شهـــر رمضــــان في الشعـــر العربـــي

وردة الروح

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
9 سبتمبر 2008
المشاركات
10,483
نقاط التفاعل
243
النقاط
323
شهـــر رمضــــان في الأدب العربـــي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
شهـــر رمضــــان في الأدب العربـــي
تهنئة ممزوجة لجميع أعضاء منتديات الأبتسامة وتحديدا لأعضاء المنتدى الثقافي والأدبي .. وتقبل الله منا ومنكم ومن الجميع وغفر الله لنا ولكم ..
لم يترك الأدب العربي شيئًا إلا تناوله، وكان لشهر رمضان حظ من الشعر ما بين ترحيب بمقدمه وتوديع له، ورصد لأحداثه ومظاهر الاحتفاء به

فتذكر كتب التاريخ أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جمع المصلين لأول مرة في صلاة التراويح خلف إمام واحد في السنة الثانية من خلافته الراشدة، فقال أحد الشعراء:
جاء الصيام فجاء الخير أجمعه
ترتيل ذكر وتحميد وتسبيح
فالنفس تدأب في قول وفي عمل
صوم النهار وبالليل التراويح

ومن أحسن ما قيل في التهنئة بقدوم شهر رمضان:
نلت في ذات الصيام ما ترتجيه
ووقاك الله له ما تتقيه
أنت في الناس مثل شهرك في الأش
هر أو مثل ليلة البدر فيه

ولهبة الله بن الرشيد جعفر بن سناء الملك في التهنئة بقدوم شهر رمضان من قصيدة طويلة:
تَهَنَّ بهذا الصوم يا خير صائر
إلى كل ما يهوى ويا خير صائم
ومن صام عن كل الفواحش عمره
فأهون شيءٍ هجره للمطاعم

ويقول عمارة اليمني:
وهنئت من شهر الصيام بزائر
وما العيد إلا أنت فانظر هلاله

وللأمير تميم بن المعز لدين الله يهنئ الخليفة العزيز بالله بقدوم شهر رمضان:
ليهنئك أن الصوم فرض مؤكد
من الله مفروض على كل مسلم
وأنك مفروض المحبة مثله
علينا بحق قلت لا بالتوهم

وقال أيضًا تميم يمدح الخليفة العزيز:
شهر الصيام أجل شهر مقبل
وبه يمحص كل ذنب مثقل

وتحدث الكثير من الشعراء العرب على مر العصور الإسلامية عن فضائل الشهر الكريم فقال أحدهم:
أدِم الصيام مع القيام تعبدا
فكلاهما عملان مقبولان

وللصاحب بن عباد:
قد تعدَّوا على الصيام وقالوا
حرم العبد فيه حسن العوائد
كذبوا في الصيام للمرء مهما
كان مستيقظًا أتم الفوائد
موقف بالنهار غير مريب
واجتماع بالليل عند المساجد

وأنشد القاضي أبو الحسن ابن النبيه:
حبذا في الصيام مئذنة الجامع
والليل مسبل إزباله
وقال محمود عواد :
الخير باد فيك والإحسان *** والذكر والقرآن يا رمضان
والصوم فيك عبادة *** تسموا بها الأرواح والأبدان
والشر فيك مكبل ومغلل *** والبر فيك مجلل هتان
والليل فيك نسائم هفهافة *** رقصت لطيب عبيرها الرهبان
والفجر فيك عبادة وتلاوة *** والصبح فيك سعاية وأمان
والروح فيك طليقة رفرافة ***أحلامها الغفران والرضوان
والجسم فيك حبيسة أطماعه ***لا يستريح إذا سما الوجدان
والناس فيك تآلف قد ضمهم *** وأظلهم ظل الهدى الفينان

ونجد وثائق تاريخية شعرية عن رمضان وأحداثه التي منها مقتل الإمام علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- على يد عبد الرحمن بن ملجم ليلة الجمعة لثلاث عشرة خلت من رمضان سنة أربعين للهجرة، والتي يذكرها الطبري فيما قاله أبو الأسود الدؤلي
أفي شهر الصيام فجعتمونا
بخير الناس طرًا أجمعينا
قتلتم خير من ركب المطايا
وحنّسها ومن ركب السفينا

والمعروف أن شهر رمضان يدور على فصول السنة كلها مرة كل 33 عامًا، فيأتي في الصيف والشتاء والخريف والربيع، وبالطبع يكون أشد ما يكون في الصيف حين ترتفع درجة الحرارة، ويزيد شعور الصائمين بالظمأ كما يصف ذلك ابن الرومي مبالغًا:
شهر الصيام مبارك
ما لم يكن في شهر آب
خِفت العذاب فصمته
فوقعت في نفس العذاب

ويكمل المعنى نفسه شاعر آخر قائلاً:
اليوم فيه كأنه
من طوله يوم الحساب
والليل فيه كأنه
ليل التواصل والعتاب

المقامة الرمضانية
((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)).
(ذَهَبَ الظَّمَأ وابتَلَّتِ العُرُوقُ وثبت الأجرُ إن شَاءَ اللهُ).

مَرحَباً أهلاَ وسَهلاَ بالصِّيام يَا حَبِيباَ زَارَنَا في كُلِّ عَام
فاغفر اللهم ربي ذَنبَنَا ثُمَّ زدنَا من عَطَايَاك الجِسَام

مرحباَ برمضان، شهر التوبة والرضوان، شهر الصلاح والإيمان، شهر الصدقة والإحسان، ومغفرة الرحمن، وتزيين الجنان، وتصفيد الشيطان. هذا شهر العتق والصدق والرفق، رقاب تُعتَق، ونفوس ترفق، وأيادٍ تتصدّق، باب الجود في رمضان مفتوحَ، والرحمة تغدو وتروح، والفوز ممنوح، فيه ترتاح الروح، لأنه شهر الفتوح، هنيئاً لمن صامه، وترك فيه شرابه وطعامه، وبُشرى لمَن قامه، واتّبع إمامَه.القلب يصوم في رمضان، عن اعتقاد العصيان، وإضمار العدوان، وإسرار الطغيان. والعين تصوم عن النظر الحرام، فتغضَّ خوفاً من الملك العلام، فلا يقع بصرها على الآثام. والأذن تصوم عن الخنا، واستماع الغِنا، فتنصت للذكر الحكيم، والكلام الكريم، واللسان يصوم عن الفحشاء، والكلمة الشنعاء، والجُمَل الفظيعة، والمفردات الخليعة، امتثالاً للشريعة. واليد تصوم عن أذيّة العباد، ومُزاولة الفساد، والظلم والعناد، والإفساد في البلاد. والرِّجل تصوم عنَ المشي إلى المحرّم، فلا تسير إلى إثم ولا تتقدّم.

والله مَا جِئتُكُمْ زائراً إلا وَجَدتُ الأرض تُطوَى لي
ولا آن رجلي مِنَ اعتابكُم إلا تعثرت بأذيَالي
أما آن للعُصاة أن ينقسموا في نهر الصيام، ليطِّهروا تلك الأجسام، من الآثام. ويغسلوا ما علق بالقلوب من الحرام. أما آن للمفطرين أن يدخلوا من باب الصائمين، على رب العالمين، ليجدوا الرضوان في مقام أمين.إن رمضان فرصة العمر السانحة، وموسم البضاعة الرابحة، والكِفَّة الراجحة، يوم تعظُمُ الحسنات، وتُكفّر السيئات، وتُمحى الخطيئات.
أما آن لثياب العصيان أن تُخلَعَ في رمضان، ليُلبس الله العبد ثياب الرضوان. وليجود عليه بتوبة تمحو ما كان من الذنب واَلبُهتان.

إن مَضَى بَينَنَا وبينك عتب حين شطت عَنَّا وعَنكَ الديار
فالقُلوبُ التي تَرَكْتَ شَظايا والدُّمُوعُ التي عَهِدتَ غِزَارُ

في رمضان نزل الذكر الحكيم، على رسولنا الكريم، وهو سر مجدنا العظيم.
في رمضان كانت فتوحاتنا، وإشراقاتنا، وغزواتنا، وانتصاراتنا.
في رمضان التقى الجمعان، جمع الرحمن وجمع الشيطان، في بدر الكبرى يوم رجح ميزان الإيمان، ونسف الطغيان، وانهزم الخسران.
في رمضان فتِحَت مكة بالإسلام، وتهاوَت الأصنام، وارتفعت الأعلام، وعُلِمَ الحلال والحرام.
في رمضان كانت حطين العظيمة، يوم انتصرت رايات صلاح الدين الكريمة، وارتفعت الملّة القويمة، وذلت راية الصليب اللئيمة. صيام النفس في رمضان عُزوف عن الانحراف، والانصراف والإسراف والاقتراف، فالنفس تعلن الرجوع، والقلب يحمل الخشوع، والبدن يعلوه الخضوع، والعين تجود بالدموع.
لشهر رمضان وَقار فلا سِباب، ولا اغتياب، ولا نميمة، ولا شتيمة، ولا بذاء، ولا فحشاء، وإنما أذكار واستغفار، واستسلام للقهّار، فالمسلمون في رمضان كما قيل:

هينون لَيِّنُونَ أيسَار بَنُو يُسر أهلُ العبادة حَفاظُون للجَار
لا يَنطِقون عن الفَحشَاءِ إن نَطَقُوا ولا يمارون إن ماروا بإكثَار

مَرَدَة الشياطين في رمضان تُصَفَّد بالقيود، فلا تقتحم الحدود، ولا تُخالط النفوس في ذلك الزمن المعدود.
إذا سابّك أحد في رمضان فقل إِني صائم، ولست لك بمخاصم، وما عندي زمن لسيء الكلام، لأن النفس خطمت عن الخطيئة بخطام، وزمّت عن المعصية بزمام.
إذا قاتلك أحد في رمضان فقل: إني صائم فلن أحمل السلاح، لأنني في موسم الصَلاح، وفي ميدان الفلاح، وفي مِحراب حيّ على الفلاح.

اغسل بنَهر الدمع آثارَ الهَوَى تَنسَى الذي قَد مَرَ من أحزَانِ
ان السّلف إذا دخل رمضان، أكثروا قراءة القرآن، ولزموا الذِّكر كل آن، ورقعوا ثوب التوبة بالغفران، لأنه طالما تمزّق بيد العصيان.
هذا الشهر هو غيث القلوب، بعد جدب الذنوب، وسَلوَة الأرواح بعد فزع الخطوب.
رمضان يذكّرك بالجائعين، ويخبرك بأن هناك بائسين، وأن في الأرض مساكين، لتكون عوناً لإخوانك المسلمين.
فرحة لك عند الإفطار، لأن الهمّ ذهب وطار، وأصبحت على مائدة الغفّار، بعد أن أحسنت في النهار.
وفرحة لك عند لقاء ربك إذا غفر ذنبك، وأرضى قلبك.
بعض السّلف في رمضان لَزِم المسجد، يتلو ويتعبّد، ويُسبِّح ويتهجّد.
وبعضهم تصدّق في رمضان بمثل ديته ثلاث مرات، لأنه يعلم أن الحسنات يُذهبن السيئات. وبعضهم حبس لسانه عن كل منكر، وأعمَلَها في الذّكر، وأشغلها بالشكر.
هذا شهر الآيات البينات، وزمن العِظات، ووقت الصدقات، وليس لقراءة المجلات، والمُساجَلات، وقتل الأوقات، والتعرض للحُرُمات.
سلام على الصائمين إذا جلسوا في الأسحار، يردِّدون الاستغفار، ويسفحون الدمع المِدرار. وسلام عليهم إذا طلع الفجر، وطمعوا في الأجر، تراهم في صلاتهم خاشعين، ولمولاهم خاضعين. وسلام عليهم ساعة الإفطار، بعد ذلك التسيار، وقد جلسوا على مائدة الملك الغفّار، يطلبون الأجر على عمل النهار.
سبحان مَن جاعت في طاعته البطون، وبكت من خشيته العيون، وسهرت لمرضاته الجُفون، وشفيت بقربه الطنون.
ما أحسنَ الجوعَ في سبيله، ما أجملَ السهرَ مع قيله، ما أبركَ العملَ بتنزيله، ما أروعَ حفظَ جميله.

لَهَا أحَاديثٌ من ذكراك تَشغَلُهَا عن الطعام وتُلهِيهَا عن الزادِ
لها بوجهك نور تستضيء به ومن حَدِ يثكك في أعقَابهَا حَادي
إذا تَشَكت كلال السَّير أسعَفَهَا شَوقُ القُدُوم فتحيا عِند مِيعَادِ

شهر رمضان الذي أنزِلَ فيه القرآن، هداية للبشرية، وصلاحاً للإنسانية، ونهاية للوثنية.
بالقرآن أصلح الله القلوب، وهدى الشعوب، فعمّت بركته الأقطار، ودخل نوره كل دار.
سَمِعتُكَ يا قُرآنُ قد جِئتَ بالبُشرَى سَرَيتَ تهز الكونَ سُبحَانَ الذي أسرى


يتبــــع .....
 
آخر تعديل:
مقتطفــــأت أخرى
نواصـــل ..... مع مواقف في رمضـــان
**رمضان بلغة الشعر**

كما قلنا لم يكن شهر رمضان بكل ما يتضمنه من معان دينية وروحية بالمناسبة التي يغفلها الأدب والشعر العربي ، ولذلك وجدنا الأدباء والشعراء يحتفلون بهذا الشهر الكريم ، ويحسنون استقباله من خلال إظهار آثار الصوم على عادات الناس وسلوكياتهم ، باعتباره شهر للهداية والنصر والكرم والجود وحسن الخلق


* الترحيب بهلال رمضاان*

لقد جرت عادة الشعراء أن يرحبوا بهلال رمضان الذي يأذن ببدء هذا الشهر الكريم ، ويتفننوا في وصفه ويعدوه أمارة خير وبشارة يمن وبركة ،

فيقول الشاعر ابن حمديس الصقلي :
قلت والناس يرقبون هلالا
يشبه الصب من نحافة جسمه
من يكن صائما فذا رمضان
خط بالنور للورى أول اســــمـه


ويذكر البحتري
هلال شهر شعبان حين أصبح قمراً يؤذن بطلوع شهر رمضان ، فيقول:

قم نبادر بها الصيام فقد
أقمر ذاك الهلال من شعبان

ويقول الشاعر الجزائري محمد الأخضر
امـلأ الدنيـــا شعاعـا
أيهــا النـور الحبيب
قـد طـغـا الناس عليهـا
وهـو كالليـل رهيب
فترامــت فـي الدياجـي
ومـضت لا تستجيب
ذكـّر النــاس عهــودا
هي من خير العهــود
يوم كان الصـوم مــعنى
للتسامــي والصعـود
ينشر الرحمـة في الأرض
علـــى هذا الوجــــــــود

*الترحيب بقدوم شهر رمضان*
يقول محمود حسن إسماعيل مرحبا بشهر الصيام :
أضيف أنت حــل على الأنام
وأقسـم أن يحيــا بالصيـام
قطعت الدهـر جوابـا وفيـا
يعـود مزاره فـي كل عـام
تخيم لا يحد حمـاك ركــن
فكل الأرض مهـد للخيـام
نسخت شعائر الضيفان لمـا
قنعت من الضيافة بالمقــام
ورحت تسد للأجواد شرعـا
من الإحسان علوي النظــام
بأن الجود حرمـان وزهـد
أعـز من الشراب أو الطعام

أما الشاعرة علية الجعار فكانت من أكثر الشاعرات احتفاء بشهر رمضان ، ففي ديوانها (ابنة الإسلام) نجد مقطوعة شعرية بعنوان (رمضان) جاء فيها :


وإن هل بالنور شهر الصيـام
يجـود به الله في كل عـام
وصمنا له طاعة في النهــار
وقمنا له خشّعا في الظـلام

وفي ديوانها الأخير (مهاجرون بلا أنصار) نجد قصيدة بعنوان (مرحبا رمضان) وفيها:
يا مرحبـا شهـر الهـدى
شهر السماحــة والندى
وفي الأدب العربي القديم والحديث تغنى الكثير من الشعراء بفرحة شهر رمضان ومنهم البحتري الذي قال في مديح الخليفة المعتصم:


بالبر صمت وأنت أفضل صائم
وبســــــــــنة الله الرضية تفطر
*التهنئة بقدوم شهر رمضان*
ومن أحسن ما قيل في التهنئة بقدوم شهر رمضان:
نلت في ذات الصيام مــا ترتجيـه
ووقـــاك الله له مــا تتقيه
أنت في الناس مثل شهرك في الأشـ
هر أو مثل ليلة البــدر فيــه

ولهبة الله بن الرشيد جعفر بن سناء الملك في التهنئة بقدوم شهر رمضان من قصيدة طويلة:
تَهَنَّ بهذا الصوم يا خير صــائر
إلى كل ما يهوى ويا خير صائم
ومن صام عن كل الفواحش عمره
فأهون شيءٍ هجره للمطاعــم
ويقول عمارة اليمني:
وهنئت من شهر الصيام بزائر
مناه لو أن الشهر عندك أشهر
وما العيد إلا أنت فانظر هلاله
فما هو إلا في عدوك خنجـر


لللأمير تميم بن المعز لدين الله يهنئ الخليفة العزيز بالله بقدوم شهر رمضان:
ليهنئك أن الصوم فرض مؤكد
من الله مفروض على كل مسلم
وأنك مفروض المحبة مثلــه
علينا بحق قلت لا بالتوهـــم

*فضائل شهر رمضان*
تحدث الكثير من الشعراء العرب على مر العصور الإسلامية عن فضائل الشهر الكريم فقال أحدهم:

أدِم الصيام مع القيام تعبــــدا
فكلاهما عملان مقبـولان
قم في الدجى واتل الكتاب ولا تنم
إلا كنومة حائر ولهــان
فلربما تأتي المنية بغتـــــة
فتساق من فرس إلى أكفان
يا حبذا عينان في غسق الدجـى
من خشية الرحمن باكيتان

وللصاحب بن عباد:
قد تعدَّوا على الصيام وقالوا
حرم العبد فيه حسن العوائد
كذبوا في الصيام للمرء مهما
كان مستيقظًا أتم الفوائــد
موقف بالنهار غير مريـب
واجتماع بالليل عند المساجد

وأنشد القاضي أبو الحسن ابن النبيه:
حبذا في الصيام مئذنة الجامع
والليــــــــــــل مسبـــل إزباله ْ
خلتها والفانوس إذا رفعته
صائدًا واقفًا لصيد الغزالةْ

*صوم الجوارح*
وفي شهر الصيام ، تصوم الجوارح كلها عن معصية الله تعالى ، فتصوم العين بغضها عما حرم الله النظر إليه، ويصوم اللسان عن الكذب والغيبة والنميمة ، وتصوم الأذن عن الإصغاء إلى ما نهى الله عنه ، ويصوم البطن عن تناول الحرام ، وتصوم اليد عن إيذاء الناس، والرجل تصوم عن المشي إلى الفساد فوق الأرض .
وفي ذلك يقول أبو بكر عطية الأندلسي :

إذا لم يكن في السمع مني تصامـــم
وفي مقلتي غض، وفي منطقي صمت
فحظي إذن من صومي الجوع والظما
وإن قلت : إني صمت يوما فما صمت

ويقول الصابي في الذي يصوم عن الطعام فقط ويدعو إلى التخلي عن العيوب والآثام :


يا ذا الذي صام عن الطعام
ليتك صمت عــن الظــلم
هل ينفع الصوم امرؤ طالما
أحشاؤه مــلأى مــن الإثم

ويؤكد أحمد شوقي ذات المعنى فيقول :

يا مديم الصوم في الشهر الكريم
صم عن الغيبة يوما والنمـيم

و قال أيضا:
وصلِّ صلاة من يرجو ويخشى
وقبل الصوم صم عن كل فحشا

ولقد ذم بعض الشعراء ذلك الصنف من الموسرين البخلاء في رمضان والذين لم يعودوا أنفسهم على الجود والكرم والعطاء ، وفي هذا يقول الشاعر علي الجارم الذي نزل ضيفا عند أحد البخلاء فهجاه بقوله :


أتى رمضـان غير أن سـراتنا
يزيـدون صومـا تضيق به النفـس
يصومون صوم المسلمين نهاره
وصوم النصارى حينما تغرب الشمس

*ريح المسك*
وإذا كان الجوع سببا من أسباب رائحة الفم الكريهة ، فإن ريح فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، كما حدَّث بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم . وفي هذا المعنى يقول الشاعر الكبير " محمد حسن فقي "في قصيدة زادت أبياتها على 150 بيتا ، نظمها بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك :

رمضان في قلبي هماهم نشـــــــوة
من قبل رؤية وجهك الوضــاء
وعلى فمي طعم أحسّ بأنــه الكتاب ولا تنم
من طعم تلك الجنة الخضــراء
لا طعم دنيانا فليس بوسعــها بغتــــة
تقديم هذا الطعم للخلـفــــاء
ما ذقتُ قط ولا شعـــــرت بمثلـــه
ألا أكون به من السعــــداء

* ترقب صوت المؤذن*


يصور مشهد الصائمين المترقبين صوت المؤذن منتظرين في خشوع ورهبة نداءه فيقول:

جعلت الناس في وقت المغيــب
عبيد ندائك العاتي الرهيـب
كما ارتقبوا الأذان كأن جرحــا
يعذبهم ، تلفَّت للطبيـــب
وأتلعت الرقاب بهم فلاحـوا بغتة
كركبان على بلد غريــب
عتاة الأنس أنت نسخت منهــم
تذلل أوجه وضنى جنـوب


وبأسلوب النثر الأدبي

يرسم لنا طه حسين لحظات الإفطار فيقول :
فإذا دنا الغروب وخفقت القلوب وأصـــــغت الأذان لاستماع الآذان ..
وطاشت نكهـــــة الطعـــــام بالعقـــول والأحــــلام ..
فترى أشداقا تنقلب وأحداقا تتقلب بين أطباق مصفوفة وأكواب مرصـوفة..
تملك على الرجل قلبه وتسحر لبه بما ملئت من فاكهة وأترعت من شراب ..
الآن يشـــق السمع دوي المدفـع ، فتنظر إلى الظماء وقد وردوا الماء ..
وإلى الجياع طافوا بالقصاع ..
تجد أفواهاً تلتقم وحلوقا تلتهم..
وألوانا تبيد وبطونا تستزيد..
ولا تزال الصحـــائف ترفع وتوضــع والأيــدي تذهب وتعود ..
وتدعــــو الأجواف قدني .. قدني .. وتصيح البطون قطني .. قطني ..
ومع تعــدد أصناف الطعـــام على مائدة الفطـــور في رمضان ..
فإن الفــول المدمــس هو الصنف الأهم والأكثــر ابتعــاثا للشهية.

* مناجاة رمضان*


يناجي الشاعر أحمد مخيمر رمضان قائلا :

أنت في الدهر غرة وعلـى الأر
ض سلام وفي السماء دعـــاء
يتلقاك عند لقيـــاك أهل الـ
ـبر والمؤمنون والأصفيـــاء
فلهم في النهار نجوى وتسبيــ
ـح وفي الليل أدمــع ونــداء
ليلة القدر عندهم فرحة العمـ
ـر تدانت على سناها السمــاء
في انتظار لنورها كل ليـــل
يتمنى الهدى ويدعو الرجـــاء
وتعيش الأرواح في فلق الأشوا
ق حتى يباح فيــها اللقـــاء
فإذا الكون فرحة تغمر الخلــ
ــق إليه تبتـل الأتقيــــاء
وإذا الأرض في سلام وأمــن
وإذا الفجر نشـــوة وصفــاء
وكأني أرى الملائكة الأبـــ
ــرار فيهـا وحولها الأنبيــاء
نزلوا فوقها من الملأ الأعلــ
ـى فأين الشقـاء والأشقـياء ؟

* وفي رمضان تتجه النفوس إلى الله بخشوع وإيمان*

وفي ذلك يقول الشاعر مصطفى حمام:

حدِّثونا عن راحة القيد فيـه
حدثونا عن نعمة الحرمـان
هو للناس قاهر دون قهــر
وهو سلطانهم بلا سلطـان
قال جوعوا نهاركم فأطاعـوا
خشعا ، يلهجون بالشكران
إن أيامك الثلاثين تمضــي
كلذيذ الأحلام للوسنـــان
كلما سرني قدومك أشــجا
ني نذير الفراق والهجـران
وستأتي بعد النوى ثـم تأتي
يا ترى هل لنا لقاء ثـان؟

* الدعوة إلى الاعتدال في الطعام*

وفي رمضان نرى كثيرا من الصائمين يقضون فترة المساء في تناول مختلف الأطعمة، ويحشون معدتهم بألوان عدة من الطعام ، وقد يأكلون في شهر الصيام أضعاف ما يأكلون في غيره ، وأمثال هؤلاء لا يستفيدون من الصوم الفائدة المرجوة . وفي ذلك يقول الشاعر معروف الرصافي وهو يصف بعض الصائمين الذين يتهافتون على الطعام غير مبالين بالعواقب :


وأغبى العالمين فتى أكــول
لفطنته ببطنته انــــهزام
ولو أني استطعت صيام دهري
لصمت فكان ديـدني الصيام
ولكن لا أصوم صيام قــوم
تكاثر في فطورهم الطعــام
فإن وضح النهار طووا جياعا
وقد هموا إذا اختلط الظـلام
وقالوا يا نهار لئن تــجعنا
فإن الليل منك لنا انتـقـام
وناموا متخمين على امتـلاء
وقد يتجشئون وهم نــيام
فقل للصائمين أداء فــرض
ألا ما هكذا فرض الصـيام

* حلوى رمضان*

أما حلوى رمضان الخاصة مثل القطائف والكنافة فيقول فيها الشاعر المصري الفاطمي ابن نباتة:

رعا الله نعماك التي من أقلها
قطائف من قطر النبات لها قطر
أمد له كفي فاهتز فرحــــة
كما انتفض العصفور بلله القطر

ولبرهان الدين القيراطي قصيدة كتبها إلى القاضي نور الدين بن حجر والد القاضي شهاب الدين يقول فيها:
مولاي نور الدين ضيفك لم يزل
يروي مكارمك الصحيحة عن عطا
صدقت قطائفك الكبـــار حلاوة
بغمر وليس بمنكر صـــدق القطا

* فانوس رمضان*

ويبدو أن فانوس كان موضوعًا للكثير من قصائد شعرائنا.. فيقول علي بن ظافر الأديب المصري المتوفى 613هـ: اقترح بعض الحاضرين في مجلس الأديب أبي الحجاج يوسف بن علي أن ينشدهم شيئًا عن الفانوس -بقصد تعجيزه- فقال:

ونجم من الفانوس يشرق ضوؤه
ولكنــــه دون الكواكــــب لا يسري
ولـــم أر نجمًا قـــط قبل طلوعـه
بإذا غاب ينهى الصائمين عن الفطر

* رمضان والفصول الأربعة *

والمعروف أن شهر رمضان يدور على فصول السنة كلها مرة كل 33 عامًا، فيأتي في الصيف والشتاء والخريف والربيع، وبالطبع يكون أشد ما يكون في الصيف حين ترتفع درجة الحرارة، ويزيد شعور الصائمين بالظمأ كما يصف ذلك ابن الرومي مبالغًا:

شهر الصيام مبارك
ما لم يكن في شهر آب
خِفت العذاب فصمته
فوقعت في نفس العذاب

ويكمل المعنى نفسه شاعر آخر قائلاً:

اليـــوم فيه كأنـــه
من طوله يوم الحساب
خوالليل فيه كأنه
ليل التواصل والعتاب


*وداع شهر رمضان*

أما وداع رمضان فنجده في هذه القصيدة التي يصف فيها الشاعر كيف سيكون مآل الناس، وهل ستقبل أعمالهم عند رب العزة العظيم؟:


أي شــــهر قد تولى
يــــا عبــــاد الله عنــــا
حق أن نبكي عليـــه
بـــدماء لــــــو عقلنـــــا
كيف لا نبكي لشهر
مــــرَّ بالغفلـــــــة عنــــا
ثـــم لا نعلـــم أنـــّا
قــــد قُبلنــــا أم حُرمنــا
ليت شعري من هو
المحروم والمطرود منا

ويودع الشاعر الأبيوردي رمضان قائلاً:

صوم أغار عليه فطر
كالنجم بر سناه جمـــر
بِنْ يا صيام فلم تزل
فرعًا له الإفطار بحـــر
وله الشهـــور وإنما
لك من جميع الحول شهر
ما كنت أول راحـــل
ودعت بالزفرات جمـــر
لكالظعن ليلة فاح في
خيب التفرق منه عطـــر

* الترحيب العيد والتهنئة بقدومه*

ثم يأتي عيد الفطر وتبدأ التهاني بقدومه كما في قول شاعر الدولة الفاطمية تميم بن المعز:

أهنيك بالعيد الذي أنت عيده
ونور سنا إقباله حين يسطع

أما شاعر الدولة العباسية ابن المعز فيقول مهنئًا الخليفة:

لئن أتى العيد من لقياك في فرح
لقد مضى الصوم من منآك في ثكل
برزت فيه بروز الشمس طالعة
وقد أعاد الضحاء النفع كالطفـــل

ولمحمد بن الرومي:

ولما انقضى شــهر الصيام بفضله
تحلى هلال العيد من جانب الغرب
كحاجب شيخ شاب من طول عمره
يشير لنا بالرمز للأكل والشـــرب

ولابن قلاقس:


وهلال شــــوال يقول مصدقًا
بيدي غصبت النون من رمضان

ولابن المعتز:

أهلاً بفطر قد أتــاك هلالـــه
فالآن فاغد إلى السرور وبكِّر
فكأنما هو زورق من فضة
قد أثقلته حمولــــة من عنبر

ويهنئ الشاعر العباسي البحتري الخليفة المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد لصيام شهر رمضان ولحلول عيد الفطر:

بالبر صُمتَ وأنت أفضل صائم
وبسنـــة الله الرضية تُفطر
فــــانعم بعيـــــد الفطر عيدًا إنــه
يوم أغر من الزمان مُشهرُ

وفي التهنئة بالعيد ما كتبه ابن سكرة الهاشمي مهنئًا أبا الحسن محمد بن عمر:

أتــاك العيد مقتبلاً جديدًا
وجـــــدّك فيه مقتبل جـديد
تهني الناس بالأعياد فينا
وأنت لنا برغم العيد عيد

تحيـــــاتي
و دعواتكـــم
ور الـــروح دة
 
آخر تعديل:
حين كان الشعر مطية للدين وحين كان الادب مقصدا يبلغ به الغايات النبيلة وتشتشف منه الخلال والاخلاق الكريمة
كان الشعر شعرا
ويوم جرد وفصل بين الدين والدولة ههههههه باعتبار الشعر دولة ساح في الافاق ولم يهتد الشعر الى فلالالالاح
سلمت ياوردة الروح وأغناك الله وجعلك روضة من رياض الفلاح وكتب لك في الدارين النجاح
 
حين كان الشعر مطية للدين وحين كان الادب مقصدا يبلغ به الغايات النبيلة وتشتشف منه الخلال والاخلاق الكريمة
كان الشعر شعرا
ويوم جرد وفصل بين الدين والدولة ههههههه باعتبار الشعر دولة ساح في الافاق ولم يهتد الشعر الى فلالالالاح
سلمت ياوردة الروح وأغناك الله وجعلك روضة من رياض الفلاح وكتب لك في الدارين النجاح
العفو غاليتي
و شكرا على مرورك العطر
أطيب المنى
و أحلى سلام لقلبك الياسميني
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top