقاً. وغيرهم من الشباب المهتم النابه.

وقد تألف من جماع هؤلاء الشيوخ المفكرين والشباب النابهين أكبر حلقة أدبية ثقافية, كانت تدعو إلى تعلم العلوم العصرية, ومدارسة تاريخ العرب, وتراثهم العلمي, وآداب اللغة العربية, والتمسك بمحاسن الأخلاق الدينية, والأخذ بالصالح من المدنية الغربية(41).

وكانت هذه الحلقة تجتمع في كل أسبوع من بعد صلاة الجمعة في منزل رفيق العظم. وكان مجلس هذه الحلقة يستعرض كل ما يهم المفكرين استعراضه عن الحركة العلمية والفكرية والسياسية خلال الأسبوع, وكان الشيخ طاهر هو الذي يوجههم, ويصحح لهم, ويوقظهم لما خفي عليهم من أسباب الإصابة بالرأي(42).

سميت هذه الحلقة بحلقة دمشق الكبرى, وقد راح الشيخ طاهر ورجال حلقته ينددون بالحكام واسبدادهم, وينتقدون سوء الإدارة, ويدعون إلى الحرية والعدل والنظام, فاتهموا بالخيانة الوطنية, والعمل على فصل سوريا عن بقية السلطنة العثمانية. وبالمقابل فقد قامت الحكومة بإلغاء منصب الشيخ طاهر الحكومي, وعرقلت أعمال الجمعية, ولاحقت أعضاءها, الذين وجدوا تضييقاً كبيراً, وقامت السلطات بتفتيش منازلهم, فاضطر بعضهم للهرب وكان على رأسهم الشيخ طاهر(43).

وعندما غادر الشّيخ طاهر دمشق متوجّهاً إلى مصر للإقامة فيها, خلّف وراءه "ثورة فكريّة تسري تحت الرّماد, وسرعان ما وجدت هذه الثّورة متنفّساً لها في الانقلاب العثمّاني, سنة 1908م"(44).

شجّع هؤلاء المفكّرون غيرهم من شباب العرب, وغرسوا في عقولهم وقلوبهم حبّ التّحرر, والاعتزاز بالأمّة العربيّة, وبماضيها الحافل بالبطولة والعزّ والمجد. وقد تأثّر الشّباب بدعوتهم هذه, وألّفوا الجمعيّات السّريّة, والّتي اتّخذت من أفكار هؤلاء المصلحين مستنداً لها للمطالبة بحقوق العرب, وبالتّالي القيام بالثّورة العربيّة الكبرى.

من هذه الجمعيات نجد جمعية عُرفت بحلقة دمشق الصّغيرة (45) تمييزاً لها عن الحلقة الكبرى, وقد أسسها محب الدين الخطيب مع صديقه الشهيد عارف الشهابي(46).

وفي هذه الحلقة كان يجتمع هذان الصديقان مع مجموعة من رفاقهما, ويقرؤون من الكتب ما يقوّي عقيدتهم القوميّة. ومن هذه الحلقة انبثقت جمعيّة النّهضة العربيّة التي تأسست في السّابع من ذي القعدة من عام 1324 الموافق 24 أيلول 1906م في استنبول, على يد محب الدين الخطيب وعارف الشهابي. وأسموها جمعيّة النّهضة العربيّة. وكانت غايتها إحياء اللّغة العربيّة والأخلاق الفاضلة, وافتتحت فرعاً لها في دمشق(47).

وقد قام بعض أعضاء هذه الجمعية بتأسيس جمعيات أخرى كان لها أثر كبير في التاريخ العربي الحديث, وفي تاريخ القومية العربية. من هذه الجمعيات نذكر المنتدى الأدبي والذي قام بتأليفه بعض أعضاء جمعية النهضة.

وهناك أيضاً حزب اللامركزية الإدارية العثماني الذي كان من مؤسسيه محب الدّين الخطيب, ورفيق العظم, وعبد الحميد الزّهراوي. وكذلك جمعية الشورى العثمانية, وكان من أعضائها رفيق العظم ومحب الدين الخطيب وغيرهم. كذلك الجمعية الأشهر العربية الفتاة, وكان من أعضائها كثير من تلاميذ الشيخ طاهر ومن أعضاء جمعية النهضة العربية.

وكان من نتائج اجتماع هذه الأحزاب والجمعيات عقد المؤتمر العربي الأول في 18 حزيران سنة 1913م في باريس, وخرج المؤتمرون بمقررات هامّة, تؤكّد مبادئ الجمعيّات السّابقة, وتطالب بالإصلاح, وإعطاء العنصر العربيّ حقّه في الحكم في ظلّ الدّولة التّركيّة. وقد كان هذا المؤتمر مؤتمراً هامّاً, له تأثيره الكبير في الحركة القوميّة العربيّة, وفي تحديد مسارها المطالب بالانفصال عن الدّولة العثمانيّة. وقد كانت حلقة الشيخ طاهر هي الملهم الأول لهذه النشاطات والتحركات العملية(48).

بالطبع فإن ظروف العصر الذي عاش فيه الشيخ طاهر كانت من السوء بحيث تغلّب الجهل والأمية والانحطاط, ورافقه الاستبداد والتسلط وسوء الإدارة, وهذا انعكس على مرافق الحياة كلها, سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية. فكان نشاط الشيخ طاهر مميزاً جداً ومؤثراً جداً, وكان كما وصفه الشيخ جمال الدين القاسمي (الشيخ المفيد, والمرقّي الوحيد)(49).

وبالفعل فقد كان عالماً عاملاً واعياً لا أقول إنه سابق لعصره, بل كان الرجل القدوة لبلد يعاني من موات حضاري خطير, " فترك أثراً من الخير أينما حل, فكان مجلسه حيثما حل مدرسة, ولقاؤه أينما لقيته درس ......... وكان يعلم بفعله لا بقوله, دعا إلى النظر في الكتب, فلم يكد يدع كتاباً لم ينظر فيه, ودعا إلى التأليف فكان له من التواليف ما عده من مكثري المصنفين, ودعا إلى حفظ الوقت, فلم يكن يضيع من وقته لحظة في عمل غير نافع, ودعا إلى ترك تلك المجاملات والرجوع إلى أخلاق المسلمين الأولين, من الصراحة والصدق, وقصد الحقائق وترك الأباطيل, فكانت حياته كلها كذلك"(50).

وأثره هذا ظهر على طلابه ومريديه, فمن كان يحضر حلقة الشيخ طاهر من الشباب صاروا نخبة العرب علماً وثقافة وأدباً وعملاً. ولا نجد واحداً ممن كان يحضر اجتماعات تلك الحلقة إلا وقد ترك أثراً مفيداً في عصره, وكان لـه ذكره ومكانته كما رأينا. وهذا إن دل على شيء, فإنما يدل على نجاح أسلوب الشيخ طاهر, وعلى الأثر الكبير الذي خلّفه وراءه في نفوس هؤلاء الشباب.

ولولا تغلّب الاستعمار الأوروبي, ووقوع كثير من هؤلاء الرجال ضحية ثقتهم وانبهارهم بالغرب وحضارته, حتى أنهم ظنوا أن هؤلاء الغربيين يملكون من الأخلاق الحضارية ما يدفعهم للوفاء بعهودهم ومساعدة هذه البلاد الفتية على النمو والنهوض؛ لتكونت من جماعهم طبقة من النبهاء القدوة كانوا بداية لنهضة حقيقية كانت ستبني لبلادنا حضارة حقيقية قوية قائمة على العلم والعمل والمسؤولية والأخلاق الفاضلة المستمدة من ديننا وتراثنا الإنساني, ولتغير بالتالي هذا الحاضر البائس الذي نعيش فيه الآن.

وأنا مع الفكرة التي تقول أنه لا يجوز لنا أن نعامل "هؤلاء العاملين الثقافيين باحتقار, طالما كانوا عناصر مخلصة, لم تكتسب من التجربة التاريخية خبرة كافية, تمكّنها من فصل الحَبّ عن الزوان"(51).

وإنما يجب علينا أن نستفيد من تجربتهم وآرائهم, لنكون أكثر وعياً, ونكتسب الخبرة المطلوبة, لمعرفة طريق النهضة الصحيح والحقيقي, القائم على تغيير السلوك الانحطاطي الذي ينخر في جسد الأمة, وتحويله إلى سلوك نهضوي فاعل, يحافظ على هويتنا وحضارتنا, وينجو من مرض الاستلاب وعقدة النقص واحتقار الذات, هذه الأمراض التي أوقعتنا في فخ قبول ما فرضته الحضارة الغربية من خير وشر, دون النظر فيه, أو حتى امتلاك القدرة والجرأة على نقده وتقويمه لأخذ أحسن ما فيه ونبذ سيئه, بهدف المساهمة في نشر فضائلنا الخلقية والحضارية ليستفيد العالم منها كله.

خاتمة:
ما أحوجنا في عصرنا هذا لرجال قدوة كالشيخ طاهر الجزائري, يؤمنون بالإصلاح ويعملون لـه, بإخلاص ومسؤولية. وما أحوجنا لذلك النشاط الاجتماعي الفاعل, الذي يرقّي العقول والنفوس, ويخلّصها من عقدة الاستلاب للغرب, ويزرع فيها الاعتزاز بما نملك من حق وخير, ففضائل أخلاقنا المستمدة من الإسلام هي فضائل إنسانية عامة, لو عدنا لتفعيلها في حياتنا وفي تعاملاتنا فإننا سنصل للنهضة المرجوة. ولن يعم خير هذه النهضة علينا فقط, بل إنه سيصل للعالم كله بإذن الله.

وأملي كبير ببروز فئة واعية من المثقفين العاملين, تظهر على الساحة الآن, في وقت نعاني فيه من موات حضاري يماثل, إن لم يكن يفوق, الموات الحضاري الذي كانت تعاني منه الأمة في عصر الشيخ طاهر الجزائري.
وأرجو أن تقدم هذه الدراسة نموذجاً يستحق العناية والنظر, وأن تذكّر برجل عالم عامل قلّما يجود الزمان بمثله.

بقلم // رغداء محمد أديب زيدان
دمشق


dca9909031802342.gif


ونلتقي لنرتقي

مع علم من أعلام الجزائر الأجلاء
في الحلقة الثالثة والعشرون
إن شاء الله تعالى.
فانتظــــــــــرونا


dca9909031802342.gif



00xf052lKJL.gif

dca9909031802342.gif

أتمنى لكم كل متعة وفائدة
dca9909031802342.gif


 
87l43365.gif


dca9909031802342.gif



موسوعة أعلام الجزائر
dca9909031802342.gif

الحلقة الثالثة و العشرون

dca9909031802342.gif

الدكتورعبد الله شريط

dca9909031802342.gif

1921م -- 2010م
dca9909031802342.gif

من رواد الفكر العربي
dca9909031802342.gif

thumbnail.php


dca9909031802342.gif


كان الدكتور عبد الله شريط و سيظل أحد مؤسسين للخطاب التنويري و العقلاني في الجزائر و احد مؤسسي جامعة الجزائر المستقلة و فوق هذا و ذاك فهو من الاعلاميين الكبار الذين كونتهم الثورة الجزائرية بثقلها الوطني و الاقليمي و الدولي.

مولده ونشاته

ولد عبد الله شريط ببلدية مسكانة ( ولاية ام البواقي) بالشرق الجزائري سنة 1921 , التحق في صباه بكتاب القرية لحفظ القران الكريم, على عادة ابناء عصره , و بدا تعليمه الابتدائي بمدرسة فرنسية في مسكانة سنة 1927م

إنتقل الى تبسة سنة 1932 وهناك درس بمدرسة جمعية العلماء "تهذيب البنين " على يد الشيخ " العربي التبسي " سنتين 1932-1934

توجه الى تونس سنة 1938 و درس فيها سنة واحدة، ثم توقف بسبب الحرب العالمية الثانية، وعاد الى قسنطينة و التحق ببعض مدراسها. ولما انتهت الحرب سنة 1945 عاد مرة اخرى الى تونس و انهى دراسته بجامع الزيتونة ونال شهادة التطويع سنة 1946.

سفره

سافرالى المشرق عن طريق فرنسا سنة 1947 بجواز سفر مزور و بسعي من النواب الجزائريين في باريس، وفي مقدمتهم المناضل الكبير "محمد خيضر" ممثل حركة الانتصار للحريات الديمقراطية في الجزائر في المجلس الوطني الفرنسي.

و منها سافر الى دمشق و بيروت و هناك التحق بالجامعة السورية سنة 1947 بكلية الادب قسم الادب عربي لكن تحول الى قسم الفلسفة بنفس الجامعة وقد تخرج منها بشهادة الليسانس في الفلسفة سنة 1951

عاد الى الجزائر في الفترة مابين "1951-1952" ولما تعذر الحصول على عمل عاد الى تونس سنة 1952 و هناك التحق بالتدريس في جامع الزيتونة بمعهد استحدث خصيصا للعلوم الحديثة.

جهاده

إلتحق سنة 1955 بالبعثة السياسية لجبهة التحرير الوطني التي تشكلت بعد اندلاع الثورة اسندت له مهمة الترجمة من اللغة الاجنبية الى اللغة العربية. وقد كلف بعد اصدار جريدة "المقاومة" و جريدة "المجاهد" لسان حال جبهة التحرير الوطني بتحرير الافتتاحية و التعليق في الصحيفة و ترجمة المقالات المنشورة في الصحافة الدولية عن الثورة الجزائرية و ظل يمارس هذه الوظيفة حتى فجر الاستقلال سنة 1962.

عاد الى الجزائر في شهر أوت من نفس السنة حين كان محمد خيضر مسؤولا عن الحزب الذي دعاه الى التعاون معه فكلف بمهام الاعلام ولقد فصل من الحزب بعد خلاف الرئيس المناضل "أحمد بن بلة" مع محمد خيضر بسبب صداقته مع الاخير.

إلتحق بعد ذلك بجامعة الجزائر استاذا بقسم الفلسفة و ظل بها الى اخر يوم في حياته مدرسا للحكمة و حكمائها. كما كان استاذا مؤطر لاجيال من الطلبة في رسائل الماجستير و الدكتوراه.

و بعد الدكتور عبد الله شريط نموذجا للمثقف العضوي فقد خاض معارك فكرية مختلفة عبر وسائل الاعلام المختلفة حول قضايا اللغة و التاريخ و الهوية و الثقافة و الايديولوجيا.

تكريمه و وفاته

كرم الدكتور عبد الله شريط من قبل الرئيس المجاهد الراحل هواري بومدين في أواخر السبعينيات تثمينا لجهوده الفكرية والعلمية والتربوية.

كما كرم في عهد الرئيس المناضل عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة صدور موسوعته المتميزة حول الثورة الجزائرية المباركة في الصحافة الدولية و لقد وافته المنية يوم 09/07/2010

مؤلفاته

وللدكتور عبد الله شريط مؤلفات في حقول معرفية مختلفة في الفلسفة و الادب و علم الاجتماع و السياسة، بلغ عددها ستة عشر (16)


الكتب المنشورة :

1- شخصيات ادبية ، نشر بتونس سنة 1958



2- الجزائر في مرأة التاريخ 1965



3- الفكر الاخلاقي عند ابن خلدون 1975



4- حوار ايديولوجي حول المسالة الصحراوية و القضية الفلسطينية 1982



5- مع الفكر السياسي الحديث و المجهود الايديولوجي في الجزائر1986



6- المشكلة الايديولوجية في الجزائر و قضايا التنمية 1981



7- تاريخ الثقافة في المشرق والمغرب 1983



8- معركة المفاهيم 1981



9- المنابع الفلسفية في الفكر الاشتراكي 1976



10- من واقع الثقافة الجزائرية 1981



11- نظرية حول سياسة التعليم و التعريب



12- نصوص مختارة من فلسفة ابن خلدون 1984



13- حوار إيديولوجي مع عبد الله العروي



14- أخلاقيات غربية في الجزائر



15- الثورة الجزائرية في الصحافة الدولية



dca9909031802342.gif


ونلتقي لنرتقي

مع علم من أعلام الجزائر الأجلاء

في الحلقة الرابعة والعشرون
إن شاء الله تعالى.
فانتظــــــــــرونا


dca9909031802342.gif



00xf052lKJL.gif

dca9909031802342.gif

أتمنى لكم كل متعة وفائدة
dca9909031802342.gif

 
آخر تعديل:
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top