من انـامل احلامـ مستغـانمـــــي

لا تنتظري امتناناً من حبيب ، فقد تفاجئين بعكس ما تتوقّعين . قد يشكّ فيك من أخلصت له كعمياء ، وقد يثق آخر بامرأة خانته بذكاء .
الوفاء على أيّامنا « شطارة » !
فالعجيب حقًّا ، أنّ رجلنا يطمئنّ إلى النساء الكاذبات وذلك بسبب معاناته من عقدة الدّيك العربي . إنّه يصدّق كلّ ما يودّ سماعه من امرأة ، لأنّه يحتاج إلى أن يسمع تلك الأكاذيب بالذات .
كلّما ازدادت ألاعيبها ازداد وثوقًا بها . إنّه لا يكون في حالة استنفار إلاّ مع المرأة الصادقة . صدقها يوقظ شكوكه عن تذاكٍ ، فيتحوّل إلى مدقّق ومحقّق ، واثقًا بأنّ ما لم تقله أعظم .
في هذا التذاكي بالذات ، كثيرًا ما يخسر الرجل المرأة التي تحبّه ، ليسلّم نفسه لمن تضحك عليه .
 
الوقت " لا "..
في بهو الحزن الفاخر ، تعلّمي الإحتفاء ليلاً بالألم.. كضيف مفاجئ .
هو ألم فقط.. فلا تستعدي له كما لو كان دمعك الأول .
متأخّر هذا البكاء ، لحزن جاء سابقا لأوانه ، كوداع .
فالوقت وداع ..
يقول الحب : ألو.. " نعم "
وتجيب الحياة : ألو " لا " . والملح يتسرب عبر خط الهاتف يجتاحنا . بين إستبداد الذاكرة ، وحياء الوعود . تتابع الأشياء رحلتها.. دوننا .
" فوضى الحواس "​
 
الوقت قدر..
يغلق البحر قميصه . يتفقد ليلاً أزرار الذكرى . يغلقها أيضاً بإمعان ، حتى لا يتسرب الملح إلى الكلمات .
ثم يرتدي صوته الأجمل . يدير أرقام هاتف.. يسأل :
وتجيب إمرأة :
- ألو نعم !
الوقت ألم..
لماذا نحن نقول دائما "نعم" عندما نرد على الهاتف.. حتى عندما يكون الوقت " لا " ؟ " فوضى الحواس "


 
هنالك مدن كالنساء ، تهزمك أسماؤها مسبقاً .
تغريك وتربكك ، تملأك وتفرغك ، وتجرّدك ذاكرتها من كل مشاريعك ، ليصبح الحب كل برنامجك . هنالك مدن لم تخلق لتزورها بمفردك . لتتجول وتنام وتقوم فيها ، وتتناول فطور الصباح وحيداً . هنالك مدن جميلة كذكرى ، قريبة كدمعة ، موجعة كحسرة​
 
كي لا تحزن حزناً كاملاً . .

" خذ من كلّ شيء نصفه حتى إذا ما فقدته فإنك لن تحزن حزناً كاملاً " . عدت إلى هذه النصيحة مجدّداً ، بعدما عثرت عليها بين أوراقي . فنسختها على مفكرّة العام الجديد ، لعلِّي أتذكرّها قبل أن أدخل في رهانات خاسرة مع الحياة ، و أنسى نصيحة أخرى لأندريه مالرو " لا تهيّئ أفراحك " . فالخيبات الكبرى تأتي دائماً على سجاد فاخر فرشناه لاستقبال السعادة .
قرّرت إذن أن أبدأ العام بأنصاف الأمنيات ، كي أضمن على الأقل أنصاف الأفراح . أن أعتبر الأصدقاء أنصاف أصدقاء ،كي لا أفاجأ بعداوتهم في آخر المطاف ، و الأيام أنصاف أيام ، كي لا يغدر بي الوقت ، وأكتشف قبل الرحيل بقليل ، أنني أهدرته ، اعتقاداً منّي أنني كنت أمتلكه كلّه.
أن تكون لي أنصاف أحلام ، حتى لاتخيّب ظني الأحلام جميعها ، وأجدني عند الاستيقاظ من أوهامي ممسكة بأضغاث أحلام .
ألا آخذ مماّ يقال لي من كلمات ، إلاّ نصفها ، كي لا أعود من الوعود الجميلة ، ولا شيء معي " سوى كلمات ليست كالكلمات​
 
كي لاتحزن حزناً كاملاً . . (2)

عملاً بتلك النصيحة ، قرّرت أن أُقلع عن دندنة أغنية أم كلثوم " الحبّ كُلّو حبّيتو فيك . . الحبّ كلّو "
فبعد جردة للعمر كُلّو ، يبدو الحبّ كُلّو على مدى العمر كلّو لشخص واحد كثير عليه . ففي الأمر خسارة فادحة ، إن أنت أعطيته قلبك كاملاً ، ووقتك كاملاً ، وحاضرك وغدك ، ثمّ خسرت الكلّ بخسارته .
أن تذهب " بكلّك " إلى الحبّ ،لا يقلّ سذاجةً عن ذهابك إلى البحر ، على لوح خشبيّ للتزلّج على الأمواج العاتية ، مُعتقداً أنّ شيئاً منك سيعود سالماً بعد العاصفة . ذلك أنّ البحر لن يأخذك بالتقسيط !
غالباً ما يُعطي الحبّ أكثر، لمن وهب الأقل . ضحايا الحبّ ، يشقون بكرمهم العاطفي ، وسخاءٍ مرضيّ لا شفاء منه . ذلك أنّ الحبّ يتآمر على العشّاق ، بجعلهم في حالة جوع دائم إلى المزيد . فحتى" الكلّ " أقلّ مما يقبل به عاشق يصبو إلى الانصهار مع من يحبّ. وفي ذلك الحلم المستحيل يكمن هلاك العشّاق .
فبعد الانصهار . . يأتي زمن الإنفصال و الانشطار! ويكتشف الصادقون والسذّج حينها ، أنّ في تلك القسمة غير العادلة ، من أحبّ الأكثر يجد نفسه قد خسر الكلّ . . لا نصفه الآخر فحسب !



 
قلاعك ….
رفعتُها حجراً حجراً من صرح كلماتي .
لذا عندما تهاويتَ من علوّك ، لم أحزن.
وحده الكاتب يمكنه أن يصنع من أنقاض أوهامه
قصراً في كتاب .
الكتابة " إعادة استعمال " لحُطام الأحلام
وجمعٌ دائم للأصداف الفارغة المشطورة إلى نصفين
التي تُلقي بها أمواج الخذلان إلى شواطئ القلب .
ما يحزنني ، أنني مذ أحببتُ سواك
فقدتُ عادة لملمتك على ورق .


 
ليس البكاء شأنا نسائيا .
لا بد للرجال أن يستعيدوا حقهم في البكاء ، أو على الحزن إذن أن يستعيد حقه في التهكم .
وعليك أن تحسم خيارك : أتبكي بحرقة الرجولة ، أم ككاتب كبير تكتب نصا بقدر كبير من الاستخفاف والسخرية ! فالموت كما الحب أكثر عبثية من أن تأخذه مأخذ الجد​
 
عليك الآن أن تردع نزعتك للحزن ، كما لجمت مع العمر نزعتك الى الغضب ، أن تكتسب عادة التهكم والضحك في زمن كنت تبكي فيه بسبب امرأة ، أو بسبب قضية ، أو خيانة صديق .
مرة أخرى ، الموت يحوم حولك إيغالا بالفتك بك ، كلؤم لغم لا ينفجر فيك ، وإنما دوما بجوارك . يُخطئك ، ليُصيبك حيث لا ترى ، حين لا تتوقع . يلعب معك لعبة نيرون ، الذي كان يضحك ، ويقول أنه كان يمزح كلما انقضَّ على أحد أصحابه ليطعنه بخنجره فأخطأه .
اضحك يا رجل ، فالموت يمازحك ما دام يخطئك كل مرة ليصيب غيرك!​
 
حين نكون تُعساء ندرك تعاستنا ، ولكن عندما نكون سُعداء لا نعي ذلك إلاّ فيما بعد . إن السعادة اكتشاف متأخر .
لذا علينا أن نعيشها كلحظة مهدّدة . وأن نعي أن اللّذة نهب .. والفرح نهب .. والحبّ وكل الأشياء الجميلة ، لا يُمكن إلّا أن تكون مسروقة من الحياة أو من الآخرين​
 
ركوة قُبلتك الصباحيّة
قهوة لفمَين
أغرق فيها كقطعة سُكر
أرتشفها بهال الشُكر
حمدًا لك
يا من وضعت إعجازك في شفتين
وجعلتهما حكرًا عليَّ​
 

أغــــــــار
مِن عطر قد يُشبه عطري
يتربّص بكَ فـي مصعد
مِن امرأة لها شيء منّي
تجلس جوارك على مقعد
مِن لقطة حُـبّ
مِـن مشهَد
على قنوات الضجر الليلية
قــد يُغريـك بغيــري

تَصَــــوّر
أن أغـــار مِـن أشـياء
لم تحدُث لك بعــد !​
 
هُنالك مواسم للبكاء الذي لا دموع له ..
هُنالك مواسم للكلام الذي لا صوت له ..
هُنالك مواسم للحزن الذي لا مبرر له ..
هُناك مواسم للمفكرات الفارغة ..
والأيام المتشابهة البيضاء ..
هُنالك أسابيع للترقب وليالٍ للأرق ..
وساعات طويلة للضجر ..
هُنالك مواسم للحماقات .. وأخرى للندم ..
ومواسم للعشق .. وأخرى للألم ..
هُنالك مواسم .. لاعلاقة لها بالفصول ..
**
**
هُنالك مواسم للرسائل التي لن تُكتب ..
للهاتف الذي لا يدق ..
للاعترافات التي لن تقال ..
للعمر الذي لا بد أن ننفقه في لحظة رهان ..
هُنالك رهان نلعب فيه قلبنا على طاولة القمار ..
هُنالك لاعبون رائعون يمارسون الخسارة بتفوق ..
**
**
هُنالك بدايات السنة أشبه بالنهايات ..
هُنالك نهايات أسبوع أطول من كل الأسابيع ..
هُنالك صباحات رمادية لأيام لا علاقة لها بالخريف ..
هُنالك عواصف عشقيه لا تترك لنا من جوار
وذاكرة مفروشة لا تصلح للإيجار ..
**
**
هُنالك قطارات ستسافر من دوننا ..
وطائرات لن تأخذنا أبعد من أنفسنا ..
هُنالك في أعماقنا ركن لا يتوقف فيه المطر ..
هُنالك أمطار لا تسقي سوى الدفاتر..
هُنالك قصائد لن يوقعها الشعراء ..
هُنالك ملهمون يوقعون حياة شاعر ..
هُنالك كتابات أروع من كاتبها ..
هُنالك قصص حب أجمل من أصحابها ..
هُنالك عشاق أخطئوا طريقهم للحب ..
هُنالك حب أخطأ في اختيار عشاقه ..
**
**
هُنالك زمن لم يخلق للعشق ..
هُنالك عُشاق لم يخلقوا لهذا الزمن ..
هُنالك حُب خلق للبقاء ..
هُنالك حُب لا يبقي على شيء ..
هُنالك حُب في شراسة الكراهية ..
هُنالك كراهية لا يضاهيها حب ..
هُنالك نسيان أكثر حضوراً من الذاكرة ..
هُنالك كذب أصدق من الصدق ..
**
**
هُنالك أنا
هُنالك أنت
هُنالك مواعيد وهمية أكثر متعة من كل المواعيد..
هُنالك مشاريع حب أجمل من قصة حب ..
هُنالك فراق أشهى من ألف لقاء ..
هُنالك خلافات أجمل من أي صلح ..
هُنالك لحظات تمر عمراً ..
هُنالك عمر يحتضر في لحظة ..
هُنالك أنا .. وهنالك أنت ..
هُنالك دائماً مستحيل ما يولد مع كل حب

 
اشتقت إليك
تدفعني أفراح الآخرين إليك
اليوم صباح عيد، وأنا أصبحت أخاف الفرح
لأننا نصبح أنانيين عندما نفرح
يجب أن أحزن قليلاً كي أظلّ معك
ثم إنّ الفرح لا يلهمني
وأنا أريد أن أكتب شيئاً على ورق مدرسي
أكره أن أترك كلماتي على البطاقات المستوردة للاعياد
أشكالها الفرحة.. تعمّق حزني.
***
لو كتبت لك بطاقة في بداية هذه السنة لقلت:
"لأنك...
ولأنني...
أتمنى أن..."
وكان لا بدّ أن تملأ أنت الفراغ..
أؤمن أن مهمة الرجل ملء الفراغ
الفراغ الأرضيّ
الفراغ الكونيّ
الفراغ في قلب امرأة
الفراغ في جسمها
***
يحدث أن أمتلئ بك..
يوم حدث هذا وضعت حدّاً للحزن المسالم
وبدأت أجمع صور الشهداء
يوم حدث هذا.. قلت أنك قادر على إمتلاكي
الآن ترحل.
...
كنت رصيف فرح
الآن يجب أن أتعوّد الوقوف على أرصفة أخرى
سأذكرك
تعلّمت معك أن أعود إلى طفولتي
أن أحبّ البسطاء
أن أرتب خريطة هذا الوطن
وأقف في صفّ الفقراء
 
لا تحبي...اعشقي

لا تنفقي ...أغدقي

لا تصغري ....ترفعي

لا تعقلي ....افقدي عقلك

لا تقيمي في قلبه...بل تفشي فيه

لا تتذوقيه ..بل التهميه

لا تكوني امامه....بل خلفه

لاتكوني عذره ..بل غايته

لا تكوني عشيقته ..بل زوجته

لا تكوني ممحاته ...بل قلمه

لا تكوني واقعه...ظلي حلمه

لا تكوني دائماً سعادته...كوني أحياناً ألمه

لا تكوني مُتعته...بل شهوته

كوني أرقه وأميرة نومه

لا تكوني سريره كوني وسادته

كوني بين النساء اسمه ذكرياته ومشروعات غده

لا تكوني ساعته كوني معصمه ولا وقته...بل زمن
 
كانت تلك أول مرة سمعت فيها اسمكِ..
سمعته وأنا في لحظة نزيف بين الموت والحياة،
فتعلقت في غيبوبتي بحروفه، كما يتعلق محموم في لحظة هذيان بكلمة..
كما يتعلق رسول بوصية يخاف أن تضيع منه.. كما يتعلق غريب بحبال الحلم.
بين ألف الألم وميم المتعة كان اسمك. تشطره حاء الحرقة.. ولام التحذير.

 
كنت تتقدمين نحوي، وكان الزمن يتوقف انبهاراً بك.
وكأن الحب الذي تجاهلني كثيراً قبل ذلك اليوم..
قد قرر أخيراً أن يهبني أكثر قصصه جنوناً..

 
لست من الحماقة لأقول إنني أحببتك من النظرة الأولى.
يمكنني أن أقول إنني أحببتك، ما قبل النظرة الأولى.
كان فيك شيء ما أعرفه. شيء ما يشدني إلى ملامحك المحببة إلي مسبقاً
وكأنني أحببت يوماً امرأة تشبهك. أو كأنني كنت مستعداً منذ الأزل
لأحب امرأة تشبهك تماماً.

 
كان يعتقد أنّه يمتلك ثقافة البهجة ، بينما تملك هي ثقافة الحزن ، ولا أمل في انصهار النار بالماء . فكيف انقلبت الأدوار ، وإذ بها هي من يشتعل فرحًا ، بينما شيء منه ينطفئ ، وهو يتفرّج عليها تغنّي ؟
ربما كان يفضّل لو خانته مع رجل ، على أن تخونه مع النجاح . النجاح يجمّلها ، يرفعها ، بينما اعتقد أنه حين ألقى بها إلى البحر مربوطة إلى صخرة لامبالاته ، ستغرق لا محالة .


" الأسود يليق بكِ "
 
هو .. رجل الوقت عطرًا . ماذا تراها تفعل بكل تلك الصباحات دونه ؟ وثمة هدنة مع الحب ، خرقها حبه . ومقعد للذاكرة ، ما زال شاغراً بعده . وأبواب مواربة للترقّب . وامرأة .. ريثما يأتي ، تحبّه كما لو أنه لن يأتي. كي يجيء .


لو يأتي.. هو رجل الوقت شوقًا . تخاف أن يشي به فرحها المباغت ، بعدما لم يشِ غيرُ الحبر بغيابه .


أن يأتي ، لو يأتي .


كم يلزمها من الأكاذيب ، كي تُواصل الحياة وكأنّه لم يأتِ ! كم يلزمها من الصّدق ، كي تقنعه أنها انتظرته حقّاً !


" فوضى الحواس

 
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom