بارك الله فيكم ونفع بكم
وردت آيات كثيرة وأحاديث كثيرة تُثبِت بأن الإيمان يزيد وينقص، والدليل قوله تعالى: (ويزداد الذين آمنوا إيمانا)، وقوله: (فزادتهم إيمانا). ومن السُنَّة قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع إليه فيها الناس أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن فإياكم إياكم ، والتوبة معروضة بعد). فهذا دليل صريح على أن الذنوب تُنقص الإيمان.
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ( يدخل أهل الجنة, الجنة وأهل النار, النار ثم يقول الله تعالى أخرجوا من في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون في نهر الحيا أو الحياة – شك مالك – فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل ألم ترى أنها تخرج صفراء ملتوية )
وكذلك ما جاء في حديث حنظلة الأُسيدي قال : " قلت : نافق حنظلة يا رسول الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : (وما ذاك ؟) قلت يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة ، حتى كأنّا رأي عين ، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ، نسينا كثيراً ، فقال صلى الله عليه وسلم : (والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر صافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة) رواه مسلم.
أما عن تفاضل أهل الإيمان فالأدلَّة كثيرة أيضا، فقد قال تعالى: (والسابقون الأولون)، وبداية سورة الواقعة فيها أدلة كثيرة، كقوله تعالى: (وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْئمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْئمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ)، وأيضًا في آخر السورة، والشواهد كثيرة في هذا الباب.
أما الذين يقولون أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ويقولون أن لا تفاضل بين أهل الإيمان هم المرجئة، وعقيدتهم في الإيمان تختلف على ما كان عليه السلف، والإرجاء في الشرع معناه تأخير العمل وإخراجه عن حقيقة الإيمان، فالمرجئة جردوا الإيمان من حقيقته وقالو أنه قول بلا عمل وقالوا أنه لا يزيد ولا ينقص، وقد انقسموا على فرقتين: مرجئة الفقهاء والجهمية، ومؤسس فرقة الإرجاء هو الجهم بن صفوان، وقال الفضيل بن عياض -رحمه الله- في تعريف المرجئة : (أهـل الإرجاء - إرجاء الفقهاء - يقولون : الإيمان قول بلا عمل، وتقول الجهمية: الإيمان المعرفة بلا قول ولا عمل، ويقول أهل السنة: الإيمان المعرفة والقول والعمل).
أكتفي بهذا القدر حتى لا تختلط الأمور على الإخوة والأخوات.
والله أعلم