السؤال الثالث من المرحلة الأولى:
ما معنى العبد و العبادة؟ أذكر كلام أهل العلم في ذلك.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته شكرا أخي على التقيم
أما إجابة على سؤالك الدي طرحت و تفصيلا في الاجابة يشرفني أن أطرح عليكم محاضرة لشيخ عزيز بن فرحان العنزي مدير مركز الدعوة و الارشاد السعودي عنوانها فائدة في معنى العبادة و العبد و أنواع العبودية
إن حقيقة العبادة لغة: هي الخضوع والذل، يقال طريق معبد:مذلل من كثرة وطء الأقدام عليه.
والعبادة شرعا تعرف باعتبار شمولها لأفراد كثيرة بأنها: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من
الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ، والبراءة مما ينافي ذلك ويضاده .
وتعرف باعتبار حقيقتها بأنها : التذلل لله تعالى بفعل أوامره واجتناب نواهية محبة وتعظيما
(أي خوفا ورجاء) ولايكون العمل عبادة حتى يجتمع فيه كمال الحب مع كمال الذل ، قال الله تعالى : ( والذين آمنوا أشد حباً لله ) [ البقرة : 165 ] وقال تعالى : ( إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون ) [ المؤمنون : 57 ] وقد جمع الله تعالى بين ذلك في قوله : ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين ) [ الأنبياء : 90 ] .
وأركان العبادة القلبية الثلاث هي المحبة والخوف والرجاء وقد استنبط الشيخ محمد ابن
عبدالوهاب رحمه الله تعالى من سورة الفاتحة هذه الثلاث ففي قوله تعالى

الحمدلله رب العالمين) يدل على محبة الله سبحانه لأنه منعم ، والمنعم يحب على قدر إنعامه ، وقوله تعالى

الرحمن الرحيم) يدل على الرجاء في رحمته سبحانه لأنه رحمان واسع الرحمة رحيم يوصل رحمته إلى من
يشاء من عباده ، وقوله تعالى

مالك يوالدين) يدل على الخوف من الله جل جلاله لأنه مالك يوم الدين ، يوم الحساب والجزاء ، يوم يحاسب الإنسان على عمله ، ثم قال رحمه الله تعالى

(إياك نعبد) أي أعبدك يا رب بما مضى بهذه الثلاث : بمحبتك ورجائك ، وخوفك . فهذه الثلاث
أركان العبادة ، وصرفها لغير الله شرك . وفي هذه الثلاث الرد على من تعلق بواحدة منهن ، كمن تعلق بالمحبة وحدها أو تعلق بالرجاء وحده أو تعلق بالخوف وحده ، فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك .وفيها من الفوائد الرد على الثلاث الطوائف التي كل طائفة تتعلق بواحدة منها ، كمن عبد الله تعالى بالمحبة وحدها ، وكذلك من عبد الله بالرجاء وحده كالمرجئة ،وكذلك من عبد الله بالخوف وحده كالخوارج ).اهـ مجوع رسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى
والعبد يطلق ويراد به المعبد : وهو المذلل المسخر فهو بهذا المعنى شامل لجميع المخلوقات ، من العوالم العلوية والسفلية من عاقل وغيره ، ورطب ويابس ومتحرك وساكن ، وظاهر وكامن ، ومؤمن وكافر ، وبر وفاجر ، وغير ذلك . الكل مخلوق لله عز وجل مربوب له ، مسخر
بتسخيره ، ومدبر بتدبيره ، ولكل منها رسم يقف عليه ، وحد ينتهي إليه ، كل يجري لأجل
مسمى لا يتجاوزه مثقال ذرة ( ذلك تقدير العزيز العليم ) وتدبير العدل الحكيم ،
ويطلق العبد ويراد به العابد المحب المتذلل ، فذلك خاص بالمؤمنين الذين هم عباده
المكرمون وأولياءه المتقون ، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .
والعبودية نوعان: عامة وخاصة كما ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرح العقيدة
الواسطية :فالعامة: هي الخضوع لأمر الله الكوني؛ كقوله تعالى : (ِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً) (مريم:93).
والعبودية الخاصة : هي الخضوع لأمر الله الشرعي، وهي خاصة بالمؤمنين ؛ كقوله تعالى): وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً )(الفرقان: من الآية63)، وقوله : (تَبَارَكَ الَّذِي
نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ )(الفرقان: من الآية1)وهذه أخص من الأولى
وعلامة محبة العبد ربه عز وجل أن يحب ما يحبه الله تعالى ، ويبغض ما يسخطه ، فيمتثل أوامره ويجتنب نواهيه ، ويوالي أولياءه ، ويعادي أعدائه ، ولذا كان أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض فيه .
وقد عرف العباد ما يحبه الله ويرضاه بإرسال الله تعالى الرسل ، وإنزاله الكتب ، آمراً بما يحبه الله ويرضاه ، ناهياً عما يكرهه ويأباه ، وبذلك قامت عليهم حجته الدامغة ، وظهرت حكمته البالغة ، قال الله تعالى : ( رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )
[ النساء : 165 ] ، وقال تعالى : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ) [ آل عمران : 31 ] .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمدلله رب العالمين
شكرا بارك الله فيكم ووفقنا ووفقكم الله