الخطوة الأولى من ورشة الزواج ??

حلم كبير

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
24 ديسمبر 2016
المشاركات
5,056
نقاط التفاعل
15,513
النقاط
2,256
العمر
39
محل الإقامة
فرنسا الجزائر وطني

images (6).jpeg


الخطوة الأولى من ورشة الزواج
كيف تختار شريك الحياة ؟؟

191-1024x768.jpg
لقد افتتحنا ورشة الزواج هذه في موضوع مستقل وهاهو الرابط
ورشة الزواج

قبل أن ندخل في أول مرحلة من ورشة الزواج وجب علينا معرفة
أن الزواج واجب على كل مسلم ومسلمة بالغين وعاقلين ويملكان القدرة الجسدية والقدرة المادية للإقدام على هكذا خطوة ،لقوله صلى الله عليه وسلم :" يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فاليتزوج "
ولقوله عليه الصلاة والسلام :" الزواج سنتي فمن رغب عنه فليس مني "
إذًا ما إن توفرت هذه الشروط تعين على الشاب أن يحضر نفسه لإختيار نوعية الشريك اليس كذلك ؟
وفي هذا أقوال لبعض الحكماء بالنسبة لاختيار الرجل لامرأة صالحة نذكر منها :
1- اختر زوجتك أيام الحصاد لا أيام الرقص.
2-سئل أعرابي عن أحسن النساء ؟..... فقال : أفضل النساء : أصدقهن إذا قالت ، التي إذا غضبت ...حلمت ، وإذا ضحكت ....تبسمت ، وإذا صنعت شيئا أجادته .. ، التي تلتزم بيتها... ، ولا تعصي زوجها .. ، العزيزة في قومها .... ، الذليلة في نفسها ، ... الودود...الولود... وكل أمرها محمود .....! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة : الودود ، الولود ، الغيور على زوجها ، التي إذا آذت أو أوذيت جاءت حتى تأخذ بيد زوجها ثم تقول : والله لا أذوق غمضا حتى ترضى عني ، هي في الجنة ، هي في الجنة ، هي في الجنة ) ومعنى الجملة الأخيرة غمضاً : أي لا أنام ولا يستريح لي بال . أسوأ النساء : قيل لأعرابي : صف لنا شر النساء ؟ فقال : شرهن ... الممراض ، .... لسانها .... كأنه حربة ، ...... تبكي من غير سبب ، ..وتضحك من غير عجب ، .... كلامها وعيد...، وصوتها شديد..... ، تدفن الحسنات ، ...وتفشي السيئات...... ، تعين الزمان على زوجها ، ..ولا تعين زوجها على الزمان ... ، إن دخل خرجت ..... ، وإن خرج دخلت ..... ، وإن ضحك بكت .. ، وإن بكى ضحكت...... ، تبكي وهي ظالمة ...، وتشهد وهي غائبة .... ، قد دلى لسانها بالزور ، .....وسال دمعها بالفجور ... ، ابتلاها الله بالويل والثبور ..... وعظائم الأمور ، هذه هي شر النساء.
وفي اختيار المرأة شريكها
1- قال عليه الصّلاة والسّلام: (إذا خَطَب إليكم مَن تَرْضَوْنَ دِينَه وخُلُقَه فزَوِّجُوه، إلا تفعلوا تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأرضِ )



وبالنسبة لاختيار المرأة للرجل الصالح { وقلنا اختيار لأن المرأة لها حق الرفض والقبول ،ولا يجوز بأي شكل من الاشكال العنيفة أو السلمية إكراه امرأة على الزواج بشخص بعينيه لأنه يعجب الوالد أو يعجب الام }
وجب على الرجل أو المرأة أيضا الاستعانة بصلاة الاستخارة ليعينهما الله
ونعود لرفع الغطاء والتكلم بجدية وشفافية ( أحب الكلام بجدية وبصراحة وبدون لف ولا دوران )
في مجتمعنا العربي ،يتم اختيار المرأة لابنهم بطريقة تظهر لي غير منظمة والرجل الذي يختار وحده إما زميلة عمل أو زميلة دراسة أو أي وسيلة أخرى للتعارف ،لا يضع مبادئ يختار من خلالها بل يرمي نفسه على الفتاة الجميلة والهادئة وووو .....
قف أرجوك
panneaux stop.png
هل رأيت امرأة تخرج الى العمل أو الدراسة وهي على طبيعتها ؟
هذا قليل القليل من النساء
وهل رأيت امرأة تظهر كامل شخصيتها وبكل عفوية مع زملائها ،(بل لعلها لو فعلت ذلك لكانت اكثر جاذبية ) بل على العكس ستتعامل معك بما تريد أن تراه فيها كابتة شخصيتها لبعد الزواج وهناك تنفجر القنبلة...


وبالنسبة للمرأة التي يتقدم اليها الخطاب ( الخطاب رطاب ) كما يقول المثل الجزائري ،هل تعتقدين أنه سيظهر لك مساوئه من أول لقاء أو حتى إن تعرفت عليه خارجا وتحدثتما مطولا ،فسيظهر لك كل ما تحبين ويجعلك تنبهرين هذه حقيقة لا يمكن إنكارها .

سينطق أحد ويقول لي ماذا نفعل إذا ( نعمل جهاز كشف الكذب ،أو سونار اللي هو السكانار بالفرنسية )
أقول له تمهل المشكلة ليست في الطرف الذي وضعت عليه العين لكن المشكلة فيك أنت وفيكِ أنتِ ،نعم من الأول لم تضعا معايير على حسب شخصيتكما لتبحثا بها عن شريك الحياة .
إذا كأول خطوة نحو الانطلاق ------------> التعرف على شخصيتي جيدا وتحديد ماذا أريد كمواصفات في شريك حياتي
وتنقسم المواصفات التي اطلبها الى ----------> 1- مواصفات ثانوية يمكن الاستغناء عنها ،
--------> 2- مواصفات رئيسة تتماشى مع شخصيتي ولا يمكن الاستغناء عنها مهما كلفني الأمر
لنضرب أمثلة على سبيل المثال فقط
رجل يحب الأكل المنزلي ،ويحب عندما يعود يجد أكلا جديد ساخن ،عندما يعزم على الزواج يجب أن يضع أن هذا أمر مهم ولا يهمله لأنه جزء من شخصيته وحتى إن كانت الفتاة ملكة جمال ولا تعرف الطبخ على سبيل المثال فستحدث مشاكل بعد التعود وبعد الزواج ،ويكون قد أساء الاختيار لأنه أهمل في اختياره جانبا من شخصيته ،لا يمكن الاستغناء عنها .
فيما يمكن لرجل آخر أن تكون جل اهتمامه أنها جميلة ولا يهتم للأكل وما تضعه يمكن له أكله وهكذا
وامرأة مسؤولة ومرتبة تحب الارتباط برجل مسؤول وعامل ،إن تزوجت برجل عاطل عن العمل مثلا فستتطلق بعد عام زواج على اكثر تقدير .
فيما امرأة أخرى مثابرة تتحمل مع الزوج الذي لا يعمل وتحاول أن تسعده مهما كانت الظروف ،
إذا هي قضية مبدأ وإذا حددنا ماذا نريد ،بغض النظر عن الامور التافهة التي يمكن إصلاحها ،فهناك نسبة نجاح عالية لهذا المشروع


سأتحدث عن تجربتي في بداية تفكيري في الزواج استمعت الى هذا الرجل الذي ساعدني كثيرا
وهو الدكتور طارق الحبيب
أرجو من كل شاب أو شابة وصلو سن الزواج أو يفكرو في الزواج أن يستمعوا له بانتباه
لقد استفدت منه كثيرا والحمد لله
اليكم رابط الفيديو

أنتظر

تفاعلكم
أسئلتكم
مداخلاتكم
إضافاتكم


وفقني الله وإياكم الى كل ما يحب ويرضى
دمتم في رعاية الله وحفظه
إحترامي وتقديري
حلم كبير (y)

 

المرفقات

  • images (6).jpeg
    images (6).jpeg
    10.6 KB · المشاهدات: 0
  • 191-1024x768.jpg
    191-1024x768.jpg
    162.5 KB · المشاهدات: 0
آخر تعديل بواسطة المشرف:
جذبتني عبارة مهمة جدا وهي
هل رأيت امرأة تتصرف على طبيعتها مع زملائها؟؟؟؟
وهذا واقع يجب الحذر منه
فالرجل في خطبته يخفي مساوئه و الفتاة كذلك و الحاذق وحده يمكنه تمييز تلك التصرفات و الأخلاق الحسنة ما لو كامت مصطنعة أو حقيقة
شيء آخر وهو التوافق ليس في المستوى ولكن في الهمم و الطموحات
زوجة قبل أشهر شكت لي عن زوجها قائلة أنه يريدها أن تدرس تعمل تذهب للرياضة و هي ترغب بالمكوث بالبيت علما أنها تعمل ولكن بالبيت
قلت لها بسيطة جدا زوجك منخرط في عدة جمعيات خيرية و أخرى للشباب لذلك يتمنى أن يرى إحدى اىمنخرطات هي زوجته لأن ذلك مجاله و يريدك أن تشاركيه كما أن أخواته جميعا بين العاملة و المدرسة و الطالبة
لم تقتنع الزوجة ووصلت مشاكلهما لدرجة كبيرة و السبب هو ما ذكرته
لذلك لماذا لا يتفق على هذه الأمور قبل الزواج؟؟؟؟
شيء ثاني مهم
الشاب العصبي يختار فتاة جميلة جدا ولكنها عصبية مثله
لا يهتم في الأول ولكن بعد مرور الأيام ستقل الجاذبية بينهما عندما يكون هو يصرخ من جهة و هي تصرخ من جهة فتجده معجبا بزميلته الهادئة الحنونة بالعمل
كذلك الزوج الهادئ التي تكون زوجته انطوائية مثله تجده فجأة يعجب بأخرى مرحة
مثلا قلت مثلا ههههه يعني احتمالات لذلك هذه اختيارات مهمة
الزوج المرح عندما يتزوج فتاة رسمية ان صح القول يعني عمل طبخ نوم وهو مرح يحب الضحك و الرقص ووووو فيبحث إما عن صديق أو أخرى تتقبل مرحه أو يكبته
فهنالك زوجات أعرفهن تمشي بالدقيقة صح هي حاجة مليحة مي راجلك حاب يسهر سهري حاب تحوسو حوسي
يعني هي أمور تبدو تافهة جداااا ولكن عندها أثر عظيم بالعلاقة الزوجية
رجل سافر مع صديقه و زوجتيهما
المهم واحد منهم مرح جدا و مارتو هادئة جدااااا انطوائية و زوجة صديقه كانت مرحة
فكانوا عندما يخرجون للرحلات تقريبا ذلك الزوج المرح يتحدث طوال الوقت مع زوجة صديقه و يضحكان و واحد يشمخ الآخر بالماء ووووو
أما تلك الزوجة مريحة متهدرش موالو
في موقف كهذا أول قلة حياء أنو تقرعج مع صاحب راجلها ثانيا حرام شرعا ثالثا لابد أن مشاعر تلك الانطوائية ستجرح كتلقا راجلها يحكي مع وحدة اخرى ولكن مالذي خلاهم يديرو هاك
ببساطة ميقدرش يضحك هكذاك مع مارتو
لذلك مهم جدا جدا الاختلاف في مواطن و الاتفاق في مواطن أخرى
رأي لا أعلم صحته من خطئه و بوركت مجددا أخي
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسعد الله اوقاتك وملاها يمنا وبركة
ماشاء الله لا قوة الا بالله تبارك الدي بيده الملك
بارك الله فيك وجزاك كل خير وجعل كل حرف خطته يمناك في موازين حسناتك
دمت ودام تالقك وتميزك اخي الكريم الكبير

اما في ما يخص الموضوع هناك نقط تم دكرها غفل عنها الكثييييييرون والكثيرات
وبالنسبة لي السبب الوحيد والاوحد للخطا في اختيار الزوج|ة او الخاطب هو البعد عن الدين وعن الله عز وجل
فصفات الزوج|ة قد تم ذكرها في القران و السنة ولو ان الناس تعود لدينها فسيكون الكل بالف خير ان شاء الله تعالى
فديننا قد وضع الاسس الصحيحة للزواج والاسس التي يجب ان تتوفر في الزوج والزوجة واكيد لا يخلو اي زواج من مشاكل لكن المشكل في كيفية وطريقة تعامل كل منهما مع المشكلات​



من أسس اختيار الزوج

أن يكون الزوج: موحداً، تقيًّا، أميناً:

(1) موحد:
لأن التوحيد أصل هذا الدين، وعموده المتين، وفسطاطه القويم، والشرك والكفر والنفاق والجاهلية من نواقض هذا الدين.
والمسلم إذا صحَّت عقيدته خلت حياته من الخرافات والخزعبلات، واستقامت أعضاؤه، وسلمت عبادته وأعماله من الخلل والنقص والعيب، وحسنت أخلاقه، وصدق في تعاملاته، وكان من السهل التفاهم والتعاون معه.
وكان ثمرةُ زواجه ذريةً صالحةً مستقيمةً بعيدةً عن الأهواء والأوهام والبِدَع، وسلمت من الشرك والكفر والنفاق والرياء والفواحش وكبائر الإثم، وأمور الجاهلية.

والتوحيد:
هو أصل قبول الأعمال عند الله تعالى، ولا تُقبَل توبةُ تائب إلا به؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ﴾ [الزمر: 64]، وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 116]، وفِقدان التوحيد بسبب الشرك يُحبط العمل؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الزمر: 65].

• والشرك الذي يبطل التوحيد هو:
"شرك النسب"، و"شرك العبادة"، و"شرك الدعاء"، و"شرك المحبَّة"، و"شرك التشريع".

• والكفر الذي يناقص التوحيد ويبطله هو:
كفر الشرك، وكفر النفاق، وكفر التكذيب والجحود والنكران، وكفر النعمة، وكفر من استبدل بشرع الله شرعًا آخر غيره، وفضَّل حكمَ غيره على حكمه سبحانه، وكفر الرِّدَّة، وكفر مَن والَى أعداء الله، فأحبَّهم وناصرهم وتودَّد إليهم على حساب أهل الإيمان، وعادَى أهل الإيمان بسبب إيمانهم، وكفر الموالاة والمعاداة، ومنه قوله تعالى: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22]، وكفر المتشبِّه باليهود والنصارى والمجوس، وعبدة الأوثان والنيران والبقر والشيطان وغيرهم، تشبُّهًا يفقد معه تميُّزه بالإسلام واستعلاءه به، وكفر الإلحاد "الدهريين" الذين قالوا: ﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ [الجاثية: 24]، وهو دين غالبيةِ أهل الغرب اليوم، فهم يُنكرون البعث بعد الموت، كما ينكرون القَدَر.

• والنفاق الذي يهدم الإسلام، وصاحبه في الدرك الأسفل من النار هو:
♦ نفاق الاعتقاد:
فيظهر صاحبه الإسلام، ويخفي في قلبه كراهيته له، وحبه لأهل الكفر وما هم عليه.

♦ ونفاق العمل:
إذا اجتمعت فيه خصال المنافق الأربعة: ((إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر)).

• والجاهلية:
التي هي والإسلام نقيضان لا يجتمعان أبدًا، حاربها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء لهدمها، وقال عنها في حجَّة الوداع: ((ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة))[1].

ومن أمور الجاهلية:
حكم الجاهلية، وحميَّة الجاهلية، وظن الجاهلية، وتبرُّج الجاهلية، وربا الجاهلية، ودماء الجاهلية، والفخر بالأنساب والأحساب والأموال، والنياحة على الأموات، وشق الجيوب، ولطم الخدود.
فمن عظَّم في زماننا هذه الأمور الجاهلية التي حقَّرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلها تحت قدميه، فقد وقع في الجاهلية، وليحذر من قوله صلى الله عليه وسلم: ((ومن ادَّعى دعوى الجاهلية فهو من جثى جهنم))[2].

• لذلك كان التوحيد هو الأساس الأول للاختيار، حتى يستطيع كلا الزوجين تربية الأولاد على العقيدة الصحيحة الراسخة الثابتة، تزول الجبال ولا تزول.
• كما أن التوحيد هو العامل الرئيسي في تحديد عمل العقل، وتحديد أهدافه وأولوياته، ورغبته في رضوان الله تعالى والدار الآخرة.
وهذا من أهم الأمور المطلوب التوافق عليها بين الزوجين، حتى يتمَّ تضييق الخناق على الخلافات والمشاكل الزوجية فيما بعد، والاتفاق على القواعد الشرعية في تسيير مركب الحياة الزوجيَّة، وتربية الأولاد تربية إسلامية صحيحة معتدلة.

••••
(2) تقي:
وما أدراك ما التقوى، التقوى هي: الغاية المنشودة، والدُّرَّة المفقودة، لا طريق إلى الجنة إلا بها؛ قال تعالى: ﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ﴾ [مريم: 63]، ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]، ولا سبيل للنجاة من النار إلا بها؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ [مريم: 71، 72]، وسبيل تحصيلها هو القرآن الكريم: ﴿ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2]، وهي سبب لتحصيل العلم النافع: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 282]، ولتفريج الكروب ولتحصيل الرزق ومغفرة الذنوب: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، وهي الفرقان للمسلم يفرق به بين الحقِّ والباطل؛ قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29]، وهي رحمة لأهلها، قال تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف: 156]، والبركات من السماء والأرض حاصلة لأهل التقوى، قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96]، ومحبة الله تعالى لهم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 7].

• لذلك أمر الله تعالى بها عباده المؤمنين، وأوجبها عليهم، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
• وبالجملة: فهم فقط أهل الله وخاصته، قال تعالى: ﴿ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ﴾ [المدثر: 56].

• والتقوى لا تتحقَّق إلا بأمرين:

♦ الأول:
حياء من الله تعالى يجعل المسلم في مراقبةٍ دائمة لله عز وجل.
((أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))، وهذه هي مرتبة الإحسان في حديث جبريل المشهور.
وهذا الحياء يمنع العبد ويَحجبه عن ارتكاب المعاصي والمحرَّمات، فيتَّقي الوقوع فيها بشعوره بنظر الله تعالى إليه، ودوام مراقبته هو لربه جل وعلا.

♦ الثاني:
خوف من الله تعالى، فشعور العبد بنظر الله العظيم الكبير القوي العزيز القدوس المهيمن - يولد في قلبه الخوف والرهبة من الله تعالى، والتي دعاه الله إليها ﴿ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ ﴾ [الزمر: 16]، ﴿ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ [البقرة: 40]، ﴿ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ ﴾ [الزمر: 16]، ووصف بها رسله: ﴿ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90]، ووصف بها أهل الإيمان: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [السجدة: 16].
• هذا الخوف يمنع العبد من الظلم، ويحجبه عن الاعتداء على حقوق الآخرين وممتلكاتهم وأعراضهم.
ألم تسمع لقول ابن آدم لأخيه: ﴿ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ﴾ [المائدة: 28] لماذا؟
فعلَّل ذلك بقوله: ﴿ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المائدة: 28].
فخوفه من الله تعالى منعه وحجبه عن قتل أخيه المعتدي الظالم؛ لأنه يعلم أن الرجل لا يزال في سعة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا، وأول ما يقضى فيه بين الخلائق الدماء، وأول ما يحاسب عليه العبد الصلاة.

• فالتقي:
هو الذي يجمع بين الحياء الذي يحجُبه عن المعاصي حياءً من الله تعالى؛ ولذلك كان شعبةً من شُعَب الإيمان، وكان خُلقَ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم، وبين الخوف الذي يحجُبه عن الظلم والعدوان؛ لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع عصاه على خادمه أو مواليه خوفًا من القصاص يوم القيامة، وكان صلى الله عليه وسلم لا يغضب لنفسه قط، إنما يغضب عندما تُنْتَهك حرمة الله تعالى، ولم يرفع سلاحًا إلا غازيًا في سبيل الله تعالى.
• قال رجل للحسن البصري: قد خطب ابنتي جماعة فممن أزوِّجها؟ قال: "ممن يتقي الله، فإن أحبَّها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها"[3].
• إن تقوى الله تعالى أضمنُ سبيل، وأقوم طريق لحماية الرجل من عيوب المرأة، وحماية المرأة من عيوب الرجل.
وعلى سبيل المثال: من أشهر عيوب الرجل أن يكون شحيحًا بخيلًا، فإذا كان تقيًّا ذكَّرتْه زوجه بقول الله تعالى: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195]، وذكرته بقوله صلى الله عليه وسلم: ((دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدَّقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك))[4].
• والتقي إذا سمع كلام الله عز وجل أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم قال: سمعنا وأطعنا، وتغيَّرت أحواله وطباعه وَفق مقتضى قول الله، وقول رسوله صلى الله عليه وسلم.
• وإذا وقع في الفحش، ذكرته بقوله صلى الله عليه وسلم: ((ليس المؤمن بالطَّعَّان ولا اللعَّان ولا الفاحش ولا البذيء))[5].
• وإذا كان تقيًّا يقرأ في كتاب الله تعالى، ويحمل بعضه في صدره يعيه ويتدبَّره، ذكرته بالأصل الذي ينبغي أن يكون عليه المسلم الواعي لكتاب الله تعالى وهو أنه:
"لا ينبغي لحامل القرآن أن يغضب فيما يغضب فيه الناس، أو يحتدم فيما يحتدم فيه الناس، ولكن يعفو ويصفح لفضل القرآن".
• والزوج التقي هو الذي يقف عند قول الله تعالى وقول الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يتعدَّاهن، فإذا غضب وسمع أحدًا يذكِّره بقول الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134]، كظم غيظه، وعفا عمن أساء إليه، بل وأحسن إليه.
• وهذا له أهمية كبرى في الحياة الزوجية؛ فالتقي يقابل الإساءة من أهل بيته بالإحسان، منطلقًا في ذلك من قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34].
• والتقي يعاشر زوجه بالمعروف، فإذا فارقها فإنه عند الفراق يجمع بين الإحسان والمعروف، فلا تهان المرأة لديه أبدًا، فما أكرم النساء إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم، وفرق كبير بين الأدب والتأديب، والإهانة والتجريح.
• والتقي يقتدي بنبيِّه صلى الله عليه وسلم: ((خيرُكم خيرُكم لأهله، وأنا خيركم لأهلي))[6]، وانظر إلى طريق الخيريَّة في هذه الأمَّة، يبدأ من حسن الخلق مع الأهل (بالكرم والوفاء والأدب معهم، وملاطفتهم ومداعبتهم وحسن تأديبهم).
• والتقي صاحب خلق قويم يتحلَّى بمكارم الأخلاق، والمرأة أكثر ما تحتاج من الرجل: الخلق الذي يحتويها ويقدِّر مشاعرها، ويرعى عواطفها، ويصبر على اعوجاجها، ويداريها برفق، فلا تنتفع المرأة بمال زوجها أو علمه أو مركزه بقَدْر ما تنتفع بحسن خلقه وأدبه ودينه.

(3) أمين:
قال تعالى على لسان ابنة شعيب: ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26].
فالزوجة تحتاج إلى زوج قويٍّ يحميها ويغار عليها، ويكون سببًا في عفَّتها وقضاء وطرها بالحلال الطيِّب، وأمين لأن الأمانة هي السبيل لحفظ الدين، وحفظ الحقوق، ومراعاة الأرحام وصلتها، وحماية العِرض من الحرام، والمحافظة عليها.
• والأمانة هي الأساس في تحمُّل المسؤولية وأدائها على أتمِّ وجهٍ وأكمل حال، فلا يتهرَّب من المسؤولية، ولا يقصِّر في حقوق الزوجة والأبناء عليه، والزوجة والأولاد أمانة في عنق الزوج، وهو راع لهم ومسؤول عنهم أمام الله تعالى، ثم أمام الناس والقضاء العادل.
• لذلك يوصي الرسول صلى الله عليه وسلم الأولياء بقوله: ((إذا أتاكم مَن ترضون خُلُقه ودينه فزوِّجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض))[7].

 
ولكن: لماذا ذكر الخُلُق بعد الدِّين؟

• معلوم أن صاحب الدِّين ذو خلق أكيد؛ فالدين يدعوه إلى التمسُّك والتحلِّي بمكارم الأخلاق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أخيركم أحسنكم خُلُقًا))[8].
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أحبِّكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقًا))[9].
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((البِرُّ حسن الخُلُق، والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطَّلع عليه الناس))[10].
• ومن غايات الإسلام وأهدافه الدعوة إلى مكارم الأخلاق.
قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما بعثتُ لأتمِّم صالح الأخلاق))[11].
• والإسلام منظومة متكاملة، ودائرة متصلة، فهو: عقيدة وشريعة، عبادة ومعاملة، أخلاق وآداب، ولا تصحُّ استقامة العبد على الإسلام عندما يتمسَّك بشيء من هذا ويترك آخر؛ فلا أثر للعقيدة إذا لم تحمها وترعها عبادة، ولا تُقبَل عبادة بدون اتباع للشريعة والطريقةِ التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يستقيم دينُ العبد إلا إذا صحَّت تعاملاته، وصدق في وعوده ومعاهداته، وأخلص في ذلك كلِّه لله عز وجل.
• والخُلُق جزء من الدين تزداد أهميته مع الناس عامة، ((وخَالِقِ الناس بخلُق حسن))، ومع الزوجة والأولاد والأقارب والجيران والأصحاب خاصة؛ لأن الزوجة تحتاج إلى المعاشرة بالمعروف، والقلوب تميل عادةً لصاحب الإحسان والكرم، والحياة الزوجية إنما تقوم على حسن الخُلُق المتبادل، ويظهر أثره في طاعة الزوجة لزوجها وحسن تبعُّلها له، واحترام المشاعر بينهما، وحفظ الحقوق والأسرار، وحسن الصحبة.
• وحسن الخلق: ضرورة حتمية لتوفير القدوة الصالحة من الآباء والأمَّهات أمام الأولاد، والتربية بالقدوة من أهمِّ وسائل التربية؛ حتى يتسنَّى لنا تربية الأطفال على الفضيلة والأدب، ومعرفة الحلال والحرام سلوكًا وتعاملًا.
ويتجلَّى حسن الخلق في تعامل الكنَّة - زوجة الابن - مع أمِّ زوجها وإخوته، وتعامل الرجل مع أرحامه وأصهاره.
• والانفصام بين العبادة وحسن الخُلُق من آثار من لا خير فيهم، كما قال صلى الله عليه وسلم عن المرأة التي تُصلِّي وتصوم وتتصدَّق لكنها تؤذي جيرانَها قال: ((لا خير فيها هي في النار))[12].
• فقد يدَّعي الرجل الصلاح ويتظاهر به، لكنك إذا عاملته أو صاهرته وجدت الصلاح في شقٍّ، والأخلاق في شقٍّ آخر (لا خير فيه وهو في النار).
وقد تجد المرأة تحفظ من كتاب الله، وتتحدَّث بـ (قال الله، قال رسوله)، فإذا عاشرتها وجدت العناد والكِبر في عدم الاعتذار عند الخطأ، والصوت العالي، أو الإهمال في المنزل وتدبير شؤون الزوج والأولاد، أو قد تجد النشوزَ والخروج عن دائرة الزوجة الحانية الرشيدة التي طبعها السمو، ولهوها العطاء.

إن صاحب الدين والخلق، وصاحبة الدين والخُلُق - عملة نادرة في هذا الزمان، قليل مَن يجمع بين الدين الصحيح والخلق القويم، فإذا وجدته أو جاءك يطلب الزواج من إحدى محارمك أو مواليك، فسارع بزواجه، فإنما عثرت على كنز مفقود في هذا الزمان، وإذا تقدَّم للمرأة المسلمة مثل هذا الزوج، فلتقبلْه وتطلب من أهلها تيسير الأمور حتى تفوز به.
والشيء كلما قلَّ عزَّ وغلا قدْرُه، وارتفع ثمنه، وصدق الله: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13].
وصاحب الدين والخلق يعرف بين الناس كالشامة؛ فالله تعالى يحبُّه، وتحبُّه ملائكتُه، ويوضع له القبول في الأرض، ويعرف دينه وخلقه ممن عاشره وسافر معه، وتعامل معه وخالطه، ومن مطابقة قولِه لفعله، وظاهره لباطنه، وعلانيته لسرِّه.
• وليحذر المسلم من شهادة الزور في تزكية رجل أو امرأة إذا طلب منه الشهادة في الزواج أو القضاء؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ﴾ [البقرة: 282]، وألا يقول إلا الحقَّ، وقد أباح له الشرع ذكر العيوب، وليس ذلك من الغِيبة المذمومة.

وعليه أن يتجنَّب المبالغة في القول والحديث عند الشهادة.
• والرجل صاحب الخلق والدين يتمتَّع بالصدق والواقعية، وعدم المبالغة في القول أو الحديث عن النفس أو الأهل أو المال، فهو صادق وواضح وصريح، لا غموض ولا التواء.

وبعد أن عرفنا الشروط والمواصفات الواجب توافرُها في الزوج من: (موحد تقيٍّ أمين)، علينا بعد ذلك أن ننظر إلى البيئة التي نشأ فيها هذا الزوج، وأقصد بالبيئة الأسرة التي نشأ فيها، فلا بد من النظر فيها وتفحُّص أحوالها؛ لأن إخوة هذا الزوج سوف يكونون أعمامًا وعمَّات لأولادهما فيما بعد، ويكون والدا هذا الزوج جدَّين للأولاد، فلا بد إذًا من توفُّر شروط الصلاح والاستقامة وحسن الأخلاق في هذه البيئة التي نشأ فيها هذا الزوج الموحد التقيُّ الأمين.

• وهذا من التخيُّر المطالَبين به في قوله صلى الله عليه وسلم: ((تخيَّروا لنطفكم، وانكحوا الأكفاء، وأنكحوا إليهم))[13]، فإن الصفات الوراثية والجينات تنتقل من الآباء إلى الأبناء، وتنتقل مع هذه الصفات والجينات الطبائع والأخلاق.
• فلا بد من اختيار نسبٍ صالح يصلح للمصاهرة، وبيئة نرضى عنها لتكون عقبًا لأولادنا؛ فالأولاد كثيرًا ما يتأثَّرون بالأعمام والعمَّات وأولادِهم.
وهذا أيضًا ينطبق بكماله وتمامه على بيئة الزوجة أيضًا؛ لأن هذه البيئة هي التي تعلَّمت من خلالها فنون ومهارات العلاقة الزوجية.

• وليعلم الأولياء بأنه لا يجوز تزويجُ البنت من رجل صاحبِ عقيدةٍ فاسدة، أو لا يصلِّي، أو يشرب الدخان، أو نحو ذلك، فمن زوَّج وليَّته من فاسق فقد قطع رحمها، وكذلك الزوج لا يختار بنتًا لا تصلِّي؛ لأن مَن ترك الصلاة فهو على حافَة الكفر أقرب منه للإيمان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمَن تركها فقد كفر))[14].
• وفي عدم اهتمام أولياء الأمور بهذا مفاسد كثيرة من فتنة في الدين والدنيا، ولا يؤتمن تارك الصلاة على عِرض ولا مال.
• إنما نبحث عن الزوج الذي يحافظ على الصلاة جماعةً في المسجد، ويحافظ على خشوعها وسُننِها، وتؤثِّر هذه الصلاة على سلوكه، وتبعده عن الفحشاء والمنكر، وتنمِّي فيه الخشية ومراقبة الله عز وجل.
• ومن المؤسف أن تجد بعض الناس لا يسألون عن دين الرجل، وإنما المهمُّ عندهم المظهر أو المال أو المنصب، أو المؤهلات الدراسية، أو النسب أو الشهرة، أو غير ذلك، والله عز وجل يقول: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 32].

• فمتى يعود المنتسبون إلى الإسلام والمتحدِّثون باسمه إلى ما ميَّزهم الله تعالى به من أرقى وأعظم أحكام وآداب للنكاح ومقدماته؟! ومتى يتركون التشبُّه بغيرهم ممن لعنهم الله وغضب عليهم، وأضلَّهم عن الحقِّ والطريق المستقيم؟!
• متى يستقي أهل الدين أساليبَ حياتهم من ذلك النبع الصافي من القرآن والسنة، فتكون أفراحهم واتفاقاتهم وَفق شرع ربِّهم، لا وفق ما أملاه الغرب علينا من قوانينَ للأحوال الشخصية ما أنزل الله بها من سلطان؟!
• متى يكون للأمَّة المسلمة مرجعية شرعية في قوانينهم ودساتيرهم، تعلن بها عن عقيدتها وهويتها الإسلامية، وصبغتها الربانية، فلا يتحاكمون إلى قوانين وضعية تضاهي أحكام ربِّ البرية؟! وقد كان حصاد هذا التحاكم المرير إلى غير شرع ربِّ العالمين ملايين الأسر التي تشرَّدت (مطلَّقات، وعوانس، وأطفال في الشوارع، وفساد في الأخلاق والتعليم والتربية).
• والحذر من تعطيل البنات عن الزواج بحجَّة تكميل الدراسة أو بحجة أن تتزوَّج الكبرى قبل الصغرى، أو التفكير في المكاسب المادية، فهذه الأمور قد تؤدِّي إلى مفاسد، أو يزداد معها عدد القواعد من النساء في البيوت.

وليس من العيب أن يبحث الإنسان لقريبته عن زوج صالح يكون أهلًا لها، وقد فعل ذلك أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم، وسار على نهجهم التابعون وتوارثته الأجيال.

من أسس اختيار الزوج
 
أسس اختيار الزوجة

إنَّ الإِعداد لتكوين الأُسرة المسلمة يرجع إلى حقبة السنوات السابقة على إعلان مراسم الزواج، فبمقدار ما يكون كلٌّ من الزوجين قد نُشِّئ على الفهم الواعي لمبادئ الإِسلام، ورُبِّي على تطبيقه لفضائله الرفيعة وآدابه، بمقدار ما يُكتبُ لزواجهما النجاح، ولكيان أسرتهما المرتقب السداد والفلاح، ومن هنا ألحَّ الإِسلامُ على الخاطب ضرورة إعمال أقصى درجات التثبّت والتحقّق والتحري في اختيار شريكة العمر ورفيقة الدرب، وجعل لذلك أسساً ينبغي على كلّ مسلم أن يلتزمها – جهدَ استطاعته – ليضمن لكيانه الجديد أن يُبنى على الصلاح والتقوى، وليظفر بالتالي برضوان الله وسعادة الدنيا والآخرة. ولعل أهمّ الأسس التي ينبغي مراعاتها في اختيار الزوجة ما يلي:

اجتناب المُحرَّمات:
1 – أن لا تكون مُحرّمةً حرمةً أبدية أو مؤقتة:

وهو أول ما ينبغي أن يضعه المسلم في اعتباره، حين التفكير بالإِقدام على اختيار زوجة له.

أولاً: التحريم المُؤبَّد
يمنع المرأة أن تكون زوجة للرجل في جميع الأوقات، وهو إمَّا أن يكون بسبب النسب، أو المصاهرة، أو الرضاع، قال تعالى:﴿ وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً * حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُم وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُم اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ ﴾[النساء: 21-22][1].

1 – أوضحت الآية أنّ المحرَّمات من النسب سبع: الأمهات، البنات، الأخوات، العمّات، الخالات، بنات الأخ، وبنات الأخت.​

2 – وأنّ المحرمات بسبب المصاهرة (أي القرابة الناشئة بسبب الزواج) أربع:
أ – أم الزوجة، وكذا أم أمها، وأم أبيها، وإن علت.
﴿ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ﴾.
ب – ابنة الزوجة المدخول بها، وكذا بنات بناتها، وبنات أبنائها، وإن نزلن، ﴿ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم﴾.
جـ – زوجة الإِبن، وابن الإِبن، وابن البنت، وإن نزل، ﴿ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ ﴾ والحليلة: الزوجة.
د – زوجة الأب، بمجرد عقد الأب عليها وإن لم يدخل بها، ﴿ وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ ﴾.

3 – وأمّا المحرَّمات بسبب الرضاع فسبع، كالمحرمات من النسب، للحديث الذي روته عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب))[2]، وهنّ:
1- المرأة المرضعة، باعتبارها أمّا.
2- أم المرضعة، باعتبارها جدّة.
3- أم زوج المرضعة صاحب اللبن، لأنها جدّة أيضاً.
4- أخت المرضعة، باعتبارها خالة.
5- أخت زوجها، باعتبارها عمّة.
6- بنات بنيها وبناتها، باعتبارهنّ بنات إخوته وأخواته.
7- الأخت، سواء كانت أختاً لأب وأم (وهي التي أرضعتها الأم بلبان الأب نفسه - سواء أرضِعتْ مع الطفل الرضيع أو رضعت قبله أو بعده) أو أختاً لأم (وهي التي أرضعتها الأم بلبان رجل آخر) أو أختاً لأب (التي أرضعتها زوجة الأب).

(ومن المعلوم أنّ العدد المقتضي للحرمة من الرضعات خمس، لقول عائشة رضي الله عنها: (كان فيما أُنزل من القرآن: (عشرُ رضعات معلوماتٍ يُحرِّمنَ) ثم نُسخِنَ بخمسٍ معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي فيما يُقرَأ من القرآن)[3].
والرَّضاعُ المُحرَّمُ للزواج ما كان خلال الحولين الأولين من عمر الطفل، أمّا إذا كان بعدَ الحولين فلا اعتبارَ له، لأنَّ الرضيعَ في هذه المدّة يكون صغيراً، يكفيه اللبن، وبه ينبتُ لحمُه، وينشزُ عظمُه، فيصير جزءاً من المرضعة، فيشترك في الحرمة مع أولادها، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا رضاعَ إلاَّ ما أنشزَ العظمَ وأنبتَ اللحمَ))[4]، وعن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: ((يا عائشة، انظرنَ مَنْ إخوانكنَّ فإن الرضاعة من المجاعة))[5]، وعن عبدالله ابن الزبير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا رضاعَ إلاَّ ما فتَّق الأمعاءَ في الثدي وكان قبلَ الفِطام))[6]، قال مالك: "ما كان من الرضاعة بعد الحولين، فإنَّ قليلَه وكثيره لا يُحرِّمُ شيئاً، وإنَّما هو بمنزلة الطعام"[7].


ثانياً: التحريم المؤقَّت
يمنع من التزوج بالمرأة، ما دامت على حالة خاصة، فإنْ تغيَّرت تلك الحالُ زال التحريم، وصارت حلالاً. ومن المَحرَّم على المسلم حرمةً مؤقتة:

1 – الجمع بين الأختين، لقوله تعالى:
{وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ}، بالإضافة إلى أنَّ الجمع بينهما يولّد الشقاق بين الأقارب، ويعكّر صفو الأخوة والمودة، ويمزّق ما بين الأرحام من صلات.

2 – الجمع بين المرأة وعمّتها، وبين المرأة وخالتها،
لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يُجمَعُ بين المرأة وعمّتها، ولا بين المرأة وخالتها))[8]. قال النووي: "هذا دليل لمذهب العلماء كافّة، أنه يحرم الجمع بين المرأة وعمّتها، وبينها وبين خالتها، سواء كانت عمّة وخالةً حقيقية (وهي أخت الأب، وأخت الأم) أو مجازيةً (وهي أخت أبي الأب، وأبي الجد، وإن علا، أو أخت أم الأم وأم الجدة، من جهتي الأم والأب، وإن علت فكلُّهنَّ بإجماع العلماء يحرم الجمع بينهما)"[9].

3 – زوجة الغير، وذلك رعايةً لحق الزوج، لقوله تعالى:
{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[10]، أي: وحُرِّمتْ عليكم المحصناتُ من النساء، وهن ذوات الأزواج.

4 – مُعتَّدة الغير،
وهي التي مات عنها زوجها، أو طلَّقها طلاقاً بائناً، ولا تزال في عِدَّتها، فهذه تحرُمُ خِطبتُها إلاَّ أن تكون تلميحاً فقط، وإنَّما حُرِّم التصريح بخِطبتها، مراعاةً لحزنها وإحدادها ومواساةً لشعور أهل الميت في الحالة الأولى، ولأنَّ حقَّ الزوج لا يزال متعلقاً بها في الثانية، أمَّا إذا كانت في عِدَّة طلاق رجعي فلا يحلُّ لأحد التصريح أو التلميح بخطبتها، لأنها لا تزال في ملك زوجها وعصمته، قال تعالى:
﴿ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ ﴾ [11].
وعن سليمان بن يسار أنّ طُليحة الأسدية كانت تحت رُشَيد الثقفي، فطلَقها، فنكحت في عِدَّتها، فضربها عمر بن الخطاب وضرب زوجها بالمخفقة ضربات، وفرَّق بينهما، ثم قال عمر: "أيُّما امرأة نكحت في عِدّتها، فإن كان زوجها الذي تزوَّجها لم يدخل بها فُرِّقَ بينهما، ثمّ اعتدَّتّ بقية عِدَّتها من زوجها الأول، ثمّ كان الآخر خاطباً من الخُطَّاب، وإن كان قد دخل بها، فُرِّقَ بينهما، ثمّ اعتدَّت بقية عِدَّتها من الأول، ثمّ اعتدت من الآخر، ثم لا يجتمعان أبداً".
قال مالك وسعيد بن المسيب، ولها مهرها بما استحلّ من فرجها[12].

5 – الزانية: لقوله تعالى:
﴿ وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾[ النور: 3].
وللحديث الذي رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: ((أنّ مَرْثَد بن أبي مَرْثَد الغنوي كان يحمل الأسارى بمكة، وكان بمكة بغي يقال لها (عَنَاق) وكانت صديقتَه، قال: جئتُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسولَ الله أنكحُ عناق؟؟ قال: فسكتَ عني، فنزلت، ﴿ وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ﴾، فدعاني فقرأها عليَّ وقال: لا تنكحهْا))[13] وللحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا ينكِحُ الزاني المجلودُ إلاَّ مثلَه))[14] قال الشوكاني: "هذا وصفٌ خرج مخرجَ الغالبِ باعتبار من ظهر منه الزنا، وفيه دليلٌ على أنه لا يحلُّ للرجل أن يتزوجَ بمن ظهر منها الزنا، وفيه دليلٌ على أنه لا يحلُّ للرجل أن يتزوجَ بمن ظهر منها الزنا: ويدل على ذلك الآية المذكورة في الكتاب الكريم، لأنّ آخرها ﴿ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾".
فإنه صريح في التحريم[15]. وقال الشنقيطي: "إنَّ أظهر قولي العلماء عندي أنَّ الزانية والزاني إن تابا من الزنا، وندماً على ما كان منهما، ونويا ألاَّ يعودا إلى الذنب، فإنَّ نكاحهما جائز، فيجوز له أن ينكحها بعد التوبة، ويجوز نكاح غيرهما لهما، لأنَّ التائب من الذنب كمن لا ذنب له، لقوله تعالى: ﴿ إِلاَّ مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِم حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ [الفرقان: 70]، فالتوبة من الذنب تذهب أثره، أمّا من قال: إنَّ مَنْ زنى بامرأة لا تحلُّ له مطلقاً ولو تاب، فقولُهم خلافُ التحقيق[16]".
والمسلم الفاضل لا يمكن أن يرضى بالحياة مع زانية، أو يعاشر امرأةً غيرَ مستقيمة، والله شرعَ له الزواجَ لتكونَ الزوجة له سكناً، ويكون بينهما مودة ورحمة، فأين المودةُ التي يمكن أن تحصلَ بين مسلمٍ فاضلٍ وزانية؟؟
وهل يمكن لنفسه أن تسكنَ إلى نفسها الخبيثة الداعرة؟؟
قال ابن القيم: "ومما يوضح هذا التحريم أنَّ هذه الجناية من المرأة تعود بفسادِ فراشِ الزوج، وفسادِ النسبِ الذي جعله الله بين الناس لتمام مصالحهم، فالزنا يُفضي إلى اختلاط المياه واشتباه الأنساب، فمن محاسن هذه الشريعة تحريم نكاح الزانية حتى تتوب وتستبرئ"[17].
وقال رحمه الله: "أمّا نِكاحُ الزانية فقد صرَّح الله بتحريمه في سورة النور، وأخبر أنَّ من ينكحها فهو زنا أو مشرك، فإنَّه إمَّا أن يلتزم حكمه سبحانه ويعتقد وجوبه، أو لا، فإن لم يلتزمه ولم يعتقده فهو مشرك، وإن التزمه واعتقد وجوبه وخالفه فهو زان، وأيضاً فإنه سبحانه قال: ﴿ الخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ والْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ﴾[النور: 26]، والخبيثات: الزواني، وهذا يقتضي أنَّ مَنْ تزوجهنَّ خبيثٌ مثلُهنَّ"[18].

6 – المشركة:
وهي كلّ امرأة تعبد الوثن، كالبوذية والهندوسية والمجوسية، أو هي على مذهب إلحادي كالشيوعية، أو مذهب إباحي كالوجودية، لقوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ﴾[19].
وقوله: {﴿ وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ﴾[20]، ففي الآية الأولى نهيٌ عن نكاح المشركات، وفي الثانية نهيٌ لمَنْ أسلمَ وظلَتْ زوجُه على الشركِ أن يُبقيَها في عصمته.
والكتابياتُ غيرُ مشمولاتٍ بهذا النهي – على الأرجح – لأنَّ آية المائدة خصَّصت الكتابياتِ من هذا العموم، وهي قوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ والْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ ﴾ [المائدة: 5].
ومما يؤكد ذلك أنَّ سورة البقرة من أول ما نزل من القرآن، في حين أنّ سورة المائدة من آخر ما نزل، ثم إنَّ لفظ (مشرك) لا يتناول أهل الكتاب، لقوله تعالى: ﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ البَيِّنَةُ ﴾ [البينة: 1]، ففرَّقت الآيةُ بينهما، ولو كانا شيئاً واحداً ما فَرّقتْ. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا يصحُّ من أحدٍ أنَّه حرَّم ذلك (يعني الزواج بالكتابيات) وبه قال: عثمان وطلحة وجابر وحذيفة وابن عباس من الصحابة، ومالك وسفيان والأوزاعي وابن المسيب وابن جبير والحسن وطاووس وعكرمة والشعبي والضحاك، ممن بعدهم، كما حكاه النحاس والقرطبي"[21].
أقول: ولكنّ آية المائدة اشترطت في الكتابيات أنْ يكنَّ (مُحْصَنات) أي: عفيفات لا يُعْرَفُ عنهنّ تبذلٌ أو فاحشة، أو مجاهرة بشرك كالقول بألوهية المسيح، أو أنّه – أو عزير – ابن الله.

يقول رشيد رضا في بيان الفرق بين المشركة والكتابية:
"والمشركة ليس لها دين يحرّم الخيانة ويوجب الأمانة، ويأمرها بالخير، وينهاها عن الشر، فهي موكولة إلى طبيعتها وما تربَّتْ عليه في عشيرتها، وهو خرافات الوثنية وأوهامها، وأمانيُّ الشياطين وأحلامها، تخون زوجها، وتفسد عقيدة ولدها: أمّا الكتابية فليس بينها وبين المؤمن كبيرُ مباينة، فإنَّها تؤمن بالله وتعبده، وتؤمن بالأنبياء، وبالحياة الأُخرى وما فيها من جزاء، وتدين بوجوب عمل الخير وتحريم الشر، والفرق الجوهري بينهما هو الإِيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، والذي يؤمن بالنبوة العامة لا يمنعه من الإيمان بنبوة خاتم النبيين إلاَّ الجهلُ بما جاء به، ويوشك أن يظهر للمرأة من مباشرة الرجل أحقيةُ دينه وحسنُ شريعته، والوقوفُ على سيرة من جاء بها، وما أيده الله تعالى به من الآيات البينات، فيكمل إيمانها، ويصحُّ إسلامها، وتؤتَى أجرها مرتين، إن كانت من المحسنات في الحالين"[22].
ويقول الأستاذ حسين محمد يوسف: "إنَّ الله تعالى بيَّن العلة في تحريم الزواج بالمشركة بقوله: ﴿ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُواْ إِلَى الجَنَّةِ والمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ﴾. أي أن المشركة بما نشأت عليه من كفر، وما تعودته من رذائل لانعدام أصل الإيمان في قلبها، ضمينةٌ بأن تؤثِّرَ في زوجها وأولادها، فيجارونها في بعض أحوالها المنافية للإسلام، فيقودهم ذلك إلى النار، في حين أنَّ الله تعالى لا يرضى لعباده الكفر، ولذلك فإنَّه يدعوهم إلى اختيار الزوجة المؤمنة التي تؤسَسُ بها الأسرة على التقوى، في سياج من آداب الإسلام الفاضلة"[23].


7 – الزيادة على الأربع:
لقوله تعالى﴿ : فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّن النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ ﴾ [النساء: 3]، ولِما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنّه أمر مَنْ أسلم وتحته أكثرُ من أربع زوجات، بمفارقة ما زاد على الأربع:
أ - فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنّ غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((أمسكْ أربعاً، وفارقْ سائَرهنَّ))[24].
ب - عن قيس بن الحارث رضي الله عنه قال: أسلمتُ وعندي ثماني نسوة، فأتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت له ذلك، فقال: ((اخترْ منهنَّ أربعاً))[25].

 
2 – أن تكون ذات دين وخلق:
لقوله تعالى:
أ – ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات/ 13].
ب – ﴿ وَأَنكِحُواْ الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ﴾ [النور: 32].
جـ – ﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ ﴾ [النساء: 34].
د – ﴿ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ﴾ [النور: 26].

ولما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الثابتة التالية.

أ – عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تنكح المرأةُ لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفرْ بذات الدين تَرِبتْ يداك))[26].

ب – عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( الدنيا متاع، وخيرُ متاعها المرأةُ الصالحة)) [27].

جـ – عن سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( أربعٌ من السعادة: المرأةُ الصالحة، والمسكنُ الواسع، والجارُ الصالح، والمركبُ الهنيء، وأربعٌ من الشقاء: الجارُ السوء، والمرأةُ السوء، والمركبُ السوء، والمسكنُ الضيّق)) [28].

د – وعن ثَوبان قال: لما نزل في الفضة والذهب ما نزل، قالوا: فأيُّ المالِ نتخذُ؟؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (( لِيتخذْ أحدكم قلباً شاكراً، ولساناً ذاكراً، وزوجةً مؤمنةً تُعينُ أحدَكم على أمرِ الآخرة))[29].

(فالدينُ هو العنصُر الأساس في اختيار الزوجة، ذلك أنّ الزوجة سكنٌ لزوجها، وحرثٌ له، وهي مهوى فؤاده، وربَّةُ بيته، وأمُّ أولاده.. عنها يأخذون صفاتهم وطباعهم، فإن لم تكن على قدرٍ عظيمٍ من الدين والخلق؛ فشل الزوج في تكوين أسرةٍ مسلمةٍ صالحة، أمَّا إذا كانت ذاتَ خلقٍ ودين كانت أمينةً على زوجها في ماله وعرضه وشرفه، عفيفةً في نفسها ولسانها، حسنةً لعشرةِ زوجها، فضمنتْ له سعادتَه، ولأولاد تربيةً فاضلة، وللأسرةِ شرفَها وسمعتَها، فاللائقُ بذي المروءة والرأي أن يجعل ذواتِ الدينِ مطمحَ النظر وغايةَ البُغية. لأنَّ جمال الخُلُقِ أبقى من جمال الخَلْقِ، وغنى النفس أولى من غنى المال وأنفس، والعبرةُ العبرةُ في الخصال لا الأشكال، وفي الخِلال لا الأموال.. ومن هنا فضَّل الإِسلام صاحبَة الدين على غيرها، ولو كانت أمةً سوداءَ، (كانت لعبد الله بن رواحة أَمَةٌ سوداءُ، فلطمها في غضب، ثمّ ندم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: ما هي يا عبدالله؟ قال: تصومُ وتصلي وتُحسِنُ الوضوء وتشهدُ الشهادتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( هذه مؤمنة، فقال عبدالله، لأعتقنَّها ولأتزوّجنَّها، ففعل، فطعن عليه ناسٌ من المسلمين وقالوا: نكح أمة، وكانوا يفضَّلون أن ينكِحوا إلى المشركين رغبةً في أحسابهم. فنزل قوله تعالى: ﴿ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ﴾[30]، وعن أبي بُردة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ثلاثةٌ لهم أجران: رجلٌ من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، والعبد المملوك إذا أدَّى حقَّ الله وحقَّ مواليه، ورجلٌ كانت عنده أَمَةٌ فأدَّبها فأحسنَ تأديبها، وعلَّمها فأحسنَ تعليمها، ثم أعتقها، فتزوجها، فله أجران ))[31].

.. نعم إنَّ المرأة إذا كانت صالحةً مؤمنةً تقيةً ورعة، كانت كبنت خويلد رضي الله عنها، التي آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كفر الناس، وصدَّقته إذ كذَّبوه، وواسته بمالها إذ حرموه، فكانت خير عونٍ له في تثبيته أمام الصعاب والشدائد.. وكانت كأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، مثالِ المرأةِ الحرَّةِ الأبيَّة، التي دفعت بولدها إلى طريق الشهادة، وحرَّضته على الصمود أمام قوى الجبروت والطغيان، ليموت مِيْتةَ الأحرار الكرام.. أو كانت كصفيَّة بنت عبدالمطلب التي دفعت بنفسها إلى غمار الوغى، لتدفع يهود عن أعراض المسلمين.. أو كانت كالخنساء التي جادت بأولادها الأربعة في سبيل الله، وعندما جاءها نبأُ استشهادهم قالت: الحمد لله الذي شرَّفني باستشهادهم وإنّي لأرجو الله أن يجمعني بهم في مستقر رحمته.

3 – أن تكون ولوداً:
وذلك لما ورد في الكتاب الكريم والسنة المطهرة، من تحبيب بطلب الذرية الصالحة، وحثٍ على التكاثر في النسل، بما يحقق الغرض الأسمى من الزواج، والمتمثل في استمرار النوع البشري، وإنجاب الذرية، ودوام عمارة الإنسان للأرض، التي هي من الغايات الأساسية التي خلقه الله من أجلها.

ففي القرآن الكريم:
أ – قال تعالى:
﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً ﴾[ الكهف: 46]..​

ب – وقال:
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ والْبَنِينَ والقَنَاطِيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ والحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيِا واللهُ عِندَهُ حُسْنُ المَئَابِ ﴾[ آل عمران: 14].

جـ – وحكى سبحانه على لسان زكريا عليه السلام، أنَّه كان يتوجه إلى ربِّه بهذا الدعاء:
﴿ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ العَظْمُ مِني واشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا، وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالَيِ مِن وَرَاءِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ ليِ مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلهُ رَبِّ رَضِيًّا ﴾[مريم: 4 : 6]

د – وقال على لسان إبراهيم:
﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ﴾ [ إبراهيم: 40].

هـ – وذكر أنّ طلب الذرية الصالحة من أُمنيات المؤمنين، بل هو صفة من صفاتهم.
﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْينٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ﴾[ الفرقان: 74].

و – وحتى الملائكة، إذا أرادت الاستغفار للمؤمن، استغفرت له ولزوجه ولأولاده، وهذا فضل من أفضال الله على عباده المؤمنين:
﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَىْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَاتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ ءَابَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ﴾ [ غافر: 7 - 8].


فقد بيَّنت الآيات الكريمات أنَّ البنين من مُتَعِ الحياة الدنيا وزينتها، وأنَّ طلب النسل من الأمور التي حبَّبها الله إلى خلقه، وطبعهم على ابتغائه، وجعله جِبلَّةً فِطريةً فيهم، كما وجعله أمنيةً أجراها على لسان رسله وأنبيائه، وبغيةً للمؤمنين يحرصون على إدامة الدعاء في طلبها.
وفي السنة المطهرة: عن معقل بن يسار قال: "قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنّي أصبتُ أمرأة ذاتَ حسب وجمال، وإنَّها لا تلد، أفأتزوجُها؟؟ قال: لا، ثم أتاه الثانية، فنهان، ثما أتاه الثالثةَ، فقال: (( تزوَّجوا الودودَ الولودَ، فإنّي مكاثرٌ بكم الأمم ))"[32].
وتُعرَفُ الولود بالنظر إلى حالها من كمال جسمها وسلامة صحتها من الأمراض التي تمنع الحمل أو الولادة، وبالنظر إلى حال أمها، وقياسها على مثيلاتها من أخواتها وعمَّاتها وخالاتها المتزوجات، فإن كُنَّ ممن عادتهن الحمل والولادة كانت – في غالب أمرها – مثلَهن.


4 – أن تكون ودوداً،
تقبل على زوجها، فتحيطه بالمودة والحب والرعاية، وتحرص على طاعته ومرضاته، ليتحقّق بها الهدف الأساسي من الزواج وهو السكن.
قال تعالى في وصف الحور العين:
﴿ فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً، عُرُباً أَتْرَاباً ﴾ [الواقعة: 36 - 37]، والعروب هي المرأة المتحبِّبة إلى زوجها الودودة، وقد وردت أحاديث عديدة تؤكد على ضرورة مراعاة هذه الصفة في المرأة.


أ – فعن معقل بن يسار، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( تزوَّجوا الودودَ الولودَ، فإنّي مكاثرٌ بكم الأمم))[33].

ب – وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( نساءُ قريش خيرُ نساءٍ ركبن الإِبلَ: أحناه على طفلٍ في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده ))، وفي رواية: (( خيرُ نساءٍ ركبنَ الإِبلَ صالحُ نساء قريش )) [34]، فقد وصفهنَّ صلى الله عليه وسلم بالشفقة على أطفالهنَّ، والرأفةِ بهم والعطفِ عليهم، وبأنَّهنَّ يراعين حالَ أزواجهنَّ، ويرفقنَ بهم ويخففنَ الكُلَفُ عنهم، فواحدتُهنَّ تحفظ مال زوجها وتصونه بالأمانة والبعدِ عن التبذير، وإذا افتقر كانت عوناً له وسنداً، لا عدوًّا وخصماً.

جـ – وعن أبي أُذينة الصدفي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خيرُ نسائكم الودودُ الولودُ، المواتيةُ، المواسيةُ، إذا اتقينَ الله))[35].

د – وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا ينظرُ الله إلى امرأةٍ لا تشكرُ لزوجها، وهي لا تستغني عنه ))[36].

هـ – والمرأة الودود تكون مطيعة لزوجها، لا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ النساءِ خير؟ قال: ((التي تسرّه إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره]][37].


والودود هي المرأة التي يُعْهَدُ منها، التودّدُ إلى زوجها، والتحبّبُ إليه، وبذلُ ما بوسعها من أجل مرضاته، لذا تكون معروفةً باعتدال المزاج، وهدوء الأعصاب، بعيدةً عن الانحرافات النفسية والعصبية، تقدر على الحنو على ولدها، ورعاية حقّ زوجها. أمّا إذا لم تكن المرأة كذلك، كثر نشوزها، وترفَّعتْ على زوجها، وصعب قيادها لشراسة خلقها، مما يفسد الحياة الزوجية بل ويدمرها، بعد استحالة تحقّق السكن النفسي والروحي للزواج بسببها.

5 – أن تكون بكراً،
لتكون المحبة بينهما أقوى والصلة أوثق، إذ البِكرُ مجبولةٌ على الأُنس بأول أَليفٍ لها، وهذا يحمي الأسرة من كثير مما يُنغّصُ عليها عيشها، ويُكدّر صفوها، وبذا نفهم السرَّ الإِلهي في جعل نساء الجنة أبكاراً، في قوله تعالى:
﴿ إنا أنشئناهن إنشاء، فجعلناهن أبكارا، عربا أترابا ﴾ [الواقعة: 35 – 37].

ويجوز للرجل اختيار الثيّب إذا توفَّر لديه من الأسباب ما يدعوه إلى ذلك، قال صاحب عون المعبود في التعليق على حديث جابر: "وفيه دليل على استحباب نكاح الأبكار، إلاَّ المقتضي لنكاح الثيّب، كما وقع لجابر، فجابر مات أبوه وترك له تسع أخوات يتيمات، يحتجنَ منه إلى رعاية وعطف وخدمة، فكان من الموائم له أن يتزوج ثيِّباً، تقوم على أمرهنَّ وتعنى بشأنهنَّ". [عون المعبود 6: 44].

6 – أن تكون جميلة،
حسنة الوجه، لتحصل بها للزوج العِفَّة، ويتمَّ الإِحسان، وتسعد النفس، ومن هنا كانت نساء الجنة، اللاتي جعلهن الله تعالى جزاءً للمؤمنين المتقين، من الحور العِيْنِ، قال تعالى:
{إِنَّ المُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ، فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ، كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ} [الدخان: 51 – 54].
وقال عنهنّ القرآن في آية أخرى:
{وحُورٌ عِينٌ، كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ المَكْنُونِ} [الواقعة: 22 – 23].
والحُور: جمع حوراء، وهي البيضاء، قال مجاهد: "سميت الحوراء حوراء لأنه يحار الطرفُ في حسنها، وقيل: هي من حَوَرِ العين: وهي شدّة بياضها في شدّة سوادها، وقال أبو عمرو بن العلاء: الحَوَرُ أن تسودَّ العينُ كلها، مثل أعين الظباء والبقر، وليس في بني آدم حَوَر، وإنَّما قيل للنساء حور لأنهنَّ شُبَّهنَ بالظباء والبقر، أمّا العِين: فجمع عيناء، وهي الواسعة العين. واللؤلؤ المكنون الذي شبههنّ به في الآية الثانية، هو اللؤلؤ المصون الذي لم يتعرض للّمس والنظر، فلم تثقفه يد، ولم تخدشه عين، وفي هذا – كما يقول سيد قطب – كناية عن معان حسيّة ونفسية لطيفة في هؤلاء الحور الواسعات العيون"[41].

وقد أشارت بعض الأحاديث النبوية الشريفة إلى اعتبار عنصر الجمال في المرأة عند الاختيار:
أ – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي النساء خير؟ قال: [[خير النساء التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره]][42].
ب – وعن أبي هريرة أيضاً، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [[تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تَرِبتْ يداك]][43].
جـ – وعنه أيضاً، قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه رجل فأخبره أنَّه تزوَّج امرأةً من الأنصار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[أنظرتَ إليها؟ قال: لا، قال: فاذهبْ، فانظرْ إليها، فإنَّ في أعينِ الأنصار شيئاً]][44].
قال صاحب عون المعبود: "يؤخذ من الأحاديث استحبابُ تزوّجِ الجميلة، إلاَّ إذا كانت الجميلة غيرَ ديّنة، والتي أدنى منها جمالاً متديّنة، فتقدَّمُ ذات الدين، أمَّا إذا تساوتا في الدين فالجميلة أولى"[45].
وفي ذلك يُروى عن أكثم بن صيفي أنه قال لبنيه: [يا بَنيَّ، لا يغلبنَّكم جمالُ النساءِ على صراحة النسب، فإنَّ المناكح الكريمة مدرجة للشرف][46].
فالجمال بالنسبة للمرأة ما لم يكن محصَّناً بالنشأة الدينية والتربية القويمة والأصل العريق، قد يصبح وبالاً عليها، إذ يغري الفساق بالطمع فيها، ويهوِّنُ عليها التفريط بشرفها، مما يؤدي بها إلى التردي في هوّة الفاحشة، دون مبالاة بما يعود على الأسرة من دمار، وما يلوّث من عار وشنار.​
 
7 – أن تكون حسيبةً، كريمةَ العنصر، طيبةَ الأرومة، من حرائر النساء:
لأن الغالب فيمن اتصفت بذلك، أن تكون حميدةَ الطباع، ودودةً للزوج، رحيمةً بالولد، حريصةً على صلاح الأسرة وصيانة شرف البيت، وفي كلّ الأحوال فإنَّ أصالة الشرف وحسن المنبت ونُبل الأرومة أمرٌ مرغوب ومطلبٌ محمود.​

أ – عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها..]][47].​

ب – وعنه أيضاً أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[خير نساء ركبن الإِبل صالح نساء قريش: أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده]][48].​

ج – وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [[من أراد أن يلقى الله طاهراً مُطهَّراً فليتزوج الحرائر]][49].​

د – وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[تخيَّروا لنطفكم، وانكحوا الأكفاء]][50] والحسبُ هو الشرف بالآباء والأقارب، مأخوذ من الحِساب، لأنهم كانوا إذا تفاخروا، عدَّدوا مناقَبهم ومآثَر آبائهم وقومهم وحسبوها، فيُحَكُم لمن زاد عدده على غيره. ويؤخذ من الأحاديث المذكورة أنّ الشريف النسيب يستحبُّ له أن يتزوج بذات حسب ونسب مثله، إلاّ أن تعارض نسيبة غير ديّنة وغير نسيبة ديّنة، فتقدّم ذات الدين، وهكذا في كلّ الصفات[51]. وقد مرَّ قولُ أكثم بن صيفي: [فإنَّ المناكحَ الكريمةَ مدرجةً للشرف].
وبدهيٌ أنّ الرجل إذا تزوَّج المرأة الحسيبة المنحدرة من أصل كريم، أنجبت له أولاداً مفطورين على معالي الأمور، متطبّعين بعاداتٍ أصيلة وأخلاقٍ قويمة. لأنهم سيرضعون منها لِبانَ المكارم، ويكتسبون خصالَ الخير.
أمَّا أهلُ الدنيا فإنَّهم يجعلون المالَ حسبهم الذي يسعون إليه، ففضائلهم التي يرغبون فيها ويميلون إليها ويعتمدون عليها في النكاح وغيره المالُ، لا يعرفون شرفاً آخَر مساوياً له، بل مدانياً إيَّاه، فصحابُ المال فيهم عزيزٌ كيفما كان، والمقلُّ عندهم وضيع ولو كان ذا نسب رفيع.​

هـ – فعن أبي بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[إنَّ أحسابَ أهل الدنيا الذين يذهبون إليها المال]][52].
والحقّ الذي ينبغي أن يُصار إليه، أن حسب المرء لا يكون بكثرة ماله ووَفرة رِعائه، بل بنبالة أصله وشرف محتده.

8 – أن تكون سليمةً من العيوب المنفرة والأمراض السارية والعلل المعدية.
أ – عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[لا يُورِدونَّ مُمْرِضٌ على مُصحّ]][53].​

ب – وعنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[فِرَّ من المجذوم كما تفرُّ من الأسد]][54].​

ج – وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [[لا ضررَ ولا ضِرار]][55].
وقد ذكر العلماء عدداً من العيوب التي يُفسخُ بها الزوج، كالجَبّ، والعُنَّة، والجنون، والبَرَص، والجُذَام، والقَرَن [انسداد الفرج]، والفَتَق [انخراق ما بين السبيلين]، والنَتَن [في الفرج والفم]..
قال ابن القيم رحمه الله: "إنَّ كلَّ عيبٍ يُنفِّرُ أحدَ الزوجين من الآخر، ولا يحصل به مقصودُ النكاح من الرحمة والمودة، يوجب الخيار.. أمَّا الاقتصار على عيبين أو ستة أو سبعة أو ثمانية، دون ما هو أولى منها، او مساو لها، فلا وجه له، فالعمى والخرس والطرش وكونها مقطوعة اليدين أو الرجلين أو إحداهما، من أعظم المنفرات، والسكوت عنه من أقبح التدليس والغش، وهو مناف للدين، والإِطلاق إنَّما ينصرف إلى السلامة، فهو كالمشروع عرفاً"[56].​

د – وروي عن عمر رضي الله عنه أنّه قال: "أيُّما امرأةٍ غَرَّ بها رجل، بها جنونٌ أو جذامٌ أو بَرَصٌ، فلها المهرُ بما أصاب منها، وصَداقُ الرجل على مَنْ غرَّه"[57].
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنّه قال: "أيُّما امرةٍ نكحت، وبها بَرَصٌ أو جُذامٌ أو جُنون أو قَرَن، فزوجُها بالخيار ما لم يمسَّها، إنْ شاء أمسك، وإنْ شاء طلّق، وإن مسَّها فلها المَهْرُ بما استحلَّ من فرجها"[58].
قال مالك: "وإنَّما يكونُ ذلك غُرْماً على وليها لزوجها، إذا كان وليُّها الذي أنكحها هو أبوها أو أخوها أو من يرى أنّه يعلم ذلك منها، أمَّا إذا كان وليها الذي أنكحها ابنَ عمٍ أو ابنَ العشيرةِ ممن يُرى أنَّه لا يعلم ذلك منها، فليس عليه غرم، وتردُّ تلك المرأةُ ما أخذته من صَداقها، ويتركُ لها قَدْرَ ما تُسْتَحلُّ به"[59].

9 – أن تكون عفيفةً محتشمة، ذاتَ أخلاق فاضلة، لا يُعْرَف عنها سفورٌ أو تبرج، بحيثُ لا يحجزها حياؤها عن إبراز مفاتن جسدها أمامَ كلِّ ناظر:

أ – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[صنفان من أهلِ النار لم أرهما: قومٌ معهم سياطٌ كأذناب البقر يضربون بها الناس [إشارة إلى الحكام الظلمة]، ونساءٌ كاسياتٌ عاريات، مميلاتٌ مائلات، رؤوسهنَّ كأسنمة البُخْتِ المائلة. لا يدخلنَ الجنةَ، ولا يجدنَ ريحَها، وإنَّ ريحَها لتوجدُ من مسيرة كذا وكذا]][60].​

ب – عن أبي أذينة الصدفي رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [[شرُّ نسائكم المُتبِّرجات المُتخيِّلات، وهنَّ المنافقات، لا يدخلُ الجنةَ منهنَّ إلاَّ مثلُ الغرابِ الأعصم]][61].​

ج – وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: [[إن عندي امرأة هي من أحبّ الناس إليّ، وهي لا تردُّ يدَ لامس، قال: طلِّقها، قال: لا أصبرُ عنها، قال: استمتع بها]][62].

ومن مظاهر حشمة المرأة وصونها وعدم ابتذالها:
1 – عدم إكثارها الخروج من بيتها، وتجوالها بين الرجال في الأسواق ومجامع الطرق فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[المرأةُ عورةٌ، فإذا خرجتْ استشرفها الشيطانُ]][63]، واستشرفها: أي تعرَّض لها واطلَّع عليها ينظر إليها يحاول غوايتها.
2 – عدم اعتراضها الرجال مستعطرةً، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [[إن المرأة إذا استعطرت فمرَّتْ على القومِ ليجدوا ريحها، فهي كذا وكذا، يعني زانية]][64].
3 – أن لا تتشبه بالرجال في لبسها أو حركتها: فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلَ الذي يلبس لِبْسةَ المرأة، والمرأةَ تلبس لِبْسَةَ الرجل"[65].
وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، وقال: أخرجوهم من بيوتكم، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلانة، وأخرج عمر فلاناً"[66].
4 – أن لا تكون ممن يلبس ثياب شهرة: فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[مَنْ لبس ثوبَ شُهرة ألبسه الله إيَّاه يومَ القيامةِ، ثمّ ألهبَ فيه النار، ومن تشبه بقوم فهو منهم]][67].
5 – أن لا تكون ممن يتزيّنَ بالوشم أو الوصل أو تفليج الأسنان:
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: [أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الواصلةَ والمستوصلةَ، والواشمةَ والمستوشمة][68]، وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن المُتنمِّصات، والمتفلِّجات، والمستوشمات، اللاتي يُغيِّرنَ خلق الله تعالى"[69].

10 – أن لا تكون غيراء
،
والغَيْرةُ موجودة في غالب النساء، إلاَّ أنَّ المذموم منها تلك التي تتأجَّجُ في صدر صاحبتها ناراً تُشعِلُ جيوشَ الظنون والشكوك كلَّ آن فتحيلَ حياة الأسرة جحيماً لا يطاق:
أ – عن أنس بن مالك رضي الله عنه قالوا: يا رسول الله، ألا تتزوّج من نساء الأنصار؟ قال: [[إنَّ فيهم لغَيْرةً شديدة]][70].​

ب – ولذلك لم يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَّ سَلَمة رضي الله عنها، إلاَّ بعد أن دعا أن يُذهِبَ الله غيرتها، عن أمّ سلمة قالت: لمّا توفّي أبو سلمة، استرجعتُ وقلت: اللهمَّ أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منه، ثم رجعت إلى نفسي، قلت: من أين لي خير من أبي سلمة؟ فلما انقضت عِدَّتي استأذن عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أدبغُ إهاباً لي، فغسلت يدي من القَرَظِ [ما يُدبَغُ به] وأذِنتُ له، فوضعت له وسادة أدمٍ حشوها ليف، فقعد عليها، فخطبني إلى نفسي، فلما فرغ من مقالته، قلت: يا رسولَ الله، ما بي أن لا تكونَ بك الرغبةُ فيَّ، ولكني امرأة فيَّ غَيْرة شديدة، فأخاف أن ترى مني شيئاً يُعذِّبني الله به، وأنا امرأة قد دخلت فيَّ السنُّ، وأنا ذات عيال، فقال: [[أمّا ما ذكرتِ من غَيرتك فسوف يُذهبها الله عزَّ وجلَّ عنك [وفي رواية النسائي، فأدعو الله عزّ وجلّ فيُذهِبَ غيرتك]، وأما ما ذكرتِ من السنّ فقد أصابني مثلُ الذي أصابك، وأما ما ذكرتِ من العيال فإنَّما عيالك عيالي]]: قالت: فقد سلَّمتُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتزوجها. قالت أمُّ سلمة: فقد
أبدلني الله بأبي سلمة خيراً منه رسول الله صلى الله عليه وسلم][71].​

ج – أمّا الغيرة المعتدلة التي لا تتسلط على صاحبتها، فهي مقبولة بل وقد تُستملَح أحياناً:
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه [وفي رواية عائشة]، فأرسلت إليه إحدى أُمهات المؤمنين [في رواية أم سلمة، وفي أخرى صفية] بصَحفة فيها طعام، فضربت التي هو في بيتها يد الخادم، فسقطت الصحفةُ، فانفلقتْ، فجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فِلَقَ الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: [[غارتْ أُمُّكم، غارتْ أُمُّكم]] ثم حبس الخادم، حتى أُتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفعها إلى التي كُسرت صحفتها، وأمسك المسكورة في بيت التي كسرتها][72].
د – أما الغيرة المحمودة، فهي التي تكون إذا ما ارتُكبتْ محارم الله:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [[إنَّ الله يغار، وإنَّ المؤمن يغار، وإنَّ غيرةَ الله أن يأتي المؤمنُ ما حرَّم الله عليه]][73].

11 – أن لا تكون مخطوبةَ غيره:
فقد نهى الشارع الحكيم أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، لما في ذلك من توريث العداوات، وإثارة الإحن، وتأجيج الأحقاد بين الناس:
أ – عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[إيَّاكم والظنَّ، فإنَّ الظنَّ أكذُب الحديث، ولا تجسَّسوا، ولا تحسّسوا، ولا تباغضوا، وكونوا عبادَ اللهِ إخوانا]][74].​

ب – وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخطب الرجل على خطبةِ أخيه، حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذنَ له"[75].​

ج – وعنه أيضاً، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[لا يخطبُ أحدُكم على خِطبة أخيه، ولا يبع على بيع أخيه إلاَّ بإذنه]][76].​

د – وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[لا يخطب الرجل على خِطبة أخيه حتى ينْكِح أو يترك]][77].
قال الإمام مالك: "وتفسير قوله [[لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه]]: أن يخطب الرجل المرأة، فتركن إليه، ويتفقان على صداق واحد معلوم، وقد تراضيا، فهي تشترط عليه لنفسها، فتلك التي نهى أن يخطبها الرجل على خطبة أخيه، ولم يعن بذلك إذا خطب الرجل المرأة، فلم يوافقها أمره، ولم تركَنْ إليه، أن لا يخطبها أحد"[78].

وقد استدلَّ بعضُ الفقهاء على أنَّ تحريم خِطبة الرجل على خِطبة أخيه مشروطٌ بحصول التراضي مع الأول وتسمية المهر، بحديث فاطمة بنت قيس، حيثُ قالتْ: [فلمَّا حللتُ [من العِدَّة] ذكرتُ له [لرسول الله] أنَّ معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[أمَّا أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأمَّا معاوية صُعلوك لا مالَ له، انكِحي أسامةَ بنَ زيد، فكرهتُه، ثم قال: انكحي أسامة، فنكحتُه]][79]، وحجَّتُهم أن، النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكرْ خِطبةَ بعضهم على بعض، بل خطبها لأسامة[80]. أما إذا خطب الأول، وأُجيب طلبُه، فقد أجمع الفقهاء على تحريم الخِطبة على خطبته، فإذا خطب الثاني ولم يدخل وجب فسخُ الخطبة، فإن دخل بها صحَّ زواجه، وكان آثماً[81]. أمَّا إذا كان الأول فاسقاً، فقد أجاز بعضُ الفقهاء خِطبة الرجل على خطبته، وقالوا: لا تحرم، ولو رَكَنَتْ إليه، لأنَّ درءَ المفسدةِ المترتبةِ على وقوعها في عصمة الفاسق مُقدَّمٌ على المفنعة المتوقعة من زواجها به ونقل الحافظ في الفتح [9: 200] عن ابن القاسم صاحب مالك قوله: إنَّ الخاطب الأول إذا كان فاسقاً، جاز للعفيف أن يخطب على خطبته، ثم قال الحافظ رحمه الله: "وهو مُتَّجِهٌ فيما إذا كانت المخطوبة عفيفة، فيكون الفاسق غير كفء لها، فتكون خطبته كلا خطبة، وقال: وقد رجَّح قولَ ابن القاسم ابنُ العربي، أمّا الجمهور لم يعتبروا ذلك إذا صدرت منها علامة القبول، بل وأطلق بعضهم الإِجماع على خلافه".

12 – أن تكون يسيرة المهر:
فقد فرض الشارع المهر للزوجة منحةَ تقدير تحفظ عليها حياءها وخفرها، وتعبيراً عن إكرام الزوج لها ورغبته فيها، إلاَّ أنَّه – من جانب آخر – حثَّ على يُسره وخِفَّته.
أ – عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [[خيرُ النكاحِ أيسرُه]][82].​

ب – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إنَّي تزوجتُ امرأةً من الأنصار، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل نظرتَ إليها؟ فإنَّ في أعين الأنصار شيئاً، قال: قد نظرتُ إليها، قال: على كم تزوجتَها؟ قال: على أربع أواق، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: [[على أربع أواق، كأنَّما تنحِتون الفِضَّةَ من عُرْضِ هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك، ولكن عسى أن نبعثَك في بَعْثٍ تصيبُ منه..]]"[83].​

ج – عن عائشة رضي الله عنها أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[إنَّ من يُمْنِ المرأةِ: تيسيرَ خِطبتها، وتيسيرَ صداقها، وتيسيرَ رحمها. قال عروة: يعني تيسير رحمها للولادة]][84].​

د – عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: [جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسولَ الله، جئتُ أهَبُ نفسي لك، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصعَّدَ النظَر فيها وصوَّبه، ثم طأطأ رأسه، فلما رأت المرأةُ أنَّه لم يقضِ فيها شيئاً جلستْ، فقام رجلٌ من أصحابه فقال: يا رسولَ الله، إنْ لم تكنْ لك بها حاجة، فزوجنيها، فقال: فهل عندك من شيء؟ فقال: لا واللهِ يا رسولَ الله، فقال: اذهبْ إلى أهلك فانظرْ هل تجد شيئاً؟ فذهب ثم رجع فقال: لا واللهِ ما وجدت شيئاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انظر ولو خاتماً من حديد فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتماً من حديد، ولكن هذا إزاري فلها نِصفُه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تصنُع بإزارك؟ إنْ لبستَه لم يكنْ عليها من شيء، وإن لبسَتْه لم يكن عليك منه شيء، فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مولّياً، فأمر به فدُعِي، فلما جاء قال: ماذا معك من القرآن؟ قال: معي سورة كذا وسورة كذا، قال: تقرؤهنّ عن ظهر قلبك؟ قال: نعم، قال: اذهب فقد ملكتُكها بما معك من القرآن][85].​

هـ – عن أنس بن مالك رضي الله عنه [أنّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبدالرحمن ابن عوف أثر صُفرةٍ، فقال: ما هذا؟ قال: يا رسول الله إنّي تزوجتُ امرأة من الأنصار، قال: كم سقتَ إليها؟ قال: زِنَة نواةٍ من ذهب، قال: بارك الله لك، أولمْ ولو بشاة][86]، وفي رواية البيهقي: [على وزن نواة من ذهب، قوّمت خمسة دراهم].​

و – عن أبي العجفاء السلمي قال: "خطبنا عُمر يوماً، فقال: ألا لا تغالوا في صَدَقَاتِ النساء، فإنَّ ذلك لو كان مكُرمةً في الدنيا وتقوى عند الله، كان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسولُ الله صلى الله عليه وسلم امرأةً من نسائه، ولا أُصدِقتْ امرأةٌ من بناته، أكثرَ من ثنتي عشرة أُوقيَّة"[87].​

ز – عن أبي سلمة بن عبدالرحمن قال: "سألتُ عائشة رضي الله عنها: كم كان صَداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أُوقيَّة ونشَّاً، قالت: أتدري ما النَّشُّ؟ قلت: لا، قالت: نِصف أُوقيَّة، فذلك خمس مئة درهم"[88].​

ح – عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: "لمّا تزوّج علي بفاطمة رضي الله عنهما وأراد أن يدخل بها، قال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: [[أعطها شيئاً]]، قال: ما عندي شيء، قال: [[أين درعُك الحُطَميَّة؟]] فأعطاها درعه"[89].​

ط – عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "تزوَّج أبو طلحة أم سُليم، فكان صَداق ما بينهما الإِسلام، أسلمتْ أمُ سُليم قبل أبي طلحة، فخطبها، فقالت: إنّي قد أسلمت، فإن أسلمتَ نكحتُك، فأسلم، فكان صداق ما بينهما"[90].

يتبين لنا – مما سبقنا من أحاديث شريفة – أنَّ السنة في عدم التغالي في الصَّداق، بل إنَّ خَيره أيسرهُ، وأفضله ما كان موافقاً صداق نساء النبي صلى الله عليه وسلم وبناته الأطهار، وهو ما يعادل خمس مئة درهم، هذا بالنسبة للقادر المستطيع، أمّا الفقير الضعيف الحال فالأولى أن يكون أقلُّ من ذلك بكثير، فقد زوّج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته لعلي، وطلب إليه – لما علم رقَّةَ حاله – أن يُصدِقها درعه الحُطميَّة، كما زوّج عليه الصلاة والسلام المرأة التي وهبت نفسها له من الصحابي الفقير، وجعل صداقها ما يحفظ من القرآن، وتزوّجت أم سليم أبا طلحة، وجعلا صداقَ ما بينهما إسلامَه، كما تزوّج عبدالرحمن بن عوف بزِنة نواةٍ من ذهب، وقال الخطَّابي: النواةُ اسم لقدرٍ معروف عندهم، فسَّروها بخمسة دراهم من ذهب، وقال أبو عبيد: إنَّ أبا عبيدة دفع خمسة دراهم تُسمى نواة، كما تُسمى الأربعون درهماً أوقيَّة[91]. وقد أنكر عليه السلام على الذي أصدق الأنصارية أربع أواق فضة، وحاله لا تساعدُه على ذلك، وقال له: كأنَّما تنحِتون الفِضَّةَ من عُرْضِ هذا الجبل.

قال ابن القيم في [زاد المعاد 5: 178]: [تضمنت الأحاديث أنّ الصَّداق لا يتقدَّر أقلُّه، وأنَّ المغالاة في المهر مكروهة في النكاح، وأنّها من قِلَّة بركته وعُسره، وأنَّ المرأة إذا رضيت بعلمِ الزوج وحفظهِ للقرآن أو بعضِه مهرَها جاز ذلك، بل إنْ رضيتْ بالعلم والدين وإسلام الزوج وقراءته القرآن، كان من أفضل المهور وأنفعها وأجلّها.
وقال بعضهم: لا يكون الصَّداق إلاَّ مالاً، ولا يكون منافع أخرى، ثم جعلوا لأقلِّه حَّداً، فقال أبو حنيفة، لا يكون أقلَّ من عشرة دراهم، وقال مالك: لا يكون أقلَّ من رُبع دينار [أو ثلاثة دراهم]، وهي أقوال لا دليل عليها من كتاب ولا سنة ولا قياس ولا قول صاحب، وقد زوَّج سعيدُ بن المسيب ابنته على درهمين، وتزوَّج ابنُ عوف على خمسة دراهم، وأقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا سبيل إلى إثبات المقادير إلاَّ من جهة صاحب الشرع].

ونقل الحافظ ابن حجر في [الفتح 9: 209] قولَ ابن المنذر تعليقاً على حديث [[التمس ولو خاتماً من حديد]] [فيه ردٌ على من زعم أنَّ أقلَّ المهرِ عشرةُ دراهم، وكذا من قال ربع دينار، قال: لأنَّ خاتماً من حديد لا يساوي ذلك] ثم نقل رحمه الله قول ابن العربي من المالكية: [لا شكَّ أنَّ خاتم الحديد لا يساوي ربع دينار] [الفتح 9: 211].
أمّا ما يُروى من قصة المرأة التي ردَّت على عمر بن الخطاب، حين دعا إلى عدم التغالي في المهور، بقوله تعالى:
{وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً}.
ونصُّها: [عن مجالد بن سعيد عن الشعبي قال: خطب عُمر بن الخطّاب رضي الله عنه الناسَ، فحمِد الله وأثنى عليه، وقال: ألا لا تغالوا في صُدُقِ النساء. فإنَّه لا يبلغني عن أحدٍ ساق أكثر من شيءٍ ساقَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، أو سيق إليه، إلاَّ جعلتُ فضلَ ذلك في بيت المال، ثم نزل، فعرضت له امرأة من قريش، فقالت: يا أميرَ المؤمنين، كتاب الله أحقُّ أن يُتبَّع أو قولك؟ قال: بل كتاب الله عزّ وجلّ، فما ذلك؟ قالت: نهيتَ الناسَ آنِفاً أن يغالوا في صُدُق النساء، والله عزَّ وجلَّ يقول:
{ وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً}.

فقال عمر: كلُّ أحدٍ أفقهُ من عمر – مرتين أو ثلاثاً – ثم رجع إلى المنبر، فقال للناس: إنّي نهيتُكم أن تغالوا في صُدُق النساء، ألا فليفعل رجلٌ في ماله ما بدا له][92]. فهذه القصة غير ثابتةَ عن عمر رضي الله عنه، لأنَّ في سندها علتين: الأولى = الانقطاع، لأنَّ الشعبي لم يدرك عمر، حيث ولد لستٍ خلونَ من خلافته.
والثانية = الضعف، من أجل مجالد بن سعيد، إذا ضعَّفه البخاري والنسائي والدارقطني وابن عدي وابن معين والحافظ في [التقريب]، هذا بالإضافة إلى نكارة المتن: إذ تخالفُ ما صحَّ عن عمرَ من أنَّه نهى عن المغالاة في المهور – كما ذكرنا فيّ [[و]] – أولاً، ولمخالفتها ما صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحثّ على عدم المغالاة فيها، وأمره بتيسير الصَّداق ثانياً، ولمخالفتها معنى الآية التي استشهدت بها المرأة، قال القرطبي: [لا تعطي الآية جواز المغالاة، لأنّ التمثيل بالقنطار، إنَّما هو على جهة المبالغة، كأنَّه قال: وآتيتم هذا القدر العظيم الذي لا يؤتيه أحد، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم: [[من بنى لله مسجداً، ولو كمفحص قطاة]] ومعلوم أنَّه لا يكون مسجد كمَفْحَصِ قطاة]، ونقل أبو حيَّان عن الفخر الرازي قوله: [لا دلالةَ فيها على المغالاة، لأنّ قوله تعالى: {وَءَاتَيْتُمْ..} لا يدلّ على جواز إيتاء القنطار، ولا يلزم من جعل الشيء شرطاً لشيء آخر، كون ذلك الشرط في نفسه جائزَ الوقوع كقوله صلى الله عليه وسلم: [[من قُتِل له قتيلٌ فأهله بين خيرتين..]][93].

قال ابن تيمية في [ الفتاوى 32: 194]: "والمستحبُّ في الصداق مع القدرة واليسار، أن يكون جميع عاجله وآجله لا يزيد على مهر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولا بناته، وكان ما بين أربعمائة إلى خمسمائة بالدراهم الخالصة، فهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، من فعل ذلك فقد استنَّ بسنة رسول الله في الصداق، قال أبو هريرة رضي الله عنه: [[كان صداقُنا – إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم – عشرَ أواق، وطبَّق بيديه، فذلك أربعمائة درهم، رواه أحمد في مسنده، وهذا لفظ أبي داود في سننه، فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواتي هنَّ خيرُ خلق الله في كلّ فضيلة، وهنّ أفضل نساء العالمين في كلّ صفة، فهو أحمق جاهل، وكذلك صداق أمهات المؤمنين، هذا مع القدرة واليسار، فأمّا الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يُصدِقَ المرأة إلاَّ ما يقدر على وفائه من غير مشقة. والأولى تعجيل الصداق كله للمرأة قبل الدخول إذا أمكن، فإن قدَّم البعضَ وأخَّرَ البعضَ فهو جائز، وقد كان السلف الصالح الطيب يرخصون الصداق، والذي نقل عن بعض السلف من تكثير صداق النساء فإنَّما كان ذلك لأنَّ المال اتسع عليهم، وكانوا يعجِّلون الصداق كله قبل الدخول، لم يكونوا يؤخرون منه شيئاً، ومن كان له يسار ووجد فأحبَّ أن يعطي امرأته صداقاً كثيراً فلا بأس بذلك، كما قال تعالى: {وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً}.

وقال أيضاً: "ويكره لرجل أن يصدق المرأة صداقاً يضرُّ به أن ينقده، ويعجز عن وفائه إن كان ديناً، وما يفعله بعض أهل الجفاء والخيلاء والرياء من تكثير المهر للرياء والفخر، وهم لا يقصدون أخذه من الزوج، وهو ينوي أن لا يعطيهم إياه، فهذا منكر قبيح، مخالف للسنة، خارج عن الشريعة".
ويقول الإمام الشوكاني تعليقاً على حديث عائشة: [[إنّ أعظم النساء بركةً أيسرهن مؤونة]] في [نيل الأوطار 6: 313]: "فيه دليل على أفضلية النكاح مع قلّة المهر، وأنّ الزواج بمهر قليل مندوب إليه، لأنّ المهر إذا كان قليلاً، لم يستصعب النكاح من يريده، فيكثر الزواج المرغَّبُ فيه، ويقدر عليه الفقراء، ويكثر النسل الذي هو أهم مطالب النكاح، بخلاف ما إذا كان المهر كثيراً، فإنّه لا يتمكن منه إلاَّ أربابُ الأموال، فيكون الفقراء الذين هم الأكثر في الغالب غير مُزوَّجين، فلا تحصل المكاثرة التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم".

وقال الصنعاني في [سبل السلام 3: 113]: "أنه لابدّ من الصداق في النكاح، وأنَّه يصحُّ أن يكون شيئاً يسيراً، فإنَّ قوله: [[ولو خاتماً من حديد]] مبالغة في تقليله، فيصحّ بكل ما تراض عليه الزوجان أو مَنْ إليه ولاية العقد مما فيه منفعة، وأنّه ينبغي ذكر الصداق في العقد، لأنه أقطع للنزاع، وأنفع للمرأة، فلو عقد بغير ذكر صداق صحّ ووجب لها مهر المثل بالدخول، وأنّه يُستحبُّ تعجيل المهر، ويصحُّ أن يكون منفعة كالتعليم فإنَّه منفعة ويقاس عليه غيره، ويدلُّ عليه قصة موسى مع شعيب، وقوله: [[بما معك من القرآن]] يحتمل وجهين: أظهرهما أن يعلِّمها ما معه من القرآن ويكون ذلك صداقاً، ويؤيده قوله في بعض طرقه الصحيحة: [[فعلِّمْها من القرآن]]، ويحتمل أنّ الباء للتعليل وأنّه زوجه بها بغير صداق إكراماً له لكونه حافظاً لبعض القرآن".

وقد اعتمد بعض الفقهاء في جعلهم عشرة دراهم حدّاً أدنى للمهر على حديث جابر: [لا مهرَ أقلُّ من عشرة دراهم] إلاَّ أنّ هذا الحديث لم يصحّ، فقد أخرجه الدارقطني في سننه [3: 244] وقال: فيه مبشرّ ابن عبيد، متروك الحديث، أحاديثه لا يتابع عليها، كما أخرجه البيهقي من طريقه [7: 240] ثم ذكر قول أبي علي الحافظ: فيه مبشرّ بن عبيد وقد أجمعوا على تركه، وكان أحمد بن حنبل يرميه يوضع الحديث، وذكره الشوكاني في [الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة] برقم: 343؛ ونقل قول أحمد: مبشر كذاب، يضع الحديث، وقال الشوكاني في [نيل الأوطار 6: 311]: "لو صحّ لكان معارضاً لما تقدَّم من الأحاديث الدالة على أنّه يصحّ أن يكون المهر دونها، ولكنه لم يصحّ، فإنّ في إسناده: مبشرّ بن عبيد وحجاج بن أرطأة وهما ضعيفان، وقد اشتهر حجاج بالتدليس، ومبشر متروك، وقد روى الحديث البيهقي من طريق آخر، وفي إسناده داود بن زيد الأودي وهو ضعيف بلا خلاف، وثالثة فيها أبو خالد الواسطي، فهذه طرق ضعيفة لا تقوم بها حجة".
وقاس بعض الفقهاء أقلَّ المهر على أولّ ما يُقطَعُ به يد السارق، وقد ردّ ابن القيم هذا القياس في [الزاد 2: 330] وقال: "وهو من أفسد القياس، وأين النكاح من اللصوصية؟ واستباحة الفرج من قطع اليد؟؟".

 
13 – أن تكون راضيةً بالزواج ممَنْ تقدَّم لخطبتها:
فينبغي على ولي البنت أخذُ رأيها فيمن رغب فيها، فلا يرغمها على الزواج من رجل لا ترغب فيه، ذلك أنَّ الزواج عقد الحياة، فيجب أن تتوافر فيه الإرادة الكاملة، والرضا التام، فلا إكراه لأحد الطرفين على الاقتران بطرف لا يرغب فيه، أمَّا إذا كانت المرأة تحبُّ الراغب في نكاحها، وتميل إليه، فالأولى تزويجها منه، إذا كان لها كفؤاً، وذلك للأحاديث التالية:
أ – عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[لا تُنْكَحُ الأيِّمُ حتى تُسْتَأمر، ولا تُنْكَحُ البِكر حتى تُستأذَن، قالوا: يا رسولَ الله وكيف إذنُها؟ قال: أن تسكت]][94].​

ب – عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[الأيِّمُ أحقُّ بنفسها من وليّها، والبِكرُ تُستأذَنُ في نفسها، وإذنُها صماتها]][95].​

ج – عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسولَ الله تُستأمَرُ النساءُ في أبضاعهنَّ؟ قال: نعم، قلت: فإنَّ البِكرَ تُستأمَرُ فتستحي فتسكت، قال: سُكاتُها إذنُها[96].​

د – عن خنساء بنت خِذام الأنصاريَّة [أنّ أباها زوَّجها وهي ثيّب، فكرهتْ ذلك، فأتتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فردَّ نكاحه][97].​

هـ – عن القاسم بن محمد [أنَّ امرأةً من ولد جعفر تخوَّفتْ أنْ يزوَّجها وليُّها وهي كارهة، فأرسلتْ إلى شيخين من الأنصار – عبدالرحمن ومجمع ابني جارية – فقالا: فلا تخشين، فإنَّ خنساء بنت خِذام أنكحها أبوها وهي كارهة، فردَّ النبيُ صلى الله عليه وسلم نكاحَها][98].
والأيِّمُ باتفاق أهل اللغة، تُطلَقُ على امرأة لا زوج لها، صغيرةً كانت أو كبيرة، بِكراً كانت أو ثيّباً، وقال الفقهاء كافَّة: المراد الثيّب، واستدلوا أنَّه جاء في الرواية الثانية للحديث بلفظ الثيّب، وبأنّها جُعلتْ مقابلة للبكر، وبأنَّ أكثر استعمالها في اللغة للثيّب، وبأنّها جُعلتْ مقابلة للبكر، وبأنَّ أكثر استعمالها في اللغة للثيّب[99].، والاستئمار: طلب الأمر من قِبَلها وأمرها لا يكون إلاَّ بنطق، أمَّا الاستئذان: فهو طلب الإِذن، وقد يُعْلَمُ إذنُها بسكوتها، لأنَّ السكوتَ من علامات الرضا.

قال الحافظ في التعليق على حديث أبي هريرة [الفتح 9: 191]: "الثَّيبُ البالغُ لا يُزوِّجُها الأبُ ولا غيُره، إلاَّ برضاها اتفاقاً... والحديثُ دالٌّ على أنَّه لا إجبار للأب عليها إذا امتنعت، وحكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم... وقد وقع في الحديث التفرقة بين الثيب والبكر، فعبَّر للثيب بالاستئمار وللبكر بالاستئذان، فيؤخذ منه فرْقَ بينِهما من جهة أنَّ الاستئمار يدلُّ على تأكيد المشاورة، وجعل الأمر إلى المستأمَرة، ولهذا يحتاج الولي إلى صريح إذنها في العَقد، فإذا صرَّحت بمنعه امتنع اتفاقاً، والبكر بخلاف ذلك، والإِذن دائرٌ بين القول والسكوت، بخلاف الأمر فإنَّه صريح في القول، وإنّما جُعِلَ السكوتُ إذناً في حق البكر لأنها قد تستحي أن تفصح".
وحول حديث ابن عباس، قال النووي في [شرح مسلم 9: 204]: "واعلمْ أنَّ لفظة [أحقّ] هنا للمشاركة، ومعناه أنّ لها في نفسها – في النكاح – حقّاً، ولوليها حقّاً وحقها أوكدُ من حقِّه، فإنَّه لو أراد تزويجَها كفؤاً وامتنعت لم تُجْبَر".

وقال الحافظ في [الفتح 9: 193]: "البِكرُ التي أُمِرَ باستئذانها هي البالغ، إذ لا معنى لاستئذان مَنْ لا تدري ما الإِذن، ومن يستوي سكوتها وسخطها... واختلفوا في الأب يزوّج البكر البالغ بغير إذنها، فقال الأوزاعي والثوري والحنفية ووافقهم أبو ثور، يشترط استئذانها، فلو عقد عليها بغير استئذان لم يصحّ، وقال الآخرون: يجوز للأب أن يزوّجها ولو كانت بالغاً بغير استئذان لم يصحّ، وقال الآخرون: يجوز للأب أن يزوّجها ولو كانت بالغاً بغير استئذان، وهو قول ابن أبي ليلى ومالك والليث والشافعي وأحمد وإسحاق، ومن حجتهم مفهوم الحديث، لأنَّه جعل الثيبَ أحقَّ بنفسها من وليها، فدلَّ على أنَّ وليَّ البِكر أحقُّ بها منها".

وقال صاحب عون المعبود [6: 116]: "والاستئذانُ عندهم إنَّما هو على استطابةِ النفس دون الوجوب، وليس ذلك بشرط في صحة العقد".
وذهب ابن القيم إلى ترجيح قول أبي حنيفة، من أنّ البكر لا تُجْبَرُ على النكاح من غير رضاها، لأنّ ذلك هو الموافق لحكم النبي صلى الله عليه وسلم، وقواعد الشرع، ومصالح الأمة، قال رحمه الله [زاد المعاد 5: 96]: "وموجب هذا الحكم أنّه لا تجبَرُ البكرُ البالغ على النكاح، ولا تُزوَّجُ إلاَّ برضاها، وهذا قول جمهور السلف، ومذهب أبي حنيفة، وأحمد في إحدى الروايات عنه، وهو القول الذي ندينُ الله به، ولا نعتقد سواه، وهو الموافق لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره ونهيه وقواعد شريعته ومصالح أمته: أمَّا موافقتُه لحكمه، فإنَّه حَكَمَ بتخيير البكر الكارهة. أمَّا موافقةُ هذا القول لأمره، فإنُّه قال: [[والبِكرُ تُستأذَنُ]] وهذا أمر مؤكد، لأنه ورد بصيغة الخبر الدالّ على تحقّق المخبَرِ به وثبوته ولزومه، والأصل في أوامره صلى الله عليه وسلم أن تكون للوجوب ما لم يقمْ إجماع على خلافه. أمّا موافقتُه لنهيه فلقوله [[لا تُنْكَحُ البكر حتى تستأذن]] وهذا إثبات للحكم بأبلغ الطرق. أمّا موافقتُه لقواعد شرعه، فإنَّ البكر البالغ العاقلة الراشدة لا يتصرف أبوها في أقلّ شيءٍ من مالها إلاَّ برضاها، ولا يجبرها على إخراج اليسير منه دون رضاها، فكيف يجوز أن يُرقَّها، ويُخْرِجَ بُضْعَها منها بغير رضاها إلى من يريده هو، وهي من أكره الناس فيه، وهو من أبغض شيءٍ إليها، ومع هذا يُنْكِحُها إيَّاه قهراً بغير رضاها إلى من يريده، ويجعلها أسيرةً عنده. أمّا موافقتُه لمصالح الأمة، فلا يخفى مصلحة البنت في تزويجها بمن تختاره وترضاه، وحصول مقاصد النكاح لها به، وحصول ضد ذلك بمن تبغضه وتنفر عنه، فلو لم يأت السنة الصريحة بهذا القول، لكان القياس الصحيح وقواعد الشريعة لا تقتضي غيره".

أمّا إذا كانت البنت أو المرأة تحبُّ المتقدّمَ لخطبتها وتميلُ إليه فالأولى تزويجُها منه:
و – عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنّ رجلاً قال: يا رسول الله، في حجري يتيمة، قد خطبها رجلٌ موسرٌ ورجلٌ مُعْدَم، فنحن نحبُّ الموسر، وهي تحبُّ المُعْدَم، فقال صلى الله عليه وسلم: [[لم يُرَ للمتحابين مِثلُ النكاح]][100].​

ز – وعنه أيضاً، قال: إنَّ زوج بريرة كان عبداً يقال له [[مُغيث]]، كأنَّي أنظرُ إليه يطوفُ خلفَها ودموعهُ تسيلُ على لحيته، يتبعُها في سِكَكِ المدينة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس: [[يا عباس، ألا تعجبُ من حبِّ مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثاً؟؟]] فقال: يا رسول الله، اشفعْ له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لها: [[يا بريرة اتقِ الله، لو راجعتِه]]، قالت: يا رسولَ الله تأمُرني؟ قال: إنَّما أشفع، قالت: فلا حاجةَ لي فيه[101].​

أمَّا اليتيمةُ، فإنَّها تستأذَنُ.. فإن أبت فلا جوازَ عليها ولا تُكَره:
ح – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[اليتيمة تُستأمَرُ في نفسها، فإن صمتت فهو إذنُها، وإن أبت فلا جواز عليها]][102].
واليتيمةُ [في الأصل]: الصغيرة لا أب لها، ولكنّ هذا اللفظ قد يطلق ويراد به البكر البالغة التي مات أبوها قبل بلوغها، فلزمها اسم اليتم، فدعيت به وهي بالغة، والعرب ربما دعت الشيء بالإِسم الأول الذي إنَّما سمي به لمعنى متقدم، ثم ينقطع ذلك المعنى ولا يزول الاسم. ومن هنا اختلف العلماء في جواز نكاح اليتيمة التي لم تبلغ، فذهب سفيان الثوري والشافعي إلى أنّ نكاحها لا يجوز حتى تبلغ، قال صاحب عون المعبود [6: 117]: "والمراد بالتيمية – في الحديث – البكر البالغة، سماها باعتبار ما كانت، كقوله تعالى: {وَءَاتُوا اليَتَامَى أَمْوَالَهُمْ}. وفائدة التسمية مراعاة حقها والشفقة عليها في تحري الكفاية والصلاح، فإنَّ اليُتْمَ مظنة الرأفة والرحمة، ثم هي قبل البلوغ لا معنى لإذنها ولا لإبائها، فكأنه عليه الصلاة والسلام شرط بلوغها، فمعناه: لا تنكح حتى تبلغ فتُستأمَر أي تُسْتأذَن. وذهب أحمد وإسحاق إلى جواز نكاحها إذا بلغت تسع سنين ورضيت، واحتجا بحديث عائشة: [[أنّ النبي صلى الله عليه وسلم بنى بها وهي بنت تسع سنين]] وقولها رضي الله عنها: [[إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة]]، وهو ما رجّحه الإِمام ابن القيم محتجاً بالحديث الذي رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتين: [[لا يُتمَ بعدَ احتلام، ولا صُماتَ يومٍ إلى الليل]][103]. ثم قال رحمه الله: [فدلّ ذلك على جواز نكاح اليتيمة قبل البلوغ، وهذا مذهب عائشة رضي الله عنها، وعليه يدلّ الكتاب والسنة، وبه قال أحمد وأبو حنيفة وغيرهما]". [الزاد 5: 100].

14 – موافقة وليّها على زواجها، وذلك للأدلة التالية:
أ – قوله تعالى:
{وَأَنكِحواْ الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32].​

ب – وقوله:
{وَلاَ تُنكِحُواْ المُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة: 221].
فمدلول الآيتين أنّ المرأة لا تنكح نفسها إلاَّ بوليّ لأن الخطاب فيهما موجَّهٌ إلى الأولياء، ويشمل ذلك كلاً من القاصرة والبالغة، على السواء.​

ج – عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[لا نِكاح إلاَّ بولي]][104].​

د – عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[أيُّما امرأةٍ نكحتْ بغير إذن وليها فنكاحُها باطل، فإنْ دخل بها فلها المَهْرُ بما استحلَّ من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطانُ وليُّ من لا وليِّ له]][105].​

هـ – وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[لا تُزوَّج المرأةُ المرأةَ، ولا تزوّج المرأةُ نفسَها، فإنَّ الزانيةَ هي التي تُزوَّجُ نفسَها]][106].​

و – وعن مَعْقلٍ بن يَسار رضي الله عنه قال: كانت لي أختٌ تُخطَبُ إليَّ، فأتاني ابنُ عمٍّ لي، فأنكحتُها إيَّاه، ثم طلَّقها طلاقاً له رَجْعة، ثم تركها حتى انقضتْ عِدَّتُها، فلَّما خُطِبتْ إليَّ أتاني يخطُبها، فقلتُ له: واللهِ لا أنكحتُها أبداً، قال: ففي نزلت هذه الآية:
{وَإذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} البقرة: 232.
فكفَّرت عن يميني، وأنكحتها إيَّاه][107].

وجمهورُ أهل العلم على أنَّه لا يصحُّ العقد بدون ولي للأدلة المذكورة، وممن قال بوجوب الولي: علي وعمر، وابن مسعود وابن عمر، وابن أبي ليلى والعَترة، وأحمد وإسحاق والشافعي، ونُقِلَ عن ابن المنذر أنّه لا يُعرَفُ عن أحدٍ من الصحابة خلاف ذلك، وذهب أبو حنيفة إلى أنَّه لا يُشتَرطُ الولي أصلاً، ويجوز للمرأة أن تزوّج نفسها ولو بغير إذن وليها إذا تزوَّجتْ كفؤاً، واحتجَّ بالقياس على البيع، فإنَّها تستقلُّ به، وبحديث [[الثيِّبُ أحقُّ بنفسها من وليها]]، وحمل الأحاديثَ الواردة في اشتراط الولي على الصغيرة، وخصَّ بهذا القياس عمومها[108]. أمّا حديث [[الثيّب أحق بنفسها من وليّها]] فلا حجةَ لهم فيه، لأنّ معناه كما قال النووي في [شرح مسلم 9: 204]: "أنَّ لها في نفسها حقًّا، ولوليَّها حقًّا، وحقُّها أوكدُ من حقِّه، فإنَّه لو أراد تزويجهَا كفؤاً وامتنعت لم تُجْبَرُ"
ونقل صاحب عون المعبود [6: 101] عن ابن الجوزي قوله: "إنَّه أثبت لها حقاً، وجعلها أحقَّ، لأنه لا يجوز للولي أن يزوجها إلاَّ بإذنها".
وقال الصنعاني في [سبل السلام 3: 119]: "أحقّيتُّه الولايةُ، وأحقّيتُها رضاها، فحقُّها آكدُمن حقّه، لتوقف حقّه على إذنها".
فتأويلُ الحنفية لهذا الحديث تردُّه الأخبار الصحيحة المفيدة لاشتراط الولي، أمّا لجوؤهم إلى القياس – مع وجود النص الصحيح الصريح – فهو من أفسد أنواع الأقيسة، قال الحافظ ابن حجر في [الفتح 9: 187]: "حديثُ مَعْقِل المذكور رفع هذا القياس، ويدلُّ على اشتراط الولي في النكاح دون غيره، ليندفعَ عن مولِّيته العارُ باختيار الكفء".
قال صاحب عون المعبود [6: 101]: "والحقُّ أنَّ النكاحَ بغير الولي باطل كما يدلّ عليه الحديث".
وقال ابن تيمية في [الفتاوى 32: 21]: "جمهور العلماء يقولون: النكاح بغير ولي باطل، يُعزّرون من يفعل ذلك اقتداءً بعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهذا مذهب الشافعي، بل طائفةٌ منهم يُقيمون الحدَّ في ذلك بالرجم وغيره".
وقال أيضاً [32: 131]: "دلَّ القرآنُ في غير موضع، والسنةُ في غير موضع، وهو عادةَ الصحابة، إنَّما كان يزوّج النساءَ الرجالُ، لا يُعرَفُ عن امرأةٍ تُزوِّجُ نفسَها، وهذا مما يُفَرَّقُ فيه بين النكاح ومتخذات أخدان، ولهذا قالت عائشة: [[لا تزوج المرأةُ نفسَها، فإنّ البغي هي التي تزوج نفسها]]".

وقد يحتجّ بعض الناس على أنّ الأمر في النكاح للمرأة، وأنّ الولي ليس له من الأمر شيء، بالحديث التالي: [عن عبدالله بن بريدة عن عائشة رضي الله عنها، أنّ فتاة دخلت عليها، فقالت: إنّ أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، وأنا كارهة: قالت: اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرتْه، فأرسل إلى أبيها فدعاه. فجعل الأمر إليها، فقالت: يا رسول الله، قد أجزتُ له ما صنع أبي، ولكن أردتُ أن أُعلِمَ الناسَ: أن ليس للآباء من الأمر شيء][109].
فهذا الحديث ليس بصحيح، فقد رواه البيهقي في [السنن الكبرى 7: 118] وقال عنه: "وهذا مرسل ابن بريدة لم يسمع من عائشة رضي الله عنها".
كما رواه الدارقطني [3: 232] وقال عنه: "مرسل: لأنَّ ابنَ بريدة لم يسمع من عائشة شيئاً".
ووافقه على ذلك شمس الحقّ العظيم آبادي في [التعليق المغني على الدارقطني] وقال: "وإنْ وصحَّ فإنَّما جعلَ الأمرَ إليها لوضعها في غير كفء".
كما ضعفه الألباني في [غاية المرام] برقم: 217.
وقد اشترط الفقهاء في الولي أن يكون: حراً، عاقلاً، بالغاً، مسلماً إذا كان المُولَّى عليه مسلماً، أمّا العدالةُ فلا تشترط فيه، إذ أنَّ الفسق لا يسلبُ أهليَته للتزويج، إلاَّ إذا خرج به الفسقُ إلى حدّ التهتك، فعندها يُسلَبُ حقُّه في الولاية، إذ لا يؤتمن في هذه الحالة على مَنْ تحت يده[110].


15 – ألاَّ تشترطَ على خاطبها طلاقَ زوجته الأولى إذا كان متزوجاً،
وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم.
أ – عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[لا يحلُّ لامرأةٍ تسألُ طلاقَ أختها، لتستفرغَ ما في صحفتها، فإنَّما لها ما قُدِّرَ لها]][111].​

ب – وعنه أيضاً، قال [نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعَ حاضرٌ لبادٍ، ولا تناجشوا، ولا يبِع الرجلُ على بيع أخيه، ولا يخطبْ على خطبة أخيه، ولا تسأل المرأةُ طلاقَ أختها لتكفأ ما في صحفتها][112].​

ج – وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[لا يحلُّ أن تُنْكَحَ امرأةٌ بطلاق أخرى]][113].
قال النووي في [شرح مسلم 9: 193]: "ومعنى هذا الحديث نهي المرأة الأجنبية أن تسأل طلاق زوجته، وأن ينكحها ويصير لها من نفقته ومعروفه ومعاشرته ونحوها ما كان للمطلقة، فعبر عن ذلك بانكفاء ما في الصحفة مجازاً، قال الكسائي: أكفأت الإِناءَ كببتُه، وكفأتُه وأكفأته أملتُه، والمرادُ بأختها غيرها سواء كانت أختها من النسب أو أختها في الإسلام أو كافرة".
ونقل الحافظ في [الفتح [9: 220] عن ابن عبدالبر قوله: "الأخت الضرة، وفيه من الفقه أنه لا بنبغي أن تسأل المرأة زوجها أن يطلق ضرتها لتنفرد به".
وقال الشوكاني في [النيل 6: 143]: "ومن الشروط التي تنافي مقتضى العقد أن تشترط عليه أن لا يقسم لضَرَّتها أو ينفق عليها، أو يُطلِّق مَنْ كانت تحته، فلا يجب الوفاء بشيء من ذلك".
أمّا غير ذلك من الشروط، فلا ضيرَ فيه، ما دام لا يُحرِّمُ حلالاً، ولا يُحِلَّ حراماً، لما رواه عقبة بن عامر أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[إنَّ أحقَّ الشروط أن تُوفُوا بها، ما استحللتُم به الفروج]][114].
قال ابن القيم في [الزاد 5: 106]: "تضمن هذا الحكم وجوبَ الوفاء بالشروط التي شرطت في العقد، إذا لم تتضمن تغييراً لحكم الله ورسوله، وقد اتفق على وجوب الوفاء بتعجيل المهر أو تأجيله، وعلى عدم الوفاء باشتراط ترك الوطء والإنفاق والخلو من المهر ونحو ذلك، واختلف في شرط الإقامة في بلد الزوجة، وشرط دار الزوجة، ولا يتزوج عليها".
وقال: "وتضمن حكمه صلى الله عليه وسلم بطلان اشتراط المرأة طلاق أختها، وأنّه لا يجب الوفاء به، فإن قيل: فما الفرق بين هذا وبين اشتراطها أن لا يتزوج عليها حتى صححتم هذا، وأبطلتم شرط طلاق الضرة؟ قيل: الفرق بينهما أن في اشتراط طلاق الزوجة من الإِضرار بها، وكسر قلبها، وخراب بيتها، وشماتة أعدائها ما ليس في اشتراط عدم نكاحها ونكاح غيرها، وقد فرّق النص بينهما، فقياس أحدهما على الآخر فاسد".

16 – أن يراها الخاطب وينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها،
فيتعرَّف على جمالها الذي يشدَّه إلى الاقتران بها، أو قبحِها الذي قد يصرفه عنها إلى غيرها، فلربَّما تزوَّجها دون أن ينظر إليها، فوجدها خلافَ ما وُصِفتْ له فيصاب بخيبة أمل وانقطاع رجاء، فتسوء الحال بينهما، ويحلّ الخصام محل الوئام، ويكون الفشل والفرقة خاتمة ما بينهما، وهكذا شأن المسلم دوماً لا يقدم على أمر حتى يكون على بصيرة منه:
أ – عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [[إذا خطب أحدكم المرأةَ، فإنْ استطاع أن ينظرَ إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل]]، قال: فخطبتُ امرأةً فكنتُ أتخبَّأ لها، حتى رأيتُ منها ما دعاني إلى نكاحها، فتزوجتها[115].​

ب – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت عند رسول الله، فأتاه رجل فأخبره أنّه تزوَّج امرأةً من الأنصار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنظرتَ إليها؟ قال: لا، قال: [[فاذهب فانظرْ إليها، فإنَّ في أعين الأنصار شيئاً]][116].​

ج – عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، أنّه خطب امرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [[انظر إليها، فإنّه أحرى أن يؤدَم بينكما]] قال: فأتيتُها وعندها أبواها، وهي في خِدرها، فقلت: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر إليها، قال: فسكتا، قال: فرفعت الجاريةُ جانبَ الخدرِ فقالت: أحرّج عليك، إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر لمَّا نظرتَ، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمرك أن تنظر فلا تنظر، قال: فنظرت إليها، ثم تزوجتُها، فما وقعت عندي امرأةٌ بمنزلتها، ولقد تزوَّجتُ سبعين أو بضعاً وسبعين امرأة][117].​

د – عن أبي حميد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[إذا خطب أحدكُم امرأةً، فلا جُناح عليه أن ينظر إليها، إذا كان إنَّما ينظر إليها لخطبته، وإن كانت لا تعلم]][118].​

هـ – عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[أُريتَكِ في المنام ثلاثَ ليالٍ، جاءني بك المَلكُ في سَرَقَةٍ من حرير، فيقول: هذه امرأتك، فأكشف عن وجهك، فإذا أنتِ هي، فأقول: إنْ يكُ من عند الله يُمْضِه]][119].​

و – قال سهل بن أبي حثمة: رأيت محمد بن مسلمة يطارد بثينة بنت الضحّاك فوق إجَّارٍ لها ببصره طرداً شديداً، فقلت: أتفعلُ هذا وأنتَ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: إنّي سمعتُ رسول الله يقول: [[إذا أُلقيَ في قلب امرئٍ خطبةُ امرأةٍ فلا بأسَ أن ينظر إليها]][120].​

ز – عن انس رضي الله عنه، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوّج امرأة، فبعث بامرأة تنظر إليها، فقال: [[شُمّي عوارضَها، وانظري إلى عُرقوبيها]]، قال: فجاءت إليهم، فقالوا: ألا نغدّيك يا أم فلان؟ فقالت: لا آكلُ إلاَّ من طعامٍ جاءت به فلانة، قال: فصعدت في رفِّ لهم، فنظرتْ إلى عرقوبها، ثم قالت: قبّليني يا بُنيَّة، قالت: فجعلتْ تُقبِّلها، وهي تَشمُّ عارضَها، قال: فجاءت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم[121]، والعوارض: الأسنان التي في عرض الفهم، لاختبار رائحة النكهة.​

ح – وعن محمد بن علي بن الحنفية، أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب إلى علي ابنته أم كلثوم، فذكر له صغرها، فقيل له: إنْ ردَّكَ فعادوه، فقال له علي: أبعثُ بها إليك، فإن رضيتَ فهي امرأتك، فأرسل بها إليه، فكشف عن ساقيها، فقالت: لولا أنَّك أمير المؤمنين لصككت عينك[122]، وقد تزوجها، ورزق منها بولديه، زيد ورقية.

نستخلص من استعراض هذه الطائفة من الأحاديث النبوية الشريفة الآتي:
1- من المندوب أن ينظر الخاطب إلى المرأة التي يرغب في الزواج منها، ليكون على معرفة بصفات من تكون شريكة عمره، وهذا أدعى لقيام الألفة والمحبة بينهما.
2- ومن الأفضل تقديم النظر على الخطبة، فإن لم تعجبه، وكره منها أمراً، تركها إلي غيرها، من غير إيذاء لخفرها وخدش لسمعتها.
3- يجوز للناظر أن ينظر من مخطوبته ما يدعوه إلى نكاحها، وهذا يعني أكثر من الوجه والكفين، كالنظر إلى الساق والعنق والساعد والشعر، قال الحافظ في [الفتح 9: 182]: "قال الجمهور: لا بأس أن ينظر الخاطب إلى المخطوبة ولا ينظر إلى غير وجهها وكفيها، وقال الأوزاعي: يجتهد وينظر إلى ما يريد منها إلاَّ العورة، وقال ابن حزم: ينظر إلى ما أقبل منها وما أدبر، ولأحمد ثلاث روايات: الأولى كالجمهور، والثانية: ينظر إلى ما يظهر غالباً [وهو ما نرجحه ونميل إليه]، والثالثة: ينظر إليها متجردة".

وقال الصنعاني في [سبل السلام 3: 111]: "والحديث مطلق، فينظر إلى ما يحصل له المقصود بالنظر إليه، ويدل على فهم الصحابة لذلك ما رواه عبدالرزاق وسعيد بن منصور أنّ عمر كشف عن ساق أم كلثوم بنت علي لمّا بعث بها إليه لينظرها".
وقال الألباني في [السلسلة الصحيحة 1: 156]: "وظاهر هذه الأحاديث أنّه يجوز للخاطب أن ينظر من مخطوبته إلى أكثر من الوجه والكفين، كالنظر إلى الساق والعنق أو الساعد والشعر، وقد أيد هذا فعل الصحابة رضوان الله عليهم، كما فعله جابر بن عبدالله ومحمد بن مسلمة والخليفة الراشد عمر بن الخطاب، أمّا تقييد الأحاديث بالنظر إلى الوجه والكفين فقط، فهو تقييد بدون نص مقيّد، وتعطيل لفهم الصحابة بدون حجّة".
وكما يجوز له إعلامها أنَّه يريد النظر إليها ورؤيتها، فإنَّه يجوز له أيضاً النظر إليها على غفلة منها، ومن غير أن تعلم، كما ورد في حديث جابر، وكما فعل محمد بن مسلمة رضي الله عنه حين كان يطارد بثينة بنت الضحاك ببصره طرداً شديداً دون علمها، قال النووي في [شرح مسلم 5: 210]: "والجمهور أنّه لا يشترط في جواز النظر إليها رضاها، بل له ذلك في غفلتها، ومن غير تقدّم إعلام، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن في ذلك مطلقاً، ولم يشترط استئذانها، ولأنَّها تستحي غالباً من الإِذن، ولأن في ذلك تغريراً فلربما رآها فلم تعجبه فيتركها فتنكسر وتتأذى".
وإذا لم يتمكن الخاطب – لظروف تمنعه – من النظر إلى مخطوبته، فإنَّه يُستَحبُّ له أن يبعث امرأة يثق بها، فتنظر إليها، وتخبره بصفتها، كما فعل عليه الصلاة والسلام حين بعث أم سُلَيم إلى امرأة رغب فيها، وقال لها: [[انظري إلى عرقوبيها، وشمي عوارضها]].
إنّ النظر إلى المرغوب فيها، لا يعني بحال الخلوة بها، بل إنَّ مقصوده يتحصَّلُ بالنظر إليها في مكان آهلٍ عام، أو بحضور أحد محارمها.

إذا كان المندوب نظر الرجل إلى المرأة قبل إقدامه على الزواج منها، فهل من المندوب أن تنظر هي إليه؟ قال الصنعاني في [سبل السلام 3: 111]: "ويثبت مثل هذا الحكم للمرأة، فإنّها تنظر إلى خاطبها، فإنّه يعجبها منه ما يعجبه منها، كذا قيل ولم يرد به حديث، والأصل تحريم نظر الأجنبي والأجنبية إلاّ بدليل، كالدليل على جواز نظر الرجل لمن يريد خطبتها".

أسس اختيار الزوجة

لو ان الرجل والمراة يعودان الى الدين الحنيف ويعرفا الاسس الصحيحة التي يختارا بهم الزوج والزوجة الصاحلين لكان حال المجتمع العربي الاسلامي بخير حال
لكن وللاسف نحن ابتعدنا وكثيرا جدا عن الدين
ارجو تقبل مروري واتمنى ان لا يزعجك ما قمت بنسخه وان ازعجك فاعتذر وكثيرا جدا اسفة وساحذفها ان شاء الله
تحياتي احترامي وتقديري لشخصكم الكريم
في امان الله وحفظه
 
downloadfile.gif
يعتبر الاختيار قبل الزواج عاملا مهماً لبناء الأسرة، وهناك عدة صفات يتم عليها الاختيار، وقد أخبر النبي ، عن ذلك بقوله: «تنكح المرأة لأربع خصال: لمالها، وجمالها، ولنسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك»
فالزواج أحد أهم آيات الله في الأكوان وذلك في قوله تعالى: "
"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
وهناك العديد من الشروط التي لا يصح الزواج في الإسلام إلا بها، ومن أهم هذه الشروط: أن تحل المرأة للرجل الذي يريد الزواج بها، وأن لا تكون من النساء المحرمات سواء حرمة مؤقتة أو حرمة دائمة. وجود شاهدين من الرجال، أو من النساء أربعة. الإيجاب والقبول.
واظن ان العديد من الاشخاص متفقون معى في هذا فزواج مؤسسة ولتنجح هاته المؤسسة يجب ان يتعاون الازواج فيها بينهم

th-6.jpg
 
السلام عليكم
بارك الله فيكم جميعا على أرائكم الرائعة
طبعا هذا ليس بغريب عنكم أهل اللمة
ممكن نزيد على قول الذين سبقوني

راح أحكي عن تجربتي الخاصة
الامر صعب جدا جدا أنك تكون دقيق في الإختيار
لأنه الطرفين و هذا طبع الإنسان أنه يخبي عيوبه عن المجتمع فما بالك أمام الخطيب أو الخطيبة
البنت راح أجمل الجميلات و الانثى الرقيقة و الطباخة الماهرة و و و و
و الرجل أبوشهاب راح يكون الرجل الأنيق و الحنون و الكريم و السخي و العاقل و الرزين و و و و

شوفوا هنا كاين أمر مهم للغاية و هو على الإنسان أن يكون مومن بالله و مقيم للصلاة
لأنه لازم يستعين بالله و يصلي الإستخارة
فالإستخارة أمر مهم للغاية
و امر الخطبة إذا قدر الإنسان يتوفق فيها راح يتوفق في باقي الامر و اذا غلط فيها راحت عليه البرتية

هنا لازم أنوه لأمر هاام و هو علاقة الإستخارة بالرؤية
هذا خطأ إذ لا علاقة البتة بين الإستخارة و الرؤيا
بل بالعكس قد تلعب بينا النفس و تخلينا نغلط أو يتدخل إبليس و يغلطنا
أمر الإستخارة راح تحسه في الواقع واقع لا رؤيا و إن كان للرؤيا نصيب لكن بشروط


اضيف حاجة لازم الإنسان يكون صادق و جاد ماهوش يلعب و يبطل
إذا كان صادق راح يوفق و إذا كانت نيته خايبة راح يخيب

أأمر آخر أيضا مهم و هو النية الصادقة من مقصد الزواج لازم يكون العفة و النسل
و أطفال يقولوا لاإله إلا الله
أما إذا كان النية في امور أخرى في الخطبة كالحرية في الخلوة و و و و
و النية من الزوواج تكون لمقصد دنوي دنيء
كيف راح ربي يرزقنا التوفيق و التتيسير



لي عودة بإذن الله
 
جذبتني عبارة مهمة جدا وهي
هل رأيت امرأة تتصرف على طبيعتها مع زملائها؟؟؟؟
وهذا واقع يجب الحذر منه
فالرجل في خطبته يخفي مساوئه و الفتاة كذلك و الحاذق وحده يمكنه تمييز تلك التصرفات و الأخلاق الحسنة ما لو كامت مصطنعة أو حقيقة
شيء آخر وهو التوافق ليس في المستوى ولكن في الهمم و الطموحات
زوجة قبل أشهر شكت لي عن زوجها قائلة أنه يريدها أن تدرس تعمل تذهب للرياضة و هي ترغب بالمكوث بالبيت علما أنها تعمل ولكن بالبيت
قلت لها بسيطة جدا زوجك منخرط في عدة جمعيات خيرية و أخرى للشباب لذلك يتمنى أن يرى إحدى اىمنخرطات هي زوجته لأن ذلك مجاله و يريدك أن تشاركيه كما أن أخواته جميعا بين العاملة و المدرسة و الطالبة
لم تقتنع الزوجة ووصلت مشاكلهما لدرجة كبيرة و السبب هو ما ذكرته
لذلك لماذا لا يتفق على هذه الأمور قبل الزواج؟؟؟؟
شيء ثاني مهم
الشاب العصبي يختار فتاة جميلة جدا ولكنها عصبية مثله
لا يهتم في الأول ولكن بعد مرور الأيام ستقل الجاذبية بينهما عندما يكون هو يصرخ من جهة و هي تصرخ من جهة فتجده معجبا بزميلته الهادئة الحنونة بالعمل
كذلك الزوج الهادئ التي تكون زوجته انطوائية مثله تجده فجأة يعجب بأخرى مرحة
مثلا قلت مثلا ههههه يعني احتمالات لذلك هذه اختيارات مهمة
الزوج المرح عندما يتزوج فتاة رسمية ان صح القول يعني عمل طبخ نوم وهو مرح يحب الضحك و الرقص ووووو فيبحث إما عن صديق أو أخرى تتقبل مرحه أو يكبته
فهنالك زوجات أعرفهن تمشي بالدقيقة صح هي حاجة مليحة مي راجلك حاب يسهر سهري حاب تحوسو حوسي
يعني هي أمور تبدو تافهة جداااا ولكن عندها أثر عظيم بالعلاقة الزوجية
رجل سافر مع صديقه و زوجتيهما
المهم واحد منهم مرح جدا و مارتو هادئة جدااااا انطوائية و زوجة صديقه كانت مرحة
فكانوا عندما يخرجون للرحلات تقريبا ذلك الزوج المرح يتحدث طوال الوقت مع زوجة صديقه و يضحكان و واحد يشمخ الآخر بالماء ووووو
أما تلك الزوجة مريحة متهدرش موالو
في موقف كهذا أول قلة حياء أنو تقرعج مع صاحب راجلها ثانيا حرام شرعا ثالثا لابد أن مشاعر تلك الانطوائية ستجرح كتلقا راجلها يحكي مع وحدة اخرى ولكن مالذي خلاهم يديرو هاك
ببساطة ميقدرش يضحك هكذاك مع مارتو
لذلك مهم جدا جدا الاختلاف في مواطن و الاتفاق في مواطن أخرى
رأي لا أعلم صحته من خطئه و بوركت مجددا أخي
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أهلا بك أختي الكريمة
إضافة قيمة كعادتك بوركت
أتعلمين أن معظم إن لم تكن الأغلبية من الشباب لا يعرفون عما يبحثون أو كيف يبحثون عن شريك في وقتنا هذا
ولو أن كل شاب سأل نفسه ماذا أريد ؟
ابدأ بفهم نفسه أولا ثم البحث وكثيرا ما نسمع عبارة من الزوجين تثير حفيظتي وانزعاجي وهي ( أنا روحي ميش فاهمها حتى نفهمك أنت ) وهي صالحة للطرفين
محاولة الشاب فهم نفسه ومتطلباته هي أول خطوة للبحث عن شريك حياته فعلى الأقل خطوط عريضة تسمح له برسم الهدف ...
ومن ثم يطرح شروطه بكل صدق للطرف الآخر وبدون لف ودوران ،ليتسنى له التفكير والغوص بدوره في تفكيره ليرى هل هذه الشروط تتوافق مع شخصيته أم لا وما يمكنه التنازل عنه وما لا يمكن ..
حقا القصة التي رويتها فيها الكثير من العبر لأن الرجل يريد امرأة تبسطه وتحدثه ،لكنه صدم بأنها ليست كذلك وهذا كان من المفترض أن يسأل إذا كانت مرحة وهذا ليس عيبا ،فالأب أو الأخ يعرفان ابنتهم جيدا فإذا كانت من النوع المرح جاوبوه وإن كانت لا فلن يكذب لأنه طرح شرطا وإن لم يجدها فيها سيفسد زواجها حتما .....
شكرا على الرد الوافي
إحترامي وتقديري
 
ولكن: لماذا ذكر الخُلُق بعد الدِّين؟

• معلوم أن صاحب الدِّين ذو خلق أكيد؛ فالدين يدعوه إلى التمسُّك والتحلِّي بمكارم الأخلاق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أخيركم أحسنكم خُلُقًا))[8].
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أحبِّكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقًا))[9].
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((البِرُّ حسن الخُلُق، والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطَّلع عليه الناس))[10].
• ومن غايات الإسلام وأهدافه الدعوة إلى مكارم الأخلاق.
قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما بعثتُ لأتمِّم صالح الأخلاق))[11].
• والإسلام منظومة متكاملة، ودائرة متصلة، فهو: عقيدة وشريعة، عبادة ومعاملة، أخلاق وآداب، ولا تصحُّ استقامة العبد على الإسلام عندما يتمسَّك بشيء من هذا ويترك آخر؛ فلا أثر للعقيدة إذا لم تحمها وترعها عبادة، ولا تُقبَل عبادة بدون اتباع للشريعة والطريقةِ التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يستقيم دينُ العبد إلا إذا صحَّت تعاملاته، وصدق في وعوده ومعاهداته، وأخلص في ذلك كلِّه لله عز وجل.
• والخُلُق جزء من الدين تزداد أهميته مع الناس عامة، ((وخَالِقِ الناس بخلُق حسن))، ومع الزوجة والأولاد والأقارب والجيران والأصحاب خاصة؛ لأن الزوجة تحتاج إلى المعاشرة بالمعروف، والقلوب تميل عادةً لصاحب الإحسان والكرم، والحياة الزوجية إنما تقوم على حسن الخُلُق المتبادل، ويظهر أثره في طاعة الزوجة لزوجها وحسن تبعُّلها له، واحترام المشاعر بينهما، وحفظ الحقوق والأسرار، وحسن الصحبة.
• وحسن الخلق: ضرورة حتمية لتوفير القدوة الصالحة من الآباء والأمَّهات أمام الأولاد، والتربية بالقدوة من أهمِّ وسائل التربية؛ حتى يتسنَّى لنا تربية الأطفال على الفضيلة والأدب، ومعرفة الحلال والحرام سلوكًا وتعاملًا.
ويتجلَّى حسن الخلق في تعامل الكنَّة - زوجة الابن - مع أمِّ زوجها وإخوته، وتعامل الرجل مع أرحامه وأصهاره.
• والانفصام بين العبادة وحسن الخُلُق من آثار من لا خير فيهم، كما قال صلى الله عليه وسلم عن المرأة التي تُصلِّي وتصوم وتتصدَّق لكنها تؤذي جيرانَها قال: ((لا خير فيها هي في النار))[12].
• فقد يدَّعي الرجل الصلاح ويتظاهر به، لكنك إذا عاملته أو صاهرته وجدت الصلاح في شقٍّ، والأخلاق في شقٍّ آخر (لا خير فيه وهو في النار).
وقد تجد المرأة تحفظ من كتاب الله، وتتحدَّث بـ (قال الله، قال رسوله)، فإذا عاشرتها وجدت العناد والكِبر في عدم الاعتذار عند الخطأ، والصوت العالي، أو الإهمال في المنزل وتدبير شؤون الزوج والأولاد، أو قد تجد النشوزَ والخروج عن دائرة الزوجة الحانية الرشيدة التي طبعها السمو، ولهوها العطاء.

إن صاحب الدين والخلق، وصاحبة الدين والخُلُق - عملة نادرة في هذا الزمان، قليل مَن يجمع بين الدين الصحيح والخلق القويم، فإذا وجدته أو جاءك يطلب الزواج من إحدى محارمك أو مواليك، فسارع بزواجه، فإنما عثرت على كنز مفقود في هذا الزمان، وإذا تقدَّم للمرأة المسلمة مثل هذا الزوج، فلتقبلْه وتطلب من أهلها تيسير الأمور حتى تفوز به.
والشيء كلما قلَّ عزَّ وغلا قدْرُه، وارتفع ثمنه، وصدق الله: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13].
وصاحب الدين والخلق يعرف بين الناس كالشامة؛ فالله تعالى يحبُّه، وتحبُّه ملائكتُه، ويوضع له القبول في الأرض، ويعرف دينه وخلقه ممن عاشره وسافر معه، وتعامل معه وخالطه، ومن مطابقة قولِه لفعله، وظاهره لباطنه، وعلانيته لسرِّه.
• وليحذر المسلم من شهادة الزور في تزكية رجل أو امرأة إذا طلب منه الشهادة في الزواج أو القضاء؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ﴾ [البقرة: 282]، وألا يقول إلا الحقَّ، وقد أباح له الشرع ذكر العيوب، وليس ذلك من الغِيبة المذمومة.

وعليه أن يتجنَّب المبالغة في القول والحديث عند الشهادة.
• والرجل صاحب الخلق والدين يتمتَّع بالصدق والواقعية، وعدم المبالغة في القول أو الحديث عن النفس أو الأهل أو المال، فهو صادق وواضح وصريح، لا غموض ولا التواء.

وبعد أن عرفنا الشروط والمواصفات الواجب توافرُها في الزوج من: (موحد تقيٍّ أمين)، علينا بعد ذلك أن ننظر إلى البيئة التي نشأ فيها هذا الزوج، وأقصد بالبيئة الأسرة التي نشأ فيها، فلا بد من النظر فيها وتفحُّص أحوالها؛ لأن إخوة هذا الزوج سوف يكونون أعمامًا وعمَّات لأولادهما فيما بعد، ويكون والدا هذا الزوج جدَّين للأولاد، فلا بد إذًا من توفُّر شروط الصلاح والاستقامة وحسن الأخلاق في هذه البيئة التي نشأ فيها هذا الزوج الموحد التقيُّ الأمين.

• وهذا من التخيُّر المطالَبين به في قوله صلى الله عليه وسلم: ((تخيَّروا لنطفكم، وانكحوا الأكفاء، وأنكحوا إليهم))[13]، فإن الصفات الوراثية والجينات تنتقل من الآباء إلى الأبناء، وتنتقل مع هذه الصفات والجينات الطبائع والأخلاق.
• فلا بد من اختيار نسبٍ صالح يصلح للمصاهرة، وبيئة نرضى عنها لتكون عقبًا لأولادنا؛ فالأولاد كثيرًا ما يتأثَّرون بالأعمام والعمَّات وأولادِهم.
وهذا أيضًا ينطبق بكماله وتمامه على بيئة الزوجة أيضًا؛ لأن هذه البيئة هي التي تعلَّمت من خلالها فنون ومهارات العلاقة الزوجية.

• وليعلم الأولياء بأنه لا يجوز تزويجُ البنت من رجل صاحبِ عقيدةٍ فاسدة، أو لا يصلِّي، أو يشرب الدخان، أو نحو ذلك، فمن زوَّج وليَّته من فاسق فقد قطع رحمها، وكذلك الزوج لا يختار بنتًا لا تصلِّي؛ لأن مَن ترك الصلاة فهو على حافَة الكفر أقرب منه للإيمان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمَن تركها فقد كفر))[14].
• وفي عدم اهتمام أولياء الأمور بهذا مفاسد كثيرة من فتنة في الدين والدنيا، ولا يؤتمن تارك الصلاة على عِرض ولا مال.
• إنما نبحث عن الزوج الذي يحافظ على الصلاة جماعةً في المسجد، ويحافظ على خشوعها وسُننِها، وتؤثِّر هذه الصلاة على سلوكه، وتبعده عن الفحشاء والمنكر، وتنمِّي فيه الخشية ومراقبة الله عز وجل.
• ومن المؤسف أن تجد بعض الناس لا يسألون عن دين الرجل، وإنما المهمُّ عندهم المظهر أو المال أو المنصب، أو المؤهلات الدراسية، أو النسب أو الشهرة، أو غير ذلك، والله عز وجل يقول: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 32].

• فمتى يعود المنتسبون إلى الإسلام والمتحدِّثون باسمه إلى ما ميَّزهم الله تعالى به من أرقى وأعظم أحكام وآداب للنكاح ومقدماته؟! ومتى يتركون التشبُّه بغيرهم ممن لعنهم الله وغضب عليهم، وأضلَّهم عن الحقِّ والطريق المستقيم؟!
• متى يستقي أهل الدين أساليبَ حياتهم من ذلك النبع الصافي من القرآن والسنة، فتكون أفراحهم واتفاقاتهم وَفق شرع ربِّهم، لا وفق ما أملاه الغرب علينا من قوانينَ للأحوال الشخصية ما أنزل الله بها من سلطان؟!
• متى يكون للأمَّة المسلمة مرجعية شرعية في قوانينهم ودساتيرهم، تعلن بها عن عقيدتها وهويتها الإسلامية، وصبغتها الربانية، فلا يتحاكمون إلى قوانين وضعية تضاهي أحكام ربِّ البرية؟! وقد كان حصاد هذا التحاكم المرير إلى غير شرع ربِّ العالمين ملايين الأسر التي تشرَّدت (مطلَّقات، وعوانس، وأطفال في الشوارع، وفساد في الأخلاق والتعليم والتربية).
• والحذر من تعطيل البنات عن الزواج بحجَّة تكميل الدراسة أو بحجة أن تتزوَّج الكبرى قبل الصغرى، أو التفكير في المكاسب المادية، فهذه الأمور قد تؤدِّي إلى مفاسد، أو يزداد معها عدد القواعد من النساء في البيوت.

وليس من العيب أن يبحث الإنسان لقريبته عن زوج صالح يكون أهلًا لها، وقد فعل ذلك أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم، وسار على نهجهم التابعون وتوارثته الأجيال.

من أسس اختيار الزوج
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أهلا وسهلا بك الاخت الفاضله وبردودك الوافية كعادتك
لا على العكس فردودك تفيد من يحتاجها بصفة كبيرة ،وهي من الكتاب والسنة ،ومن المفترض أن كل الشباب يقتدي بها ،ليصلح المجتمع بصلاح الأسرة .
شكرا جزييييلا على إثراء الموضوع والإضافة الغنية ،
جزاك الله خيرا كثيرا وأنار دربك آمين
إحترامي وتقديري
 
اذا أرادت الفتاة اختيار الزوج فلابد ان تكون هي أولا واعبة و تفهم ان الزواج مسؤولية و ليست جولة سياحية كما في شهر العسل الموهوم .
اختيار الرجل يكون لدينه اولا لان من لا يخشى الله لا يخشى أحد ،ان يكون طيب القلب لان الغليظ سيعامل زوجته و ابنائه بتلك الغلظة ،تراقب حاله مع أهله و كيف هو الحال معهم فمن لا خير له مع أهله لا خير فيه .
ان يكون يسعى للعمل حتى لو لم يجد فالرزق بيد الله و سيبعثه له عندما يحين الوقت ،لا تبحثي عن مال أهله فهو ليس له مهما كان و لن يكون من نصيبه الا القلة
 
مشاهدة المرفق 93835
يعتبر الاختيار قبل الزواج عاملا مهماً لبناء الأسرة، وهناك عدة صفات يتم عليها الاختيار، وقد أخبر النبي ، عن ذلك بقوله: «تنكح المرأة لأربع خصال: لمالها، وجمالها، ولنسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك»
فالزواج أحد أهم آيات الله في الأكوان وذلك في قوله تعالى: "
"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
وهناك العديد من الشروط التي لا يصح الزواج في الإسلام إلا بها، ومن أهم هذه الشروط: أن تحل المرأة للرجل الذي يريد الزواج بها، وأن لا تكون من النساء المحرمات سواء حرمة مؤقتة أو حرمة دائمة. وجود شاهدين من الرجال، أو من النساء أربعة. الإيجاب والقبول.
واظن ان العديد من الاشخاص متفقون معى في هذا فزواج مؤسسة ولتنجح هاته المؤسسة يجب ان يتعاون الازواج فيها بينهم

مشاهدة المرفق 93836
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أهلا بالأخت الكريمة
بارك الله فيك على الإضافة القيمة وأرجو من الله أن يقرأها كل محتاج إليها ..
نعم الاختيار هو أصعب مرحلة ووجب على كل شاب وشابة التريث حتى يتبين له أن الطرف الآخر هو من يناسبه
مشكورة مرة ثانية على مساعدتك جزاك الله خيرا .

إحترامي وتقديري
 
السلام عليكم
بارك الله فيكم جميعا على أرائكم الرائعة
طبعا هذا ليس بغريب عنكم أهل اللمة
ممكن نزيد على قول الذين سبقوني

راح أحكي عن تجربتي الخاصة
الامر صعب جدا جدا أنك تكون دقيق في الإختيار
لأنه الطرفين و هذا طبع الإنسان أنه يخبي عيوبه عن المجتمع فما بالك أمام الخطيب أو الخطيبة
البنت راح أجمل الجميلات و الانثى الرقيقة و الطباخة الماهرة و و و و
و الرجل أبوشهاب راح يكون الرجل الأنيق و الحنون و الكريم و السخي و العاقل و الرزين و و و و

شوفوا هنا كاين أمر مهم للغاية و هو على الإنسان أن يكون مومن بالله و مقيم للصلاة
لأنه لازم يستعين بالله و يصلي الإستخارة
فالإستخارة أمر مهم للغاية
و امر الخطبة إذا قدر الإنسان يتوفق فيها راح يتوفق في باقي الامر و اذا غلط فيها راحت عليه البرتية

هنا لازم أنوه لأمر هاام و هو علاقة الإستخارة بالرؤية
هذا خطأ إذ لا علاقة البتة بين الإستخارة و الرؤيا
بل بالعكس قد تلعب بينا النفس و تخلينا نغلط أو يتدخل إبليس و يغلطنا
أمر الإستخارة راح تحسه في الواقع واقع لا رؤيا و إن كان للرؤيا نصيب لكن بشروط


اضيف حاجة لازم الإنسان يكون صادق و جاد ماهوش يلعب و يبطل
إذا كان صادق راح يوفق و إذا كانت نيته خايبة راح يخيب

أأمر آخر أيضا مهم و هو النية الصادقة من مقصد الزواج لازم يكون العفة و النسل
و أطفال يقولوا لاإله إلا الله
أما إذا كان النية في امور أخرى في الخطبة كالحرية في الخلوة و و و و
و النية من الزوواج تكون لمقصد دنوي دنيء
كيف راح ربي يرزقنا التوفيق و التتيسير



لي عودة بإذن الله
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أهلا بالأخ الكريم
بارك الله فيك على الإضافة القيمة ،معلومات مهمة جدا أرجو أن يستفيد كل من يقرأ الموضوع ...
لقد أشرت إلى أمور مهمة جدا بارك الله فيك وجزاك الله خيرا كثيرا
بحول الله ننتظر إرشاداتك الراقية
إحترامي وتقديري
 
حلم كبير راه ينوض بكري الله يبارك
يبارك في عمرك خويي
صباح الخير
قهيوة ☕
واللي يرڨد بكري لازم ينوض بكري الله قالب الرڨاد بكري حاجة فيا من صغري ههه
 
يبارك في عمرك خويي
صباح الخير
قهيوة ☕
واللي يرڨد بكري لازم ينوض بكري الله قالب الرڨاد بكري حاجة فيا من صغري ههه
ههههههههههه
ربي ييسر ليك أيامك و يجعلها عامرة بالخير و البركة و السعادة
و يحفظك و يحفظ ليك كل أهلك و أولادك
 
اذا أرادت الفتاة اختيار الزوج فلابد ان تكون هي أولا واعبة و تفهم ان الزواج مسؤولية و ليست جولة سياحية كما في شهر العسل الموهوم .
اختيار الرجل يكون لدينه اولا لان من لا يخشى الله لا يخشى أحد ،ان يكون طيب القلب لان الغليظ سيعامل زوجته و ابنائه بتلك الغلظة ،تراقب حاله مع أهله و كيف هو الحال معهم فمن لا خير له مع أهله لا خير فيه .
ان يكون يسعى للعمل حتى لو لم يجد فالرزق بيد الله و سيبعثه له عندما يحين الوقت ،لا تبحثي عن مال أهله فهو ليس له مهما كان و لن يكون من نصيبه الا القلة

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أهلا بالأخت الكريمة أم إسلام ونصائحها القيمة والوافرة ليت جميع الشباب يقرأون ما تكتبو من درر ..
بارك الله فيك على المرور والرد الوافي
جزاك الله خيرا على مشاركتك وارشادك
والزواج رباط يجب التمهل فيه وعدم التسرع لنخسر حياتنا مقابل غلطة اختيار ..

إحترامي وتقديري
 
ههههههههههه
ربي ييسر ليك أيامك و يجعلها عامرة بالخير و البركة و السعادة
و يحفظك و يحفظ ليك كل أهلك و أولادك
آمين آمين ولك بالمثل خويي ،ربي يقدرنا كامل على فعل الخير آمين
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top