بعدَ مُنتصفِ اللّيل {الجُزء الأخير}

لؤلؤة قسنطينة

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
13 أفريل 2013
المشاركات
14,618
نقاط التفاعل
54,535
النقاط
1,756
العمر
31
محل الإقامة
قسنطينة
الجنس
أنثى
do.php


السلام عليكم أهل اللمة الكرام عامة ومحبي القصص والروايات خاصة

أضع اليوم بين أيديكم الجزء الرابع والأخير من قصة "بعد منتصف الليل"
فقط للتذكير نوع هذه القصة هو غموض وخيال ورعب
ولمن اِلتحق بنا الآن يمكنكم من هنا قراءة الأجزاء السابقة

بعدَ مُنتصفِ اللّيل {الجُزء الأول}
بعدَ مُنتصفِ اللّيل {الجُزء الثّاني}

بعدَ مُنتصفِ اللّيل {الجُزء الثّالث}


do.php

{بعدَ مُنتصفِ الليل}
"الجزء الرابع"

ضربات قويّة كانت تصطدم بباب غرفة الصغيرة ومقبض الباب يرتفع وينخفض وكأن أحدهم يريد فتح الباب؛ مما جعلني أقف متوترة أترقب ما سيحدث وحتى الصغيرة وقفت مقابلة للباب وهي تحتضن لعبتها بفزع، فجأة فُتح الباب بقوّة وظهر من خلفه الأم والأب، "ألم أخبركِ أن لا تغلقي الباب؟ لأن هنالك خللا بالمقبض ولم أصلحه بعد وهذا قد يؤدي إلى سدّ الباب وقد نضطر لكسره لإخراجك لذلك لا تغلقيه مجددا مفهوم؟" أنب الأب ابنته التي لم تُجب بكلمة وبقيت تومئ برأسها موافقة على كلامه ثم اِقترب شيئا فشيئا مني مما دفعني للاِبتعاد جانبا وأغلقَ ستائر النافذة بعدما ألقى نظرة خاطفة على هديته النائمة بداخلها، أما الأم فكانت تحمل بين ذراعيها فستانا فاتنا أبيضا طويل الأكمام وقدّمته لصغيرتها باِبتسامة عذبة تزيّن وجهها "تفضلي عزيزتي هذا هو فستانكِ يمكنكِ اِرتداؤه للاِحتفال الليلة بعيد ميلادك" حملته الصغيرة بين ذراعيها وأخذت تدور حول نفسها سعيدة به، اقترب منها والدها وقبّل خدّها ثم جلس على ركبتيه مقابلًا لها وأمسك ذراعيها بلطف كأنه يريد قول شيء لها "عزيزتي؛ سنذهب أنا وأمك للمستشفى لأن جدتكِ مريضة ولكن أعدكِ أننا سنعود باكرًا وقبل منتصف الليل لنحتفل بعيد أميرتي الصغيرة؛ اتفقنا؟" ظهرت ملامح الحزن والخيبة على وجه الصغيرة فبرنامج الحفلة هذه المرة اتّخذ مجرًا آخر "هل يمكنني الذهاب معكم؟" رفع الأب يده وهو يرتب خصلات شعر صغيرته المتناثرة على جبينها وكأنه يحاول كسب رضاها "لا يمكنكِ القدوم معنا يا حبيبتي فالمستشفى ليس للأطفال؛ وإن أخذناكِ معنا فمن سيجهز الغرفة من أجل الحفلة؟ يجب أن يبقى أحدنا في البيت ليرتب الدّمى الجميلة ويضع الزينة وأنتِ أفضل شخص يمكنه القيام بهذه المهمة ولا تنسي اِرتداء هذا الفستان الجميل أريد أن أرى أميرتي في أجمل حلة عند عودتي؛ اِتفقنا؟" ابتسمت الصغيرة ببراءة وأومأت برأسها موافقة فقد أدت كلمات الأب مفعولها فاحتضنها والدها بكل قوّة ثم طبع قبلة على خدّها وغادر الغرفة هو وزوجته تاركيْن الباب مفتوحا والصغيرة واقفة وهي تراقبهما بصمت، "أنانيون تركوني ورحلوا" صدرت تمتمات من تلك الصغيرة ثم تلتها ضحكات خافتة ليُغلق بعدها باب الغرفة بكلّ قوته ثم ارتفعت الصغيرة عن الأرض قليلا كأنها تطير؛ اِبتلعت ريقي بصعوبة بعدما أدركت أنا الواقفة قبلي لم تعد تلك الصغيرة البريئة بل تحولت لوحش مفترس قادر على اِلتهامي في أي لحظة وبفعل لا إرادي اِنسحبتُ للخلف ونسيت أنني قريبة من النافذة وأنه يمكنني الاندماج مع جدران البيت والخروج للجهة المقابلة فتداخل جسدي مع جدار النافذة وسقطت للخلف ولكن هذه المرة في فوهة عميقة مظلمة.

فتحتُ عينيّ ببطء شديد فوجدت نفسي أنام أرضا في غرفة مظلمة إلّا من ضوء خافت صادر من الرواق المقابل؛ وقفت بصعوبة عن الأرض وذهبت باتجاه ذلك الضوء المنبعث من الرواق "يبدو أنني لا أزال داخل البيت ولكن هذه المرّة في الطابق الأرضي؛ وكأن الزمن يعيد نفسه" اقتربتُ أكثر بجسدٍ منهك وعقلٍ مازال يريد اِكتشاف الحقيقة التي أصبحت متأكدة أنها قريبة وما زاد يقيني بذلك دقات الساعة المفاجئة التي قمت بعدها واحدة تلو الأخرى وكانت اِثنتي عشرة دقّة، وقفت للحظة داخل الرواق وكأنني أحاول استجماع كلّ قوتّي فبعد دقات الساعة أكيد سيحدثُ أمر ما ولن يكون جيّدا بالتأكيد ويجب أن أكون مستعدة لذلك؛ وفجأة فُتح الباب المؤدي للرواق الرئيسي وللطابق الثاني مما جعلني أنتفض فزعا ثم ظهرت منه الصغيرة أمل ولكن هذه المرة لم تكن ترتدي فستانها الزهري بل كانت ترتدي الفستان الأبيض الذي قدمته لها والدتها، دخلت الصغيرة للمطبخ بعد أن أنارت المصباح ولحقتُها بسرعة بعدما عادت الطمأنينة لقلبي لأرى ما الذي أتى بها في هذا الوقت المتأخر من الليل؛ كانت الصغيرة تحوم داخل المطبخ وكأنها تبحث عن شيء ما ثم فتحت درج الخزانة وبعد بحث بداخله أخرجت علبة كبريت وكيسا به شموع ملونة ثم وضعتهما داخل جيب فستانها ثم اِلتفتت لعلبة الكعكة الموضوعة على طاولة الطعام واقتربت منها وحاولت حملها ولكنها لم تستطع وخشيت أن توقعها فابتعدت قليلا وهي تفكر في طريقة لحملِ هذه الكعكة ثم اقتربت من الطاولة مجددا وألصقت جسدها بها وقربت علبة الكعكة وأسندت جزءا منها على صدرها واحتضنت الأجزاء الباقية بذراعيها ثم خرجت من المطبخ وذهبت باتجاه الطابق الثاني وهي تتمايل يمينا وشمالا خشية أن تسقط، تبعتها بسرعة وأنا أراقب زوايا البيت كلها مستغربة من الهدوء المخيم عليه "يبدو أنه لا أحد هنا" دخلت الصغيرة لغرفتها ودخلت بعدها، كانت سلاسل الزينة الملونة تملأ الغرفة كلّها بعضها ملقًا على الأرض وبعضها معلّق على طرف باب الخزانة والبعض الآخر مرميّ على الكراسي؛ للحظة شعرت برغبة في الضحك بعد رؤية هذا التزيين الغريب وما زاد الأمر طرفة هي مجموعة الدّمى الجالسة على الكرسيّ كأنهم ضيوف شرف؛ "يبدو أن والديّ سيتأخران لأن وضع جدتي اِزداد سوءا لذلك سنحتفل بمفردنا" أخذت الصغيرة تكلّم الدّمى بعدما وضعت الكعكة على طاولة صغيرة تتوسط غرفتها ثم رفعت الغطاء عنها وأخرجت كيس الشموع الصغيرة الملونة وأخذت تغرس ثمانية شموع داخل الكعكة، كان شكل الشموع المائلة مضحكا ولكن طريقة تزيين الصغيرة للكعكة ببراءة كانت تستحق المشاهدة؛ أخرجَت بعدها علبة الكبريت من جيبها وأشعلت عود الكبريت محاولة من خلاله إشعال الشموع ولكنها كلّما قربت عود الكبريت من الشمعة إلا وينطفئ حاولت مرة ثانية وثالثة ولكن كان هنالك تيار هوائي يتسلل من الباب لينفُخ بمرح على عود الكبريت فيطفئه، قامت الصغيرة من مكانها متذمرة وأغلقت باب الغرفة لتمنع حدوث أي شيء يعكر صفو هذه الحفلة ثم أشعلت عود الكبريت مجددا وأخذت تشعل الشموع واحدة تلو الأخرى وقبل أن تلامس شعلة الكبريت أصابعها الصغيرة رمته بسرعة فوق الطاولة ونفخت عليه لإطفائه ثم اِلتفتت لكعكتها وبدأت الاِحتفال "عيد ميلاد سعيد عيد ميلاد سعيد عيد ميلاد سعيد أمل عيد ميلاد سعيد" نفخت الصغيرة على الشموع كلها ثم صفقت بحرارة وهي سعيدة وشاركتُها كذلك التصفيق وأنا أبتسم فحضور حفلة ميلاد كهذه يدعو للابتهاج، بحثت الصغيرة على الطاولة عن سكين تقطع به الكعكة ولكنها نسيت إحضاره من المطبخ عندها اِختطفت شريحة تفاح وأكلتها وسحبت القليل من الكْريمة بإصبعها ووضعتها داخل فمها وهي تبتسم بفرح كان منظرها جميلا وبريئا ويدعو للاِطمئنان ولكن كان هنالك ما يعكر هذه اللحظات الجميلة؛ دخان خفيف لمحته فجأة من خلف الصغيرة مما دفعني للتأكد وهناك كانت الفاجعة "عود الكبريت ! السجادة تحترق" اقتربت من الصغيرة حاولت لفت انتباهها ولكنها كانت منشغلة بإطعام الدمى من كعكتها ولم تنتبه للحريق الذي بدأ بالنشوب خلفها، حاولت إخماد النار بالضغط عليها بقدمي ولكن لا يمكنني التحكم أو التأثير فيما حولي حاولت الصراخ ولكنها أكيد لن تنتبه لوجودي، اِرتفع لهيب النار أكثر وانتشر في جزء كبير من السجادة وانتقل للأريكة وبدأ الدخان يغزو الغرفة؛ وقفت مكاني مستسلمة أراقب ما يحدث فقد أدركت أخيرا أنني مجرد شخص يشاهد فلمًا سينمائيا ولا يمكنه إضافة شيء للسيناريو، وبعد دقائق قليلة انبعثت رائحة الدخان لأنف الصغيرة فانتبهَت أخيرا أن الغرفة تحترق فقفزت من مكانها واتّسعت عيناها دهشة وقد تمكن الفزع من كل ملامح وجهها وسقطت دميتها المفضلة من بين يديها ثم ركضت بسرعة نحو الباب للهرب ولكن الباب لم يفتح حاولت الصغيرة مرة ومرتين وأكثر ولكن دون جدوى؛ ضربت الصغيرة الباب بقبضتيها الصغيرتين وهي تصرخ بصوت يملأه البكاء "افتحوا الغرفة تحترق؛ بابا ماما افتحوا الباب الغرفة تحترق أنا خائفة" تحركت مشاعري مجددا وركضت نحو الباب محاولة فتحه ولكنني كلما اقتربت منه وجدت نفسي أتجاوزه وأقف في الرواق حاولت عدة مرات ولكن ككل مرة يستقبلني الرواق فصرخت صرخة قهر مدوية فأنا لا أحتمل رؤية هذا المشهد أريد إنقاذها ولا أريدها أن تتأذى، دخلتُ الغرفة مجددا بقوى خائرة وكانت الغرفة تكاد تشتعل بالكامل الدمى والستائر والأريكة والخزانة وحتى الكعكة أصبحت شعلة نارية أما الصغيرة فكانت تركض في أرجاء الغرفة والنار تلاحق جسدها الصغير من زاوية لأخرى كان وجهها المحمر غارقا وسط الدموع وجبينها يتصبب عرقا من حرارة الغرفة؛ اغرورقت عيناي بالدموع وبدأت يداي ترتعشان وكل جسدي يرتجف ربما لا أشعر بحرارة الغرفة ولكن قلبي يحترق أكثر ونار الألم تلهب كل مشاعري، فجأة تشبث اللهب بحذاء الصغيرة وتسلل لفستانها ففزعت وأخذت تقفز وتنفض ملابسها وتركض أكثر ولكنها كلما ركضت كلما هجمت عليها النار أكثر؛ بدأت النار في اِلتهام فستانها بشراهة ثم انتقلت لخصلات شعرها والصغيرة تبكي وتصرخ صرخات من الألم والفزع والوجع والذّعر في آن واحد فقد تمكنت النار من جسدها الهزيل الذي أصبح في حد ذاته عبارة عن لهب لدرجة أنني لم أعد ألمح منها شيئا سوى قطعة من اللهب تركض ثم تسقط أرضا ولا أسمع منها شيئا سوى صوت صرخاتها؛ تساقطت الدمعات على خدّي بغزارة وكذلك جسدي لم يتحمل هول هذا المنظر فسقطت أرضا على ركبتي وسددت أذنيّ بيديّ ثم وضعت رأسي على قدميّ واحتضنته بذراعي وأنا أصرخ "يكفي أرجوكم هذا يكفي لا أتحمل رؤية المزيد"، بقيت لدقائق وأنا على هذا الوضع أنتحب وجسدي يرتعش وفي الوقت نفسه لم أعد أسمع شيئا "ربما كلّ شيء اِنتهى" فجأة سمعت صوت الغناء؛ توقفت للحظة عن البكاء ورفعت رأسي بهدوء وحبات الدّمع لا تزال عالقة بعينيّ وجسدي ينتفض بين الحين والآخر من كثرة البكاء كانت الغرفة مهجورة ومحطمة واضح أنها مرت بحريق مهول ولكن هذا قبل سنوات من الآن.

يتبع في أول رد :)
 
آخر تعديل:

اقترب صوت الغناء أكثر ليظهر شبح الصغيرة فجأة أمامي تماما كما رأيتها أول مرة في غرفتي بفستانها الأبيض وشعرها الأسود الطويل وغرتها السميكة التي تغطي وجهها وتلك الأغنية مبهمة الكلمات التي لا تفارق لسانها ولكن هذا المرة لم تعد كلمات الأغنية مبهمة يمكنني تمييزها بوضوح الآن "إنها تغني أغنية عيد الميلاد"، توقفَت عن الغناء للحظة وبقيت تحدّق بي ثم بدأت خصلات شعرها بالوقوع شيئا فشيئا لتكشف عن ملامح وجهها المرعب المشوّه؛ اِتّسعت عيناي مما رأيت فأنا أعرف هذا الوجه جيدا تلك العيون الجاحظة المخيفة ماهي إلا نتيجة لذوبان جفن العين الذي أحرقته النيران فأصبح بؤبؤ العين بارزا بدونه وذلك الوجه المعفن الغارق في الدماء قد انسلخ منه الجلد وكأن سكينا حادًا من قام بالمهمة وليست ألسنة اللهب حتى تلك الاِبتسامة المخيفة المقززة لم تكن ابتسامة من الأساس لقد حُرقت شفتاها فلم يعد يظهر سوى الأسنان التي لا تعبّر عن ابتسامة بقدر ما تعبّر عن ألم وحزن؛ إنها المرة الثانية التي أشاهد فيها هذا الوجه المرعب ولكن هذه المرة لا أشعر بالرعب بقدر ما أشعر بالشفقة والحزن على هذا الوجه البريء، "جميعهم تركوني ورحلوا جميعهم أنانيون؛ أنا الوحيدة التي تألمت حتى والداي رحلا عن هذا البيت بعد موتي مباشرة؛ لذلك سأنتقم وكل من يكون داخل هذا البيت وفي هذا التاريخ سأحرقه سأحرقه سأحرقه" ظلت الصغيرة تصرخ وتكرر كلمة سأحرقه ثم رفعت يديها عاليا وبإشارة منها انتشرت النار داخل الغرفة بسرعة كأنها تتلهف لالتهام كل شيء داخل الغرفة دون رحمة أو شفقة ثم تلتها ضحكات الصغيرة المدوية وضحكاتها هذه المرة تبدو مخيفة أكثر خاصة إذا ارتبطت بذلك الوجه المشوه ثم اختفت فجأة من الغرفة ولم يبقى سوى صوتها وهي تغني أغنية عيد الميلاد، قمت من مكاني مسرعة باتجاه الباب للخروج كما اعتدت ولكن هذه المرة الوضع مختلف حيث يمكنني لمس الباب ولا يمكنني تجاوزه كما اعتدت؛ أمسكت مقبض الباب وحاولت فتحه ولكن دون جدوى حاولت وحاولت حتى انفلت المقبض وسحبته ليصبح بين يديّ وهذا ما يعني أنني علقت هنا، ضربت الباب بكل قوتي محاولة كسره ولكنني لم أستطع فتحه وكذلك النار لن تنتظرني فقد انتشرت بشكل مهوّل وصاحبَها دخان كثيف حجب عني الرؤية وما زاد الوضع توترا هو صوت الغناء الذي لم يتوقف، ضربت الباب مجددا بقبضتي طالبة النجدة ولكن هذه المرة أضعف من المرة السابقة فقد بدأ الدخان يتسلل لرئتي بمهارة مما جعل التنفس يصعب علي؛ توقفت عن ضرب الباب للحظة وانسحب جسدي مع الباب ليسقط أرضا باستسلام فأسندت ظهري ورأسي على الباب واستسلمت للواقع وأنا أراقب حمرة النار وهي ترتفع كالأمواج واستمع لصوت الغناء الذي لم يعد يزعجني بقدر ما أصبح يهدئني كأغنية قبل النوم ثم ابتسمت بيأس وأنا أراقب سقف الغرفة "أنا استسلم؛ يمكنكِ أخذ حقك وحقّ كل آلامك ووجعك مني؛ احرقيني والعبي برمادي إن كان هذا يسعدكِ ويطفئ لهيب الوجع الذي يشتعل بصدرك؛ ولكن قبل أن تفعلي هذا أريد فقط أن أخبركِ بسر مهم وهو أننا نشترك في نفس الاِسم فأنا كذلك أدعى أمل يا أمل" ساد الصمت للحظات حتى صوت الغناء توقف ولم يبقى سوى صوت أجيج النار وهي تلتهم أركان الغرفة، فجأة ظهر شبح الصغيرة أمامي وهي تحدّق بي جيدا "لماذا تفعلين هذا؟ لماذا تضحين بنفسك بهذه السهولة؟" ابتسمت للحظة ثم حدقت بها في ثقة "لأنني لا أريد لوجعك أن يتحول لكره ويؤذي كلّ الناس؛ أعلم أنكِ بريئة ونقية من الداخل كأي طفل في هذا العالم تماما كأول قطرة ماء نزلت على أرض سئمت سنين الجفاف؛ الآن فقط أؤمن بكلمات والدكِ التي كتبها على دفتره فأنتِ بالفعل نبتة فاتنة ولا يجب لهذه النبتة أن تحمل غير الأمل والسعادة للغير ولكن حجم الألم الذي تحملته بداخلك أكبر من أن يتحمله قلب طفل صغير ولهذا تحول لكره وأنا لا أريد لهذا الكره أن يستولي على قلبك الطاهر؛ لذلك احرقيني وانزعي من قلبك بذرة الكره ولا تدعيها تكبر وتنشر أغصان الحقد داخلك؛ فأنتِ أطهر من ذلك" ساد الصمت للحظات وفجأة لمحت شيئا يتسرب من تلك العينين الجاحظتين "أهي دموع؟" نعم لقد كانت دموع تتناثر على ذلك الوجه المعفن كحبات اللؤلؤ فمن الغريب رؤية الدموع على هذا الوجه المشوه المخيف تماما كرؤية الثلوج في فصل الصيف ولكن المشاعر الطيبة تستخرج من القلوب المغلقة كما يستخرج الحجر الكريم من عمق المناجم المظلمة، عندها رفعتُ يديّ إليها وابتسمت وأنا أدعوها للاقتراب مني؛ وبعد تردد تحركَت بخطوات بطيئة ثم أسرع ثم أسرع لترتمي أخيرا في أحضاني وهي تبكي بأعلى صوتها وكأنها تخرج من صدرها كلّ وجع العالم في تلك الدموع؛ مسحت على رأسها وظهرها بحنان وأنا أهدئها "كل شيء على ما يرام يا صغيرتي" وفجأة اختفت النيران التي كانت تحيط بالغرفة وتسربت مكانها أشعة الشمس الدافئة من النافذة وكأنها تعلن بداية يوم جديدة وقصة جديدة، أما الطفلة التي كانت بين أحضاني انبعث منها نور غريب لتتحول لتلك الفتاة الصغيرة الجميلة صاحبة الفستان الوردي والخدود المتوردة والشعر الناعم الطويل؛ ثم انسحب جسدها من بين ذراعي وارتفعت في السماء وابتسامة رضا واطمئنان تزيّن وجهها البريء "شكرا لكِ؛ يمكنني الآن أن أعيش في هذا البيت بسلام؛ وداعا" ثم اختفت وتناثر جسدها في الهواء كما تتناثر النجوم البراقة في السماء المظلمة ناديتها بأعلى صوتي ولكنها للأسف رحلت.

"أمل؛ أمل لا ترحلي" فتحت عينيّ مفزوعة وقمت من مكاني فإذا بي على سريري داخل غرفتي؛ استدرتُ يمينا لأجد المصباح كما هو ينير الغرفة ثم استدرت بسرعة يسارا لأجد أختي ّتنامان في السرير المجاور لي بقيت مستغربة مما يحدث "هل كان حلمًا؟" قمت بسرعة من سريري نحو الرواق وأشعلت الأضواء؛ ألقيت نظرة على المطبخ وكذلك على الطابق العلوي من الباب دون الصعود إليه ويبدو كلّ شيء على ما يرام، فجأة دقّت الساعة اثنتي عشرة دقّة فانتفض جسدي وعدتُ راكضة للغرفة مجددا ودقات قلبي تتسارع ولكن لم يحدث شيء مريب فأختاي لا تزالان نائمتين بسلام في المكان نفسه "إذن كان مجرد حلم" عدت للمطبخ مجددا وشربت كوبا من الماء فقد شعرت وكأنه لم تمر بحلقي قطرة ماء واحدة منذ أعوام، تأملت البيت جيدا ثم أطفأت الأنوار وعدت لغرفتي وأنا مطمئنة وما أن دخلت حتى وجدت شيئا على سريري "لعبة الزهرة؟" حملتها بين يديّ مستغربة وأنا أتأملها جيدا وكل شيء فيها يذكرني بالصغيرة أمل ثم ابتسمت واحتضنتها ونمت.

بعد أشهرٍ وجد أبي عملا في مدينة غير مدينتنا واضطررنا للانتقال من هذا البيت لبيت آخر، في النهاية لم يكن قدومنا لهذا البيت سيئا لأنني اكتشفت ما يخبئه هذا البيت من أسرار وكذلك ما يخبئه من مشاعر وبنيت بداخله ذكريات جميلة وفراقه لن يكون بالأمر السهل فها أنا أقف أمام باب السيارة أودع هذا البيت وأراه لآخر مرة وقبل أن أركب في السيارة رأيتها؛ بشعرها الأسود الطويل وابتسامتها الملائكية وخدودها الحمراء وفستانها الوردي إنها عند النافذة تلوح لي وتبتسم فرفعت يدي كذلك ولوحت لها "إلى اللقاء يا أمل ربما يوما ما سيكون لنا لقاء آخر".
بقلمي~لؤلؤة قسنطينة~

أنتظر آراءكم القيمة فلا تبخلوا عليّ :)
 
من احمل القِصَص
روعَه يا اختِي
واَصلي
مزالنِي مكملتشهاش بقا غير شوي
ليسونسيال بانه رووعه
ننتظر ابداعات قلمِك ^^
 
اعتذر على هذا الخط :(
ربما هناك تصليحات في اللمة وخطي المفضل مازال مارجعوهش
المهم إن شاء الله يوصلكم المحتوى

 
بارك الله فيك أختي الكريمة
أقرأها غدا بإذن الله وأنا مصحصح
وأرد عليك وأنا مصحصح
راك علابالك خويك يبدا يطفى في هذا الوقت هه

 
من احمل القِصَص
روعَه يا اختِي
واَصلي
مزالنِي مكملتشهاش بقا غير شوي
ليسونسيال بانه رووعه
ننتظر ابداعات قلمِك ^^

مساء الورد والياسمين
مرحا بيك حبيبتي الوفية لكل جزء
أتمنى من كل قلبي أن تكون بالفعل القصة ككل قد نالت إعجابكم
وأي انتقاد والله أتقبله بصدر رحب ويفيدني كثيرا
المهم ماهو رأيك في القصة ككل بعد قراءتها كلها
يعني أعطيني رايك على العموم
ويسرني كثيرا تواجدك وتشجيعك ربي يحميك وإن شاء الله نكون قدمتلكم حاجة تليق بمستواكم
شكرا غاليتي لكرم مرورك ربي يحميك
تحياتي
 
وعليكم السلام ورحمة الله بركاته
وأخيرا اكتشفنا لغز أمل
والنهاية كانت سعيدة بعد لحظات من الخوف والتأثر بالصغيرة التي اتضح أنها كانت ضحية حريق تصوير رائع أختي
ومشاعر قوية
بارك الله فيك
 
مساء الورد والياسمين
مرحا بيك حبيبتي الوفية لكل جزء
أتمنى من كل قلبي أن تكون بالفعل القصة ككل قد نالت إعجابكم
وأي انتقاد والله أتقبله بصدر رحب ويفيدني كثيرا
المهم ماهو رأيك في القصة ككل بعد قراءتها كلها
يعني أعطيني رايك على العموم
ويسرني كثيرا تواجدك وتشجيعك ربي يحميك وإن شاء الله نكون قدمتلكم حاجة تليق بمستواكم
شكرا غاليتي لكرم مرورك ربي يحميك
تحياتي
بدُون مُحامله
فِعلًا راءعَۃ حبيبتي , احمل ما تكتبه اناملك غاليتي , لديك خيال وتصويرٌ راءع
اهنءُكِ عليه
 
بارك الله فيك أختي الكريمة
أقرأها غدا بإذن الله وأنا مصحصح
وأرد عليك وأنا مصحصح
راك علابالك خويك يبدا يطفى في هذا الوقت هه


أهلا بيك أخي حليم مساء النور
هههه معليش أخي خود راحتك الدار دارك والموضوع موضوعك
صراحة حبيت نوضعها قبل من هاد الوقت لكن حبيت نفرزها مليح ساع
وهكاك ماكملتش الفرز النهائي تاع الجزء الأخير خاطر وعدتكم نوضعها اليوم وقلت لازم نوفي بوعدي
المهم أخي منين يكون عندك وقت مرحبا بيك
وفي النهاية خليلي رايك حول القصة على العموم وحول هاد المجال لي هو مجال الرعب
وإذا كانت محاولتي الأولى فيه موفقة ولالا وطبعا انتقاداتك مرحب بها
انتظر عودتك أخي وليلة سعيدة
تحياتي
 
وعليكم السلام ورحمة الله بركاته
وأخيرا اكتشفنا لغز أمل
والنهاية كانت سعيدة بعد لحظات من الخوف والتأثر بالصغيرة التي اتضح أنها كانت ضحية حريق تصوير رائع أختي
ومشاعر قوية
بارك الله فيك

أهلا بيك أختي أم ياسمين مساء النور والسرور
سررت جدا بمرورك وبوفائك لأجزاء القصة
وأشكرك على مدحك وتشجيعك أتمنى بالفعل أن أكون قد وفقت في أول محاولة لي في عالم الرعب
ربما سيكون لي مشاركات أخرى في هذا المجال في الأيام القادمة فقد أحببت هذا المجال
ولكن طبعا بعد دراسته جيدا وأخذ السلبيات بعين الإعتبار
شكرا جزيلا أختي على كرم مرورك وبارك فيك الرحمن
تحياتي
 
بدُون مُحامله
فِعلًا راءعَۃ حبيبتي , احمل ما تكتبه اناملك غاليتي , لديك خيال وتصويرٌ راءع
اهنءُكِ عليه

ربي يحفظك عزيزتي أنتِ الأروع بتواجدك
وكلماتك هذه تشجعني على التقدم أكثر وعدم التردد في دخول مجال الرعب
وكتابة قصص أخرى فقد أحببت حقا هذا النوع
شكرا غاليتي على كرم مرورك ثانية وعلى تشجيعاتك ربي يوفقك كذلك لكل خير
تحياتي
 
السلام عليكم
روعة ختي مريم التكملة تاعها من اجمل ما قرأت
تقريبا كما قلت لك في الجزء الماضي الاخطاء لم تعد موجودة
قصة جميلة ومتسلسلة في الافكار وتدرج الكلمات
القصة جميلة ايضا لأن كلماتها لم تكن معقدة كثيرا ولم يدخل عليها الادب مثل الكلمات المبهمة
نتمنى تجمعي كل القصص لي كتبتيهم هنا فاللمة وتحطيهم في pdf والاحتفاظ بها مع مجلات اللمة
بالتوفيق ختي في اعمال وقصص اخرى
ايضا نتمنى تزيدي تكتبي هكذاقصص رعب ودخلي فيها القليل من المغامرة كهذه القصة
منذ بداية القصة ونحن في قرائتها يتملكنا الخوف ومع هذا يتملكنا حب اكتشاف ماذا سيحدث
كل فصل او جزء بقينا نطرحو اسئلة في ذهنا
ان شاء الله ختي تواصلي على هذا المنوال
في كتابات ومواضيع اخرى لك نحن بإنتظارها
كل الاحترام لك

ضرك نقولك حاجة ههههه
كي كنت نقرى فالقصة خويا كان ورائي راقد وانا كنت خاشع معاها هههه
وصل بالقراءة للفقرة هذي

ضربت الصغيرة الباب بقبضتيها الصغيرتين وهي تصرخ بصوت يملأه البكاء "افتحوا الغرفة تحترق؛ بابا ماما افتحوا الباب الغرفة تحترق أنا خائفة"
خويا من ورائي سعل ههههه
والله ياختي قلي حبس دورت راسي بالزرب نسيتو كامل بلي راهو معايا هههه
خلعني جد ماليه وانت معاه ههههه
 
السلام عليكم
رووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو
ووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو
وووووووووووووووووووووووووووووووووعة
ربي يباااااارك عليك حبيبتي مريم
يعطيك الصحة
:Love::Love::Love::Love: :Love:
لقد اُغرِمتُ بهذه القصة هههههه
هااايلة بكل المقاييس ماشاء الله
من بداية مشوقة الى احداث غامضة الى اوصاف مخيفة ثم نهاية جميلة
ياإلاهي انت مبدعة غاليتي :kiss:
ربي يوفقك ان شاء الله
 
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
رائعة بكل معنى الكلمة . طريقة وصفك الدقيقة جعلتني اندمج مع احداث القصة . لدرجة اني تاثرت بحزن الصغيرة امل و احسست بحجم معاناتها و المها
قراتها حتى النهاية و كذلك قصة احلام و وحيد ( كلش بالمكتوب ) للاخ حلم كبير . يعطيكم الصحة
نهاية رائعة . فعلا انت كاتبة رائعة ما شاء الله . ربي يوفقك اختي العزيزة
في انتظار ابداعاتك القادمة . و اعتبريني متابعة وفية لك فانا اعشق القصص و الروايات .
تقبلي مروري اختي الكريمة . ربي يهنيك .
 
اقترب صوت الغناء أكثر ليظهر شبح الصغيرة فجأة أمامي تماما كما رأيتها أول مرة في غرفتي بفستانها الأبيض وشعرها الأسود الطويل وغرتها السميكة التي تغطي وجهها وتلك الأغنية مبهمة الكلمات التي لا تفارق لسانها ولكن هذا المرة لم تعد كلمات الأغنية مبهمة يمكنني تمييزها بوضوح الآن "إنها تغني أغنية عيد الميلاد"، توقفَت عن الغناء للحظة وبقيت تحدّق بي ثم بدأت خصلات شعرها بالوقوع شيئا فشيئا لتكشف عن ملامح وجهها المرعب المشوّه؛ اِتّسعت عيناي مما رأيت فأنا أعرف هذا الوجه جيدا تلك العيون الجاحظة المخيفة ماهي إلا نتيجة لذوبان جفن العين الذي أحرقته النيران فأصبح بؤبؤ العين بارزا بدونه وذلك الوجه المعفن الغارق في الدماء قد انسلخ منه الجلد وكأن سكينا حادًا من قام بالمهمة وليست ألسنة اللهب حتى تلك الاِبتسامة المخيفة المقززة لم تكن ابتسامة من الأساس لقد حُرقت شفتاها فلم يعد يظهر سوى الأسنان التي لا تعبّر عن ابتسامة بقدر ما تعبّر عن ألم وحزن؛ إنها المرة الثانية التي أشاهد فيها هذا الوجه المرعب ولكن هذه المرة لا أشعر بالرعب بقدر ما أشعر بالشفقة والحزن على هذا الوجه البريء، "جميعهم تركوني ورحلوا جميعهم أنانيون؛ أنا الوحيدة التي تألمت حتى والداي رحلا عن هذا البيت بعد موتي مباشرة؛ لذلك سأنتقم وكل من يكون داخل هذا البيت وفي هذا التاريخ سأحرقه سأحرقه سأحرقه" ظلت الصغيرة تصرخ وتكرر كلمة سأحرقه ثم رفعت يديها عاليا وبإشارة منها انتشرت النار داخل الغرفة بسرعة كأنها تتلهف لالتهام كل شيء داخل الغرفة دون رحمة أو شفقة ثم تلتها ضحكات الصغيرة المدوية وضحكاتها هذه المرة تبدو مخيفة أكثر خاصة إذا ارتبطت بذلك الوجه المشوه ثم اختفت فجأة من الغرفة ولم يبقى سوى صوتها وهي تغني أغنية عيد الميلاد، قمت من مكاني مسرعة باتجاه الباب للخروج كما اعتدت ولكن هذه المرة الوضع مختلف حيث يمكنني لمس الباب ولا يمكنني تجاوزه كما اعتدت؛ أمسكت مقبض الباب وحاولت فتحه ولكن دون جدوى حاولت وحاولت حتى انفلت المقبض وسحبته ليصبح بين يديّ وهذا ما يعني أنني علقت هنا، ضربت الباب بكل قوتي محاولة كسره ولكنني لم أستطع فتحه وكذلك النار لن تنتظرني فقد انتشرت بشكل مهوّل وصاحبَها دخان كثيف حجب عني الرؤية وما زاد الوضع توترا هو صوت الغناء الذي لم يتوقف، ضربت الباب مجددا بقبضتي طالبة النجدة ولكن هذه المرة أضعف من المرة السابقة فقد بدأ الدخان يتسلل لرئتي بمهارة مما جعل التنفس يصعب علي؛ توقفت عن ضرب الباب للحظة وانسحب جسدي مع الباب ليسقط أرضا باستسلام فأسندت ظهري ورأسي على الباب واستسلمت للواقع وأنا أراقب حمرة النار وهي ترتفع كالأمواج واستمع لصوت الغناء الذي لم يعد يزعجني بقدر ما أصبح يهدئني كأغنية قبل النوم ثم ابتسمت بيأس وأنا أراقب سقف الغرفة "أنا استسلم؛ يمكنكِ أخذ حقك وحقّ كل آلامك ووجعك مني؛ احرقيني والعبي برمادي إن كان هذا يسعدكِ ويطفئ لهيب الوجع الذي يشتعل بصدرك؛ ولكن قبل أن تفعلي هذا أريد فقط أن أخبركِ بسر مهم وهو أننا نشترك في نفس الاِسم فأنا كذلك أدعى أمل يا أمل" ساد الصمت للحظات حتى صوت الغناء توقف ولم يبقى سوى صوت أجيج النار وهي تلتهم أركان الغرفة، فجأة ظهر شبح الصغيرة أمامي وهي تحدّق بي جيدا "لماذا تفعلين هذا؟ لماذا تضحين بنفسك بهذه السهولة؟" ابتسمت للحظة ثم حدقت بها في ثقة "لأنني لا أريد لوجعك أن يتحول لكره ويؤذي كلّ الناس؛ أعلم أنكِ بريئة ونقية من الداخل كأي طفل في هذا العالم تماما كأول قطرة ماء نزلت على أرض سئمت سنين الجفاف؛ الآن فقط أؤمن بكلمات والدكِ التي كتبها على دفتره فأنتِ بالفعل نبتة فاتنة ولا يجب لهذه النبتة أن تحمل غير الأمل والسعادة للغير ولكن حجم الألم الذي تحملته بداخلك أكبر من أن يتحمله قلب طفل صغير ولهذا تحول لكره وأنا لا أريد لهذا الكره أن يستولي على قلبك الطاهر؛ لذلك احرقيني وانزعي من قلبك بذرة الكره ولا تدعيها تكبر وتنشر أغصان الحقد داخلك؛ فأنتِ أطهر من ذلك" ساد الصمت للحظات وفجأة لمحت شيئا يتسرب من تلك العينين الجاحظتين "أهي دموع؟" نعم لقد كانت دموع تتناثر على ذلك الوجه المعفن كحبات اللؤلؤ فمن الغريب رؤية الدموع على هذا الوجه المشوه المخيف تماما كرؤية الثلوج في فصل الصيف ولكن المشاعر الطيبة تستخرج من القلوب المغلقة كما يستخرج الحجر الكريم من عمق المناجم المظلمة، عندها رفعتُ يديّ إليها وابتسمت وأنا أدعوها للاقتراب مني؛ وبعد تردد تحركَت بخطوات بطيئة ثم أسرع ثم أسرع لترتمي أخيرا في أحضاني وهي تبكي بأعلى صوتها وكأنها تخرج من صدرها كلّ وجع العالم في تلك الدموع؛ مسحت على رأسها وظهرها بحنان وأنا أهدئها "كل شيء على ما يرام يا صغيرتي" وفجأة اختفت النيران التي كانت تحيط بالغرفة وتسربت مكانها أشعة الشمس الدافئة من النافذة وكأنها تعلن بداية يوم جديدة وقصة جديدة، أما الطفلة التي كانت بين أحضاني انبعث منها نور غريب لتتحول لتلك الفتاة الصغيرة الجميلة صاحبة الفستان الوردي والخدود المتوردة والشعر الناعم الطويل؛ ثم انسحب جسدها من بين ذراعي وارتفعت في السماء وابتسامة رضا واطمئنان تزيّن وجهها البريء "شكرا لكِ؛ يمكنني الآن أن أعيش في هذا البيت بسلام؛ وداعا" ثم اختفت وتناثر جسدها في الهواء كما تتناثر النجوم البراقة في السماء المظلمة ناديتها بأعلى صوتي ولكنها للأسف رحلت.

"أمل؛ أمل لا ترحلي" فتحت عينيّ مفزوعة وقمت من مكاني فإذا بي على سريري داخل غرفتي؛ استدرتُ يمينا لأجد المصباح كما هو ينير الغرفة ثم استدرت بسرعة يسارا لأجد أختي ّتنامان في السرير المجاور لي بقيت مستغربة مما يحدث "هل كان حلمًا؟" قمت بسرعة من سريري نحو الرواق وأشعلت الأضواء؛ ألقيت نظرة على المطبخ وكذلك على الطابق العلوي من الباب دون الصعود إليه ويبدو كلّ شيء على ما يرام، فجأة دقّت الساعة اثنتي عشرة دقّة فانتفض جسدي وعدتُ راكضة للغرفة مجددا ودقات قلبي تتسارع ولكن لم يحدث شيء مريب فأختاي لا تزالان نائمتين بسلام في المكان نفسه "إذن كان مجرد حلم" عدت للمطبخ مجددا وشربت كوبا من الماء فقد شعرت وكأنه لم تمر بحلقي قطرة ماء واحدة منذ أعوام، تأملت البيت جيدا ثم أطفأت الأنوار وعدت لغرفتي وأنا مطمئنة وما أن دخلت حتى وجدت شيئا على سريري "لعبة الزهرة؟" حملتها بين يديّ مستغربة وأنا أتأملها جيدا وكل شيء فيها يذكرني بالصغيرة أمل ثم ابتسمت واحتضنتها ونمت.

بعد أشهرٍ وجد أبي عملا في مدينة غير مدينتنا واضطررنا للانتقال من هذا البيت لبيت آخر، في النهاية لم يكن قدومنا لهذا البيت سيئا لأنني اكتشفت ما يخبئه هذا البيت من أسرار وكذلك ما يخبئه من مشاعر وبنيت بداخله ذكريات جميلة وفراقه لن يكون بالأمر السهل فها أنا أقف أمام باب السيارة أودع هذا البيت وأراه لآخر مرة وقبل أن أركب في السيارة رأيتها؛ بشعرها الأسود الطويل وابتسامتها الملائكية وخدودها الحمراء وفستانها الوردي إنها عند النافذة تلوح لي وتبتسم فرفعت يدي كذلك ولوحت لها "إلى اللقاء يا أمل ربما يوما ما سيكون لنا لقاء آخر".
بقلمي~لؤلؤة قسنطينة~

أنتظر آراءكم القيمة فلا تبخلوا عليّ :)
رائعة القصة نهاية جيدة يوما ما سوف تجدين قصتك سيناريو لفيلم مشهور..
كنت اتوقع نهاية مفزعة ومرعبة لكن النهاية التي اخترتي كانت الامثل جميلة جدا القصة اكثر من رائعة حقا لا يوجد اي انتقاد والمهم انك تركتي بعض الاستفسارات وربما توقعات بداخلنا كرد فعل والدا الطفلة الميتة عند معرفتهم خبر الحريق وهدا جيد لانه فقط الكاتب الماهر هو من يترك بعض الغموض لتبقى قصته تشغل بال كل من يقراها (ههههه بسيف عليه يخمم)
جيد جدا حبيبتي وفقك الله واتمنى ان تواصلي الكتابة وتحاولي قدر الامكان طباعتها ليقراها الجميع دون ان يضيع حق تعبك انت ايضا..
ننتظر المزيد (نقطة ضعفي القصص المثيرة)
 
السلام عليكم
روعة ختي مريم التكملة تاعها من اجمل ما قرأت
تقريبا كما قلت لك في الجزء الماضي الاخطاء لم تعد موجودة
قصة جميلة ومتسلسلة في الافكار وتدرج الكلمات
القصة جميلة ايضا لأن كلماتها لم تكن معقدة كثيرا ولم يدخل عليها الادب مثل الكلمات المبهمة
نتمنى تجمعي كل القصص لي كتبتيهم هنا فاللمة وتحطيهم في pdf والاحتفاظ بها مع مجلات اللمة
بالتوفيق ختي في اعمال وقصص اخرى
ايضا نتمنى تزيدي تكتبي هكذاقصص رعب ودخلي فيها القليل من المغامرة كهذه القصة
منذ بداية القصة ونحن في قرائتها يتملكنا الخوف ومع هذا يتملكنا حب اكتشاف ماذا سيحدث
كل فصل او جزء بقينا نطرحو اسئلة في ذهنا
ان شاء الله ختي تواصلي على هذا المنوال
في كتابات ومواضيع اخرى لك نحن بإنتظارها
كل الاحترام لك

ضرك نقولك حاجة ههههه
كي كنت نقرى فالقصة خويا كان ورائي راقد وانا كنت خاشع معاها هههه
وصل بالقراءة للفقرة هذي


خويا من ورائي سعل ههههه
والله ياختي قلي حبس دورت راسي بالزرب نسيتو كامل بلي راهو معايا هههه
خلعني جد ماليه وانت معاه ههههه
هههههههههههههههههه انا كنت مندمجة مع القصة ونتخيل فيها حاجة قرقبت فالدار ماعرفتش واش هي والله خفت هههههه مادرتي فينا مريومتي ههههههه
 
السلام عليكم أخية
البارح رقدت بكري للأسف فاتني رعب الليل هههه
استمتعت جدا بحروفك وطريقة سردك التي منعنتني من التوفق أو التململ لحين انهائها
رعب...اكتشاف...مغامرة...معاني جميلة وملهمة...ونهاية من أرووووع ما يكون
هنيئا لنا بكاتبة مثلك..
والجميل أننا أضفنا زخما لغويا من المفردات الجميلة
والأجمل أننا استفدنا معك من آراء وملاحظات وتوجيهات الاخوة الكرام
نسقيها pdf وانشريها بأحد مواقع النشر الإلكتروني حتى تكتسبي قاعدة جماهيرية ومتابعين ..
تحياتي لك بحجم السماء...مع كل الحب
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top